وصايا للمجاهدين؛ اصبروا على ضريبة الجهاد!
[الكاتب : عيسى بن سعد آل عوشن]
أيها المجاهدون الأبطال الأشاوس:
اعلموا رحمكم الله؛ أنّ الجهاد طريق النصر والعزة والكرامة، ولكنّ له ثمناً باهظاً، وضريبة يدفعها المجاهد بسبب سلوكه هذا الدرب، مبيّنة في كتاب الله تعالى وفق سننه الكونية سبحانه وتعالى.
ففي الجهاد؛ محن وقرح، وفيه مشقة وألم، وفيه فقدان الأحباب، ومفارقة الأصحاب، وفيه سماع أزيز الطائرات ودوي القاذفات وصليل السيوف.
وفيه الخوف والوجل، والحذر الدائم والترقب.
وفيه أذى في المال والأهل، وفي النفس والعرض.
ولكنّ ذلك كله كما قال تعالى: {وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}.
نعم فيه ألم... وكلّ ما ذكرنا.
ولكن هنا حقيقتان لا بد من العلم بهما:
الأولى: أنّ الكفار يألمون كما نألم، ويجدون من الشدة والخوف والنقص في المال والنفس مثل ما نجده بل أشد وأكبر، وذلك كله في سبيل الشيطان وطلب لعاع الدنيا الزائلة وخدمة مبادئ مكذوبة ومغلوطة، فليست الخسائر في صفوفنا نحن فقط، بل هم يذوقون ما نذوق وزيادة.
الثانية: أننا نرجو من الله ما لا يرجون.
فخوفكم أيها المجاهدون؛ أمن وأمان في الآخرة.
وسماعكم لصوت المدافع وأزيز الطائرات؛ أمان من سؤال منكر ونكير وفتنة القبر.
والنقص في الأموال والأولاد والأذى في العرض والنفس؛ جزاؤه عند الله كبير ودرجات عُلى من الجنّة.
والكلم والجرح في سبيل الله وسام فخار في يوم الحشر الأكبر؛ اللون لون الدم، والريح ريح المسك، والموت في هذا الطريق شهادة في سبيل الله.
والخذلان والمخالفة من القريب والبعيد؛ علامة صدق وصحة طريق.
ولذلك صدّر الله تعالى الآية بقوله: {وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ}، نعم... لا تهنوا ولا تكسلوا ولا تلينوا ما دام ما تلاقونه من أذى هو في موازين الحسنات لدى الله.
وتذكروا قول محمد صلى الله عليه وسلم: (إنّ في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله ما بين الدرجة والدرجة كما بين السماء والأرض) [رواه البخاري].
أيها المجاهدون:
إنّ طريق العزة والكرامة مفروش بالمكاره والجراح والمصائب والصعاب، ولكنّه طريق الجنة.
كما جاء في الحديث: (حُفَّت الجنّة بالمكاره).
ليكن لسان حالكم:
قالوا: فتقتلُ، قلتُ: تلك شهادةٌ ولها خرجتُ أريدُ خيرَ جِوَارِ
قالوا: فتُجرَحُ أو تُصَابُ، فقلتُ: ذا يومَ المعادِ لدى الإلهِ فخاري
قالوا: فتُؤسر، قلتُ: يوسف أُسوتي في السِّجنِ قضّى زهرة الأعمار
قالوا: فدربكَ بالمكارهِ مُوحشٌ فعلام تبغي العيشَ في الأخطار؟!
قلتُ: المكارهُ وصفُ دربِ جِنَانِنَا أما النَّعيمُ فوصفُ دربِ النَّار
أيها المجاهدون:
تبصروا بطريقكم وطبيعته، ولا تظنوه مبشراتٍ كله، ولا نصراً كله، بل فيه الشِّدة وبلوغ القلوب الحناجر، وفيه الهزيمة والجراح، وفيه النقص في الأموال والأنفس والثمرات... ولكن؛ {وبشر الصابرين}.
يقول الله تبارك وتعالى: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ * وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.
ويقرر النبي صلى الله عليه وسلم قاعدة في تعامل المؤمن مع كل ما يُلِمُّ به من حزن وفرح، وسراء وضراء، بقوله صلى الله عليه وسلم: (عجباً لأمر المؤمن إنّ أمره كلّه له خير، وليس ذاك لأحدٍ إلاّ للمؤمن، إنْ أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له).
إنّ معرفة طبيعة الطريق وحقيقته؛ تعين المرء على الصبر على مشاقه، والثبات عليه حتى الممات.
