قضية شاليط تشتعل..
سجّلوا: ثمانية عشر مقعداً. هذا ما يفترض أن يحصل عليه ليبرمان في الانتخابات. هذا على الأقل، العدد الذي حصل عليه ايفيت في يوم الأربعاء من مستشاره الاستراتيجي ارتور فينكلشتاين. لا يوصى الاستخفاف بهذا الرقم. فينكلشتاين يمتلك سمعة من يعرف كيف يتنبأ دائما بنتائج الانتخابات.
قبل أسبوع وحتى أسبوعين من حدوثها. استطلاعاته المعمقة التي أجراها تحتوي على 300 حتى 400 صفحة متراصة، ومن ضمنها مئات الجداول، وآلاف الأرقام والمعطيات والأسهم التي لا يفهم فيها احد شيئا. فينكلشتاين يستلم هذا الكتاب السميك ويبدأ بالعمل من خلال الطرق المميزة التي طورها لنفسه. هو رياضي من حيث التخصص وهو يؤمن بالأرقام.
ليبرمان يتقدم
هذا ما حدث في 96 مع نتنياهو. ارتور أصاب الهدف. وهذا ما حدث في 2006 مع ليبرمان. صناديق العينة منحت ايفيت 13 حتى 15 مقعدا أما فينكلشتاين فقد كان قد قال قبل أسبوع أنه سيحصل على 11 وهذا ما حدث. خلال الانتخابات التمهيدية الأخيرة التي جرت في كاديما بين تسيبي ليفني وشاؤول موفاز خمن فينكلشتاين أن موفاز سيحصل على 43.1 في المئة. هذا ما صرح به المرشح في مؤتمره الصحافي متحولا إلى مهزلة ومثار للسخرية. في يوم الانتخابات تبين أن مثار السخرية هم بقية المستطلعين الذين كانوا قد قالوا انه سيحصل على قرابة 20 في المئة بينما ستصل ليفني إلى 50 في المئة. وهكذا حصل موفاز في الواقع على 42.1 في المئة، أي ما تنبأ به ارتور تقريباً، ولكن صندوقاً واحداً محسوباً على موفاز احرق ولم يُحصَ ضمن الإعداد. كانت في هذا الصندوق أكثر من 400 ورقة. وحتى لو حصل على نصف أصوات هذا الصندوق لوصل إلى الرقم الذي توقعه ارتور بالضبط.
الوحيد في إسرائيل الذي يقترب من ارتور في مستوى تنفيذ الاستطلاعات هو إسرائيل باخار الذي يجري الاستطلاعات لنتنياهو. ما الذي يجب أن نفهمه من كل ذلك؟ لا شيء في الوقت الحالي.
الثمانية عشر مقعداً هي في الوقت الحالي نتيجة لاستطلاع معمق أجراه فينكلشتاين وممثله في البلاد جورج بيرنباون، في يومي الثلاثاء والأربعاء من هذا الأسبوع. هذا ليس الرقم النهائي الذي يعطينا إياه فينكلشتاين بعد، وعليه أن يجري حساباته قبل ذلك. من ناحية أخرى الأمر البارز في المعطيات هو حقيقة أن ناخبي ليبرمان هم الأكثر تصميماً من بين كل الأحزاب. لديه نواة صلبة حقيقية. سيشاركون في الانتخابات بمعدلات عالية وسيكون النادمون قلائل. بعدهم يأتي الليكود ومن ثم العمل وفي آخر المطاف كاديما. هذا الأمر لا يغير حقيقة أن الانتخابات الحالية للكنيست تجري وتتم بصورة غريبة تقريباً. أيضاً الانحرافات بين المستطلعين المختلفين غير عادية. أن استطاع ارتور فينكلشتاين في هذه المرة أن يصيب الهدف فليبرمان هو الأمر الأكبر الآتي في السياسة الإسرائيلية، «ايفيت المهدد».
ليبرمان الملتهب
ليبرمان ليس متفاجئاً من نفسه. لديه خطة عمل منظمة. في المرة السابقة عرف انه سيجتاز خط العشرة مقاعد، وفي هذه المرة خطط اجتياز خط الخمسة عشر مقعداً. فماذا عن المرة القادمة؟ الله اكبر. هو تحول إلى الحصان الأسود في المعركة الانتخابية. مسمار المساء. الجميع يهتمون به. ميرتس تركز حملتها عليه. والأحزاب العربية تحصد على ظهره الأصوات. تسيبي ليفني تعول عليه ونتنياهو يخاف منه أما شاس فتفقد الناخبين لصالحه. الشرطة تحقق معه. أن كان هنا شيء ساخن في السياسة الإسرائيلية فهو ليبرمان. ساخن؟ لا بل ملتهب.
