«الجهاد الإسلامي» والانسجام مع الذات
سألني بعض الأصدقاء عن أسباب تحفظي ومعارضتي لقرار الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بعدم المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية وفي الوقت نفسه تفهمي وعدم معارضتي لقرار مماثل اتخذته حركة الجهاد الإسلامي بعدم الانضمام إلى حكومة الوحدة.
الحقيقة أن الفرق وليس التناقض ينبع أساساً من السياق العام للموقف السياسي الذي تبنته حركة الجهاد الاسلامي منذ تأسيسها والذي جاء قرار عدم الانضمام للحكومة متساوقاً ومتماثلاً حتى ترجمة وتعبير عن هذا الموقف.
للتوضيح أكثر أود الإشارة إلى ثلاثة مواقف اتخذتها حركة الجهاد خلال الفترة الممتدة من أوائل العام 2006 وحتى العام الحالي 2007 وتضمنت عدم المشاركة في الانتخابات التشريعية التي جرت في كانون الثاني (يناير) 2006 والتحفظ وعدم التوقيع على وثيقة الوفاق الوطني «وثيقة الأسرى» التي تم التوصل إليها أواخر حزيران (يونيو) من العام نفسه ثم رفض المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية التي شكلت في منتصف آذار (مارس) الجاري.
هذه المواقف الثلاثة يربط بينها جميعا الانسجام مع الذات التنظيمية والتعبير عن مواقف تكاد تمثل إجماعاً داخل الحركة وفي نفس الوقت الحرص على البقاء ضمن دائرة الوحدة الوطنية الفلسطينية والتأكيد على أن هذه الرؤية الجهادية لن تكون عائقاً في تحقيق الوحدة الوطنية أو في طريق تحقيق اي مصلحة او اهداف وطنية يمكن الوصول اليها.
تم التوافق على إجراء الانتخابات التشريعية ضمن حزمة كاملة ومتكاملة جرى التوصل إليها عبر الحوار الوطني الفلسطيني الذي التأم في القاهرة ربيع العام ,2005 آنذاك كانت الظروف الداخلية ضاغطة وكانت ثمة رغبة جمعية في تجاوز الآثار والتداعيات السلبية لغياب ورحيل قائد الثورة الفلسطينية الرئيس المرحوم ياسر عرفات، ضمن هذه المسؤولية الفلسطينية العارمة وفيما يتساوق مع أجواء الحوار وافقت حركة الجهاد ولم تتحفظ على وثيقة القاهرة التي تضمنت إعلان الهدنة مع جيش الاحتلال حتى نهاية العام 2005 وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وفق أسس وطنية وديموقراطية شفافة ونزيهة وإجراء الانتخابات التشريعية والبلدية في الضفة الغربية ومعها القدس طبعاً وقطاع غزة.
الحركة التزمت بالتهدئة واحتفظت بالردّ على الخروقات والتجاوزات الاسرائيلية وشاركت في كل الجلسات التي انعقدت لمناقشة كيفية إعادة بناء منظمة التحرير وفق أســس وطـنية سلمية وحتى شاركت أيضاً في الانتخابات البلدية على اعتبارها أنها انتخابات محلية تهدف إلى خدمة ورعاية مصالح الشعب الفلسطيني ولكنها امتنعت عن المشاركة في الانتخابات التشريعية بناء على الاجتهاد القائل إن تلك الانتخابات كما السلطة الفلسطينية تندرج ضمن مرجعية أوسلو التي رفضتها الحركة وما زالت باعتبارها تنازلاً وتفريطاً بالحقوق الفلسطينية. وهذا القرار كان في الحقيقة تعبيراً عن موقف جمعي داخل الحركة ولم يؤد إلى أي اهتزازات تنظيمية أو داخلية وحاز حتى على احترام فئات عديدة فلسطينية وعربية، والأهم ان الحركة وبعد الانتخابات وما افرزته من نتائج وبعد تشكيل حركة حماس حكومتها الأولى أعلنت عن اعتبارها نتيجة الانتخابات اقتراحاً لمصلحة خيار المقاومة ودعمت حكومة اسماعيل هنية الأولى في وجه الحصار والضغوط وحملة الابتزازات الداخلية والخارجية التي تعرضت لها لثنيها وإجبارها على التنازل والخضوع للمطالب الاسرائيلية المدعومة أميركياً ودولياً.