وقد بلغني عن أُناس ذهبوا لأراضي الجهاد، فلما ذاقوا حلوها ومُرّها؛ نكصوا منها راجعين وقد ولوا الأدبار، وتركوا طريق الجهاد لما فيه من المشاق - نسأل الله السلامة والثبات -
أيها المجاهدون:
اصبروا على مرارة الطريق، وشدة البلاء... فإنَّ مع العسر يسراً، وإن مع الشدّة الفرج.
ولو كشف الله لكم عن عظيم الأجور المترتبة على الصبر في طريق الجهاد رغم المخذلين والخاذلين والمخالفين؛ لذهب عنكم الملل والتعب.
فسيروا على بركة الله، مستعينين بالله، واعلموا أنّ النّصر صبر ساعة، وأنّه؛ {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}.
عن مجلة صوت الجهاد
العدد التاسع
ذو الحجة / 1424 هـ
اقتباس:
الشيخ الشهيد بإذن الله ؛ أبو سعد، عيسى بن سعد بن محمد آل عوشن الخالدي.
ولد رحمه الله في مدينة الرياض، عام 1397 هـ، والتحق بالمعهد العلمي في "الشفا" في المرحلتين المتوسطة والثانوية، وبعد تخرجه من المرحلة الثانوية التحق بكلية الشريعة بجامعة الإمام بالرياض، ليتخرج منها بتقدير جيد جداً عام 1420هـ.
ثم تم ترشيحه للعمل في سلك القضاء، فمرت عليه سنتان، عمل فيها ملازما قضائياً بالمحكمة الكبرى والمحكمة المستعجلة بالرياض، ثم درس في المعهد العالي للقضاء بضعة أشهر...
تفرغ رحمه الله بعد بدء المرحلة الثانية من الجهاد في الشيشان وداغستان لمناصرة المجاهدين هناك ودعمهم اقتصادياً، تحقيقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من جهز غازياً في سبيل الله فقد غزا) [متفق عليه]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (جاهدوا المشركين بأموالكم وأيديكم وألسنتكم) [رواه الإمام أحمد وأبو داود]، وتمكن خلال تلك الفترة من تحقيق إنجازات كبيرة في جمع الأموال التي تعد الشريان الأهم لاستمرار حياة أي جهاد.
وبعد غزوة نيويورك وواشنطن المباركة وما تبعها من أحداث، انطلق رحمه الله لينضم إلى اخوانه المجاهدين في أفغانستان، لكن شاء له الله ان لا يتمكن من الدخول إلى أفغانستان فاضطر للعودة إلى جزيرة العرب، عن طريق سوريا، وهناك وقع في قبضة المخابرات النصيرية، حيث قضى بعض الوقت في سجونهم، حتى قام النصيرية بتسليمه إلى حكومة "خائن الحرمين"، والتي احتجزته بدورها في سجن "الحائر"، ثم اطلقت سراحه بعد مدة ليست بالطويلة.
بعد خروجة من سجن "الحائر" لم يطب للشيخ أبي سعد القعود عن درب الجهاد، ولم تكن تلك المحن التي مرت به لتكسر من عزيمته أو توهنها، بل إنه ليقول عنها؛ أنها من أفضل أيام حياته... فانطلق رحمه الله يناصر إخوانه المجاهدين بالمال والرأي، غير مبال بتثريب الأحباب وإشفاقهم.
ونظراً لكفائته العالية في المجال الإعلامي، وإيماناً منه بأهمية دور الإعلام في استقطاب الأنصار والذب عن المجاهدين... فقد سخر معظم جهوده في هذا المجال... حيث عمل بجد ومثابرة مع الشيخ الشهيد يوسف العييري في موقع "الدراسات" على شبكة الإنترنت.
وقد تأثر رحمه الله كثيراً بالشيخ العييري، حتى انه كتب ترجمة له بعد استشهاده، قال فيها: (لن ننساك يا أبا محمد... والله إن من عايشك ليصعب عليه أن يتجاهل تأثيرك على حياته... لقد رأيناك تفعل لنصرة الجهاد ما لا تفعله المؤسسات المنظمة والجهود المركزة... لقد كنت فريد المثال نادر الطراز، وقتك كله للجهاد والمجاهدين...) اهـ
تولى رحمه الله الإشراف على موقع "مركز الدراسات والبحوث الإسلامية" بعد استشهاد الشيخ العييري، وأسس بعد إغلاقه - هو ومجموعة من إخوانه - موقع "صوت الجهاد"، كما تولى رئاسة تحرير مجلة "صوت الجهاد" بتكليف من القائد الشهيد عبد العزيز المقرن، وكان كذلك مشرفاً على نشرة "البتار"، وأحد العاملين الرئيسين في عملاق الإعلام الجهادي؛ "مؤسسة السحاب"، وقد تولى دور المعلق في إصدار المؤسسة الشهير؛ "بدر الرياض".
