لقاء / «فضلت أن أقتل على الجانب الإسرائيلي ولم أرغب في أن أقتل من قبل الجانب الفلسطيني»
حلس لـ «الراي»: الحالة الفلسطينية لا تستقيم بالدم والقتل إنما بالحوار الدائم وواهم من يعتقد أن «حماس» لا يوجد لديها برنامج لكي تحكم سيطرتها على الضفة
• كيف سقطت غزة، ومن المسؤول عن هزيمة فتح والسلطة هناك؟-
ان سقوط القطاع في ايدي حركة «حماس» سبقه مقدمات، وفي تقديري، ان غزة لم تسقط في 14/6/2007 لكن الاعلان عن سقوطها كان في ذلك التاريخ وهذه المقدمات كان يجب دراستها جيدا حتى نتجنب ما حدث يوم 14/6/2006وابرزها اغتيال موسى عرفات واقتحام سرايا غزة وقتل عدد من السجناء داخله ومحاولة اغتيال طارق ابو رجب في مقر قيادة الاستخبارات والعديد من الاغتيالات التي لم تلق اي اهتمام ولم تدرس في شكل جيد ولم تستخلص منها العبر. وهناك اشكالات حدثت داخل «فتح» لم تعالج في الشكل الصحيح في المؤسسة الامنية والعسكرية حيث كان يتم تجاهلها الى ان وصلنا الى ما حدث في 14 يونيو.
وفي تقديري، كلنا نتحمل المسؤولية، كل حسب موقعه، وربما هذه الاجابة اجابة عامة لا تحمل احدا المسؤولية، لكن هناك مسؤوليات سياسية وامنية وتنظيمية، ومن كان على رأس كل من هذه المواقع عليه ان يتحمل جزءا من هذه المسؤولية.. وليس من اجل المحاسبة والعقاب، وانما من اجل استخلاص العبر وتفادي المزيد من التراجعات.
• أين «فتح» في القطاع اليوم، ولماذا نلاحظ أن الحركة غيبت ذاتها هناك بعد 14 يونيو2007؟
- حركتنا موجودة هناك، اما اذا قصدت قوة «فتح» العسكرية، فقد ضربت ضربة عسكرية، وهذا امر واقع لا نستطيع تجميله او تجاهله لكن «فتح» باعتبارها جزءا من نسيج الشعب الفلسطيني وقواه الحية، عبرت عن هذا الوجود بأكثر من طريقة، واريد التذكير بالحشد الهائل الذي قامت به «فتح» في ذكرى استشهاد ياسر عرفات وهناك الكثير من المظاهر التي عبرت عن حجم «فتح» الحقيقي في غزة، لكن هذا الحجم ملاحق لا يستطيع ان يعبر عن نفسه من خلال فعاليات جماهيرية وشعبية وقيادات الحركة كلها ملاحقة ومكاتب الحركة اغلقت وممتلكات الحركة كلها صودرت وبالتالي لا تكاد ترى موقعا لحركة «فتح» او مكتبا لها. لكن تستطيع ان تلمس «فتح» في كل بيت وكل زوايا غزة وفي اعتقادي ان «حماس» خدمت حركة «فتح» عندما أظهرت ان من لا يمارس السلطة لا يخطئ و«فتح» اخطأت وشعبنا كان يرى اخطاؤنا وكان يعتقد ان الاخرين معصومون عن الاخطاء وحينما جربت السلطة عند الاخرين اكتشف شعبنا ان للسلطة مفاسد ومساوئ لا يستطيع ان يتحصن منها من يمارسها وان «فتح» بالتجربة هي اقل من غيرها بكثير من حيث الاخطاء.
• يجري الحديث الآن وينصب الاهتمام على الحوار الفلسطيني - الفلسطيني المزمع عقده في القاهرة وإنهاء الانقسام. هل تعتقد انه سيتكلل بالنجاح، وإذا لم ينجح ماذا تتوقع؟
- هناك جهود مصرية وجهود عربية تقودها مصر من اجل اجراء حوار فلسطيني - فلسطيني شامل وهذا الحوار بدا قبل نحو اسبوعين حينما التقى وفد من حركة «فتح» بالاخوة في مصر وسيلتقي وفد من «حماس» مع الاشقاء المصريين ونحن في حركة «فتح» نذهب لهذا الحوار بجدية خالصة من اجل الوصول الى تجاوز كل اسباب الانقسام كي نصل الى حال من توحيد الجهود، وفي تقديري بدأت توضع العقبات مسبقا في طريق هذا الحوار من خلال اشتراطات «حماس».
ونحن نأمل ان يتمكن الاخوة المصريون والعرب جميعا من وضع صيغة اتفاق ملزمة للاطراف الفلسطينية كافة و«فتح» اعلنت اكثر من مرة وأبلغت من خلال الرئيس (محمود عباس) ابو مازن انها ملتزمة باي صيغة اتفاق عربي تطرح علينا ونأمل ان يكون لدى الاخرين نفس الرغبة والنية للوصول الى هذا الاتفاق.
• كيف تقيم الجهود المصرية والعربية لإعادة اللحمة الفلسطينية. هل بامكانها وضع النقاط على الحروف وهل تشعر بتصميم عربي؟
- اشهد للإخوة المصريين تحديدا والسعوديين والقطريين انهم بذلوا قصارى جهودهم لتحقيق المصالحة الفلسطينية. ومصر أبقت في غزة جزءا من قيادة الاستخبارات العامة في شكل دائم متمثلة بالوفد الامني لمحاولة رأب الصدع الفلسطيني وخاضوا العديد من الاتفاقات. فهناك اتفاق القاهرة الذي عقد في 2005 وحتى بداية يونيو 2007، اي قبل سقوط غزة في يد «حماس» بأسبوعين، كان هناك وفد من «حماس» ووفد من «فتح» في محاولة لتفادي وقوع الكارثة ايضا. وقام الاخوة في السعودية بجهود مخلصة لتسوية الخلافات الثنائية بين الحركتين في مكة المكرمة قبل سقوط غزة بثلاثة اشهر.
ويبدو ان الاشقاء العرب لا يريدون ان يخوضوا تجربة فاشلة، وهذا جعلهم اكثر حذراً في الدعوة الى حوار جديد وهم ارادوا ان يتأكدوا استعداد الاطراف للوصول الى اتفاق ولا يريدون حواراً من اجل الحوار.
وفي تقديري، فانهم استغلوا كل الفترة الماضية من اجل وضع اسس حقيقية للوصول الى اتفاق ونأمل ان مدة 16 شهرا الماضية كانت كافية لصياغة اتفاق او ايصال الاطراف الفلسطينية الى صيغة اتفاق. هذا الامر كله يمكن الاجابة عنه بعد شهر من الان حينما يجري الحوار الذي ننتظره في نوفمبر.
