ترجمة الصحف العبرية - الأحد
الاحد 28 /كانون الأول/2008
قسم العناوين
يديعوت احرونوت:
- نصف مليون اسرائيلي تحت النار.
- أفضل متأخرا.
- استنهض جنود الى القواعد، ووحدات الاحتياط في استعداد.
- بعد فينوغراد.
- امتحان الصمود.
- نتيفون الموت.
- "يتركون الى ان ينتهي كل شيء".
- هذه هي البداية فقط.
- حماس نامت وتلقت الضرب.
- "نسينا الله في غزة".
- حماس: سننتقم في كل مكان وبجميع الوسائل.
- "اذا امتدت العملية فسنزن تأجيل الانتخابات".
معاريف:
- يردون بحرب.
- يستعدون لتجنيد الاحتياط.
- بلا توقعات.
- في الطريق الى عملية برية.
- شهر تضليل.
- جهة سياسية: ليس الهدف الان اعادة جلعاد.
- علاج الصدمة.
- 98 في المائة من الدقة للطائرات.
- تختلف عن لبنان، وتشبه لبنان.
هآرتس:
- الجيش الاسرائيلي بدأ هجوما مفاجئا على حماس: ابيد نحو من مائة هدف في اكبر عملية جوية منذ 1967.
- في اقل من 4 دقائق ابيدت اكثر قواعد حماس.
- بسبب تلك الحرب.
- "كما كانت الحال في بغداد – اختبأ الناس وكان خوف وكراهية".
- قتيل وعشرة جرحى. نحو من 65 صاروخا اطلق على النقب.
اسرائيل اليوم:
- ضربة مبايتة.
- ضحايا القسام: قتيل واربعة جرحى في نتيفوت.
- عرب اسرائيل: رمي حجارة في يافا ومحاولة صدم في القدس.
- هذه البداية فقط.
- اجماع قصير الامد.
- مفاجأة تامة.
- حرب على حماس.
* * *
قسم الأخبــــار الاحد 28/12/2008
الخبر الرئيس – الحرب على حماس – يديعوت – من ناحوم برنياع:
أفضل متأخرا../
لن يكون هذا رائعا. ولا يمكن أن يكون. لكنه يجب أن يكون قويا وسريعا.
يسير باراك واولمرت والدا عملية الجيش الاسرائيلي في غزة على جسر ضيق. اذا خطوا خطوة واحدة متعجلين سيثور من جديد ارهاب المنتحرين في الضفة، وعرب اسرائيل سيسدون الشوارع، وحزب الله سيطلق الصواريخ من الشمال والعالم العربي على شفا انفجار. اما تلبث واحد لا حاجة اليه فسيجعل حماس ترفع رأسها من جديد وتخرج اسرائيل من هذه العملية كما خرجت من حرب لبنان الثانية مضروبة ذليلة.
يمكن أن نقول عن العملية في مرحلتها الحالية ان الامر افضل متأخرا من الا يكون ابدا. كان يجب ان ينفذ لا بسبب الوضع الذي لا يطاق في غلاف غزة فقط، بل وبالاساس بسبب الضرر المستمر بقوة ردع اسرائيل. فالدولة التي تخاف علاج حماس لن تستطيع ردع ايران او الحفاظ على مصالحها ازاء سورية ومصر والاردن والسلطة الفلسطينية.
لست أعلم كيف والى اين ستتطور هذه العملية ولست على ثقة من أن قادتها يعلمون. فليس الحديث ههنا عن لعبة شطرنج محكمة واستراتيجية بل عن طاولة زهر: يطرحون احجار الزهر ويمضون الى حيث تمضي. اذا نجحت حماس في اطلاق 200 – 300 صاروخ قسام كل يوم مدة اسابيع، كما يقدر اكثر السيناريوات تشاؤما، فلن يكون مناص من دخول بري كثيف في غزة واجلاء عشرات الاف الاسرائيليين ان لم يكن أكثر الى وسط الدولة. لكن توجد سيناريوات اخرى ايضا.
الهدف الذي نصبته الحكومة هذه المرة محدود. فليس هو "القضاء على حماس" كما طلبت منذ وقت قريب تسيبي لفني بل – كما قال أمس احد اباء العملية – "ضرب حماس ضربة شديدة تمكن من هدوء في شروط تقبلها اسرائيل". اولمرت الذي مال بطبيعته الى هدف أهم، أيد آخر الامر خفض التوقعات. هذا هو الدرس الذي استخلصه من الاخطاء التي قام بها في بدء حرب لبنان الثانية.
في واقع الامر هدف العملية ان يفرض على حماس هدنة جديدة مؤقتة تكون قواعد لعبها اكثر استقرارا واسهل بالنسبة لاسرائيل. خط التفكير الحذر ذاك نتجت عنه عمليات الجيش الاسرائيلي المحدودة في لبنان حتى اخفاق سنة 2006. لا اكثر من ذلك ولا اقل. لن تهدأ البلاد اربعين سنة. ليس لاسرائيل خريطة حظ تضمن لها هدوءا لاربعين سنة.
* * *
الاستعدادات للعملية انشأت حلفا جديدا بين اولمرت وباراك واشكنازي. كان الثلاثة شركاء في السر. وأشركوا تسيبي لفني في جزء من المعلومات فقط. بحسب اقوال واحد من المشاركين، وجدت اتصالات بحكومات اجنبية تمت من وراء ظهرها. ولم يشركوا وزراء المجلس الوزاري المصغر قط. فقد خافوا من أن يتسرب ما يُبلغ به المجلس الوزاري المصغر. ولقد تسرب مضمون جلسة المجلس الوزاري المصغر التي اجازت العملية كله الى الاعلام.
بالرغم من ذلك، نجحوا بمساعدة طائفة من الحيل باحراز مباغتة تكتيكية. كان اسهام اولمرت في الحيلة اعلانه بانه يعقد نقاشا آخر لاثار العملية اليوم أي يوم الاحد. وكان اسهام باراك في الحيلة فتح المعابر لقافلة غذاء في يوم الخميس وهو اجراء جلب عليه النقد ممن لم يكونوا شركاء في سر العملية.
كان قرار المهاجمة في السبت عملا لامعا: فاسرائيل لا يفترض أن تبدأ حروبا في السبت. زادت المباغتة عدد القتلى، فقد كانت منشآت حماس التي هوجمت آهلة، وتمت مراسم التخريج في مدرسة الشرطة في باحة مجمعات شرطة غزة. وكان مهما ايضا قرار ان يرسل في الموجة الاولى عدد كبير من الطائرات المقاتلة هاجمت دفعة واحدة بمباغتة تامة. ذكر هذا بهجوم سلاح الجو الناجح في بداية حرب الايام الستة. ووجهت موجة الهجوم الثانية الى حفر اطلاق الصواريخ. دمرت عشرات الحفر. مع ذلك لم يتم القضاء على قدرة اطلاق الصواريخ من غزة. والفرض في الجيش الاسرائيلي ان عمليات الاطلاق ستستمر.