أشهر قليلة بعد ذلك طرحت وثيقة الأسرى التي تحولت بعد جولة حوارات وطنية شاركت بها حركة الجهاد وبفعالية إلى وثيقة الوفاق الوطني التي تحفظت حركة الجهاد على بعض بنودها خاصة تلك المتعلقة بالدولة الفلسطينية وحق المقاومة ورغم ذلك أعلنت أنها لن تكون حجر عثرة في طريق الوحدة الوطنية ولن تحاول عرقلة أي خطوات وطنية تنبثق وتنتج من الوثيقة مثل حكومة الوحدة مثلاً وبل ستشارك بإيجابية في بعض النقاط التي تعتبرها إيجابية وبعيدة عن الإجماع مثل إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية.
بعد ذلك اندلعت موجة الاقتتال الداخلي المؤسفة بين حماس وفتح حاولت حركة الجهاد ومعها الجبهة الشعبية وبعض الشخصيات الوطنية المستقلة الوساطة والتدخل لتهدئة الأمور ووقف الاشتباكات المؤسفة وامتدت الوساطة من غزة إلى القاهرة وحتى دمشق والحقيقة أن الوساطة الداخلية الفلسطينية كانت مهمة ومؤثرة لجهة تهيئة الظروف وتقريب المواقف بحيث أن لقاءات مكة التي تمخضت عن اتفاق مكة لم تبدأ من الصفر واستندت على جهد فلسطيني داخلي شاركت فيه حركة الجهاد وبفعالية وبعد التوصل إلى اتفاق مكة الذي أسس تشكيل حكومة الوحدة الوطنية احتفظت الجهاد بمواقفها المنسجمة المتساوقة مع ذاتها وجمهورها الترحيب بوقف الاقتتال والترحيب بحكومة الوحدة الوطنية ودعمها في تحقيق الأهداف والإنجازات الوطنية، خاصة في الشق الداخلي المتمثل في الإصلاح ووقف ومحاربة الفساد ووقف الفوضى الأمنية ودعمها في وجه الضغوط الخارجية والتمسك بالطموحات والثوابت الوطنية الفلسطينية. السياقات السابقة تؤكد وتقدم الدليل الواضح على قدرة الجهاد على اتخاذ مواقف منسجمة مع ذاتها مع رؤيتها للمصلحة الوطنية وفي نفس الوقت البقاء ضمن دائرة الوحدة الوطنية بمفهومها الواسـع والشــامل، ولكــن تلــك المواقـف تحــديداً أدت وســتؤدي حتـماً إلى زيادة الضغوط المتعددة على حركة الجهاد الإسلامي وحتى الاستفراد بها في بعض الأحيان من قبل جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية وهذه المستجدات والتحديات تقتضي بالضرورة اجتهاداً وعملاً دؤوباً من حركة الجهاد ويشمل مستويات عدة سياسية وإعلامية وتنظيمية وميدانية جماهيرية، الأمر الذي يستلزم حتماً وجود مؤسسات وأطر تنظيمية قادرة على مواجهة التحديات والأعباء الهائلة التي ستزداد شراسة في الفترات القادمة.
