إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الإبداع و دور المجتمع و مؤسساته في تبني المبدعين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإبداع و دور المجتمع و مؤسساته في تبني المبدعين

    الإبداع و دور المجتمع و مؤسساته في تبني المبدعين
    بقلم: باسم شعبان
    الإبداع في الفن و العلم و الأدب من المواهب التي خلقها الله تعالى في فئة قليلة من الناس, فتجد منهم من يدهشك بفنه أو أدبه مثل الشعر و الرواية و منهم من يدهشك بمنجزاته العلمية أو اختراعاته الفذة, و لأن هذه الندرة ليست بالهينة بل الثمينة و التي يجب أن لا تضيع أو يتهاون بها, فبعض الإبداعات أفادت البشرية جمعاء و بعضها كان له مردود على قوم المبدع و أمته.
    و لأننا في العالم الثالث الذين لا نهتم بالقراء و لا بالبحث أو الإبداع و الابتكار العلمي و ركنا في ذلك على عقول و جامعات الغرب التي أسست للغزو الاستعماري على بلادنا, و الذي لم ينس الغرب أنه ورث علم وأدب المسلمين , فلم ينس في أوج غزواته في العصر الحديث أن يأتي بالعلماء معه في الحملة الفرنسية على مصر و فلسطين, ليقول لنا بهذا السلاح غزوناكم وبهذا الإبداع الذي يحير عقولكم سنهزمكم, و تستمر هذه المعادلة البائسة حتى هذه اللحظة, فالغرب يريد لنا أن نظل متخلفين متأخرين عنه بعدة أجيال و ليس بعدة سنوات, و ما نجده من تشنج عند دول الغرب عندما يسمعون أن دولة إسلامية أصبحت تمتلك تكنولوجيا معينة حتى تبدأ المؤامرات و الدسائس للقضاء على هذه المنجزات العلمية, و خبرة الغرب الصليبي الصهيوني طويلة مع المسلمين في العصر الحديث, بدءا من تدمير جيش محمد علي باشا و التصدي للمنجزات إلى حققها في مصر, مرورا بتدمير منشآت العراق العلمية في عصر صدام و حتى التصدي السافر الآن لبرامج إيران في البحث العلمي و ما يتعلق بالمنجزات في حقل الطاقة النووية.
    و موضوع الإبداع من المواضيع التي تعرضت لها ثقافتنا بالتفصيل و ميزت بين الإبداع و البدعة حتى تبين ما هو المقبول و ما هو المرفوض و الدخيل على العملية الإبداعية, و لذلك تم الربط بين القيم الجمالية و الأخلاقية و التربوية, حتى لا تترك الأمور على عواهنها خاصة في مجال الفن و الأدب, و حتى لا يقول كل من هب و دب أنه مبدع, و هو يلقي أمامنا بغثه و هرائه, مثل بعض الروايات المقززة و التي أعطى الفرنسيون لأصحابها جوائز لما تحويه من الخواء الإبداعي الحقيقي ويمكن أن نذكر ضمن ذلك رواية ليلة القدر للطاهر بن جلون في هذا المجال و التي يتهكم فيها بأقدس ليلة و هي ليلة القدر و خاصة حينما يتهكم على الغيب.
    يقول التهانوي "البدعة في اللغة ما كان مخترعا على غير مثال سابق, و منه( بديع السموات و الأرض)أي موجدها على غير مثال سابق. قال الشافعي رحمه الله تعالى: ما أحدث و خالف كتابا أو سنة أو إجماعا أو أثرا فهو البدعة الضالة, و ما أحدث من الخير و لم يخالف شيئا من ذلك فهو البدعة المحمودة. و الحاصل أن البدعة الحسنة هي ما و وافق شيئا مما مر و لم يلزم من فعلها محذور شرعي, و أن البدعة هي ما خالف شيئا من ذلك صريحا أو التزاما. و بالجملة فهي منقسمة إلى الأحكام الخمسة:
    فمن البدع الواجبة على الكفاية الاشتغال بالعلوم العربية المتوقف عليها فهم الكتاب و السنة كالنحو و الصرف و المعاني و البيان و اللغة, بخلاف العروض و القوافي و نحوهما, و بالجرح و التعديل, و تمييز صحيح الأحاديث عن سقيمها, و تدوين نحو الفقه و أصوله و آلاته, والرد على نحو القدرية و الجبرية و المجسمة, لأن حفظ الشريعة فرض كفاية و لا يتأتى إلا بذلك, و محل بسطه كتب أصول الدين.
