رسالة من أخوكم الداعية : أبو دجانة الحسيني
ملتقى الدكتور المفكر / فتحي إبراهيم الشقاقي - مسجد القسام
ياأهلنا الصابرين في غزة ... أيها الثابتون على دينهم ... يا أمل الأمة ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
في هذه اللحظات العصيبة التي يحياها شعبنا بكل فئاته وفي ظل حجم هذه الهجمة الشرسة لا بد أن تعلو أصوات الدعاة إلى الله لتذكر الناس بدينهم وبمقاصده الجليلة .
أيها الأحبة ... من الطبيعي جداً أن يواجه شعبنا الصابر هذا الألم والمخاض الصعب وقد هيأ الله لنا من أسباب الصبر والتحمل ومن الزاد العقائدي والروحي والديني ما يعييننا على حمل هذه الأمانة بكل جرأة ، نتبسم في وجه الردى وذا أمر لا يجيده إلا الرجال . إن أصحاب الرسالات يجب أن يدفعوا فاتورة الانتماء الصادق لدينهم وأمتهم وعقائدهم من خلال سنة التدافع بين الحق والباطل ولكن العاقبة للحق والعدل لذا يقول الله تعالى (والعاقبة للمتقين) من هنا ننطلق نحن كمسلمين وكأًصحاب رسالة سامية أصلها هداية البشر لجادة الصواب ولنا هنا أيها الأحبة وقفات وومضات مع قرآننا العظيم وبعض النماذج التي ضحت من أجل دينها وقيمها وتحقيق مقاصد رسالتها
أولا : خاتم الأنبياء صلوات الله عليه وآله الأطهار يلاقي صنوف العذاب وألوان الابتلاء بدءا من رفض أقاربه لدعوته وتنكرهم له وتركه لقمة سائغة لفتيان قريش يقذفونه بالحجارة فتدمى قدماه الشريفتين ثم يشتد الأذى فيتهمونه بالجنون والخطل ويسومونه سوء العذاب والصحابة رضوان الله عليهم من حوله يصبرون معه رغم الألم والعذاب الذي يلاقونه فذا بلال يعذب وتوضع الصخرة على بطنه لكنه يصرخ ( أحد أحد الله واحد أحد ) وذا على بن أبي طالب ينام في فراش النبي ويسجل نفسه كأول فدائي في الاسلام (فالواجب فوق الإمكان ) وصهيب الرومي يترك كل ما يملك لقريش ويقول خلوا بيني وبين رسول الله يترك ماله وأهله وتجارته ووطنه نظير رسول الله أبشروا يا أهل غزة أنتم أهل الله أنتم عباد الله المخلصين استودعتم الله أنفسكم وأموالكم وأبناءكم وبيوتكم وكل ما تملكون لذلك لن يضيعنا الله يا شعب غزة ويسأل أحد الكفار مسلما وهو يعذب أما تحب أن يكون محمد مكانك فيقول لا والله ما أحب أن يشاك محمد بشوكة وأنا سالم في سربي أى أهلى ويستوقفنا أيضا رحلة الهجرة للنبي وهو يترك وطنه مهجرا مطرودا على يد مجرمي قريش وكبراؤها كما أنتم أيها الصابرون في غزة تطردون وتهجرون من بيوتكم وتقاسون البرد في هذه الليالي القارصة وأنتم تصدحون بوالله لو على حجر ذبحنا لن نقول نعم ... سنصبر ونحتسب ونثبت في بيوتنا ونلملم أشلاءنا فداء لديننا وعقيدتنا وفلسطيننا وغزتنا الأبية ويمضي صلى الله عليه وسلم في هجرته وعند الغار يحاصره كفار مكة فيقول له الصديق لو نطر أحدهم تحت قدميه لرآنا . لكن النبي صلى الله عليه وسلم يجيب قائلا : ( لا تحزن إن الله معنا ) ويخلد الله ذكر هذه الحادثة في كتابه فيقول : {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }التوبة40 لذا يا أهل غزة إن لم يهب لنصرتكم القريب والبعيد فسيكفيكم الله ناصراً وهو خير حافظا ومن كان الله معه فمن عليه ؟!!! سينصركم الله وسيأويكم الله وستكونون في كنف الله يحفظكم بعينه التي لا تنام وسينزل الله عليكم من جنده ليعز عباده في غزة ويذل الطواغيت في جدرهم المحصنة وبإذن الله ستدخلونها فاتحين فكونوا على ثقة بنصر الله وبوعد الله وكونوا على يقين بأن الله يهيئكم لأمر عظيم ؟!!! هذه أمانة ثقيلة لا بد أن يحملها الأشداء والأقوياء مثلك يا شعب غزة و ستكون كلمتك هي العليا يا غزة وكلمة أعداء الله هي السفلى . موقف آخر أيها الأحبة هذا سراقة بن مالك يتعقب النبي في الهجرة لكن النبي يقول له ارجع يا سراقة ولك سواري كسرى ؟!!! الله أكبر الرسول هنا مستضعف ويبشره بسوارى كسرى ؟!!! ما الذي يتجلى هنا ؟!!! تتجلى العقيدة يتجلى الإيمان فكل رسالة يضحى أهلها من أجلها منتهاها الانتصار بإذن الله ويمضي الرسول بدعوته الخالدة رغم الخطوب الجسام الإيذاء والمطاردة ومحاولات قتله اليائسة لرده عن دينه فيجتمعون عليه ليقتلوه لكنه يخرج من بين أيديهم ومن خلفهم {وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ }يس9 حفظته عين الله رغم أن القوة المادية بيد قريش الرجال والعدد والعدة والعتاد والقوة لكن انتصر الإيمان على القوة فشاهت وجوههم وخرج الرسول من أمامهم وهم لا يرونه !!! الأمور المادية لا مكان لها في ميزان الله لذا لا تغتروا بقوة اسرائيل وجبروتها فكما هزم هذا الجيش الصعلوك في جنوب لبنان على يد فئة قليلة مؤمنة وولوا الدبر سيولون الدبر من غزة أيضا يجرون أذيال خيبتهم وهزيمتهم من على عتبات قطاعكم الصامد وفي هذا يقول الله تعالى :{سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ }القمر45 وكان هذا يوم بدر حيث تألبت قوى قريش على الفئة القليلة المستضعفة تريد أن تتخطفها فيؤيدها الله بنصره {وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }الأنفال26 . قد نبتلى ونتعرض للمجازر والاغتيالات وتسلط العدو علينا لكن ذلك كله لا يجب أن يفت في عضدكم والله عز وجل يبشركم أنه بعد ضعفكم قوة وبعد تشردكم إيواء وبعد ظمئكم رى وبعد جوعكم شبع وبعد خوفكم أمنا وبعد تخطف الشر لكم سيمكن الله لكم ويعزكم لكن لا تيأسوا ولا تستيئسوا وكونوا