تأخذ الحكومة في حسابها امكان اجلاء جماعي عن البلدات. هذا ايضا درس من حرب لبنان الثانية. فالحكومة تدرك ان مصير مواطنيها من مسؤوليتها لا من مسؤولية جمعيات عارضة. وستكون قيادة الجبهة الداخلية التي غابت في حرب لبنان الثانية العنوان الرئيس بلدات غلاف غزة. ظهر ضباط في البزات العسكرية امس في كل مكان من عسقلان الى سديروت ونتيفوت.
لن تأمر الحكومة باجلاء لكنها ستخفف عمن يريد الخروج. بلدات الجنوب أقل تحصينا من البلدات في الشمال التي دخلت حرب سنة 2006 بعد سنين من القصف بصواريخ الكاتيوشا. سيجلى الف من المعوقين يسكنون الدائرة الاولى الى أماكن خصصت لهم. وسكان الكيبوتسات الذين يريدون الجلاء سيجدون بيتا مؤقتا في كيبوتسات في قلب الدولة. تمت استعدادات لاسكان عشرات الالاف من بلدات مدنية. عدم التحصين في الجنوب يقتضي تعجيل العملية وانهاءها سريعا قدر المستطاع.
اعلن وزير الدفاع حالة طوارىء. لم يحدث هذا في حرب لبنان الثانية. وكان من جملة اسباب ذلك معارضة المالية. يمكن الاعلان قيادة الجبهة الداخلية من السيطرة على القيادة. اليوم هو يوم مهم: فاليوم سيتبين هل يمكن الخروج للعمل في بلدات الغلاف. وبعد ذلك في يوم الثلاثاء سيكون يوما حاسما فهو أول ايام الدراسة بعد عطلة عيد الانوار. يجب على احد ما ان يقرر هل سيتعلم الاولاد وكيف.
* * *
في الحادية عشرة والنصف صباحا، عندما تكاثف دخان اسود فوق غزة، خرج سكان سديروت من غرفهم المحصنة الى الشارع، واطلقوا صافرات سياراتهم وصاحوا "كل الاحترام للجيش الاسرائيلي". وصل عشرات الى التلال غربي كيبوتس نير عام، ورأوا الاصابات وصفقوا. لم يفكروا في الايام الصعبة التي تنتظرهم الان. ارادوا انتقاما.
غير بعيد من هناك في نتيفوت عالم مختلف. فنتيفوت مدينة فخور، نامية حسنة الادارة بمفاهيم الجنوب النسبية. يمتد أحد أكثر احياء المدينة فقرا عن جانبي شارع وايزمن: كتل مبانٍ قاتمة اللون من ثلاثة طوابق، حيطانها دقيقة وساحاتها مليئة بالقمامة. دخل الصاروخ من حائط غرفة النوم في الطابق الثاني للكتلة 57. ثقب مستدير محيطه كمحيط اطار دراجة هوائية. والسكان وهم عائلة من مهاجري اثيوبيا كانوا يتناولون الغذاء في الصالون. لم يصابوا لكن بابر فيكنين الذي وقف في الخارج، قبل مدخل كتلة المباني المجاورة تلقى شظية في صدره وقتل. ستقولون سيء الحظ. لو كان تحرك مترا الى الداخل لما خدش. هذه هي طبيعة حرب صواريخ القسام. فهي في اكثر الحالات تعرض للخطر من يوجد في منطقة مفتوحة فقط. اما الباقون فانها تخيفهم. توجد 15 شقة في كل كتلة سكنية وملجأ في الاسفل. صناديق البريد مفتوحة مسحوقة، ولكن الرواق مغسول وتوجد فيه صورة حسنة لقرية سويسرية بيضاء من الثلج. ينزل الجيران الى الساحة حبا في الاستطلاع. ومن أجل عدسات تصوير التلفاز. يوجد بينهم كثير من الاثيوبيين وبعض الروس واسرائيليون قدماء ايضا بعضهم من سكان الدارات المقابلة. ويوجد هنالك ايضا ثلاثة من الكلاب، في اطواق ينبح بعضها بعضا.
التقيت هنالك فرجي بيرمي وهو احد المعارف من سديروت. قرر قبل سبعة اشهر الانتقال الى نتيفوت هو وثلاث من بناته بسبب صواريخ القسام في سديروت. استأجر شقة في كتلة سكنية مجاورة. في يوم الجمعة عاد مع احدى بناته الى سديروت وبقيت بنتان في نتيفوت. استقبلوا السبت واستقبلوا صاروخا. حدث عدد من الاشياء الجيدة منذ بدء حرب صواريخ القسام. احدها اجهزة الانذار. فالجيش الاسرائيلي يستعمل رادار جهاز "ناوتيلوس" الامريكي الذي كان يفترض أن يعمل في مواجهة الصواريخ لكنه رفض. يخضع الجهاز للجدل لكن الرادار ممتاز. فهو لا يحدد الخروج فقط بل الاتجاه ايضا. انه جهاز ينقذ الحياة.
معاريف – من بن كاسبيت:
بلا توقعات../
أوقف بوعز أدري سيارته المرسيدس بقرب المقهى في محطة وقود كفار عزة. يأتي كل سبت ههنا من بيته في نتيفوت ليشرب قهوة الصباح. كان هذا السبت مختلفا. فقد ملأت ضجة غامضة السماء. بعقبها ظهرت الطائرات. اسراب تتلو اسرابا من الطائرات، من الشمال والجنوب ملأت السماء. منظر هائل بشرط أن تراه من محطة وقود محايدة. عرف أدري بالضبط ما الذي يحدث هنا. فرح من جهة وخاف من جهة اخرى. اشرقت الشمس وكان الجو صافيا، وامتلأت المنطقة بالمتنزهين وراكبي الدراجات الهوائية. نظروا جميعا الى أعلى الى السماء وفهموا بالضبط ما الذي يحدث. وعندها تفرقوا.
بعد ذلك بوقت قصير سقط سبعة صواريخ على نتيفوت. ما كان لن يكون بعد. فنتيفوت التي ارادت أن تكون تل أبيب الجنوب، تصبح الان سديروت جديدة. مدينة فوارة ومتفائلة وتختلف تمام الاختلاف عن صورتها كـ "مدينة المراقص الليلية"، تحاول الان ان تكيف نفسها للواقع الجديد او ان تحاول في الحقيقة فهمه. "تنتظرنا ايام صعبة"، اعترف امس يحيئيل زوهر رئيس البلدية مرتاحا بين جولة مدنية وعملية توجه مع قائد المنطقة. زوهر محاط الان بافرقة التلفاز. اصبح شهيرا بعد رشقة صواريخ واحدة. اصبح ايلي موئيل الجديد لكنه لا يريد أن يكون ايلي موئيل لكن احدا لا يسأله الان.
