مماطلة وزارة الصحة والنيابة العامة في إظهار حقوق أهالي الضحايا هل يؤدي للجريمة ؟
مقال بقلم : مجدولين حسونة
لم تكن مصادفة أبدا، تلك التي لم يأخذوا فيها بأدنى أسباب الحيطة والحذر، كانت تقصيرا وإهمالا وقتلا لأرواح أمهات أودت عبثية "ملائكة العذاب" بحياتهن، قبل أن يحظيّن بلمسة لروح طفل إنتظرنه طويلا .
أنا وأنت وكل فرد في هذا المجتمع الذي عانى من ويلات الإحتلال والانقسام ، وها هو الآن يعاني من نفسه، ومن فساد من كانوا من المفترض أنهم مؤتمنين على أرواحنا، عانينا من الإهمال الطبي . من منا لم يمرض، ومن منا لم يدخل مشفى ويرى بأم عينه سلسلة من الويلات التي تبدأ بالمعاملة الفوقية السيئة وتنتهي بالوفاة، وفي أحسن الأحوال يخرج المرء بعاهة مستديمة قد يقضي بها كل حياته دون أن يجد من ينهي هذه العبثية . لم يبق إنسان من عامة الناس وذوي ضحايا الأخطاء الطبية إلا وتساءل : هل تفي كلمة تقصير بحق هذه الجرائم التي باتت تحصد أرواح الأبرياء يوميا دون أدنى شعور بالمسؤولية ؟ ما أجزمه فعلا أن كلمة تقصير وإهمال إن لم تفي، فإنها أقصر الطرق للوصول للجريمة .
ما حصل مؤخرا في المشافي الفلسطينية بداية هذه السنة اليتيمة تماما كيتم أطفال الضحايا، هبة وعامر وعمر ورنا ويارا ، كان مدهشا لشعب شبع من الموت على أيدى الإحتلال، لكن ملائكة العذاب " الأطباء "، ووزارة الصحة والجهات المسؤولة عن إنصاف المواطن كالنيابة العامة، أكملوا مشوار الإهمال،وغاب عن بال المسؤولين في السلطة والمؤسسات الحكومية أن يتابعوا الملفات التي فتحتها فجيعة من فقدوا عزيزا عليهم، ويأخذوا بحق الضحايا وبحق الأهالي الذين ملوا من كل هذه المماطلة التي يقوم بها القضاء والنيابة والعامة ووزارة الصحة، في محاولة منهم لامتصاص غضبهم، مع العلم أن هناك أدلة دامغة تثبت وجود خطأ طبي وإهمال مستفحل في كافة المشافي الخاصة والحكومية .
ما كنتُ لأكتب هذا المقال لولا إطلاعي على مثل هذه القضايا شخصيا منذ سنوات، وكتابتي لتحقيقات صحفية حول هذا الموضوع، وفي كل مرة أرى بأم عيني تجاوزات دون وجود من ينهي هذه المهزلة التي لا يمكن السكوت عليها، هي كارثة لا بد من الإشارة لها بعد حوادث الوفاة التي حصلت في مستشفى نابلس التخصصي والمستشفيات الأخرى كرفيديا ومستشفى سلفيت والعربي التخصصي، والتي راح ضحيتها في الأشهر القليلة الماضية عشرات الأشخاص ما بين ميت أو حي بعاهة مستديمة .
في مثل هذا الوقت من العام الماضي، نشرتُ تحقيقا صحفيا بعنوان " الطب في فلسطين، حقل للتجارب وجرائم بلا أدلة"، وما كان ليُحدث ضجة لولا أنه فاز بجائزة " أفضل صحفي متقصي على مستوى الدول العربية "، وبناءا على ذلك أُجبِرَت وسائل الإعلام على نشره دون حذف ما اشترطت حذفه قبل أن يفوز، وزارة الصحة وعدت بتحسين كفاءة الجهاز الطبي بشكل عام، في الوقت الذي لا زالت فيه الكوارث مستمرة لغاية الآن.
مضت سنة، والطب في فلسطين كان ولا زال حقلا للتجارب، لكني لمستُ تطورا يجدر بي الإشارة إليه، وهو أن الجرائم صارت بأدلة، وإن كانت الأدلة موجودة في السابق، إلا أن أهالي الضحايا لم تكن لديهم الجرأة الكافية لفتح هذه الملفات أمام القضاء، لعلمهم بمصير مثل هذه الشكاوى في أروقة المحاكم والنيابة العامة، رغم قوة موقفهم، أما الآن فوجدتُ أن أصحاب الحق يطالبون به وبقوة، الأمر الذي أسعدني جدا، فكل حالة تمت دراستها في التحقيق الجديد، يمتلك أهل الضحية وثائق تدين الطبيب، وأدلة دامغة تشير إلى تقصير المستشفيات ووزارة الصحة .