على يقين بنصر الله الذي يخاطبكم قائلا : {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ }يوسف110 ونموذج آخر أيها الأحباب يوم الأحزاب ويا له من يوم فرق الله فيه بين المؤمنين الواثقين بنصر الله والمنافقين الذين يريدون شق عصا المسلمين ونعرض لكم بعضاً من جوانب هذه الغزوة فيقول الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً }الأحزاب9 أى جاءكم الكفار من حدب حدب وصوب يريدون الإيقاع بكم متحزبون عليكم لكن الله كان لهم بالمرصاد وكان في نحورهم فأرسل عليهم جنده وهى الريح فألقى الله الرعب في صدروهم وشتت جمعهم ويصف القرآن هذا المشهد بأشد الأوصاف وهنا دققوا أيها الأخوة : {إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا }الأحزاب10 هنا المقصد أن الكفار أحاطوا بالمسلمين وبدأ الرعب والخوف يتسرب للقلوب وشخصت الأبصار وأكثر من ذلك بلغت القلوب الحناجر أى منتهى الحلقوم لتصوير شدة الخوف وتظنون أن الله لا ينصركم ؟!!! كلا يا أحبابنا سينصرنا الله لكن اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله . وفي خضم هذا المشهد الرهيب يبتلى المؤمنون {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً }الأحزاب11 ويبدأ دور المثبطين للهمم دور المنافقين أصحاب البصائر المادية {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً }الأحزاب12 وهو قول المنافقون والذين في قلوبهم شك, وهم ضعفاء الإيمان: ما وعدنا الله ورسوله من النصر والتمكين إلا باطلا من القول وغرورًا, فلا تصدقوه ويبدأوا بنشر الإشاعة لتفريق كلمة المسلمين {وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَاراً }الأحزاب13أى يا من خرجتم للقتال مع رسول الله لا طاقة لكم بقريش فارجعوا واتركوا محمد يقاتل وحده ويبدأ فريق آخر ببث بعض الأعذار ليتخلف عن الزحف ويولى دبره (حافظاً ماء وحهه) كالأنظمة العربية العميلة التي تتقاعش عن نصرتكم لأسباب واهية فيزعمون أن بيوتهم غير محصنة و يخشى عليها لكن القرآن يفضحهم ويكشف خبايا نفوسهم الدنيئة فيقول (إن يريدون إلا فرارا) ويواصل القرآن وصف المشهد {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيراً }الأحزاب14 أى ولو دخل جيش الأحزاب "المدينة" من جوانبها, ثم سئل هؤلاء المنافقون الشرك بالله والرجوع عن الإسلام, لأجابوا إلى ذلك مبادرين, وما تأخروا عن الشرك إلا يسيرًا. ولكن الله يقرر لهم حقيقة أن الاقدام في ساحات الوغى لا ينقص من الأجل شيئا قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً }الأحزاب16 ويصف القرآن أنفس هؤلاء المنافقون المريضة فيقول {أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً }الأحزاب19 أى بخَلاء عليكم -أيها المؤمنون- بالمال والنفس والجهد والمودة لما في نفوسهم من العداوة والحقد؛ حبًا في الحياة وكراهة للموت, فإذا حضر القتال خافوا الهلاك ورأيتهم ينظرون إليك, تدور أعينهم لذهاب عقولهم؛ خوفًا من القتل وفرارًا منه كدوران عين مَن حضره الموت, فإذا انتهت الحرب وذهب الرعب رموكم بألسنة حداد مؤذية, وتراهم عند قسمة الغنائم بخلاء وحسدة, أولئك لم يؤمنوا بقلوبهم, فأذهب الله ثواب أعمالهم, وكان ذلك على الله يسيرًا. وفي مقابل ذلك يتجلى موقف الإيمان في الفئة الصابرة الثابتة على دينها {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً }الأحزاب22 أى ولمَّا شاهد المؤمنون الأحزاب الذين تحزَّبوا حول "المدينة" وأحاطوا بها, تذكروا أن موعد النصر قد قرب, فقالوا: هذا ما وعدنا الله ورسوله, من الابتلاء والمحنة والنصر, فأنجز الله وعده, وصدق رسوله فيما بشَّر به, وما زادهم النظر إلى الأحزاب إلا إيمانًا بالله وتسليمًا لقضائه وانقيادًا لأمره. وتبدأ المعركة ويقضي من يقضي من المؤمنين المتسربلين بطهر نفوسهم المخلصة لله {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً }الأحزاب23 أما الخاتمة أحبابنا فهي البشرى وما لم يكن يتوقعه العقل والبصيرة المادية أن يهزم أقلة كثرة {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً }الأحزاب25أي وردَّ الله أحزاب الكفر عن "المدينة" خائبين خاسرين مغتاظين, لم ينالوا خيرًا في الدنيا ولا في الآخرة، وكفى الله المؤمنين القتال بما أيدهم به من الأسباب. وكان الله قويًا لا يُغالَب ولا يُقْهَر, عزيزًا في ملكه وسلطانه. ويمضي القرآن واصفا ذلك {وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً }الأحزاب26 وأنزل الله يهود بني قريظة من حصونهم; لإعانتهم الأحزاب في قتال المسلمين, وألقى في قلوبهم الخوف فهُزموا, تقتلون منهم فريقًا, وتأسرون فريقًا آخر ، هذه هي نتيجة الكفار ومن يلف لفيفهم يا أهل غزة سيولى الجمع الدبر بإذن الله وسيريكم الله فيهم يوماً أسوداً وانظروا للعاقبة والتمكين في قوله : {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً }الأحزاب27 أى وملَّككم الله -أيها المؤمنون- أرضهم ومساكنهم وأموالهم المنقولة كالحليِّ والسلاح والمواشي, وغير المنقولة كالمزارع والبيوت والحصون المنيعة, وأورثكم أرضًا لم تتمكنوا مِن وطئها من قبل؛ لمنعتها وعزتها عند أهلها. وكان الله على كل شيء قديرًا, لا يعجزه شيء. بشائر الانتصار على الأبواب يا أهل غزة فكونوا على ثقة بوعد الله ونصره القريب .
