قراءة فى الصحافة الاسرائيلية - الأربعاء 10/12/2008
نتنياهو، الى يمينك
يديعوت
يوفال كارني:
سارع رئيس الليكود بنيامين نتنياهو أمس الى الاعلان بانه اذا انتخب، فانه سيدير مفاوضات مع السوريين والفلسطينيين. ولكن من المشكوك جدا أن يسمح له أعضاء قائمة الليكود التي انتخبت أول أمس بان يتقدم حتى ولو خطوة صغيرة واحدة في المسيرة السياسية.
رئيس الليكود وجد نفسه مع قائمة يمينية صرفة. كما أن كبارا في الحزب يعترفون بان مثل هذه القائمة لا يمكنها أن تقود خطوة سياسية ذات مغزى. على طول القائمة يوجد رافضو المفاوضات مع الفلسطينيين او مع السوريين، وعلى رأسهم بني بيغن، موشيه بوغي يعلون، موشيه فايغلين والمتمردون الذين نغصوا حياة رئيس الليكود السابق ارئيل شارون عشية فك الارتباط.
وضمت مجموعة المتمردين في حينه النواب جيلا جمليئيل، ايوب قارة، ايهود ياتوم، عوزي لنداو، ميخائيل رتسون وآخرين. بعضهم عاد أمس عصفا الى قائمة الليكود. "الشعب يريد اليمين"، قال المتمردون في احتفال النصر في حدائق المعارض في تل أبيب.
اذا لم يتوجه رئيس الليكود الى المسار السياسي مع السوريين والفلسطينيين، فانه مضمون له هدوء داخلي. اما اذا قرر دفع التسوية السياسية الى الامام وهي تنطوي على تنازلات اقليمية، فمن المتوقع لنحو نصف القائمة أن تتمرد عليه. كثيرون في قائمة الليكود الجديدة يعارضون مبدأ الدولة الفلسطينية ويرفضون اجراء مفاوضات مع السوريين يتم فيها الحديث عن النزول من الجولان.
قائمة الصقور، الرافضين، او المطوقين في القائمة العامة تضم ضمن آخرين جدعون ساعر، جلعاد اردان، روبي ريفلين، بني بيغن، موشيه يعلون، ليئا نس، يولي ادلشتاين، حاييم كاتس، تسيبي حوتبيلي، جيلا جمليئيل، موشيه فايغلين، يريف لفين، ميخائيل رتسون، ايوب قارة، داني دنون، ايهود ياتوم وسغيف اسولين. نواب مثل ساعر أو اردان من غير المتوقع أن يصطدموا بنتنياهو. ولكن نوابا غير ملتزمين بالرئيس سيشعرون احرارا اكثر للمواجهة معه وتنغيص حياته.
من لن يتنازل عن مواقفهم السياسية هم بيغن ويعلون اللذين يعتبران "سورا منيعا" ضد كل خطوة سياسية. بيغن لا يزال يحتفظ بالاراء التاريخية لليكود ("ضفتان للاردن") اما يعلون فعقد انعطافة 180 درجة ويطرح مواقف صقرية استثنائية. فمثلا يرى في عرب اسرائيل مشكلة استراتيجية ويدعي ان لا اساس للتعايش بين العرب واليهود.
النائب الصاخب السابق ايوب قارة، من قادة حركة المتمردين، قال أمس انه قرر "التوبة". وفاجأ قائلا: "انا سأعطي بيبي اسنادا تاما لكل خطوة سلام. اذا كان هناك اتفاق سلام مع سوريا فاني اسير مع نتنياهو. كل ما يفعله – انا وراءه".
إذن هل انتهت فترة المتمردين؟
"انا لن اتمرد على نتنياهو، فبيبي ليس شارون. بيبي صديق طيب وسارة صديقة اكثر طيبة، وعليه فلديّ التزام تجاه هذه العائلة. كفى، لا مزيد من التمرد".
رؤيا فايغلين: ضم المناطق وانسحاب من الامم المتحدة.
هآرتس
يئير اتينغر:
اذا سار كل شيء على ما يرام، فذات يوم سيحتل موشيه فايغلين الحكم وهو لن يضيع وقتا: في غضون مائة يوم سينقل ثورته الى مسارات عملية. بداية سيدعو حكومته الى الصلاة في الحرم، وبعد ذلك فورا سيأمر بانسحاب اسرائيل من الامم المتحدة، و "اغلاق السفارات في المانيا وفي دول لا سامية واستبدالها بمكاتب مصالح فقط". السنة الدراسية في المدارس ستبدأ منذ بداية الولاية "حسب التواريخ العبرية فقط"، وذلك كاعداد للثورة في الرزنامة اليهودية التي "يبدأ يدق في قلب الدولة اليهودية، الساعة اليهودية بدلا من الساعة المسيحية".
بعد ذلك سيتفرغ فايغلين لمعالجة الفلسطينيين. وسيأمر بـ "الوقف التام للدفع بوسائل المعيشة الى سلطة م.ت.ف: المال، البضائع، المياه، الكهرباء والاتصالات. وسيتخذ خطا متصلبا: كل هجوم على اسرائيل سيجر احتلال المنطقة التي بادر سكانها الى العنف، طرد سكانها وتصفية البنى التحتية فيها". ومع ذلك فان الحكومة ستقلص ميزانية الدفاع بالثلث، وهي الخطوة التي ستتاح ضمن امور اخرى من خلال الغاء الاستخدام للسلاح غير الفتاك مثل العيارات المطاطية وقنابل الغاز.
"كل المعدات التي ترمي الى منع الاصابات في الاشتباه مع العدو، خلافا للجوهر الاساس للجيش، ستدمر في احتفال الزامي في كل قاعدة".
تفاصيل الخطة غير مأخوذة من "حملة التمزيق" التي يدعي فايغلين بان نتنياهو يديرها ضده. الخطة، بما في ذلك الاقتباسات، مأخوذة من مقال نشر – حتى أمس واختفى بشكل مفاجيء – في موقع الانترنت للقيادة اليهودية، وهي الحركة التي يقف على رأسها فايغلين.