وضِع الشيخ الشهيد عيسى العوشن على قائمة الشرف - قائمة الـ 26 مطلوباً - التي اصدرها نظام آل سلول، بأوامر من أسياده الأمريكان، فاضطر رحمه الله للتكيف مع الوضع الجديد، وكانت مرحلة جديدة من المطاردة والتضييق، إلا انه كان حريصاً ان لا تؤثر على جهاده في المجال الإعلامي... فانطلق في فجاج الأرض يعمل وينشط... ويدعو ويحث... وينتج الإصدارات المتنوعة - مسموعة ومرئية ومكتوبة - ولا يكاد يخلو انتاج إعلامي للمجاهدين في جزيرة العرب من لمساته... وخطه... وصوته... وأفكاره... وإبداعاته.
وفي ليلة الثلاثاء، الثالث من جمادى الآخرة من عام خمسة وعشرين وأربعمائة وألف للهجرة، كان الشيخ أبو سعد على موعد لنيل وسام الشهادة، الذي يسعى كل مجاهد لنيله... حيث قام المرتدون بمداهمة أحد المنازل في أحد أحياء مدينة الرياض، وكان في المنزل أبو سعد وثلة من أصحابه، فآثر الباقية على الفانية، وتصدى للموت، وافتدى إخوانه بنفسه، طالباً منهم الخروج من المنزل على أن يقوم هو وأخوه معجب الدوسري بالتغطية على انسحابهم... وفعلاً بدأت التغطية فأبلى بلاء عظيماً... وقاتل حتى قتل، وقتل معه صاحبه، ونجت بقية المجموعة وتمكنوا من الخروج وفك الأطواق الأمنية المضروبة على منزلهم...
دفن رحمه الله بعد استشهاده في مقبرة "المنصورية"... بجوار صاحبيه؛ خالد السبيت وعبد العزيز المقرن... رحمهم الله جميعاً، ومكننا من القصاص من قاتليهم... وألحقنا بهم غير مبدلين ولا ناكثين.
وكم من حديث عن الأحباب أطربنا وزادنا طرباً لما أعدناه
[الكاتب : عيسى بن سعد آل عوشن]
أيها المجاهدون الأبطال الأشاوس:
اعلموا رحمكم الله؛ أنّ الجهاد طريق النصر والعزة والكرامة، ولكنّ له ثمناً باهظاً، وضريبة يدفعها المجاهد بسبب سلوكه هذا الدرب، مبيّنة في كتاب الله تعالى وفق سننه الكونية سبحانه وتعالى.
ففي الجهاد؛ محن وقرح، وفيه مشقة وألم، وفيه فقدان الأحباب، ومفارقة الأصحاب، وفيه سماع أزيز الطائرات ودوي القاذفات وصليل السيوف.
وفيه الخوف والوجل، والحذر الدائم والترقب.
وفيه أذى في المال والأهل، وفي النفس والعرض.
ولكنّ ذلك كله كما قال تعالى: {وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}.
نعم فيه ألم... وكلّ ما ذكرنا.
ولكن هنا حقيقتان لا بد من العلم بهما:
الأولى: أنّ الكفار يألمون كما نألم، ويجدون من الشدة والخوف والنقص في المال والنفس مثل ما نجده بل أشد وأكبر، وذلك كله في سبيل الشيطان وطلب لعاع الدنيا الزائلة وخدمة مبادئ مكذوبة ومغلوطة، فليست الخسائر في صفوفنا نحن فقط، بل هم يذوقون ما نذوق وزيادة.
الثانية: أننا نرجو من الله ما لا يرجون.
فخوفكم أيها المجاهدون؛ أمن وأمان في الآخرة.
وسماعكم لصوت المدافع وأزيز الطائرات؛ أمان من سؤال منكر ونكير وفتنة القبر.
والنقص في الأموال والأولاد والأذى في العرض والنفس؛ جزاؤه عند الله كبير ودرجات عُلى من الجنّة.
والكلم والجرح في سبيل الله وسام فخار في يوم الحشر الأكبر؛ اللون لون الدم، والريح ريح المسك، والموت في هذا الطريق شهادة في سبيل الله.
والخذلان والمخالفة من القريب والبعيد؛ علامة صدق وصحة طريق.
