أبو الوليد شرح للذهبي معنى سحب الإعتراف برئيس السلطة وتوافقا على التمسك بحل الدولتين وتعطيل أية تنازلات يقدمها عبّاس
6 دول ترفض ارسال قوات أمن عربية لقطاع غزة والزعنون يعتذر عن ترؤس اجتماع لأعضاء المجلس الوطني في سوريا ولبنان
شاكر الجوهري ـ الحقائق 21/9/2008
هذا هو التكتيك الذي تؤكد المعلومات أن حركة «حماس» تعمل من أجل تحقيقه الآن ، يضاف إليه تحليل يرى احتمال عودة أبو مرزوق رئيساً للمكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية.
بالطبع ، الأهداف الحمساوية تتناقض بشكل شبه مطلق مع ما يريده محمود عبّاس الرئيس الحالي للسلطة ، ويعمل من أجله بالتنسيق والتناغم التام مع القاهرة ، دون تناغم مماثل مع عمَّان في هذه المرة.
فالأردن بات شديد التشكك بنوايا رئيس السلطة اتجاهه في ضوء سابقة اتفاق اوسلو ، ومجاهرته بضرورة التنازل عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين. وهذا ما يدعوه إلى العمل من أجل تشكيل «خلية أزمة» للتعامل مع ملفات المرحلة النهائية ، خصوصاً ملف اللاجئين ، وأن يعاد تقييم سلوك السلطة الوطنية الفلسطينية السياسي ، ويعاد فحص المعلومات التي يحاط الأردن بها من قبل رموز السلطة عن سير المفاوضات ، وتسريع وتيرة الوصول إلى تفاهمات واضحة مع حركة «حماس» حيال التسوية النهائية وملفاتها.
بل إن الأردن بات يرى كذلك - وفقاً للتسريبات -«ضرورة إفشال المفاوضات الغامضة بين السلطة وإسرائيل على اتفاق نهائي أو اتفاق رف» ، واعتبارها «ضرورة قومية».. ذلك أنه أصبح يفضل ترحيل المفاوضات إلى حين انتخاب إدارة اميركية ، وتشكيل حكومة اسرائيلية جديدتين ، وحسم مصير مرحلة عبّاس المفترضة في كانون الثاني/يناير 2009 .
هذه الموضوعات وغيرها هي ما تتركز عليه مباحثات الوفود الحمساوية التي تكررت مؤخراً زياراتها للعاصمة الأردنية ، بما فيها زيارة سرية ، أو أكثر قام بها محمد نزال ومحمد نصر.. وكذلك الإتصالات الهاتفية التي جرت بين خالد مشعل والفريق محمد الذهبي مدير المخابرات الأردنية ؛ وذلك بعد أن تم تجاوز العتب الأردني الناجم عن تسريبات حمساوية لوسائل الإعلام عن فحوى ما دار في الزيارتين الأولين للوفد الحمساوي لعمَّان.
توافقات اردنية حمساوية
بشكل أكثر تحديداً تركزت الزيارات والإتصالات الهاتفية على النقاط التالية :
أولاً : توحيد الموقفين الأردني والحمساوي على ضرورة رفض والعمل على تعطيل أي تنازل يمكن أن يقدمه عبّاس فيما يتعلق بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة ، والإصرار على التمسك بحق العودة.
ثانياً : توحيد الموقفين على ضرورة رفض والعمل على تفشيل أي محاولة مصرية فتحاوية لإرسال قوات أمن عربية إلى قطاع غزة ، لأن هذا مرفوض من قبل «حماس» ابتداء كونه يهدف إلى اسقاط سلطتها في القطاع ، كما أنه مرفوض من قبل الأردن كونه يشكل عامل ضغط كبير عليه قد يضطره إلى ارسال قواته إلى الضفة الغربية.. وهو ما لا يريده ، خشية النتائج وردود الفعل السلبية التي يمكن أن تترتب على ذلك.
ثالثاً : توحيد الموقفين على التمسك بحل الدولتين بصيغتيه.. الفلسطينية والإسرائيلية ، والأردنية الفلسطينية. وهو ما يعني رفض فكرة الدولة الواحدة..الفلسطينية - الأردنية ، والفلسطينية - الإسرائيلية.
رابعاً : توحيد الموقفين على التمسك بالقدس عاصمة للدولة الفلسطينية.
إلى ذلك ، فقد شرح مشعل للذهبي :
1- ما الذي تعنيه حركة «حماس» بعدم اعترافها بعدم شرعية أي اتفاق يمكن أن يتوصل له عبّاس مع اسرائيل ، خاصة اتفاق الإطار ، الذي يرفضه الأردن أيضاً ، نظراً للمخاطر الكبيرة التي يشكلها على الأمن الإستراتيجي الأردني.