بعد سنوات يعمل فيها هو ورجاله في الميدان، نجح أول أمس فايغلين لاول مرة في أن يحقق موطىء قدم في قائمة الليكود في الكنيست، في مكان يعتبر واقعيا. ولكن فايغلين لم يخفِ ابدا مخططاته في الوصول الى رئاسة الليكود وقيادة الدولة، وهكذا قال ايضا هذا الاسبوع لـ "هآرتس". مقالات فايغلين ورجال القيادة اليهودية، والتي نشرت في الموقع، تجعل الرؤيا خطة عمل لم يجرِ اخفاؤها ابدا.
حتى يوم أمس، موقع الانترنت النشط، الذي يستضيف مقالات عديدة لفايغلين ورجال القيادة اليهودية عتم عليه بشكل مفاجيء لبضع ساعات بعد نشر نتائج التمهيدية في الليكود. وواجه المتصفحون للموقع البيان التالي: "ايها الرفاق، (والخصوم) الاعزاء! تهانينا من اعماق القلب بالنصر الجارف، نصر الشعب الذي يجلس في صهيون، نصر الخلد لاسرائيل. عقب وضعنا الجديد – عقب الاهداف الجديدة التي تقف على جدول أعمالنا والتي لم نتجرأ حتى الان على الحلم بها – علينا أن نطور الموقع (...) بتهنئة نصر اسرائيل، القيادة اليهودية". وفي سياق اليوم استبدل البيان بصيغة اصغر: "الموقع قيد التطوير، وهو سيعود في الايام القريبة القادمة. العذر منكم".
تطوير أم اخفاء؟
هل خلف "تطوير الموقع" تختفي نية فايغلين ورفاقه التراجع عن خططهم الثورية، ام ربما يخفونها في التوقيت السياسي الحساس؟ ولعله كان رجال نتنياهو هم الذين شخصوا الخطر السياسي وضغطوا باتجاه التعتيم؟ المستشار الاعلامي لفايغلين، امنون شومرون، قال انه "في اعقاب انتصار فايغلين تقرر في القيادة اليهودية تطوير الموقع لمتعة كل المتصفحين الذين يرغبون في قراءة كل مقالات فايغلين".
وتمكنت "هآرتس" من ان تنزل من الموقع قبل تعتيمه بعضا من المضامين التي تتعلق بـ "المائة يوم الاولى بعد احتلال الحكم"، والخطة السياسي لفايغلين التي جاءت تحت عنوان "اليوم التالي". وتتيح المقالات باطلالة على أماني رقم 20 في قائمة الليكود: الخطط لضم المناطق، تشجيع هجرة السكان الفلسطينيين، مقاطعة الالعاب الاولمبية وغيرها. هذه الافكار، لا حاجة للقول، لم تندرج في يافطات الحملة التي ادارها فايغلين في الليكود.
"اليوم التالي" كتبه فايغلين في 2003، في بداية نشاطه في الليكود. وكتب يقول ان الخطة تستوي مع دستور الليكود الذي يفترض "الحفاظ على حق الشعب اليهودي في ارض اسرائيل كحق غير قابل للجدال، المثابرة على اسكان وتطوير كل اجزاء ارض اسرائيل وفرض سيادة الدولة عليها".
وحسب فايغلين "لا يوجد ولم يكن يوجد شعب فلسطيني، ولم تكن ابدا دولة فلسطينية". و "ليس للعرب دافع وطني ايجابي. ليس لديهم ارادة للعودة الى أي وطن وتحقيق القومية "الفلسطينية" الموهومة". وهو يعتقد أن "تطوير أمل العرب هو الذي ولد العنف العربي واقتلاعه هو الذي سيؤدي الى الهدوء"، وعليه، فان "الخطة السياسية البديلة يجب ألا تستند الى تصفية اليأس العربي، بل الى تصفية الامل العربي. اذا كان أملهم هو طردنا، فان تصفية أملهم ستأتي عندما نوضح باننا نتمسك الى الابد بكل اجزاء ارض اسرائيل. تصفية الامل العربي سيصفي بالتالي الارهاب العربي" – على حد قول الصحيفة .
وهو يقترح منح العرب الذين يسكنون في المناطق التي ستضم "حقوق الانسان دون حقوق المواطن، وذلك اذا ما اثبتوا ولاءاً للدولة اليهودية التي تستضيفهم وقبولا بالسيادة اليهودية على بلادهم". في مثل هذا الوضع سيحظى السكان بـ "هوية ماكث شرعي" و "سيكون بوسعهم ادارة شؤونهم الخاصة دون ان يمس احد بحقوق الانسان لديهم".
"حق تقرير المصير سيتعين عليهم ان يجدوه في الدول العربية"، كما يكتب فايغلين ويضيف بان اسرائيل ستشجع "هجرة العرب الى بلدانهم وستساعد قدر امكانها كل عربي معني بذلك، للاستقرار خلف البحر". ويعتقد فايغلين بان فكرة الترحيل مبررة ولكن "نحن نتقدم في الخطة السياسية المقترحة في حل تكتيكي قابل للتطبيق يقدمنا نحو الاهداف الاستراتيجية التي نتشارك فيها مع مؤيدي الترحيل، ولكن خلافا لـ "المرحلين" لا نصرخ فقط اين انت ايها المسيح، بل نبدأ بالعمل في الواقع المعين من أجل ان نجلبه. ومع أن العرب يبقون هنا في هذه الاثناء، الا ان البلاد تنتقل الى ايدينا.
الليكود يتمترس في اليمين
هآرتس
أسرة التحرير
مع صدور نتائج الانتخابات التمهيدية لقائمة الليكود للكنيست الـ 18، أعلن رئيس الحزب بنيامين نتنياهو، بان القيادة الجديدة "ستعيد الامل، الامن والعزة للدولة". ويبدو أن ليس خطأ تعبير "السلام" غاب عن قائمة التحديات التي عددها نتنياهو. التشكيلة البشرية للقائمة الحزبية تفيد بالمذهب الفكري والسياسة المتوقعة أكثر من كل "السلام الاقتصادي" خاصته. نظرة خاطفة على أسماء المرشحين الثلاثين الاولين في القائمة تظهر مجموعة يمينية، حتى يمينية متطرفة، عارضت كل بصيص لمبادرة سلام، من اتفاق اوسلو وحتى اعلان انابوليس. اعضاء الليكود رفعوا الستار عن منتخب بعض من اعضائه تمردوا على خطة فك الارتباط لارئيل شارون، ويتحفظون على اتفاق السلام الذي وقعه مناحيم بيغن مع مصر.