ولذلك صدّر الله تعالى الآية بقوله: {وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ}، نعم... لا تهنوا ولا تكسلوا ولا تلينوا ما دام ما تلاقونه من أذى هو في موازين الحسنات لدى الله.
وتذكروا قول محمد صلى الله عليه وسلم: (إنّ في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله ما بين الدرجة والدرجة كما بين السماء والأرض) [رواه البخاري].
أيها المجاهدون:
إنّ طريق العزة والكرامة مفروش بالمكاره والجراح والمصائب والصعاب، ولكنّه طريق الجنة.
كما جاء في الحديث: (حُفَّت الجنّة بالمكاره).
ليكن لسان حالكم:
قالوا: فتقتلُ، قلتُ: تلك شهادةٌ ولها خرجتُ أريدُ خيرَ جِوَارِ
قالوا: فتُجرَحُ أو تُصَابُ، فقلتُ: ذا يومَ المعادِ لدى الإلهِ فخاري
قالوا: فتُؤسر، قلتُ: يوسف أُسوتي في السِّجنِ قضّى زهرة الأعمار
قالوا: فدربكَ بالمكارهِ مُوحشٌ فعلام تبغي العيشَ في الأخطار؟!
قلتُ: المكارهُ وصفُ دربِ جِنَانِنَا أما النَّعيمُ فوصفُ دربِ النَّار
أيها المجاهدون:
تبصروا بطريقكم وطبيعته، ولا تظنوه مبشراتٍ كله، ولا نصراً كله، بل فيه الشِّدة وبلوغ القلوب الحناجر، وفيه الهزيمة والجراح، وفيه النقص في الأموال والأنفس والثمرات... ولكن؛ {وبشر الصابرين}.
يقول الله تبارك وتعالى: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ * وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.
ويقرر النبي صلى الله عليه وسلم قاعدة في تعامل المؤمن مع كل ما يُلِمُّ به من حزن وفرح، وسراء وضراء، بقوله صلى الله عليه وسلم: (عجباً لأمر المؤمن إنّ أمره كلّه له خير، وليس ذاك لأحدٍ إلاّ للمؤمن، إنْ أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له).
إنّ معرفة طبيعة الطريق وحقيقته؛ تعين المرء على الصبر على مشاقه، والثبات عليه حتى الممات.
وقد بلغني عن أُناس ذهبوا لأراضي الجهاد، فلما ذاقوا حلوها ومُرّها؛ نكصوا منها راجعين وقد ولوا الأدبار، وتركوا طريق الجهاد لما فيه من المشاق - نسأل الله السلامة والثبات -
أيها المجاهدون:
اصبروا على مرارة الطريق، وشدة البلاء... فإنَّ مع العسر يسراً، وإن مع الشدّة الفرج.
ولو كشف الله لكم عن عظيم الأجور المترتبة على الصبر في طريق الجهاد رغم المخذلين والخاذلين والمخالفين؛ لذهب عنكم الملل والتعب.
فسيروا على بركة الله، مستعينين بالله، واعلموا أنّ النّصر صبر ساعة، وأنّه؛ {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}.
عن مجلة صوت الجهاد
العدد التاسع
ذو الحجة / 1424 هـ
اقتباس:
الشيخ الشهيد بإذن الله ؛ أبو سعد، عيسى بن سعد بن محمد آل عوشن الخالدي.
ولد رحمه الله في مدينة الرياض، عام 1397 هـ، والتحق بالمعهد العلمي في "الشفا" في المرحلتين المتوسطة والثانوية، وبعد تخرجه من المرحلة الثانوية التحق بكلية الشريعة بجامعة الإمام بالرياض، ليتخرج منها بتقدير جيد جداً عام 1420هـ.
ثم تم ترشيحه للعمل في سلك القضاء، فمرت عليه سنتان، عمل فيها ملازما قضائياً بالمحكمة الكبرى والمحكمة المستعجلة بالرياض، ثم درس في المعهد العالي للقضاء بضعة أشهر...
تفرغ رحمه الله بعد بدء المرحلة الثانية من الجهاد في الشيشان وداغستان لمناصرة المجاهدين هناك ودعمهم اقتصادياً، تحقيقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من جهز غازياً في سبيل الله فقد غزا) [متفق عليه]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (جاهدوا المشركين بأموالكم وأيديكم وألسنتكم) [رواه الإمام أحمد وأبو داود]، وتمكن خلال تلك الفترة من تحقيق إنجازات كبيرة في جمع الأموال التي تعد الشريان الأهم لاستمرار حياة أي جهاد.