ثانيا : النموذج الثاني الذي سأعرض له نموذج المواجهة بين سيدنا موسى والطاغية فرعون وكم من مثل له في أيامنا فعندما حمل سيدنا موسى مشاق الدعوة وعرضها على فرعون لاقى ألوانا من الإيذاء في سبيل ذلك لكنه بماذا تسلح وماذا كان أمله ؟!!! لنتأمل هذه الآية : {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }الأعراف128 ثقة عالية بنصر الله ولكن بجوار ذلك كان عليه السلام يدعو الله بإلحاح فيقول : {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ }يونس88 وقال موسى: ربنا إنك أعطيت فرعون وأشراف قومه زينة من متاع الدنيا; فلم يشكروا لك, وإنما استعانوا بها على الإضلال عن سبيلك, ربنا اطمس على أموالهم, فلا ينتفعوا بها, واختم على قلوبهم حتى لا تنشرح للإيمان, فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الشديد الموجع. كذبوه وآذوه فصبر ولم يتعجل النصر {وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ }الحج44 أى أن قوك شعيب كذبوا موسى عليه السلام فلم يعاجل الله هذه الأمم بالعقوبة، بل أمهلها، ثم أخذ كلا منهم بالعذاب وعندما لحق فرعون وجنده موسى وأفضى كلا الفريقين للآخر فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ }الشعراء61 أى أن أصحاب موسى قالوا إن فرعون سيدركنا ويهلكنا . بلا شك لحظات حاسمة تنكشف عندها خبايا النفوس وما تضمره لكن بم رد موسى المطمئن لوعد الله قال : {قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ }الشعراء62 أى قال موسى لهم: كلا ليس الأمر كما ذكرتم فلن تُدْرَكوا; إن معي ربي بالنصر، سيهديني لما فيه نجاتي ونجاتكم. فجاءت النجاة لهم {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ }الشعراء63 فانقلق البحر لاثنتي عشر طريقا ؟!!! انظروا قدرة الله تتجلى في أحلك الظروف {وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ }الشعراء65 ثم ماذا ؟!! {ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ }الشعراء66 ثم أغرقنا فرعون ومن معه بإطباق البحر عليهم بعد أن دخلوا فيه متبعين موسى وقومه. فهذه هي عاقبة الطغيان والعدوان ومن يسعى الفساد في الأرض .
ثالثاً : النموذج الثالث : أصحاب الأخدود الذين حرقوا وذبحوا فخلد القرآن ذكرهم في سورة البروج بثباتهم على دينهم ومبادئهم فيقول القرآن : {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ }البروج8 وهنا أيها الأحباب فتى الأخدود يقدم روحه فداء لأمته وما يعتقده بأنه الحق فقال للملك أنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به قال ما هو ؟ ..
قال تجمع الناس في صعيد واحد و تصلبني على جذع ثم خذ سهماً من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل : بسم الله رب الغلام ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني ... لكن ماذا كانت النتيجة أيها الأحبة (فقال الناس آمنا برب الغلام ..) سبحان الله ينقلب السحر على الساحر ظن الملك أنه بقتله للفتى سيتخلص من الحق لكن صار الأمر إلى عكس ما يحب هذا الطاغية . موقف أخر لطفل فيروى أنه عندما حفر الأخدود جاءت امرأة و معها صبي لها فتقاعست أن تقع في نار الأخدود فقال لها الغلام : يا أماه اصبري فإنك على الحق . يستعذبون العذاب في سبيل الله وهنا أيضاً نسجل فائدة لطيفة يعلمنا إياها فتى الأخدود وهو يلجأ إلى الله وهذه الفائدة تكمن هي تكمن في صدق الالتجاء إلى الله تعالى و طريقة الدعاء و الثقة بالإجابة و ذلك عندما قال : (( اللهم اكفنيهم بما شئت )) . دعاء يحمل فيه ذلك الغلام الثقة المطلقة بالله عز و جل و يستغني عن التفصيل في كيفية و آلية النجاة ، ووكلها لله سبحانه و تعالى .
فآلية النجاة و كيفيتها لا تأتي حسبما يخطط له الإنسان ، و إنما تأتي على الكيفية التي يريدها الله سبحانه و تعالى وما على الإنسان إلا وأن يحسن الثقة بالله سبحانه ويكل الآليات له سبحانه . والفائدة الأعظم قدرا هي تحديد مفهوم النصر : حيث قام هذا الغلام – الذي هو أفضل بكثير من رجال هذه الأمة – قام بتوضيح مفهوم النصر ... و ليس مفهوم النصر ... أن ينتصر الغلام . . . إنما المفهوم الحقيقي للنصر هو انتصار المبدأ السليم والفكر الصحيح . و هذا واضح من خلال دلالة هذا الغلام الملك على طريقة قتله فلو كان مفهوم النصر نصر للأفراد و الأشخاص و ليس للمبدأ لم يدله على هذه الطريقة و إنمابين للناس جميعا أن المفهوم الحقيقي للنصر هو انتصار المبدأ لا انتصار الأفراد والأشخاص.