أمر آخر له علاقة ببداية هذا المقال يتعلق بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أيضاً حيث أدت الاصطفاقات السياسية والحزبية في الساحة الفلسطينية إلى تموضع حركتي حماس وفتح في الوسط «ويمين الوسط تحديداً» ـ وهذا توصيف وليس بالضرورة موقف نقدي طبعاً ـ وتموضع بعض فصائل اليسار في يسار الوسط وتموضع حركة الجهاد الاسلامي على يمين الخارطة السياسية والحزبية والجبهة الشعبية على يسار الخارطة، في الانتخابات التشريعية الأخيرة نالت حركتا فتح وحماس وفق التصويت النسبي ـ نظام بالقوائم ـ على 5,85? من أصوات الناخبين ـ 4,44? لحماس و4,41? لفتح ورغم أن الاستطلاعات تحدثت عن نسبة تأييد للحركتين في حدود خمسين إلى ستين بالمئة أي من 25? إلى 30? لكل منهما يعني ذلك أن ثمة كتلة تقارب الثلاثين بالمئة صوتت لحماس وفتح، لأنها لم تجد أي طريق ثالث جدي يمكن الاعتماد عليه وبعيداً عن الانتخابات فإن الفرصة متاحة الآن أمام الجهاد والشعبية للتنسيق حتى التحالف وبناء كتلة شعبية وجماهيرية في الشارع تمنع تحول المشاركة السياسية بين حماس وفتح إلى محاصصة اقتسام للوظائف والمناصب العامة في نفس الوقت تمنع التفريط أو التنازل عن الثوابت والحقوق الفلسطينية. هذا الأمر يقتضي بالتأكيد جهدا تنظيميا داخليا وبلورة مؤسسات وأطرا قادرة على التواصل مع الجماهير وحشدها واستمالتها، وفي هذا السياق يمكن قراءة التجربة التنظيمية الإيجابية لحزب الله كما لحماس حيث عقد المؤتمرات الداخلية بشكل دوري وتقييم اداء عمل المؤسسات وبحثاً عن الأفضل والأكمل، وهذا الجهد في الحقيقة لا ينفصل عــن المقاومة الميدانية وحتى المقاومة بمفهومهــا الشـامل بل يعتبر جزءاً أساسياً ومركزياً منهــا، وفي نفــس السياق يمكن أيضا قراءة التجربة التنظيمية لبعض الأحزاب والفصائل الفلسطينية التي اعتقدت في سبعينيات القرن الماضي أن الانخراط في العمل والكفاح المسلح والتصدي للعدو الاسرائيلي يغني عن الانتباه إلى تحصين البناء الداخلي وإقامة المؤسسات والأطر التنظيمية والحزبية هي الآن تدفع الثمن فقد اختفت أو كادت من مساحة العمل السياسي والحزبي والوطني الفلسطيني.
سألني بعض الأصدقاء عن أسباب تحفظي ومعارضتي لقرار الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بعدم المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية وفي الوقت نفسه تفهمي وعدم معارضتي لقرار مماثل اتخذته حركة الجهاد الإسلامي بعدم الانضمام إلى حكومة الوحدة.
الحقيقة أن الفرق وليس التناقض ينبع أساساً من السياق العام للموقف السياسي الذي تبنته حركة الجهاد الاسلامي منذ تأسيسها والذي جاء قرار عدم الانضمام للحكومة متساوقاً ومتماثلاً حتى ترجمة وتعبير عن هذا الموقف.
للتوضيح أكثر أود الإشارة إلى ثلاثة مواقف اتخذتها حركة الجهاد خلال الفترة الممتدة من أوائل العام 2006 وحتى العام الحالي 2007 وتضمنت عدم المشاركة في الانتخابات التشريعية التي جرت في كانون الثاني (يناير) 2006 والتحفظ وعدم التوقيع على وثيقة الوفاق الوطني «وثيقة الأسرى» التي تم التوصل إليها أواخر حزيران (يونيو) من العام نفسه ثم رفض المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية التي شكلت في منتصف آذار (مارس) الجاري.
هذه المواقف الثلاثة يربط بينها جميعا الانسجام مع الذات التنظيمية والتعبير عن مواقف تكاد تمثل إجماعاً داخل الحركة وفي نفس الوقت الحرص على البقاء ضمن دائرة الوحدة الوطنية الفلسطينية والتأكيد على أن هذه الرؤية الجهادية لن تكون عائقاً في تحقيق الوحدة الوطنية أو في طريق تحقيق اي مصلحة او اهداف وطنية يمكن الوصول اليها.