• هل توافق الرأي ان هناك انقسامات داخل «فتح» وان هذه الانقسامات سبب جوهري في عدم توحيد الحركة وتأجيل عقد المؤتمر السادس لـ«فتح»؟
هنالك اجتهادات متعددة في الحركة وهذا امر طبيعي وليس جديدا على حركة «فتح». فمنذ انطلاقتها وهي تسمح لوجهات النظر ان تعبر عن نفسها في اطار الحركة، لكن ما اساء الى الحركة، ان وجهات النظر اصبحت مواقف ونحن في هذه الحركة نجتهد لكن في النهاية نلتزم بالقرار او بالموقف الحركي.
انما ما آلت اليه الامور في الفترة السابقة، فإن الاجتهادات اصبحت مواقف والمواقف اصبحت متباعدة وفي تقديري وصلنا جميعا الى قناعة ان من حقنا ان نجتهد لكن من واجبنا ان نلتزم بالقرار الحركي وهنا تأتي اهمية المؤسسة التي يجب ان تنطق بالقرار الحركي لا ان تكون المؤسسة القيادية تخضع ايضا لاجتهادات افرادها، فنحن بحاجة الى مؤسسة تعطي القرار لتحاسب ابناء الحركة كلا على حجم الخطأ الذي يرتكبه. نحن ذاهبون الى المؤتمر وفي تقديري ان المؤتمر سيكون الفرصة الاخيرة لحركة «فتح» لتعيد توحيد صفوفها حتى تنهض بمسؤوليتها ولا نزال مؤمنين ان «فتح» هي القادرة والمؤهلة لقيادة المشروع الوطني الفلسطيني.
• هل التهدئة الحالية تسهم في رفع الحصار عن قطاع غزة وبخاصة في ما يتعلق بالمعابر مع إسرائيل وكذلك معبر رفح مع مصر؟
- هذه التهدئة ليست استجابة الى مطلب وطني بقدر ما هي استجابة الى حال الانقسام الفلسطيني - الفلسطيني. الكل يريد ان يحسن شروطه ليحافظ على مكانته الحزبية ويجب ان تكون التهدئة شاملة ومتبادلة ومتزامنة، وكل هذه الشروط كسرت في التهدئة الحالية لان الامر لا يتعلق بموقف وطني بقدر ما يتعلق بموقف حزبي يريد ان يحافظ على وضع قائم في غزة متجاهلا الحالة الفلسطينية في شكل عام ونأمل ان يتم توسيعها لتشمل كل الاراضي الفلسطينية حتى نعيد وحدة شعبنا ووحدة الهم الفلسطيني وان تكون مقدمة للدخول في عملية سياسية جادة توصلنا الى ما نريد.
• هل تعتقد ان الضفة في خطر وأنها قد تواجه مصير القطاع وقد تسيطر عليها «حماس»؟
- ان الاسباب التي أدت الى ما حدث في غزة قائمة في الضفة ايضا، ومن يعتقد ان «حماس» لا يوجد لديها برنامج لكي تحكم سيطرتها على الضفة هو واهم. «حماس» لم تدع يوما من الايام انها ستحكم سيطرتها على القطاع وانها وجدت للمقاومة ولا تنافس احدا على السلطة وتبين انها وضعت المقاومة جانبا.
فالسلطة اهم لها وهذه القاعدة يمكن ان تكون في الضفة الغربية اذا تهيأت الظروف. وحينما تشعر «حماس» انها قادرة على ان تحكم السيطرة على الضفة لن تتردد في ذلك، ومن يعتقد ان اسرائيل لن تسمح بمثل هذا الوضع في الضفة اقول ان اسرائيل سمحت بهذا الوضع في القطاع ويمكنها ان تسمح به في الضفة.
• دعتكم «حماس» الى العودة الى القطاع لماذا لم تعودوا؟
- نحن لسنا غرباء عن غزة حتى ندعى للعودة إليها. خرجنا من غزة والرصاص يطاردنا وسنعود الى غزة ولا اعتقد ان مجرد الدعوة الى العودة كافية. نحن واجهنا خطر الموت في القطاع وليس خطر الاعتقال، وقتل منا الكثيرون والكثيرون ينتظرهم التهديد بالموت لكن هذا في النهاية لم يمنعنا من العودة الى غزة - ليس بأفضل الشروط - وسنعود الى غزة قريبا جدا مع استعدادنا لمواجهة نسبة من المخاطر ونأمل ان يعود الجميع الى رشدهم وان يتذكروا ان الحالة الفلسطينية لا تستقيم بالدم والقتل، وانما تستقيم من خلال الحوار الدائم، فهذا هو الطريق الامثل للعودة الى مشروعنا الوطني واعادة حقوقنا ولا يمكن ان تكون بوابة العنف احدى وسائل عودتنا الى غزة.
• ما حقيقة ما جرى في الأحداث الأخيرة التي دفعتكم إلى الخروج من القطاع نحو الجانب الإسرائيلي خصوصا وانه كانت تربطكم علاقة قوية مع بعض قيادات «حماس» الكبار؟
نعم ... علاقات جيدة تربطنا بكل رموز «حماس» والساحة الوطنية ولم يكن هناك في اي يوم من الايام اي شبهة وطنية او غير وطنية، وحينما استولت «حماس» على غزة، اعتبرت ان الجميع خصوما لها. بداية اعتبرت دائرة ضيقة هي الخصم وبدأت تتسع هذه الدائرة لتشمل كل الشعب وليس فقط التنظيمات السياسية، انما ايضا العائلات والافراد والمؤسسات حيث تعرضت للبطش.
وفي ما يتعلق بالجانب العائلي المتعلق بي، فقد بدأت المشكلة بعد اشهر قليلة من سقوط غزة، والحادث الاخير ليس الاول. ففي 18/10 /2007، قتل من عائلتي 6 أفراد واصيب اكثر من 20 شخصا وفي 1/1/2008 قتل ايضا احد افراد عائلتي خلال محاولة الاعتداء عليهم وفي 2/8/2008 كان هناك محاولة قصف منطقة سكنية مكتظة بالاف قذائف الهاون حيث كانت العائلة قريبة من الحدود الاسرائيلية، وتحت تهديد السلاح والقتل، وجد الجميع انهم محاصرون ما بين رصاص «حماس» وحدود تفتح ربما نتعرض فيها للقتل او الاعتقال، لكن ما كان يلاحقنا على الجانب الفلسطيني كان القتل المحتم، وبالنسبة لي، كان هذا القرار ربما اصعب قرار أواجهه: هل اقتل على يد «حماس» ام اقتل على يد الجانب الاسرائيلي؟ وحينما توجهت الى هذا الجانب (الاسرائيلي)، ابلغ الفلسطينيون الجانب الاسرائيلي ان «ابو ماهر» مطلوب وامامه احد خيارين القتل او الاعتقال وكنت ادرك حجم المخاطر التي تنتظرني لكن فضلت ان اقتل على الجانب الاسرائيلي ولم ارغب في ان اقتل من الجانب الفلسطيني الذي لم افكر في مثل هذا الكابوس يوما ما ووجدت نفسي اقبل المصير المجهول على الجانب الاسرائيلي.
