إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ممكن ان نشارك

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ممكن ان نشارك

    الاخوة ابناء الجهاد الاسلامي لكي نتعرف اكثر ممكن ان نكتب لو شيئ قليل عن افكار وتاريخ الحركة لكي لاننسى تاريخ وافكار الشقاقي
    لااله الاالله محمد رسول الله

  • #2
    إلبك أخي هذا الموضوع المفصل عن تاريح الحركة ::::

    حركة الجهاد الإسلامي وسرايا القدس البناء والتكوين والرؤية والاستراتيجية .....اضغط هنا

    أبتاهُ فَقْدُكَ مُوْجِعٌ ، أعياني
    وأقضَّ جَفْني ، والأسَى يَغْشَاني
    واذاق قلبي من كؤوس مرارة
    في بحر حزن من بكاي رماني !

    تعليق


    • #3
      أخي أبا خالد إليك هذه المعلومات الرائعة جدا عن تاريخ الحركة :::


      النشأة التاريخية والجذور الفكرية والحركية لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين (1974-2005)

      إعداد الشيخ /معين محمد رمضان فارس (أمين)
      الباقي على العهد
      أبو ذر



      بسم الله الرحمن الرحيم

      النشأة التاريخية والجذور الفكرية والحركية لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين (1974-2005)

      الإهداء ....

      إلى سالكي درب المحبة والانعتاق الحقيقي .. رواد المسيرة الحرة .. أباة الضيم ..
      إلى عمالقة الاستشهاد .. الى أبناء الجهاد الإسلامي الحقيقيين .. زهر عمر أبى إبراهيم .. الى الصادقين بعهدهم ووعدهم ودعائهم .. بقية النور المنبعث من طهر محمد صلى الله عليه وسلم .. الى الذين آثروا الرحيل الى دار المقامة .. المسافرين أشـلاءً نحو وعد الآخـرة أولئـك الأبطال الذين لم يحوهم قبر ولا لف جسدهم كفن ولم تحملهم أكف .. الى موضع أقدام النبي في المسرى المقدس .. الى الذي علمنا كيف يجري منا الجهاد الإسلامي مجري الدم ..الى الذي علمنا في حياته ويوم رحيله كيف نموت لنحيا ... الى أخينا وقائدنا ورمز مرحلتنا ... الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي قدس الله سره ورضي الله عنه الى عشاق الشهادة السائرين على دربه وخطاه ...
      نهدي هذه الدراسة لعل الله ينفع بها ويهدي ...