قائمة الليكود للكنيست لا تنسجم وشخصية السياسي المعتدل التي يرغب نتنياهو في أن يعطيها لنفسه. وسواء كان نتنياهو يقصد ذاك الهدف، أم ان اعضاء الحزب انحرفوا يمينا اكثر مما ينبغي على حد ذوقه، فالنتيجة لا تقبل التأويل: معظم المرشحين الرائدين اكتسبوا لانفسهم سمعة بفضل تأييدهم لمشروع الاستيطان، معارض كل تنازل للطرف الفلسطيني والاحتجاج ضد محاولة استئناف المفاوضات مع سوريا. بعضهم برزوا بفضل المبادرات لقصقصة اجنحة المحكمة العليا.
نتنياهو خصص جهودا كبيرة لعزم موشيه فايغلين وعرضه كغريب للاطوار ليس من لحم ودم الحزب. ولكن فايغلين، الذي وصل الى مكان محترم (20) محوط باعضاء رؤياهم السياسية لا تختلف عنه. قبله يوجد سياسيون قدامى مثل روبي ريفلين (المكان الرابع) وبني بيغن (المكان الخامس)، ممن هاجموا نتنياهو نفسه بشدة، في اعقاب التوقيع على اتفاق الخليل واتفاق واي مع ياسر عرفات. وعلى مسافة قصيرة بعدهما يأتي موشيه يعلون (الثامن)، الذي يجند مكانته كرئيس سابق للاركان لازالة كل أمل بانهاء الاحتلال واقامة دولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل. دان مريدور، الذي تبنى في السنوات الاخيرة مواقف معتدلة، اضطر للاكتفاء بالمكان الـ 17. العشرية الثالثة، التي تعتبر حسب الاستطلاعات واقعية، مليئة بشخصيات من اقصى الجناح الصقري لليكود.
الانباء السيئة هي أن حزبا هاما، امسك لسنوات عديدة بلجام الحكم، لم ينجح في أن يضع على رأسه رجالا ونساءا يعرضون طريقا مختلفا عن طريق الليكود القديم – الطريق الذي كان مرصوفا بأزمات امنية وسياسية. كان يمكن أن نتوقع من الزعيم، الذي كرئيس وزراء في اعوام 1996 – 1999 حظي بنظرة قريبة الى الواقع الدولي والتحديات الاقليمية، ان يجتهد أكثر ليضع الى جانبه منتخبا برغماتيا ومتوازنا، بدل أن يغازل جنرال ذي نزعة قوة، رياضي متقاعد وكوميدي متوسط.
الانباء الطيبة هي أن القائمة الجديدة – القديمة تشدد الفارق بين الليكود وبين كديما وحزب العمل. وللناخبين الذين يعتقدون بان تخليد الوضع القائم في المناطق يعرض للخطر مستقبل اسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، يهدد علاقاتها الدولية، ويضعضع علاقاتها مع الجيران العرب، سيكون من السهل أن يختاروا البطاقة التي تتلائم ورؤيتهم الفكرية.
سرقوا له الحزب
يديعوت
سيما كدمون
وجه نتنياهو لم ينم هذه المرة عن شيء. عندما صعد فجرا الى المنصة في حدائق المعارض وعرض "المنتخب الافضل الذي يمكن لاي حزب ان يجلبه الى الدولة"، كدنا نقتنع. ولكن الهواتف والمشاورات الحثيثة التي تواصلت حتى الصباح تدل على ما يجري خلف الكواليس.
يتبين أن نتنياهو سرعان ما فهم بان منتخب الاحلام الذي أمل في عرضه وعمل على نحو مثير للانطباع لاجله في الاسابيع الاخيرة، نبت له ورم. وليس مجرد ورم، بل من النوع الذي سيشوه ويخرب جمال القائمة.
كان نتنياهو يتطلع الى أن يعرض قائمة متوازنة. خليط من اليمين واليسار، القدامى والجدد، وبالاساس: ابقاء فايغلين ورجاله خارجها. هذا التوازن خرق أمس وليس فقط لانه رغم جهوده وصل فايغلين الى المكان العشرين وسيكون جزءا من كتلة الليكود في الكنيست ولا حتى ايضا لان جزءا هاما من رجال نتنياهو الذين شجعهم لم يحققوا انجازات كافية او حتى لم يدخلوا الى القائمة.
التوازن خرق اساسا لان القائمة التي انتخبها أمس منتسبو الليكود، تدل على عودة المتمردين. تلك المجموعة من الاشخاص الذين نغصوا عيش شارون وحاولوا منعه من تنفيذ خطوات سياسية. والفارق هو انه اذا كانت هذه المجموعة يقودها في الماضي عوزي لنداو، فان هذه المرة سيكون فايغلين هو الذين يحافظ على التسويغ للكتلة وهو الذي سيحاول فرض مواقفه على الليكود.
وهذا هو السبب الذي جعل ابتداء من فجر امس كل العقول في قيادة الحزب يعملون لايجاد طريقة يخرجون فيها فايغلين من المكان العشرين الى اسفل القائمة. ولشدة الحظ وجد نص في دستور الليكود، جرب ذات مرة في انتخابات 2003، حين انتخب اولمرت في هوامش القائمة القطرية ونقل حتى المكان الـ 33، بعد الاقاليم، ومعه ريفلين الى المكان الـ 37. واذا ما طبقت هذه القاعدة هذه المرة ايضا، فان فايغلين سيهبط الى ما وراء جبال الظلام، بعد الاقاليم والقطاعات، في مكان ما هناك في المكان الـ 35 ومعه ايضا ميخي رتسون وايهود ياتوم.