لننظر أيها الأحبة محمد صلى الله عليه وأله وسلم وسيدنا موسى في مواجهته للطاغية فرعون وسيدنا الحسين عليه السلام وهو يجابه طغيان وفساد بني أمية وهو يقدم الواجب رغم قلة الإمكان من أجل استقامة دين الله وهو يرفض الانحراف قدم روحه لكنه علم أن وهج دمائه الطاهر سينير للأمة دروبها ، وأصحاب الأخدود وهم يقتلوا ويحرقوا ، و سيد قطب عندما أرادوا اعدامه قال له أحد السجانين قل (لا إله إلا الله) قال له أنت تأكل بها وأنا أقتل من أجلها ويرفض أن يتراجع ويرضخ ، والإمام عز الدين القسام أيضاً رغم قلة إمكانه في مواجهة من اغتصب فلسطين إلا أنه يتقدم بما يجب أن يتقدم به فلا مجال إلا للتقدم ويستشهد في سبيل الله , والشيخ صالح سرية عندما استودعه المجرمون السجن قال له حوارييه غدا سنعدم يا شيخ ؟!!! ماالذى استفدناه ؟!!! قال لهم : إن الأمة ستحيا على وهج دمائكم وستنبت في الأمة ثورات وثورات أى أن دمهم سيكون الوقود الذي يحرك الأمة باتجاه الالتحام مع الباطل والدكتور فتحي الشقاقي وهو يقول هذه الأمة على موعد مع الدم دم يلون الأفق ، دم يلون التاريخ ، دم يلون الدم ونهر الدم لا يتوقف دفاعاً عن العقيدة والأرض والتاريخ ويمضي قائلاً : لقد علمنا نبينا وأسوتنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ المبدأية حقاً حينما قال «والله يا عم لو وضعوا الشمس في يمني ، والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه ».
إما ظهور الحق غير مجزء وإما الموت «إما النصر المبين ، وإما الشهادة» ، إما أن نعيش في أرض فلسطين أحراراً شرفاء وإلا فمرحباً بالموت ومراتٍ ومراتٍ في سبيل عز الإسلام وفلسطين.
وفي موضع آخر يقول : هذه أمةٌ يهيئها الله على نار الابتلاء ـ نار التجربة ـ كي تستجلي ملامحها المفقودة وكي تهتدي في أعماق أعماقها إلى ذلك الخيط التاريخي المتين الذي ينظم كل حلقاتها والذي بقطع الغرب المستكبر له أفلت من يدها، وها هي اليوم على وشك الإمساك التام به. إن فلسفة الشهادة هي التي صنعت حضارتنا ومجدنا وصعودنا وأن فلسفة البدعة والركون إلى الدنيا والالتصاق بالطين فلسفة المتفرجين أو حتى بأصحاب نصف الطريق وأنصاف الحلول هي التي صنعت هزائمنا وانكسارنا . إننا نصيح بكل العرب والمسلمين صقورهم وحمائمهم ونقول لهم ها هي الفرصة التاريخية أمامكم.. تضعكم على المحك.. تختبر نواياكم وخطاباتكم واذاعاتكم فماذا انتم فاعلون . مضي الدكتور الشقاقي إلى ربه لكن ألاف الجهاديين اليوم في فلسطين يقتفون أثره ويتمسكون بفلسطينهم
أيها الأخوة : في كل هذه النماذج انتصر الدم على السيف ، انتصرت العقيدة على الزيف ، انتصر الحق على الباطل (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ) النصر لكم يا أهل غزة والغلبة لكم بإذنه تعالى ... واصلوا الدرب ... وقودوا الركب ردكب العزة والجهاد ... نارنا لن يخبو أوراها ... لن يضيع مسارها ... المقاومة أبداً باقية والاحتلال إلى زوال .
اللهم أهلك الصهاينة فأنهم قالوا من أشد منا قوة وأنت القوي العزيز وأنت أشد قوة منهم وبطشاً
اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك فإنهم لا يعجزونك
اللهم اقصم ظهورهم واقذف الرعب في قلوبهم واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا
اللهم اجعل اسديروت والمجدل وكافة مستوطناتهم مقبرة لهم و أذقهم عذابا أليما ثم يردوا اليك فتعذبهم عذابا عظيما
اللهم انصر المجاهدين فلسطين وفي كل مكان
اللهم انصر المجاهدين في غزة اللهم ثبت أقدامهم واربط على قلوبهم وأمكر لهم ولا تمكر عليهم وسدد رميهم
اللهم أحفظهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن شمائلهم ومن فوقهم ومن تحتهم وتقبل شهداءهم
اللهم ليس لنا رب سواك فنرجوه وليس لنا ناصر سواك فنستنصره
اللهم إن خذلهم أهل الأرض فأنت ربي لا تخذلهم
اللهم طرقنا بابك وأنت الكريم والكريم لا يرد أحدا من بابه
اللهم نسألك باسمك الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت أن تجيب دعائنا انك على كل شيء
بسم الله معز المؤمنين وناصر المستضعفين وناصر الحق بالحق والهادي إلى الصراط المستقيم
اللهم لك الحمد في كل احوالنا نشكو اليك ضعف الحال وقلة العتاد والزاد وقوة الاعداء
اللهم اخذل اليهود ومن والاهم وأيدهم
اللهم دمرهم كل مدمر ومزقهم كل ممزق
اللهم ألقي الرعب في قلوبهم يرخبون بيوتهم بايديهم وايدي المسلمين
اللهم إنا لجانا اليك يا ناصر الضعفاء انصرنا
اللهم لا قوة لنا فقونا وكن معنا وانصرنا على القوم الكافرين
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
أخوكم / أبو دجانة الحسيني
ملتقى الدكتور المفكر / فتحي إبراهيم الشقاقي
ملتقى الدكتور المفكر / فتحي إبراهيم الشقاقي - مسجد القسام
ياأهلنا الصابرين في غزة ... أيها الثابتون على دينهم ... يا أمل الأمة ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
في هذه اللحظات العصيبة التي يحياها شعبنا بكل فئاته وفي ظل حجم هذه الهجمة الشرسة لا بد أن تعلو أصوات الدعاة إلى الله لتذكر الناس بدينهم وبمقاصده الجليلة .