      إعداد / معين محمد رمضان فارس (أمين)
      الباقي على العهد
      أبو ذر

      .................................................. .................................................. .................................................. ....
      المقدمة :
      قبل الحديث عن نشأة حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وجذورها التاريخية والأيدلوجية يجب علينا أن نعود الى الأصل المحمدي ، الى بدايات الرسالة .. الى غار حراء حيث التقاء الأرض بالسماء حيث الحبيب المتعبد صلى الله عليه وسلم يستقبل الرسالة السماوية الأولى والمنزل هو الله سبحانه وتعالى والواسطة هو جبريل عليه السلام آمين السماء والآيات هي " أقرأ بسم ربك الذي خلق ......" ، فأنتفض قلب الحبيب انتفاضة القرآتين قراءة الغيب وقراءة الشهادة وهي- قراءة القلم مع الله معلماً - وتوحدت القرآتان في قلب الرسول لتصبح قراءة قرآنية ربانية إنها قراءة الاستشهاديين قراءة الجيل القرآني الأول الذي رباه الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الجيل الكبير العزيز المقدام الذي مثله حمزة أسد الله وأسد رسول الله ومصعب وعبد الله بن عمر وجعفر الطيار وعلي وزيد بن حارثه وأبو ذر رضي الله عنهم وبقية هذا الرهط العظيم الذي قضى نحبه دفاعاً عن الراية والمنهج ، ومثله كذلك نموذج عن القادة المحررين والفاتحين وعلى رأسهم الناصر صلاح الدين الذي فتح بيت المقدس وحررها من دنس الصليبي الكافر بعد زهاء مائة عام من الأسر ، ومحمد الفاتح الذي فتح القسطنطينية وسجد لله واضعاً التراب على رأسه ، هذا الجيل الذي أرادت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين تجديده وإعادته الى الوجود جسداً وروحاً ، قراءة ووعياً وتطبيقاً عبر إعادة تجديد القراءة التي طرحها وأعاد صياغتها وصياغة نواحيها على أرض فلسطين هو مؤسس حركة الجهاد الإسلامي الشهيد الشقاقي رحمه الله ، عبر تفجير مركزية فلسطين لإعادة إذاعة بلال فوق جبل المكبر وإعادة ذكريات الفتح الماضي نحو الفتح القادم .
      ولا بد لنا قبل ان نخوض في تفاصيل النشأة التنظيمية للحركة يجب أن نستعرض التجارب والحركات التي سبقت النشأة وكان لها أثرا في مسيرة الحركة أو أفادت الحركة فيها أو أجابت على أسئلة لم تجب عنها الحركات السابقة مثل الحركة الوهابية والحركة السنوسية وحركة الأخوان ، حتى نفهم بشكل عميق ماذا كانت تعني حركة الجهاد الإسلامي التي هي امتداد لحركة النبي صلى الله علية وسلم هذه الحركة محور النار والنور والثورة حتى لا يتحطم هذا المحور مع توالي السنين في عقولنا وأرواحنا وحتى لا تنحرف البوصلة عن مسارها الحقيقي ...
      " يا أمتنا لا تنامي قلب الأمة جهاد إسلامي "
      سوف نبقى للبلاد التي... سوف تبقى لنا ... ووحدهم للرحيل ...
      من نسي الكتاب فقد القدرة على الوعي والرؤيا ووحدهم الشهداء يملكون الوعي والرؤيا ....
      .................................................. .................................................. .................................................. .....
      * الخطوط العريضة للحركة *
      ما هي حركة الجهاد الإسلامي وغاياتها وأهدافها؟
      حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين : هي تيار منظم في إطاره المحمدي الإسلامي الجهادي الرباني الفلسطيني الوجه ، والذي قاعدته القرآن والسنة نحو قيادة الجماهير وتجسيد مفهوم الطليعة الرسالية التي تحمل البندقية وتوجيهها نحو صدور العدو نيابة عن الأمة .
      أو هي خط محمدي جماهيري طلائعي رسالي جهادي قرآني أصيل شعاره جيل الأيمان والوعي والثورة .
      الغايات :
      1- الغاية القصوى : مرضاة الله سبحانه وتعالى .
      2- الغاية الدنيا : إحداث البعث الإسلامي في كل الأرض .
      الأهداف :
      1- الهدف البعيد : تجاوز أزمة التحدي الحضاري الغربي الحديث .
      2- الهدف القريب :
      أ – تحرير فلسطين تحريراً كاملاً من النهر الى البحر وتصفية الكيان الصهيوني تصفية كاملة وتصفية شروطه الموضوعية العاملة على إبقائه ، وإقامة دولة الخلافة الراشدة على أرض فلسطين .
      ب – تحقيق الوحدة الإسلامية باعتبارها مطلباً دينياً وتاريخياً .
      ج – إعداد الشخصية الإسلامية إعداداً تربويا وعقائدياً وجهادياً وثورياً والمحافظة على محتواها الفكري باعتبارها أداة التغيير .
      د – انتصار الثورة الإسلامية العالمية .
      الوسائل :
      1- أسلوب الدعوة والتثقيف والتحرير السياسي ، وهذا الأسلوب يشمل نشر فكر الحركة عبر أساليب منها : المجلات، البيانات، الندوات، الخطب ، المهرجانات ، أشرطة الكاسيت ، الانترنت ، وصايا الشهداء الفيديو ، التعبئة ، الدراسات والكتيبات....... الخ
      2- أسلوب الجهاد " الكفاح " المسلح والذي يشمل العمل العسكري بكافة أشكاله المتاحة واسلوب العمل ألاستشهادي الذي يحقق توازن الرعب وتوازن الدم مع العدو - وهذا الأسلوب هو خيار استراتيجي للحركة - ، بمعنى جنباً الى جنب مع العمل السياسي والإعلامي .
      3- أسلوب تقديم الواجب على الامكان بمعنى أن نقدم العمل الجهادي لأنه فرض عليك حتى مع قلة الإمكانيات من سلاح وما شابه ذلك
      .................................................. .................................................. .................................................. ..........
      الفصل الأول
      الحركات والتجارب التي سبقت نشأة حركة الجهاد الإسلامي