وبعد غزوة نيويورك وواشنطن المباركة وما تبعها من أحداث، انطلق رحمه الله لينضم إلى اخوانه المجاهدين في أفغانستان، لكن شاء له الله ان لا يتمكن من الدخول إلى أفغانستان فاضطر للعودة إلى جزيرة العرب، عن طريق سوريا، وهناك وقع في قبضة المخابرات النصيرية، حيث قضى بعض الوقت في سجونهم، حتى قام النصيرية بتسليمه إلى حكومة "خائن الحرمين"، والتي احتجزته بدورها في سجن "الحائر"، ثم اطلقت سراحه بعد مدة ليست بالطويلة.
بعد خروجة من سجن "الحائر" لم يطب للشيخ أبي سعد القعود عن درب الجهاد، ولم تكن تلك المحن التي مرت به لتكسر من عزيمته أو توهنها، بل إنه ليقول عنها؛ أنها من أفضل أيام حياته... فانطلق رحمه الله يناصر إخوانه المجاهدين بالمال والرأي، غير مبال بتثريب الأحباب وإشفاقهم.
ونظراً لكفائته العالية في المجال الإعلامي، وإيماناً منه بأهمية دور الإعلام في استقطاب الأنصار والذب عن المجاهدين... فقد سخر معظم جهوده في هذا المجال... حيث عمل بجد ومثابرة مع الشيخ الشهيد يوسف العييري في موقع "الدراسات" على شبكة الإنترنت.
وقد تأثر رحمه الله كثيراً بالشيخ العييري، حتى انه كتب ترجمة له بعد استشهاده، قال فيها: (لن ننساك يا أبا محمد... والله إن من عايشك ليصعب عليه أن يتجاهل تأثيرك على حياته... لقد رأيناك تفعل لنصرة الجهاد ما لا تفعله المؤسسات المنظمة والجهود المركزة... لقد كنت فريد المثال نادر الطراز، وقتك كله للجهاد والمجاهدين...) اهـ
تولى رحمه الله الإشراف على موقع "مركز الدراسات والبحوث الإسلامية" بعد استشهاد الشيخ العييري، وأسس بعد إغلاقه - هو ومجموعة من إخوانه - موقع "صوت الجهاد"، كما تولى رئاسة تحرير مجلة "صوت الجهاد" بتكليف من القائد الشهيد عبد العزيز المقرن، وكان كذلك مشرفاً على نشرة "البتار"، وأحد العاملين الرئيسين في عملاق الإعلام الجهادي؛ "مؤسسة السحاب"، وقد تولى دور المعلق في إصدار المؤسسة الشهير؛ "بدر الرياض".
وضِع الشيخ الشهيد عيسى العوشن على قائمة الشرف - قائمة الـ 26 مطلوباً - التي اصدرها نظام آل سلول، بأوامر من أسياده الأمريكان، فاضطر رحمه الله للتكيف مع الوضع الجديد، وكانت مرحلة جديدة من المطاردة والتضييق، إلا انه كان حريصاً ان لا تؤثر على جهاده في المجال الإعلامي... فانطلق في فجاج الأرض يعمل وينشط... ويدعو ويحث... وينتج الإصدارات المتنوعة - مسموعة ومرئية ومكتوبة - ولا يكاد يخلو انتاج إعلامي للمجاهدين في جزيرة العرب من لمساته... وخطه... وصوته... وأفكاره... وإبداعاته.
وفي ليلة الثلاثاء، الثالث من جمادى الآخرة من عام خمسة وعشرين وأربعمائة وألف للهجرة، كان الشيخ أبو سعد على موعد لنيل وسام الشهادة، الذي يسعى كل مجاهد لنيله... حيث قام المرتدون بمداهمة أحد المنازل في أحد أحياء مدينة الرياض، وكان في المنزل أبو سعد وثلة من أصحابه، فآثر الباقية على الفانية، وتصدى للموت، وافتدى إخوانه بنفسه، طالباً منهم الخروج من المنزل على أن يقوم هو وأخوه معجب الدوسري بالتغطية على انسحابهم... وفعلاً بدأت التغطية فأبلى بلاء عظيماً... وقاتل حتى قتل، وقتل معه صاحبه، ونجت بقية المجموعة وتمكنوا من الخروج وفك الأطواق الأمنية المضروبة على منزلهم...
دفن رحمه الله بعد استشهاده في مقبرة "المنصورية"... بجوار صاحبيه؛ خالد السبيت وعبد العزيز المقرن... رحمهم الله جميعاً، ومكننا من القصاص من قاتليهم... وألحقنا بهم غير مبدلين ولا ناكثين.
وكم من حديث عن الأحباب أطربنا وزادنا طرباً لما أعدناه
تعليق