مدخل للموضوع:
زخرت القضية الفلسطينيه منذ بدايتها ولغاية هذه اللحظه بالعديد من الشخصيات الوطنيه والقادة الوطنيون, الذين لا يتسع المجال هنا لذكرهم جميعا, ولكن اثنين فقط هم من نالو الاجماع الشعبي والوطني والتف الشعب باغلبه معهم,هم الشهيد عبد القادر الحسيني والشهيد ياسر عرفات رحمهما الله.
الشهيد ياسر عرفات زعيم حركة فتح ورئيس منظمة التحرير ورئيس السطله الوطنيه, تلك الشخصيه البراغماتيه التي اجمع عليها اغلبية الفلسطينيين بمعظم انتمائاتهم السياسيه والفكريه,اعتقد انه لن تحظى اي شخصية فلسطينية اخرى بنفس الاجماع في الحاضر او على الاقل على المدى المنظور. كان يمسك بكل الخيوط السياسيه للقضية الفلسطينيه وبيده كل مفاتيح القضايا الفلسطينيه خارجيا وداخليا بلا منازع,فمن البديهي والطبيعي ايضا ان يشكل بدوره صمام الامان لكل الخلافات الداخليه الفتحاويه,وشكل ايضا القاسم المشترك لك التوجهات داخل الحركه وهذه ما يهمني في الموضوع.
لقد برزت في الفترة الاخيره من حياة الراحل ابو عمار العديد من الشخصيات داخل حركة فتح تنادي باصلاح البيت الفتحاوي المتهلهل والدعوه لعقد المؤتمر السادس للحركه , كما واصبح تذمر الكثير من الناس من الفساد المستشري في السلطة الوطنيه- والتي تشكل فتح القاعدة الاساسية فيها- اصبح تذمرهم حديثا يوميا تقريبا, وكانت فتح بكل اسف تنال النصيب الاكبر من هذا التذمر,ومع هذا التذمر الا ان رئيس حركة فتح كان لا يزال يحظى بثقة الشعب , قد يعتبره البعض تناقضا,وهو ليس كذلك لان ابو عمار كان قد وصل الى الرمزية الجامعه, ومثل بالفعل حالة من الابوه لكل الفلسطينيين,اي انه رمز ولا يختلف الشعب مع من يعتبره رمزا من رموزه الوطنيه. فكما يقال الشعوب تدين بدين رموزها.
بالمحصله ونتيجة لما سبق ذكره فأن ابو عمار كان هو وحده السقف الذي حمى البيت الفتحاوي من التهاوي والسقوط, ومع رحيله بدأنا نشهد تعري البيت الفتحاوي, وكشف عما في داخله من تشتت للقاعده, وفئويات, ومشاكل لا حصر لها.
المشاكل والمعضلات داخل الحركه قبيل الانتخابات الرئاسيه, كترشح القائد المناضل مروان البرغوثي امين سر الحركه في الضفة الغربيه الى جانب القائد المناضل محمود عباس, عدا عن معارضة العديد من الشخصيات داخل الحركه لترشح كلا الشخصيتين,ومع ان الاخ مروان البرغوثي اعلن انسحابه في اللحظات الاخيره الا ان ما جرى دلل على وجود صراع بين اقطاب الحركه وقادتها في الداخل والخارج.
ان عدنا لما قبل الانتخابات التشريعيه لنلقي نظرة على انتخابات المجالس البلديه والقرويه,كانت فتح تخسر قلاعا ومعاقل كانت هي بالاساس من اسس هذه القلاع وبناها,وكانت انتخابات المجالس البلديه والقرويه بمثابة امتحان اولي قبل الامتحان الاكبر والشامل, ومع هذا حدث ولا حرج, في قرية صغيره لا يتعدى عدد سكانها الالف نسمه كان هناك ثلاث قوائم لحركة فتح,وهذا نفسه ما جرى في العديد من البلدات الكبرى وبعض المدن, فكان التنافس بين هذه القوائم بعضها ببعض وتركو منافسة الاخرين فكانت النتجيه الطبيعيه هي الفشل ومزيد من الفشل ومزيد من التناحر الداخلي. اي سوء ادارة وتنظيم هذا ?!!