    و من البدع المحرمة: مذاهب سائر أهل البدع المخالفة لما عليه أهل السنة و الجماعة.
    و من المندوبة إحداث نحو الرباطات و المدارس.
    و من المكروهة زخرفة المساجد و تزويق المصاحف
    و من المباحة التوسع في لذيذ المآكل و المشارب و الملابس".(كشاف اصطلاحات الفنون ج1 ص 191)
    و يقول الجرجاني عن الإبداع:" إيجاد شيء غير مسبوق بمادة و لا زمان, و يقول عنه إيجاد الشيء من لا شيء , و قيل الإبداع تأسيس الشيء عن الشيء و الخلق إيجاد شيء من شيء ,قال الله تعالى "بديع السموات و الأرض" و قال " خلق الإنسان", و الإبداع أعم من الخلق و لذا قال "بديع السموات و الأرض" و قال" خلق الإنسان" و لم يقل بديع الإنسان." كتاب التعريفات ص 26.
    و لقد ازداد الاهتمام في العصر الحديث بالمبدعين لما حصل في هذه الحضارة المعاصرة من اكتشافات و توسع هائل في العلوم و الفنون و الرياضة شملت جميع أمم الأرض و خلقت بينها تنافسا شديدا في شتى المجالات, و أيضا انتشار وسائل الإعلام الهائل و المردود المالي للمبدعين و إبداعاتهم سواء على أممهم أو على الشركات التي تستنفع من علمهم أو المردود الشخصي كالثروة و الشهرة.
    و لذلك لا بد من الاهتمام بهذه الفئة المهمة من المجتمع و تصليت الأضواء عليها و على واقعها, فينبغي إذا أردنا أن ننافس باقي الأمم أن نتنبه جيدا ونهتم جيدا بفئة التلاميذ و الشباب و التقاط تلك الموهبة و هي في بداياتها و التركيز عليها و على صاحبها حتى يتم صقل هذه الموهبة, و هنا لا بد من توفير جو أو محيط أو بيئة صحية تنمو فيها هذه المواهب, و خاصة في البيت و المدرسة و الحي و المؤسسات و النوادي المتخصصة برعاية الشباب و المبدعين منهم خاصة, فالإبداع نتيجة متكاملة لكل تلك المؤثرات التي تؤثر في الإنسان منذ ميلاده و حتى صفاته الوراثية التي يأخذها من أبويه, لذلك يجب أن يكون هذا الجهد منظما و متناسقا بين مؤسسات المجتمع التي تهتم بالنشء بحيث تشكل سلسلة متكاملة لا يفقد منها أية حلقة بالرغم من تنوع مجالات الإبداع و توسعها, و لذلك يجب ألا تترك للصدفة تلك العملية, فمن وجد من يهتم به يصعد في سلم الإبداع بينما من لا يجد من يهتم به يضيع و بذلك نكون قد ضيعنا على أنفسنا و أمتنا ذخائر نفيسة قلما يجود الزمان بمثلها, و في تاريخنا كانت هناك وقفيات توقف على طلاب العلم و العلماء حتى يتعلموا و يتفرغوا للعلم و لا يضيع وقتهم بالعناء في البحث عن لقمة العيش, و لو بحثنا في الحجج الوقفية عندنا لوجدنا مثل تلك الوقفيات و لكن للأسف كل شيء مصاب بالفوضى حتى وصلت إلى تلك المؤسسة التي استولت عليها الحكومات و أصبحت جزءا من وزارة الأديان أو الأوقاف, و حرم من ثمرتها مستحقها الحقيقي و الموقوفة عليه, هذا لا يعفي أيضا الحكومات و المؤسسات من تخصيص ميزانيات لمثل هذه العقول و تبنيها و تطويرها بحيث تصل إلى قمة العطاء و الإبداع.
