حزب"الإخوان"في اليمن،معلومات مثيرة،وموقع القاعدة
المقالة هنا ، وسأرفق الرابط،
ولمن قرأ المقالة من الموقع أن يقرا أيضا الردود، فهي مهمة ايضا
كود PHP:
http://www.islamonline.net/servlet/S...wa%2FDWALayout
حزب "الإخوان" في اليمن يحتفل بعامه الثامن عشر
"الإصلاح" اليمني:
من الجماعة والأمة إلى الحزب والدولة
شعار التجمع اليمني للإصلاح
بعد صلاة فجر يوم من أيام صيف صنعاء 2006 اعتلى الشيخ عبد المجيد الزنداني منصة المحراب ليضغط على أسنانه حنقا وألما، ويضغط على الحروف رافعا صوته بشخصيته الكاريزمية يقول:"الأمريكان يتآمرون علي، وإخواني يطعنوني في الظهر!!". مثلت تلك العبارات صدمة أمام جمهرة غفيرة من طلاب جامعته "الإيمان" من جميع المستويات الدراسية، فاخترقت كلماته حاجز الصمت ليفجر قنبلة تكشف عن مدى الخلاف في قمة الهرم الإخواني في اليمن.
خرج التصريح إلى الصحافة، وامتلأت به المحابر واسترسلت الأقلام، وبلغ الأمر به أن يجمع مجلس شورى حزب الإخوان في اليمن "الإصلاح" -وكان حينها رئيسا للمجلس- ويعلن صراحة أمام الجميع "على القادة أن يحددوا موقفهم بوضوح؛ هل هم معي أم ضدي؟". لم يصله الجواب، لكنه أسرها في نفسه، حتى موعد انتخابات رئاسية ومحلية في سبتمبر 2006، رفض تزكية المرشح الرئاسي لحزبه "الإصلاح"، ورفض النزول الدعائي الميداني لتزكية أعضاء القائمة المحلية في المحافظات كما كان يفعل عادة في كل انتخابات، وهو الشخصية الأبرز في تأسيس الحركة الإسلامية المعاصرة في اليمن، وذات القدرات الخطابية المؤثرة، وذات العلاقات الواسعة أوساط القبائل، فلم يحصد حزب الإصلاح في تلك الانتخابات المحلية سوى على 10% من النتائج على مستوى البلاد، ومني بهزيمة ساحقة.
ظهر الزنداني يومها إلى جوار رئيس اليمن علي عبد الله صالح قبيل الانتخابات، ونزلت قيادات من جامعته ترفع ملصقات دعائية له، واغتاظ الإخوان من صنيعه، فأقصوه من رئاسة مجلس الشورى في الانتخابات العامة داخل الحزب التي جرت بعد ذلك التاريخ بأربعة أشهر، يناير مطلع العام 2007.
التغيير من الداخل أم من الخارج؟
بعدها صدرت تقارير أمريكية أبرزها تقرير معهد السلام الدولي بواشنطن الذي نص على "أن دعمنا للمعتدلين داخل حزب الإصلاح قد أدى إلى إقصاء المتشددين، وبرز ذلك جليا في مؤتمره العام يناير 2007 حين تم إزاحة رجل الدين المتشدد عبد المجيد الزنداني المتهم بتمويل الإرهاب وروابط مع تنظيم القاعدة". جاء تقرير المعهد الأمريكي الممول من الكونجرس في سبتمبر 2007 كدراسة تقييمية لحالة الإخوان في اليمن ومدى "اعتدالهم وتحقيقهم التوأمة والاندماج مع السياسة الأمريكية" مؤكدا على أن حزب " الإصلاح" كان له دور بارز في تحقيق ونشر الديمقراطية ومبادئ المجتمع المدني الحديث في اليمن، "البلد الذي أغلب قبائله محافظة، ترفض القيم الغربية وتميل إلى التطرف".