2- ما الذي تعنيه «حماس» بسحبها الإعتراف من عبّاس كرئيس للسلطة بعد تاريخ 9/1/2009.
وقد أكد مشعل أن «حماس» تعتزم في هذا التاريخ إعلان الدكتور عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي ، رئيساً مؤقتاً للسلطة يتولى الإشراف على انتخابات رئاسية جديدة ، فيما لم تحسم الحركة بعد قرارها لجهة خوض هذه الإنتخابات..إذ قد تخوضها من خلال شخصية مستقلة.
مشعل لرئاسة منظمة التحرير
وتؤكد المصادر أنه حتى في حالة قررت «حماس» خوض انتخابات رئاسة السلطة ، فإن مشعل لن يكون هو مرشحها ، وذلك لسببين :
الأول : أنه لا يحوز هوية وطنية فلسطينية ، وخشية وقوعه في الأسر الإسرائيلي ، أو حتى اغتياله.
الثاني : أن مشعل يفكر بالترشح لرئاسة منظمة التحرير الفلسطينية ، على قاعدة انتخابات حرة وديمقراطية ، وإعادة بناء وتفعيل المنظمة. وهذا ما سبق أن تم الإتفاق عليه في اتفاق القاهرة (15/3/2005).
وقد تم تداول هذا الأمر مع فصائل فلسطينية معارضة بهدف طلب رأيها.
هنا يطرح السؤال الهام : هل سيجمع مشعل في هذه الحالة بين رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، ورئاسة المكتب السياسي لحركة «حماس»..؟
تجيب المصادر مستبعدة ذلك لجملة أسباب :
الأول : أن من شأن ذلك أن يحرج مشعل و«حماس» أمام الرأي العام الفلسطيني ، وهما اللذان لطالما انتقدا استئثار الرئيس الراحل ياسر عرفات ، ومن بعده محمود عبّاس ، برئاسة السلطة ومنظمة التحرير ، وحركة «فتح». وعليه فإن على مشعل أن يميز نفسه عن سلفيه.
الثاني : تفاعل حركة جدل داخل حركة «حماس» تطالب بإعادة النظام الداخلي للحركة إلى ما كان عليه ، قبل أن ينجح مشعل في تعديله لصالح فتح عدد مرات ولايته دون تحديد.
وتشرح المصادر أن النظام الداخلي للحركة كان يحدد عدد مرات ولاية رئاسة المكتب السياسي فقط بمرتين اثنتين ، يوم تم أسر الدكتور موسى أبو مرزوق في الولايات المتحدة الأميركية.
وقد أكمل مشعل ولاية أبو مرزوق في حينه ، ثم انتخب لولايته الأولى ، ثم الثانية ، التي تزامنت نهايتها تقريباً مع اغتيال مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين في 22 آذار/مارس 2003.. غير أن مشعل كان نجح قبل اغتيال الشيخ في إدخال تعديل على النظام الداخلي للحركة يفتح باب الترشيح أمامه لعدد غير محدد من المرات.
أبو مرزوق لرئاسة المكتب السياسي
هذا التعديل يثير حالياً مطالبات داخل مجلس شورى الحركة بإعادة النظام الداخلي إلى ما كان عليه ، ويجعل مسألة إعادة تعديل النظام الداخلي مرشحة للعرض على مجلس الشورى من جديد.
وبطبيعة الحال ، فإن المرشح الأوفر حظاً في هذه الحالة هو الدكتور أبو مرزوق ، الذي عمل طوال السنوات الماضية ، التي أعقبت إطلاق سراحه من سجن نيومانهتن الأميركي سنة 1997 ، نائباً لمشعل ، الذي سبق أن كان نائباً له ، دون أي تحسس من جانبه.
الثالث : ازدياد المعارضة الداخلية لمشعل ، خاصة في قطاع غزة.. وعلى الأخص من قبل أحمد الجعبري القائد العسكري الميداني ، الذي قاد عملية الحسم العسكري في 14/6/2007.
ولكن هل يتوقع أن يسود التوافق علاقات الجعبري بأبي مرزوق ، بعد أن لم يتحقق مع مشعل..؟
تبدو الإجابة على السؤال مشوشة ، لكنها يفترض أن تأخذ بعين الإعتبار الدور التاريخي لأبي مرزوق في إعادة تشكيل جماعة الإخوان المسلمين في قطاع غزة إلى جانب الشيخ ياسين ، وكذلك دوره القيادي التاريخي في تأسيس «حماس».
