الصحف البريطانية : الوثائق الفلسطينية أخطر من وعد بلفور
فلسطين اليوم- وكالات
ما زالت الوثائق الفلسطينية التي نشرتها قناة الجزيرة عن المفاوضات السرية بين السلطة الفلسطينية والإسرائيليين يتردد صداها في الصحف البريطانية وأثر ذلك على الشارع الفلسطيني والعربي ودور وسائل الإعلام من نشر مثل هذه الوثائق.
كسر المحرمات
فقد علق جوناثان فريدلاند في صحيفة غارديان بأن الوثائق الفلسطينية كسرت المحرمات، وبينت إلى أي مدى كان المفاوضون الفلسطينيون مستعدين للتنازل عن الأرض.
وقال فريدلاند إن منتقدي نشر الوثائق من قبل الجزيرة وغارديان يصوبون سهامهم في عدة اتجاهات، فهم يزعمون أن الوثائق مزيفة وأنها مجتزئة وأنها لا تكشف شيئا جديدا وما كان ينبغي لها أن تُنشر وأنها تساعد حماس وأنها تضر بعملية السلام وتهدد بتدمير حل الدولتين.
وفند مقولة إنها مزيفة بما جاء على لسان نبيل شعث، عضو سابق في فريق المفاوضات، الذي أكد صحة الوثائق. وفيما يتعلق بأنها كانت مجتزئة قال إن البعض شكوا من أن الوثائق تقدم فقط وجهة النظر من الجانب الفلسطيني لطاولة التفاوض، لكنها تزعم أنها لا تفعل أكثر من ذلك.
ويقول النقاد إنه من الواضح أن الوثائق سربها شخص لديه أجندة معينة. وبما أنني لا أعرف هوية مصدر الوثائق لكنني سأشعر بالدهشة إذا لم يكن لديهم هدف من أعمالهم، وهذا حقيقي في كل تسريب عبر التاريخ.
وعلق فريدلاند ساخرا على مقولة إن الوثائق لم تكشف شيئا جديدا لم نعرفه بأنها بالفعل كانت مملة، وفقا لنوح بولاك من مجلة كومينتاري، فقد كانت مملة لدرجة أنها شغلت ستة ملاحق منفصلة على موقع المجلة.
غارديان
وفيما يتعلق بالتهمة الأخطر بأن غارديان لم يحق لها نشر الوثائق التي تم كشفها يمكن أن يشكك في القيادة الفلسطينية وبالتالي الإضرار بل وحتى تدمير عملية السلام، قال فريدلاند إن الأمر أشبه بالجدل الذي ثار أثناء ضجة ويكيليكس وأنه بمجرد حصول مؤسسة ما على معلومات كهذه فإنها إما أن تنشرها أو تخفيها ولا يوجد خيار ثالث. ولهذا السبب فإنه لا توجد مؤسسة صحفية تستحق اسمها ستتردد في نشر كنز وثائق من هذا النوع.
وأضاف فريدلاند أن نشر مثل هذه الوثائق سيكون له بالطبع عواقب سياسية، وقد تكون محرجة، لكن لا يمكن ترك هذا الأمر للصحفيين ورؤساء التحرير ليقرروه، فإن مهمتهم هي كشف ما يحدث وإبلاغه بأفضل طريقة ممكنة، والنتائج تترك للآخرين لإدارتها، ويجب أن يكون الأمر بهذه الطريقة وإلا فإن الصحف لن تنشر أي شيء، فهناك دائما شخص متنفذ موجود للجدل بأن الأفضل هو منع النشر وأن الوقت ليس ملائما، وهكذا يظل الشعب في الظلام.
واستطرد بأن الافتراض الأولي لكثير من المراقبين، وربما لمسربي الوثائق أنفسهم، كان أن كشف استعداد المفاوض الفلسطيني للتسوية لن يجرح الكبرياء الفلسطيني فحسب بل سيشعل على الفور موجة من الاشمئزاز تقود إلى ثورة على غرار تونس ضد السلطة الفلسطينية. وبرحيل السلطة الفلسطينية ستنتهي عملية السلام ويضيع معها للأبد حل الدولتين.