تم التوافق على إجراء الانتخابات التشريعية ضمن حزمة كاملة ومتكاملة جرى التوصل إليها عبر الحوار الوطني الفلسطيني الذي التأم في القاهرة ربيع العام ,2005 آنذاك كانت الظروف الداخلية ضاغطة وكانت ثمة رغبة جمعية في تجاوز الآثار والتداعيات السلبية لغياب ورحيل قائد الثورة الفلسطينية الرئيس المرحوم ياسر عرفات، ضمن هذه المسؤولية الفلسطينية العارمة وفيما يتساوق مع أجواء الحوار وافقت حركة الجهاد ولم تتحفظ على وثيقة القاهرة التي تضمنت إعلان الهدنة مع جيش الاحتلال حتى نهاية العام 2005 وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وفق أسس وطنية وديموقراطية شفافة ونزيهة وإجراء الانتخابات التشريعية والبلدية في الضفة الغربية ومعها القدس طبعاً وقطاع غزة.
الحركة التزمت بالتهدئة واحتفظت بالردّ على الخروقات والتجاوزات الاسرائيلية وشاركت في كل الجلسات التي انعقدت لمناقشة كيفية إعادة بناء منظمة التحرير وفق أســس وطـنية سلمية وحتى شاركت أيضاً في الانتخابات البلدية على اعتبارها أنها انتخابات محلية تهدف إلى خدمة ورعاية مصالح الشعب الفلسطيني ولكنها امتنعت عن المشاركة في الانتخابات التشريعية بناء على الاجتهاد القائل إن تلك الانتخابات كما السلطة الفلسطينية تندرج ضمن مرجعية أوسلو التي رفضتها الحركة وما زالت باعتبارها تنازلاً وتفريطاً بالحقوق الفلسطينية. وهذا القرار كان في الحقيقة تعبيراً عن موقف جمعي داخل الحركة ولم يؤد إلى أي اهتزازات تنظيمية أو داخلية وحاز حتى على احترام فئات عديدة فلسطينية وعربية، والأهم ان الحركة وبعد الانتخابات وما افرزته من نتائج وبعد تشكيل حركة حماس حكومتها الأولى أعلنت عن اعتبارها نتيجة الانتخابات اقتراحاً لمصلحة خيار المقاومة ودعمت حكومة اسماعيل هنية الأولى في وجه الحصار والضغوط وحملة الابتزازات الداخلية والخارجية التي تعرضت لها لثنيها وإجبارها على التنازل والخضوع للمطالب الاسرائيلية المدعومة أميركياً ودولياً.
أشهر قليلة بعد ذلك طرحت وثيقة الأسرى التي تحولت بعد جولة حوارات وطنية شاركت بها حركة الجهاد وبفعالية إلى وثيقة الوفاق الوطني التي تحفظت حركة الجهاد على بعض بنودها خاصة تلك المتعلقة بالدولة الفلسطينية وحق المقاومة ورغم ذلك أعلنت أنها لن تكون حجر عثرة في طريق الوحدة الوطنية ولن تحاول عرقلة أي خطوات وطنية تنبثق وتنتج من الوثيقة مثل حكومة الوحدة مثلاً وبل ستشارك بإيجابية في بعض النقاط التي تعتبرها إيجابية وبعيدة عن الإجماع مثل إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية.