أوضح الشيخ الزنداني أكثر من مرة أنه يعارض العلاقة "الغامضة" بين قيادات في الهيئة العليا لحزبه "الإصلاح" وبين أمريكا "راعية الخراب والدمار في العالم الإسلامي" حسب الشيخ الزنداني، وطالب هذه القيادة بالعمل عبر الأطر الرسمية في لقائهم بالأمريكان والأوروبيين عبر وزارة الخارجية لتكون اللقاءات مكشوفة وواضحة. ومع تسارع وتيرة تعزيز هذه القيادة في الإصلاح لتثبيت مواقعها وبث ما تعتبره مفردات المجتمع المدني الحديث، اكتفى الشيخ الزنداني بتوثيق حلفه مع أبرز وأهم حليف لأمريكا في اليمن؛ علي عبد الله صالح، وظهر جليا أن الحزب أمام قيادة تمد حبال "الإصلاح" من الخارج، وأخرى تتوسم بالنظام خيرا أملا في تغيير داخلي.
الشيخ عبدالمجيد الزنداني
لم يكن الشيخ عبد المجيد الزنداني أول "متشدد" يتم إعفاؤه من الهرم القيادي في الحزب الإخواني "الإصلاح" فقد سبقه إعفاء تلميذه المعتقل في أمريكا الشيخ محمد المؤيد، وأسقطت قيادة الحزب اسمه من قائمة التزكية المقدمة لأعضاء المؤتمر الثالث لحزب الإصلاح يناير 2003 في دورته الأولى؛ مما يحرمه من الصعود والترشح لعضوية مجلس الشورى للحزب، وكان ذلك قبيل استدراجه إلى ألمانيا واعتقاله فيها بأسبوعين فقط، في عملية وصفتها المخابرات الأمريكية بـ"العملية اللاسعة" واعتبر سكرتير السفارة الأمريكية في صنعاء يومها أن "العالم سيكون أفضل بدون المؤيد". وكان الشيخ المؤيد قد بدأ مشاريعه الخيرية والدعوية في دعم الجهاد والمجاهدين في كل مكان في العالم بعيدا عن التنسيق أو الاستشارة مع الحزب. بعدها بأشهر قليلة تم إدراج الشيخ عبد المجيد الزنداني على لائحة ممولي الإرهاب ضمن قائمة الأمم المتحدة، واستفادت القيادة "المعتدلة" في حزب الإصلاح من هذا القرار، لأنه قيد حركة الشيخ على مستوى الخارج فحرمته من الالتقاء بالممولين والداعمين لبرنامجه وتوجهه، وحدت من حركته على مستوى الداخل مما يقلل احتكاكه بجمهوره المتأثر به والداعم له، وفي هذا تقليص لأنشطته التي لا تستقيم مع نهج الاعتدال الذي تتزعمه القيادة الجديدة.
وأمام صمت الشيخ الزنداني عن ذلك واكتفائه بموالاته لحليف أمريكا الوثيق في اليمن علي عبد الله صالح يحتمي به من مكر أعدائه وخذلان أصدقائه؛ توفرت للقيادة "المعتدلة" في "الإصلاح" فرصة استثمار واجهة الشيخ الزنداني في أوساط مناصريه ومحبيه في الداخل؛ خصوصا مناطق القبائل العصية على النظام ومناطق الأطراف في اليمن لتسويق برنامجها المرتكز على "التغيير من الخارج والاستقواء على الداخل بالدعم الغربي والأمريكي".
مراحل حزب "الإصلاح"
تكشف تلك المواقف نقاط التحول التي مر بها حزب الإصلاح في اليمن على أربع مراحل طوال ثمانية عشر عاما بلورت شخصيته الحالية اليوم، بدأت المرحلة الأولى في سبتمبر (1990-1994) وهي مرحلة الإعلان والتجميع والتسويق لقيادات لا يعرفها الجمهور؛ لأن الجماعة الإخوانية كانت تعمل في السر بهيكلها التنظيمي وفي إطار تمثيلي في المؤتمر الشعبي العام الذي كان يضم جميع الأطياف الحزبية فترة تحريم الحزبية في دستور الجمهورية العربية اليمنية قبل الوحدة.
وفرض الشيخ الزنداني على تلك المرحلة -بالتزامن مع إعادة وحدة اليمن- صراعا وجدلا فكريا مع الحزب الاشتراكي اليمني لكونه أحد أكبر الأطراف في الساحة حينها، ونالت مرحلة الصراع الفكري أحزابا شيعية وعلمانية، وأصبحت لغة التطرف في الجانبين هي السائدة وفق موروثات أيديولوجية تنتمي إلى فترات الاقتتال بين الطرفين مطلع الثمانينيات في اليمن، ومنسحبة من المد الشيوعي من أفغانستان إلى عدن، وحملة جمال عبد الناصر على الإخوان خمسينيات وستينيات القرن الماضي.