    و الإنسان المبدع ممتلئ بالقلق و التوتر و الانتباه الشديد, حاد الذهن يلتفت إلى كل شاردة و واردة, مثابر و صبور و عنيد, يواصل البحث و التدقيق و النقد لأعماله و إنتاجه, يتصدى للمشاكل و يحاول إيجاد الحلول المبتكرة, فالإبداع تحدثت كتابات كثيرة عنه في العصر الحديث و تم تصليت الأضواء عليه خاصة من جانب علم النفس لمعرفة أسراره و كيفية تكون المبدع و العمل الإبداعي و يتكلم معظمها عن القدرات الإبداعية والتي تتميز:
    " 1- الطلاقة: و التي تتميز بإنتاج عدد كبير من الأفكار و التصورات في مدة زمنية محددة.
    و قد تبين من الدراسات التي أجريت على الطلاقة وجود أربعة عوامل لها:
    أ‌- طلاقة الكلمات: في اللغة المنطوقة أو وحدات التعبير كاللقطات في لغة التصوير.
    ب‌- طلاقة التداعي: أي سرعة إنتاج كلمات أو صور ذات خصائص محددة في المعنى.
    ت‌- طلاقة الأفكار: أي سرعة إيراد عدد كبير من الأفكار أو الصور الفكرية في أحد المواقف, و لا يهتم هنا بنوع الاستجابة و جودتها و إنما يهتم فقط بعدد الاستجابات.
    ث‌- الطلاقة التعبيرية: و هي القدرة على التعبير عن الأفكار و سهولة صياغتها في كلمات أو صور للتعبير عن هذه الأفكار بطريقة تكون فيها متصلة بغيرها و ملائمة لها.
    2- المرونة في التفكير: و تتمثل في العمليات العقلية التي من شأنها أن تميز بين الشخص الذي لديه القدرة على تغيير زاوية تفكيره عن الشخص الذي يجمد تفكيره في اتجاه معين.
    3- الأصالة: و يعد الكثيرون الصالة مرادفة للإبداع نفسه, و يقصد بهذه القدرة تلك المظاهر التي تبدو في سلوك الفرد عندما يبتكر بالفعل إنتاجا جديدا, فالأصالة تعني الجدة أو الطرافة, و لكن هناك شرطا آخر لا بد من توفره إلى جانب الجدة لكي يكون الإنتاج أصيلا, هو أن يكون مناسبا للهدف أو للوظيفة التي سيؤديها العمل المبتكر, فالسلوك الجديد و المناسب أو الذي يؤدي إلى الهدف المنشود بمهارة يعد بحق سلوكا إبداعيا أصيلا, و الجدة وحدها لا يمكن أن تدل على الإبداع لأن السلوك قد يتخذ شكل العمل الإبداعي بطريقة كاذبة لانخفاض درجة توافقه مع الموقف, و يتبدى هذا بوضوح في سلوك بعض المرضى العقليين الذين قد يصدر عنهم سلوك جديد في شكله و لكن غير مناسب للهدف, و لا يخدم عملية التوافق و لا يتجه مع غيره من مظاهر السلوك الصادرة عن الشخص إلى خدمة الهدف المحدد"موسوعة الفلسفة العربية ج1 ص16-17.
    من هنا نجد أهمية متابعة هذا الموضوع الحساس و عدم التهاون بهذه الفئة المهمة من أبناء المجتمع و رعايتهم و تصليت الأضواء عليهم و على الهدف المرجو من إبداعهم و جهدهم
    و للموضوع بقية إن شاء الله تعالى
    الملفات المرفقة

  • #2
    بارك الله في جهدك
    (الشعوب اداة التغيير)
    د.فتحي الشقاقي

    تعليق

    يعمل...
    X