هذه بشرى طيبة لنتنياهو، الذي يشعر انهم سرقوا له الحزب. فبدلا من حزب يميني مع وجه نحو الوسط، في بحث عن الستة مقاعد الضائعة، التي تبحر بين الليكود وكديما، حصل على حزب يميني – صقري، من فكر بالانضمام اليه في ضوء قوى معتدلة مثل مريدور، حيفتس ودايان، من شأنه ان يدير له ظهر المجن متجها نحو كديما.
غير أن هذا حاليا لم يحصل: حسب استطلاع اجراه امس ليلا معهد "داحف" برئاسة مينا تسيمح فقد الليكود مقعدا واحدا فقط، وهو يبلغ اليوم 31 مقعدا. اذا كان هذا هو ثمن القائمة التي انتخبت امس، فان بوسع نتنياهو بالتأكيد أن يكون راضيا. من السابق لاوانه القول منذ الان ولكن يبدو أن الجمهور لم ينذعر تماما من القائمة الفايغلانية التي عرضها الليكود. اما كديما بالمقابل فنزل مقعدين، وهو يبلغ 24 مقعدا. وسيتعين عليه أن يعرض منتخبا لامعا على نحو خاص في تمهيديته الاسبوع القادم كي يغير الميل. وسجل لحزب العمل انجاز جميل، وهو يرتفع من 8 مقاعد الى 11. يبدو ان التمهيدية الناجحة نسبيا والقائمة المتوازنة اعادت بعض المقاعد من كديما الى العمل. ومن غير المستبعد أن يكون لاخلاء الخليل، الذي اعتبر عملية ناجحة لباراك نصيب في ذلك.
مهما يكن من امر، فلن يكون الحال سهلا على الليكود في الفترة القريبة. شهران قبل الانتخابات، ورئيس الليكود يختبر في أمرين: هل يوجد حوله قيادة جدية ستساعده في ادارة الدولة، وهل الكتلة التي يصل معها الى الكنيست ستسمح له، حين تسمح له الظروف، في أن يتخذ القرارات السياسية. شارون كان مستعدا لان يصطدم مع تلك الكتلة التي رفضت اعطاءه امكانية التقدم بمصالح الدولة. فهل سيكون نتنياهو قادرا على أن يفعل ذلك؟
فايغلين والصندوق الحديدي
معاريف
شالوم يروشالمي
موشيه فايغلين، الرجل الذي لم يخفِ العطف الذي كان يكنه لباروخ غولدشتاين، القاتل في الحرم الابراهيمي، ومن يعتقد أن اغتيال رابين كان مؤامرة من المخابرات ومن حزب العمل، هو السياسي الذي قرر أول أمس تركيبة قائمة حزب السلطة القادم.
فايغلين تجول مع صندوق حديدي لقرابة 7 الاف منتسب مصممين وعنيدين وصمم معهم القائمة، من المكان الاول وحتى الاخير. بعض المتنافسين الذين دخلوا الى اماكن حقيقية بفضل فايغلين سيصبحون في الكنيست التالية جنوده ومنفذي كلمته. ولن يرغب أي منهم في أن يتورط معه إذ ستكون انتخابات داخلية اخرى في نهاية الولاية، والتي كما هو معروف تستمر عندنا بين سنتين ونصف وثلاث سنوات.
بني بيغن، جدعون ساعر، روبي ريفلين وموشيه كحلون مدينون هم ايضا بمكانهم العالي في القائمة لفايغلين. كلهم كانوا موصى بهم في القائمة التي وزعها الموالون له في المداخل على صناديق الاقتراع. فهل أعطوا فايغلين شيئا بالمقابل؟ هل نسجوا معه صفقة خلف ظهر بنيامين نتنياهو الغاضب؟
من الصعب الافتراض ان بيغن يعرف ما هي الصفقة السياسية. جدعون ساعر حظي بانجاز نادر في فارق هائل مع خصومه. من جهة اخرى، فان ساعر، ريفلين وكحلون لم يساعدوا نتنياهو في حرب الابادة التي اعلنها على فايغلين ولم يخرجوا ضده بكل القوة – الامر الذي ساعده في الحصول على الشرعية. أحدهم كان حتى في طريقه الى اجتماع تضامني مع فايغلين يوم الاربعاء قبل اسبوعين في فندق رمادا رينسانس في القدس، وفقط مكالمة من نتنياهو اجبرته على الالتفاف عائدا.
الضرر الذي تكبده نتنياهو هائل. رئيس الليكود تلقى ضربة زعامية، صورية وسياسية، يتعين عليه أن ينتعش منها سريعا، وليس واضحا كيف. من ناحية الصورة، الليكود اتجه في الاتجاه المعاكس للاتجاه الذي قاده نتنياهو، ولم تجديه كل المؤتمرات الصحافية مع عوزي دايان، اسف حيفتس، تل برودي وكل الاخرين الذين بقوا في خارج القائمة.
الليكود موديل 2009 بعد التمهيدية هو حزب يميني – متطرف، ديني، حريدي واشكنازي. اذا قرر نتنياهو السير في خطوات سلام تنطوي على تنازلات فسيصطدم ببني بيغن، بوغي يعلون، موشيه فايغلين والموالين له بوعز هعتسني، كيتي شطريت، يريف لفين وسغيف اسولين، زائد مجموعة "المتمردين" الذين سيعودون الى الكنيست بخطوة مرفوعة الرأس – ايهود ياتوم، ميخائيل رتسون، ايوب قارة وجيلا جمليئيل. إذن ما الغرو في أن نتنياهو تحدث أمس بحرارة كبيرة عن حكومة وحدة "واسعة قدر الامكان"؟ لعل خلاصه السياسي سيأتيه من العمل او من كديما.
كما أن سلفان شالوم تلقى صفعة غير بسيطة من عدة اتجاهات. فايغلين لم يدعمه ولهذا فقد تدهور الى المكان السابع. نتنياهو وفايغلين معا حارباه في الاقاليم، حيث فشل معظم مرشحيه – ايهود دنون في تل أبيب، مريان غريسرو في السهل الساحلي، اريك برمي في حيفا وغيرهم. سلفان ملك الميدان والرجل كثير القوة، غير القادر على ان يدخل الى الكنيست ابن عمه اندريه اوزن في بئر السبع ضعف بشكل دراماتيكي حتى لو قدم نتنياهو له الاحترام ورفعه معه الى المنصة في حدائق المعارض.