الدروس استخلصت
خطب ايهود اولمرت الامة أمس. مرت عليه حربان وهو لم يقضِ بعد ثلاث سنين في منصبه. في يوم الجمعة في مقابلة مع القناة الثانية، قال اولمرت ان يوجد من يكتبون تقارير لجان تحقيق، ويوجد من يصنعون التاريخ. وهو ممن يصنعون التاريخ. في هذه الاثناء يبدو الامر اشبه بالهستيريا (في مقابلة الهستوريا). كان ظهور اولمرت امس نموذجا لاستخلاص الدروس، فقد كان متواضعا ومتزنا ومعتدلا ومترددا. أي فرق بينه وبين رئيس الحكومة الذي خطب خطبة "الى هنا" من فوق منبر الكنيست. كان على حق في الجوهر في الحالتين. لكن الجوهر في الحقيقة لا يقرر. المهم هنا هو الغلاف. والنغمة. والمزاج. لا توجد توقعات الان.
"تحسين الواقع الامني جنوبي البلاد". هذا هو هدف العملية الحالية الى الان. لا يوجد اضيق من ذلك. كل ما تريده اسرائيل ان تعود راجعة بسلام. ومن جهة ثانية انت تعلم كيف تدخل احداثا كهذه لكنك لا تعلم متى وكيف تخرج. يمكن ان يأتي التدهور من كل اتجاه ممكن. من حماس او حزب الله او عرب اسرائيل او عمليات من المناطق او غير ذلك. يجب تصريف ذلك بحذر لكن لا يحل الغفلة.
في هذه المرة ايضا بدأ الامر بضربة جوية مخطط لها، ودقيقة وفتاكة. عمل نموذجي استخباري، وغرفة حرب مشتركة بين الشاباك والجيش الاسرائيلي لاول مرة في ساعة الحرب، او الحرب في ظاهر الامر. في حرب لبنان الثانية ابيد من الجو في غضون ثلاثة وثلاثين دقيقة جميع صواريخ حزب الله البعيدة المدى. في حرب غزة الاولى، ابيد من الجو في غضون ثلاث دقائق واربعين سنة كل مواقع الاطلاق تحت الارض التي اعدتها حماس لتستطيع أن تطلق بحرية اذا نشبت مواجهة واسعة مع الجيش الاسرائيلي. وهكذا نشبت مواجهة واسعة كهذه. لن تطلق حماس النار بحرية. فقد تم القضاء على اكثر هذه المواقع. ومن جهة ثانية ستطلق وتطلق. فالتقدير هو ان الرشقة التي رايناها امس على النقب الغربي مستحجرة. في الايام القريبة سيتبين لنتيفوت انها ليست وحدها. فكريات جات واسدود وظاهر بئر السبع، كل ذلك مستهدِف. سديروت؟ الوضع سيء تماما. ستضطر حماس الى أن تثبت انها ما زالت تملك القوة وان الجولة الحالية لن تنقضي بغير انجازات لها.
ومن جهة ثانية تغيرت الظروف. ففي اسرائيل، والامر يشتمل على الجمهور والاعلام والقيادة، اصبح الجميع على علم بانه لا داعي الى محاولة وقف صواريخ القسام. حتى لو ظلت حماس تطلق الصواريخ حتى آخر يوم فلن يكون هذا مفاجئا. سيحاول الجيش الاسرائيلي ان يحدد نقاط الخروج من جولة العنف هذه من غير أن يفسد كل شيء. ما الذي سيعد انجازا؟ تجديد التهدئة بشروط أشد صرامة، مع بيان ان قذيفة واحدة لن تتقبل بتفهم، من غير وقف الحصار مع تشديد الرقابة على التهريبات. لقد قلنا أن ذلك متواضع.
وماذا عن جلعاد شليت؟ لا شيء. فجلعاد شليت، وهذا يقوله كل من يجب عليهم القول لا تشتمل عليه هذه الصفقة. فاسمه غير مذكور كجزء من صفقة ما. وهذا درس آخر من حرب لبنان الثانية. يوجد في جهاز الامن من يقولون همسا ان الامر قد يكون محسوما. ويقدر آخرون ان حماس قد تستعمل شليت. مثل ادخال عدسات تصوير وبث مقطع يمزق القلب للجندي شاحبا هزيلا. في قبو سجنه، يستجدي الحفاظ على حياته ويطلب الى اسرائيل أن تقف القصف الذي قد يصيبه. سنرى آنذاك قوة صمود القيادة في اسرائيل.
ايهود اولمرت هو أول رئيس حكومة يدير حربا بلا حساب. لم يعد اولمرت معنا. وهو في ظاهر الامر بلا اله. ويستطيع وهو متحرر من قيود السياسة واستطلاعات الرأي ان يقرر على نحو موضوعي. حلم اولمرت ان يعيد جلعاد شليت قبل أن يعيد المفاتيح. ويمكن ان يساعده الكلام في الجهاز السياسي عن تأجيل الانتخابات. والعملية الحالية ايضا. وبالرغم من أن اولمرت خفض التوقعات فلا مانع من أن يحاول المفاجأة وان يأتي بشليت مع كل ذلك. وقد يفشل. وليس يعوزه الفشل.
لفني من اليمين وباراك من اليسار
أمس أجلس اولمرت تسيبي لفني عن يمينه وايهود باراك عن يساره. لم يكن ذلك سهلا. لم يبقَ مكان لبيبي وحده. حملة الليكود المضادة التي كان يفترض أن ترفعها هذا الصباح لافتات في جميع انحاء البلاد ("هذا اكبر منها")، اجلت حتى اشعار آخر. هدوء الان يطلقون النار.
هآرتس – من عميرة هاس:
"كما كانت الحال في بغداد – اختبأ الناس وكان خوف وكراهية"../
جثث كثيرة وجرحى، وفي كل لحظة اضيف جريح الى قائمة القتلى، ولم يعد يوجد مكان في غرفة الموتى؛ ابناء العائلة يبحثون بين الجثث والجرحى للاسراع في دفن موتاهم؛ امرأة قتل ابناؤها الثلاثة وهم طلاب في مدرسة وضع بعضهم على بعض في غرفة الموتى، وهي تصرخ وتبكي وتصرخ ثم تسكت؛ كل هذا رآه مصطفى ابراهيم امس في الواحدة ظهرا في مشفى الشفاء في غزة. كان يعتقد كمحقق ميداني في منظمة حقوق الانسان ان قد حصل على المناعة، لكن لم يعده أي شيء لهذه المناظر. طُلب الى مرضى ليس وضعهم خطرا مغادرة الشفاء واخلاء الاسرة.
د. حيدر عيد محاضر في دراسات الحضارة في جامعة الاقصى. رأى هو ايضا أمس الجثث والجرحى. واولادا مقطوعي الاعضاء ايضا. وقال "اختيار ساعة كهذه الحادي عشرة والنصف بقصف قلب المدينة شيء فظيع. فهذا الاختيار يرمي الى تسبيب مجزرة كبيرة قدر المستطاع".
