كتب عدنان أبو هليل – الشرق القطرية
ما سأنقله هنا اليوم يبين إلى أي مدى بلغ الاهتراء الديني والخلقي وإلى أي حد وصل السقوط الوطني للبعض الفلسطيني الذين وضعوا أنفسهم في أجندة الاحتلال وارتضوا لأنفسهم – ومن غير تردد ولا وخز ضمير -أن يكونوا سلما وعونا أثيما للأعداء الذين سفكوا دماء أمتهم وهتكوا أعراضها وهوّدوا مقدساتها.. بما لا يبرره حال ولا ينسب لإشكال.. وربما (أقول ربما) يكون صدمة تنبه غافلا أو توقظ نائما ممن لا يزال يدافع عنهم أو يحسن الظن فيهم أو لعله يحرك ما ركد من ضمير من كان منهم له بقية ضمير.. ولن أطيل فهذه أقوالهم وتلك أفعالهم شاهدة عليهم..
نشر الصحافي ناحوم برنيع كبير المعلقين في صحيفته يديعوت أحرونوت الصهيونية في 19/9 تقريرا حول ما دار في لقاء جرى يوم الأحد قبل الماضي 14/9 وجمع قادة أجهزة السلطة الفلسطينية (جماعة رام الله) بجنرالات وضباط صهاينة في مقر قيادة قوات جيش الاحتلال في مستوطنة بيت إيل القريبة من رام الله.. جاء في تقريره:
(أبو الفتح - قائد جهاز الأمن العام التابع لحكومة رام الله ويمثل القوة العسكرية الفلسطينية والأعلى رتبة والأكثر تقدما في السن – يقول مخاطبا العميد نوعم تيفون: ليس هناك خصام بيننا! بل لدينا عدو مشترك! وأنا سأفعل اليوم كل ما أستطيعه حتى أمنع العمليات.. أنتم تدركون أننا أفضل من السابق وأنتم تمدحون ذلك.. بفضل عملياتنا أصبحتم أقل حاجة لقواتكم! ويتابع: يجري هنا صراع كبير استعدادا لشهر يناير حيث أبو مازن يقود خط السلام وعليكم أن تعززوا وضعه! أنا أطلب إرسال سرية من أريحا إلى الخليل.. وأعرف أن هناك مشكلة في الخليل مع المستوطنين ونقاط احتكاك.. ليست لدي أية نية للدخول هناك! القوة ستعمل في القرى جنوبي جبل الخليل!
العميد تيفون: أنا سعيد بما تقول! على قادة الأجهزة عندنا وعندكم أن يلتقوا ويتفقوا حول ذلك! هنا تدخل العقيد مردخاي رئيس الإدارة المدنية في الضفة محذرا: ولكن يجب أن يكون تحرك السرية من أريحا إلى الخليل في يوم الجمعة ليلا حتى لا يصطدموا بالمستوطنين.. فرد عليه أبو الفتح: لا مشكلة! نحن نتحرك ضد حماس الآن أيضا في رمضان!
ماجد فرج -رئيس الاستخبارات العسكرية التابع لحكومة رام الله - يقول: نحن في معركة صعبة جدا.. قررنا وضع كل مشاكلنا على الطاولة كل شيء علني وظاهر.. لا مزيد من الألاعيب.. حماس هي العدو! قررنا شن حرب عليها وأنا أقول لكم: لن يكون أي حوار معها! أنتم توصلتم إلى هدنة معهم أما نحن فلا ! الآن نحن نقوم بتولي أمر كل مؤسسة حمساوية ترسلون اسمها إلينا! أعطيتمونا أسماء 64 مؤسسة وقد انتهينا من معالجة 50 منها! بعض هذه المؤسسات أغلقت والبعض الآخر استبدلنا إدارته، كما وضعنا أيدينا على أموالهم.. (إسرائيل) حولت للسلطة 150 حسابا بنكيا يشتبه بعلاقاتها بالتنظيمات الإرهابية.. السلطة أغلقت 300 حساب! عندي ملاحظتان؛ الأولى: ذات مرة كنا نفكر ألف مرة قبل الدخول للمسجد أما اليوم فنحن ندخل لأنكم أنتم لا تدخلون! والثانية: أننا ندخل للجامعات بما في ذلك الجامعة الإسلامية في الخليل! نحن نبذل قصارى جهدنا ! مردخاي يقول: سنشكل طاقما مشتركا معكم، سنساعدكم في التدريب والعتاد، الفلسطينيون اشتكوا من إرسالية الهراوات المخصصة للشرطة من كندا المحجوزة منذ أشهر في أسدود .. نحن سنقوم بتخليصها!) أ . هـ