أيها الأحبة ... من الطبيعي جداً أن يواجه شعبنا الصابر هذا الألم والمخاض الصعب وقد هيأ الله لنا من أسباب الصبر والتحمل ومن الزاد العقائدي والروحي والديني ما يعييننا على حمل هذه الأمانة بكل جرأة ، نتبسم في وجه الردى وذا أمر لا يجيده إلا الرجال . إن أصحاب الرسالات يجب أن يدفعوا فاتورة الانتماء الصادق لدينهم وأمتهم وعقائدهم من خلال سنة التدافع بين الحق والباطل ولكن العاقبة للحق والعدل لذا يقول الله تعالى (والعاقبة للمتقين) من هنا ننطلق نحن كمسلمين وكأًصحاب رسالة سامية أصلها هداية البشر لجادة الصواب ولنا هنا أيها الأحبة وقفات وومضات مع قرآننا العظيم وبعض النماذج التي ضحت من أجل دينها وقيمها وتحقيق مقاصد رسالتها
أولا : خاتم الأنبياء صلوات الله عليه وآله الأطهار يلاقي صنوف العذاب وألوان الابتلاء بدءا من رفض أقاربه لدعوته وتنكرهم له وتركه لقمة سائغة لفتيان قريش يقذفونه بالحجارة فتدمى قدماه الشريفتين ثم يشتد الأذى فيتهمونه بالجنون والخطل ويسومونه سوء العذاب والصحابة رضوان الله عليهم من حوله يصبرون معه رغم الألم والعذاب الذي يلاقونه فذا بلال يعذب وتوضع الصخرة على بطنه لكنه يصرخ ( أحد أحد الله واحد أحد ) وذا على بن أبي طالب ينام في فراش النبي ويسجل نفسه كأول فدائي في الاسلام (فالواجب فوق الإمكان ) وصهيب الرومي يترك كل ما يملك لقريش ويقول خلوا بيني وبين رسول الله يترك ماله وأهله وتجارته ووطنه نظير رسول الله أبشروا يا أهل غزة أنتم أهل الله أنتم عباد الله المخلصين استودعتم الله أنفسكم وأموالكم وأبناءكم وبيوتكم وكل ما تملكون لذلك لن يضيعنا الله يا شعب غزة ويسأل أحد الكفار مسلما وهو يعذب أما تحب أن يكون محمد مكانك فيقول لا والله ما أحب أن يشاك محمد بشوكة وأنا سالم في سربي أى أهلى ويستوقفنا أيضا رحلة الهجرة للنبي وهو يترك وطنه مهجرا مطرودا على يد مجرمي قريش وكبراؤها كما أنتم أيها الصابرون في غزة تطردون وتهجرون من بيوتكم وتقاسون البرد في هذه الليالي القارصة وأنتم تصدحون بوالله لو على حجر ذبحنا لن نقول نعم ... سنصبر ونحتسب ونثبت في بيوتنا ونلملم أشلاءنا فداء لديننا وعقيدتنا وفلسطيننا وغزتنا الأبية ويمضي صلى الله عليه وسلم في هجرته وعند الغار يحاصره كفار مكة فيقول له الصديق لو نطر أحدهم تحت قدميه لرآنا . لكن النبي صلى الله عليه وسلم يجيب قائلا : ( لا تحزن إن الله معنا ) ويخلد الله ذكر هذه الحادثة في كتابه فيقول : {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }التوبة40 لذا يا أهل غزة إن لم يهب لنصرتكم القريب والبعيد فسيكفيكم الله ناصراً وهو خير حافظا ومن كان الله معه فمن عليه ؟!!! سينصركم الله وسيأويكم الله وستكونون في كنف الله يحفظكم بعينه التي لا تنام وسينزل الله عليكم من جنده ليعز عباده في غزة ويذل الطواغيت في جدرهم المحصنة وبإذن الله ستدخلونها فاتحين فكونوا على ثقة بنصر الله وبوعد الله وكونوا على يقين بأن الله يهيئكم لأمر عظيم ؟!!! هذه أمانة ثقيلة لا بد أن يحملها الأشداء والأقوياء مثلك يا شعب غزة و ستكون كلمتك هي العليا يا غزة وكلمة أعداء الله هي السفلى . موقف آخر أيها الأحبة هذا سراقة بن مالك يتعقب النبي في الهجرة لكن النبي يقول له ارجع يا سراقة ولك سواري كسرى ؟!!! الله أكبر الرسول هنا مستضعف ويبشره بسوارى كسرى ؟!!! ما الذي يتجلى هنا ؟!!! تتجلى العقيدة يتجلى الإيمان فكل رسالة يضحى أهلها من أجلها منتهاها الانتصار بإذن الله ويمضي الرسول بدعوته الخالدة رغم الخطوب الجسام الإيذاء والمطاردة ومحاولات قتله اليائسة لرده عن دينه فيجتمعون عليه ليقتلوه لكنه يخرج من بين أيديهم ومن خلفهم {وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ }يس9 حفظته عين الله رغم أن القوة المادية بيد قريش الرجال والعدد والعدة والعتاد والقوة لكن انتصر الإيمان على القوة فشاهت وجوههم وخرج الرسول من أمامهم وهم لا يرونه !!! الأمور المادية لا مكان لها في ميزان الله لذا لا تغتروا بقوة اسرائيل وجبروتها فكما هزم هذا الجيش الصعلوك في جنوب لبنان على يد فئة قليلة مؤمنة وولوا الدبر سيولون الدبر من غزة أيضا يجرون أذيال خيبتهم وهزيمتهم من على عتبات قطاعكم الصامد وفي هذا يقول الله تعالى :{سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ }القمر45 وكان هذا يوم بدر حيث تألبت قوى قريش على الفئة القليلة المستضعفة تريد أن تتخطفها فيؤيدها الله بنصره {وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }الأنفال26 . قد نبتلى ونتعرض للمجازر والاغتيالات وتسلط العدو علينا لكن ذلك كله لا يجب أن يفت في عضدكم والله عز وجل يبشركم أنه بعد ضعفكم قوة وبعد تشردكم إيواء وبعد ظمئكم رى وبعد جوعكم شبع وبعد خوفكم أمنا وبعد تخطف الشر لكم سيمكن الله لكم ويعزكم لكن لا تيأسوا ولا تستيئسوا وكونوا على يقين بنصر الله الذي يخاطبكم قائلا : {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ }يوسف110 ونموذج آخر أيها الأحباب يوم الأحزاب ويا له من يوم فرق الله فيه بين المؤمنين الواثقين