فلسطين اليوم_خان يونس"خاص"
يستذكر سكان بلدتي خزاعة وعبسان الكبيرة في المناطق الشرقية لمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة ذكريات أليمة مرت عليهم يوم سالت فيه دماء 24 شهيداً من الأبرياء وذلك في مجزرة "خزاعة" التي ودعت خلالها شهداء عظام سطروا بدمائهم الطاهرة أروع صور التضحية والفداء .
عائلات الشهداء تستذكر هذا اليوم بشئ من الأسى , وخاصة عندما سارعوا بحثاً عن جثث أبناءهم بين الحقول وفي أزقة الشوارع التي مرت بها دبابات الاحتلال التي فتكت بالحجر والشجر ودمرت كل شئ .
في يوم الجمعة 8/3/2003 كانت بلدة خزاعة على موعد مع عرس الشهادة في تلك الليلة التي نفذ خلالها الاستشهادي محمد فرحات من كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس عملية اقتحام "محررة موراج" في منتصف الليلة حيث أسفرت العملية عن مقتل 7 جنود اسرائيلين وجرح 10 آخرين .
ساعات قليلة حتى تسللت القوات الصهيونية الخاصة إلى بلدة خزاعة تحت جنح الظلام حيث اعتلت القوات عمارة سكنية غرب البلدة تعود لمواطن من آل أبو عامر واجبروا أصحابها على التواجد في غرفة واحدة وكذلك عمارة سكنية أخرى ,حيث توجه مجموعة من شباب آل نجار إلى مدخل البلدة وبينهم عدد من المقاومين لاستكشاف الأمور و ما أن وصلوا إلى مدخل البلدة حتى قامت قوات الاحتلال المتواجدة في المساكن بفتح نيران أسلحتها الرشاشة عليهم فاستشهد كل من اشرف وموسى النجار ليلحق بهم بلحظات الشهيد بكر حسين النجار وما أن أذيع خبر استشهاد أولئك الأبطال حتى امتلأت الشوارع بالمقاتلين و الشبان و خاصة في شارع آل النجار حيث إندعلت مقاومة عنيفة وضارية من جهتي خزاعة وعبسان استمرت إلى ساعات الفجر ومع شدة الاشتباكات بدأت الدبابات بالتقدم وقيل وقتها أن خمسين دبابة وآلية عسكرية دخلت البلدة من شرقها من شارع آل نجار وشارع آل أبو ريدة و من الجهة الشمالية ( السناطي) ومن الجهة الجنوبية من شارع آل أبو طعيمة و طوقت البلدة و أخذت تداهم البيوت وتطلق النار على كل ما هو متحرك في الشوارع .
ومع تصاعد حدة المواجهات أسرع اللواء أبو حميد ( احمد حسن مفرج ) قائد قوات الأمن الوطني في المنطقة الجنوبية وقتها وعدد من مرافقيه إلى عبسان الكبيرة حارة آل أبو عامر لتفقد الوضع وما أن ترجل من سيارته العسكرية فإذا برصاصة تصيبه في الفخذ الأيسر مما أدى إلى استشهاده على الفور وكذلك مرافقيه رياض القصاص وعارف حرز الله وإيهاب الثلاثيني وأيمن إبراهيم أبو دقة و مروان سليمان أبو مطلق وحسام شحذه أبو طير وإبراهيم أبو دقة حيث استشهدوا جميعا عند حاوز آل أبو عامر.
ذكريات مجزرة لم تمحى من ذاكرة ذوي الشهداء التي أكملت ما جرى حيث قامت القوات الخاصة باعتراض سيارات الإسعاف التي حضرت لإسعاف الجرحى والاستيلاء عليها و إطلاق النار من داخلها على المجاهدين فاستشهد كل من رياض محمد أبو ريدة و محمد أبو ريدة و استمرت أحداث المجزرة إلى الساعة الخامسة صباحا.
ومع ساعات الصباح الأولى انسحبت الآليات الإسرائيلية وقواتها الخاصة من البلدة عائدة إلى أوكارها وسرعان ما انطلق الأهالي لتكشف ما حدث متوجهين نحو الحقول والمزارع للبحث على أناس مفقودين عثروا وقتها على جثث الشهداء تسبح في برك من الدماء الزكية الطاهرة وعرف منهم الشهيد خليل زرعي قديح والشهيد خالد إبراهيم قديح حيث قامت إحدى الدبابات بدهسه بعد إصابته بطلق ناري في البطن و المرور فوق رأسه,كما عثر أيضا على الشهيد محمود شحدة قديح .
وما أن أشرقت الشمس حتى هرع الآلاف من مواطني البلدة والقرى المجاورة إلى الشوارع ليشاهدوا دماء الشهداء التي لم تجف بعد ولم يصدق المواطنون ما شاهدوه ثم انشغل أهل البلدة بتجهيز أعراس الشهداء لتنطلق جنازات الشهداء بشكل جماعي من مستشفى ناصر بخان يونس يتخللها أصوات التكبير والتهليل حتى وصولهم إلى أماكن سكناهم ثم توجهت الجنازات لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة.
مجزرة خزاعة الوحشية باتت ذكرياتها محفورة في مخيلة الأطفال والشباب والشيوخ والنساء تسجل تفاصيل مروعة حدثت وباتت تذكر في جميع المناسبات وبات أهل البلدة وهم يناجون ربهم أن يتقبل الشهداء في عليين مع النبيين والشهداء و الصديقين و حسن أولئك رفيقا.
تعليق