وبعد .. فهذه نبذات من ذلك الاجتماع رأيت أنها تلخص ما عقد لأجله وتعطي صورة عن وحدة الحال وعمق التطبيع والتنسيق الاستخباري والميداني الذي يجمع الطرفين (الطرف الواحد) في مواجهة الشعب الفلسطيني ومقاومته، ولا يفوتني أن أنوه إلى أنني ترخصت في تغيير بعض الكلمات لتنسجم مع سياق اللغة العربية التي لم تعد تعنيهم هي ولا أهلها ولا ثقافتها.. ولا بد من كلمتين.. فأقول:
الأولى: إن شكك البعض في رواية هذا الصحافي الصهيوني ليدافع عمن يظنهم من بني جلدته أو لأي سبب آخر فأقول: إلا هنا فيجب أن يكون الضمير مرتاحا ومصدقا لما جاء في التقرير ليس لأن هذا الصحافي مبرأ من الكذب ولا لأن العدو منزه عن الكذب ولا لأننا نثق في هذه الصحيفة الصهيونية – يديعوت أحرونوت – وإن كانت الأوسع انتشارا والأكثر مصداقية .. ليس لكل هذا .. ولكن لأن الصحافي برنيع ذكر أسماء أشخاص بأعيانهم وفي ذلك ما فيه من الطائلة القانونية، ولأن ما جاء في هذا التقرير يتفق تماما مع واقع الاستهداف المشترك الذي يمارسونه ضد المقاومة ومؤسساتها والتنسيق الاستخباري بينهما وتزامن الاجتياحات وتبادل المعلومات.. إحصاءات موثوقة رصدت تصريحاتهم فوجدت أن ما يتعلق منها بمهاجمة حماس بالنسبة لمجمل تصريحاتهم كالتالي: * فهمي الزعارير ناطق باسم فتح في الضفة 97% ضد حماس *جمال نزال ناطق باسم فتح في الضفة 97% ضد حماس * سمير نايفة ناطق باسم فتح في طولكرم 94% ضد حماس * نبيل عمرو مستشار إعلامي للرئيس عباس 93% مهاجمة حماس * أحمد عبد الرحمن ناطق رسمي باسم فتح 92% مهاجمة حماس * عزام الأحمد رئيس كتلة فتح البرلمانية 91% * نجاة أبو بكر عضو مجلس تشريعي عن نابلس (فتحاوية) 89%.. وهكذا السلسلة التي لا تنتهي من المتحدثين والقياديين الرسميين وغير الرسميين الذين حصروا معركتهم مع حماس وتخصصوا في التشنيع على المقاومة وإفساد ذات البين الوطني حتى لا يكادوا يتنفسون إلا كراهيتها والكيد ضدها في حين سقطت من ألسنهم أية إدانة للاحتلال والاستيطان والجدار العنصري ولم يعد في ذهنهم حال اللاجئين والعودة والأسرى والقدس.. ؛ فإن قيل: لماذا يكشف العدو هذا الذي جرى بينهم ولماذا يفضحهم؟ فأقول لا يخلو أنه يريد – وكما هي عادته مع عملائه - تبكيتنا وإهانة مشاعرنا وأن يضع هؤلاء في مكان ومكانة لا تسمح لهم بالتراجع – كعادته مع كل عملائه - ويريد إقناعنا بأنه وبشهادة وواقع حال ممثلي الشعب الفلسطيني ليس عدوا وفي ذلك ما فيه من حرف البوصلة الوطنية الفلسطينية وتقنيع الاحتلال وتسويق التطبيع..