لم يبق مسؤول لم يدين هذا الإهمال الطبي، وقد تم تشكيل لجان تحقيق للبحث في حالات الوفاة التي إنتهى أجلها نتيجة الأخطاء الطبية، وزارة الصحة تبحث بالقضية، والنيابة العامة جزاها الله كل الخير تنتظر نتائج لجان التحقيق لتكتمل أمامها الصورة، نحن لا ننكر ذلك أبدا، لكن إلى متى ؟ ومنذ متى بدأوا العمل بجدية ؟ وما عواقب هذه المماطلة في إظهار الحق، ومعاقبة المقصرين والمهملين ؟ هذه الأسئلة التي يجب أن أجيب عليها كصحافية من خلال أجوبة الناس، وردة فعل أهالي الضحايا، وأتمنى أن تدرك وزارة الصحة والقضاء العواقب التي من الممكن أن تحدث .
ليس من المعقول أن صورة الوضع لم تكتمل مع كل هذه الوثائق والإدانات الموجودة أمام القضاء والوزارة، وللأسف عندما كانت نتيجة الإهمال وفاة أمهات بعمر الزهور، بدأ التحقيق بالموضوع، ولولا ضغط أهالي الضحايا ومتابعتم للموضوع لمرت حوادث الأخطاء الطبية وكأن شيئا لم يكن، وأخص بالذكر هنا والد المرحومة هبة حواري التي توفيت إبنته نتيجة الإهمال أثناء ولادتها في مستشفى نابلس التخصصي، والذي يمتلك الجنسية الأمريكية، وكان قد وكَلَ محامية أمريكية لرفع القضية لمنظمات حقوق الإنسان العالمية، إن لم يأخذ له القضاء حق إبنته، وسيلة الضغط هذه أجبرت وزارة الصحة على تشكيل لجان تحقيق وأصبح الموضوع الآن في عهدة النائب العام، وهذا الأمر إن دل على شيء فهو يدل أن النيابة لم تقم بالمبادرة بنفسها، والذي يؤكد ذلك قضية محمد شولة الذي توفي نتيجة إعطاءه جرعة أدرينالين مركزة أثناء إجراءه لعملية اللحمية في الأنف في مستشفى نابلس التخصصي، هذه القضية موجودة في النيابة العمة منذ تاريخ 10\7\2010 وتحمل إدانة واضحة للطبيب المخطئ بشهادة خطية لطبيب آخر تواجد أثناء العملية، وماتت في أروقة المحكمة لحين وفاة هبة حواري ورولا أبو حمدي ورنا بوزية .
ما أرتُ قوله أن الشيء الظاهر لأهالي الضحايا هو أن هذه المماطلة فقط لامتصاص غضبهم، الأمر الذي يدفع كل فرد منهم ليأخذ حقه بيده، لأنه وعلى حد تعبيرهم " حتى نتائج التشريح لم تظهر لغاية الآن ربما تخوفا من ردة فعلهم" ، والسؤال الذي يطرح نفسه : ألا تتخوف النيابة العامة ووزارة الصحة من حدوث جرائم ليأخذ أصحاب الحق حقهم بأيديهم في فورة غضب ؟ ألا يدفع القضاء أهالي الضحايا لمثل هذه الطرق بتأخيره لهذه النتائج ؟ مع العلم أن الأطباء المتهمين بارتكاب أخطاء طبية قد هددوا بالقتل !.
باتت مسألة الأدلة التي تدين الأطباء مجرد حبر على ورق، تتظاهر وزارة الصحة والقضاء بأخذها على محمل الجد، في الوقت الذي يمسح الأطباء إدانتهم باستخدامهم الواسطة والعلاقات الوطيدة مع وزارة الصحة، مجردين مهنتهم من إنسانيتها على مبدأ البقاء للأقوى ،وكأن شيئا لم يكن، في الوقت الذي لا يحسب القضاء لردة فعل أهالي الضحايا أي حساب، يأخذ القانون مجراه إذا إرتكب أحد أهالي الضحايا جريمة لينتقم بها من الطبيب قاتل الضحية، عندما يفقد الأمل من أخذ حقه بالقانون، ويكون القضاء قد شجع المواطن على إرتكاب الجرائم بضعفه وغيابه .
