أنس شريتح.. جسد ممزق وذاكرة مفقودة !
من مجاهدي السرايا في الخليل...
أنس شريتح.. جسد ممزق وذاكرة مفقودة !
الخليل/ علاء عماد
هنا شظية.. هناك رصاصة.. هنا مجموعة رصاصات في مكان واحد.. هذا حال الشاب الذي لم يستطع أن يعيش على ذكرياته الجميلة، لم يستطع أن يتذكر زفافه من زميلته.. كم هو صعب أن لا يتذكر ماضيا ًحاضرا، وكم هو صعب أن يعيش الإنسان بتاريخ عظيم يشهد له الآخرون فيه ولا يتذكر منه إلا الجسد الممزق من شظايا رصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي.. إنه الشاب أنس شريتح.. ابن الحادية والثلاثين عاما.
ولد الجريح المجاهد أنس مسلم شريتح في بلدة يطا التي تبعد حوالي 9 كم إلى الجنوب الشرقي لمدينة الخليل بتاريخ 5/7/1979، والتحق بجامعة النجاح الوطنية في مدينة نابلس بعد أن تفوق في الدراسة الثانوية العامة وكان راغبا بأن يدرس الطب، ولكن هذا التخصص لم يكن متوفراً في الجامعة فالتحق بتخصص الهندسة الكهربائية مبدعا ًمقاوماً بثقافته وذكائه وليكون محط عنوان مراقبة لتحركاته وهدفا ًلقوات الاحتلال الإسرائيلي. "أنس".. الشاب المبدع.. كان قد اعتقل لدى قوات الاحتلال الإسرائيلي في عام 1998م بتهمة الانتماء للجماعة الإسلامية -الذراع الطلابي آنذاك لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين- ولعضويته في مجلس اتحاد الطلبة بجامعة النجاح، ثم تم الإفراج عنه بعد أن قضى في سجون الاحتلال ما يقارب العام.
يشير والد أنس -الأستاذ مسلم شريتح- بأنه بعد الإفراج عنه تم اعتقاله من السلطة الفلسطينية لمدة أربعة شهور، وخلال الاجتياح الكبير لمدينة نابلس وقصف سجن الجنيد المركزي تمكن أنس من الهروب مع المعتقلين الذين كانوا معه بالسجن، وكان أنس قد أعاد نشاطه المقاوم في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ليصاب أثناء مطاردته برصاصة في الصدر، وتتم معالجته سرا في أحد الأماكن خوفا من اعتقاله.
أنس المطلوب رقم "1"
أصبح أنس -المهندس الطالب الجامعي- مطلوبا ًرقم "1" لقوات الاحتلال الإسرائيلي وأصبح مستهدفا أينما وجد، وتمت مطاردته بتهمة الوقوف خلف عديد من العمليات الفدائية التي نفذتها سرايا القدس -الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي-، وأسفرت عن مقتل وجرح عشرات من الصهاينة، لينتهي به المطاف محاصرا في بيته في مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية وبالتحديد في منطقة الجبل الشمالي، وقد بدأ الجنود الإسرائيليون بالمناداة عليه عبر مكبرات الصوت ليسلم نفسه، إلا أنه رفض الاستسلام وخاض اشتباكا مسلحا بعد أن أخرج زوجه مودعا لها وسائلا المولى أن يكون اللقاء في الجنة. وقد كانت طائرات الاحتلال الإسرائيلي ترصد المكان، وجنود الاحتلال يطلقون النار عليه ليكون نصيبه عشر رصاصات في جسده ليكون ممزقا وجثة هامدة.. حصل هذا في تاريخ 22-4-2003م.
يشير والد أنس إلى أن أنس كان ملقى على الأرض وأحاط به الجنود وكانت يده مرفوعة، وعندما ردها بصورة عشوائية إلى صدره، هرب الجنود من المكان ظنا منهم أنه يحمل حزاما متفجرا، ولم يستطيعوا الوصول إليه، وطلبوا من صاحب العمارة -وهو الدكتور وليد خنفر ويعمل محاضرا في جامعة النجاح- التقدم، وأخذ الأخير ينادي على أنس بأعلى صوته وعرفه على نفسه، ولكن "أنس" كان في غيبوبة وقام خنفر بتفتيش أنس والتأكيد للجنود بأنه لا يحمل حزاما ناسفا.
يستذكر الأستاذ مسلم -كما روت زوج أنس- بأنه تم مشاهدة أنس جثة هامدة وأنه ميت، وقد تم نقله عبر طائرات هيلوكبتر إلى مستشفى تل هشومير داخل الأراضي المحتلة، وبعدها تم نقله خمسة عشر يوما ًإلى مستشفى الرملة ليعيش ظروفا اعتقالية صعبة، وقد زارته أمه في المستشفى لتشاهده وجسده موصولا بالأسلاك الطبية المختلفة وكان فاقدا للذاكرة والنطق، ويعاني من الشلل.