قادة «حماس» شديدو الإلتزام بعدم البوح بأية معلومات تتناول الحياة التنظيمية لحركتهم ، لا يشذ عن ذلك أحد.. غير أن تقارير أخيرة تحدثت عن فوز الصقور الميدانيين في انتخابات أخيرة لمجلس الشورى في غزة. وهو ما يدعو للإعتقاد أن انتخابات مماثلة لعضوية مجلس الشورى لا بد أن تكون قد جرت ، أو أنها في طريقها للحدوث في الضفة الغربية والخارج ؛ وهو ما يستدعي بالضرورة إجراء انتخابات جديدة لمكتب سياسي جديد ، ربما يتأخر اجراؤها لفترة من الوقت بانتظار نتائج حوار القاهرة ، الذي سيحدد معالم المرحلة الجديدة لجهة اشغال المواقع التنظيمية والقيادية العليا في الحركة ، ومن يمثلها في المواقع القيادية لمنظمة التحرير ، في حال نجاح حوار القاهرة ، وهو ما لا يتوقعه المراقبون العارفون بخفايا الأمور.
توقع الفشل لحوار القاهرة
الحوارات غير مؤهلة للنجاح. تكتيك مصر وانحيازها لعبّاس ، والترتيبات مع عبّاس ، وكذلك دور الجامعة العربية.. كل ذلك يشكل نوعاً من الضغط على «حماس» ، بهدف عزلها وحشرها ، دون أن يؤهل الحوار للوصول لأي اتفاق أو نتيجة..خاصة في ضوء سابقة اتفاق 2005 ، الذي لم يلتزم به عبّاس ، ولا عملت القاهرة على الزامه به..بل عملت كل جهدها لتسهيل تنصله منه.
على كل ، الوفد الحمساوي سيتوجه إلى القاهرة في الثامن من الشهر المقبل. وذلك بعد أن يكون عمر سليمان ، مدير المخابرات المصرية انتهى من التقاء جميع الفصائل المدعوة للحوار ، وهي ليست جميع الفصائل الفلسطينية ، إذ تم استثناء فصائل حليفة لـ «حماس» ، وفي المقابل يجري الآن بحث امكانية دعوة شخصيات فلسطينية مستقلة مؤيدة لـ «فتح» للمشاركة في الحوار ، على نحو يراد منه أن يؤدي إلى تضييق حبل العزلة حول رقبة حركة المقاومة الإسلامية.
وهناك فسحة وقت كافية لذلك ، تقع في الفترة بين تاريخ انتهاء حوار سليمان مع وفد «فتح» (منتصف الأسبوع الحالي) ، والثامن من الشهر المقبل موعد وصول وفد «حماس» للقاهرة..أي فترة اسبوعين..بحيث ما أن يحين موعد وصول وفد «حماس» إلا ويكون سليمان أكمل تركيب وشد حبل الأنشوطة التي يريد بها اصطياد «حماس»..ملوحاً لوفدها بقرار عربي يمكن اتخاذه بغطاء فلسطيني يقضي بإرسال قوات عربية ، غالباً ما ستكون مصرية على طريقة قوات الردع العربية ، التي كانت سورية في غالبيتها الساحقة ، بعد أن قررت الجامعة العربية تغيير إسم القوات السورية التي كانت موجودة فعلاً في لبنان أواسط سبعينيات القرن الماضي.
6 دول ترفض ارسال قوات أمن عربية لغزة
باختصار ، سليمان يخطط لتخيير «حماس» بين القبول بإملاءات تخليها عن السلطة في قطاع غزة ، وهي املاءات مدعومة بغطاء إعلامي فلسطيني ، أو ارسال قوات عربية تتولى اسقاط هذه السلطة..! لكن المصادر تؤكد عدم توافق جميع أعضاء جامعة الدول العربية على فكرة ارسال قوات أمن عربية للقطاع..إذ ترفض هذه الفكرة ، ست دول عربية هي الأردن ، الذي يعارض ذلك بشدة كبيرة ، وكل من سوريا ، قطر ، اليمن ، الجزائر ، ليبيا.
