الأب فلسطيني استشهد في غزة.. والأم يهودية تريد استعادة بناتها الثلاث إلى إسرائيل
فلسطين اليوم-غزة
«ياسمين. أنا بحبك. تعالي عندي في إسرائيل».. «وأنا بحبك ماما. بس تعالي انت عندي في غزة»، هذا الحوار الذي يبدو بسيطا للغاية في الحياة العادية، هو تعبير عن مأساة عائلة، مزقتها الحرب في قطاع غزة وتُدق على جلدها واحدة من أبشع صور الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني. تدخل في قضيتها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنفسه، إيهود أولمرت، ولم تجد حلا لها حتى اليوم.
وتتجند قوى يهودية لحل المشكلة بطريقتها، لقطع أية صلة بأطفال العائلة مع أهلهم الفلسطينيين. قصة هذه العائلة بدأت قبل 11 سنة، عندما تعرف الشاب الفلسطيني ابن بيت حانون في قطاع غزة، رامي قدرة، على الشابة اليهودية جاليت فوفوق، التي تقطن في مدينة نتسيرت عيليت الإسرائيلية قرب الناصرة. كانا يعملان في قاعة أفراح وسط إسرائيل. في البداية قال لها إنه عربي من مواطني إسرائيل (فلسطينيي 48) وأخفى عليها انه من غزة. الغرام بينهما تغلب على الصراع القومي، وحتى عندما عرفت انه من غزة لم تتراجع. وأقنعت والديها بأنها لا تستطيع الابتعاد عنه. فتزوجا وأنجبا ستة أطفال. وعاشا معا في بيت والديها في إسرائيل بضع سنوات بسعادة وهناء.
لكن مشكلة الصراع القومي بين إسرائيل والشعب الفلسطيني بدأت تطاردهما مع نشوب الانتفاضة الفلسطينية الثانية، حينما بدأت السلطات الإسرائيلية تمنع الفلسطينيين سكان الضفة الغربية والقطاع من الوجود في إسرائيل من دون تصاريح. فقد راحت الشرطة الإسرائيلية تلاحق رامي وتعتقله كل مرة بتهمة الوجود غير القانوني. فالسلطات لم تتفهم ظروف هذه العائلة الإنسانية ورفضت منحه تصريحا للبقاء ورفضت منحه مواطنة إسرائيلية. في البداية كان يتهرب من الشرطة ويضطر إلى العمل بشكل غير قانوني، فيستغله أصحاب العمل ولا يدفعون له الراتب القانوني ولا يمنحونه شروطا اجتماعية. ولكن مطاردة الشرطة زادت، فقررا الانتقال إلى السكن في قطاع غزة.
«لا أستطيع القول إن حياتي في غزة كانت إشكالية. بل بالعكس. فأهل غزة عموما وأهل زوجي بشكل خاص لم يشعروني أنني غريبة. بل تعاملوا معي بشكل رائع. ولكن الحياة في قطاع غزة قاسية ولم أستطع تحملها. رامي لم يجد عملا وعشنا بفضل مساعدة أهلي من إسرائيل. ثم تغيرت الأوضاع السياسية بشكل مقلق (حماس فازت في الانتخابات التشريعية). كنت أريد أن أنقذ أولادي من الظروف الصعبة وأن ينموا مثلي في إسرائيل، فالظروف لدينا أفضل. ورحت أصارع نفسي. وتحملت المصاعب حتى عيل صبري. فهربت إلى إسرائيل واستطعت أن أحمل معي ثلاثة من أطفالي، هم التوأمان سالي ودالي، والابن الوحيد مأور، وبقيت ابنتي البكر ياسمين وشقيقتاها تامي ودانئيل مع والدهما. وقد تفهم زوجي وأهله هذه الخطوة وحافظنا على علاقاتنا عبر الهاتف»، تقول: عندما نشبت الحرب العدوانية على غزة، كادت تصاب بالصرع خوفا على بناتها الثلاث وزوجها رامي. في البداية كانت تطمئن عليهم بالهاتف. ولكن بعد أيام لم تعد تعمل الهواتف في غزة «رحت إلى الكنيس أصلي من أجلهم. توجهت إلى قبور الصديقين. ولكن عندما قطع الاتصال تماما توجهت إلى الحكومة ورجال الدين، ووصلت قضيتي إلى رئيس الحكومة، ايهود أولمرت. أخبرتهم بعنوان البيت الذي تعيش فيه بناتي وعائلة زوجي بشكل دقيق ورجوتهم أن يصدروا الأوامر إلى الجيش بأن لا يقصف هذا البيت. وتوجهت إلى وزير الاتصالات اريه أتياس، (الوزير أتياس هو من حزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين) راجية إيجاد طريقة لجلب أطفالي وزوجي إلى إسرائيل. لكن الدولة رفضت إطلاق زوجي. وراح المتدينون يسعون لتحرير بناتي من دون والدهم. وقد رفض زوجي تحرير البنات من دونه واشترط أن يأتي معهن».