شهدت المرحلة الأولى في عمر "الإصلاح" تسويقا لمفاهيم حول (الولاء والبراء، وحاكمية الشريعة) في معركة الدستور الشهيرة التي قادها الشيخ عبد المجيد الزنداني بأشرطته من مقر إقامته في مكة المكرمة، والشيخ المؤيد من مقر إقامته في اليمن، وطغت مصطلحات "المتشددين" على خطاب "الإصلاح"، وقاموا بتوجيه دفة المعركة؛ يتحالف معهم الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر –(1933 - 2008) شيخ مشايخ اليمن- لأن الحزب الاشتراكي جاء بنظام يلغي فيه سلطة المشايخ، وكان للاشتراكيين دور في تصفية أكثر من سبعين من مشايخ القبائل اليمنية مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وبقيت تلك الحادثة تلقي بظلال الرهبة من الحزب الاشتراكي على مشايخ القبائل مما جعلها على الدوام تقف ضده.
بدأت مرحلة "حزب الإصلاح" الثانية في نفس العام (1994-1997) الذي أعلنوا فيه التحالف مع الحزب الحاكم (حزب الرئيس) علي عبد الله صالح، ليمتد إلى العام 1997 والتي مني فيها حزب الإصلاح بخسارة في الانتخابات البرلمانية. شهدت تلك المرحلة تعديل الدستور في مادته الثالثة التي كان يعتبرها الشيخ الزنداني ومجموعة من مشايخ وعلماء الحركة الإسلامية من الذين تم إعفاؤهم من المناصب القيادية اليوم، مادة "كفرية" لأنها لا تجعل التشريع خالصا لله، وتمكن الحزب من تعديل تلك المادة بسبب انتصاره في حرب 94 متحالفا مع حزب الرئيس (الحزب الحاكم).
ورغم أهمية تلك المادة فإن الدستور اليمني نقضها في مواد أخرى كما يؤكد الدكتور أحمد عبد الرحمن شرف الدين أستاذ الفقه المقارن في جامعة صنعاء، بأن الشريعة الإسلامية في دستور الجمهورية اليمنية محكومة برغبة وموافقة الأغلبية، وهذا ما تؤكده القاعدة الغربية في الأنظمة الديمقراطية على أساس أن الشعب يحكم نفسه بنفسه. ورغم مكاسب المعركة للطرفين المتحالفين في حرب 94 فإن قيادة الإصلاح لم تستغل ذلك الانتصار لتعديل أهم قانون ثار حوله الجدل، وهو قانون التعليم الذي أقره تحالف الاشتراكي والمؤتمر فترة إعلان الوحدة (1990-1993)، والذي بموجبه تلغى المعاهد العلمية التي كانت تكثف في مناهجها العلوم الشرعية وتعتبرها دوائر القرار الأمريكية والغربية محضنا من محاضن الإرهاب.
وبدأت المرحلة الثالثة في عمر الإصلاح (1997-2003) بالتحالفات مع الأطراف العلمانية في البلاد بما فيها الحزب الاشتراكي الذي خسر الحرب في 94، وبالتالي خسر موقعه القيادي وفقد قوته العسكرية ومكانته كشريك رئيسي في دولة الوحدة، وبالتفكيك التدريجي للارتباط الإستراتيجي بين الحزب الحاكم (حزب الرئيس) والإصلاح. وبدأ حزب الإصلاح "الإخواني" يقترب من الأحزاب الأخرى في صورة تنسيقات مع الأحزاب العلمانية الصغيرة - كالبعثية والناصرية- وتتركز قوة هذه الأحزاب الصغيرة في تواجدها في المربعات الإدارية الهامة والحساسة للدولة، وتوسعت التنسيقات لتشمل الحزب الاشتراكي اليمني الذي ضاق ذرعا من فتاوى التكفير ضد قيادته والصادرة من قيادة سابقة في الإصلاح. تطورت العلاقة بين الأحزاب والإصلاح من تنسيق في قضايا انتخابية فنية إلى تحالف برامجي واسع تم الإعلان عنه رسميا بداية المرحلة الرابعة في المؤتمر العام يناير 2003، التي بدأت باغتيال القيادي جار الله عمر من شاب يوصف بأنه "إصلاحي متشدد" نتاج خطاب المرحلة الأولى التي حملت توصيفات ومصطلحات متشددة ضد الحزب الاشتراكي، وتكفير قياداته وتم اتهام الشيخ الزنداني بتزعم تلك المرحلة وتسويق ثقافة التكفير. وشهد المؤتمر العام (يناير 2007) لحزب الإصلاح ميلاد المرحلة الرابعة التي أنتجت قيادة جديدة أكثر اعتدلا وقبولا بين دوائر القرار الغربية، مما عزز التنسيق لتحويل الإصلاح إلى حزب مدني بعيد عن الانجذاب للماضي أو "التشدد الديني". وانتهت في هذه المرحلة حقبة من الازدواجية عانى فيها الإصلاح بين نوعين من الخطاب، وأسلوبين مختلفين في القيادة نوع يجنح نحو خطاب السلفية التقليدية، ونوع ينحو نحو الإسلام الليبرالي المنفتح على القيم الغربية والمتعايش مع العالم.