كان ابو محمد على مبعدة مائتي متر عن المشفى عندما سمع صوت فظيع: فثلاثة من مراكز الشرطة الكبيرة التي قصفت موجودة قرب المشفى."في غضون ثوانٍ اصبح هذه بغداد صغيرة، قصف في كل مكان، ودخان ونار وأناس لا يعرفون اين يختبئون. في كل مكان خوف وغضب وكراهية"، قال.
جرى هو نفسه الى مدرسة بناته مثل عشرات الالاف من الاباء الاخرين في القطاع. في 11:25 – 11:30، قصف نحو من خمسين طائرة مقاتلة اهدافها وكان مئات الاف من الاولاد في الشوارع. خرج بعضهم من فترة الدراسة الاولى ومضى آخرون الى الفترة الثانية. "رأيت في ساحة المدرسة خمسمائة بنت خائفة، تبكي لا تعرفني وتلتصق بي"، قال ابو محمد.
في حي الشيخ رضوان فقط عد ثلاثة واربعون قتيلا. اقيمت خيمة عزاء واحد للجميع. اكثرهم افراد شرطة شبان انضموا الى الشرطة المدنية وقتلوا في مراسم نهاية الدورة. كانت معسكرات تدريب عز الدين القسام ومراكز التحقيق والاعتقال خالية من الناس عندما قصفت. لكن مراكز الشرطة في القطاع التي تقدم خدمات للمواطنين كانت مكتظة بالناس. لم يقدر احد انها ستقصف. بعد الظهر كانوا ما زالوا يبحثون عن جثث بين الانقاض. اسرع خليل شاهين الى محطة الشرطة في مركز القطاع. قال "هذا مبنى ضخم كله على الارض"، قتل نحو من ثلاثين شخصا هناك. علم ان ابن اخيه وهو مدني قتل عندما جاء يستوضح شيئا في الشرطة.
ام صلاح وهي معلمة اعتقدت في البدء أن الانفجار خرق لحاجز الصوت. اهتز المبنى كله والزجاج كله. لكن الدخان وغيوم الغبار، وصفير سيارات الاسعاف، بين لها ان شيئا أفظع قد حدث. اصيب بعض الطلاب بشظايا الزجاج. وكان هنالك من بكى ومن صمت.
في زحام الشارع وجدت ابنها الذي كان يمتحن بالرياضيات ساعة القصف. عادا معا الى البيت ووجدا الاخ الصغير مع الجدة ابنة السبعين التي حاولت اخفاء خوفها عندما اعتنت بالاحفاد. "لم تكد توجد الكهرباء طول الاسبوع الاخير، ولا يوجد غاز ولا دقيق ولا خبز. والقصف الان"، قالت ام صلاح. "وفجأت عادت الكهرباء. أدرت التلفاز ورأيت المناظر واغلقت التلفاز وارسلت الاولاد لتحضير واجباتهم المنزلية".
-----------------------------------------------------
قسم الافتتاحيات الجمعة 28/12/2008
هآرتس – افتتاحية - 28/12/2008
تحديد الأهداف
بقلم: أسرة التحرير
بحسب قرار الحكومة بدأ الجيش الاسرائيلي امس معركة عسكرية في غزة. في موجة الهجوم الجوي الاولى قتل أكثر من مائتي فلسطيني وباطلاق حماس النار ردا على ذلك قتل مواطن اسرائيلي من نتيفوت. وجرح مئات في الجانب الفلسطيني الى جانب عشرات الجرحى في الجانب الاسرائيلي. "هذا وقت القتال"، كما بين أمس وزير الدفاع الواقع الجديد للاسابيع الاخيرة في سديروت وعسقلان وبلدات النقب الغربي. حان الان دور غزة.
يمكن ان نفهم منطق رد الجيش الاسرائيلي. فلم تكن محتاجة الى تحميس وسائل الاعلام التي سلكت سلوك المشجعات المتحمسات في مسابقة، ولا لريح الانتخابات التي تضرب ظهور الساسة الباحثين عن العناوين. فمواطنو النقب الغربي الذين عاشوا في خوف كل يوم، والطلاب المذعورون في رياض الاطفال والمدارس، ومساحة الدولة ذات السيادة المخترقة بلا انقطاع هي التي تمنح العملية شرعيتها.
لكن التفهم ليس بديلا من الحكمة، والطموح المفهوم الى المجازاة لا يجب ان يعشي البصر عن مناظر اليوم الذي يتلو. لان تعبير "زمن القتال" ما زال لا يبين ما هي اهداف الهجوم. فهل تريد اسرائيل "فقط" ان تنقل الى حماس رسالة عنيفة ومخيفة؟ هل القصد تدمير البنية العسكرية والمدنية للحركة؟ او ربما يكون الطموح أبعد مدى الى حد ابعاد حماس عن جميع مراكز السيطرة في غزة ونقل السلطة الى السلطة الفلسطينية التي يرأسها محمود عباس؟ كيف تنوي اسرائيل احراز هذه الاهداف. لان الهجوم الجوي وحده كما يمكن أن نتذكر من حرب لبنان لا يمكن أن يكون كافيا. فهل ينوي الجيش الاسرائيلي ان يلقي في شوارع غزة بالاف الجنود؟ وماذا سيكون عدد القتلى في هذه المرحلة؟
الجمهور الذي تعلم من التجربة لا يمكن أن يفترض مرة اخرى ان الحكومة تعلم ما تفعل، ولا سيما وقد صعب على قادتها صياغة موقف ثابت في الفترة الاخيرة. ذلك الجمهور يعلم جيدا لا من تجربة لبنان وحدها ان السعي الى اهداف بعيدة المدى تغير الواقع كله، مثل ابعاد حماس عن السلطة في غزة قد يتبين أنه احلام يقظة. افضل الاكتفاء باهداف مباشرة، وانجازات نقيصة منضبطة تستطيع اعادة الهدوء كما كان ولا سيما تلك التهدئة التي تمتعت بها اسرائيل خمسة اشهر والتي مكنت سكان غزة ايضا من حياة معقولة.
ان نقض اسرائيل للتهدئة في تشرين الثاني عجل التدهور الذي أفضى الى الحرب أمس. لكن اذا استمرت هذه اياما طويلة بل اسابيع فستنتهي الى اتفاق او الى اتفاق على الاقل يشبه ذلك الذي احرز في حزيران الماضي. لم تتغير شروط حماس للتهدئة وهي: وقف الهجوم على غزة وعلى نشطاء المنظمة في الضفة، وفتح المعابر واطلاق السجناء. وبقيت شروط اسرائيل ايضا كما كانت وهي وقف اطلاق الصواريخ على بلداتها. يحسن تجنيد أي وسيط ممكن من مصر الى قطر الى الولايات المتحدة والى اوروبا لتحقيقها. اصبح يمكننا الافتراض ان الرسالة العسكرية التي نقلتها اسرائيل فهمت كاملة في غزة، ويحسن عدم جعلها كارثة تمنع أي اتفاق في المستقبل.