      أولا: حركة الأخوان المسلمين:
      وتعتبر كبرى الحركات الإسلامية في العصر الحديث وكانت الرد الأول على إسقاط الخلافة العثمانية والتي سقطت بفعل الهجمة الغربية وكان الاعلان المدوي للسقوط 1924م على يد الطاغية مصطفى كمال أتاتورك ، وأعقب هذا السقوط سلسة من الإجراءات التي تضمنت تدمير المؤسسات الإسلامية ومحاولة تدمير العقل المسلم وبدا كل شيء دامياً ومأساوياً وغابت الصحوة الإسلامية ، ولكن الله سبحانه وتعالى هيّئ شباباً مسلماً أدرك إدراكا عميقاً أن الرد يجب أن يكون سريعاً وقوياً على هذه الهجمة الشرسة فقام الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله بتأسيس جماعة الأخوان المسلمين هو ومجموعة من إخوانه ورفاقه في الاسماعليه بمصر عام 1928م ، وبالرغم من أن الجماعة لم يكن لها برنامج سياسي ورؤية واضحة فإن حسن البنا قد أعاد نشر الوعي الإسلامي وتجديد الصحوة عبر تأسيس مؤسسات ومجلات إسلامية أعادت نشر الدعوة وإحياء الصحوة الإسلامية ، وكان حسن البنا يقوم بدوره الريادي عبر تنقله من القاهرة الى الصعيد وعبر رحلاته وأسفاره التي كان يجوب بها أنحاء مصر يلقي المحاضرات والندوات والخطب ويدخل بين الناس البسطاء والفقراء يحثهم على العودة للإسلام والتمسك بتعاليمه ن ولا شك أن هذا الدور يسجل للشهيد البنا بحروف من نور في التاريخ لكن تجربة حسن البنا المرشد العام الأول لحركة الأخوان بمصر بقيت متواضعة وبسيطة وغاب عنها الرؤية الفكرية الواضحة والثابتة المعالم ، وبعد عشرين عاماً من تأسيس الأخوان الذين رفعوا شعار إقامة الدولة الإسلامية وقعت نكبة فلسطين عام 1948م ، فقام الشهيد البنا بإرسال كتائب من الأخوان للجهاد في فلسطين لإنقاذها من الاحتلال الصهيوني ، ورغم أن بعض قيادات الأخوان تحفظت على هذه الخطوة باعتبارها أنها لم تكن حكيمة إلا أننا نبرىْ ساحة البنا من هذا التقاعس ونعتبر أن هذا الطرح يسيء لتاريخ حسن البنا الرائد .
      ففي 19 أكتوبر 1947م بعث حسن البنا كتاب الى مجلس الجامعة العربية يعرب عن استعداده لإرسال عشرة آلاف مسلح الى فلسطين ، لكن الحكومة المصرية بقيادة النقراشي باشا رفضت العرض ،
      وفي فبراير 1948م أرسل الأخوان بمجموعات الى فلسطين وقد منع النقراشي عنها المدد وراقب الحدود ولكنه عزل عن ذلك عندما قررت الدول العربية إرسال الجيوش لفلسطين ،
      .................................................. .................................................. .................................................. ...........
      وفي 14مارس 1948م سيطر الأخوان على قافلة كانت متوجة الى كفار داروم واستولوا على 15 مصفحة وكميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة وقتلوا من فيها .
      26مارس سيطر الأخوان على مستعمرة " رامات راحيل " بعد ضربها في المدافع ... وقاتل الأخوان واستشهدوا على أرض فلسطين ولكنهم خذلوا من نظام الملك الخائن فاروق بما عرف بقضية الأسلحة الفاسدة ، فكانت الهزيمة وسقوط فلسطين ، وعاد الأخوان الى مصر ليجدوا المعتقلات والسجون في انتظارهم في صحراء سيناء ، وبدت الفجوة بين النظام العميل لبريطانيا وبين الأخوان المسلمين ، وهذا أثر في اشتعال النار أكثر وأكثر بين الحكومة والأخوان حيث أقدم الجهاز الخاص للإخوان بقيادة " عبد الرحمن السنوي " الطالب في كلية الآداب بالقاهرة باغتيال النقراشي باشا رئيس الحكومة المصرية 28ديسمبر 1948م ثم جاء الملك الخائن فاروق وعلى اثر ذلك - وبالرغم من ان البنا لم يكن مسئولاً عما حدث – فقد قامت الحكومة باتخاذ قرار بحل جماعة الأخوان المسلمين وتم اغتيال الشهيد حسن البنا على يد ما يسمى بالقلم السياسي الذي هو جهاز مخابراتي عميل للفاروق والإنجليز وكان ذلك في 12/2/1949م أمام مستشفى القصر العيني أثناء انتهائه من إلقاء محاضرة ليلاً حيث ظل ينزف عدة ساعات دون إسعاف حتى استشهد ، ونذكر هنا ان الشهيد رأى رؤيا قبل استشهاده قبل صلاة الفجر حيث رأى رسول الله صلى الله علية وسلم يقول له ستقتل يا حسن ، وشيع جثمانه في جنازة من أغرب الجنازات حيث منع النظام الناس عن المشاركة في تشييع جثمانه الطاهر والرجل الوحيد الذي كان في الجنازة هو والده وبعض النسوة يحملن نعش الإمام حيث تم دفنه .
      إن رصاصات الحقبة الخائنة التي وجهت الى جسد حسن البنا الطاهر أفقدت الأمة والأخوان رمزاً إسلامياً كبيراً وأثر ذلك على جماعة الأخوان بشكل مباشر حيث بقي الأخوان ثلاثة أعوام بدون انتخاب مرشد عام وحدثت بعض الخلافات داخل الأخوان على من يكون الخليفة أي المرشد ، وفي عام 1952م تم انتخاب المستشار حسن الهضيبي مرشداً عاماً جديداً للإخوان وبسبب ذلك خرج بعض قياديي الأخوان عن الجماعة والذين كانوا يعتبرون أنفسهم أولى بمنصب المرشد وأن الهضيبي لم يكن قريباً عن الأخوان ومنهم الشيخ محمد الغزالي ، وفي نفس العام أيضاً 1952موقعت ثورة 23يوليو التي كان للإخوان دور فعال فيها بمساعدتهم للضباط الأحرار .
      وبعد الثورة عين اللواء محمد نجيب رئيساً للجمهورية ولكن عبد الناصر عزله وحلّ محله في الرئاسة وقيادة مجلس الثورة وبدا عبد الناصر يتنكر للإخوان المسلمين ويبعدهم عن أي منصب ويحاول تهميشهم ، ويجدر الإشارة هنا الى أن الأخوان المسلمين بدأو يتراجعون عما طرحة حسن البنا سابقاً ولكنهم حافظوا على تماسكهم رغم غيابه ..
      يتبع.............................................. .............