نقد ونصيحة
وفي فترة استعداد حزب الإخوان في اليمن للانتقال من مرحلة الجماعة إلى الحزب المدني بشعار النضال السلمي والتعايش مع الآخر (2000-2007) صدرت رسائل نقدية من منابر متعددة داخل الحزب وخارجه، أبرزها كتاب (النصيحة) من مجموعة تمثل خطاب مرحلة التأسيس المنتمي إلى مرحلة الصراع بين القوى العلمانية والإسلامية فترة العمل السري.
وركز كتاب النصيحة الذي نزل باسم مستعار (صادق أمين محمد) على ما اعتبره نظاما بوليسيا يحكم حركة الإخوان في إطار الحزب، وسخرية وتهكم بالعلماء من قيادات تنظيمية هي اليوم تقود الحزب، والافتقاد إلى عقيدة الولاء والبراء في التربية السلوكية، وتعميم نظام الجاسوسية بين الأفراد داخل التنظيم على بعضهم البعض، واعتماد المعايير الشخصية في التقييم بعيدا عن المعايير الشرعية.وأحدث الكتاب رهبة داخل المستويات القيادية والتنظيمية التي تمسك اليوم بزمام الحزب، مما حدا بها إلى إصدار تعميم داخلي يمنع شراء الكتاب أو اقتناءه، وأرسلت من يفنده ويواجهه بالنقد والتجريم لكاتبه.
وأثار الكتاب شرخا في الثقة بين مستويات في القيادات العليا، لأن الكتاب استدل بوقائع المفترض أنها محصورة في قيادات قليلة عليا في جماعة الإخوان في اليمن، وأشارت أصابع الاتهام لجهات قيادية تعمل في جامعة الإيمان، وتم على الفور فصلها من الجامعة وهي كوادر علمية تقوم بالتدريس، ثم إصدار الهيئة العليا للحزب بيانا تتبرأ فيه من الكتاب وما ورد فيه، معتبرة إياه "تلفيقات وأكاذيب من حاقدين على الحركة الإسلامية".. دون الدخول في تفاصيل أو التعليق على حوادث تم سردها مرتبطة بأسماء قيادية لامعة في التنظيم اليوم.
ومع دخول حزب الإصلاح مرحلته الرابعة التي بدأت في يناير 2007، سجل ابتعادا ملحوظا عن قضايا الأخلاق والأمن والتشريع على الساحة المحلية، أو القضايا الدولية كحرب الإرهاب بقيادة أمريكا، وقضايا الأمة في أماكن أخرى من العالم، مما أتاح فرصة للتمدد القاعدي (نسبة لتنظيم القاعدة) أن يتوسع في مناطق مختلفة على حساب البساط الإخواني، الذي ابتعد خطابه وبرامجه عن قضايا كانت ضمن الأجندة الرئيسية مرحلة التأسيس قبل ثمانية عشر عاما، وهذا جزء من تفسير توسع القاعدة جغرافيا وعملياتيا وتنوع الأجيال المنتمية إليها مؤخرا.
لقد انتهي الأمر الآن بقيادة الإصلاح الحالية إلى الاعتماد كليا على جيل جديد لا يمت بصلة إلى مرحلة التأسيس الأولى، بعد تعديل المناهج الداخلية للتربية والتكوين داخل الحزب عقب تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، لتصوغ عقلية لا تنتمي إلى ثقافة "كره الآخر"، وترفض العنف في التغيير، وتركز على مشروع الدولة الوطنية.