احدهم جلس قبل عشرة أيام مع ضابط كبير متقاعد في الشرطة. هذا الضابط الذي يمتلك علاقات ومعلومات اليوم أيضاً، بشره بان التحقيق مع ليبرمان سيستأنف قريباً بوتيرة أسرع. قبل الانتخابات؟ اجل قبل الانتخابات. لماذا؟ لأنهم مصممون على منعه من الوصول إلى منصب رفيع، قال الضابط. هم يعرفون أن التحقيق سيضيف له الأصوات ولكنه في المقابل سيمنعه من التعيينات. نبوءة هذا الضابط تحققت.
ماذا سيكون مصير التحقيق؟ هذا ليس معروفا بعد. من الناحية الأخرى المواد المتوفرة صعبة. المال تدفق وأودع ومن ثم سحب. ابنة ليبرمان تحصد الملايين نتيجة لقيامها بتقديم استشارات سياسية وهي لم تبلغ 22 عاما من عمرها بعد؟ هناك حدود لما يمكن تصديقه. عندئذ يتذكر الناس شخصاً اسمه جلعاد شارون الذي تحول في غضون ذلك إلى محلل سياسي ومنظر للناس. الرجل حصل على الملايين من دودي أفل مقابل الدخول لبضع ساعات في شبكة الانترنت ليخرج منها مع والده بعد ذلك مثل الطفل. إذا فكل شيء ممكن. إليكم السيناريو المتوقع: ليبرمان يجلب خمسة عشر مقعداً وأكثر من ذلك. الليكود فوق الثلاثين. تحقيق الشرطة يتقدم ويصل إلى حد لائحة الاتهام. ليبرمان يخرج من السباق. من التالي في الدور؟ عوزي لاندو. المرتبة الثانية، لا؟ هو سيعود لليكود ويوحده مع «إسرائيل بيتنا» الأمر الذي يحول الحزبين إلى حزب غولي ضخم يمتلك خمسين مقعدا تقريبا. نتنياهو سيكون رئيس وزراء على رأس حكومة راسخة لأربع سنوات. وماذا بعد؟ الطوفان. هذا السيناريو رفض من قبل ليبرمان نفسه بسخرية ومعه قيادة «إسرائيل بيتنا».
التحقيق
في قضية التحقيق يعبر ايفيت عن الهدوء والطمأنينة ويقول أن هذه تفاهات وكلام فارغ مذكرا بأنهم يتكلمون مثلما فعلوا مع ملف موشيه كتساف ومن دون أن يكون هناك أي شيء. ليبرمان يقول انه ليس قلقا. حاشية ليبرمان تقول أن هذا لو حدث فلن يكون عوزي لاندو أبداً خلفيته. «عوزي جاء للحزب كمقتنيات من اجل الانتخابات»، يقول احد كبار المسؤولين في الحزب، «هو يعرف ذلك ونحن نعرفه أيضاً. وحتى أن اضطر ايفيت لأخذ مهلة زمنية فنحن نعتقد أن (إسرائيل بيتنا) لن يتوحد مع الليكود في يوم من الأيام».
الشخص البارز إلى جانب ليبرمان هو عضو الكنيست ستاس مسجنيكوف. هذا الرجل ترك انطباعاً ممتازاً عندما كان رئيساً للجنة المالية. شاب فصيح ومنطقي. مسجنيكوف كما هو معروف هو الرجل الذي يحث ليبرمان بكل قوة للتصادم مع الليكود. المعلومات الاستخبارية تتضمن تصريحات من عضو الكنيست جدعون ساعر، في إطار داخلي لطاقم الليكود، حيث يقول أن عدو الليكود الأساسي هو ليبرمان وان من الواجب توجيه ضربة له في الرأس. في هذه الأثناء يتحمل ليبرمان ذلك بهدوء ويضبط نفسه. ولديه رأس قوي. من الناحية الأخرى، سينتهي الصبر. في يوم الأربعاء، في مؤتمر القدس أشهرت السكاكين والخناجر. نتنياهو أشار هناك ملمحاً إلى أن تقسيم القدس ليس فقط مسألة يتحدثون عنها في اليسار، وإنما في اليمين أيضاً. بعد ذلك نشر في المدينة خبراً صوتياً غير معروف، بصوت امرأة ، تقول أن ليبرمان قد يقسم القدس.
