صحيفة الدستور المصريه الأحد 11 ذو القعدة 1429 – 9 نوفمبر 2008
مواقف وممارسات لا تصدق – فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/200...g-post_10.html
http://fahmyhoweidy.jeeran.com/archi...11/722057.html
الصحف المصرية نشرت أخبار الغارة الإسرائيلية علي غزة التي قتلت سبعة ناشطين، متجاهلة حقيقة أنها تمثل انتهاكاً صارخاً لاتفاق التهدئة الذي رعته مصر في شهر يونيو الماضي، وهو ما يعني أن الغارة لم تكن موجهة ضد فلسطينيي غزة وحدهم، ولكنها كانت أيضاً تعبيراً عن عدم الاكتراث ـ عدم الاحترام في الحقيقة ـ للدور المصري، ويبدو أن إسرائيل كانت مدركة جيداً لحدود ذلك الدور وسقفه، فقامت بغارتها وقتلت من قتلته، وهي مطمئنة إلي أن مصر ستبتلع الإهانة ولن تحرك ساكناً، وهذا ما حدث للأسف الشديد.
ليست هذه هي الواقعة الوحيدة التي تحير المرء وتثير لديه العديد من علامات الاستفهام والتعجب، فضلاً عن أنها لا تسمح له بإحسان الظن بدوافع العديد من التصرفات، ومن أبرز الوقائع الأخري مسألة حصار غزة، وإصرار مصر علي إغلاق معبر رفح التزاماً باتفاق، أجمع أهل القانون علي عدم الإلزام فيه، الأمر الذي يعني أن الهوي السياسي هو العنصر المحرك له بأكثر من المسئولية القانونية،
وحين يسجل التاريخ وقائع ما جري في هذا الشأن، فإن أحداً لن يصدق أن مصر الدولة الكبيرة والرائدة في المنطقة، هي التي سعت إلي إحكام الحصار علي مليون ونصف مليون فلسطيني في القطاع، ليس فقط من خلال إحكام معبر رفح، المنفذ الوحيد المتاح لهم للاتصال المباشر مع العالم الخارجي، ولكن أيضاً من خلال تدمير الأنفاق التي سعي الفلسطينيون المحاصرون إلي حفرها للحصول علي ما يحتاجونه من أغذية وأدوية ومتطلبات معيشية أخري، وإلي جانب هذا وذاك، فإن السلطات المصرية منعت وصول قافلتين مصريتين لإغاثة المحاصرين في القطاع، في حين لم تجد إسرائيل مفراً من السماح لسفينتين حملتا أعداداً من النشطاء الأوروبيين بالوصول إلي غزة لكسر حصارها والتضامن مع أهلها، ومحاولة تقديم بعض المعونات الإنسانية إليهم، ويفترض أن تكون قد وصلت إلي غزة أمس «السبت 8/11» سفينة ثالثة تحمل إلي جانب المواد الإغاثية، برلمانيين ونشطاء من بريطانيا وإيطاليا وسويسرا وأيرلندا.
ومن الأخبار المحرجة والمسيئة إلي مصر حقاً أن 53 نائباً أوروبياً تقدموا إلي السفارة المصرية في لندن بطلب تأشيرات دخول للوصول إلي رفح، والعبور إلي غزة براً، ولكن السفارة رفضت طلباتهم، وهو ما اعتبرته النائبة العمالية كلير شورت ـ وزيرة الدولة السابقة في حكومة توني بلير ـ تصرفاً غير لائق وإهانة، وإزاء ذلك الرفض أعلن نظير أحمد ـ عضو مجلس اللوردات البريطاني المسئول عن الوفد البرلماني الأوروبي ـ أنه اتخذ قراراً بالإبحار من قبرص هو وآخرون من البرلمانيين، للوصول إلي غزة علي ظهر السفينة الثالثة المفترض وصولها أمس «السبت 8/11»
وكان مؤلماً ومحزناً في هذا الصدد أن المستشار محمود الخضيري ـ منسق حملة كسر الحصار المفروض علي غزة ـ كتب متسائلاً يوم الخميس الماضي عما إذا كان علي المصريين أن يحاولوا الوصول إلي غزة عن طريق قبرص، بعدما منعتهم السلطات أكثر من مرة من ترحيل معوناتهم للقطاع من خلال معبر رفح.
بذات القدر لم يكن مفهوماً أيضاً أن تمنع مصر رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني بالإنابة الدكتور «أحمد بحر» من مغادرة غزة عبر معبر رفح للقيام بجولة عربية إسلامية، يدعو فيها إلي رفع الحصار عن القطاع، وقد تمسكت مصر بموقف الرفض رغم تدخل بعض المسئولين العرب، قيل إن منهم السيد عمرو موسي ـ أمين الجامعة العربية ـ للسماح له بالعبور.
هذه التصرفات لا تسيء فقط إلي الموقف المصري إساءة بالغة تشوه صورتها كثيراً، وتسحب من رصيد مكانتها وهيبتها، ولكنها تسبب لأمثالنا حرجاً لا حدود له، حين نسأل عن تفسير لها، ولأنني لا أجد تفسيراً بريئاً أو محترماً، فإنني كثيراً ما أهرب من الإجابة، وفي بعض الأحيان أعتصم بالصمت وأنا أكتم شعوراً قوياً بالخزي والعار.