ومع ذلك لم نتعلم من الامتحان الاصغر وبدلاً من أن تعي الحركة الدرس وتعيد ترتيب صفوفها وتحدد مرجعيتها السياسية والتنظيميه فإنها تخوض الانتخابات التشريعية بقوائم عديدة تتنافس فيما بينها.
فمع التحضير للانتخابات التشريعيه,كانت الريح قد سحبت الغمامة التي اخفت المشاكل الداخليه بعد الانتخابات الرئاسيه وانتخابات المجالس البلديه والقرويه,فكان ما يسمى بالبرايمرز , والاسلوب الرجعي الذي سرت به عملية البرايمرز, الذي اعتمد على اسلوب التجييش لقائد هنا او قائد هناك ممن ترشحو للبرايمرز, ونتيجة لذلك تشتت القاعده المهمشه اصلا , وانتجت هذه العمليه اناسا هم بالاصل رموز الفساد في الحركه - لا اعمم طبعا- ,اضافة الى انها زادت من حدة الخلافات بين قادة الحركه نفسها, وظهر ذلك جليا في الاشخاص الذين ترشحو للانتخابات التشريعيه كمستقلين وهم بالاصل فتحاويون, وكان هذا من اهم الاسباب في فشل فتح في الانتخابات اضافة الى بعض رموز الفساد الذين نجحو في البرايمرز .
نتيجة لكل ما سبق هو مزيد من التهاوي والسقوط نحو الاسفل فكان الفشل الذريع والمخجل والمخزي والمبكي في الانتخابات التشريعيه, فشلا بالرغم من كل ما جرى لم يكن اشد المتشائمين يتوقعه بهذه الصوره وهذه الدرجه, حتى ان بعض قادة حماس انفسهم لم يكن يتوقع هذه النتيجه.
نجحت حركة حماس ونالت ثقة الشعب بجداره. مبروك لحماس التي اثبتت انها افضل تنظيميا من حركة فتح وعرفت كيف تستغل الوضع الفتحاوي المتهلهل والمتردي,واستغلت الاعلام افضل استغلال فيما فتح منشغلة بمشاكل لا نعرف بدايتها ولا نهايتها.
ما جرى من احداث وتبعات بعد تشكيل الحكومة الحمساويه, من الحصار الاقتصادي الى التضييق السياسي الى تململ الشعب والتأخر في دفع مستحقات الموظفين والعسكريين, الى الاقتتال الداخلي المؤسف بدأ الشعب يعي حقيقة حماس المتأسلمه,اضافة الجرائم التي ترتكبها التنفيذيه بحق قادة قتح وعناصرها بدأنا نلحظ وبقوه ان الشعب يتعاطف مع حركة فتح , ومعظم الاستطلاعات اشارت الى تفوق الحركه بالاضافه الى انتخابات مجالس الطلبه في بعض الجامعات.
حكومة حماس بافعالها الاجراميه هي وضع اول عمود في عملية ترميم البيت الفتحاوي, وهذا العمود هو تعاطف الشعب مع حركة فتح وجمعت القاعده كلها وجلعتها في صف واحد واحيت النفس الفتحاوي الي خاب نوره في صدورنا.
والان وبعد تشكيل حكومة الوحده الوطنيه والتحولات الايديولوجيه في حماس , تحاول حماس بشتى الطرق ان تكسب الشعب وان تبقيه الى صفها والى جانبها.
الان وبعد كل هذا الشرح المطول, هل ستكمل فتح عملية الترميم؟ هل انتهت الخلافات الداخليه؟
هل تعلمنا من اخطاء الماضي؟هل "فتح" ما زالت تمثل تطلعات جماهير الشعب الفلسطيني ؟
اعتذر عن الاطاله ولكن اليد خفيفه والحبر سائل
تعليق