نتنياهو، الى يمينك
يديعوت
يوفال كارني:
سارع رئيس الليكود بنيامين نتنياهو أمس الى الاعلان بانه اذا انتخب، فانه سيدير مفاوضات مع السوريين والفلسطينيين. ولكن من المشكوك جدا أن يسمح له أعضاء قائمة الليكود التي انتخبت أول أمس بان يتقدم حتى ولو خطوة صغيرة واحدة في المسيرة السياسية.
رئيس الليكود وجد نفسه مع قائمة يمينية صرفة. كما أن كبارا في الحزب يعترفون بان مثل هذه القائمة لا يمكنها أن تقود خطوة سياسية ذات مغزى. على طول القائمة يوجد رافضو المفاوضات مع الفلسطينيين او مع السوريين، وعلى رأسهم بني بيغن، موشيه بوغي يعلون، موشيه فايغلين والمتمردون الذين نغصوا حياة رئيس الليكود السابق ارئيل شارون عشية فك الارتباط.
وضمت مجموعة المتمردين في حينه النواب جيلا جمليئيل، ايوب قارة، ايهود ياتوم، عوزي لنداو، ميخائيل رتسون وآخرين. بعضهم عاد أمس عصفا الى قائمة الليكود. "الشعب يريد اليمين"، قال المتمردون في احتفال النصر في حدائق المعارض في تل أبيب.
اذا لم يتوجه رئيس الليكود الى المسار السياسي مع السوريين والفلسطينيين، فانه مضمون له هدوء داخلي. اما اذا قرر دفع التسوية السياسية الى الامام وهي تنطوي على تنازلات اقليمية، فمن المتوقع لنحو نصف القائمة أن تتمرد عليه. كثيرون في قائمة الليكود الجديدة يعارضون مبدأ الدولة الفلسطينية ويرفضون اجراء مفاوضات مع السوريين يتم فيها الحديث عن النزول من الجولان.
قائمة الصقور، الرافضين، او المطوقين في القائمة العامة تضم ضمن آخرين جدعون ساعر، جلعاد اردان، روبي ريفلين، بني بيغن، موشيه يعلون، ليئا نس، يولي ادلشتاين، حاييم كاتس، تسيبي حوتبيلي، جيلا جمليئيل، موشيه فايغلين، يريف لفين، ميخائيل رتسون، ايوب قارة، داني دنون، ايهود ياتوم وسغيف اسولين. نواب مثل ساعر أو اردان من غير المتوقع أن يصطدموا بنتنياهو. ولكن نوابا غير ملتزمين بالرئيس سيشعرون احرارا اكثر للمواجهة معه وتنغيص حياته.
من لن يتنازل عن مواقفهم السياسية هم بيغن ويعلون اللذين يعتبران "سورا منيعا" ضد كل خطوة سياسية. بيغن لا يزال يحتفظ بالاراء التاريخية لليكود ("ضفتان للاردن") اما يعلون فعقد انعطافة 180 درجة ويطرح مواقف صقرية استثنائية. فمثلا يرى في عرب اسرائيل مشكلة استراتيجية ويدعي ان لا اساس للتعايش بين العرب واليهود.
النائب الصاخب السابق ايوب قارة، من قادة حركة المتمردين، قال أمس انه قرر "التوبة". وفاجأ قائلا: "انا سأعطي بيبي اسنادا تاما لكل خطوة سلام. اذا كان هناك اتفاق سلام مع سوريا فاني اسير مع نتنياهو. كل ما يفعله – انا وراءه".
إذن هل انتهت فترة المتمردين؟
"انا لن اتمرد على نتنياهو، فبيبي ليس شارون. بيبي صديق طيب وسارة صديقة اكثر طيبة، وعليه فلديّ التزام تجاه هذه العائلة. كفى، لا مزيد من التمرد".
رؤيا فايغلين: ضم المناطق وانسحاب من الامم المتحدة.
هآرتس
يئير اتينغر:
اذا سار كل شيء على ما يرام، فذات يوم سيحتل موشيه فايغلين الحكم وهو لن يضيع وقتا: في غضون مائة يوم سينقل ثورته الى مسارات عملية. بداية سيدعو حكومته الى الصلاة في الحرم، وبعد ذلك فورا سيأمر بانسحاب اسرائيل من الامم المتحدة، و "اغلاق السفارات في المانيا وفي دول لا سامية واستبدالها بمكاتب مصالح فقط". السنة الدراسية في المدارس ستبدأ منذ بداية الولاية "حسب التواريخ العبرية فقط"، وذلك كاعداد للثورة في الرزنامة اليهودية التي "يبدأ يدق في قلب الدولة اليهودية، الساعة اليهودية بدلا من الساعة المسيحية".
بعد ذلك سيتفرغ فايغلين لمعالجة الفلسطينيين. وسيأمر بـ "الوقف التام للدفع بوسائل المعيشة الى سلطة م.ت.ف: المال، البضائع، المياه، الكهرباء والاتصالات. وسيتخذ خطا متصلبا: كل هجوم على اسرائيل سيجر احتلال المنطقة التي بادر سكانها الى العنف، طرد سكانها وتصفية البنى التحتية فيها". ومع ذلك فان الحكومة ستقلص ميزانية الدفاع بالثلث، وهي الخطوة التي ستتاح ضمن امور اخرى من خلال الغاء الاستخدام للسلاح غير الفتاك مثل العيارات المطاطية وقنابل الغاز.
"كل المعدات التي ترمي الى منع الاصابات في الاشتباه مع العدو، خلافا للجوهر الاساس للجيش، ستدمر في احتفال الزامي في كل قاعدة".
تفاصيل الخطة غير مأخوذة من "حملة التمزيق" التي يدعي فايغلين بان نتنياهو يديرها ضده. الخطة، بما في ذلك الاقتباسات، مأخوذة من مقال نشر – حتى أمس واختفى بشكل مفاجيء – في موقع الانترنت للقيادة اليهودية، وهي الحركة التي يقف على رأسها فايغلين.
