عقب كل عملية اغتيال تنفذها قوات الاحتلال بحق نشطاء المقاومة تتعالى الأصوات المنادية بضرورة ملاحقة العملاء الذين يساعدون في الوصول إلى من تسميهم حكومة تل أبيب بالمطلوبين على الرغم من تقنية التكنولوجيا العالية التي يستخدمها الاحتلال في رصد تحركات المجاهدين برا وبحرا وجوا.
وعلى الرغم من المطالبة والإلحاح من قبل شريحة واسعة من الفلسطينيين بفتح ملف العملاء والقصاص منهم إلا أن تنفيذ ذلك يصطدم بمعوقات وصعوبات سببها عوامل كثيرة تحول دون الوصول إلى العميل، فتعجز فصائل المقاومة والحكومة عن محاسبته.
شبكة "فلسطين اليوم " الإخبارية فتحت ملف العملاء من جديد لتلقى الضوء على هذه الحالة التي أمست سرطانا ينخر في جسد المجتمع الفلسطيني ومقاومته، وتعرفت على آراء ووجهات نظر متعددة في كيفية معالجة هذه الحالة..
خطر يحدق بالمقاومة
الشيخ خضر حبيب القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أكد أن "العملاء" خطر يحدق بالفلسطينيين بشكل عام ويجب القضاء عليهم قبل أن يزداد الاحتلال توغلا في دماء أبناء المقاومة.
وقال الشيخ حبيب لـ"فلسطين اليوم": العملاء يتواجدون أينما وجد شعب محتل، والاحتلال يزرع هؤلاء العملاء في صفوف المقاومين غالبا لتسهيل عملية متابعتهم والقضاء عليهم" مشيرا إلى أن الاحتلال الصهيوني جنّد عشرات العملاء في الضفة الغربية وقطاع غزة ونجح من خلال هؤلاء العملاء في الوصول إلى قادة كبار في المقاومة أمثال جمال أبو سمهدانة وخالد الدحدوح وصلاح شحادة..
وأضاف القيادي في الجهاد الإسلامي: ما سهّل عملية إسقاط وتجنيد العملاء المعابر ونقاط التفتيش التي تنشرها قوات الاحتلال في المدن والبلدات الفلسطينية، وخاصة ما كان يعرف سابقا بالممر الآمن الذي كان فخا للعملاء، كما أن الحالة الاقتصادية السيئة التي يعاني منها الكثيرون جعل منهم صيدا سهلا للوقوع في شرك التعامل مع الاحتلال، وأهم من ذلك الأنفس الضعيفة التي لا تحتمل التعذيب أثناء التحقيق.."
وطالب حبيب الحكومة الفلسطينية وفصائل المقاومة بالعمل الجاد والدؤوب لاجتثاث ما وصفه بالسرطان الخبيث الذي انتشر في جسد المقاومة وإنزال العقوبات الرادعة بالعملاء ليكونوا عبرة لمن يعتبر.
قضية معقدة
بدوره رأى د. أحمد بحر النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي أن العملاء "ظاهرة" حقيرة تهدد الأمن الفلسطيني على اعتبار أن غالبية عمليات الاغتيال تشير إلى دور للعملاء في نجاحها.
وشدد د. بحر في حديثه مع "فلسطين اليوم" على أن محاربة العملاء يجب أن تكون من أهم أولويات الحكومة لما يمثلونه من تهديد للمجاهدين.
وقال: أتصور أن على الحكومة أن تقوم بواجبها في هذا الموضوع وإن كان فيه نوع من التعقيد، لأن اتفاقات أوسلو كانت تحمي هؤلاء العملاء على مدار السنوات الماضية" موضحا أن ما يزيد قضية العملاء تعقيدا الغطاء العائلي الذي يحيط بالكثير منهم والتعصب الجاهلي، إلى جانب الاحتلال الصهيوني، ومشيرا في الوقت ذاته إلى أن الحماية التي وفرتها أوسلو للعملاء قد اندثرت بعد أن رفض الفلسطينيون هذه الاتفاقية.
وتابع النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي قائلا: ما يجعل الحكومة شبه عاجزة عن فتح ملف العملاء الحصار الظالم الذي تفرضه دولة الاحتلال والولايات المتحدة وأوروبا وبعض الدول العربية، وهذا جزء معوّق في انطلاق الحكومة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاربة عملاء الاحتلال" داعيا إلى عقد مؤتمر شعبي تشارك فيه كافة الفصائل للاتفاق والموافقة على خطوات ملاحقة العملاء لوضع حد لهم "ولو كان هناك توافق وطني بين الجميع من فصائل وعائلات وحكومة ستكون قضية محاربة العملاء قضية سهلة".