عدا عن ذلك تم الدخول إلى موقع الانترنت التابع لـ «إسرائيل بيتنا». وبالإضافة لذلك تدور حرب ضارية بين الليكود وأتباع ليبرمان حول الشارع الروسي. مصدر بارز في «إسرائيل بيتنا» صرح منذ مدة غير بعيدة لأحد كبار المسؤولين في الليكود: «نحن لسنا في جيبكم. نحن قادرون على التوصية بليفني أمام الرئيس. احذروا. أن صرح ايفيت قبل الانتخابات بيومين أن بيبي ليس موثوقا وانه لن يصدق أية كلمة يقولها، سيكون من الصعب عليكم أن تلتقطوا أنفاسكم. لا يجدر بكم أن تتعرضوا لنا».
في الليكود، في هذه الأثناء، لا يتوخون الحذر بصورة كافية. ليس أمامهم مفر. مقاعد ليبرمان آتية من ناحية بيبي. يتوجب التسليم بهذا التسرب أو إيقافه. في «إسرائيل بيتنا» يشحذون السيوف. «ليفني توجهت إلى انابوليس؟ وماذا إذن. بيبي بدوره توجه إلى وأي بلنتيشن وعانق عرفات. نحن نعتقد أنه لا يوجد فرق كبير بين الأمرين». هذه الكلمات تقال في الغرف المغلقة في الوقت الحالي، ولكن أن خرجت إلى النور فستنشب الحرب. هذه ستكون أم كل الحروب.
من الغريب انه في يوم الجمعة الماضي قبل أسبوع، التقى نتنياهو مع ليبرمان لقاء جيداً. الدماء الفاسدة اندفعت بعد ذلك فقط. من الناحية الأخرى يمتلك ليبرمان قنوات مفتوحة مع تسيبي ليفني. ويعرف أن بين نتنياهو وايهود باراك اتفاقاً غير مكتوب (هناك من يقول انه مكتوب) ومفاده أن باراك سيبقى في وزارة الدفاع من دون علاقة بالنتائج. ليبرمان يعرف انه لن يحصل على حقيبة الدفاع، ولكنه سيقبل حقيبة المالية بسرور. المالية؟ وفي هذه الفترة؟ اجل. في هذه الفترة بالتحديد. هو يعتقد انه سيتمكن من اجتياز العوائق التي تشل الاقتصاد والدوس على البيروقراطية وإنشاء أماكن عمل جديدة. هذا أن اجتاز التحقيق طبعاً.
ألاعيب بيريس
وماذا عن نتنياهو؟ صمت مشوب بالتوتر. يحصون الأيام ويريدونها أن تمر بسرعة أما ما الذي يريد نتنياهو أن يكونه عندما يصبح كبيرا فهو لا يعرف مثل غيره. من الناحية الأخرى يجلس ساعات مع بيريس. آخر لقاء كان في يوم الأربعاء ومن بعد ذلك سافرا معا إلى دافوس. بيريس في الأسابيع الأخيرة يتحدث بصورة صريحة عن انسحاب إسرائيلي شامل حتى خطوط 67. مع تبادل أراض بنسبة 1 إلى 1. هذه مسألة كما يقول بيريس، يجب أن تتم عبر المفاوضات مع العالم العربي كله على أساس المبادرة العربية وليس مع الفلسطينيين أو السوريين. هو يقول ذلك في اطر مغلقة وللدبلوماسيين الأجانب (مثلاً خافيير سولانا ومارك اوتس في هذا الأسبوع. أما مع جورج ميتشل فقد أصرّ بيريس على البقاء منفردين وترك السفراء في الخارج).
ولكن ألاعيب بيريس لا تلزم نتنياهو. هو سيتصرف بتلقائية محاولا عدم التصادم مع الأمريكيين. ربما سيسير في مسار سوري سريع حتى يجمد المسار الفلسطيني. فقد جرب هذا الطريق سابقا ووافق عن النزول عن هضبة الجولان بما في ذلك كل شيء. الآن حيث يحاول اوباما إنشاء ائتلاف مع العالم الإسلامي ويجهز نفسه للانسحاب من العراق، تتحول المسألة السورية إلى مسألة حاسمة بالنسبة لواشنطن. نتنياهو سيفضل التوجه إلى هناك على أن يسقط هنا.
التوتر يتزايد في محيطه وأعضاء الكنيست يتشاجرون والمستشارون يتجادلون، والمناصب توزع نظريا، أما نتنياهو فصامت وهو محق في ذلك. في المحادثات المغلقة يتحدث عن موشيه ليون كوزير للمالية ويعكوف بيروبسكي كمدير عام لديوان رئاسة الوزراء، ولكن هذه الكلمات بلا رصيد في الوقت الحالي. في آخر المطاف سيضطر بيبي إلى إقامة ائتلاف أن فاز. من خلال العمل وليس من خلال الأقاويل.