• كيف كان اعتقالكم ؟
- اعتقلت مدة 54 يوما. تعرضت اثناء الاعتقال للتحقيق على مدار هذه الفترة لمدة 20 ساعة يوميا ولك ان تحسب عدد ساعات الاعتقال والاستجواب وحتى الاربع ساعات التي كنت اقضيها في الزنزانة كانت انفرادية ولم ألتق بأحد ولم اسمع صوت احد ولم يسمع صوتي احد غير المحققين ولم يكن مطروحاً خيارات.
وما تعرضت له كان جزءا من الاحتمالات التي انتظرها وانا اعتز بكل لحظة امضيتها في هذا الاستجواب، وحينما حقق الجانب الاسرائيلي معي كان يحملني مسؤولية كل الفعاليات التي مارستها «فتح» و«كتائب شهداء الاقصى» وايضا من ضمن التحقيق الذي جرى معي، العمليات المشتركة التي قامت بها «كتائب الاقصى» و«القسام» والاسلحة والتصنيع وهذه الامور لا علاقة لي بها ولا يوجد ما يدينني في هذا الموضوع.
• ما دور «أبو ماهر» في رأب الصدع في الخلافات الداخلية بين حركتي «حماس» و«فتح»؟
شاركت في الحوار الوطني وكل الحوارات الفلسطينية - الفلسطينية سواء في القاهرة او مكة المكرمة او في قطاع غزة واشعر بالاعتزاز بأنني حاولت ان اسهم في التئام الحالة الفلسطينية ونجاحنا تارة وفشلنا تارة اخرى لكن في كل الاحوال هي تجربة تضاف الى مجمل التجربة الفلسطينية.
• هل مازال هناك اتصالات مع حركة «حماس» بعد احداث غزة؟
العلاقات مع «حماس» كانت ولا تزال وستستمر من جانبنا لاننا نؤمن بان التناقض الاساسي لا يمكن ان يكون في الساحة الفلسطينية والخلافات الداخلية الفلسطينية هي تناقضات ثانوية لا تعالج الا بالحوار وأؤكد ذلك رغم الالم الذي اصابني على الصعيد الشخصي والعائلي وعلى الصعيد التنظيمي والوطني لكن ربما ان البعض يتخيل انني في ذروة الازمة.
• ما استعدادات «فتح» لمواجهة استحقاق 9/1/2009 موعد الانتخابات الرئاسية؟
من يتحدث عن اجراء انتخابات رئاسية في 9/1/2009 يريد ان يتجاهل ما وصلت اليه الحالة الفلسطينية (...) وهناك استحقاق دستوري لاجراء الانتخابات مختلف عليها وهناك فتاوى قانونية مختلف عليها بغض النظر عن مدى صحة وقانونية هذه الفتاوى. انا اقول حتى لو اجمعنا على فتوى محددة لا يجوز ان نمارس تنفيذ هذه الفتوى الا في ظل اوضاع فلسطينية طبيعية، لان الانتخابات يجب ان تبني لعلاقات متقدمة لا تعيدنا الى شق أوالى صراع فلسطيني جديد ومن هو حريص على الوحدة الفلسطينية عليه ان ينصح بان لا نجري هذه الانتخابات الا في اوضاع فلسطينية مناسبة تعزز من وحدتنا .
• هل تعتقد ان احد المخارج من هذه الازمات هو حل السلطة كما طالب احمد يوسف، مستشار رئيس الوزراء مالم ينجح الحوار كاحد الحلول؟
- هذه الدعوة طرحت منذ فترات طويلة وهو (يوسف) ليس صاحب هذه الفكرة (...) وانا اقول ان امكانية بناء هذه السلطة وتعزيزها بأقل خسارة اقل في التكلفة من هدمها والعودة للوراء.
• ما حقيقة اللقاء مع رئيس الاستخبارات الإسرائيلية يوفال ديسكن؟
- هذه المرة الاولى التي اسمع ما قيل عن هذا اللقاء وانا خضعت كما قلت سابقاً، لمدة 54 يوما من التحقيق وفي هذا اللقاء اجتمع اكثر من 11 محققاً تناوبوا على التحقيق معي ويوم زيارة دسكن، لم اكن مصدقا انه هو، رغم انه لم يمارس التحقيق، وانما تم تعريفي من قبل المحققين بأنه رئيس جهاز الاستخبارات.
• ما السبب في نقلكم جميعاً الى أريحا، وهل لكم الحرية في الخروج منها الى باقي الضفة، وكيف تقيم العلاقات مع القيادي «الفتحاوي» محمد دحلان؟
- انا استغرب هذا السؤال. ما الفرق عندي بين اريحا او رام الله؟ انا لم اطرح على نفسي هذا السؤال. اولا في اريحا يوجد ابناء العائلة الذين اضطروا لمغادرة غزة ولو خيرت لاخترت لان اكون معهم وبالمصادفة تم احضاري لاكون معهم وانا سعيد معهم والامر الاخر من قال انني افضل البقاء في اي مكان خارج غزة ؟ مكاني الطبيعي في غزة وانا غادرت الى رام الله والتقيت بالرئيس (عباس) لمدة ساعتين وكان من المفترض ان اذهب الى رام الله واقضي هناك اسبوعا لكن نظرا لمغادرة الرئيس «ابو مازن» لا يوجد سبب لي اخر للمغادرة اضافة الى ان كل احبائي واخواني في كل الضفة التقيت بهم وسألتقي بهم وانا اضع لنفسي قيوداً حتى لا اشكل حرجا لاحد وانا موجود في الضفة واعمل للعودة القريبة الى غزة ولا اشغل نفسي ببرامج التنقل هناك.
وعن العلاقة مع باقي قيادات حركة «فتح»، هناك خلافات في الحركة عبرت عن نفسها ولا نستطيع ان ننكرها والخلافات لم تكن في يوم من الايام حول تقييمنا للاخرين. هناك خلافات في اداء «فتح» واختلفنا في الحركة في ظل وجود عرفات حينما كنا نتهم بعضنا البعض ان هناك من يخون ياسر عرفات ومن يلتزم بياسر عرفات، وهكذا صنفنا تيار الشرعية «التوجه الاخر» وربما استهلكنا جهدنا ووقتنا في هذه الخلافات التي بالغنا فيها.
وفي تقديري، فان المعالجة الصحيحة ان نعقد مصالحة مع «فتح» وان نعتذر لـ «فتح» ولشعبنا ولا نحتاج الى عقد صفقات ليحصل كل منا على جزء من مطالبه.