وتتدهور أحداث هذه المأساة بطريقة بشعة، حيث إن الجيش الإسرائيلي قتل رامي «كان قد خرج من البيت ليشتري الطعام فأصيب برصاصة أو شظية لا أدري»، تقول جاليت. الأهل في غزة يعتبرونه قتلا متعمدا، ولكن جاليت لا تصدق أن الجيش قتله متعمدا. بيد أن ابنها مأور (6 سنوات) مصر على أن القتل تم بسبب حماس ويقول انه عندما يكبر سوف ينضم إلى الجيش الإسرائيلي لينتقم من حماس. وقد أعلنت جاليت ووالداها الحداد سبعة أيام على الطريقة اليهودية. وبعد انتهاء فترة الحداد بدأت معركتها لجلب بناتها من غزة، لقد أصبحن يتيمات الأب ويجب أن لا يحرما بعدُ من الأم، كما تقول. لكن حماها محمود قدرة، والد رامي، يتمسك بالبنات، فهن ما تبقى له من رائحة رامي. في حديث هاتفي معه من غزة يقول انه مستعد لاستقبال جاليت وأولادها الستة وإعالتهم في غزة. لكنه لن يرضى بالتخلي عن البنات الثلاث، «ففي إسرائيل يمكن لهن أن يصبحن مجندات في الجيش الإسرائيلي الذي يقتل أبناء وبنات شعبهن». ولكن جاليت، التي لا تكف عن البكاء، مصرة على استعادة بناتها حتى تتحد العائلة. ورجال الدين اليهود الذين لجأت إليهم يناصرونها ويسعون لاستعادة البنات الثلاث، لأنهم حسب الشرع الديني اليهودي يعتبرن يهوديات ووجودهن في غزة يهدد يهوديتهن
فلسطين اليوم-غزة
«ياسمين. أنا بحبك. تعالي عندي في إسرائيل».. «وأنا بحبك ماما. بس تعالي انت عندي في غزة»، هذا الحوار الذي يبدو بسيطا للغاية في الحياة العادية، هو تعبير عن مأساة عائلة، مزقتها الحرب في قطاع غزة وتُدق على جلدها واحدة من أبشع صور الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني. تدخل في قضيتها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنفسه، إيهود أولمرت، ولم تجد حلا لها حتى اليوم.
وتتجند قوى يهودية لحل المشكلة بطريقتها، لقطع أية صلة بأطفال العائلة مع أهلهم الفلسطينيين. قصة هذه العائلة بدأت قبل 11 سنة، عندما تعرف الشاب الفلسطيني ابن بيت حانون في قطاع غزة، رامي قدرة، على الشابة اليهودية جاليت فوفوق، التي تقطن في مدينة نتسيرت عيليت الإسرائيلية قرب الناصرة. كانا يعملان في قاعة أفراح وسط إسرائيل. في البداية قال لها إنه عربي من مواطني إسرائيل (فلسطينيي 48) وأخفى عليها انه من غزة. الغرام بينهما تغلب على الصراع القومي، وحتى عندما عرفت انه من غزة لم تتراجع. وأقنعت والديها بأنها لا تستطيع الابتعاد عنه. فتزوجا وأنجبا ستة أطفال. وعاشا معا في بيت والديها في إسرائيل بضع سنوات بسعادة وهناء.
لكن مشكلة الصراع القومي بين إسرائيل والشعب الفلسطيني بدأت تطاردهما مع نشوب الانتفاضة الفلسطينية الثانية، حينما بدأت السلطات الإسرائيلية تمنع الفلسطينيين سكان الضفة الغربية والقطاع من الوجود في إسرائيل من دون تصاريح. فقد راحت الشرطة الإسرائيلية تلاحق رامي وتعتقله كل مرة بتهمة الوجود غير القانوني. فالسلطات لم تتفهم ظروف هذه العائلة الإنسانية ورفضت منحه تصريحا للبقاء ورفضت منحه مواطنة إسرائيلية. في البداية كان يتهرب من الشرطة ويضطر إلى العمل بشكل غير قانوني، فيستغله أصحاب العمل ولا يدفعون له الراتب القانوني ولا يمنحونه شروطا اجتماعية. ولكن مطاردة الشرطة زادت، فقررا الانتقال إلى السكن في قطاع غزة.