تسيبي ليفني؟ تتجول مفعمة بالنشاط والحيوية. السؤال هو أن كانت هذه «الحفارة المصهورة» كما نعتها احدهم في هذا الأسبوع ستصل في آخر الحفر إلى الجائزة الكبرى أو إلى ثقب اسود. المشاعر مختلطة في كاديما. أجواء كئيبة من جهة لأن أغلبية الاستطلاعات تتوقع لكاديما الهبوط. أشخاص يقاتلون دفاعا عن البيت أي المناصب بعد الانتخابات. هناك أيضاً عدد غير قليل من الشاعرين بالمرارة. هناك أيضاً من الناحية الأخرى استطلاعات جيدة وحملة إعلانية ممتازة داليا ايتسك تخوض الكفاح ولكن الإحباط كبير. كل شيء سار ضد مصلحة تسيبي في هذه الحملة. الحرب، الاقتصاد، الأجواء السائدة. سرقوا الأجندة منها وتركوها في الوراء. من الناحية الأخرى هي كسبت ذلك باستحقاق ونزاهة. من لا يشكل حكومة عندما تكون الفرصة بيديه، كما يقول احد كبار كاديما، عليه أن لا ينتقد أحداً بعد ذلك. هي كانت هناك ورمشت أولاً. وهذه مسألة لا تكفير عنها. على ما يبدو.
ايهود باراك في تراجع. رد فعل العملية في غزة يتلاشى، تماما مثل الردع. وباراك كعادته يتورط في حالة من العجرفة والغرور كما فعل في هذا الأسبوع عندما بدأ يتحدث عن المرتبة 21 باعتبارها مرتبة واقعية لحزب العمل. الواقع على الأرض مغاير قليلاً. الاستطلاعات تتنبأ له بالحد الأقصى 16 مقعداً. عملية «الرصاص المصهور» لقيت القبول من الجمهور ولكن مع مرور الوقت تتزايد الأسئلة. في آخر المطاف ما تحسن في هذه الحرب كان معالجة قضية الجبهة الداخلية. في هذا المجال يستحق متان فلنائي واللواء يائير جولان كل الثناء. ولكن من الذي يذكر كل ذلك الآن؟ نحن في أيام الانتخابات وباراك يسير ضد التيار. بعد الانتخابات سيضطر حزب العمل إلى الاختيار بين منح الشرعية لحكومة نتنياهو وبين الانتقال إلى صفوف المعارضة. كل شيء يبقى مفتوحا في الوقت الحالي.
شاليط حيّ
بقيت مسألة صغيرة واحدة يتوجب إنهاؤها. قبل الانتخابات: جلعاد شاليط. من أين يعرف نيكولا ساركوزي انه حي يرزق؟ جهات دبلوماسية تعتقد أن ساركوزي مارس الضغوط على بشار الأسد الذي ضغط من ناحيته على مشعل فوفر المعلومات التي نقلت هاتفيا إلى باريس. الاتصالات الجارية لإطلاق سراحه مجمدة حاليا. إحدى قنوات الاتصال التي تقدمت بصورة كبيرة قبل عملية «الرصاص المصهور» اختفت من بعد هذه العملية. الاتصالات لم تستأنف بعد وإسرائيل تبحث ومعنية بذلك، ولكن القناة غير موجودة. المصريون في المقابل موجودون.
ما الذي يقولونه؟ هذه أيام الذهب وهذه فرصة لا تتكرر. قبل الانتخابات بين الحكومات. الأمر الذي يتوجب على إسرائيل أن تفعله هو أن تقرر. وفقاً للمصريين يجدر بأولمرت أن يجمع باراك وليفني ونتنياهو وأن يطلب من هذه الرباعية أن تتخذ القرار. من الواجب أن يدعم نتنياهو هذا القرار وان يعد بعدم توجيه الانتقادات إليه أو مهاجمته. هذا من مصلحته. فهو أيضاً يريد استلام طاولة نظيفة من دون قضية شاليط المشتعلة فوقها. بعد القرار يتوجب إعطاء المصريين قائمة من خمسة عشر وحتى عشرين سجينا «ثقيلاً» تريد إسرائيل استبدالهم من قائمة حماس الأصلية، وهذا كل شيء. المصريون يخوضون على عاتقهم مهمة إقناع حماس باستبدال هذه الأسماء والانطلاق على الطريق. ما هي احتمالات ذلك؟ المصريون يقولون أنهم لا يعرفون ولكنهم يريدون أن يجربوا. في الوقت الحالي ليس هناك من يجرب.