بعد سنوات يعمل فيها هو ورجاله في الميدان، نجح أول أمس فايغلين لاول مرة في أن يحقق موطىء قدم في قائمة الليكود في الكنيست، في مكان يعتبر واقعيا. ولكن فايغلين لم يخفِ ابدا مخططاته في الوصول الى رئاسة الليكود وقيادة الدولة، وهكذا قال ايضا هذا الاسبوع لـ "هآرتس". مقالات فايغلين ورجال القيادة اليهودية، والتي نشرت في الموقع، تجعل الرؤيا خطة عمل لم يجرِ اخفاؤها ابدا.
حتى يوم أمس، موقع الانترنت النشط، الذي يستضيف مقالات عديدة لفايغلين ورجال القيادة اليهودية عتم عليه بشكل مفاجيء لبضع ساعات بعد نشر نتائج التمهيدية في الليكود. وواجه المتصفحون للموقع البيان التالي: "ايها الرفاق، (والخصوم) الاعزاء! تهانينا من اعماق القلب بالنصر الجارف، نصر الشعب الذي يجلس في صهيون، نصر الخلد لاسرائيل. عقب وضعنا الجديد – عقب الاهداف الجديدة التي تقف على جدول أعمالنا والتي لم نتجرأ حتى الان على الحلم بها – علينا أن نطور الموقع (...) بتهنئة نصر اسرائيل، القيادة اليهودية". وفي سياق اليوم استبدل البيان بصيغة اصغر: "الموقع قيد التطوير، وهو سيعود في الايام القريبة القادمة. العذر منكم".
تطوير أم اخفاء؟
هل خلف "تطوير الموقع" تختفي نية فايغلين ورفاقه التراجع عن خططهم الثورية، ام ربما يخفونها في التوقيت السياسي الحساس؟ ولعله كان رجال نتنياهو هم الذين شخصوا الخطر السياسي وضغطوا باتجاه التعتيم؟ المستشار الاعلامي لفايغلين، امنون شومرون، قال انه "في اعقاب انتصار فايغلين تقرر في القيادة اليهودية تطوير الموقع لمتعة كل المتصفحين الذين يرغبون في قراءة كل مقالات فايغلين".
وتمكنت "هآرتس" من ان تنزل من الموقع قبل تعتيمه بعضا من المضامين التي تتعلق بـ "المائة يوم الاولى بعد احتلال الحكم"، والخطة السياسي لفايغلين التي جاءت تحت عنوان "اليوم التالي". وتتيح المقالات باطلالة على أماني رقم 20 في قائمة الليكود: الخطط لضم المناطق، تشجيع هجرة السكان الفلسطينيين، مقاطعة الالعاب الاولمبية وغيرها. هذه الافكار، لا حاجة للقول، لم تندرج في يافطات الحملة التي ادارها فايغلين في الليكود.
"اليوم التالي" كتبه فايغلين في 2003، في بداية نشاطه في الليكود. وكتب يقول ان الخطة تستوي مع دستور الليكود الذي يفترض "الحفاظ على حق الشعب اليهودي في ارض اسرائيل كحق غير قابل للجدال، المثابرة على اسكان وتطوير كل اجزاء ارض اسرائيل وفرض سيادة الدولة عليها".
وحسب فايغلين "لا يوجد ولم يكن يوجد شعب فلسطيني، ولم تكن ابدا دولة فلسطينية". و "ليس للعرب دافع وطني ايجابي. ليس لديهم ارادة للعودة الى أي وطن وتحقيق القومية "الفلسطينية" الموهومة". وهو يعتقد أن "تطوير أمل العرب هو الذي ولد العنف العربي واقتلاعه هو الذي سيؤدي الى الهدوء"، وعليه، فان "الخطة السياسية البديلة يجب ألا تستند الى تصفية اليأس العربي، بل الى تصفية الامل العربي. اذا كان أملهم هو طردنا، فان تصفية أملهم ستأتي عندما نوضح باننا نتمسك الى الابد بكل اجزاء ارض اسرائيل. تصفية الامل العربي سيصفي بالتالي الارهاب العربي" – على حد قول الصحيفة .
وهو يقترح منح العرب الذين يسكنون في المناطق التي ستضم "حقوق الانسان دون حقوق المواطن، وذلك اذا ما اثبتوا ولاءاً للدولة اليهودية التي تستضيفهم وقبولا بالسيادة اليهودية على بلادهم". في مثل هذا الوضع سيحظى السكان بـ "هوية ماكث شرعي" و "سيكون بوسعهم ادارة شؤونهم الخاصة دون ان يمس احد بحقوق الانسان لديهم".
"حق تقرير المصير سيتعين عليهم ان يجدوه في الدول العربية"، كما يكتب فايغلين ويضيف بان اسرائيل ستشجع "هجرة العرب الى بلدانهم وستساعد قدر امكانها كل عربي معني بذلك، للاستقرار خلف البحر". ويعتقد فايغلين بان فكرة الترحيل مبررة ولكن "نحن نتقدم في الخطة السياسية المقترحة في حل تكتيكي قابل للتطبيق يقدمنا نحو الاهداف الاستراتيجية التي نتشارك فيها مع مؤيدي الترحيل، ولكن خلافا لـ "المرحلين" لا نصرخ فقط اين انت ايها المسيح، بل نبدأ بالعمل في الواقع المعين من أجل ان نجلبه. ومع أن العرب يبقون هنا في هذه الاثناء، الا ان البلاد تنتقل الى ايدينا.
الليكود يتمترس في اليمين
هآرتس
أسرة التحرير
مع صدور نتائج الانتخابات التمهيدية لقائمة الليكود للكنيست الـ 18، أعلن رئيس الحزب بنيامين نتنياهو، بان القيادة الجديدة "ستعيد الامل، الامن والعزة للدولة". ويبدو أن ليس خطأ تعبير "السلام" غاب عن قائمة التحديات التي عددها نتنياهو. التشكيلة البشرية للقائمة الحزبية تفيد بالمذهب الفكري والسياسة المتوقعة أكثر من كل "السلام الاقتصادي" خاصته. نظرة خاطفة على أسماء المرشحين الثلاثين الاولين في القائمة تظهر مجموعة يمينية، حتى يمينية متطرفة، عارضت كل بصيص لمبادرة سلام، من اتفاق اوسلو وحتى اعلان انابوليس. اعضاء الليكود رفعوا الستار عن منتخب بعض من اعضائه تمردوا على خطة فك الارتباط لارئيل شارون، ويتحفظون على اتفاق السلام الذي وقعه مناحيم بيغن مع مصر.