• من الذي يعمل على إعادة بناء حركة «فتح» من جديد بعد هزيمتها في الانتخابات التشريعية وهزيمتها في غزة؟
- يجب ان نجيب على سؤال ونعترف ان هناك خللا وخطأ. فاما ان يكون هذا الخطأ في تاريخ هذه الحركة ودورها في النضال الوطني وفكرها واما ان ممارسات افرادها كان خطأ. والتجربة تقول ان هذه الحركة بفكرها ونضالها لم تكن مخطئة لان الشعب الفلسطيني والعربي التف حولها لكن ابتعد عنا شعبنا حينما بدأ يحكم على ممارساتنا ولم يحكم على فكرنا ولا على تاريخنا اذا علينا ان نعيد النظر ما دام الفكر صحيح. علينا ان نحافظ عليها وما دامت السلوكيات خطأ علينا ان نراجع انفسنا والتراجع عنها وفي تقديري هذا غير مكلف وهناك الان جهود حقيقية وارهاصات واضحة تشير الى ان الحركة تتجه الى الاستفادة من كل التجارب كنا نأمل ان نستفيد من تجربة انتخابات البلدية لكننا لم نستفد ولم نستفد من الانتخابات التشريعية واقول ان لا خيار امامنا الا الاستفادة من القسمة التي حدثت يوم 14/6/2007 هذا قدر حركة «فتح» وفي تقديري ان كل اجيال الحركة مجمعون على ان يكون المؤتمر الحركي السادس مؤتمرا لاعادة الروح لهذه الحركة حتى تنهض بمسؤولياتها.
• رئيس كتلة «فتح» النيابية عزام الأحمد والامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وغيرهم اعترفوا بوجود فيتو اميركي وعربي على الحوار «الفتحاوي» - «الحمساوي» ما هو رأيكم؟
- هناك فيتو على الرئيس «ابو مازن» وعلى حركة «فتح» والمقصود بذلك الادعاء بان قرار الرئيس قرار إسرائيلي وان الاخرين ابرياء من تعثر هذا الحوار وانهم هم الجادون للذهاب الى الحوار، وانا اقول ان اسرائيل لا رغبة لها في اجراء الحوار وان اطرافا دولية كثيرة لا رغبة لديها في ان يكون هناك حوار لكنه حوار فلسطيني - فلسطيني لن يكون هناك طرف اسرائيلي ولن يكون هناك قرار اسرائيلي لمنع هذا الحوار اما ان نذهب الى اعذار ومبررات للتنصل من الحوار في تقديري لن يفيدنا وكل يوم نأخر فيه وعلينا ان نذهب الى الحوار واذا لم يكن هناك اتفاق على الاقل لنختبر نوايا بعضنا بعضاً.
• المفاوضات مع إسرائيل فشلت في حل القضايا الجوهرية ومتعثرة ولم تتم كتابة أي بند تم الاتفاق عليه، الى متى في اعتقادكم سيستمر هذا الوضع والاستيطان مستمر وتهويد القدس يشتد والواقع على الأرض يتغير يومياً؟ وهل تدفع فتح ثمن هذه المفاوضات في الشارع الفلسطيني؟
- «فتح» والرئيس «ابو مازن» لم يدعوا ان هذا العام هو عام الاتفاق انما من وعد بذلك هو الرئيس جورج بوش، ومن فشل في تحقيق وعده هو بوش. لم نرهن اداءنا وتاريخنا بهذا الوعد انما كنا نأمل ان يصدق بوش ويتمكن من الوصول الى اتفاق ويمكن في خلال الايام والاسابيع القريبة الوصول الى اتفاق شامل ونحن لا نريد فقط الوصول الى اتفاق فقط لكي نسجل انجازا لبوش، فأما ان يكون اتفاقا يخدم المصلحة الوطنية والا فلن يكون هناك موافقة فلسطينية على صيغة تساهم فقط في تجميل وجه الرئيس الاميركي.
• ما مدى تأثير الدعم الأميركي الحقيقي والإعلامي على شعبية «فتح»، وهل ترى ان الولايات المتحدة جادة في لعب دور الوسيط النزيه خلال المفاوضات من انابوليس حتى استقالة اولمرت؟
- في ما يتعلق بتأثير شعبية «فتح»، نحن نقول ان جزءا من الحركة كان نتاج الدور الاميركي والاسرائيلي الذي في لغته وكانه حليف لـ «فتح». لكن عمليا، هو يدفع لمحاربة» فتح» واضعافها امام شعبنا العربي من خلال تصويرها انها حليفة الاميركيين، ونحن نقول ان اميركا لم تكن في يوم من الايام جادة ومخلصة في بناء شراكة حقيقية او نزاهة معقولة تجاه «فتح» او السلطة الوطنية لذلك، انا اقول ان المشروع الوطني الفلسطيني ودور حركة «فتح» فيه يبنى بقدر التزامه بالمصلحة الفلسطينية والمقاومة لها حسابها في الربح والخسارة وحسابات المصلحة الفلسطينية هي التي حكمتها دائما. «فتح» مارست قبل الآخرين ومع الآخرين وبعد الآخرين المقاومة التي كانت تخدم مشروعا وطنيا وليست مقاومة من اجل مناكفة سلطة قائمة، وعندما يتعلق الامر بالمحافظة على كراسي، تصبح «مقاومة ربانية» ونحن نقول ان هذه المقاومة مورست في اطار رؤية وطنية، كذلك التهدئة والمفاوضات كانت محاولة للحصول على جزء من الحق الفلسطيني بأقل التكلفة ولم تحقق المقاومة ما نريد ولا المفاوضات وهي شكل من اشكال العمل الوطني الفلسطيني.
• ما مستقبل غزة بعد ما حدث وما هي خيارتكم؟
ما حدث شكل شرخا كبيرا وتراجعا كبيرا في المشروع الوطني وفي العلاقات الداخلية، ونحن بحاجة الى جهود كبيرة ومخلصة لتجاوز هذا الازمات (...)هناك معاناة حقيقية للمواطنين في غزة. كنا نعتبر قتل ابنائنا فخراً لنا والاقتتال الداخلي وضحاياه ليس فخراً لنا (...) وهذا هو الجزء الاخطر. نحن جربنا الحصار في مراحل كثيرة وربما نحتمل معاناة الحصار لكن لا نستطيع ان نحتمل الاقتتال الداخلي.
• ما القضايا التي بحثتها مع رئيس السلطة محمود عباس في رام الله وما الهدف من اللقاء؟
- هدف اللقاء أولا توجيه الشكر للرئيس ابو مازن على جهوده الكبيرة للافراج عني، وهذه الجهود بتفاصيلها عرفتها من اخوة كثيرين واشعر بان له ديناً في رقبتي لجهوده كما انه كان من واجبي ان اضع الرئيس ابو مازن في صورة الكثير من القضايا في غزة ونطلعه على رؤيتنا لكيفية إعادة اللحمة الفلسطينية.
كما استمعت الى عدة قضايا من الرئيس سواء عن موضوع الحوار الوطني او ترتيبات عقد المؤتمر السادس وموضوع حركة «فتح» وكيف يمكن ان نساهم في جمع شمل «فتح» وكذلك قدمت رؤيتي في هذا الموضوع..