المقالة هنا ، وسأرفق الرابط،
ولمن قرأ المقالة من الموقع أن يقرا أيضا الردود، فهي مهمة ايضا
كود PHP:
http://www.islamonline.net/servlet/S...wa%2FDWALayout
حزب "الإخوان" في اليمن يحتفل بعامه الثامن عشر
"الإصلاح" اليمني:
من الجماعة والأمة إلى الحزب والدولة
شعار التجمع اليمني للإصلاح
بعد صلاة فجر يوم من أيام صيف صنعاء 2006 اعتلى الشيخ عبد المجيد الزنداني منصة المحراب ليضغط على أسنانه حنقا وألما، ويضغط على الحروف رافعا صوته بشخصيته الكاريزمية يقول:"الأمريكان يتآمرون علي، وإخواني يطعنوني في الظهر!!". مثلت تلك العبارات صدمة أمام جمهرة غفيرة من طلاب جامعته "الإيمان" من جميع المستويات الدراسية، فاخترقت كلماته حاجز الصمت ليفجر قنبلة تكشف عن مدى الخلاف في قمة الهرم الإخواني في اليمن.
خرج التصريح إلى الصحافة، وامتلأت به المحابر واسترسلت الأقلام، وبلغ الأمر به أن يجمع مجلس شورى حزب الإخوان في اليمن "الإصلاح" -وكان حينها رئيسا للمجلس- ويعلن صراحة أمام الجميع "على القادة أن يحددوا موقفهم بوضوح؛ هل هم معي أم ضدي؟". لم يصله الجواب، لكنه أسرها في نفسه، حتى موعد انتخابات رئاسية ومحلية في سبتمبر 2006، رفض تزكية المرشح الرئاسي لحزبه "الإصلاح"، ورفض النزول الدعائي الميداني لتزكية أعضاء القائمة المحلية في المحافظات كما كان يفعل عادة في كل انتخابات، وهو الشخصية الأبرز في تأسيس الحركة الإسلامية المعاصرة في اليمن، وذات القدرات الخطابية المؤثرة، وذات العلاقات الواسعة أوساط القبائل، فلم يحصد حزب الإصلاح في تلك الانتخابات المحلية سوى على 10% من النتائج على مستوى البلاد، ومني بهزيمة ساحقة.
ظهر الزنداني يومها إلى جوار رئيس اليمن علي عبد الله صالح قبيل الانتخابات، ونزلت قيادات من جامعته ترفع ملصقات دعائية له، واغتاظ الإخوان من صنيعه، فأقصوه من رئاسة مجلس الشورى في الانتخابات العامة داخل الحزب التي جرت بعد ذلك التاريخ بأربعة أشهر، يناير مطلع العام 2007.
التغيير من الداخل أم من الخارج؟
بعدها صدرت تقارير أمريكية أبرزها تقرير معهد السلام الدولي بواشنطن الذي نص على "أن دعمنا للمعتدلين داخل حزب الإصلاح قد أدى إلى إقصاء المتشددين، وبرز ذلك جليا في مؤتمره العام يناير 2007 حين تم إزاحة رجل الدين المتشدد عبد المجيد الزنداني المتهم بتمويل الإرهاب وروابط مع تنظيم القاعدة". جاء تقرير المعهد الأمريكي الممول من الكونجرس في سبتمبر 2007 كدراسة تقييمية لحالة الإخوان في اليمن ومدى "اعتدالهم وتحقيقهم التوأمة والاندماج مع السياسة الأمريكية" مؤكدا على أن حزب " الإصلاح" كان له دور بارز في تحقيق ونشر الديمقراطية ومبادئ المجتمع المدني الحديث في اليمن، "البلد الذي أغلب قبائله محافظة، ترفض القيم الغربية وتميل إلى التطرف".
أوضح الشيخ الزنداني أكثر من مرة أنه يعارض العلاقة "الغامضة" بين قيادات في الهيئة العليا لحزبه "الإصلاح" وبين أمريكا "راعية الخراب والدمار في العالم الإسلامي" حسب الشيخ الزنداني، وطالب هذه القيادة بالعمل عبر الأطر الرسمية في لقائهم بالأمريكان والأوروبيين عبر وزارة الخارجية لتكون اللقاءات مكشوفة وواضحة. ومع تسارع وتيرة تعزيز هذه القيادة في الإصلاح لتثبيت مواقعها وبث ما تعتبره مفردات المجتمع المدني الحديث، اكتفى الشيخ الزنداني بتوثيق حلفه مع أبرز وأهم حليف لأمريكا في اليمن؛ علي عبد الله صالح، وظهر جليا أن الحزب أمام قيادة تمد حبال "الإصلاح" من الخارج، وأخرى تتوسم بالنظام خيرا أملا في تغيير داخلي.