القضية مضخّمة
المحلل السياسي د.حازم أبو شنب عبّر عن اعتقاده بأن قضية العملاء "مضخّمة" إلى حد يتجاوز المنطق، رافضا إطلاق مصطلح "ظاهرة" على تواجد عملاء للاحتلال في الأراضي الفلسطينية.
وقال د.أبو شنب لـ"فلسطين اليوم":لا شك أن قضية وجود عملاء يعملون على الأرض تشكل حالة خطيرة تمس بالمجاهدين وبأمن المجتمع وبالنظام الذي يسير عليه المجتمع، وهذا يؤدي إلى إحداث أمراض مجتمعية كثيرة ترتبط بالسياسة والأمن والاقتصاد وغيرها من القضايا".
واستدرك قائلا: لكن أعتقد أن القضية مضخّمة إلى حد يتجاوز المنطق، وإطلاق مسمى ظاهرة على العملاء أساء لنضال الشعب الفلسطيني لأن هذه الكلمة تعني أن غالبية الفلسطينيين عملاء".
وأوضح المحلل السياسي أن الكثير من العمليات التي نفذتها قوات الاحتلال لم تكن تحتاج وجود عملاء خاصة بعد أن تطورت التكنولوجيا إلى حد خفّف من أهمية العملاء "فإسرائيل تستخدم أجهزة وتقنيات عالية مثل طائرات الاستطلاع صغيرة الحجم وطائرات الأباتشي والإف 16، والتي تطلق موجات كهرومغناطيسية تمسح فيها مسحا دقيقا الأراضي والأشجار والبشر وكل المخلوقات، وتستعيد صورة واضحة دقيقة لما تم مسحه باستخدام هذه الموجات، وبالتالي أصبحت هذه الطائرات بما فيها من تقنيات تستغني عن العملاء في كثير من الأحيان".
معوّقات وحلول!!
وأرجع د.أبو شنب الصعوبة في التعامل مع ملف العملاء إلى عدة أسباب، حيث يضيف:من الواضح أن الفصائل الفلسطينية لم تول للقضية الأمنية أهمية كبيرة، حيث غلبت الروح الدينية على سلوك المجاهدين، فالكل يؤمن أن من يقتل هو شهيد في الجنة، وبالتالي ضعفت الإجراءات الأمنية عند الفصائل والمناضلين".
وتابع شارحا معوّقات التعامل مع ملف العملاء: وجود مرض خطير في المجتمع وهو العائلية وعمل الحساب للعائلات وللأبعاد الاجتماعية أكثر من الحساب للحاجة الأمنية، ما دفع الفصائل لحسر نشاطها في مجال الأمن والدفاع عن الذات حتى لا تقع في براثن حساسية العلاقة مع العائلات، كما أن هناك عائلات لديها مناضلون كبار، وفيها عملاء، والمناضل يرفض أن يعترف بأن ابن عمه أو أخيه عميل حتى لا يساء لسمعة العائلة".
ورفض أبو شنب القول بأن الاتفاقيات التي وقعتها السلطة مع دولة الكيان تدعو إلى عدم المساس بالعملاء بشكل مباشر " لا توجد اتفاقيات تحمي العملاء صراحة، لكن المضمون يشير إلى ضرورة عدم افتعال المشاكل مع إسرائيل بسبب هذا الأمر، لوجود مصالح مشتركة بين شخوص في السلطة وآخرين في حكومة الاحتلال".
ويرى د.أبو شنب أن حل قضية العملاء يكمن في نشر سلطة حقيقية تتحمل فيها الأجهزة الأمنية مسئولياتها بشكل كامل، والحفاظ على الأمن القومي، وقيام الفصائل بدورها في هذا الشأن في ظل حالة الحرب التي تشهدها الأراضي المحتلة".
دور الأجنحة العسكرية
الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة كان لها وجهة نظرها أيضا لعلاج قضية العملاء علاجا جذريا يقضي على تواجدهم في المجتمع الفلسطيني.
فقد قال "أبو أحمد" الناطق الإعلامي باسم سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي إن التبعية الاقتصادية المطلقة لدولة الاحتلال والوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه كثير من الفلسطينيين ساهما في خلق شبكات عملاء عاملة في الأراضي الفلسطينية.