حلس لـ «الراي»: الحالة الفلسطينية لا تستقيم بالدم والقتل إنما بالحوار الدائم وواهم من يعتقد أن «حماس» لا يوجد لديها برنامج لكي تحكم سيطرتها على الضفة
• كيف سقطت غزة، ومن المسؤول عن هزيمة فتح والسلطة هناك؟-
ان سقوط القطاع في ايدي حركة «حماس» سبقه مقدمات، وفي تقديري، ان غزة لم تسقط في 14/6/2007 لكن الاعلان عن سقوطها كان في ذلك التاريخ وهذه المقدمات كان يجب دراستها جيدا حتى نتجنب ما حدث يوم 14/6/2006وابرزها اغتيال موسى عرفات واقتحام سرايا غزة وقتل عدد من السجناء داخله ومحاولة اغتيال طارق ابو رجب في مقر قيادة الاستخبارات والعديد من الاغتيالات التي لم تلق اي اهتمام ولم تدرس في شكل جيد ولم تستخلص منها العبر. وهناك اشكالات حدثت داخل «فتح» لم تعالج في الشكل الصحيح في المؤسسة الامنية والعسكرية حيث كان يتم تجاهلها الى ان وصلنا الى ما حدث في 14 يونيو.
وفي تقديري، كلنا نتحمل المسؤولية، كل حسب موقعه، وربما هذه الاجابة اجابة عامة لا تحمل احدا المسؤولية، لكن هناك مسؤوليات سياسية وامنية وتنظيمية، ومن كان على رأس كل من هذه المواقع عليه ان يتحمل جزءا من هذه المسؤولية.. وليس من اجل المحاسبة والعقاب، وانما من اجل استخلاص العبر وتفادي المزيد من التراجعات.
• أين «فتح» في القطاع اليوم، ولماذا نلاحظ أن الحركة غيبت ذاتها هناك بعد 14 يونيو2007؟
- حركتنا موجودة هناك، اما اذا قصدت قوة «فتح» العسكرية، فقد ضربت ضربة عسكرية، وهذا امر واقع لا نستطيع تجميله او تجاهله لكن «فتح» باعتبارها جزءا من نسيج الشعب الفلسطيني وقواه الحية، عبرت عن هذا الوجود بأكثر من طريقة، واريد التذكير بالحشد الهائل الذي قامت به «فتح» في ذكرى استشهاد ياسر عرفات وهناك الكثير من المظاهر التي عبرت عن حجم «فتح» الحقيقي في غزة، لكن هذا الحجم ملاحق لا يستطيع ان يعبر عن نفسه من خلال فعاليات جماهيرية وشعبية وقيادات الحركة كلها ملاحقة ومكاتب الحركة اغلقت وممتلكات الحركة كلها صودرت وبالتالي لا تكاد ترى موقعا لحركة «فتح» او مكتبا لها. لكن تستطيع ان تلمس «فتح» في كل بيت وكل زوايا غزة وفي اعتقادي ان «حماس» خدمت حركة «فتح» عندما أظهرت ان من لا يمارس السلطة لا يخطئ و«فتح» اخطأت وشعبنا كان يرى اخطاؤنا وكان يعتقد ان الاخرين معصومون عن الاخطاء وحينما جربت السلطة عند الاخرين اكتشف شعبنا ان للسلطة مفاسد ومساوئ لا يستطيع ان يتحصن منها من يمارسها وان «فتح» بالتجربة هي اقل من غيرها بكثير من حيث الاخطاء.
• يجري الحديث الآن وينصب الاهتمام على الحوار الفلسطيني - الفلسطيني المزمع عقده في القاهرة وإنهاء الانقسام. هل تعتقد انه سيتكلل بالنجاح، وإذا لم ينجح ماذا تتوقع؟
- هناك جهود مصرية وجهود عربية تقودها مصر من اجل اجراء حوار فلسطيني - فلسطيني شامل وهذا الحوار بدا قبل نحو اسبوعين حينما التقى وفد من حركة «فتح» بالاخوة في مصر وسيلتقي وفد من «حماس» مع الاشقاء المصريين ونحن في حركة «فتح» نذهب لهذا الحوار بجدية خالصة من اجل الوصول الى تجاوز كل اسباب الانقسام كي نصل الى حال من توحيد الجهود، وفي تقديري بدأت توضع العقبات مسبقا في طريق هذا الحوار من خلال اشتراطات «حماس».
ونحن نأمل ان يتمكن الاخوة المصريون والعرب جميعا من وضع صيغة اتفاق ملزمة للاطراف الفلسطينية كافة و«فتح» اعلنت اكثر من مرة وأبلغت من خلال الرئيس (محمود عباس) ابو مازن انها ملتزمة باي صيغة اتفاق عربي تطرح علينا ونأمل ان يكون لدى الاخرين نفس الرغبة والنية للوصول الى هذا الاتفاق.
• كيف تقيم الجهود المصرية والعربية لإعادة اللحمة الفلسطينية. هل بامكانها وضع النقاط على الحروف وهل تشعر بتصميم عربي؟
- اشهد للإخوة المصريين تحديدا والسعوديين والقطريين انهم بذلوا قصارى جهودهم لتحقيق المصالحة الفلسطينية. ومصر أبقت في غزة جزءا من قيادة الاستخبارات العامة في شكل دائم متمثلة بالوفد الامني لمحاولة رأب الصدع الفلسطيني وخاضوا العديد من الاتفاقات. فهناك اتفاق القاهرة الذي عقد في 2005 وحتى بداية يونيو 2007، اي قبل سقوط غزة في يد «حماس» بأسبوعين، كان هناك وفد من «حماس» ووفد من «فتح» في محاولة لتفادي وقوع الكارثة ايضا. وقام الاخوة في السعودية بجهود مخلصة لتسوية الخلافات الثنائية بين الحركتين في مكة المكرمة قبل سقوط غزة بثلاثة اشهر.
ويبدو ان الاشقاء العرب لا يريدون ان يخوضوا تجربة فاشلة، وهذا جعلهم اكثر حذراً في الدعوة الى حوار جديد وهم ارادوا ان يتأكدوا استعداد الاطراف للوصول الى اتفاق ولا يريدون حواراً من اجل الحوار.
وفي تقديري، فانهم استغلوا كل الفترة الماضية من اجل وضع اسس حقيقية للوصول الى اتفاق ونأمل ان مدة 16 شهرا الماضية كانت كافية لصياغة اتفاق او ايصال الاطراف الفلسطينية الى صيغة اتفاق. هذا الامر كله يمكن الاجابة عنه بعد شهر من الان حينما يجري الحوار الذي ننتظره في نوفمبر.