------------------------------------------------------
الاحد 28 /كانون الأول/2008
قسم العناوين
يديعوت احرونوت:
- نصف مليون اسرائيلي تحت النار.
- أفضل متأخرا.
- استنهض جنود الى القواعد، ووحدات الاحتياط في استعداد.
- بعد فينوغراد.
- امتحان الصمود.
- نتيفون الموت.
- "يتركون الى ان ينتهي كل شيء".
- هذه هي البداية فقط.
- حماس نامت وتلقت الضرب.
- "نسينا الله في غزة".
- حماس: سننتقم في كل مكان وبجميع الوسائل.
- "اذا امتدت العملية فسنزن تأجيل الانتخابات".
معاريف:
- يردون بحرب.
- يستعدون لتجنيد الاحتياط.
- بلا توقعات.
- في الطريق الى عملية برية.
- شهر تضليل.
- جهة سياسية: ليس الهدف الان اعادة جلعاد.
- علاج الصدمة.
- 98 في المائة من الدقة للطائرات.
- تختلف عن لبنان، وتشبه لبنان.
هآرتس:
- الجيش الاسرائيلي بدأ هجوما مفاجئا على حماس: ابيد نحو من مائة هدف في اكبر عملية جوية منذ 1967.
- في اقل من 4 دقائق ابيدت اكثر قواعد حماس.
- بسبب تلك الحرب.
- "كما كانت الحال في بغداد – اختبأ الناس وكان خوف وكراهية".
- قتيل وعشرة جرحى. نحو من 65 صاروخا اطلق على النقب.
اسرائيل اليوم:
- ضربة مبايتة.
- ضحايا القسام: قتيل واربعة جرحى في نتيفوت.
- عرب اسرائيل: رمي حجارة في يافا ومحاولة صدم في القدس.
- هذه البداية فقط.
- اجماع قصير الامد.
- مفاجأة تامة.
- حرب على حماس.
* * *
قسم الأخبــــار الاحد 28/12/2008
الخبر الرئيس – الحرب على حماس – يديعوت – من ناحوم برنياع:
أفضل متأخرا../
لن يكون هذا رائعا. ولا يمكن أن يكون. لكنه يجب أن يكون قويا وسريعا.
يسير باراك واولمرت والدا عملية الجيش الاسرائيلي في غزة على جسر ضيق. اذا خطوا خطوة واحدة متعجلين سيثور من جديد ارهاب المنتحرين في الضفة، وعرب اسرائيل سيسدون الشوارع، وحزب الله سيطلق الصواريخ من الشمال والعالم العربي على شفا انفجار. اما تلبث واحد لا حاجة اليه فسيجعل حماس ترفع رأسها من جديد وتخرج اسرائيل من هذه العملية كما خرجت من حرب لبنان الثانية مضروبة ذليلة.
يمكن أن نقول عن العملية في مرحلتها الحالية ان الامر افضل متأخرا من الا يكون ابدا. كان يجب ان ينفذ لا بسبب الوضع الذي لا يطاق في غلاف غزة فقط، بل وبالاساس بسبب الضرر المستمر بقوة ردع اسرائيل. فالدولة التي تخاف علاج حماس لن تستطيع ردع ايران او الحفاظ على مصالحها ازاء سورية ومصر والاردن والسلطة الفلسطينية.
لست أعلم كيف والى اين ستتطور هذه العملية ولست على ثقة من أن قادتها يعلمون. فليس الحديث ههنا عن لعبة شطرنج محكمة واستراتيجية بل عن طاولة زهر: يطرحون احجار الزهر ويمضون الى حيث تمضي. اذا نجحت حماس في اطلاق 200 – 300 صاروخ قسام كل يوم مدة اسابيع، كما يقدر اكثر السيناريوات تشاؤما، فلن يكون مناص من دخول بري كثيف في غزة واجلاء عشرات الاف الاسرائيليين ان لم يكن أكثر الى وسط الدولة. لكن توجد سيناريوات اخرى ايضا.
الهدف الذي نصبته الحكومة هذه المرة محدود. فليس هو "القضاء على حماس" كما طلبت منذ وقت قريب تسيبي لفني بل – كما قال أمس احد اباء العملية – "ضرب حماس ضربة شديدة تمكن من هدوء في شروط تقبلها اسرائيل". اولمرت الذي مال بطبيعته الى هدف أهم، أيد آخر الامر خفض التوقعات. هذا هو الدرس الذي استخلصه من الاخطاء التي قام بها في بدء حرب لبنان الثانية.
في واقع الامر هدف العملية ان يفرض على حماس هدنة جديدة مؤقتة تكون قواعد لعبها اكثر استقرارا واسهل بالنسبة لاسرائيل. خط التفكير الحذر ذاك نتجت عنه عمليات الجيش الاسرائيلي المحدودة في لبنان حتى اخفاق سنة 2006. لا اكثر من ذلك ولا اقل. لن تهدأ البلاد اربعين سنة. ليس لاسرائيل خريطة حظ تضمن لها هدوءا لاربعين سنة.
* * *
الاستعدادات للعملية انشأت حلفا جديدا بين اولمرت وباراك واشكنازي. كان الثلاثة شركاء في السر. وأشركوا تسيبي لفني في جزء من المعلومات فقط. بحسب اقوال واحد من المشاركين، وجدت اتصالات بحكومات اجنبية تمت من وراء ظهرها. ولم يشركوا وزراء المجلس الوزاري المصغر قط. فقد خافوا من أن يتسرب ما يُبلغ به المجلس الوزاري المصغر. ولقد تسرب مضمون جلسة المجلس الوزاري المصغر التي اجازت العملية كله الى الاعلام.
بالرغم من ذلك، نجحوا بمساعدة طائفة من الحيل باحراز مباغتة تكتيكية. كان اسهام اولمرت في الحيلة اعلانه بانه يعقد نقاشا آخر لاثار العملية اليوم أي يوم الاحد. وكان اسهام باراك في الحيلة فتح المعابر لقافلة غذاء في يوم الخميس وهو اجراء جلب عليه النقد ممن لم يكونوا شركاء في سر العملية.
كان قرار المهاجمة في السبت عملا لامعا: فاسرائيل لا يفترض أن تبدأ حروبا في السبت. زادت المباغتة عدد القتلى، فقد كانت منشآت حماس التي هوجمت آهلة، وتمت مراسم التخريج في مدرسة الشرطة في باحة مجمعات شرطة غزة. وكان مهما ايضا قرار ان يرسل في الموجة الاولى عدد كبير من الطائرات المقاتلة هاجمت دفعة واحدة بمباغتة تامة. ذكر هذا بهجوم سلاح الجو الناجح في بداية حرب الايام الستة. ووجهت موجة الهجوم الثانية الى حفر اطلاق الصواريخ. دمرت عشرات الحفر. مع ذلك لم يتم القضاء على قدرة اطلاق الصواريخ من غزة. والفرض في الجيش الاسرائيلي ان عمليات الاطلاق ستستمر.