بعد ذلك اندلعت موجة الاقتتال الداخلي المؤسفة بين حماس وفتح حاولت حركة الجهاد ومعها الجبهة الشعبية وبعض الشخصيات الوطنية المستقلة الوساطة والتدخل لتهدئة الأمور ووقف الاشتباكات المؤسفة وامتدت الوساطة من غزة إلى القاهرة وحتى دمشق والحقيقة أن الوساطة الداخلية الفلسطينية كانت مهمة ومؤثرة لجهة تهيئة الظروف وتقريب المواقف بحيث أن لقاءات مكة التي تمخضت عن اتفاق مكة لم تبدأ من الصفر واستندت على جهد فلسطيني داخلي شاركت فيه حركة الجهاد وبفعالية وبعد التوصل إلى اتفاق مكة الذي أسس تشكيل حكومة الوحدة الوطنية احتفظت الجهاد بمواقفها المنسجمة المتساوقة مع ذاتها وجمهورها الترحيب بوقف الاقتتال والترحيب بحكومة الوحدة الوطنية ودعمها في تحقيق الأهداف والإنجازات الوطنية، خاصة في الشق الداخلي المتمثل في الإصلاح ووقف ومحاربة الفساد ووقف الفوضى الأمنية ودعمها في وجه الضغوط الخارجية والتمسك بالطموحات والثوابت الوطنية الفلسطينية. السياقات السابقة تؤكد وتقدم الدليل الواضح على قدرة الجهاد على اتخاذ مواقف منسجمة مع ذاتها مع رؤيتها للمصلحة الوطنية وفي نفس الوقت البقاء ضمن دائرة الوحدة الوطنية بمفهومها الواسـع والشــامل، ولكــن تلــك المواقـف تحــديداً أدت وســتؤدي حتـماً إلى زيادة الضغوط المتعددة على حركة الجهاد الإسلامي وحتى الاستفراد بها في بعض الأحيان من قبل جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية وهذه المستجدات والتحديات تقتضي بالضرورة اجتهاداً وعملاً دؤوباً من حركة الجهاد ويشمل مستويات عدة سياسية وإعلامية وتنظيمية وميدانية جماهيرية، الأمر الذي يستلزم حتماً وجود مؤسسات وأطر تنظيمية قادرة على مواجهة التحديات والأعباء الهائلة التي ستزداد شراسة في الفترات القادمة.
أمر آخر له علاقة ببداية هذا المقال يتعلق بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أيضاً حيث أدت الاصطفاقات السياسية والحزبية في الساحة الفلسطينية إلى تموضع حركتي حماس وفتح في الوسط «ويمين الوسط تحديداً» ـ وهذا توصيف وليس بالضرورة موقف نقدي طبعاً ـ وتموضع بعض فصائل اليسار في يسار الوسط وتموضع حركة الجهاد الاسلامي على يمين الخارطة السياسية والحزبية والجبهة الشعبية على يسار الخارطة، في الانتخابات التشريعية الأخيرة نالت حركتا فتح وحماس وفق التصويت النسبي ـ نظام بالقوائم ـ على 5,85? من أصوات الناخبين ـ 4,44? لحماس و4,41? لفتح ورغم أن الاستطلاعات تحدثت عن نسبة تأييد للحركتين في حدود خمسين إلى ستين بالمئة أي من 25? إلى 30? لكل منهما يعني ذلك أن ثمة كتلة تقارب الثلاثين بالمئة صوتت لحماس وفتح، لأنها لم تجد أي طريق ثالث جدي يمكن الاعتماد عليه وبعيداً عن الانتخابات فإن الفرصة متاحة الآن أمام الجهاد والشعبية للتنسيق حتى التحالف وبناء كتلة شعبية وجماهيرية في الشارع تمنع تحول المشاركة السياسية بين حماس وفتح إلى محاصصة اقتسام للوظائف والمناصب العامة في نفس الوقت تمنع التفريط أو التنازل عن الثوابت والحقوق الفلسطينية. هذا الأمر يقتضي بالتأكيد جهدا تنظيميا داخليا وبلورة مؤسسات وأطرا قادرة على التواصل مع الجماهير وحشدها واستمالتها، وفي هذا السياق يمكن قراءة التجربة التنظيمية الإيجابية لحزب الله كما لحماس حيث عقد المؤتمرات الداخلية بشكل دوري وتقييم اداء عمل المؤسسات وبحثاً عن الأفضل والأكمل، وهذا الجهد في الحقيقة لا ينفصل عــن المقاومة الميدانية وحتى المقاومة بمفهومهــا الشـامل بل يعتبر جزءاً أساسياً ومركزياً منهــا، وفي نفــس السياق يمكن أيضا قراءة التجربة التنظيمية لبعض الأحزاب والفصائل الفلسطينية التي اعتقدت في سبعينيات القرن الماضي أن الانخراط في العمل والكفاح المسلح والتصدي للعدو الاسرائيلي يغني عن الانتباه إلى تحصين البناء الداخلي وإقامة المؤسسات والأطر التنظيمية والحزبية هي الآن تدفع الثمن فقد اختفت أو كادت من مساحة العمل السياسي والحزبي والوطني الفلسطيني.
تعليق