      أبتاهُ فَقْدُكَ مُوْجِعٌ ، أعياني
      وأقضَّ جَفْني ، والأسَى يَغْشَاني
      واذاق قلبي من كؤوس مرارة
      في بحر حزن من بكاي رماني !

      تعليق


      • #4

        تكملة .........................

        وفي عام 1954م وقع ما يسمى بحادثة المنشية المدبر والذي ظاهره يستهدف اغتيال عبد الناصر واتهم الأخوان بهذه القضية التي دبرتها مخابرات عبد الناصر ، وقامت بإطلاق عيارات نارية غير حقيقية على عبد الناصر وهو يخطب بالجماهير وعلى إثر ذلك وقعت ضربة كبرى للإخوان شملت عدداً كبيراً منهم وخاصة كوادرهم وقيادتهم وأعضائهم وحكم على سبعة منهم بالإعدام وحكم على الباقين بالسجن لفترات طويلة ، وقد تعرضوا لأقصى أنواع التعذيب وكان على رأس هؤلاء المعتقلين المرشد العام الهضيبي وسيد قطب ، وكانت هذه الضربة أقوى الضربات التي قضت على البنى التنظيمية للإخوان ناهيك عن قرار حل الجماعة مرة أخرى الذي اتخذه عبد الناصر وبهذه الضربة غاب الأخوان عن الساحة السياسية في مصر ، وبدأت مرحلة أخرى في تاريخ الأخوان وبدأ الأخوان في التراجع ولكن الشهيد المعلم سيد قطب كان مدرسةً أخرى مثلت أصالة الخط والتمسك بالمبدأ والفكرة والصمود في زمن التراجعات والمتراجعين والثبات رغم كثرة المتهالكين ، ولذا فإن حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين تكن كل الاحترام والتقدير لسيد قطب وحسن البنا ولمن سار على خطاهم ولكن حركة الجهاد الإسلامي تعتبر نفسها استجابة لإطروحات المعلم الشهيد سيد قطب رحمة الله الذي مثل المشروع الإسلامي الثوري المعاصر .