(بن كاسبيت ـ «معاريف» 30-1)
31-1-2009
سجّلوا: ثمانية عشر مقعداً. هذا ما يفترض أن يحصل عليه ليبرمان في الانتخابات. هذا على الأقل، العدد الذي حصل عليه ايفيت في يوم الأربعاء من مستشاره الاستراتيجي ارتور فينكلشتاين. لا يوصى الاستخفاف بهذا الرقم. فينكلشتاين يمتلك سمعة من يعرف كيف يتنبأ دائما بنتائج الانتخابات.
قبل أسبوع وحتى أسبوعين من حدوثها. استطلاعاته المعمقة التي أجراها تحتوي على 300 حتى 400 صفحة متراصة، ومن ضمنها مئات الجداول، وآلاف الأرقام والمعطيات والأسهم التي لا يفهم فيها احد شيئا. فينكلشتاين يستلم هذا الكتاب السميك ويبدأ بالعمل من خلال الطرق المميزة التي طورها لنفسه. هو رياضي من حيث التخصص وهو يؤمن بالأرقام.
ليبرمان يتقدم
هذا ما حدث في 96 مع نتنياهو. ارتور أصاب الهدف. وهذا ما حدث في 2006 مع ليبرمان. صناديق العينة منحت ايفيت 13 حتى 15 مقعدا أما فينكلشتاين فقد كان قد قال قبل أسبوع أنه سيحصل على 11 وهذا ما حدث. خلال الانتخابات التمهيدية الأخيرة التي جرت في كاديما بين تسيبي ليفني وشاؤول موفاز خمن فينكلشتاين أن موفاز سيحصل على 43.1 في المئة. هذا ما صرح به المرشح في مؤتمره الصحافي متحولا إلى مهزلة ومثار للسخرية. في يوم الانتخابات تبين أن مثار السخرية هم بقية المستطلعين الذين كانوا قد قالوا انه سيحصل على قرابة 20 في المئة بينما ستصل ليفني إلى 50 في المئة. وهكذا حصل موفاز في الواقع على 42.1 في المئة، أي ما تنبأ به ارتور تقريباً، ولكن صندوقاً واحداً محسوباً على موفاز احرق ولم يُحصَ ضمن الإعداد. كانت في هذا الصندوق أكثر من 400 ورقة. وحتى لو حصل على نصف أصوات هذا الصندوق لوصل إلى الرقم الذي توقعه ارتور بالضبط.
الوحيد في إسرائيل الذي يقترب من ارتور في مستوى تنفيذ الاستطلاعات هو إسرائيل باخار الذي يجري الاستطلاعات لنتنياهو. ما الذي يجب أن نفهمه من كل ذلك؟ لا شيء في الوقت الحالي.
الثمانية عشر مقعداً هي في الوقت الحالي نتيجة لاستطلاع معمق أجراه فينكلشتاين وممثله في البلاد جورج بيرنباون، في يومي الثلاثاء والأربعاء من هذا الأسبوع. هذا ليس الرقم النهائي الذي يعطينا إياه فينكلشتاين بعد، وعليه أن يجري حساباته قبل ذلك. من ناحية أخرى الأمر البارز في المعطيات هو حقيقة أن ناخبي ليبرمان هم الأكثر تصميماً من بين كل الأحزاب. لديه نواة صلبة حقيقية. سيشاركون في الانتخابات بمعدلات عالية وسيكون النادمون قلائل. بعدهم يأتي الليكود ومن ثم العمل وفي آخر المطاف كاديما. هذا الأمر لا يغير حقيقة أن الانتخابات الحالية للكنيست تجري وتتم بصورة غريبة تقريباً. أيضاً الانحرافات بين المستطلعين المختلفين غير عادية. أن استطاع ارتور فينكلشتاين في هذه المرة أن يصيب الهدف فليبرمان هو الأمر الأكبر الآتي في السياسة الإسرائيلية، «ايفيت المهدد».
ليبرمان الملتهب
ليبرمان ليس متفاجئاً من نفسه. لديه خطة عمل منظمة. في المرة السابقة عرف انه سيجتاز خط العشرة مقاعد، وفي هذه المرة خطط اجتياز خط الخمسة عشر مقعداً. فماذا عن المرة القادمة؟ الله اكبر. هو تحول إلى الحصان الأسود في المعركة الانتخابية. مسمار المساء. الجميع يهتمون به. ميرتس تركز حملتها عليه. والأحزاب العربية تحصد على ظهره الأصوات. تسيبي ليفني تعول عليه ونتنياهو يخاف منه أما شاس فتفقد الناخبين لصالحه. الشرطة تحقق معه. أن كان هنا شيء ساخن في السياسة الإسرائيلية فهو ليبرمان. ساخن؟ لا بل ملتهب.
