فتحي الشقاقي .. الرجل المستحيل في الزمن اللا معقول
حين نتحدث عن الشهداء لا بد أن نقف لهم إجلالا وإكبارا، فما بالكم عندما يكون الشهداء هم قادة الأمة!! انه لشرف عظيم لأمة يستشهد قادتها من اجل قضيتها، فهم رموز تركوا بصمات بارزة في تاريخ الجهاد، واستحقوا بذلك لقب عظماء الأمة.
و عندما نتحدث عن القادة.. فلا بد أن نتحدث عن سيد شهداء فلسطين، الشهيد الدكتور المفكر فتحي الشقاقي، هذا القائد العملاق في زمن كثر فيه الأقزام، و الذي صنع المعجزات في عصر الهزائم والانكسارات والتخاذل، الفارس الذي نهض من بين الركام ليعيد التاريخ لمجراه والصراع إلى اشتعاله وليعلن بأن فلسطين هي القضية المركزية وجوهر الصراع الكوني مع العدو الصهيوني ، فأعطاها بعدها الحقيقي ليس عبر الشعارات والكلام، بل عبر نهر دم نوراني لم يتوقف، حيث كان دمه الطاهر احد روافده.
لم يكن فتحي عبد العزيز أو عز الدين الفارس غير الدكتور فتحي الشقاقي "أبو إبراهيم" الذي عرفته الصحافة العربية من مجلات ودوريات ثقافية وفكرية بكتاباته الملتزمة والهادفة والداعمة إلى نشر الإسلام المحمدي الأصيل، ولاستنهاض الأمة العربية والإسلامية، فمجلة المختار الإسلامي عامرة بالدراسات والمقالات المؤسِسة لنهج جهادي صحيح يصوب البوصلة إلى عدو الأمة وكيانه المصطنع على أرض فلسطين ، لقد كان أبو إبراهيم مثالاً فذاً للمجاهد المؤمن بالكلمة والحجر والبندقية.
ولد الدكتور الشقاقي عام 1951 في فلسطين واستشهد في 26/10/1995 غدراً في مالطا، أربعة وأربعون عاماً فقط هي عمر الشهيد المجاهد، ولكنها كانت زاخرة بالعطاء في مختلف المجالات، إن كان على مستوى الدراسة في جامعة الزقازيق في مصر، ليتخرج منها طبيباً جرَّاحاً في العام 1981، أو معتقلاً في سجون الاحتلال، ليخرج منها ومعه الميثاق التأسيسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، وصولا لإبعاده إلى الأراضي اللبنانية في 1/8/1988، وهكذا والقول للشهيد الشقاقي :
"كان قيام حركة الجهاد الإسلامي إجابة على سؤال، كيف تكون القضية الفلسطينية قضية مركزية، نحن حددنا في داخل فلسطين مسألة ضرورة إعلان الجهاد ولذلك كان الصهاينة في وقت مبكر يسمون هذه الحركة بتيار الجهاد والآن، يجب أن تكون فلسطين في قلب مشروع نهوضنا طالما أن فلسطين في مركز مشروعهم المعادي، يجب أن تكون فلسطين في مركز مشروعنا الإسلامي".
الشقاقي .. هو ابن الإسلام العظيم الذي أطلق على نفسه لقب عز الدين الفارس محبة واقتداءَ بعز الدين القسام، وانتماء إلى زمن الصحابة والرسول زمن الفروسية الحقة ، هو الاسم الذي لمع في ميادين الجهاد حين عز الجهاد، وحمل السلاح في زمن عز فيه السلاح، و هو صاحب المشروع الإسلامي وصاحب الفكرة التي أضاءت الليالي الحالكة في زمن عتمتها، وقضت مضاجع الصهاينة وكيانهم اللعين، فقتلوه يحسبون انهم بقتله سينتهي مشروعه الجهادي، ولكن هيهات هيهات، فها هم أبناء الشقاقي يكملون طريق معلمهم، سائرون على دربه، درب ذات الشوكة وفي طريق الإيمان والوعي والثورة وأثبتوا للجميع بأن الدم سينتصر على السيف، وكانوا وما زالوا جنود العزة والكرامة لهذا الدين العظيم، وحافظين وصية معلمهم الشقاقي الأمين، حتى نيل إحدى الحسنيين إما النصر أو الشهادة.
وإننا في الذكرى السنوية الثانية عشر لاستشهاد قائدنا ومعلمنا، إذ نجدد العهد والبيعة مع الله على المضي قدما في طريقه، الطريق الأمل والوحيد في سبيل تحرير الأرض والإنسان ، فلك يا سيدي الف سلام.
فتحي الشقاقي .. كان الرجل المستحيل في الزمن اللامعقول ..
فتحي الشقاقي .. رقم لا يقبل القسمة إلا على الإسلام .. والجهاد .. وفلسطين ..
فتحي الشقاقي .. ردنا الأجمل على هزيمتهم ..
فتحي الشقاقي .. عنواننا نحو العالمية الثانية .. والصعود الجميل ..
فتحي الشقاقي .. يومنا .. وأمسنا .. وغدنا الأجمل ..
أبا ابراهيم :
من قال يا سيدي أنا بثأرك قد أخذنا .. من قال أنا لدمك انتقمنا .. وأنا من دماء بني صهيون قد ارتوينا .. فحين يكون دمك بحجم فلسطين .. ويكون ثأرك ثأر الأقصى .. هل يا ترى يكفينا في ذلك دماء بني صهيون .. كلهم .. لا أظن ..
ويبقى أبو إبراهيم .. فارسنا الذي لم يترجل بعد .. يمتطي صهوة التاريخ .. ويسافر بنا نحو الشمس .. حيث موطن النسور .. موطن عشاق الشهادة .. أبو إبراهيم باقٍ فينا لا يفارقنا .. يسكننا .. يحتوينا .. يعيش معنا كل تفاصيل حياتنا .. يقاسمنا الرغيف .. والهم .. والفرح .. من قال أنه مات .. ومن ظن أنه غائب عنا .. فهو واهم .. لا يعرف معنى الشهادة .. ولا يعي عظمة هذا الشهيد الكبير .. ولا يعلم معنى وفلسفة الإنتماء للجهاد الإسلامي .. فحركة يستشهد أمينها العام .. لا تنكسر.
تعليق