الشيخ عبدالمجيد الزنداني
لم يكن الشيخ عبد المجيد الزنداني أول "متشدد" يتم إعفاؤه من الهرم القيادي في الحزب الإخواني "الإصلاح" فقد سبقه إعفاء تلميذه المعتقل في أمريكا الشيخ محمد المؤيد، وأسقطت قيادة الحزب اسمه من قائمة التزكية المقدمة لأعضاء المؤتمر الثالث لحزب الإصلاح يناير 2003 في دورته الأولى؛ مما يحرمه من الصعود والترشح لعضوية مجلس الشورى للحزب، وكان ذلك قبيل استدراجه إلى ألمانيا واعتقاله فيها بأسبوعين فقط، في عملية وصفتها المخابرات الأمريكية بـ"العملية اللاسعة" واعتبر سكرتير السفارة الأمريكية في صنعاء يومها أن "العالم سيكون أفضل بدون المؤيد". وكان الشيخ المؤيد قد بدأ مشاريعه الخيرية والدعوية في دعم الجهاد والمجاهدين في كل مكان في العالم بعيدا عن التنسيق أو الاستشارة مع الحزب. بعدها بأشهر قليلة تم إدراج الشيخ عبد المجيد الزنداني على لائحة ممولي الإرهاب ضمن قائمة الأمم المتحدة، واستفادت القيادة "المعتدلة" في حزب الإصلاح من هذا القرار، لأنه قيد حركة الشيخ على مستوى الخارج فحرمته من الالتقاء بالممولين والداعمين لبرنامجه وتوجهه، وحدت من حركته على مستوى الداخل مما يقلل احتكاكه بجمهوره المتأثر به والداعم له، وفي هذا تقليص لأنشطته التي لا تستقيم مع نهج الاعتدال الذي تتزعمه القيادة الجديدة.
وأمام صمت الشيخ الزنداني عن ذلك واكتفائه بموالاته لحليف أمريكا الوثيق في اليمن علي عبد الله صالح يحتمي به من مكر أعدائه وخذلان أصدقائه؛ توفرت للقيادة "المعتدلة" في "الإصلاح" فرصة استثمار واجهة الشيخ الزنداني في أوساط مناصريه ومحبيه في الداخل؛ خصوصا مناطق القبائل العصية على النظام ومناطق الأطراف في اليمن لتسويق برنامجها المرتكز على "التغيير من الخارج والاستقواء على الداخل بالدعم الغربي والأمريكي".
مراحل حزب "الإصلاح"
تكشف تلك المواقف نقاط التحول التي مر بها حزب الإصلاح في اليمن على أربع مراحل طوال ثمانية عشر عاما بلورت شخصيته الحالية اليوم، بدأت المرحلة الأولى في سبتمبر (1990-1994) وهي مرحلة الإعلان والتجميع والتسويق لقيادات لا يعرفها الجمهور؛ لأن الجماعة الإخوانية كانت تعمل في السر بهيكلها التنظيمي وفي إطار تمثيلي في المؤتمر الشعبي العام الذي كان يضم جميع الأطياف الحزبية فترة تحريم الحزبية في دستور الجمهورية العربية اليمنية قبل الوحدة.
وفرض الشيخ الزنداني على تلك المرحلة -بالتزامن مع إعادة وحدة اليمن- صراعا وجدلا فكريا مع الحزب الاشتراكي اليمني لكونه أحد أكبر الأطراف في الساحة حينها، ونالت مرحلة الصراع الفكري أحزابا شيعية وعلمانية، وأصبحت لغة التطرف في الجانبين هي السائدة وفق موروثات أيديولوجية تنتمي إلى فترات الاقتتال بين الطرفين مطلع الثمانينيات في اليمن، ومنسحبة من المد الشيوعي من أفغانستان إلى عدن، وحملة جمال عبد الناصر على الإخوان خمسينيات وستينيات القرن الماضي.