احدهم جلس قبل عشرة أيام مع ضابط كبير متقاعد في الشرطة. هذا الضابط الذي يمتلك علاقات ومعلومات اليوم أيضاً، بشره بان التحقيق مع ليبرمان سيستأنف قريباً بوتيرة أسرع. قبل الانتخابات؟ اجل قبل الانتخابات. لماذا؟ لأنهم مصممون على منعه من الوصول إلى منصب رفيع، قال الضابط. هم يعرفون أن التحقيق سيضيف له الأصوات ولكنه في المقابل سيمنعه من التعيينات. نبوءة هذا الضابط تحققت.
ماذا سيكون مصير التحقيق؟ هذا ليس معروفا بعد. من الناحية الأخرى المواد المتوفرة صعبة. المال تدفق وأودع ومن ثم سحب. ابنة ليبرمان تحصد الملايين نتيجة لقيامها بتقديم استشارات سياسية وهي لم تبلغ 22 عاما من عمرها بعد؟ هناك حدود لما يمكن تصديقه. عندئذ يتذكر الناس شخصاً اسمه جلعاد شارون الذي تحول في غضون ذلك إلى محلل سياسي ومنظر للناس. الرجل حصل على الملايين من دودي أفل مقابل الدخول لبضع ساعات في شبكة الانترنت ليخرج منها مع والده بعد ذلك مثل الطفل. إذا فكل شيء ممكن. إليكم السيناريو المتوقع: ليبرمان يجلب خمسة عشر مقعداً وأكثر من ذلك. الليكود فوق الثلاثين. تحقيق الشرطة يتقدم ويصل إلى حد لائحة الاتهام. ليبرمان يخرج من السباق. من التالي في الدور؟ عوزي لاندو. المرتبة الثانية، لا؟ هو سيعود لليكود ويوحده مع «إسرائيل بيتنا» الأمر الذي يحول الحزبين إلى حزب غولي ضخم يمتلك خمسين مقعدا تقريبا. نتنياهو سيكون رئيس وزراء على رأس حكومة راسخة لأربع سنوات. وماذا بعد؟ الطوفان. هذا السيناريو رفض من قبل ليبرمان نفسه بسخرية ومعه قيادة «إسرائيل بيتنا».
التحقيق
في قضية التحقيق يعبر ايفيت عن الهدوء والطمأنينة ويقول أن هذه تفاهات وكلام فارغ مذكرا بأنهم يتكلمون مثلما فعلوا مع ملف موشيه كتساف ومن دون أن يكون هناك أي شيء. ليبرمان يقول انه ليس قلقا. حاشية ليبرمان تقول أن هذا لو حدث فلن يكون عوزي لاندو أبداً خلفيته. «عوزي جاء للحزب كمقتنيات من اجل الانتخابات»، يقول احد كبار المسؤولين في الحزب، «هو يعرف ذلك ونحن نعرفه أيضاً. وحتى أن اضطر ايفيت لأخذ مهلة زمنية فنحن نعتقد أن (إسرائيل بيتنا) لن يتوحد مع الليكود في يوم من الأيام».
الشخص البارز إلى جانب ليبرمان هو عضو الكنيست ستاس مسجنيكوف. هذا الرجل ترك انطباعاً ممتازاً عندما كان رئيساً للجنة المالية. شاب فصيح ومنطقي. مسجنيكوف كما هو معروف هو الرجل الذي يحث ليبرمان بكل قوة للتصادم مع الليكود. المعلومات الاستخبارية تتضمن تصريحات من عضو الكنيست جدعون ساعر، في إطار داخلي لطاقم الليكود، حيث يقول أن عدو الليكود الأساسي هو ليبرمان وان من الواجب توجيه ضربة له في الرأس. في هذه الأثناء يتحمل ليبرمان ذلك بهدوء ويضبط نفسه. ولديه رأس قوي. من الناحية الأخرى، سينتهي الصبر. في يوم الأربعاء، في مؤتمر القدس أشهرت السكاكين والخناجر. نتنياهو أشار هناك ملمحاً إلى أن تقسيم القدس ليس فقط مسألة يتحدثون عنها في اليسار، وإنما في اليمين أيضاً. بعد ذلك نشر في المدينة خبراً صوتياً غير معروف، بصوت امرأة ، تقول أن ليبرمان قد يقسم القدس.
