تستقبل شعوب العالم كله مغادرة الرئيس الأمريكي جورج بوش البيت الابيض بصدر
رحب بعد ولاية رئاسية انطبعت بالحرب والمحن, وانتهت بأسوأ ازمة مالية
منذ العام 1929, والتخوف من ركود اقتصادي وبطالة تضرب العالم كله.
وبدأت رئاسة بوش بصدمة اعتداءات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001،
واستمرت بالتزامن مع حربين لم ينههما بالعراق وأفغانستان اللذين يشكلان خطي جبهة
"الحرب على الارهاب" التي اعلنها اثر اعتداءات 11 ايلول (سبتمبر).
وقد تحمل مسئولية إخفاق أجهزة الدولة في مواجهة الإعصار كاترينا الذي يعد من أخطر
الكوارث الطبيعية في تاريخ الولايات المتحدة.
وتذرع بوش بضرورة حماية أمريكا في رده على أولئك الذين اتهموه بخيانة القيم العليا
للبلاد من خلال اعتقاله المشتبه بهم بالارهاب في سجن جوانتانامو وبالسماح بممارسات
تقع في خانة التعذيب ثم بالتنصت على الأمريكيين.
كما حاول كسب تأييد أولئك الذين كانوا يسخرون من جهله المفترض وسعى لتكذيب
أولئك الذين يعتبرون أن الحاكم لسابق لولاية تكساس الذي كان من اقطاب عالم النفط،
لما كان شيئا لولا انه ابن والده وانه لا يدين بفوزه بالرئاسة في 2000 الا الى اللغط
الذي حدث في فلوريدا.
وقال بوش في تشرين الثاني/ نوفمبر 2007:" أعتقد أن العالم سيتذكرني كشخص
واجه مشكلات صعبة وقد واجهتها مباشرة، حاولت الا ادير وجهي, أبديت حزما واتخذت
قرارات مستندا الى مبادىء، وليس الى اخر استطلاع لغالوب".
وانطلاقا من هذه المبادىء الكبرى مثل نشر الحرية وضرورة كسب "المعركة
الايديولوجية" للقرن الحادي والعشرين دافع عن الحرب بالعراق وخصوصا عندما تبين
أن ذريعة اسلحة الدمار الشامل التي زعم ان الرئيس العراقي الراحل صدام حسين كان
يمتلكها وكذلك الاشارة الى علاقاته مع تنظيم القاعدة لا تستندان الى اي اساس.
وقد أعلنت الحرب على العراق تبعا لعقيدة جديدة لمفهوم "الحرب الوقائية". لكن فضيحة
سجن ابو غريب والانزلاق الى حرب اهلية اظهرت خطأ الرئيس الذي تباهى بعد اسابيع
قليلة من بدء الاعمال العسكرية بانجاز المهمة، نسفا رصيد التعاطف الذي كسبه
بعد 11 ايلول/ سبتمبر عندما جمع بوش الأمريكيين وراءه وهو يحمل مكبر الصوت بيده
وسط انقاض مركز التجارة العالمي (وورلد تريد سنتر), أصر بوش على "ان قرار طرد
صدام حسين كان صائبا وسيبقى على الدوم القرار الصائب".
وذلك القرار أثار إستياء حلفاء تاريخيين واغضب قسما كبيرا من العالم الاسلامي. وهذا
ما جعل مجلة نيوزويك تصفه على صفحتها الاولى بالرئيس الذي لا يصغي الى احد, كما
أدى الى هزيمة اصدقائه الجمهوريين بالانتخابات البرلمانية في 2006.
وانتهى الامر بالرئيس الذي قام في 2004 باداء نادر حافظ فيه حزبه على الغالبية في
مجلسي الكونغرس، الى الاصغاء لجميع اولئك الذين كانوا يطالبونه باقالة وزير دفاعه
دونالد رامسفلد,
وبعد 2006 تراجعت ايديولوجية المحافظين الجدد التي املت قبل اربع سنوات الخطاب
حول "محور الشر" امام خط برجماتي بات يطبق بالعراق وتجاه كوريا الشمالية او
بصدد ظاهرة الاحتباس الحراري.
وقال السناتور الديمقراطي هاري ريد او اليزابيث ساندرز البرفسورة في جامعة كورنيل
سيسجل بوش في التاريخ كأسوأ رئيس للولايات المتحدة, أما الأوفياء له فلا يزالون من
جهتهم يكنون له الاعجاب لرفضه التهاون بشأن المبادىء خصوصا بعد ان اثبت ايمانه
وتغلب على آفة الادمان على الكحول. وهم يعتبرون ان التاريخ سيعطيه الحق في اخر
المطاف.
تعليق