وأضاف "أبو أحمد": في كل العالم هناك إنسان قابل للانهيار أمام مغريات مادية وجنسية وغيرها، مما يسهل السقوط في فخ العمالة من خلال أجهزة المخابرات التي تمتلك القدرة على تجنيد العملاء."مشددا على أن غياب الرادع القانوني والديني وعدم تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية أدى إلى تفاقم هذه "الظاهرة".
وعن سبب عدم قدرة المقاومة على وضع حد للعملاء أضاف الناطق باسم سرايا القدس: المقاومة ملتزمة بالحفاظ على السلم الأمني، وهذا ملف متكامل لا يجوز الأخذ بجزء منه وتجاهل جزء آخر، والمقاومة ليست سلطة مخولة بالقصاص من العملاء حفاظا على نسيج المجتمع الفلسطيني وحقنا للدماء".
ويعتقد "أبو أحمد" بعدم وجود حل جذري لقضية العملاء "ففتح الملف من خلال المقاومة يؤدي إلى الوقوع في الخطأ واستغلال البعض للموضوع في تصفية حسابات شخصية، والحكومة ليست لها سيادة أمنية على أرض الواقع في ظل وجود مرجعية تقيد من حركتها، والسجال السياسي بين الرئاسة والحكومة على أشده، والحكومة تولي أهمية لموضوعات أخرى كالملف السياسي والملف الاقتصادي".
لا يوجد إمكانيات
وفي ذات السياق قال "أبو الوليد" القيادي كتائب شهداء الأقصى-فلسطين: يجب أن يخضع هذا الملف لحوار وطني من خلال لجنة المتابعة العليا للخروج بقرار سياسي في هذا الموضوع الكبير، ونطالب الفصائل كلها بالضغط في هذا الاتجاه".
وأضاف "أبو الوليد" لـ"فلسطين اليوم":نحن كفصائل موجودون في سلطة لديها عشرات الآلاف من أفراد الأجهزة الأمنية التي يجب أن تباشر مهامها فيما يتعلق بموضوع العملاء، ولا يجوز أن يأخذ كل واحد منّا القانون بيده حتى لا تنتشر الفوضى خاصة في قطاع غزة لوجود سلطة وأجهزة أمنية، على العكس من بعض مدن في الضفة الغربية لا تخضع للسلطة الفلسطينية حيث تم إعدام عدد من العملاء فيها".
وأشار القيادي في كتائب الأقصى-فلسطين إلى عدم وجود آلية تحقيق علمية لدى الفصائل للتعامل مع العملاء " ما يجعلنا متخوفين من قتل أبرياء إذا تم التعجل في إصدار الحكم كما كان يحدث في الانتفاضة الأولى" موضحا أن لدى أجهزة أمن السلطة خبرا ومتدربين لديهم القدرة على التحقيق مع المشبوهين في مراكز اعتقال خاصة تفتقر إليها الفصائل.
وأكد "أبو الوليد" أن عشرات العملاء محتجزون في مراكز توقيف تابعة للسلطة ومنهم من هو محكوم عليه بالإعدام ولم يتم تنفيذ الحكم.
وقال متسائلا: لماذا لا ترصد الحكومة جائزة مالية لمن يدلي بمعلومات عن عميل أو مشبوه كما تفعل الولايات المتحدة في رصدها لمبالغ طائلة لمن يوفّر معلومة عن مجاهد أو مقاوم، وكما فعلت إسرائيل في نشر رقم هاتف في قطاع غزة للاتصال به والإفادة بمعلومات عن مطلقي الصواريخ؟".
"أبو مجاهد" الناطق باسم لجان المقاومة الشعبية لفت إلى ضرورة أن يعطي المجاهدون القضية الأمنية أهمية أكبر، واتخاذ كافة أسباب الحيطة والحذر وعدم الركون إلى "التواكل"، والاعتماد على العاطفة الدينية.
وأكد "أبو مجاهد" ما أكده سابقوه من عدم قدرة المقاومة على فتح ملف العملاء حيث قال: محاسبة العملاء من قبل الفصائل سيخلق مشاكل كبيرة ربما تكون بوادر فتنة داخلية، والحرص على وحدة الصف الفلسطيني أولى من إشعال حرب داخلية".
واقترح "أبو مجاهد" القيام بفعاليات شعبية واسعة للضغط على الحكومة من أجل فتح ملف العملاء كالمسيرات والاحتجاجات بشكل مستمر..