بنصر الله والمنافقين الذين يريدون شق عصا المسلمين ونعرض لكم بعضاً من جوانب هذه الغزوة فيقول الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً }الأحزاب9 أى جاءكم الكفار من حدب حدب وصوب يريدون الإيقاع بكم متحزبون عليكم لكن الله كان لهم بالمرصاد وكان في نحورهم فأرسل عليهم جنده وهى الريح فألقى الله الرعب في صدروهم وشتت جمعهم ويصف القرآن هذا المشهد بأشد الأوصاف وهنا دققوا أيها الأخوة : {إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا }الأحزاب10 هنا المقصد أن الكفار أحاطوا بالمسلمين وبدأ الرعب والخوف يتسرب للقلوب وشخصت الأبصار وأكثر من ذلك بلغت القلوب الحناجر أى منتهى الحلقوم لتصوير شدة الخوف وتظنون أن الله لا ينصركم ؟!!! كلا يا أحبابنا سينصرنا الله لكن اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله . وفي خضم هذا المشهد الرهيب يبتلى المؤمنون {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً }الأحزاب11 ويبدأ دور المثبطين للهمم دور المنافقين أصحاب البصائر المادية {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً }الأحزاب12 وهو قول المنافقون والذين في قلوبهم شك, وهم ضعفاء الإيمان: ما وعدنا الله ورسوله من النصر والتمكين إلا باطلا من القول وغرورًا, فلا تصدقوه ويبدأوا بنشر الإشاعة لتفريق كلمة المسلمين {وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَاراً }الأحزاب13أى يا من خرجتم للقتال مع رسول الله لا طاقة لكم بقريش فارجعوا واتركوا محمد يقاتل وحده ويبدأ فريق آخر ببث بعض الأعذار ليتخلف عن الزحف ويولى دبره (حافظاً ماء وحهه) كالأنظمة العربية العميلة التي تتقاعش عن نصرتكم لأسباب واهية فيزعمون أن بيوتهم غير محصنة و يخشى عليها لكن القرآن يفضحهم ويكشف خبايا نفوسهم الدنيئة فيقول (إن يريدون إلا فرارا) ويواصل القرآن وصف المشهد {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيراً }الأحزاب14 أى ولو دخل جيش الأحزاب "المدينة" من جوانبها, ثم سئل هؤلاء المنافقون الشرك بالله والرجوع عن الإسلام, لأجابوا إلى ذلك مبادرين, وما تأخروا عن الشرك إلا يسيرًا. ولكن الله يقرر لهم حقيقة أن الاقدام في ساحات الوغى لا ينقص من الأجل شيئا قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً }الأحزاب16 ويصف القرآن أنفس هؤلاء المنافقون المريضة فيقول {أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً }الأحزاب19 أى بخَلاء عليكم -أيها المؤمنون- بالمال والنفس والجهد والمودة لما في نفوسهم من العداوة والحقد؛ حبًا في الحياة وكراهة للموت, فإذا حضر القتال خافوا الهلاك ورأيتهم ينظرون إليك, تدور أعينهم لذهاب عقولهم؛ خوفًا من القتل وفرارًا منه كدوران عين مَن حضره الموت, فإذا انتهت الحرب وذهب الرعب رموكم بألسنة حداد مؤذية, وتراهم عند قسمة الغنائم بخلاء وحسدة, أولئك لم يؤمنوا بقلوبهم, فأذهب الله ثواب أعمالهم, وكان ذلك على الله يسيرًا. وفي مقابل ذلك يتجلى موقف الإيمان في الفئة الصابرة الثابتة على دينها {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً }الأحزاب22 أى ولمَّا شاهد المؤمنون الأحزاب الذين تحزَّبوا حول "المدينة" وأحاطوا بها, تذكروا أن موعد النصر قد قرب, فقالوا: هذا ما وعدنا الله ورسوله, من الابتلاء والمحنة والنصر, فأنجز الله وعده, وصدق رسوله فيما بشَّر به, وما زادهم النظر إلى الأحزاب إلا إيمانًا بالله وتسليمًا لقضائه وانقيادًا لأمره. وتبدأ المعركة ويقضي من يقضي من المؤمنين المتسربلين بطهر نفوسهم المخلصة لله {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً }الأحزاب23 أما الخاتمة أحبابنا فهي البشرى وما لم يكن يتوقعه العقل والبصيرة المادية أن يهزم أقلة كثرة {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً }الأحزاب25أي وردَّ الله أحزاب الكفر عن "المدينة" خائبين خاسرين مغتاظين, لم ينالوا خيرًا في الدنيا ولا في الآخرة، وكفى الله المؤمنين القتال بما أيدهم به من الأسباب. وكان الله قويًا لا يُغالَب ولا يُقْهَر, عزيزًا في ملكه وسلطانه. ويمضي القرآن واصفا ذلك {وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً }الأحزاب26 وأنزل الله يهود بني قريظة من حصونهم; لإعانتهم الأحزاب في قتال المسلمين, وألقى في قلوبهم الخوف فهُزموا, تقتلون منهم فريقًا, وتأسرون فريقًا آخر ، هذه هي نتيجة الكفار ومن يلف لفيفهم يا أهل غزة سيولى الجمع الدبر بإذن الله وسيريكم الله فيهم يوماً أسوداً وانظروا للعاقبة والتمكين في قوله : {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً }الأحزاب27 أى وملَّككم الله -أيها المؤمنون- أرضهم ومساكنهم وأموالهم المنقولة كالحليِّ والسلاح والمواشي, وغير المنقولة كالمزارع والبيوت والحصون المنيعة, وأورثكم أرضًا لم تتمكنوا مِن وطئها من قبل؛ لمنعتها وعزتها عند أهلها. وكان الله على كل شيء قديرًا, لا يعجزه شيء. بشائر الانتصار على الأبواب يا أهل غزة فكونوا على ثقة بوعد الله ونصره القريب .