        * تجربة المعلم الشهيد سيد قطب وأثر فكره على حركة الجهاد الإسلامي*
        - نبذه عن حياة الشهيد سيد قطب :
        هو سيد قطب إبراهيم حسين الشاذلي ولد عام 1906م في قرية قلوي في صعيد مصر ، حفظ القرآن الكريم في طفولته حيث كانت والدته تريد أن يدرس في المدارس وكان والده يريده أن يحفظ القرآن عندها صمم الشهيد أن يدرس في الكتاتيب ليحفظ القرآن الكريم وفي نفس الوقت يدرس الدراسة المعروفة ، ونشأ سيد قطب في أسرة متدينة ، ودرس في الأزهر ثم التحق بكلية دار العلوم بالقاهرة وتخرج منها بامتياز ، وكان من المشهود لهم بقدرتهم الأدبية الفائقة وكان في بداية حياته وشبابه لا يحمل تصوراً إسلامياً واضحاً وعاش فترة من التيه وانضم فترة من الزمن الى مدرسة العقاد الأدبية وكان يخوض المعارك الأدبية على صفحات الجرائد لصالح العقاد ولكن السيد لم يكن مقلداً وإنما كان صاحب مدرسة أدبية حرة ولذا انفصل عن العقاد فترة من الزمن ، وفي الأربعينيات بدأت كتابات السيد الإسلامية تأخذ حيزاً من عقله وفكره وقلمه فكان كتاب " التصور الإسلامي في القرآن " عام 1945م ومع بدء تميز السيد بوجهه الإسلامي شعرت وزارة التربية والتعليم في مصر بخطورته وخاصة أنه كان يعمل مدرساً ومفتشاً في وزارة
        .................................................. ..................................................
        المعارف ولذلك أرادوا إبعاده بشكل غير مباشر عن مصر بحجة إرساله في بعثه تعليمية لدراسة المناهج التعليمية في الولايات المتحدة عام 1948م كما أنهم كانوا يراهنون على انقلابه على أفكاره وتراجعه عن خطه الذي أختاره لنفسه ، وسافر سيد قطب بواسطة الباخرة وهنا تعرض لمحاولة إسقاط جنسي فأثناء وجوده بغرفته على متن السفينة جاءت إليه فتاه عارية وثمل أي سكرانة ودقت باب الغرفة ففتح سيد الباب فقالت له وهي مترنحة هل لي مكان عندك ؟ فكان التحدي بين ما يطرح الإنسان وبين ما يعيش ولكن سيد كان سيد رجلا من طراز آخر لا يباع ولا يشترى ولا تسقطه الشهوات الرخاص ، فصرخ صرخته القلبية بلسان الحال معاذ الله ثم دفعها وأغلق الباب ن فلقد حسم أمره أنه يرد ان يشد رحالة الى جنات الخلد ن وكان يخطب في المصلين على ظهر الباخرة يوم الجمعة يحدثهم عن الإسلام الطاهر النظيف ، كان يختار طريقه والباخرة تمخر عباب البحر ن وحدثت معه قصه مع امرأة سمعته وهو يحطب الجمعة وتسمع تلاوته للقرآن فأسلمت على يديه .
        ففي البحر كانت البداية الحقيقية وكانت أفكاره تصطدم بأمواج البحر وتخترقه لتعود روحه الى مصر الكنانة التي أحبها ولكنهم أخرجوه منها ، وبعد وصوله الى الولايات المتفرقة الأمريكية ورأى أمريكيا على حقيقتها كتب دراسته " أمريكيا التي رأيت " تحدث فيها عن سفالة وانحطاط الغرب وسقوطه الأخلاقي والإنساني في المستنقع الآسن ، فلم ينبهر بالتقدم التكنولوجي كما انبهر رفاعة الطهطاوي بعربة الرش وكما تغرب طه حسين وعاد يحارب الإسلام بقلمه ، ولكن سيد تمسك أكثر وأكثر بفكره ومبدأه وقال إن أمريكا تنتظر دورها للسقوط في مزابل التاريخ .
        مكث هناك قرابة العامين وهو معبأ بالشوق للعودة الى أرض الوطن ويوم اغتيال حسن البنا رأى الأمريكان يشربون الأنخاب في أمريكيا ويقولون نخيب حسن البنا فقال : هزني المشهد وقلت سأعود الى مصر لأعرف من هو حسن البنا الذي يشربون نخب دمه هنا ، وعاد سيد الى مصر عام 1951م وهناك التحق بجماعة الأخوان المسلمين وبدأ يعمل في مجلة الدعوة وتم إعتقالة في ضربة 1954م وحكم عليه بالسجن 15 عام وكانت فترة سجنه فترة خصبه حيث ألف وكتب العديد من الكتب والمؤلفات وكان على رأسها في ظلال القرآن والذي أبدع فيه إبداعاً كثيراً حيث قال في مقدمة الظلال " إن الحياة في ظلال القرآن نعمة ترفع العمر وتباركه وتزكيه ، عشت في ظلال القرآن أرى الله الكبير المتعال يتحدث إليّ أنا العبد القليل " وكتب كذلك عدة كتب منها ، المستقبل لهذا الدين ، هذا الدين ، في التاريخ فكرة ومنهاج ، العدالة الاجتماعية في الإسلام ، وكان أبرز كتبه وأروعها " معالم في الطريق " وهو الكتاب الذي كان بمثابة أنوار تنير طريق الجيل المؤمن ، وكتب في مقدمته " لهذه الطليعة المرتقبة كتبت معالم في الطريق " وهذه المقدمة كانت تعني أن المعلم