وتبقى قضية ملف العملاء بين مد وجزر..لا سبيل إلى إنهاءه ووضع حد له في ظل وجود صعوبات تحول دون محاسبة هذه الشريحة التي باتت تشكل خطرا يلاحق المجاهدين بلا هوادة!!
وعلى الرغم من المطالبة والإلحاح من قبل شريحة واسعة من الفلسطينيين بفتح ملف العملاء والقصاص منهم إلا أن تنفيذ ذلك يصطدم بمعوقات وصعوبات سببها عوامل كثيرة تحول دون الوصول إلى العميل، فتعجز فصائل المقاومة والحكومة عن محاسبته.
شبكة "فلسطين اليوم " الإخبارية فتحت ملف العملاء من جديد لتلقى الضوء على هذه الحالة التي أمست سرطانا ينخر في جسد المجتمع الفلسطيني ومقاومته، وتعرفت على آراء ووجهات نظر متعددة في كيفية معالجة هذه الحالة..
خطر يحدق بالمقاومة
الشيخ خضر حبيب القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أكد أن "العملاء" خطر يحدق بالفلسطينيين بشكل عام ويجب القضاء عليهم قبل أن يزداد الاحتلال توغلا في دماء أبناء المقاومة.
وقال الشيخ حبيب لـ"فلسطين اليوم": العملاء يتواجدون أينما وجد شعب محتل، والاحتلال يزرع هؤلاء العملاء في صفوف المقاومين غالبا لتسهيل عملية متابعتهم والقضاء عليهم" مشيرا إلى أن الاحتلال الصهيوني جنّد عشرات العملاء في الضفة الغربية وقطاع غزة ونجح من خلال هؤلاء العملاء في الوصول إلى قادة كبار في المقاومة أمثال جمال أبو سمهدانة وخالد الدحدوح وصلاح شحادة..
وأضاف القيادي في الجهاد الإسلامي: ما سهّل عملية إسقاط وتجنيد العملاء المعابر ونقاط التفتيش التي تنشرها قوات الاحتلال في المدن والبلدات الفلسطينية، وخاصة ما كان يعرف سابقا بالممر الآمن الذي كان فخا للعملاء، كما أن الحالة الاقتصادية السيئة التي يعاني منها الكثيرون جعل منهم صيدا سهلا للوقوع في شرك التعامل مع الاحتلال، وأهم من ذلك الأنفس الضعيفة التي لا تحتمل التعذيب أثناء التحقيق.."
وطالب حبيب الحكومة الفلسطينية وفصائل المقاومة بالعمل الجاد والدؤوب لاجتثاث ما وصفه بالسرطان الخبيث الذي انتشر في جسد المقاومة وإنزال العقوبات الرادعة بالعملاء ليكونوا عبرة لمن يعتبر.
قضية معقدة
بدوره رأى د. أحمد بحر النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي أن العملاء "ظاهرة" حقيرة تهدد الأمن الفلسطيني على اعتبار أن غالبية عمليات الاغتيال تشير إلى دور للعملاء في نجاحها.
وشدد د. بحر في حديثه مع "فلسطين اليوم" على أن محاربة العملاء يجب أن تكون من أهم أولويات الحكومة لما يمثلونه من تهديد للمجاهدين.
وقال: أتصور أن على الحكومة أن تقوم بواجبها في هذا الموضوع وإن كان فيه نوع من التعقيد، لأن اتفاقات أوسلو كانت تحمي هؤلاء العملاء على مدار السنوات الماضية" موضحا أن ما يزيد قضية العملاء تعقيدا الغطاء العائلي الذي يحيط بالكثير منهم والتعصب الجاهلي، إلى جانب الاحتلال الصهيوني، ومشيرا في الوقت ذاته إلى أن الحماية التي وفرتها أوسلو للعملاء قد اندثرت بعد أن رفض الفلسطينيون هذه الاتفاقية.
وتابع النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي قائلا: ما يجعل الحكومة شبه عاجزة عن فتح ملف العملاء الحصار الظالم الذي تفرضه دولة الاحتلال والولايات المتحدة وأوروبا وبعض الدول العربية، وهذا جزء معوّق في انطلاق الحكومة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاربة عملاء الاحتلال" داعيا إلى عقد مؤتمر شعبي تشارك فيه كافة الفصائل للاتفاق والموافقة على خطوات ملاحقة العملاء لوضع حد لهم "ولو كان هناك توافق وطني بين الجميع من فصائل وعائلات وحكومة ستكون قضية محاربة العملاء قضية سهلة".