………………….
مواقف وممارسات لا تصدق – فهمي هويدي
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/200...g-post_10.html
http://fahmyhoweidy.jeeran.com/archi...11/722057.html
الصحف المصرية نشرت أخبار الغارة الإسرائيلية علي غزة التي قتلت سبعة ناشطين، متجاهلة حقيقة أنها تمثل انتهاكاً صارخاً لاتفاق التهدئة الذي رعته مصر في شهر يونيو الماضي، وهو ما يعني أن الغارة لم تكن موجهة ضد فلسطينيي غزة وحدهم، ولكنها كانت أيضاً تعبيراً عن عدم الاكتراث ـ عدم الاحترام في الحقيقة ـ للدور المصري، ويبدو أن إسرائيل كانت مدركة جيداً لحدود ذلك الدور وسقفه، فقامت بغارتها وقتلت من قتلته، وهي مطمئنة إلي أن مصر ستبتلع الإهانة ولن تحرك ساكناً، وهذا ما حدث للأسف الشديد.
ليست هذه هي الواقعة الوحيدة التي تحير المرء وتثير لديه العديد من علامات الاستفهام والتعجب، فضلاً عن أنها لا تسمح له بإحسان الظن بدوافع العديد من التصرفات، ومن أبرز الوقائع الأخري مسألة حصار غزة، وإصرار مصر علي إغلاق معبر رفح التزاماً باتفاق، أجمع أهل القانون علي عدم الإلزام فيه، الأمر الذي يعني أن الهوي السياسي هو العنصر المحرك له بأكثر من المسئولية القانونية،
وحين يسجل التاريخ وقائع ما جري في هذا الشأن، فإن أحداً لن يصدق أن مصر الدولة الكبيرة والرائدة في المنطقة، هي التي سعت إلي إحكام الحصار علي مليون ونصف مليون فلسطيني في القطاع، ليس فقط من خلال إحكام معبر رفح، المنفذ الوحيد المتاح لهم للاتصال المباشر مع العالم الخارجي، ولكن أيضاً من خلال تدمير الأنفاق التي سعي الفلسطينيون المحاصرون إلي حفرها للحصول علي ما يحتاجونه من أغذية وأدوية ومتطلبات معيشية أخري، وإلي جانب هذا وذاك، فإن السلطات المصرية منعت وصول قافلتين مصريتين لإغاثة المحاصرين في القطاع، في حين لم تجد إسرائيل مفراً من السماح لسفينتين حملتا أعداداً من النشطاء الأوروبيين بالوصول إلي غزة لكسر حصارها والتضامن مع أهلها، ومحاولة تقديم بعض المعونات الإنسانية إليهم، ويفترض أن تكون قد وصلت إلي غزة أمس «السبت 8/11» سفينة ثالثة تحمل إلي جانب المواد الإغاثية، برلمانيين ونشطاء من بريطانيا وإيطاليا وسويسرا وأيرلندا.
ومن الأخبار المحرجة والمسيئة إلي مصر حقاً أن 53 نائباً أوروبياً تقدموا إلي السفارة المصرية في لندن بطلب تأشيرات دخول للوصول إلي رفح، والعبور إلي غزة براً، ولكن السفارة رفضت طلباتهم، وهو ما اعتبرته النائبة العمالية كلير شورت ـ وزيرة الدولة السابقة في حكومة توني بلير ـ تصرفاً غير لائق وإهانة، وإزاء ذلك الرفض أعلن نظير أحمد ـ عضو مجلس اللوردات البريطاني المسئول عن الوفد البرلماني الأوروبي ـ أنه اتخذ قراراً بالإبحار من قبرص هو وآخرون من البرلمانيين، للوصول إلي غزة علي ظهر السفينة الثالثة المفترض وصولها أمس «السبت 8/11»
وكان مؤلماً ومحزناً في هذا الصدد أن المستشار محمود الخضيري ـ منسق حملة كسر الحصار المفروض علي غزة ـ كتب متسائلاً يوم الخميس الماضي عما إذا كان علي المصريين أن يحاولوا الوصول إلي غزة عن طريق قبرص، بعدما منعتهم السلطات أكثر من مرة من ترحيل معوناتهم للقطاع من خلال معبر رفح.
بذات القدر لم يكن مفهوماً أيضاً أن تمنع مصر رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني بالإنابة الدكتور «أحمد بحر» من مغادرة غزة عبر معبر رفح للقيام بجولة عربية إسلامية، يدعو فيها إلي رفع الحصار عن القطاع، وقد تمسكت مصر بموقف الرفض رغم تدخل بعض المسئولين العرب، قيل إن منهم السيد عمرو موسي ـ أمين الجامعة العربية ـ للسماح له بالعبور.
هذه التصرفات لا تسيء فقط إلي الموقف المصري إساءة بالغة تشوه صورتها كثيراً، وتسحب من رصيد مكانتها وهيبتها، ولكنها تسبب لأمثالنا حرجاً لا حدود له، حين نسأل عن تفسير لها، ولأنني لا أجد تفسيراً بريئاً أو محترماً، فإنني كثيراً ما أهرب من الإجابة، وفي بعض الأحيان أعتصم بالصمت وأنا أكتم شعوراً قوياً بالخزي والعار.
………………….
تعليق