دمشق: في خطوة من شأنها تهدئة الاحتجاجات الشعبية الغير مسبوقة التي يشهدها نظام الأسد ، أقرت الحكومة السورية الثلاثاء مشروع مرسوم تشريعي يقضي بانهاء حالة الطوارئ المعمول بها في سوريا منذ عام 1963.
وذكرت وكالة الانباء السورية "سانا" ان مجلس الوزراء أقر مشروع مرسوم تشريعي يقضي بإنهاء حالة الطوارئ ، بالاضافة الى اقرار الحكومة مشروع الغاء مرسوم محكمة امن الدولة العليا.
وتأتي تلك القرارت عقب تزايد دعوات الإطاحة بالرئيس الاسد ، حيث تتواصل الاحتجاجات في كل أنحاء البلاد مع رفض المعارضة لكل الخطوات التي يقوم بها الرئيس.
وكتب نشطاء على صفحة "ثورة سورية 2011 "على موقع شبكة التواصل الإجتماعي "فيس بوك" :"إن وعودكم الفارغة لن تخدع الشعب ، سنواصل احتجاجاتنا حتى تتحقق مطالبنا".
منع المظاهرات
من جهة اخرى ، دعت وزارة الداخلية السورية اليوم المواطنين الى الامتناع عن القيام باي مسيرات او تظاهرات او اعتصامات ، وذلك للحفاظ على استقرار سوريا.
ونقلت وكالة الانباء السورية "سانا" عن الداخلية قولها في بيان: " ندعو المواطنين الى المساهمة الفاعلة في إرساء الاستقرار والأمن ومساعدة السلطات المختصة في مهامها على تحقيق هذا الهدف الوطني وذلك بالامتناع عن القيام بأي مسيرات أو تظاهرات أو اعتصامات تحت أي عنوان كان.
ونبهت الوزارة إلى أن القوانين المرعية في سوريا ستطبق خدمة لأمن المواطنين واستقرار الوطن.
الى ذلك، اعلن مصدر مسئول ان مجموعات مسلحة في مدينة حمص قامت بارتكاب جريمة جديدة بإطلاق النار على العقيد الركن محمد عبدو خضور وإصابته في الرأس والصدر وهو متوجه إلى دواما ما أدى إلى مقتله ، مشيرا الى ان تلك المجموعات لم تكتف بالقتل بل عمدت إلى تشويه الوجه، كما تعرض المساعد الأول غسان محرز إلى طلق ناري وهو يقوم بواجبه كسائق ميكروباص بينما كان متوجها إلى وحدته ما أدى إلى مقتله أيضا.
وقالت الوكالة السورية ان المجموعات المسلحة واصلت اعتداءاتها على أمن الوطن والمواطن واستهدفت فجر اليوم قسمي الشرطة في منطقتي الحميدية والبياضة بحمص ما أدى إلى أصابة 6 من عناصر الشرطة بجروح ومقتل 2 من عناصر المجموعة المسلحة وإصابة 5 آخرين.
وقال قائد شرطة حمص العميد حميد أسعد مرعي "إن عناصر المجموعات المسلحة حاولوا إحراق قسم شرطة البياضة بعد محاصرته وقاموا بإطلاق النار على عناصره وأصابوا عدداً منهم".
وقال مدير المستشفى الوطني في حمص الدكتور غسان طنوس: "ان الجرحى أكدوا أن حوالي 50 مسلحا هاجموا نحو الساعة الثالثة فجرا قسم شرطة البياضة وأطلقوا النار على عناصر الحراسة واعتدوا بالضرب بالعصي والأدوات الحادة على أحدهم" ، موضحين أن المشهد ذاته تكرر في قسم الحميدية.
مجزرة حمص
وذكر ناشط حقوقي ان قوات الامن السورية اطلقت أعيرة نارية فجر الثلاثاء على مئات المحتجين الذين تجمعوا خلال الليل في مدينة حمص متجاهلين أمرا من السلطات للكف عما سمته تمردا مسلحا".
وقال الناشط الحقوقي: "ان احد أفراد قوات الامن خاطب المحتجين في الساحة عبر مكبر للصوت طالبا منهم الرحيل ثم فتحت القوات النار".
واستخدمت ايضا الغازات المسيلة للدموع، واصيب محتج واحد على الاقل، وقال اثنان من سكان حمص أيضا "انهما سمعا ايضا صوت اطلاق نار اتيا من حول الساحة".