ثانيا : النموذج الثاني الذي سأعرض له نموذج المواجهة بين سيدنا موسى والطاغية فرعون وكم من مثل له في أيامنا فعندما حمل سيدنا موسى مشاق الدعوة وعرضها على فرعون لاقى ألوانا من الإيذاء في سبيل ذلك لكنه بماذا تسلح وماذا كان أمله ؟!!! لنتأمل هذه الآية : {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }الأعراف128 ثقة عالية بنصر الله ولكن بجوار ذلك كان عليه السلام يدعو الله بإلحاح فيقول : {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ }يونس88 وقال موسى: ربنا إنك أعطيت فرعون وأشراف قومه زينة من متاع الدنيا; فلم يشكروا لك, وإنما استعانوا بها على الإضلال عن سبيلك, ربنا اطمس على أموالهم, فلا ينتفعوا بها, واختم على قلوبهم حتى لا تنشرح للإيمان, فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الشديد الموجع. كذبوه وآذوه فصبر ولم يتعجل النصر {وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ }الحج44 أى أن قوك شعيب كذبوا موسى عليه السلام فلم يعاجل الله هذه الأمم بالعقوبة، بل أمهلها، ثم أخذ كلا منهم بالعذاب وعندما لحق فرعون وجنده موسى وأفضى كلا الفريقين للآخر فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ }الشعراء61 أى أن أصحاب موسى قالوا إن فرعون سيدركنا ويهلكنا . بلا شك لحظات حاسمة تنكشف عندها خبايا النفوس وما تضمره لكن بم رد موسى المطمئن لوعد الله قال : {قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ }الشعراء62 أى قال موسى لهم: كلا ليس الأمر كما ذكرتم فلن تُدْرَكوا; إن معي ربي بالنصر، سيهديني لما فيه نجاتي ونجاتكم. فجاءت النجاة لهم {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ }الشعراء63 فانقلق البحر لاثنتي عشر طريقا ؟!!! انظروا قدرة الله تتجلى في أحلك الظروف {وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ }الشعراء65 ثم ماذا ؟!! {ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ }الشعراء66 ثم أغرقنا فرعون ومن معه بإطباق البحر عليهم بعد أن دخلوا فيه متبعين موسى وقومه. فهذه هي عاقبة الطغيان والعدوان ومن يسعى الفساد في الأرض .
ثالثاً : النموذج الثالث : أصحاب الأخدود الذين حرقوا وذبحوا فخلد القرآن ذكرهم في سورة البروج بثباتهم على دينهم ومبادئهم فيقول القرآن : {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ }البروج8 وهنا أيها الأحباب فتى الأخدود يقدم روحه فداء لأمته وما يعتقده بأنه الحق فقال للملك أنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به قال ما هو ؟ ..
قال تجمع الناس في صعيد واحد و تصلبني على جذع ثم خذ سهماً من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل : بسم الله رب الغلام ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني ... لكن ماذا كانت النتيجة أيها الأحبة (فقال الناس آمنا برب الغلام ..) سبحان الله ينقلب السحر على الساحر ظن الملك أنه بقتله للفتى سيتخلص من الحق لكن صار الأمر إلى عكس ما يحب هذا الطاغية . موقف أخر لطفل فيروى أنه عندما حفر الأخدود جاءت امرأة و معها صبي لها فتقاعست أن تقع في نار الأخدود فقال لها الغلام : يا أماه اصبري فإنك على الحق . يستعذبون العذاب في سبيل الله وهنا أيضاً نسجل فائدة لطيفة يعلمنا إياها فتى الأخدود وهو يلجأ إلى الله وهذه الفائدة تكمن هي تكمن في صدق الالتجاء إلى الله تعالى و طريقة الدعاء و الثقة بالإجابة و ذلك عندما قال : (( اللهم اكفنيهم بما شئت )) . دعاء يحمل فيه ذلك الغلام الثقة المطلقة بالله عز و جل و يستغني عن التفصيل في كيفية و آلية النجاة ، ووكلها لله سبحانه و تعالى .
فآلية النجاة و كيفيتها لا تأتي حسبما يخطط له الإنسان ، و إنما تأتي على الكيفية التي يريدها الله سبحانه و تعالى وما على الإنسان إلا وأن يحسن الثقة بالله سبحانه ويكل الآليات له سبحانه . والفائدة الأعظم قدرا هي تحديد مفهوم النصر : حيث قام هذا الغلام – الذي هو أفضل بكثير من رجال هذه الأمة – قام بتوضيح مفهوم النصر ... و ليس مفهوم النصر ... أن ينتصر الغلام . . . إنما المفهوم الحقيقي للنصر هو انتصار المبدأ السليم والفكر الصحيح . و هذا واضح من خلال دلالة هذا الغلام الملك على طريقة قتله فلو كان مفهوم النصر نصر للأفراد و الأشخاص و ليس للمبدأ لم يدله على هذه الطريقة و إنمابين للناس جميعا أن المفهوم الحقيقي للنصر هو انتصار المبدأ لا انتصار الأفراد والأشخاص.