        .................................................. .................................................. ..................
        الشهيد كان مدرسة خاصة داخل الأخوان وكان يعد لبناء جيل غير جيل الأخوان وهذا ما أشار إليه في المعالم ، وتحدث عن الجيل القرآني في بداية الكتاب وعن الجيل ألاستشهادي في آخر الكتاب وكان يوصل رسالته للأجيال والطلائع القادمة عبر هذا المنهج وهذه الرؤية الواضحة المعالم التي كانت غائبة عن فكر الأخوان ن فكان سيد قطب رحمه الله في كتاب المعالم يمثل تيار الجهاد الحقيقي ، وكان من أبرز السمات التي ميزت كتاب سيد قطب المفاصلة والصدام مع الجاهلية والنقاء فكان ما طرحه إما إسلام أما جاهلية ، إما كفر وإما إيمان " إن الحق والباطل على مفرق طرق فإذا سايرناه خطوة واحدة فإننا نفقد المنهج ونفقد الطريق كله " .
        أمضى السيد قطب عشرة أعوام في السجن وخرج بعفو صحي فقد كان مريضاً بالذبحة الصدرية وبالكلى وخرج عام 1964م بعد تدخل الرئيس العراقي السابق عبد السلام عارف ، وبعد الإفراج عنه بعد أن أمضى هذه السنين في مستشفى سجن لمان طره جاء إليه أحد الصحفيين ليزوره ويسلم عليه اسمه " محمود الركابي " فعندما دخل عليه قال له الحمد لله على السلامة يا أستاذ سيد ، الصحة تمام ؟ ولا ينقصك سوى العروسة ، فقال أي عروسة تقصد لكيتهما خلقنا ، قال المعلم الشهيد هل لك في تأويل الأحلام ؟ لقد رأيت البارحة في المنام ثعباناً أحمر يلف نفسه حولي ثم يقترب ، فقال الصحفي هذه هديه سيقدمها لك أحد المؤمنين ملفوفة بخيوط حمراء وإن شئت أحضرتها لك الآن ، فقال المعلم الشهيد ولماذا لا أكون أنا الهدية المقدمة للمؤمنين ؟ ، قال الصحفي أليس بقاء الصالحين أنفع للدعوة ؟ فقال سيد ربما كان ذهابهم أنفع مع أنني لا أتعمد التهلكة ولكني أتعمد الثبات وإن كان في الثبات التهلكة ....
        لعمرك إني أرى مصرعي ولكن أَغذّ إليه الخـطى
        لعمرك هذا ممات الرجـال فمن رام موتاً شريفاً فذا
        وبدأت محنة سيد قطب الأخيرة فتم إعتقالة في عام 1965م للمرة الثانية بتهمة إعداد وتسليح تنظيم إسلامي جهادي ومحاولة قلب نظام الحكم ولذا فإن سيد يعتبر إمام الفكر الجهادي الإسلامي المعاصر ، وتعرض للتعذيب الشديد وكانت معه أخته حميدة ومكث في زنزانة انفرادية حتى ميعاد إعدامه في السجن الحربي وبدأت محاكمته وأثناء المحاكمة كان صوت سيد يزلزل قاعة المحكمة وأركانها ، وكان على رأس المحكمة العسكرية الفريق الدجوي الذي هرب من قطاع غزة عام 1956م وها هو اليوم يحاكم مفسر القرآن ...
        أقترب أحد الضباط من سيد وقال له يا سيد ما معنى كلمة شهيد ؟ قال شهيد :" أن تشهد أن شريعة الله أغلى من حياتك " قال له ماذا تنتظر ؟ قال : قال أنتظر الوفود على ربي .
        .................................................. .................................................. ........