شهدت المرحلة الأولى في عمر "الإصلاح" تسويقا لمفاهيم حول (الولاء والبراء، وحاكمية الشريعة) في معركة الدستور الشهيرة التي قادها الشيخ عبد المجيد الزنداني بأشرطته من مقر إقامته في مكة المكرمة، والشيخ المؤيد من مقر إقامته في اليمن، وطغت مصطلحات "المتشددين" على خطاب "الإصلاح"، وقاموا بتوجيه دفة المعركة؛ يتحالف معهم الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر –(1933 - 2008) شيخ مشايخ اليمن- لأن الحزب الاشتراكي جاء بنظام يلغي فيه سلطة المشايخ، وكان للاشتراكيين دور في تصفية أكثر من سبعين من مشايخ القبائل اليمنية مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وبقيت تلك الحادثة تلقي بظلال الرهبة من الحزب الاشتراكي على مشايخ القبائل مما جعلها على الدوام تقف ضده.
بدأت مرحلة "حزب الإصلاح" الثانية في نفس العام (1994-1997) الذي أعلنوا فيه التحالف مع الحزب الحاكم (حزب الرئيس) علي عبد الله صالح، ليمتد إلى العام 1997 والتي مني فيها حزب الإصلاح بخسارة في الانتخابات البرلمانية. شهدت تلك المرحلة تعديل الدستور في مادته الثالثة التي كان يعتبرها الشيخ الزنداني ومجموعة من مشايخ وعلماء الحركة الإسلامية من الذين تم إعفاؤهم من المناصب القيادية اليوم، مادة "كفرية" لأنها لا تجعل التشريع خالصا لله، وتمكن الحزب من تعديل تلك المادة بسبب انتصاره في حرب 94 متحالفا مع حزب الرئيس (الحزب الحاكم).
ورغم أهمية تلك المادة فإن الدستور اليمني نقضها في مواد أخرى كما يؤكد الدكتور أحمد عبد الرحمن شرف الدين أستاذ الفقه المقارن في جامعة صنعاء، بأن الشريعة الإسلامية في دستور الجمهورية اليمنية محكومة برغبة وموافقة الأغلبية، وهذا ما تؤكده القاعدة الغربية في الأنظمة الديمقراطية على أساس أن الشعب يحكم نفسه بنفسه. ورغم مكاسب المعركة للطرفين المتحالفين في حرب 94 فإن قيادة الإصلاح لم تستغل ذلك الانتصار لتعديل أهم قانون ثار حوله الجدل، وهو قانون التعليم الذي أقره تحالف الاشتراكي والمؤتمر فترة إعلان الوحدة (1990-1993)، والذي بموجبه تلغى المعاهد العلمية التي كانت تكثف في مناهجها العلوم الشرعية وتعتبرها دوائر القرار الأمريكية والغربية محضنا من محاضن الإرهاب.
وبدأت المرحلة الثالثة في عمر الإصلاح (1997-2003) بالتحالفات مع الأطراف العلمانية في البلاد بما فيها الحزب الاشتراكي الذي خسر الحرب في 94، وبالتالي خسر موقعه القيادي وفقد قوته العسكرية ومكانته كشريك رئيسي في دولة الوحدة، وبالتفكيك التدريجي للارتباط الإستراتيجي بين الحزب الحاكم (حزب الرئيس) والإصلاح. وبدأ حزب الإصلاح "الإخواني" يقترب من الأحزاب الأخرى في صورة تنسيقات مع الأحزاب العلمانية الصغيرة - كالبعثية والناصرية- وتتركز قوة هذه الأحزاب الصغيرة في تواجدها في المربعات الإدارية الهامة والحساسة للدولة، وتوسعت التنسيقات لتشمل الحزب الاشتراكي اليمني الذي ضاق ذرعا من فتاوى التكفير ضد قيادته والصادرة من قيادة سابقة في الإصلاح. تطورت العلاقة بين الأحزاب والإصلاح من تنسيق في قضايا انتخابية فنية إلى تحالف برامجي واسع تم الإعلان عنه رسميا بداية المرحلة الرابعة في المؤتمر العام يناير 2003، التي بدأت باغتيال القيادي جار الله عمر من شاب يوصف بأنه "إصلاحي متشدد" نتاج خطاب المرحلة الأولى التي حملت توصيفات ومصطلحات متشددة ضد الحزب الاشتراكي، وتكفير قياداته وتم اتهام الشيخ الزنداني بتزعم تلك المرحلة وتسويق ثقافة التكفير. وشهد المؤتمر العام (يناير 2007) لحزب الإصلاح ميلاد المرحلة الرابعة التي أنتجت قيادة جديدة أكثر اعتدلا وقبولا بين دوائر القرار الغربية، مما عزز التنسيق لتحويل الإصلاح إلى حزب مدني بعيد عن الانجذاب للماضي أو "التشدد الديني". وانتهت في هذه المرحلة حقبة من الازدواجية عانى فيها الإصلاح بين نوعين من الخطاب، وأسلوبين مختلفين في القيادة نوع يجنح نحو خطاب السلفية التقليدية، ونوع ينحو نحو الإسلام الليبرالي المنفتح على القيم الغربية والمتعايش مع العالم.