الملاحظة الثانية: هذا الذي جاء في التقرير هو بعضٌ من كثير لم نطلع عليه ولم ينقل إلينا ومع ذلك فقد كشف إلى حد بعيد جملة من الحقائق التي يجب وضعها في الاعتبار عند تناول الحالة الفلسطينية؛ من ذلك أن ما يرددونه عن الحوار الوطني وإنهاء حالة الانقسام.. وقد تجلى أن كل ذلك إنما هو كذب وتزييف وغايته محاولة منطقة وتسويغ عداوتهم للمقاومة وأنهم مجرد يدافعون عن أنفسهم .. وبان إلى أي حد هم يكذبون عندما يزعمون أن اعتداءهم على لجان الزكاة وإدارات الجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني يهدف لتنظيفها من الفساد المالي والإداري وليس لأغراض سياسية وكيدية ولا لأنهم يطمعون في نهب أموالها .. أما رائحة التبعية والوظيفية الخدمية التي صبغت لغة حوارهم مع ضباط الاحتلال فقد كانت جلية وهم يخاطبون من يفترض أنهم ند لهم: (أعطيتمونا، انتهينا، أنتم تدركون أننا أفضل من السابق، نحن نبذل قصارى جهدنا..) وأما الولاء لهم من دون الله تعالى ورسوله والمؤمنين فبرز في عباراتهم: (ليس بيننا خصام ، لدينا عدو مشترك .. بفضل عملياتنا أصبحتم أقل حاجة لقواتكم..) ويأتي السؤال: هل بقي لهؤلاء أية نسبة إلى فلسطين وقضيتها وثوابتها ومقدساتها؟ وإذا كان العدو يجد قادة الأجهزة هؤلاء وبكل مقدراتهم يقدمون له كل ما يريد وأزيد مما يطمع فهل بقي له حاجة في تجنيد العملاء الصغار من الذين يبحثون عن معلومة طائشة أو منفلتة بالخلسة والاستراق؟ ثم هل يطمع العدو – أي عدو – بأكثر من ذلك في شعب يقاتله ويقاومه؟ وأخيرا أليس هؤلاء هم المنافقين – بالمفهوم الديني – الذين قال الله تعالى في وصفهم (وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون)؟
أما بلغة السياسة فأقول: هل ماتت حركة فتح حتى تسكت على هذا العار التاريخي؟ وهل الخصومة مع حماس تبرر أو تسوغ كل هذا الشطط والسقوط القيمي والديني والأخلاقي والوطني؟ ثم ما هي النتائج العملية لهذه التبعية على القضية والوحدة الفلسطينية حالا ومآلا؟ وإذا كان العدو – وهو كذلك -إنما يعمل على تمييع القضية واكتساب التطبيع وتسويغ الاحتلال وتفتيت الموقف الفلسطيني ثم العربي أليس قد حقق الكثير بأيدي وآثام هؤلاء؟ ويا ترى لو أن هذا العدو (الحبيب والولي القريب لهم) طلب منهم التجسس على أية دولة!! فإلى أي حد سيرفضون إذا كانوا لا يمتنع أحدهم عن التجسس على أخيه وأبيه وابنه ويتفاخر بدخول المساجد وانتهاك حرمة رمضان؟ وأخيرا هل صار معلوما لماذا وصلت الأمور بينهم وبين حماس إلى هذا المدى من الدموية والفصال؟
وأقول إن أهل فلسطين يعلمون أن مجموعة رام الله وأجهزتهم الأمنية انقلبوا على حكومة الوحدة الوطنية وعلى القانون الأساسي للسلطة أيا كانت المبررات التي يتذرعون بها ويدركون أن ثمة ما هو أخطر من الانقلاب السياسي والأمني الذي قاموا به هو الانقلاب المتواصل ليل نهار على الثقافة الدينية والوطنية وعلى التقاليد الاجتماعية وعلى موازين العمل السياسي التي صاغتها تضحيات مائة سنة من الاحتلال والمقاومة ومن الاختلاف والاتفاق ويدركون أن عداوة هؤلاء لحماس وفكر المقاومة وصلت حدا من القطيعة والدموية والفرز ما يتجاوز الخصومة السياسية والتضاريس الجغرافية ما يعني أنه لو قبلتهم حماس في صلح أو تفاهم فلن يكون من السهل أن يتقبلهم الشعب الفلسطيني بعد الذي يفعلون..