• هل توافق الرأي ان هناك انقسامات داخل «فتح» وان هذه الانقسامات سبب جوهري في عدم توحيد الحركة وتأجيل عقد المؤتمر السادس لـ«فتح»؟
هنالك اجتهادات متعددة في الحركة وهذا امر طبيعي وليس جديدا على حركة «فتح». فمنذ انطلاقتها وهي تسمح لوجهات النظر ان تعبر عن نفسها في اطار الحركة، لكن ما اساء الى الحركة، ان وجهات النظر اصبحت مواقف ونحن في هذه الحركة نجتهد لكن في النهاية نلتزم بالقرار او بالموقف الحركي.
انما ما آلت اليه الامور في الفترة السابقة، فإن الاجتهادات اصبحت مواقف والمواقف اصبحت متباعدة وفي تقديري وصلنا جميعا الى قناعة ان من حقنا ان نجتهد لكن من واجبنا ان نلتزم بالقرار الحركي وهنا تأتي اهمية المؤسسة التي يجب ان تنطق بالقرار الحركي لا ان تكون المؤسسة القيادية تخضع ايضا لاجتهادات افرادها، فنحن بحاجة الى مؤسسة تعطي القرار لتحاسب ابناء الحركة كلا على حجم الخطأ الذي يرتكبه. نحن ذاهبون الى المؤتمر وفي تقديري ان المؤتمر سيكون الفرصة الاخيرة لحركة «فتح» لتعيد توحيد صفوفها حتى تنهض بمسؤوليتها ولا نزال مؤمنين ان «فتح» هي القادرة والمؤهلة لقيادة المشروع الوطني الفلسطيني.
• هل التهدئة الحالية تسهم في رفع الحصار عن قطاع غزة وبخاصة في ما يتعلق بالمعابر مع إسرائيل وكذلك معبر رفح مع مصر؟
- هذه التهدئة ليست استجابة الى مطلب وطني بقدر ما هي استجابة الى حال الانقسام الفلسطيني - الفلسطيني. الكل يريد ان يحسن شروطه ليحافظ على مكانته الحزبية ويجب ان تكون التهدئة شاملة ومتبادلة ومتزامنة، وكل هذه الشروط كسرت في التهدئة الحالية لان الامر لا يتعلق بموقف وطني بقدر ما يتعلق بموقف حزبي يريد ان يحافظ على وضع قائم في غزة متجاهلا الحالة الفلسطينية في شكل عام ونأمل ان يتم توسيعها لتشمل كل الاراضي الفلسطينية حتى نعيد وحدة شعبنا ووحدة الهم الفلسطيني وان تكون مقدمة للدخول في عملية سياسية جادة توصلنا الى ما نريد.
• هل تعتقد ان الضفة في خطر وأنها قد تواجه مصير القطاع وقد تسيطر عليها «حماس»؟
- ان الاسباب التي أدت الى ما حدث في غزة قائمة في الضفة ايضا، ومن يعتقد ان «حماس» لا يوجد لديها برنامج لكي تحكم سيطرتها على الضفة هو واهم. «حماس» لم تدع يوما من الايام انها ستحكم سيطرتها على القطاع وانها وجدت للمقاومة ولا تنافس احدا على السلطة وتبين انها وضعت المقاومة جانبا.
فالسلطة اهم لها وهذه القاعدة يمكن ان تكون في الضفة الغربية اذا تهيأت الظروف. وحينما تشعر «حماس» انها قادرة على ان تحكم السيطرة على الضفة لن تتردد في ذلك، ومن يعتقد ان اسرائيل لن تسمح بمثل هذا الوضع في الضفة اقول ان اسرائيل سمحت بهذا الوضع في القطاع ويمكنها ان تسمح به في الضفة.
• دعتكم «حماس» الى العودة الى القطاع لماذا لم تعودوا؟
- نحن لسنا غرباء عن غزة حتى ندعى للعودة إليها. خرجنا من غزة والرصاص يطاردنا وسنعود الى غزة ولا اعتقد ان مجرد الدعوة الى العودة كافية. نحن واجهنا خطر الموت في القطاع وليس خطر الاعتقال، وقتل منا الكثيرون والكثيرون ينتظرهم التهديد بالموت لكن هذا في النهاية لم يمنعنا من العودة الى غزة - ليس بأفضل الشروط - وسنعود الى غزة قريبا جدا مع استعدادنا لمواجهة نسبة من المخاطر ونأمل ان يعود الجميع الى رشدهم وان يتذكروا ان الحالة الفلسطينية لا تستقيم بالدم والقتل، وانما تستقيم من خلال الحوار الدائم، فهذا هو الطريق الامثل للعودة الى مشروعنا الوطني واعادة حقوقنا ولا يمكن ان تكون بوابة العنف احدى وسائل عودتنا الى غزة.
• ما حقيقة ما جرى في الأحداث الأخيرة التي دفعتكم إلى الخروج من القطاع نحو الجانب الإسرائيلي خصوصا وانه كانت تربطكم علاقة قوية مع بعض قيادات «حماس» الكبار؟
نعم ... علاقات جيدة تربطنا بكل رموز «حماس» والساحة الوطنية ولم يكن هناك في اي يوم من الايام اي شبهة وطنية او غير وطنية، وحينما استولت «حماس» على غزة، اعتبرت ان الجميع خصوما لها. بداية اعتبرت دائرة ضيقة هي الخصم وبدأت تتسع هذه الدائرة لتشمل كل الشعب وليس فقط التنظيمات السياسية، انما ايضا العائلات والافراد والمؤسسات حيث تعرضت للبطش.
وفي ما يتعلق بالجانب العائلي المتعلق بي، فقد بدأت المشكلة بعد اشهر قليلة من سقوط غزة، والحادث الاخير ليس الاول. ففي 18/10 /2007، قتل من عائلتي 6 أفراد واصيب اكثر من 20 شخصا وفي 1/1/2008 قتل ايضا احد افراد عائلتي خلال محاولة الاعتداء عليهم وفي 2/8/2008 كان هناك محاولة قصف منطقة سكنية مكتظة بالاف قذائف الهاون حيث كانت العائلة قريبة من الحدود الاسرائيلية، وتحت تهديد السلاح والقتل، وجد الجميع انهم محاصرون ما بين رصاص «حماس» وحدود تفتح ربما نتعرض فيها للقتل او الاعتقال، لكن ما كان يلاحقنا على الجانب الفلسطيني كان القتل المحتم، وبالنسبة لي، كان هذا القرار ربما اصعب قرار أواجهه: هل اقتل على يد «حماس» ام اقتل على يد الجانب الاسرائيلي؟ وحينما توجهت الى هذا الجانب (الاسرائيلي)، ابلغ الفلسطينيون الجانب الاسرائيلي ان «ابو ماهر» مطلوب وامامه احد خيارين القتل او الاعتقال وكنت ادرك حجم المخاطر التي تنتظرني لكن فضلت ان اقتل على الجانب الاسرائيلي ولم ارغب في ان اقتل من الجانب الفلسطيني الذي لم افكر في مثل هذا الكابوس يوما ما ووجدت نفسي اقبل المصير المجهول على الجانب الاسرائيلي.