وهذا ما زال ممكنا حدوثه، وخاصة بالنظر إلى موقف السلطة الفلسطينية الضعيف بين شعبها. لكن، مبدئيا على الأقل، الشعب الفلسطيني لا يبدو أنه متابع للسيناريو. فقد أبلغني فلسطيني مطلع أن بعض الفلسطينيين يشتبهون في مؤامرة ضد السلطة الفلسطينية، يحيكها دافعو الرواتب في الجزيرة القطرية لصالح حلفائها في حماس. والرجل العادي في شوارع رام الله قد يكون لديه ثقة ضعيفة في السلطة الفلسطينية لكنه لا يستطيب حماس كبديل أو تدخلا خارجيا.
وأكثر من ذلك، كما يقول مسؤول فلسطيني كبير، إن تسريب هذه الأوراق يمكن أن يفعل شيئا فشلت السلطة الفلسطينية في فعله: تهيئة رأي عام فلسطيني للتنازلات المؤلمة التي سيتطلبها السلام في يوم ما. وهذا التسريب قد فند أي زعم بأن اتفاقا ما يمكن أن يأتي بدون ثمن باهظ.
وعد بلفور
وقد استهل روبرت فيسك مقاله بصحيفة إندبندنت بأن الوثائق الفلسطينية تعتبر إدانة مثلها مثل وعد بلفور وبأن السلطة الفلسطينية كانت جاهزة ومستعدة للتخلي عن "حق العودة" لنحو سبعة ملايين لاجئ إلى ما يعرف الآن بدولة إسرائيل على مساحة قد لا تتجاوز 10% من فلسطين الانتداب البريطاني.
ومع إفشاء هذه الوثائق المهولة يخرج الشعب المصري مناديا بسقوط الرئيس مبارك، ويستعد لبنان لتعيين رئيس وزراء يدعم حزب الله. وهذا شيء نادرا ما يشاهد العالم العربي مثله.
وقال فيسك إنه من الواضح من الوثائق الفلسطينية أن ممثلي الشعب الفلسطيني كانوا مستعدين لتدمير أي أمل لعودة اللاجئين. وسيكون إهانة خطيرة للفلسطينيين عندما يعلمون أن ممثليهم قد خذلوهم. وليست هناك طريقة يؤمن من خلالها هؤلاء الناس بحقوقهم، في ضوء الوثائق الفلسطينية.
عقيدة مزيفة
وفي سياق متصل كتب علوف بن، صحفي إسرائيلي، في غارديان أيضا، أن الوثائق الفلسطينية تساعد عباس فيما يعرف بالمصارعة اليابانية الدبلوماسية، وأن عقيدة نتنياهو انكشفت بأنها مزيفة، وإسرائيل لديها شريك سلام فعلي هو الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وقال علوف إن الوثائق كشفت أن الحكومة الإسرائيلية السابقة، بقيادة إيهود أولمرت ووزيرة خارجيته تسيبي ليفني، ناقشت خطة تقسيم مفصلة تتضمن تنازلات متبادلة خطيرة مع المفاوضين الفلسطينيين. كما تكشف الوثائق أيضا، وللأسف، افتقار الإرادة السياسية لإبرام اتفاق، وهو ما توضحه الثغرات الكبيرة بشأن مواقف جوهرية وميل كلا الجانبين نحو نقاش عقيم، بدلا من السعي إلى تسوية.
وأضاف أن الوثائق الأولى تعطي تقريرا مفصلا عن عملية أنابوليس ولأول مرة لمحة عن المقترح الفلسطيني المضاد بشأن الحدود والأمن والقدس. وتشير التفاصيل إلى أن أنابوليس كانت أخطر محاولة حتى الآن للتوصل إلى اتفاق إسرائيلي فلسطيني.
واستطرد علوف بأنه رغم المبدأ القائل بأنه، ليس هناك شيء متفق عليه حتى يتم الاتفاق على كل شيء، فإنه لا شيء يُنسى أيضا. والوثائق، وخاصة الخرائط المسربة، ستخدم كنقطة انطلاق لمفاوضات مقبلة. علاوة على ذلك فإنها ستقوض عقيدة "لا شريك" للقيادة الإسرائيلية الثلاثية الحالية: بنيامين نتنياهو وإيهود باراك وأفيغدور ليبرمان.