تأخذ الحكومة في حسابها امكان اجلاء جماعي عن البلدات. هذا ايضا درس من حرب لبنان الثانية. فالحكومة تدرك ان مصير مواطنيها من مسؤوليتها لا من مسؤولية جمعيات عارضة. وستكون قيادة الجبهة الداخلية التي غابت في حرب لبنان الثانية العنوان الرئيس بلدات غلاف غزة. ظهر ضباط في البزات العسكرية امس في كل مكان من عسقلان الى سديروت ونتيفوت.
لن تأمر الحكومة باجلاء لكنها ستخفف عمن يريد الخروج. بلدات الجنوب أقل تحصينا من البلدات في الشمال التي دخلت حرب سنة 2006 بعد سنين من القصف بصواريخ الكاتيوشا. سيجلى الف من المعوقين يسكنون الدائرة الاولى الى أماكن خصصت لهم. وسكان الكيبوتسات الذين يريدون الجلاء سيجدون بيتا مؤقتا في كيبوتسات في قلب الدولة. تمت استعدادات لاسكان عشرات الالاف من بلدات مدنية. عدم التحصين في الجنوب يقتضي تعجيل العملية وانهاءها سريعا قدر المستطاع.
اعلن وزير الدفاع حالة طوارىء. لم يحدث هذا في حرب لبنان الثانية. وكان من جملة اسباب ذلك معارضة المالية. يمكن الاعلان قيادة الجبهة الداخلية من السيطرة على القيادة. اليوم هو يوم مهم: فاليوم سيتبين هل يمكن الخروج للعمل في بلدات الغلاف. وبعد ذلك في يوم الثلاثاء سيكون يوما حاسما فهو أول ايام الدراسة بعد عطلة عيد الانوار. يجب على احد ما ان يقرر هل سيتعلم الاولاد وكيف.
* * *
في الحادية عشرة والنصف صباحا، عندما تكاثف دخان اسود فوق غزة، خرج سكان سديروت من غرفهم المحصنة الى الشارع، واطلقوا صافرات سياراتهم وصاحوا "كل الاحترام للجيش الاسرائيلي". وصل عشرات الى التلال غربي كيبوتس نير عام، ورأوا الاصابات وصفقوا. لم يفكروا في الايام الصعبة التي تنتظرهم الان. ارادوا انتقاما.
غير بعيد من هناك في نتيفوت عالم مختلف. فنتيفوت مدينة فخور، نامية حسنة الادارة بمفاهيم الجنوب النسبية. يمتد أحد أكثر احياء المدينة فقرا عن جانبي شارع وايزمن: كتل مبانٍ قاتمة اللون من ثلاثة طوابق، حيطانها دقيقة وساحاتها مليئة بالقمامة. دخل الصاروخ من حائط غرفة النوم في الطابق الثاني للكتلة 57. ثقب مستدير محيطه كمحيط اطار دراجة هوائية. والسكان وهم عائلة من مهاجري اثيوبيا كانوا يتناولون الغذاء في الصالون. لم يصابوا لكن بابر فيكنين الذي وقف في الخارج، قبل مدخل كتلة المباني المجاورة تلقى شظية في صدره وقتل. ستقولون سيء الحظ. لو كان تحرك مترا الى الداخل لما خدش. هذه هي طبيعة حرب صواريخ القسام. فهي في اكثر الحالات تعرض للخطر من يوجد في منطقة مفتوحة فقط. اما الباقون فانها تخيفهم. توجد 15 شقة في كل كتلة سكنية وملجأ في الاسفل. صناديق البريد مفتوحة مسحوقة، ولكن الرواق مغسول وتوجد فيه صورة حسنة لقرية سويسرية بيضاء من الثلج. ينزل الجيران الى الساحة حبا في الاستطلاع. ومن أجل عدسات تصوير التلفاز. يوجد بينهم كثير من الاثيوبيين وبعض الروس واسرائيليون قدماء ايضا بعضهم من سكان الدارات المقابلة. ويوجد هنالك ايضا ثلاثة من الكلاب، في اطواق ينبح بعضها بعضا.
التقيت هنالك فرجي بيرمي وهو احد المعارف من سديروت. قرر قبل سبعة اشهر الانتقال الى نتيفوت هو وثلاث من بناته بسبب صواريخ القسام في سديروت. استأجر شقة في كتلة سكنية مجاورة. في يوم الجمعة عاد مع احدى بناته الى سديروت وبقيت بنتان في نتيفوت. استقبلوا السبت واستقبلوا صاروخا. حدث عدد من الاشياء الجيدة منذ بدء حرب صواريخ القسام. احدها اجهزة الانذار. فالجيش الاسرائيلي يستعمل رادار جهاز "ناوتيلوس" الامريكي الذي كان يفترض أن يعمل في مواجهة الصواريخ لكنه رفض. يخضع الجهاز للجدل لكن الرادار ممتاز. فهو لا يحدد الخروج فقط بل الاتجاه ايضا. انه جهاز ينقذ الحياة.
معاريف – من بن كاسبيت:
بلا توقعات../
أوقف بوعز أدري سيارته المرسيدس بقرب المقهى في محطة وقود كفار عزة. يأتي كل سبت ههنا من بيته في نتيفوت ليشرب قهوة الصباح. كان هذا السبت مختلفا. فقد ملأت ضجة غامضة السماء. بعقبها ظهرت الطائرات. اسراب تتلو اسرابا من الطائرات، من الشمال والجنوب ملأت السماء. منظر هائل بشرط أن تراه من محطة وقود محايدة. عرف أدري بالضبط ما الذي يحدث هنا. فرح من جهة وخاف من جهة اخرى. اشرقت الشمس وكان الجو صافيا، وامتلأت المنطقة بالمتنزهين وراكبي الدراجات الهوائية. نظروا جميعا الى أعلى الى السماء وفهموا بالضبط ما الذي يحدث. وعندها تفرقوا.
بعد ذلك بوقت قصير سقط سبعة صواريخ على نتيفوت. ما كان لن يكون بعد. فنتيفوت التي ارادت أن تكون تل أبيب الجنوب، تصبح الان سديروت جديدة. مدينة فوارة ومتفائلة وتختلف تمام الاختلاف عن صورتها كـ "مدينة المراقص الليلية"، تحاول الان ان تكيف نفسها للواقع الجديد او ان تحاول في الحقيقة فهمه. "تنتظرنا ايام صعبة"، اعترف امس يحيئيل زوهر رئيس البلدية مرتاحا بين جولة مدنية وعملية توجه مع قائد المنطقة. زوهر محاط الان بافرقة التلفاز. اصبح شهيرا بعد رشقة صواريخ واحدة. اصبح ايلي موئيل الجديد لكنه لا يريد أن يكون ايلي موئيل لكن احدا لا يسأله الان.