لننظر أيها الأحبة محمد صلى الله عليه وأله وسلم وسيدنا موسى في مواجهته للطاغية فرعون وسيدنا الحسين عليه السلام وهو يجابه طغيان وفساد بني أمية وهو يقدم الواجب رغم قلة الإمكان من أجل استقامة دين الله وهو يرفض الانحراف قدم روحه لكنه علم أن وهج دمائه الطاهر سينير للأمة دروبها ، وأصحاب الأخدود وهم يقتلوا ويحرقوا ، و سيد قطب عندما أرادوا اعدامه قال له أحد السجانين قل (لا إله إلا الله) قال له أنت تأكل بها وأنا أقتل من أجلها ويرفض أن يتراجع ويرضخ ، والإمام عز الدين القسام أيضاً رغم قلة إمكانه في مواجهة من اغتصب فلسطين إلا أنه يتقدم بما يجب أن يتقدم به فلا مجال إلا للتقدم ويستشهد في سبيل الله , والشيخ صالح سرية عندما استودعه المجرمون السجن قال له حوارييه غدا سنعدم يا شيخ ؟!!! ماالذى استفدناه ؟!!! قال لهم : إن الأمة ستحيا على وهج دمائكم وستنبت في الأمة ثورات وثورات أى أن دمهم سيكون الوقود الذي يحرك الأمة باتجاه الالتحام مع الباطل والدكتور فتحي الشقاقي وهو يقول هذه الأمة على موعد مع الدم دم يلون الأفق ، دم يلون التاريخ ، دم يلون الدم ونهر الدم لا يتوقف دفاعاً عن العقيدة والأرض والتاريخ ويمضي قائلاً : لقد علمنا نبينا وأسوتنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ المبدأية حقاً حينما قال «والله يا عم لو وضعوا الشمس في يمني ، والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه ».
إما ظهور الحق غير مجزء وإما الموت «إما النصر المبين ، وإما الشهادة» ، إما أن نعيش في أرض فلسطين أحراراً شرفاء وإلا فمرحباً بالموت ومراتٍ ومراتٍ في سبيل عز الإسلام وفلسطين.
وفي موضع آخر يقول : هذه أمةٌ يهيئها الله على نار الابتلاء ـ نار التجربة ـ كي تستجلي ملامحها المفقودة وكي تهتدي في أعماق أعماقها إلى ذلك الخيط التاريخي المتين الذي ينظم كل حلقاتها والذي بقطع الغرب المستكبر له أفلت من يدها، وها هي اليوم على وشك الإمساك التام به. إن فلسفة الشهادة هي التي صنعت حضارتنا ومجدنا وصعودنا وأن فلسفة البدعة والركون إلى الدنيا والالتصاق بالطين فلسفة المتفرجين أو حتى بأصحاب نصف الطريق وأنصاف الحلول هي التي صنعت هزائمنا وانكسارنا . إننا نصيح بكل العرب والمسلمين صقورهم وحمائمهم ونقول لهم ها هي الفرصة التاريخية أمامكم.. تضعكم على المحك.. تختبر نواياكم وخطاباتكم واذاعاتكم فماذا انتم فاعلون . مضي الدكتور الشقاقي إلى ربه لكن ألاف الجهاديين اليوم في فلسطين يقتفون أثره ويتمسكون بفلسطينهم
أيها الأخوة : في كل هذه النماذج انتصر الدم على السيف ، انتصرت العقيدة على الزيف ، انتصر الحق على الباطل (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ) النصر لكم يا أهل غزة والغلبة لكم بإذنه تعالى ... واصلوا الدرب ... وقودوا الركب ردكب العزة والجهاد ... نارنا لن يخبو أوراها ... لن يضيع مسارها ... المقاومة أبداً باقية والاحتلال إلى زوال .
اللهم أهلك الصهاينة فأنهم قالوا من أشد منا قوة وأنت القوي العزيز وأنت أشد قوة منهم وبطشاً
اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك فإنهم لا يعجزونك
اللهم اقصم ظهورهم واقذف الرعب في قلوبهم واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا
اللهم اجعل اسديروت والمجدل وكافة مستوطناتهم مقبرة لهم و أذقهم عذابا أليما ثم يردوا اليك فتعذبهم عذابا عظيما
اللهم انصر المجاهدين فلسطين وفي كل مكان
اللهم انصر المجاهدين في غزة اللهم ثبت أقدامهم واربط على قلوبهم وأمكر لهم ولا تمكر عليهم وسدد رميهم
اللهم أحفظهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن شمائلهم ومن فوقهم ومن تحتهم وتقبل شهداءهم
اللهم ليس لنا رب سواك فنرجوه وليس لنا ناصر سواك فنستنصره
اللهم إن خذلهم أهل الأرض فأنت ربي لا تخذلهم
اللهم طرقنا بابك وأنت الكريم والكريم لا يرد أحدا من بابه
اللهم نسألك باسمك الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت أن تجيب دعائنا انك على كل شيء
بسم الله معز المؤمنين وناصر المستضعفين وناصر الحق بالحق والهادي إلى الصراط المستقيم
اللهم لك الحمد في كل احوالنا نشكو اليك ضعف الحال وقلة العتاد والزاد وقوة الاعداء
اللهم اخذل اليهود ومن والاهم وأيدهم
اللهم دمرهم كل مدمر ومزقهم كل ممزق
اللهم ألقي الرعب في قلوبهم يرخبون بيوتهم بايديهم وايدي المسلمين
اللهم إنا لجانا اليك يا ناصر الضعفاء انصرنا
اللهم لا قوة لنا فقونا وكن معنا وانصرنا على القوم الكافرين
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
أخوكم / أبو دجانة الحسيني
ملتقى الدكتور المفكر / فتحي إبراهيم الشقاقي