ما زالت الوثائق الفلسطينية التي نشرتها قناة الجزيرة عن المفاوضات السرية بين السلطة الفلسطينية والإسرائيليين يتردد صداها في الصحف البريطانية وأثر ذلك على الشارع الفلسطيني والعربي ودور وسائل الإعلام من نشر مثل هذه الوثائق.
كسر المحرمات
فقد علق جوناثان فريدلاند في صحيفة غارديان بأن الوثائق الفلسطينية كسرت المحرمات، وبينت إلى أي مدى كان المفاوضون الفلسطينيون مستعدين للتنازل عن الأرض.
وقال فريدلاند إن منتقدي نشر الوثائق من قبل الجزيرة وغارديان يصوبون سهامهم في عدة اتجاهات، فهم يزعمون أن الوثائق مزيفة وأنها مجتزئة وأنها لا تكشف شيئا جديدا وما كان ينبغي لها أن تُنشر وأنها تساعد حماس وأنها تضر بعملية السلام وتهدد بتدمير حل الدولتين.
وفند مقولة إنها مزيفة بما جاء على لسان نبيل شعث، عضو سابق في فريق المفاوضات، الذي أكد صحة الوثائق. وفيما يتعلق بأنها كانت مجتزئة قال إن البعض شكوا من أن الوثائق تقدم فقط وجهة النظر من الجانب الفلسطيني لطاولة التفاوض، لكنها تزعم أنها لا تفعل أكثر من ذلك.
ويقول النقاد إنه من الواضح أن الوثائق سربها شخص لديه أجندة معينة. وبما أنني لا أعرف هوية مصدر الوثائق لكنني سأشعر بالدهشة إذا لم يكن لديهم هدف من أعمالهم، وهذا حقيقي في كل تسريب عبر التاريخ.
وعلق فريدلاند ساخرا على مقولة إن الوثائق لم تكشف شيئا جديدا لم نعرفه بأنها بالفعل كانت مملة، وفقا لنوح بولاك من مجلة كومينتاري، فقد كانت مملة لدرجة أنها شغلت ستة ملاحق منفصلة على موقع المجلة.
غارديان
وفيما يتعلق بالتهمة الأخطر بأن غارديان لم يحق لها نشر الوثائق التي تم كشفها يمكن أن يشكك في القيادة الفلسطينية وبالتالي الإضرار بل وحتى تدمير عملية السلام، قال فريدلاند إن الأمر أشبه بالجدل الذي ثار أثناء ضجة ويكيليكس وأنه بمجرد حصول مؤسسة ما على معلومات كهذه فإنها إما أن تنشرها أو تخفيها ولا يوجد خيار ثالث. ولهذا السبب فإنه لا توجد مؤسسة صحفية تستحق اسمها ستتردد في نشر كنز وثائق من هذا النوع.
وأضاف فريدلاند أن نشر مثل هذه الوثائق سيكون له بالطبع عواقب سياسية، وقد تكون محرجة، لكن لا يمكن ترك هذا الأمر للصحفيين ورؤساء التحرير ليقرروه، فإن مهمتهم هي كشف ما يحدث وإبلاغه بأفضل طريقة ممكنة، والنتائج تترك للآخرين لإدارتها، ويجب أن يكون الأمر بهذه الطريقة وإلا فإن الصحف لن تنشر أي شيء، فهناك دائما شخص متنفذ موجود للجدل بأن الأفضل هو منع النشر وأن الوقت ليس ملائما، وهكذا يظل الشعب في الظلام.
واستطرد بأن الافتراض الأولي لكثير من المراقبين، وربما لمسربي الوثائق أنفسهم، كان أن كشف استعداد المفاوض الفلسطيني للتسوية لن يجرح الكبرياء الفلسطيني فحسب بل سيشعل على الفور موجة من الاشمئزاز تقود إلى ثورة على غرار تونس ضد السلطة الفلسطينية. وبرحيل السلطة الفلسطينية ستنتهي عملية السلام ويضيع معها للأبد حل الدولتين.