نقد ونصيحة
وفي فترة استعداد حزب الإخوان في اليمن للانتقال من مرحلة الجماعة إلى الحزب المدني بشعار النضال السلمي والتعايش مع الآخر (2000-2007) صدرت رسائل نقدية من منابر متعددة داخل الحزب وخارجه، أبرزها كتاب (النصيحة) من مجموعة تمثل خطاب مرحلة التأسيس المنتمي إلى مرحلة الصراع بين القوى العلمانية والإسلامية فترة العمل السري.
وركز كتاب النصيحة الذي نزل باسم مستعار (صادق أمين محمد) على ما اعتبره نظاما بوليسيا يحكم حركة الإخوان في إطار الحزب، وسخرية وتهكم بالعلماء من قيادات تنظيمية هي اليوم تقود الحزب، والافتقاد إلى عقيدة الولاء والبراء في التربية السلوكية، وتعميم نظام الجاسوسية بين الأفراد داخل التنظيم على بعضهم البعض، واعتماد المعايير الشخصية في التقييم بعيدا عن المعايير الشرعية.وأحدث الكتاب رهبة داخل المستويات القيادية والتنظيمية التي تمسك اليوم بزمام الحزب، مما حدا بها إلى إصدار تعميم داخلي يمنع شراء الكتاب أو اقتناءه، وأرسلت من يفنده ويواجهه بالنقد والتجريم لكاتبه.
وأثار الكتاب شرخا في الثقة بين مستويات في القيادات العليا، لأن الكتاب استدل بوقائع المفترض أنها محصورة في قيادات قليلة عليا في جماعة الإخوان في اليمن، وأشارت أصابع الاتهام لجهات قيادية تعمل في جامعة الإيمان، وتم على الفور فصلها من الجامعة وهي كوادر علمية تقوم بالتدريس، ثم إصدار الهيئة العليا للحزب بيانا تتبرأ فيه من الكتاب وما ورد فيه، معتبرة إياه "تلفيقات وأكاذيب من حاقدين على الحركة الإسلامية".. دون الدخول في تفاصيل أو التعليق على حوادث تم سردها مرتبطة بأسماء قيادية لامعة في التنظيم اليوم.
ومع دخول حزب الإصلاح مرحلته الرابعة التي بدأت في يناير 2007، سجل ابتعادا ملحوظا عن قضايا الأخلاق والأمن والتشريع على الساحة المحلية، أو القضايا الدولية كحرب الإرهاب بقيادة أمريكا، وقضايا الأمة في أماكن أخرى من العالم، مما أتاح فرصة للتمدد القاعدي (نسبة لتنظيم القاعدة) أن يتوسع في مناطق مختلفة على حساب البساط الإخواني، الذي ابتعد خطابه وبرامجه عن قضايا كانت ضمن الأجندة الرئيسية مرحلة التأسيس قبل ثمانية عشر عاما، وهذا جزء من تفسير توسع القاعدة جغرافيا وعملياتيا وتنوع الأجيال المنتمية إليها مؤخرا.
لقد انتهي الأمر الآن بقيادة الإصلاح الحالية إلى الاعتماد كليا على جيل جديد لا يمت بصلة إلى مرحلة التأسيس الأولى، بعد تعديل المناهج الداخلية للتربية والتكوين داخل الحزب عقب تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، لتصوغ عقلية لا تنتمي إلى ثقافة "كره الآخر"، وترفض العنف في التغيير، وتركز على مشروع الدولة الوطنية.
تعليق