آخر القول: للأسف أن المخلصين من حركة فتح قد انساقوا بوعي أو بتأثير الدعاية والتحريض إلى نفس المربع غافلين عما يجري داخل حركتهم من تغيرات وما رضيت قيادتها لها من اختيارات، وهم لا يتصورون عمق الأزمة التي جُرجرت إليها حركتهم والذيلية القبيحة للاحتلال التي انتهت إليها.. فهل يظنون أنه يعفيهم من المسؤولية الوطنية والإدانة التاريخية أن يقولوا (كنا مع الخيل يا شقرة) أو أن يتعللوا بأن صوتهم لم يكن مسموعا.. أوليس الذي يقع إنما يقع باسمهم وما يوقّع إنما يوقّع بتفويضهم
المصدر
http://www.paltoday.com/arabic/index...=Show&id=22768
ما سأنقله هنا اليوم يبين إلى أي مدى بلغ الاهتراء الديني والخلقي وإلى أي حد وصل السقوط الوطني للبعض الفلسطيني الذين وضعوا أنفسهم في أجندة الاحتلال وارتضوا لأنفسهم – ومن غير تردد ولا وخز ضمير -أن يكونوا سلما وعونا أثيما للأعداء الذين سفكوا دماء أمتهم وهتكوا أعراضها وهوّدوا مقدساتها.. بما لا يبرره حال ولا ينسب لإشكال.. وربما (أقول ربما) يكون صدمة تنبه غافلا أو توقظ نائما ممن لا يزال يدافع عنهم أو يحسن الظن فيهم أو لعله يحرك ما ركد من ضمير من كان منهم له بقية ضمير.. ولن أطيل فهذه أقوالهم وتلك أفعالهم شاهدة عليهم..
نشر الصحافي ناحوم برنيع كبير المعلقين في صحيفته يديعوت أحرونوت الصهيونية في 19/9 تقريرا حول ما دار في لقاء جرى يوم الأحد قبل الماضي 14/9 وجمع قادة أجهزة السلطة الفلسطينية (جماعة رام الله) بجنرالات وضباط صهاينة في مقر قيادة قوات جيش الاحتلال في مستوطنة بيت إيل القريبة من رام الله.. جاء في تقريره:
(أبو الفتح - قائد جهاز الأمن العام التابع لحكومة رام الله ويمثل القوة العسكرية الفلسطينية والأعلى رتبة والأكثر تقدما في السن – يقول مخاطبا العميد نوعم تيفون: ليس هناك خصام بيننا! بل لدينا عدو مشترك! وأنا سأفعل اليوم كل ما أستطيعه حتى أمنع العمليات.. أنتم تدركون أننا أفضل من السابق وأنتم تمدحون ذلك.. بفضل عملياتنا أصبحتم أقل حاجة لقواتكم! ويتابع: يجري هنا صراع كبير استعدادا لشهر يناير حيث أبو مازن يقود خط السلام وعليكم أن تعززوا وضعه! أنا أطلب إرسال سرية من أريحا إلى الخليل.. وأعرف أن هناك مشكلة في الخليل مع المستوطنين ونقاط احتكاك.. ليست لدي أية نية للدخول هناك! القوة ستعمل في القرى جنوبي جبل الخليل!
العميد تيفون: أنا سعيد بما تقول! على قادة الأجهزة عندنا وعندكم أن يلتقوا ويتفقوا حول ذلك! هنا تدخل العقيد مردخاي رئيس الإدارة المدنية في الضفة محذرا: ولكن يجب أن يكون تحرك السرية من أريحا إلى الخليل في يوم الجمعة ليلا حتى لا يصطدموا بالمستوطنين.. فرد عليه أبو الفتح: لا مشكلة! نحن نتحرك ضد حماس الآن أيضا في رمضان!