القضية مضخّمة
المحلل السياسي د.حازم أبو شنب عبّر عن اعتقاده بأن قضية العملاء "مضخّمة" إلى حد يتجاوز المنطق، رافضا إطلاق مصطلح "ظاهرة" على تواجد عملاء للاحتلال في الأراضي الفلسطينية.
وقال د.أبو شنب لـ"فلسطين اليوم":لا شك أن قضية وجود عملاء يعملون على الأرض تشكل حالة خطيرة تمس بالمجاهدين وبأمن المجتمع وبالنظام الذي يسير عليه المجتمع، وهذا يؤدي إلى إحداث أمراض مجتمعية كثيرة ترتبط بالسياسة والأمن والاقتصاد وغيرها من القضايا".
واستدرك قائلا: لكن أعتقد أن القضية مضخّمة إلى حد يتجاوز المنطق، وإطلاق مسمى ظاهرة على العملاء أساء لنضال الشعب الفلسطيني لأن هذه الكلمة تعني أن غالبية الفلسطينيين عملاء".
وأوضح المحلل السياسي أن الكثير من العمليات التي نفذتها قوات الاحتلال لم تكن تحتاج وجود عملاء خاصة بعد أن تطورت التكنولوجيا إلى حد خفّف من أهمية العملاء "فإسرائيل تستخدم أجهزة وتقنيات عالية مثل طائرات الاستطلاع صغيرة الحجم وطائرات الأباتشي والإف 16، والتي تطلق موجات كهرومغناطيسية تمسح فيها مسحا دقيقا الأراضي والأشجار والبشر وكل المخلوقات، وتستعيد صورة واضحة دقيقة لما تم مسحه باستخدام هذه الموجات، وبالتالي أصبحت هذه الطائرات بما فيها من تقنيات تستغني عن العملاء في كثير من الأحيان".
معوّقات وحلول!!
وأرجع د.أبو شنب الصعوبة في التعامل مع ملف العملاء إلى عدة أسباب، حيث يضيف:من الواضح أن الفصائل الفلسطينية لم تول للقضية الأمنية أهمية كبيرة، حيث غلبت الروح الدينية على سلوك المجاهدين، فالكل يؤمن أن من يقتل هو شهيد في الجنة، وبالتالي ضعفت الإجراءات الأمنية عند الفصائل والمناضلين".
وتابع شارحا معوّقات التعامل مع ملف العملاء: وجود مرض خطير في المجتمع وهو العائلية وعمل الحساب للعائلات وللأبعاد الاجتماعية أكثر من الحساب للحاجة الأمنية، ما دفع الفصائل لحسر نشاطها في مجال الأمن والدفاع عن الذات حتى لا تقع في براثن حساسية العلاقة مع العائلات، كما أن هناك عائلات لديها مناضلون كبار، وفيها عملاء، والمناضل يرفض أن يعترف بأن ابن عمه أو أخيه عميل حتى لا يساء لسمعة العائلة".
ورفض أبو شنب القول بأن الاتفاقيات التي وقعتها السلطة مع دولة الكيان تدعو إلى عدم المساس بالعملاء بشكل مباشر " لا توجد اتفاقيات تحمي العملاء صراحة، لكن المضمون يشير إلى ضرورة عدم افتعال المشاكل مع إسرائيل بسبب هذا الأمر، لوجود مصالح مشتركة بين شخوص في السلطة وآخرين في حكومة الاحتلال".
ويرى د.أبو شنب أن حل قضية العملاء يكمن في نشر سلطة حقيقية تتحمل فيها الأجهزة الأمنية مسئولياتها بشكل كامل، والحفاظ على الأمن القومي، وقيام الفصائل بدورها في هذا الشأن في ظل حالة الحرب التي تشهدها الأراضي المحتلة".
دور الأجنحة العسكرية
الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة كان لها وجهة نظرها أيضا لعلاج قضية العملاء علاجا جذريا يقضي على تواجدهم في المجتمع الفلسطيني.
فقد قال "أبو أحمد" الناطق الإعلامي باسم سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي إن التبعية الاقتصادية المطلقة لدولة الاحتلال والوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه كثير من الفلسطينيين ساهما في خلق شبكات عملاء عاملة في الأراضي الفلسطينية.
وأضاف "أبو أحمد": في كل العالم هناك إنسان قابل للانهيار أمام مغريات مادية وجنسية وغيرها، مما يسهل السقوط في فخ العمالة من خلال أجهزة المخابرات التي تمتلك القدرة على تجنيد العملاء."مشددا على أن غياب الرادع القانوني والديني وعدم تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية أدى إلى تفاقم هذه "الظاهرة".