• كيف كان اعتقالكم ؟
- اعتقلت مدة 54 يوما. تعرضت اثناء الاعتقال للتحقيق على مدار هذه الفترة لمدة 20 ساعة يوميا ولك ان تحسب عدد ساعات الاعتقال والاستجواب وحتى الاربع ساعات التي كنت اقضيها في الزنزانة كانت انفرادية ولم ألتق بأحد ولم اسمع صوت احد ولم يسمع صوتي احد غير المحققين ولم يكن مطروحاً خيارات.
وما تعرضت له كان جزءا من الاحتمالات التي انتظرها وانا اعتز بكل لحظة امضيتها في هذا الاستجواب، وحينما حقق الجانب الاسرائيلي معي كان يحملني مسؤولية كل الفعاليات التي مارستها «فتح» و«كتائب شهداء الاقصى» وايضا من ضمن التحقيق الذي جرى معي، العمليات المشتركة التي قامت بها «كتائب الاقصى» و«القسام» والاسلحة والتصنيع وهذه الامور لا علاقة لي بها ولا يوجد ما يدينني في هذا الموضوع.
• ما دور «أبو ماهر» في رأب الصدع في الخلافات الداخلية بين حركتي «حماس» و«فتح»؟
شاركت في الحوار الوطني وكل الحوارات الفلسطينية - الفلسطينية سواء في القاهرة او مكة المكرمة او في قطاع غزة واشعر بالاعتزاز بأنني حاولت ان اسهم في التئام الحالة الفلسطينية ونجاحنا تارة وفشلنا تارة اخرى لكن في كل الاحوال هي تجربة تضاف الى مجمل التجربة الفلسطينية.
• هل مازال هناك اتصالات مع حركة «حماس» بعد احداث غزة؟
العلاقات مع «حماس» كانت ولا تزال وستستمر من جانبنا لاننا نؤمن بان التناقض الاساسي لا يمكن ان يكون في الساحة الفلسطينية والخلافات الداخلية الفلسطينية هي تناقضات ثانوية لا تعالج الا بالحوار وأؤكد ذلك رغم الالم الذي اصابني على الصعيد الشخصي والعائلي وعلى الصعيد التنظيمي والوطني لكن ربما ان البعض يتخيل انني في ذروة الازمة.
• ما استعدادات «فتح» لمواجهة استحقاق 9/1/2009 موعد الانتخابات الرئاسية؟
من يتحدث عن اجراء انتخابات رئاسية في 9/1/2009 يريد ان يتجاهل ما وصلت اليه الحالة الفلسطينية (...) وهناك استحقاق دستوري لاجراء الانتخابات مختلف عليها وهناك فتاوى قانونية مختلف عليها بغض النظر عن مدى صحة وقانونية هذه الفتاوى. انا اقول حتى لو اجمعنا على فتوى محددة لا يجوز ان نمارس تنفيذ هذه الفتوى الا في ظل اوضاع فلسطينية طبيعية، لان الانتخابات يجب ان تبني لعلاقات متقدمة لا تعيدنا الى شق أوالى صراع فلسطيني جديد ومن هو حريص على الوحدة الفلسطينية عليه ان ينصح بان لا نجري هذه الانتخابات الا في اوضاع فلسطينية مناسبة تعزز من وحدتنا .
• هل تعتقد ان احد المخارج من هذه الازمات هو حل السلطة كما طالب احمد يوسف، مستشار رئيس الوزراء مالم ينجح الحوار كاحد الحلول؟
- هذه الدعوة طرحت منذ فترات طويلة وهو (يوسف) ليس صاحب هذه الفكرة (...) وانا اقول ان امكانية بناء هذه السلطة وتعزيزها بأقل خسارة اقل في التكلفة من هدمها والعودة للوراء.
• ما حقيقة اللقاء مع رئيس الاستخبارات الإسرائيلية يوفال ديسكن؟
- هذه المرة الاولى التي اسمع ما قيل عن هذا اللقاء وانا خضعت كما قلت سابقاً، لمدة 54 يوما من التحقيق وفي هذا اللقاء اجتمع اكثر من 11 محققاً تناوبوا على التحقيق معي ويوم زيارة دسكن، لم اكن مصدقا انه هو، رغم انه لم يمارس التحقيق، وانما تم تعريفي من قبل المحققين بأنه رئيس جهاز الاستخبارات.
• ما السبب في نقلكم جميعاً الى أريحا، وهل لكم الحرية في الخروج منها الى باقي الضفة، وكيف تقيم العلاقات مع القيادي «الفتحاوي» محمد دحلان؟
- انا استغرب هذا السؤال. ما الفرق عندي بين اريحا او رام الله؟ انا لم اطرح على نفسي هذا السؤال. اولا في اريحا يوجد ابناء العائلة الذين اضطروا لمغادرة غزة ولو خيرت لاخترت لان اكون معهم وبالمصادفة تم احضاري لاكون معهم وانا سعيد معهم والامر الاخر من قال انني افضل البقاء في اي مكان خارج غزة ؟ مكاني الطبيعي في غزة وانا غادرت الى رام الله والتقيت بالرئيس (عباس) لمدة ساعتين وكان من المفترض ان اذهب الى رام الله واقضي هناك اسبوعا لكن نظرا لمغادرة الرئيس «ابو مازن» لا يوجد سبب لي اخر للمغادرة اضافة الى ان كل احبائي واخواني في كل الضفة التقيت بهم وسألتقي بهم وانا اضع لنفسي قيوداً حتى لا اشكل حرجا لاحد وانا موجود في الضفة واعمل للعودة القريبة الى غزة ولا اشغل نفسي ببرامج التنقل هناك.
وعن العلاقة مع باقي قيادات حركة «فتح»، هناك خلافات في الحركة عبرت عن نفسها ولا نستطيع ان ننكرها والخلافات لم تكن في يوم من الايام حول تقييمنا للاخرين. هناك خلافات في اداء «فتح» واختلفنا في الحركة في ظل وجود عرفات حينما كنا نتهم بعضنا البعض ان هناك من يخون ياسر عرفات ومن يلتزم بياسر عرفات، وهكذا صنفنا تيار الشرعية «التوجه الاخر» وربما استهلكنا جهدنا ووقتنا في هذه الخلافات التي بالغنا فيها.
وفي تقديري، فان المعالجة الصحيحة ان نعقد مصالحة مع «فتح» وان نعتذر لـ «فتح» ولشعبنا ولا نحتاج الى عقد صفقات ليحصل كل منا على جزء من مطالبه.