ماجد فرج -رئيس الاستخبارات العسكرية التابع لحكومة رام الله - يقول: نحن في معركة صعبة جدا.. قررنا وضع كل مشاكلنا على الطاولة كل شيء علني وظاهر.. لا مزيد من الألاعيب.. حماس هي العدو! قررنا شن حرب عليها وأنا أقول لكم: لن يكون أي حوار معها! أنتم توصلتم إلى هدنة معهم أما نحن فلا ! الآن نحن نقوم بتولي أمر كل مؤسسة حمساوية ترسلون اسمها إلينا! أعطيتمونا أسماء 64 مؤسسة وقد انتهينا من معالجة 50 منها! بعض هذه المؤسسات أغلقت والبعض الآخر استبدلنا إدارته، كما وضعنا أيدينا على أموالهم.. (إسرائيل) حولت للسلطة 150 حسابا بنكيا يشتبه بعلاقاتها بالتنظيمات الإرهابية.. السلطة أغلقت 300 حساب! عندي ملاحظتان؛ الأولى: ذات مرة كنا نفكر ألف مرة قبل الدخول للمسجد أما اليوم فنحن ندخل لأنكم أنتم لا تدخلون! والثانية: أننا ندخل للجامعات بما في ذلك الجامعة الإسلامية في الخليل! نحن نبذل قصارى جهدنا ! مردخاي يقول: سنشكل طاقما مشتركا معكم، سنساعدكم في التدريب والعتاد، الفلسطينيون اشتكوا من إرسالية الهراوات المخصصة للشرطة من كندا المحجوزة منذ أشهر في أسدود .. نحن سنقوم بتخليصها!) أ . هـ
وبعد .. فهذه نبذات من ذلك الاجتماع رأيت أنها تلخص ما عقد لأجله وتعطي صورة عن وحدة الحال وعمق التطبيع والتنسيق الاستخباري والميداني الذي يجمع الطرفين (الطرف الواحد) في مواجهة الشعب الفلسطيني ومقاومته، ولا يفوتني أن أنوه إلى أنني ترخصت في تغيير بعض الكلمات لتنسجم مع سياق اللغة العربية التي لم تعد تعنيهم هي ولا أهلها ولا ثقافتها.. ولا بد من كلمتين.. فأقول:
الأولى: إن شكك البعض في رواية هذا الصحافي الصهيوني ليدافع عمن يظنهم من بني جلدته أو لأي سبب آخر فأقول: إلا هنا فيجب أن يكون الضمير مرتاحا ومصدقا لما جاء في التقرير ليس لأن هذا الصحافي مبرأ من الكذب ولا لأن العدو منزه عن الكذب ولا لأننا نثق في هذه الصحيفة الصهيونية – يديعوت أحرونوت – وإن كانت الأوسع انتشارا والأكثر مصداقية .. ليس لكل هذا .. ولكن لأن الصحافي برنيع ذكر أسماء أشخاص بأعيانهم وفي ذلك ما فيه من الطائلة القانونية، ولأن ما جاء في هذا التقرير يتفق تماما مع واقع الاستهداف المشترك الذي يمارسونه ضد المقاومة ومؤسساتها والتنسيق الاستخباري بينهما وتزامن الاجتياحات وتبادل المعلومات.. إحصاءات موثوقة رصدت تصريحاتهم فوجدت أن ما يتعلق منها بمهاجمة حماس بالنسبة لمجمل تصريحاتهم كالتالي: * فهمي الزعارير ناطق باسم فتح في الضفة 97% ضد حماس *جمال نزال ناطق باسم فتح في الضفة 97% ضد حماس * سمير نايفة ناطق باسم فتح في طولكرم 94% ضد حماس * نبيل عمرو مستشار إعلامي للرئيس عباس 93% مهاجمة حماس * أحمد عبد الرحمن ناطق رسمي باسم فتح 92% مهاجمة حماس * عزام الأحمد رئيس كتلة فتح البرلمانية 91% * نجاة أبو بكر عضو مجلس تشريعي عن نابلس (فتحاوية) 89%.. وهكذا السلسلة التي لا تنتهي من المتحدثين والقياديين الرسميين وغير الرسميين الذين حصروا معركتهم مع حماس وتخصصوا في التشنيع على المقاومة وإفساد ذات البين الوطني حتى لا يكادوا يتنفسون إلا كراهيتها والكيد ضدها في حين سقطت من ألسنهم أية إدانة للاحتلال والاستيطان والجدار العنصري ولم يعد في ذهنهم حال اللاجئين والعودة والأسرى والقدس.. ؛ فإن قيل: لماذا يكشف العدو هذا الذي جرى بينهم ولماذا يفضحهم؟ فأقول لا يخلو أنه يريد – وكما هي عادته مع عملائه - تبكيتنا وإهانة مشاعرنا وأن يضع هؤلاء في مكان ومكانة لا تسمح لهم بالتراجع – كعادته مع كل عملائه - ويريد إقناعنا بأنه وبشهادة وواقع حال ممثلي الشعب الفلسطيني ليس عدوا وفي ذلك ما فيه من حرف البوصلة الوطنية الفلسطينية وتقنيع الاحتلال وتسويق التطبيع..