لم تكن مصادفة أبدا، تلك التي لم يأخذوا فيها بأدنى أسباب الحيطة والحذر، كانت تقصيرا وإهمالا وقتلا لأرواح أمهات أودت عبثية "ملائكة العذاب" بحياتهن، قبل أن يحظيّن بلمسة لروح طفل إنتظرنه طويلا .
أنا وأنت وكل فرد في هذا المجتمع الذي عانى من ويلات الإحتلال والانقسام ، وها هو الآن يعاني من نفسه، ومن فساد من كانوا من المفترض أنهم مؤتمنين على أرواحنا، عانينا من الإهمال الطبي . من منا لم يمرض، ومن منا لم يدخل مشفى ويرى بأم عينه سلسلة من الويلات التي تبدأ بالمعاملة الفوقية السيئة وتنتهي بالوفاة، وفي أحسن الأحوال يخرج المرء بعاهة مستديمة قد يقضي بها كل حياته دون أن يجد من ينهي هذه العبثية . لم يبق إنسان من عامة الناس وذوي ضحايا الأخطاء الطبية إلا وتساءل : هل تفي كلمة تقصير بحق هذه الجرائم التي باتت تحصد أرواح الأبرياء يوميا دون أدنى شعور بالمسؤولية ؟ ما أجزمه فعلا أن كلمة تقصير وإهمال إن لم تفي، فإنها أقصر الطرق للوصول للجريمة .
ما حصل مؤخرا في المشافي الفلسطينية بداية هذه السنة اليتيمة تماما كيتم أطفال الضحايا، هبة وعامر وعمر ورنا ويارا ، كان مدهشا لشعب شبع من الموت على أيدى الإحتلال، لكن ملائكة العذاب " الأطباء "، ووزارة الصحة والجهات المسؤولة عن إنصاف المواطن كالنيابة العامة، أكملوا مشوار الإهمال،وغاب عن بال المسؤولين في السلطة والمؤسسات الحكومية أن يتابعوا الملفات التي فتحتها فجيعة من فقدوا عزيزا عليهم، ويأخذوا بحق الضحايا وبحق الأهالي الذين ملوا من كل هذه المماطلة التي يقوم بها القضاء والنيابة والعامة ووزارة الصحة، في محاولة منهم لامتصاص غضبهم، مع العلم أن هناك أدلة دامغة تثبت وجود خطأ طبي وإهمال مستفحل في كافة المشافي الخاصة والحكومية .
ما كنتُ لأكتب هذا المقال لولا إطلاعي على مثل هذه القضايا شخصيا منذ سنوات، وكتابتي لتحقيقات صحفية حول هذا الموضوع، وفي كل مرة أرى بأم عيني تجاوزات دون وجود من ينهي هذه المهزلة التي لا يمكن السكوت عليها، هي كارثة لا بد من الإشارة لها بعد حوادث الوفاة التي حصلت في مستشفى نابلس التخصصي والمستشفيات الأخرى كرفيديا ومستشفى سلفيت والعربي التخصصي، والتي راح ضحيتها في الأشهر القليلة الماضية عشرات الأشخاص ما بين ميت أو حي بعاهة مستديمة .
في مثل هذا الوقت من العام الماضي، نشرتُ تحقيقا صحفيا بعنوان " الطب في فلسطين، حقل للتجارب وجرائم بلا أدلة"، وما كان ليُحدث ضجة لولا أنه فاز بجائزة " أفضل صحفي متقصي على مستوى الدول العربية "، وبناءا على ذلك أُجبِرَت وسائل الإعلام على نشره دون حذف ما اشترطت حذفه قبل أن يفوز، وزارة الصحة وعدت بتحسين كفاءة الجهاز الطبي بشكل عام، في الوقت الذي لا زالت فيه الكوارث مستمرة لغاية الآن.
مضت سنة، والطب في فلسطين كان ولا زال حقلا للتجارب، لكني لمستُ تطورا يجدر بي الإشارة إليه، وهو أن الجرائم صارت بأدلة، وإن كانت الأدلة موجودة في السابق، إلا أن أهالي الضحايا لم تكن لديهم الجرأة الكافية لفتح هذه الملفات أمام القضاء، لعلمهم بمصير مثل هذه الشكاوى في أروقة المحاكم والنيابة العامة، رغم قوة موقفهم، أما الآن فوجدتُ أن أصحاب الحق يطالبون به وبقوة، الأمر الذي أسعدني جدا، فكل حالة تمت دراستها في التحقيق الجديد، يمتلك أهل الضحية وثائق تدين الطبيب، وأدلة دامغة تشير إلى تقصير المستشفيات ووزارة الصحة .