وعن سبب عدم قدرة المقاومة على وضع حد للعملاء أضاف الناطق باسم سرايا القدس: المقاومة ملتزمة بالحفاظ على السلم الأمني، وهذا ملف متكامل لا يجوز الأخذ بجزء منه وتجاهل جزء آخر، والمقاومة ليست سلطة مخولة بالقصاص من العملاء حفاظا على نسيج المجتمع الفلسطيني وحقنا للدماء".
ويعتقد "أبو أحمد" بعدم وجود حل جذري لقضية العملاء "ففتح الملف من خلال المقاومة يؤدي إلى الوقوع في الخطأ واستغلال البعض للموضوع في تصفية حسابات شخصية، والحكومة ليست لها سيادة أمنية على أرض الواقع في ظل وجود مرجعية تقيد من حركتها، والسجال السياسي بين الرئاسة والحكومة على أشده، والحكومة تولي أهمية لموضوعات أخرى كالملف السياسي والملف الاقتصادي".
لا يوجد إمكانيات
وفي ذات السياق قال "أبو الوليد" القيادي كتائب شهداء الأقصى-فلسطين: يجب أن يخضع هذا الملف لحوار وطني من خلال لجنة المتابعة العليا للخروج بقرار سياسي في هذا الموضوع الكبير، ونطالب الفصائل كلها بالضغط في هذا الاتجاه".
وأضاف "أبو الوليد" لـ"فلسطين اليوم":نحن كفصائل موجودون في سلطة لديها عشرات الآلاف من أفراد الأجهزة الأمنية التي يجب أن تباشر مهامها فيما يتعلق بموضوع العملاء، ولا يجوز أن يأخذ كل واحد منّا القانون بيده حتى لا تنتشر الفوضى خاصة في قطاع غزة لوجود سلطة وأجهزة أمنية، على العكس من بعض مدن في الضفة الغربية لا تخضع للسلطة الفلسطينية حيث تم إعدام عدد من العملاء فيها".
وأشار القيادي في كتائب الأقصى-فلسطين إلى عدم وجود آلية تحقيق علمية لدى الفصائل للتعامل مع العملاء " ما يجعلنا متخوفين من قتل أبرياء إذا تم التعجل في إصدار الحكم كما كان يحدث في الانتفاضة الأولى" موضحا أن لدى أجهزة أمن السلطة خبرا ومتدربين لديهم القدرة على التحقيق مع المشبوهين في مراكز اعتقال خاصة تفتقر إليها الفصائل.
وأكد "أبو الوليد" أن عشرات العملاء محتجزون في مراكز توقيف تابعة للسلطة ومنهم من هو محكوم عليه بالإعدام ولم يتم تنفيذ الحكم.
وقال متسائلا: لماذا لا ترصد الحكومة جائزة مالية لمن يدلي بمعلومات عن عميل أو مشبوه كما تفعل الولايات المتحدة في رصدها لمبالغ طائلة لمن يوفّر معلومة عن مجاهد أو مقاوم، وكما فعلت إسرائيل في نشر رقم هاتف في قطاع غزة للاتصال به والإفادة بمعلومات عن مطلقي الصواريخ؟".
"أبو مجاهد" الناطق باسم لجان المقاومة الشعبية لفت إلى ضرورة أن يعطي المجاهدون القضية الأمنية أهمية أكبر، واتخاذ كافة أسباب الحيطة والحذر وعدم الركون إلى "التواكل"، والاعتماد على العاطفة الدينية.
وأكد "أبو مجاهد" ما أكده سابقوه من عدم قدرة المقاومة على فتح ملف العملاء حيث قال: محاسبة العملاء من قبل الفصائل سيخلق مشاكل كبيرة ربما تكون بوادر فتنة داخلية، والحرص على وحدة الصف الفلسطيني أولى من إشعال حرب داخلية".
واقترح "أبو مجاهد" القيام بفعاليات شعبية واسعة للضغط على الحكومة من أجل فتح ملف العملاء كالمسيرات والاحتجاجات بشكل مستمر..
وتبقى قضية ملف العملاء بين مد وجزر..لا سبيل إلى إنهاءه ووضع حد له في ظل وجود صعوبات تحول دون محاسبة هذه الشريحة التي باتت تشكل خطرا يلاحق المجاهدين بلا هوادة!!