جسد مشلول.. فاقد للذاكرة
أفرجت عنه سلطات الاحتلال الإسرائيلي لأنها أدركت بأنه لا أمل من أن تتحسن حالته الجسدية والعقلية ويقول والده عن الوضع الصحي لأنس بأن آخر تقرير طبي كان قبل شهرين، حيث أنه مصاب بشلل طولي وهو فاقد للذاكرة وعنده عدم قدرة على التفكير وتصل نسبتها إلى 90% ويحرك عينيه فقط ولا يستطيع النطق، ويحدث معه تشنج بين فترة وأخرى وهو ما يشكل خطرا ًعليه دوماً. ويضيف بأن الإصابة الأقوى في جسد أنس هي في واجهة الرأس "المنطقة اليسرى"، ويقوم بالإشراف عليه في مستشفى الميزان في مدينة الخليل طبيب ألمانيّ من أصل سوري يدعى "سمير قللكز"، حيث عمل على تغطية دماغه بالعظم.
ويشير والد "أنس" إلى أنهم تلقوا الموافقة على علاجه في ألمانيا أو فرنسا من جهة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات إلا أن قوات الاحتلال الإسرائيلي منعتهم من مغادرة الضفة، رغم حاجته الماسة للعلاج لمدة عام كامل على أقل تقدير.
معاناة متعددة
معاناة والد "أنس" لم تقف عند حد المصاب الجلل الذي تعرض له نجله، وإنما امتدت لتلاحق أبناءه في أرزاقهم، حيث لا زالوا منذ سنين محرومين من الالتحاق بوزارة التربية والتعليم بدعوى الانتماء السياسي. وأشار والد "أنس" إلى أنه تعرض للحرمان من وظيفته في العام 1988م، من طرف ضابط التربية والتعليم بسبب الانتماء الفكري والسياسي، وانتمائه للمقاومة الفلسطينية والزعم بأنه يشكل خطرا على أمن العدو الصهيوني، موضحا أن الاحتلال لم يترك وسيلة إلا ولاحقه بها في محاولة للتضييق عليه، قبل أن ينتقل للعمل مدرسا في جامعة الخليل ليتقاعد قبل نحو سنتين لتجاوزه العام الخامس والستين من عمره. هذا ويعيل "أنس" -الذي يوصف بالذكاء الخارق وقوة الإرادة وعشق المقاومة- زوجة وثلاثة من الأبناء.
أنس شريتح.. جسد ممزق وذاكرة مفقودة !
الخليل/ علاء عماد
هنا شظية.. هناك رصاصة.. هنا مجموعة رصاصات في مكان واحد.. هذا حال الشاب الذي لم يستطع أن يعيش على ذكرياته الجميلة، لم يستطع أن يتذكر زفافه من زميلته.. كم هو صعب أن لا يتذكر ماضيا ًحاضرا، وكم هو صعب أن يعيش الإنسان بتاريخ عظيم يشهد له الآخرون فيه ولا يتذكر منه إلا الجسد الممزق من شظايا رصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي.. إنه الشاب أنس شريتح.. ابن الحادية والثلاثين عاما.
ولد الجريح المجاهد أنس مسلم شريتح في بلدة يطا التي تبعد حوالي 9 كم إلى الجنوب الشرقي لمدينة الخليل بتاريخ 5/7/1979، والتحق بجامعة النجاح الوطنية في مدينة نابلس بعد أن تفوق في الدراسة الثانوية العامة وكان راغبا بأن يدرس الطب، ولكن هذا التخصص لم يكن متوفراً في الجامعة فالتحق بتخصص الهندسة الكهربائية مبدعا ًمقاوماً بثقافته وذكائه وليكون محط عنوان مراقبة لتحركاته وهدفا ًلقوات الاحتلال الإسرائيلي. "أنس".. الشاب المبدع.. كان قد اعتقل لدى قوات الاحتلال الإسرائيلي في عام 1998م بتهمة الانتماء للجماعة الإسلامية -الذراع الطلابي آنذاك لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين- ولعضويته في مجلس اتحاد الطلبة بجامعة النجاح، ثم تم الإفراج عنه بعد أن قضى في سجون الاحتلال ما يقارب العام.
يشير والد أنس -الأستاذ مسلم شريتح- بأنه بعد الإفراج عنه تم اعتقاله من السلطة الفلسطينية لمدة أربعة شهور، وخلال الاجتياح الكبير لمدينة نابلس وقصف سجن الجنيد المركزي تمكن أنس من الهروب مع المعتقلين الذين كانوا معه بالسجن، وكان أنس قد أعاد نشاطه المقاوم في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي ليصاب أثناء مطاردته برصاصة في الصدر، وتتم معالجته سرا في أحد الأماكن خوفا من اعتقاله.