الدروس استخلصت
خطب ايهود اولمرت الامة أمس. مرت عليه حربان وهو لم يقضِ بعد ثلاث سنين في منصبه. في يوم الجمعة في مقابلة مع القناة الثانية، قال اولمرت ان يوجد من يكتبون تقارير لجان تحقيق، ويوجد من يصنعون التاريخ. وهو ممن يصنعون التاريخ. في هذه الاثناء يبدو الامر اشبه بالهستيريا (في مقابلة الهستوريا). كان ظهور اولمرت امس نموذجا لاستخلاص الدروس، فقد كان متواضعا ومتزنا ومعتدلا ومترددا. أي فرق بينه وبين رئيس الحكومة الذي خطب خطبة "الى هنا" من فوق منبر الكنيست. كان على حق في الجوهر في الحالتين. لكن الجوهر في الحقيقة لا يقرر. المهم هنا هو الغلاف. والنغمة. والمزاج. لا توجد توقعات الان.
"تحسين الواقع الامني جنوبي البلاد". هذا هو هدف العملية الحالية الى الان. لا يوجد اضيق من ذلك. كل ما تريده اسرائيل ان تعود راجعة بسلام. ومن جهة ثانية انت تعلم كيف تدخل احداثا كهذه لكنك لا تعلم متى وكيف تخرج. يمكن ان يأتي التدهور من كل اتجاه ممكن. من حماس او حزب الله او عرب اسرائيل او عمليات من المناطق او غير ذلك. يجب تصريف ذلك بحذر لكن لا يحل الغفلة.
في هذه المرة ايضا بدأ الامر بضربة جوية مخطط لها، ودقيقة وفتاكة. عمل نموذجي استخباري، وغرفة حرب مشتركة بين الشاباك والجيش الاسرائيلي لاول مرة في ساعة الحرب، او الحرب في ظاهر الامر. في حرب لبنان الثانية ابيد من الجو في غضون ثلاثة وثلاثين دقيقة جميع صواريخ حزب الله البعيدة المدى. في حرب غزة الاولى، ابيد من الجو في غضون ثلاث دقائق واربعين سنة كل مواقع الاطلاق تحت الارض التي اعدتها حماس لتستطيع أن تطلق بحرية اذا نشبت مواجهة واسعة مع الجيش الاسرائيلي. وهكذا نشبت مواجهة واسعة كهذه. لن تطلق حماس النار بحرية. فقد تم القضاء على اكثر هذه المواقع. ومن جهة ثانية ستطلق وتطلق. فالتقدير هو ان الرشقة التي رايناها امس على النقب الغربي مستحجرة. في الايام القريبة سيتبين لنتيفوت انها ليست وحدها. فكريات جات واسدود وظاهر بئر السبع، كل ذلك مستهدِف. سديروت؟ الوضع سيء تماما. ستضطر حماس الى أن تثبت انها ما زالت تملك القوة وان الجولة الحالية لن تنقضي بغير انجازات لها.
ومن جهة ثانية تغيرت الظروف. ففي اسرائيل، والامر يشتمل على الجمهور والاعلام والقيادة، اصبح الجميع على علم بانه لا داعي الى محاولة وقف صواريخ القسام. حتى لو ظلت حماس تطلق الصواريخ حتى آخر يوم فلن يكون هذا مفاجئا. سيحاول الجيش الاسرائيلي ان يحدد نقاط الخروج من جولة العنف هذه من غير أن يفسد كل شيء. ما الذي سيعد انجازا؟ تجديد التهدئة بشروط أشد صرامة، مع بيان ان قذيفة واحدة لن تتقبل بتفهم، من غير وقف الحصار مع تشديد الرقابة على التهريبات. لقد قلنا أن ذلك متواضع.
وماذا عن جلعاد شليت؟ لا شيء. فجلعاد شليت، وهذا يقوله كل من يجب عليهم القول لا تشتمل عليه هذه الصفقة. فاسمه غير مذكور كجزء من صفقة ما. وهذا درس آخر من حرب لبنان الثانية. يوجد في جهاز الامن من يقولون همسا ان الامر قد يكون محسوما. ويقدر آخرون ان حماس قد تستعمل شليت. مثل ادخال عدسات تصوير وبث مقطع يمزق القلب للجندي شاحبا هزيلا. في قبو سجنه، يستجدي الحفاظ على حياته ويطلب الى اسرائيل أن تقف القصف الذي قد يصيبه. سنرى آنذاك قوة صمود القيادة في اسرائيل.
ايهود اولمرت هو أول رئيس حكومة يدير حربا بلا حساب. لم يعد اولمرت معنا. وهو في ظاهر الامر بلا اله. ويستطيع وهو متحرر من قيود السياسة واستطلاعات الرأي ان يقرر على نحو موضوعي. حلم اولمرت ان يعيد جلعاد شليت قبل أن يعيد المفاتيح. ويمكن ان يساعده الكلام في الجهاز السياسي عن تأجيل الانتخابات. والعملية الحالية ايضا. وبالرغم من أن اولمرت خفض التوقعات فلا مانع من أن يحاول المفاجأة وان يأتي بشليت مع كل ذلك. وقد يفشل. وليس يعوزه الفشل.
لفني من اليمين وباراك من اليسار
أمس أجلس اولمرت تسيبي لفني عن يمينه وايهود باراك عن يساره. لم يكن ذلك سهلا. لم يبقَ مكان لبيبي وحده. حملة الليكود المضادة التي كان يفترض أن ترفعها هذا الصباح لافتات في جميع انحاء البلاد ("هذا اكبر منها")، اجلت حتى اشعار آخر. هدوء الان يطلقون النار.
هآرتس – من عميرة هاس:
"كما كانت الحال في بغداد – اختبأ الناس وكان خوف وكراهية"../
جثث كثيرة وجرحى، وفي كل لحظة اضيف جريح الى قائمة القتلى، ولم يعد يوجد مكان في غرفة الموتى؛ ابناء العائلة يبحثون بين الجثث والجرحى للاسراع في دفن موتاهم؛ امرأة قتل ابناؤها الثلاثة وهم طلاب في مدرسة وضع بعضهم على بعض في غرفة الموتى، وهي تصرخ وتبكي وتصرخ ثم تسكت؛ كل هذا رآه مصطفى ابراهيم امس في الواحدة ظهرا في مشفى الشفاء في غزة. كان يعتقد كمحقق ميداني في منظمة حقوق الانسان ان قد حصل على المناعة، لكن لم يعده أي شيء لهذه المناظر. طُلب الى مرضى ليس وضعهم خطرا مغادرة الشفاء واخلاء الاسرة.
د. حيدر عيد محاضر في دراسات الحضارة في جامعة الاقصى. رأى هو ايضا أمس الجثث والجرحى. واولادا مقطوعي الاعضاء ايضا. وقال "اختيار ساعة كهذه الحادي عشرة والنصف بقصف قلب المدينة شيء فظيع. فهذا الاختيار يرمي الى تسبيب مجزرة كبيرة قدر المستطاع".