ونقلت قناة "الجزيرة" عن شهود عيان قولهم: "ان قوات الأمن السورية اقتحمت مقر اعتصام المعارضة في حمص، مخلفة وراءها أربعة قتلى وعشرات الجرحى".
ووصف الناشط الحقوقي عمر أدلبي إطلاق نار كثيف على المتظاهرين في حمص بانها " مجزرة"، كما قال شاهد عيان من حمص يدعى أبو عصام إن الاتصالات الهاتفية شبه مقطوعة عن المدينة، مضيفا إن إطلاق النار كان يتم بشكل مباشر على المتظاهرين.
وتحدث أبو عصام عن حالة من "الرعب" تسود حمص، مشيرا إلى أنباء عن انتشار الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد لفض الاعتصام.
فيما قال شاهد عيان آخر "إن هناك مجزرة حقيقية في حمص " ،مشيرا إلى سقوط ما يقرب من 30 بين قتيل ومصاب في حمص في الساعات الماضية.
وأضاف الشاهد إن المنطقة محاصرة والقناصة والشبيحة على المباني الحكومية المحيطة يطلقون الرصاص على الناس في الشوارع.
وكان عدد كبير من ابناء مدينة حمص قد احتشدوا في ساحة الساعة الجديدة واقاموا خيمة عزاء كبيرة في الساحة، ورددوا هتافات معادية للحكومة والرئيس بشار الأسد.
ويقول ناشطون في مجال حقوق الانسان ان حوالي 200 شخص قد قتلوا في الاسابيع الاخيرة منذ بدء الاحتجاجات التي تواصلت على الرغم من الوعود الاصلاحية التي اطلقها الرئيس السوري.
وقد تواصلت المظاهرات والاحتجاجات الاثنين في مدن سورية اخرى امثال درعا واللاذقية.
تمرد سلفي
وجاء ذلك التصعيد بعد ساعات من اعلان وزارة الداخلية السورية "ان الاحداث التي شهدتها البلاد في الاونة الاخيرة انما هي تمرد مسلح" ، تقوم به تنظيمات سلفية وخصوصا في حمص وبانياس.
وقالت الداخلية في بيان بثه التليفزيون السوري "إن مجريات الأحداث الأخيرة كشفت أن ما شهدته أكثر من محافظة سورية من قتل لعناصر الجيش والشرطة والمدنيين والتمثيل بأجسادهم والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وإطلاق النار لترويع الأهالي وقطع الطرقات العامة والدولية إنما هو تمرد مسلح تقوم به مجموعات مسلحة لتنظيمات سلفية ولاسيما في مدينتي حمص وبانياس حيث دعا بعضهم علنا إلى التمرد المسلح تحت شعار الجهاد مطالبين بإقامة إمارات سلفية".
واعتبرت الداخلية أن ما قامت به هذه المجموعات المسلحة يشكل جريمة بشعة يعاقب عليها القانون بأشد العقوبات ويظهر أن الهدف من نشر إرهابها في ربوع سورية هو التخريب والقتل وبث الفوضى بين الأهالي وترويعهم مستغلين مسيرة الحرية والإصلاح الذي انطلقت عجلته في برنامج شامل ضمن جداول زمنية محددة أعلن عنها الرئيس بشار الأسد في كلمته التوجيهية للحكومة الجديدة.
وأضاف بيان الداخلية: إنها لن تتساهل مع النشاطات الإرهابية لهذه المجموعات المسلحة التي تعبث بأمن الوطن وتنشر الإرهاب والرعب بين المواطنين ولذلك ستعمل بكل حزم لفرض استتباب الأمن والاستقرار على كل أرجاء الوطن وملاحقة الإرهابيين أينما وجدوا لتقديمهم للعدالة وإنهاء أي شكل من أشكال التمرد المسلح.
وطالبت الداخلية من المواطنين ضرورة الإبلاغ عن أوكار الإرهابيين والمشبوهين وعدم السماح لهم بالاندساس بين صفوفهم واستغلال مناخ الحرية لسفك الدماء وتخريب الممتلكات العامة والخاصة.
ويشار الى ان غالبية المتظاهرين السوريين المعتصمين لم يطالبوا بتنحية الرئيس بشار الاسد منذ بدء الاحتجاجات في مارس/اذار الماضي بينما ارتفع سقف المطالب بتنحي الرئيس مما يعتبر أخطر تحدي يواجهه النظام السوري منذ خلف الرئيس بشار والده منذ 11 عاما.