الملاحظة الثانية: هذا الذي جاء في التقرير هو بعضٌ من كثير لم نطلع عليه ولم ينقل إلينا ومع ذلك فقد كشف إلى حد بعيد جملة من الحقائق التي يجب وضعها في الاعتبار عند تناول الحالة الفلسطينية؛ من ذلك أن ما يرددونه عن الحوار الوطني وإنهاء حالة الانقسام.. وقد تجلى أن كل ذلك إنما هو كذب وتزييف وغايته محاولة منطقة وتسويغ عداوتهم للمقاومة وأنهم مجرد يدافعون عن أنفسهم .. وبان إلى أي حد هم يكذبون عندما يزعمون أن اعتداءهم على لجان الزكاة وإدارات الجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني يهدف لتنظيفها من الفساد المالي والإداري وليس لأغراض سياسية وكيدية ولا لأنهم يطمعون في نهب أموالها .. أما رائحة التبعية والوظيفية الخدمية التي صبغت لغة حوارهم مع ضباط الاحتلال فقد كانت جلية وهم يخاطبون من يفترض أنهم ند لهم: (أعطيتمونا، انتهينا، أنتم تدركون أننا أفضل من السابق، نحن نبذل قصارى جهدنا..) وأما الولاء لهم من دون الله تعالى ورسوله والمؤمنين فبرز في عباراتهم: (ليس بيننا خصام ، لدينا عدو مشترك .. بفضل عملياتنا أصبحتم أقل حاجة لقواتكم..) ويأتي السؤال: هل بقي لهؤلاء أية نسبة إلى فلسطين وقضيتها وثوابتها ومقدساتها؟ وإذا كان العدو يجد قادة الأجهزة هؤلاء وبكل مقدراتهم يقدمون له كل ما يريد وأزيد مما يطمع فهل بقي له حاجة في تجنيد العملاء الصغار من الذين يبحثون عن معلومة طائشة أو منفلتة بالخلسة والاستراق؟ ثم هل يطمع العدو – أي عدو – بأكثر من ذلك في شعب يقاتله ويقاومه؟ وأخيرا أليس هؤلاء هم المنافقين – بالمفهوم الديني – الذين قال الله تعالى في وصفهم (وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون)؟
أما بلغة السياسة فأقول: هل ماتت حركة فتح حتى تسكت على هذا العار التاريخي؟ وهل الخصومة مع حماس تبرر أو تسوغ كل هذا الشطط والسقوط القيمي والديني والأخلاقي والوطني؟ ثم ما هي النتائج العملية لهذه التبعية على القضية والوحدة الفلسطينية حالا ومآلا؟ وإذا كان العدو – وهو كذلك -إنما يعمل على تمييع القضية واكتساب التطبيع وتسويغ الاحتلال وتفتيت الموقف الفلسطيني ثم العربي أليس قد حقق الكثير بأيدي وآثام هؤلاء؟ ويا ترى لو أن هذا العدو (الحبيب والولي القريب لهم) طلب منهم التجسس على أية دولة!! فإلى أي حد سيرفضون إذا كانوا لا يمتنع أحدهم عن التجسس على أخيه وأبيه وابنه ويتفاخر بدخول المساجد وانتهاك حرمة رمضان؟ وأخيرا هل صار معلوما لماذا وصلت الأمور بينهم وبين حماس إلى هذا المدى من الدموية والفصال؟
وأقول إن أهل فلسطين يعلمون أن مجموعة رام الله وأجهزتهم الأمنية انقلبوا على حكومة الوحدة الوطنية وعلى القانون الأساسي للسلطة أيا كانت المبررات التي يتذرعون بها ويدركون أن ثمة ما هو أخطر من الانقلاب السياسي والأمني الذي قاموا به هو الانقلاب المتواصل ليل نهار على الثقافة الدينية والوطنية وعلى التقاليد الاجتماعية وعلى موازين العمل السياسي التي صاغتها تضحيات مائة سنة من الاحتلال والمقاومة ومن الاختلاف والاتفاق ويدركون أن عداوة هؤلاء لحماس وفكر المقاومة وصلت حدا من القطيعة والدموية والفرز ما يتجاوز الخصومة السياسية والتضاريس الجغرافية ما يعني أنه لو قبلتهم حماس في صلح أو تفاهم فلن يكون من السهل أن يتقبلهم الشعب الفلسطيني بعد الذي يفعلون..
آخر القول: للأسف أن المخلصين من حركة فتح قد انساقوا بوعي أو بتأثير الدعاية والتحريض إلى نفس المربع غافلين عما يجري داخل حركتهم من تغيرات وما رضيت قيادتها لها من اختيارات، وهم لا يتصورون عمق الأزمة التي جُرجرت إليها حركتهم والذيلية القبيحة للاحتلال التي انتهت إليها.. فهل يظنون أنه يعفيهم من المسؤولية الوطنية والإدانة التاريخية أن يقولوا (كنا مع الخيل يا شقرة) أو أن يتعللوا بأن صوتهم لم يكن مسموعا.. أوليس الذي يقع إنما يقع باسمهم وما يوقّع إنما يوقّع بتفويضهم
المصدر
http://www.paltoday.com/arabic/index...=Show&id=22768
تعليق