قائمة الليكود للكنيست لا تنسجم وشخصية السياسي المعتدل التي يرغب نتنياهو في أن يعطيها لنفسه. وسواء كان نتنياهو يقصد ذاك الهدف، أم ان اعضاء الحزب انحرفوا يمينا اكثر مما ينبغي على حد ذوقه، فالنتيجة لا تقبل التأويل: معظم المرشحين الرائدين اكتسبوا لانفسهم سمعة بفضل تأييدهم لمشروع الاستيطان، معارض كل تنازل للطرف الفلسطيني والاحتجاج ضد محاولة استئناف المفاوضات مع سوريا. بعضهم برزوا بفضل المبادرات لقصقصة اجنحة المحكمة العليا.
نتنياهو خصص جهودا كبيرة لعزم موشيه فايغلين وعرضه كغريب للاطوار ليس من لحم ودم الحزب. ولكن فايغلين، الذي وصل الى مكان محترم (20) محوط باعضاء رؤياهم السياسية لا تختلف عنه. قبله يوجد سياسيون قدامى مثل روبي ريفلين (المكان الرابع) وبني بيغن (المكان الخامس)، ممن هاجموا نتنياهو نفسه بشدة، في اعقاب التوقيع على اتفاق الخليل واتفاق واي مع ياسر عرفات. وعلى مسافة قصيرة بعدهما يأتي موشيه يعلون (الثامن)، الذي يجند مكانته كرئيس سابق للاركان لازالة كل أمل بانهاء الاحتلال واقامة دولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل. دان مريدور، الذي تبنى في السنوات الاخيرة مواقف معتدلة، اضطر للاكتفاء بالمكان الـ 17. العشرية الثالثة، التي تعتبر حسب الاستطلاعات واقعية، مليئة بشخصيات من اقصى الجناح الصقري لليكود.
الانباء السيئة هي أن حزبا هاما، امسك لسنوات عديدة بلجام الحكم، لم ينجح في أن يضع على رأسه رجالا ونساءا يعرضون طريقا مختلفا عن طريق الليكود القديم – الطريق الذي كان مرصوفا بأزمات امنية وسياسية. كان يمكن أن نتوقع من الزعيم، الذي كرئيس وزراء في اعوام 1996 – 1999 حظي بنظرة قريبة الى الواقع الدولي والتحديات الاقليمية، ان يجتهد أكثر ليضع الى جانبه منتخبا برغماتيا ومتوازنا، بدل أن يغازل جنرال ذي نزعة قوة، رياضي متقاعد وكوميدي متوسط.
الانباء الطيبة هي أن القائمة الجديدة – القديمة تشدد الفارق بين الليكود وبين كديما وحزب العمل. وللناخبين الذين يعتقدون بان تخليد الوضع القائم في المناطق يعرض للخطر مستقبل اسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، يهدد علاقاتها الدولية، ويضعضع علاقاتها مع الجيران العرب، سيكون من السهل أن يختاروا البطاقة التي تتلائم ورؤيتهم الفكرية.
سرقوا له الحزب
يديعوت
سيما كدمون
وجه نتنياهو لم ينم هذه المرة عن شيء. عندما صعد فجرا الى المنصة في حدائق المعارض وعرض "المنتخب الافضل الذي يمكن لاي حزب ان يجلبه الى الدولة"، كدنا نقتنع. ولكن الهواتف والمشاورات الحثيثة التي تواصلت حتى الصباح تدل على ما يجري خلف الكواليس.
يتبين أن نتنياهو سرعان ما فهم بان منتخب الاحلام الذي أمل في عرضه وعمل على نحو مثير للانطباع لاجله في الاسابيع الاخيرة، نبت له ورم. وليس مجرد ورم، بل من النوع الذي سيشوه ويخرب جمال القائمة.
كان نتنياهو يتطلع الى أن يعرض قائمة متوازنة. خليط من اليمين واليسار، القدامى والجدد، وبالاساس: ابقاء فايغلين ورجاله خارجها. هذا التوازن خرق أمس وليس فقط لانه رغم جهوده وصل فايغلين الى المكان العشرين وسيكون جزءا من كتلة الليكود في الكنيست ولا حتى ايضا لان جزءا هاما من رجال نتنياهو الذين شجعهم لم يحققوا انجازات كافية او حتى لم يدخلوا الى القائمة.
التوازن خرق اساسا لان القائمة التي انتخبها أمس منتسبو الليكود، تدل على عودة المتمردين. تلك المجموعة من الاشخاص الذين نغصوا عيش شارون وحاولوا منعه من تنفيذ خطوات سياسية. والفارق هو انه اذا كانت هذه المجموعة يقودها في الماضي عوزي لنداو، فان هذه المرة سيكون فايغلين هو الذين يحافظ على التسويغ للكتلة وهو الذي سيحاول فرض مواقفه على الليكود.
وهذا هو السبب الذي جعل ابتداء من فجر امس كل العقول في قيادة الحزب يعملون لايجاد طريقة يخرجون فيها فايغلين من المكان العشرين الى اسفل القائمة. ولشدة الحظ وجد نص في دستور الليكود، جرب ذات مرة في انتخابات 2003، حين انتخب اولمرت في هوامش القائمة القطرية ونقل حتى المكان الـ 33، بعد الاقاليم، ومعه ريفلين الى المكان الـ 37. واذا ما طبقت هذه القاعدة هذه المرة ايضا، فان فايغلين سيهبط الى ما وراء جبال الظلام، بعد الاقاليم والقطاعات، في مكان ما هناك في المكان الـ 35 ومعه ايضا ميخي رتسون وايهود ياتوم.
هذه بشرى طيبة لنتنياهو، الذي يشعر انهم سرقوا له الحزب. فبدلا من حزب يميني مع وجه نحو الوسط، في بحث عن الستة مقاعد الضائعة، التي تبحر بين الليكود وكديما، حصل على حزب يميني – صقري، من فكر بالانضمام اليه في ضوء قوى معتدلة مثل مريدور، حيفتس ودايان، من شأنه ان يدير له ظهر المجن متجها نحو كديما.