        وصدر حكم الإعدام بحق سيد في 21- 8 – 1966م وأرسلوا إليه أخته حميدة لتقول له إنهم يريدون منك أن تعتذر ليعفو عنك وتصبح وزير الأوقاف ، فقال لها يا حميدة إنني لا أكذب وإنني لن أعتذر عن العمل مع الله فلقد عملت خمسة عشرة عاماً من أجل هذه اللحظة وإن هذه الساعة لطالما دعوت الله أن يقبضني فيها إليه شهيداً أفبعد ما استجاب الله دعائي أتراجع عن الله وإنني لست على صلة بجبهة ما ، وإن إصبع السبابة الذي يشهد بالوحدانية لله في الصلاة ليأبى أن يكتب حرفاً ليقرّ به حكم طاغية فإن كنت سجنت بحق فأنا أرتضي الحق وإن كنت سجنت بباطل فأنا أكبر من أن استرحم الباطل ، وحاولت وفود عربية وإسلامية أن تخلص سيد من حبل المشنقة وتدخل الملك فيصل ولكن الطاغية عبد الناصر سرّع في تنفيذ الحكم وفي ليلة تنفيذ الحكم جاء سجان الى زنزانته وقال له يا سيد قم فإن هناك تسكين في الزنازين " نقل " فقال له سيد هناك تسكين ولكن ليس في السجن الحربي ، هناك تسكين في جنات خلد عند ربي ، قال له السجان مستغرباً ما الذي أعلمك ؟ قال لقد كنت مع الرسول صلى الله عليه وسلم قبل لحظات في المنام وكان يركب فرساً أبيضاً ونزل عن فرسه وصافحني وشدّ على يدي وقال لي هنيئاً لك الشهادة يا سيد ، وتم نقل الشهيد الى سجن الاستئناف لتنفيذ الحكم وأثناء نقله ابتسم ابتسامة عريضة وهو يركب السيارة هذه الابتسامة التي حمّلها كل ما يريد قوله الى الأجيال القادمة ، هذه الابتسامة كانت تعني الكثير وتوحي بالكثير وتدل على الكثير ، ودخل سيد سجن الاستئناف وهو يصافح كل ضابط وكل سجان وهو يبتسم وودع أخته حميدة وامرأته زينب الغزالي وقال لهن إن الأعمار بيد الله وهؤلاء لن يطيلوا ولن يقصّروا أجلي ، وعندما وصلوا الى مكان التنفيذ ودع إخوانه الذين أعدما معه " محمد يوسف هواشي + عبد الفتاح إسماعيل " وقال لهما الى الملتقى في الجنة وجاءوا إليه بشيخ أزهري يستنطقه الشهادة ليقول له قل " لا إله إلا الله " فقال له أمثالك يقولّنيها وقال له " أنا أموت من أجلها وأنت تأكل بها خبزاً " وأرادوا أن يقيدوه فقال دعوا الحبال سأقيد نفسي أتخشون أن أفر من جنات ربي ، ووضع الحبل في عنقه ونفذوا الحكم الظلم بحق معلم الأجيال في 29/8/1966م قبل الفجر واستشهد سيد قطب رحمه الله الذي نشم رائحة دمه الذكية تنبعث من بين سطور كلماته وكتاباته " إن أفكارنا وكلماتنا تبقى جثثاً هامدة لكننا إذا متنا في سبيلها وغذيناها بالدم انتفضت حية وعاشت بين الأحياء " اليوم نذكر قوله " ما هي رزية ولا خسارة أن يستشهد في سبيل الله من يستشهد إنه اصطفاء واختصاص وتكريم ، إن الشهداء هم المختارون " .
        .................................................. .................................................. ......
        ولا زالت كلمات قصيدته العصماء ترن في مسامعنا ...
        أخي أنت حر وراء السدود أخي أنت حر بتلك القيود
        إذا كنت بالله مستعصماً فماذا يضيرك كيد العبيد
        أخي سنبيد جيوش الظلام ويشرق في الكون فجر جديد
        وإن طوقتني جيوش الظلام فإني على ثقـة بالصبـاح
        أخي هل تراك سئمت الكفاح وألقيت عن كاهليك السلاح
        فمن للضحايا يواسي الجراح ويرفع رايتـها مـن جديـد
        أخي إنني ما سئمت الكفـاح ولا أنا ألقيت عني السـلاح
        فأطلق لروحـك إشراقــها ترى الفجر يرمقنا من بعيد
        أخي إن ذرفت علي الدمـوع وبللت قبري بها في خشـوع
        فأوقد لهم من رفات الشموع وسيروا بها نحو مجـد تليد
        فأن أنـا مت فإنـي شهـيد وأنت ستمضي بنصر جديـد
        ولا ننسى أن نذكر أن كتاب معالم في الطريق هو الذي حوّل الدكتور الشقاقي من الناصرية في بداية حياته الى الإسلامية الملتزمة وهي بداية الرحلة وتحول الشهيد الشقاقي نحو الإسلام الحركي الجهادي ، وأيضاً كتب الشقاقي كتيب أسمه " عرض ورؤية على كتاب معالم في الطريق " وجاء في أخره " معذرة أستاذي الشهيد إن كنت قد وضعت كتابك على طاولة التحليل ، معذرة إن كنت أصبت وأف معذرة إن كنت أخطأت ". رحم الله الشهداء .
        ...............................
        يتبع