لم يبق مسؤول لم يدين هذا الإهمال الطبي، وقد تم تشكيل لجان تحقيق للبحث في حالات الوفاة التي إنتهى أجلها نتيجة الأخطاء الطبية، وزارة الصحة تبحث بالقضية، والنيابة العامة جزاها الله كل الخير تنتظر نتائج لجان التحقيق لتكتمل أمامها الصورة، نحن لا ننكر ذلك أبدا، لكن إلى متى ؟ ومنذ متى بدأوا العمل بجدية ؟ وما عواقب هذه المماطلة في إظهار الحق، ومعاقبة المقصرين والمهملين ؟ هذه الأسئلة التي يجب أن أجيب عليها كصحافية من خلال أجوبة الناس، وردة فعل أهالي الضحايا، وأتمنى أن تدرك وزارة الصحة والقضاء العواقب التي من الممكن أن تحدث .
ليس من المعقول أن صورة الوضع لم تكتمل مع كل هذه الوثائق والإدانات الموجودة أمام القضاء والوزارة، وللأسف عندما كانت نتيجة الإهمال وفاة أمهات بعمر الزهور، بدأ التحقيق بالموضوع، ولولا ضغط أهالي الضحايا ومتابعتم للموضوع لمرت حوادث الأخطاء الطبية وكأن شيئا لم يكن، وأخص بالذكر هنا والد المرحومة هبة حواري التي توفيت إبنته نتيجة الإهمال أثناء ولادتها في مستشفى نابلس التخصصي، والذي يمتلك الجنسية الأمريكية، وكان قد وكَلَ محامية أمريكية لرفع القضية لمنظمات حقوق الإنسان العالمية، إن لم يأخذ له القضاء حق إبنته، وسيلة الضغط هذه أجبرت وزارة الصحة على تشكيل لجان تحقيق وأصبح الموضوع الآن في عهدة النائب العام، وهذا الأمر إن دل على شيء فهو يدل أن النيابة لم تقم بالمبادرة بنفسها، والذي يؤكد ذلك قضية محمد شولة الذي توفي نتيجة إعطاءه جرعة أدرينالين مركزة أثناء إجراءه لعملية اللحمية في الأنف في مستشفى نابلس التخصصي، هذه القضية موجودة في النيابة العمة منذ تاريخ 10\7\2010 وتحمل إدانة واضحة للطبيب المخطئ بشهادة خطية لطبيب آخر تواجد أثناء العملية، وماتت في أروقة المحكمة لحين وفاة هبة حواري ورولا أبو حمدي ورنا بوزية .
ما أرتُ قوله أن الشيء الظاهر لأهالي الضحايا هو أن هذه المماطلة فقط لامتصاص غضبهم، الأمر الذي يدفع كل فرد منهم ليأخذ حقه بيده، لأنه وعلى حد تعبيرهم " حتى نتائج التشريح لم تظهر لغاية الآن ربما تخوفا من ردة فعلهم" ، والسؤال الذي يطرح نفسه : ألا تتخوف النيابة العامة ووزارة الصحة من حدوث جرائم ليأخذ أصحاب الحق حقهم بأيديهم في فورة غضب ؟ ألا يدفع القضاء أهالي الضحايا لمثل هذه الطرق بتأخيره لهذه النتائج ؟ مع العلم أن الأطباء المتهمين بارتكاب أخطاء طبية قد هددوا بالقتل !.
باتت مسألة الأدلة التي تدين الأطباء مجرد حبر على ورق، تتظاهر وزارة الصحة والقضاء بأخذها على محمل الجد، في الوقت الذي يمسح الأطباء إدانتهم باستخدامهم الواسطة والعلاقات الوطيدة مع وزارة الصحة، مجردين مهنتهم من إنسانيتها على مبدأ البقاء للأقوى ،وكأن شيئا لم يكن، في الوقت الذي لا يحسب القضاء لردة فعل أهالي الضحايا أي حساب، يأخذ القانون مجراه إذا إرتكب أحد أهالي الضحايا جريمة لينتقم بها من الطبيب قاتل الضحية، عندما يفقد الأمل من أخذ حقه بالقانون، ويكون القضاء قد شجع المواطن على إرتكاب الجرائم بضعفه وغيابه .
تعليق