«لا أستطيع القول إن حياتي في غزة كانت إشكالية. بل بالعكس. فأهل غزة عموما وأهل زوجي بشكل خاص لم يشعروني أنني غريبة. بل تعاملوا معي بشكل رائع. ولكن الحياة في قطاع غزة قاسية ولم أستطع تحملها. رامي لم يجد عملا وعشنا بفضل مساعدة أهلي من إسرائيل. ثم تغيرت الأوضاع السياسية بشكل مقلق (حماس فازت في الانتخابات التشريعية). كنت أريد أن أنقذ أولادي من الظروف الصعبة وأن ينموا مثلي في إسرائيل، فالظروف لدينا أفضل. ورحت أصارع نفسي. وتحملت المصاعب حتى عيل صبري. فهربت إلى إسرائيل واستطعت أن أحمل معي ثلاثة من أطفالي، هم التوأمان سالي ودالي، والابن الوحيد مأور، وبقيت ابنتي البكر ياسمين وشقيقتاها تامي ودانئيل مع والدهما. وقد تفهم زوجي وأهله هذه الخطوة وحافظنا على علاقاتنا عبر الهاتف»، تقول: عندما نشبت الحرب العدوانية على غزة، كادت تصاب بالصرع خوفا على بناتها الثلاث وزوجها رامي. في البداية كانت تطمئن عليهم بالهاتف. ولكن بعد أيام لم تعد تعمل الهواتف في غزة «رحت إلى الكنيس أصلي من أجلهم. توجهت إلى قبور الصديقين. ولكن عندما قطع الاتصال تماما توجهت إلى الحكومة ورجال الدين، ووصلت قضيتي إلى رئيس الحكومة، ايهود أولمرت. أخبرتهم بعنوان البيت الذي تعيش فيه بناتي وعائلة زوجي بشكل دقيق ورجوتهم أن يصدروا الأوامر إلى الجيش بأن لا يقصف هذا البيت. وتوجهت إلى وزير الاتصالات اريه أتياس، (الوزير أتياس هو من حزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين) راجية إيجاد طريقة لجلب أطفالي وزوجي إلى إسرائيل. لكن الدولة رفضت إطلاق زوجي. وراح المتدينون يسعون لتحرير بناتي من دون والدهم. وقد رفض زوجي تحرير البنات من دونه واشترط أن يأتي معهن».
وتتدهور أحداث هذه المأساة بطريقة بشعة، حيث إن الجيش الإسرائيلي قتل رامي «كان قد خرج من البيت ليشتري الطعام فأصيب برصاصة أو شظية لا أدري»، تقول جاليت. الأهل في غزة يعتبرونه قتلا متعمدا، ولكن جاليت لا تصدق أن الجيش قتله متعمدا. بيد أن ابنها مأور (6 سنوات) مصر على أن القتل تم بسبب حماس ويقول انه عندما يكبر سوف ينضم إلى الجيش الإسرائيلي لينتقم من حماس. وقد أعلنت جاليت ووالداها الحداد سبعة أيام على الطريقة اليهودية. وبعد انتهاء فترة الحداد بدأت معركتها لجلب بناتها من غزة، لقد أصبحن يتيمات الأب ويجب أن لا يحرما بعدُ من الأم، كما تقول. لكن حماها محمود قدرة، والد رامي، يتمسك بالبنات، فهن ما تبقى له من رائحة رامي. في حديث هاتفي معه من غزة يقول انه مستعد لاستقبال جاليت وأولادها الستة وإعالتهم في غزة. لكنه لن يرضى بالتخلي عن البنات الثلاث، «ففي إسرائيل يمكن لهن أن يصبحن مجندات في الجيش الإسرائيلي الذي يقتل أبناء وبنات شعبهن». ولكن جاليت، التي لا تكف عن البكاء، مصرة على استعادة بناتها حتى تتحد العائلة. ورجال الدين اليهود الذين لجأت إليهم يناصرونها ويسعون لاستعادة البنات الثلاث، لأنهم حسب الشرع الديني اليهودي يعتبرن يهوديات ووجودهن في غزة يهدد يهوديتهن
تعليق