عدا عن ذلك تم الدخول إلى موقع الانترنت التابع لـ «إسرائيل بيتنا». وبالإضافة لذلك تدور حرب ضارية بين الليكود وأتباع ليبرمان حول الشارع الروسي. مصدر بارز في «إسرائيل بيتنا» صرح منذ مدة غير بعيدة لأحد كبار المسؤولين في الليكود: «نحن لسنا في جيبكم. نحن قادرون على التوصية بليفني أمام الرئيس. احذروا. أن صرح ايفيت قبل الانتخابات بيومين أن بيبي ليس موثوقا وانه لن يصدق أية كلمة يقولها، سيكون من الصعب عليكم أن تلتقطوا أنفاسكم. لا يجدر بكم أن تتعرضوا لنا».
في الليكود، في هذه الأثناء، لا يتوخون الحذر بصورة كافية. ليس أمامهم مفر. مقاعد ليبرمان آتية من ناحية بيبي. يتوجب التسليم بهذا التسرب أو إيقافه. في «إسرائيل بيتنا» يشحذون السيوف. «ليفني توجهت إلى انابوليس؟ وماذا إذن. بيبي بدوره توجه إلى وأي بلنتيشن وعانق عرفات. نحن نعتقد أنه لا يوجد فرق كبير بين الأمرين». هذه الكلمات تقال في الغرف المغلقة في الوقت الحالي، ولكن أن خرجت إلى النور فستنشب الحرب. هذه ستكون أم كل الحروب.
من الغريب انه في يوم الجمعة الماضي قبل أسبوع، التقى نتنياهو مع ليبرمان لقاء جيداً. الدماء الفاسدة اندفعت بعد ذلك فقط. من الناحية الأخرى يمتلك ليبرمان قنوات مفتوحة مع تسيبي ليفني. ويعرف أن بين نتنياهو وايهود باراك اتفاقاً غير مكتوب (هناك من يقول انه مكتوب) ومفاده أن باراك سيبقى في وزارة الدفاع من دون علاقة بالنتائج. ليبرمان يعرف انه لن يحصل على حقيبة الدفاع، ولكنه سيقبل حقيبة المالية بسرور. المالية؟ وفي هذه الفترة؟ اجل. في هذه الفترة بالتحديد. هو يعتقد انه سيتمكن من اجتياز العوائق التي تشل الاقتصاد والدوس على البيروقراطية وإنشاء أماكن عمل جديدة. هذا أن اجتاز التحقيق طبعاً.
ألاعيب بيريس
وماذا عن نتنياهو؟ صمت مشوب بالتوتر. يحصون الأيام ويريدونها أن تمر بسرعة أما ما الذي يريد نتنياهو أن يكونه عندما يصبح كبيرا فهو لا يعرف مثل غيره. من الناحية الأخرى يجلس ساعات مع بيريس. آخر لقاء كان في يوم الأربعاء ومن بعد ذلك سافرا معا إلى دافوس. بيريس في الأسابيع الأخيرة يتحدث بصورة صريحة عن انسحاب إسرائيلي شامل حتى خطوط 67. مع تبادل أراض بنسبة 1 إلى 1. هذه مسألة كما يقول بيريس، يجب أن تتم عبر المفاوضات مع العالم العربي كله على أساس المبادرة العربية وليس مع الفلسطينيين أو السوريين. هو يقول ذلك في اطر مغلقة وللدبلوماسيين الأجانب (مثلاً خافيير سولانا ومارك اوتس في هذا الأسبوع. أما مع جورج ميتشل فقد أصرّ بيريس على البقاء منفردين وترك السفراء في الخارج).
ولكن ألاعيب بيريس لا تلزم نتنياهو. هو سيتصرف بتلقائية محاولا عدم التصادم مع الأمريكيين. ربما سيسير في مسار سوري سريع حتى يجمد المسار الفلسطيني. فقد جرب هذا الطريق سابقا ووافق عن النزول عن هضبة الجولان بما في ذلك كل شيء. الآن حيث يحاول اوباما إنشاء ائتلاف مع العالم الإسلامي ويجهز نفسه للانسحاب من العراق، تتحول المسألة السورية إلى مسألة حاسمة بالنسبة لواشنطن. نتنياهو سيفضل التوجه إلى هناك على أن يسقط هنا.
التوتر يتزايد في محيطه وأعضاء الكنيست يتشاجرون والمستشارون يتجادلون، والمناصب توزع نظريا، أما نتنياهو فصامت وهو محق في ذلك. في المحادثات المغلقة يتحدث عن موشيه ليون كوزير للمالية ويعكوف بيروبسكي كمدير عام لديوان رئاسة الوزراء، ولكن هذه الكلمات بلا رصيد في الوقت الحالي. في آخر المطاف سيضطر بيبي إلى إقامة ائتلاف أن فاز. من خلال العمل وليس من خلال الأقاويل.