أنس المطلوب رقم "1"
أصبح أنس -المهندس الطالب الجامعي- مطلوبا ًرقم "1" لقوات الاحتلال الإسرائيلي وأصبح مستهدفا أينما وجد، وتمت مطاردته بتهمة الوقوف خلف عديد من العمليات الفدائية التي نفذتها سرايا القدس -الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي-، وأسفرت عن مقتل وجرح عشرات من الصهاينة، لينتهي به المطاف محاصرا في بيته في مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية وبالتحديد في منطقة الجبل الشمالي، وقد بدأ الجنود الإسرائيليون بالمناداة عليه عبر مكبرات الصوت ليسلم نفسه، إلا أنه رفض الاستسلام وخاض اشتباكا مسلحا بعد أن أخرج زوجه مودعا لها وسائلا المولى أن يكون اللقاء في الجنة. وقد كانت طائرات الاحتلال الإسرائيلي ترصد المكان، وجنود الاحتلال يطلقون النار عليه ليكون نصيبه عشر رصاصات في جسده ليكون ممزقا وجثة هامدة.. حصل هذا في تاريخ 22-4-2003م.
يشير والد أنس إلى أن أنس كان ملقى على الأرض وأحاط به الجنود وكانت يده مرفوعة، وعندما ردها بصورة عشوائية إلى صدره، هرب الجنود من المكان ظنا منهم أنه يحمل حزاما متفجرا، ولم يستطيعوا الوصول إليه، وطلبوا من صاحب العمارة -وهو الدكتور وليد خنفر ويعمل محاضرا في جامعة النجاح- التقدم، وأخذ الأخير ينادي على أنس بأعلى صوته وعرفه على نفسه، ولكن "أنس" كان في غيبوبة وقام خنفر بتفتيش أنس والتأكيد للجنود بأنه لا يحمل حزاما ناسفا.
يستذكر الأستاذ مسلم -كما روت زوج أنس- بأنه تم مشاهدة أنس جثة هامدة وأنه ميت، وقد تم نقله عبر طائرات هيلوكبتر إلى مستشفى تل هشومير داخل الأراضي المحتلة، وبعدها تم نقله خمسة عشر يوما ًإلى مستشفى الرملة ليعيش ظروفا اعتقالية صعبة، وقد زارته أمه في المستشفى لتشاهده وجسده موصولا بالأسلاك الطبية المختلفة وكان فاقدا للذاكرة والنطق، ويعاني من الشلل.
جسد مشلول.. فاقد للذاكرة
أفرجت عنه سلطات الاحتلال الإسرائيلي لأنها أدركت بأنه لا أمل من أن تتحسن حالته الجسدية والعقلية ويقول والده عن الوضع الصحي لأنس بأن آخر تقرير طبي كان قبل شهرين، حيث أنه مصاب بشلل طولي وهو فاقد للذاكرة وعنده عدم قدرة على التفكير وتصل نسبتها إلى 90% ويحرك عينيه فقط ولا يستطيع النطق، ويحدث معه تشنج بين فترة وأخرى وهو ما يشكل خطرا ًعليه دوماً. ويضيف بأن الإصابة الأقوى في جسد أنس هي في واجهة الرأس "المنطقة اليسرى"، ويقوم بالإشراف عليه في مستشفى الميزان في مدينة الخليل طبيب ألمانيّ من أصل سوري يدعى "سمير قللكز"، حيث عمل على تغطية دماغه بالعظم.
ويشير والد "أنس" إلى أنهم تلقوا الموافقة على علاجه في ألمانيا أو فرنسا من جهة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات إلا أن قوات الاحتلال الإسرائيلي منعتهم من مغادرة الضفة، رغم حاجته الماسة للعلاج لمدة عام كامل على أقل تقدير.
معاناة متعددة
معاناة والد "أنس" لم تقف عند حد المصاب الجلل الذي تعرض له نجله، وإنما امتدت لتلاحق أبناءه في أرزاقهم، حيث لا زالوا منذ سنين محرومين من الالتحاق بوزارة التربية والتعليم بدعوى الانتماء السياسي. وأشار والد "أنس" إلى أنه تعرض للحرمان من وظيفته في العام 1988م، من طرف ضابط التربية والتعليم بسبب الانتماء الفكري والسياسي، وانتمائه للمقاومة الفلسطينية والزعم بأنه يشكل خطرا على أمن العدو الصهيوني، موضحا أن الاحتلال لم يترك وسيلة إلا ولاحقه بها في محاولة للتضييق عليه، قبل أن ينتقل للعمل مدرسا في جامعة الخليل ليتقاعد قبل نحو سنتين لتجاوزه العام الخامس والستين من عمره. هذا ويعيل "أنس" -الذي يوصف بالذكاء الخارق وقوة الإرادة وعشق المقاومة- زوجة وثلاثة من الأبناء.
تعليق