إلى ذلك ، فإنه لا توجد دولة أخرى غير مصر مستعدة لإرسال قواتها إلى قطاع غزة ، والغوص في وحل خوض مواجهات عسكرية مع المقاومة الفلسطينية ، وهي حمساوية في غالبيتها..وفي ذات الآن خوض مواجهات مع شعوبها داخل بلدانها..! غير أن «حماس» ، وفصائل التحالف الوطني الثمانية ، لا تكتفي بمواقف الدول العربية الست الرافضة ، لكنها تعمل منذ الآن على تعزيز جبهتها السياسية بدعوة أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني المقيمون في سوريا ولبنان لعقد اجتماع لهم في دمشق مرجح أن يصدر عنه موقف مؤيد لها بمواجهة موقف سلطة «عبّاس» ، والقيادة الحالية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وقد أجرت هذه الفصائل اتصالات غير مباشرة مع سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني الفلسطيني ، جست خلالها نبضه لجهة مدى استعداده لقبول المشاركة في هذا الإجتماع وترؤسه شخصياً ، كما حدث في اجتماعين اخيرين عقدهما لأعضاء المجلس المقيمون في الأردن ، خصصا لمناقشة اوضاع وأداء رئاسة السلطة ، واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير..غير أن الزعنون لم يبد حماساً لذلك ، دون أن يعترض على الفكرة ، ما دام هو نفسه فعل ما يروم أعضاء المجلس في سوريا ولبنان فعله ، ويبلغ عددهم 85 عضواً.
دعوة اعضاء المجلس الوطني في سوريا ولبنان للإجتماع تظل مرهونة على كل حال بنتائج حوار القاهرة ، وهي مرجحة لأن تتقرر ، أو أن يغض النظر عنها بعد عودة وفد «حماس» من العاصمة المصرية.. تعقد في حال فشل الحوار ، ويغض النظر عنها في حال نجاحه.
طروحات «حماس» على القاهرة
ولكن ، ما الذي سيطرحه وفد «حماس» لحوار القاهرة..؟
تجيب المصادر محددة :
أولاً : التمسك بإجراء انتخابات رئاسية فلسطينية في موعدها المقرر بموجب القانون الأساسي الفلسطيني في كانون ثاني/يناير المقبل ، وعدم اجراء انتخابات تشريعية مبكرة ، وإنما أيضاً في موعدها المقرر بموجب ذات القانون في كانون ثاني/يناير 2010.
ثانياً : تعيين الدكتور عزيز الدويك رئيساً مؤقتاً للسلطة في حال عدم اجراء الإنتخابات الرئاسية في موعدها ، على أن يقوم بمهامه أحمد بحر نائب رئيس المجلس التشريعي.
ثالثاً : تطبيق اتفاق القاهرة الخاص بإعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية على قاعدة انتخابات ديمقراطية لأعضاء مجلس وطني مختصر يتراوح عدد اعضائه حوالي الثلاثمائة عضو. ولن يأتي الوفد الحمساوي على ذكر اتفاق مكة الذي يقضي بتشكيل حكومة شراكة بين حركتي «فتح» و«حماس» ، وتقاسم الوظائف القيادية في السلطة واجهزتها الأمنية بين الحركتين ؛ وذلك اعتقاداً من «حماس» وسعياً لعدم تكرار الشراكة الثنائية مع «فتح».
وتفصل المصادر أن وفد «حماس» سيطرح أحد اقتراحين :
1- تشكيل «حماس» لحكومة فلسطينية جديدة باعتبارها حزب الأغلبية.
2- تشكيل «حماس» حكومة وحدة وطنية تضم معظم الفصائل الفلسطينية.
بالطبع ، ستعتمد «حماس» في هذا الطرح على جملة أوراق قوة غدت في يدها خلال الأشهر القليلة الماضية منها نجاحها في الصمود لأكثر من سنة أعقبت الحسم العسكري في قطاع غزة ، وعدم قدرة الجامعة العربية على اتخاذ قرار بإرسال قوات أمن عربية للقطاع تتولى اسقاط سلطتها ، وعدم رغبة أي دولة عربية في ارسال قواتها للقطاع ، وعدم قدرة مصر على فعل ذلك دون غطاء من الجامعة العربية بسبب ظروفها الداخلية ، وتحول الأردن إلى محالفة «حماس» ورفضه ارسال قواته للضفة الغربية على نحو مطلوب منه أن يشي بتماثل التعامل مع سلطتي «فتح» و«حماس».!
رابعاً : عقد جلسة حوار ثنائية بين حركتي «فتح» و«حماس» برعاية مصرية ، وعدم الإكتفاء بالتقاء مدير المخابرات المصرية مع وفود الفصائل كل على حدة.
خامساً : احترام وثيقة الوفاق الوطني.
سادساً: عدم املاء مصر لرؤيتها ومواقفها على الأطراف الفلسطينية ، ووجوب أن يكون الحوار فلسطينياً فلسطينياً.
تعليق