• من الذي يعمل على إعادة بناء حركة «فتح» من جديد بعد هزيمتها في الانتخابات التشريعية وهزيمتها في غزة؟
- يجب ان نجيب على سؤال ونعترف ان هناك خللا وخطأ. فاما ان يكون هذا الخطأ في تاريخ هذه الحركة ودورها في النضال الوطني وفكرها واما ان ممارسات افرادها كان خطأ. والتجربة تقول ان هذه الحركة بفكرها ونضالها لم تكن مخطئة لان الشعب الفلسطيني والعربي التف حولها لكن ابتعد عنا شعبنا حينما بدأ يحكم على ممارساتنا ولم يحكم على فكرنا ولا على تاريخنا اذا علينا ان نعيد النظر ما دام الفكر صحيح. علينا ان نحافظ عليها وما دامت السلوكيات خطأ علينا ان نراجع انفسنا والتراجع عنها وفي تقديري هذا غير مكلف وهناك الان جهود حقيقية وارهاصات واضحة تشير الى ان الحركة تتجه الى الاستفادة من كل التجارب كنا نأمل ان نستفيد من تجربة انتخابات البلدية لكننا لم نستفد ولم نستفد من الانتخابات التشريعية واقول ان لا خيار امامنا الا الاستفادة من القسمة التي حدثت يوم 14/6/2007 هذا قدر حركة «فتح» وفي تقديري ان كل اجيال الحركة مجمعون على ان يكون المؤتمر الحركي السادس مؤتمرا لاعادة الروح لهذه الحركة حتى تنهض بمسؤولياتها.
• رئيس كتلة «فتح» النيابية عزام الأحمد والامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وغيرهم اعترفوا بوجود فيتو اميركي وعربي على الحوار «الفتحاوي» - «الحمساوي» ما هو رأيكم؟
- هناك فيتو على الرئيس «ابو مازن» وعلى حركة «فتح» والمقصود بذلك الادعاء بان قرار الرئيس قرار إسرائيلي وان الاخرين ابرياء من تعثر هذا الحوار وانهم هم الجادون للذهاب الى الحوار، وانا اقول ان اسرائيل لا رغبة لها في اجراء الحوار وان اطرافا دولية كثيرة لا رغبة لديها في ان يكون هناك حوار لكنه حوار فلسطيني - فلسطيني لن يكون هناك طرف اسرائيلي ولن يكون هناك قرار اسرائيلي لمنع هذا الحوار اما ان نذهب الى اعذار ومبررات للتنصل من الحوار في تقديري لن يفيدنا وكل يوم نأخر فيه وعلينا ان نذهب الى الحوار واذا لم يكن هناك اتفاق على الاقل لنختبر نوايا بعضنا بعضاً.
• المفاوضات مع إسرائيل فشلت في حل القضايا الجوهرية ومتعثرة ولم تتم كتابة أي بند تم الاتفاق عليه، الى متى في اعتقادكم سيستمر هذا الوضع والاستيطان مستمر وتهويد القدس يشتد والواقع على الأرض يتغير يومياً؟ وهل تدفع فتح ثمن هذه المفاوضات في الشارع الفلسطيني؟
- «فتح» والرئيس «ابو مازن» لم يدعوا ان هذا العام هو عام الاتفاق انما من وعد بذلك هو الرئيس جورج بوش، ومن فشل في تحقيق وعده هو بوش. لم نرهن اداءنا وتاريخنا بهذا الوعد انما كنا نأمل ان يصدق بوش ويتمكن من الوصول الى اتفاق ويمكن في خلال الايام والاسابيع القريبة الوصول الى اتفاق شامل ونحن لا نريد فقط الوصول الى اتفاق فقط لكي نسجل انجازا لبوش، فأما ان يكون اتفاقا يخدم المصلحة الوطنية والا فلن يكون هناك موافقة فلسطينية على صيغة تساهم فقط في تجميل وجه الرئيس الاميركي.
• ما مدى تأثير الدعم الأميركي الحقيقي والإعلامي على شعبية «فتح»، وهل ترى ان الولايات المتحدة جادة في لعب دور الوسيط النزيه خلال المفاوضات من انابوليس حتى استقالة اولمرت؟
- في ما يتعلق بتأثير شعبية «فتح»، نحن نقول ان جزءا من الحركة كان نتاج الدور الاميركي والاسرائيلي الذي في لغته وكانه حليف لـ «فتح». لكن عمليا، هو يدفع لمحاربة» فتح» واضعافها امام شعبنا العربي من خلال تصويرها انها حليفة الاميركيين، ونحن نقول ان اميركا لم تكن في يوم من الايام جادة ومخلصة في بناء شراكة حقيقية او نزاهة معقولة تجاه «فتح» او السلطة الوطنية لذلك، انا اقول ان المشروع الوطني الفلسطيني ودور حركة «فتح» فيه يبنى بقدر التزامه بالمصلحة الفلسطينية والمقاومة لها حسابها في الربح والخسارة وحسابات المصلحة الفلسطينية هي التي حكمتها دائما. «فتح» مارست قبل الآخرين ومع الآخرين وبعد الآخرين المقاومة التي كانت تخدم مشروعا وطنيا وليست مقاومة من اجل مناكفة سلطة قائمة، وعندما يتعلق الامر بالمحافظة على كراسي، تصبح «مقاومة ربانية» ونحن نقول ان هذه المقاومة مورست في اطار رؤية وطنية، كذلك التهدئة والمفاوضات كانت محاولة للحصول على جزء من الحق الفلسطيني بأقل التكلفة ولم تحقق المقاومة ما نريد ولا المفاوضات وهي شكل من اشكال العمل الوطني الفلسطيني.
• ما مستقبل غزة بعد ما حدث وما هي خيارتكم؟
ما حدث شكل شرخا كبيرا وتراجعا كبيرا في المشروع الوطني وفي العلاقات الداخلية، ونحن بحاجة الى جهود كبيرة ومخلصة لتجاوز هذا الازمات (...)هناك معاناة حقيقية للمواطنين في غزة. كنا نعتبر قتل ابنائنا فخراً لنا والاقتتال الداخلي وضحاياه ليس فخراً لنا (...) وهذا هو الجزء الاخطر. نحن جربنا الحصار في مراحل كثيرة وربما نحتمل معاناة الحصار لكن لا نستطيع ان نحتمل الاقتتال الداخلي.
• ما القضايا التي بحثتها مع رئيس السلطة محمود عباس في رام الله وما الهدف من اللقاء؟
- هدف اللقاء أولا توجيه الشكر للرئيس ابو مازن على جهوده الكبيرة للافراج عني، وهذه الجهود بتفاصيلها عرفتها من اخوة كثيرين واشعر بان له ديناً في رقبتي لجهوده كما انه كان من واجبي ان اضع الرئيس ابو مازن في صورة الكثير من القضايا في غزة ونطلعه على رؤيتنا لكيفية إعادة اللحمة الفلسطينية.
كما استمعت الى عدة قضايا من الرئيس سواء عن موضوع الحوار الوطني او ترتيبات عقد المؤتمر السادس وموضوع حركة «فتح» وكيف يمكن ان نساهم في جمع شمل «فتح» وكذلك قدمت رؤيتي في هذا الموضوع..
تعليق