غير أن هذا حاليا لم يحصل: حسب استطلاع اجراه امس ليلا معهد "داحف" برئاسة مينا تسيمح فقد الليكود مقعدا واحدا فقط، وهو يبلغ اليوم 31 مقعدا. اذا كان هذا هو ثمن القائمة التي انتخبت امس، فان بوسع نتنياهو بالتأكيد أن يكون راضيا. من السابق لاوانه القول منذ الان ولكن يبدو أن الجمهور لم ينذعر تماما من القائمة الفايغلانية التي عرضها الليكود. اما كديما بالمقابل فنزل مقعدين، وهو يبلغ 24 مقعدا. وسيتعين عليه أن يعرض منتخبا لامعا على نحو خاص في تمهيديته الاسبوع القادم كي يغير الميل. وسجل لحزب العمل انجاز جميل، وهو يرتفع من 8 مقاعد الى 11. يبدو ان التمهيدية الناجحة نسبيا والقائمة المتوازنة اعادت بعض المقاعد من كديما الى العمل. ومن غير المستبعد أن يكون لاخلاء الخليل، الذي اعتبر عملية ناجحة لباراك نصيب في ذلك.
مهما يكن من امر، فلن يكون الحال سهلا على الليكود في الفترة القريبة. شهران قبل الانتخابات، ورئيس الليكود يختبر في أمرين: هل يوجد حوله قيادة جدية ستساعده في ادارة الدولة، وهل الكتلة التي يصل معها الى الكنيست ستسمح له، حين تسمح له الظروف، في أن يتخذ القرارات السياسية. شارون كان مستعدا لان يصطدم مع تلك الكتلة التي رفضت اعطاءه امكانية التقدم بمصالح الدولة. فهل سيكون نتنياهو قادرا على أن يفعل ذلك؟
فايغلين والصندوق الحديدي
معاريف
شالوم يروشالمي
موشيه فايغلين، الرجل الذي لم يخفِ العطف الذي كان يكنه لباروخ غولدشتاين، القاتل في الحرم الابراهيمي، ومن يعتقد أن اغتيال رابين كان مؤامرة من المخابرات ومن حزب العمل، هو السياسي الذي قرر أول أمس تركيبة قائمة حزب السلطة القادم.
فايغلين تجول مع صندوق حديدي لقرابة 7 الاف منتسب مصممين وعنيدين وصمم معهم القائمة، من المكان الاول وحتى الاخير. بعض المتنافسين الذين دخلوا الى اماكن حقيقية بفضل فايغلين سيصبحون في الكنيست التالية جنوده ومنفذي كلمته. ولن يرغب أي منهم في أن يتورط معه إذ ستكون انتخابات داخلية اخرى في نهاية الولاية، والتي كما هو معروف تستمر عندنا بين سنتين ونصف وثلاث سنوات.
بني بيغن، جدعون ساعر، روبي ريفلين وموشيه كحلون مدينون هم ايضا بمكانهم العالي في القائمة لفايغلين. كلهم كانوا موصى بهم في القائمة التي وزعها الموالون له في المداخل على صناديق الاقتراع. فهل أعطوا فايغلين شيئا بالمقابل؟ هل نسجوا معه صفقة خلف ظهر بنيامين نتنياهو الغاضب؟
من الصعب الافتراض ان بيغن يعرف ما هي الصفقة السياسية. جدعون ساعر حظي بانجاز نادر في فارق هائل مع خصومه. من جهة اخرى، فان ساعر، ريفلين وكحلون لم يساعدوا نتنياهو في حرب الابادة التي اعلنها على فايغلين ولم يخرجوا ضده بكل القوة – الامر الذي ساعده في الحصول على الشرعية. أحدهم كان حتى في طريقه الى اجتماع تضامني مع فايغلين يوم الاربعاء قبل اسبوعين في فندق رمادا رينسانس في القدس، وفقط مكالمة من نتنياهو اجبرته على الالتفاف عائدا.
الضرر الذي تكبده نتنياهو هائل. رئيس الليكود تلقى ضربة زعامية، صورية وسياسية، يتعين عليه أن ينتعش منها سريعا، وليس واضحا كيف. من ناحية الصورة، الليكود اتجه في الاتجاه المعاكس للاتجاه الذي قاده نتنياهو، ولم تجديه كل المؤتمرات الصحافية مع عوزي دايان، اسف حيفتس، تل برودي وكل الاخرين الذين بقوا في خارج القائمة.
الليكود موديل 2009 بعد التمهيدية هو حزب يميني – متطرف، ديني، حريدي واشكنازي. اذا قرر نتنياهو السير في خطوات سلام تنطوي على تنازلات فسيصطدم ببني بيغن، بوغي يعلون، موشيه فايغلين والموالين له بوعز هعتسني، كيتي شطريت، يريف لفين وسغيف اسولين، زائد مجموعة "المتمردين" الذين سيعودون الى الكنيست بخطوة مرفوعة الرأس – ايهود ياتوم، ميخائيل رتسون، ايوب قارة وجيلا جمليئيل. إذن ما الغرو في أن نتنياهو تحدث أمس بحرارة كبيرة عن حكومة وحدة "واسعة قدر الامكان"؟ لعل خلاصه السياسي سيأتيه من العمل او من كديما.
كما أن سلفان شالوم تلقى صفعة غير بسيطة من عدة اتجاهات. فايغلين لم يدعمه ولهذا فقد تدهور الى المكان السابع. نتنياهو وفايغلين معا حارباه في الاقاليم، حيث فشل معظم مرشحيه – ايهود دنون في تل أبيب، مريان غريسرو في السهل الساحلي، اريك برمي في حيفا وغيرهم. سلفان ملك الميدان والرجل كثير القوة، غير القادر على ان يدخل الى الكنيست ابن عمه اندريه اوزن في بئر السبع ضعف بشكل دراماتيكي حتى لو قدم نتنياهو له الاحترام ورفعه معه الى المنصة في حدائق المعارض.
تعليق