وهذا ما زال ممكنا حدوثه، وخاصة بالنظر إلى موقف السلطة الفلسطينية الضعيف بين شعبها. لكن، مبدئيا على الأقل، الشعب الفلسطيني لا يبدو أنه متابع للسيناريو. فقد أبلغني فلسطيني مطلع أن بعض الفلسطينيين يشتبهون في مؤامرة ضد السلطة الفلسطينية، يحيكها دافعو الرواتب في الجزيرة القطرية لصالح حلفائها في حماس. والرجل العادي في شوارع رام الله قد يكون لديه ثقة ضعيفة في السلطة الفلسطينية لكنه لا يستطيب حماس كبديل أو تدخلا خارجيا.
وأكثر من ذلك، كما يقول مسؤول فلسطيني كبير، إن تسريب هذه الأوراق يمكن أن يفعل شيئا فشلت السلطة الفلسطينية في فعله: تهيئة رأي عام فلسطيني للتنازلات المؤلمة التي سيتطلبها السلام في يوم ما. وهذا التسريب قد فند أي زعم بأن اتفاقا ما يمكن أن يأتي بدون ثمن باهظ.
وعد بلفور
وقد استهل روبرت فيسك مقاله بصحيفة إندبندنت بأن الوثائق الفلسطينية تعتبر إدانة مثلها مثل وعد بلفور وبأن السلطة الفلسطينية كانت جاهزة ومستعدة للتخلي عن "حق العودة" لنحو سبعة ملايين لاجئ إلى ما يعرف الآن بدولة إسرائيل على مساحة قد لا تتجاوز 10% من فلسطين الانتداب البريطاني.
ومع إفشاء هذه الوثائق المهولة يخرج الشعب المصري مناديا بسقوط الرئيس مبارك، ويستعد لبنان لتعيين رئيس وزراء يدعم حزب الله. وهذا شيء نادرا ما يشاهد العالم العربي مثله.
وقال فيسك إنه من الواضح من الوثائق الفلسطينية أن ممثلي الشعب الفلسطيني كانوا مستعدين لتدمير أي أمل لعودة اللاجئين. وسيكون إهانة خطيرة للفلسطينيين عندما يعلمون أن ممثليهم قد خذلوهم. وليست هناك طريقة يؤمن من خلالها هؤلاء الناس بحقوقهم، في ضوء الوثائق الفلسطينية.
عقيدة مزيفة
وفي سياق متصل كتب علوف بن، صحفي إسرائيلي، في غارديان أيضا، أن الوثائق الفلسطينية تساعد عباس فيما يعرف بالمصارعة اليابانية الدبلوماسية، وأن عقيدة نتنياهو انكشفت بأنها مزيفة، وإسرائيل لديها شريك سلام فعلي هو الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وقال علوف إن الوثائق كشفت أن الحكومة الإسرائيلية السابقة، بقيادة إيهود أولمرت ووزيرة خارجيته تسيبي ليفني، ناقشت خطة تقسيم مفصلة تتضمن تنازلات متبادلة خطيرة مع المفاوضين الفلسطينيين. كما تكشف الوثائق أيضا، وللأسف، افتقار الإرادة السياسية لإبرام اتفاق، وهو ما توضحه الثغرات الكبيرة بشأن مواقف جوهرية وميل كلا الجانبين نحو نقاش عقيم، بدلا من السعي إلى تسوية.
وأضاف أن الوثائق الأولى تعطي تقريرا مفصلا عن عملية أنابوليس ولأول مرة لمحة عن المقترح الفلسطيني المضاد بشأن الحدود والأمن والقدس. وتشير التفاصيل إلى أن أنابوليس كانت أخطر محاولة حتى الآن للتوصل إلى اتفاق إسرائيلي فلسطيني.
واستطرد علوف بأنه رغم المبدأ القائل بأنه، ليس هناك شيء متفق عليه حتى يتم الاتفاق على كل شيء، فإنه لا شيء يُنسى أيضا. والوثائق، وخاصة الخرائط المسربة، ستخدم كنقطة انطلاق لمفاوضات مقبلة. علاوة على ذلك فإنها ستقوض عقيدة "لا شريك" للقيادة الإسرائيلية الثلاثية الحالية: بنيامين نتنياهو وإيهود باراك وأفيغدور ليبرمان.