كان ابو محمد على مبعدة مائتي متر عن المشفى عندما سمع صوت فظيع: فثلاثة من مراكز الشرطة الكبيرة التي قصفت موجودة قرب المشفى."في غضون ثوانٍ اصبح هذه بغداد صغيرة، قصف في كل مكان، ودخان ونار وأناس لا يعرفون اين يختبئون. في كل مكان خوف وغضب وكراهية"، قال.
جرى هو نفسه الى مدرسة بناته مثل عشرات الالاف من الاباء الاخرين في القطاع. في 11:25 – 11:30، قصف نحو من خمسين طائرة مقاتلة اهدافها وكان مئات الاف من الاولاد في الشوارع. خرج بعضهم من فترة الدراسة الاولى ومضى آخرون الى الفترة الثانية. "رأيت في ساحة المدرسة خمسمائة بنت خائفة، تبكي لا تعرفني وتلتصق بي"، قال ابو محمد.
في حي الشيخ رضوان فقط عد ثلاثة واربعون قتيلا. اقيمت خيمة عزاء واحد للجميع. اكثرهم افراد شرطة شبان انضموا الى الشرطة المدنية وقتلوا في مراسم نهاية الدورة. كانت معسكرات تدريب عز الدين القسام ومراكز التحقيق والاعتقال خالية من الناس عندما قصفت. لكن مراكز الشرطة في القطاع التي تقدم خدمات للمواطنين كانت مكتظة بالناس. لم يقدر احد انها ستقصف. بعد الظهر كانوا ما زالوا يبحثون عن جثث بين الانقاض. اسرع خليل شاهين الى محطة الشرطة في مركز القطاع. قال "هذا مبنى ضخم كله على الارض"، قتل نحو من ثلاثين شخصا هناك. علم ان ابن اخيه وهو مدني قتل عندما جاء يستوضح شيئا في الشرطة.
ام صلاح وهي معلمة اعتقدت في البدء أن الانفجار خرق لحاجز الصوت. اهتز المبنى كله والزجاج كله. لكن الدخان وغيوم الغبار، وصفير سيارات الاسعاف، بين لها ان شيئا أفظع قد حدث. اصيب بعض الطلاب بشظايا الزجاج. وكان هنالك من بكى ومن صمت.
في زحام الشارع وجدت ابنها الذي كان يمتحن بالرياضيات ساعة القصف. عادا معا الى البيت ووجدا الاخ الصغير مع الجدة ابنة السبعين التي حاولت اخفاء خوفها عندما اعتنت بالاحفاد. "لم تكد توجد الكهرباء طول الاسبوع الاخير، ولا يوجد غاز ولا دقيق ولا خبز. والقصف الان"، قالت ام صلاح. "وفجأت عادت الكهرباء. أدرت التلفاز ورأيت المناظر واغلقت التلفاز وارسلت الاولاد لتحضير واجباتهم المنزلية".
-----------------------------------------------------
قسم الافتتاحيات الجمعة 28/12/2008
هآرتس – افتتاحية - 28/12/2008
تحديد الأهداف
بقلم: أسرة التحرير
بحسب قرار الحكومة بدأ الجيش الاسرائيلي امس معركة عسكرية في غزة. في موجة الهجوم الجوي الاولى قتل أكثر من مائتي فلسطيني وباطلاق حماس النار ردا على ذلك قتل مواطن اسرائيلي من نتيفوت. وجرح مئات في الجانب الفلسطيني الى جانب عشرات الجرحى في الجانب الاسرائيلي. "هذا وقت القتال"، كما بين أمس وزير الدفاع الواقع الجديد للاسابيع الاخيرة في سديروت وعسقلان وبلدات النقب الغربي. حان الان دور غزة.
يمكن ان نفهم منطق رد الجيش الاسرائيلي. فلم تكن محتاجة الى تحميس وسائل الاعلام التي سلكت سلوك المشجعات المتحمسات في مسابقة، ولا لريح الانتخابات التي تضرب ظهور الساسة الباحثين عن العناوين. فمواطنو النقب الغربي الذين عاشوا في خوف كل يوم، والطلاب المذعورون في رياض الاطفال والمدارس، ومساحة الدولة ذات السيادة المخترقة بلا انقطاع هي التي تمنح العملية شرعيتها.
لكن التفهم ليس بديلا من الحكمة، والطموح المفهوم الى المجازاة لا يجب ان يعشي البصر عن مناظر اليوم الذي يتلو. لان تعبير "زمن القتال" ما زال لا يبين ما هي اهداف الهجوم. فهل تريد اسرائيل "فقط" ان تنقل الى حماس رسالة عنيفة ومخيفة؟ هل القصد تدمير البنية العسكرية والمدنية للحركة؟ او ربما يكون الطموح أبعد مدى الى حد ابعاد حماس عن جميع مراكز السيطرة في غزة ونقل السلطة الى السلطة الفلسطينية التي يرأسها محمود عباس؟ كيف تنوي اسرائيل احراز هذه الاهداف. لان الهجوم الجوي وحده كما يمكن أن نتذكر من حرب لبنان لا يمكن أن يكون كافيا. فهل ينوي الجيش الاسرائيلي ان يلقي في شوارع غزة بالاف الجنود؟ وماذا سيكون عدد القتلى في هذه المرحلة؟
الجمهور الذي تعلم من التجربة لا يمكن أن يفترض مرة اخرى ان الحكومة تعلم ما تفعل، ولا سيما وقد صعب على قادتها صياغة موقف ثابت في الفترة الاخيرة. ذلك الجمهور يعلم جيدا لا من تجربة لبنان وحدها ان السعي الى اهداف بعيدة المدى تغير الواقع كله، مثل ابعاد حماس عن السلطة في غزة قد يتبين أنه احلام يقظة. افضل الاكتفاء باهداف مباشرة، وانجازات نقيصة منضبطة تستطيع اعادة الهدوء كما كان ولا سيما تلك التهدئة التي تمتعت بها اسرائيل خمسة اشهر والتي مكنت سكان غزة ايضا من حياة معقولة.
ان نقض اسرائيل للتهدئة في تشرين الثاني عجل التدهور الذي أفضى الى الحرب أمس. لكن اذا استمرت هذه اياما طويلة بل اسابيع فستنتهي الى اتفاق او الى اتفاق على الاقل يشبه ذلك الذي احرز في حزيران الماضي. لم تتغير شروط حماس للتهدئة وهي: وقف الهجوم على غزة وعلى نشطاء المنظمة في الضفة، وفتح المعابر واطلاق السجناء. وبقيت شروط اسرائيل ايضا كما كانت وهي وقف اطلاق الصواريخ على بلداتها. يحسن تجنيد أي وسيط ممكن من مصر الى قطر الى الولايات المتحدة والى اوروبا لتحقيقها. اصبح يمكننا الافتراض ان الرسالة العسكرية التي نقلتها اسرائيل فهمت كاملة في غزة، ويحسن عدم جعلها كارثة تمنع أي اتفاق في المستقبل.
------------------------------------------------------
تعليق