تسيبي ليفني؟ تتجول مفعمة بالنشاط والحيوية. السؤال هو أن كانت هذه «الحفارة المصهورة» كما نعتها احدهم في هذا الأسبوع ستصل في آخر الحفر إلى الجائزة الكبرى أو إلى ثقب اسود. المشاعر مختلطة في كاديما. أجواء كئيبة من جهة لأن أغلبية الاستطلاعات تتوقع لكاديما الهبوط. أشخاص يقاتلون دفاعا عن البيت أي المناصب بعد الانتخابات. هناك أيضاً عدد غير قليل من الشاعرين بالمرارة. هناك أيضاً من الناحية الأخرى استطلاعات جيدة وحملة إعلانية ممتازة داليا ايتسك تخوض الكفاح ولكن الإحباط كبير. كل شيء سار ضد مصلحة تسيبي في هذه الحملة. الحرب، الاقتصاد، الأجواء السائدة. سرقوا الأجندة منها وتركوها في الوراء. من الناحية الأخرى هي كسبت ذلك باستحقاق ونزاهة. من لا يشكل حكومة عندما تكون الفرصة بيديه، كما يقول احد كبار كاديما، عليه أن لا ينتقد أحداً بعد ذلك. هي كانت هناك ورمشت أولاً. وهذه مسألة لا تكفير عنها. على ما يبدو.
ايهود باراك في تراجع. رد فعل العملية في غزة يتلاشى، تماما مثل الردع. وباراك كعادته يتورط في حالة من العجرفة والغرور كما فعل في هذا الأسبوع عندما بدأ يتحدث عن المرتبة 21 باعتبارها مرتبة واقعية لحزب العمل. الواقع على الأرض مغاير قليلاً. الاستطلاعات تتنبأ له بالحد الأقصى 16 مقعداً. عملية «الرصاص المصهور» لقيت القبول من الجمهور ولكن مع مرور الوقت تتزايد الأسئلة. في آخر المطاف ما تحسن في هذه الحرب كان معالجة قضية الجبهة الداخلية. في هذا المجال يستحق متان فلنائي واللواء يائير جولان كل الثناء. ولكن من الذي يذكر كل ذلك الآن؟ نحن في أيام الانتخابات وباراك يسير ضد التيار. بعد الانتخابات سيضطر حزب العمل إلى الاختيار بين منح الشرعية لحكومة نتنياهو وبين الانتقال إلى صفوف المعارضة. كل شيء يبقى مفتوحا في الوقت الحالي.
شاليط حيّ
بقيت مسألة صغيرة واحدة يتوجب إنهاؤها. قبل الانتخابات: جلعاد شاليط. من أين يعرف نيكولا ساركوزي انه حي يرزق؟ جهات دبلوماسية تعتقد أن ساركوزي مارس الضغوط على بشار الأسد الذي ضغط من ناحيته على مشعل فوفر المعلومات التي نقلت هاتفيا إلى باريس. الاتصالات الجارية لإطلاق سراحه مجمدة حاليا. إحدى قنوات الاتصال التي تقدمت بصورة كبيرة قبل عملية «الرصاص المصهور» اختفت من بعد هذه العملية. الاتصالات لم تستأنف بعد وإسرائيل تبحث ومعنية بذلك، ولكن القناة غير موجودة. المصريون في المقابل موجودون.
ما الذي يقولونه؟ هذه أيام الذهب وهذه فرصة لا تتكرر. قبل الانتخابات بين الحكومات. الأمر الذي يتوجب على إسرائيل أن تفعله هو أن تقرر. وفقاً للمصريين يجدر بأولمرت أن يجمع باراك وليفني ونتنياهو وأن يطلب من هذه الرباعية أن تتخذ القرار. من الواجب أن يدعم نتنياهو هذا القرار وان يعد بعدم توجيه الانتقادات إليه أو مهاجمته. هذا من مصلحته. فهو أيضاً يريد استلام طاولة نظيفة من دون قضية شاليط المشتعلة فوقها. بعد القرار يتوجب إعطاء المصريين قائمة من خمسة عشر وحتى عشرين سجينا «ثقيلاً» تريد إسرائيل استبدالهم من قائمة حماس الأصلية، وهذا كل شيء. المصريون يخوضون على عاتقهم مهمة إقناع حماس باستبدال هذه الأسماء والانطلاق على الطريق. ما هي احتمالات ذلك؟ المصريون يقولون أنهم لا يعرفون ولكنهم يريدون أن يجربوا. في الوقت الحالي ليس هناك من يجرب.
(بن كاسبيت ـ «معاريف» 30-1)
31-1-2009
تعليق