        أبتاهُ فَقْدُكَ مُوْجِعٌ ، أعياني
        وأقضَّ جَفْني ، والأسَى يَغْشَاني
        واذاق قلبي من كؤوس مرارة
        في بحر حزن من بكاي رماني !

        تعليق


        • #5

          *ثورة الشيخ الشهيد عز الدين القسام وآثارها على حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين *
          - نبذه عن حياة الشهيد عز الدين القسام :
          الشيخ عز الدين القسام هو سوري الأصل ولد في قرية جبلّة في سوريه ودرس في الأزهر بمصر ويعتبر عالماً أزهرياً وبعد إنهاء دراسته عاد الى سوريه مرة أخرى في الوقت التي كانت فيه سوريه محتله من قبل الفرنسيين ، انضم الى صفوف المقاتلين والمقاومين فقاتل الاحتلال الفرنسي بشراسة وببسالة حتى حكم عليه بالإعدام فهرب الى فلسطين وكان ذلك في العام 1921م واستقر في حيفا وأصبح خطيب وإمام مسجد الاستقلال فيها حيث تميز بخطبه الثورية والجهادية الحماسية التي أخذت طابع التحريض على الطابع البريطاني والتنبيه بالخطر الصهيوني المحدق بفلسطين والتحذير من الهجمات والهجرات الصهيونية المتتابعة الى فلسطين والتي كانت تمد بالعتاد والسلاح عن طريق البواخر التي كانت تأتي من البحر وترسوا في الموانئ الفلسطينية، وأخذ القسام يعبئ الجماهير الفلسطينية تعبئة جهادية ، وكان القسام يشهر مسدسه وهو يخطب على المنبر قائلاً " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقتني مثل هذا " ، كما أن القسام عمل رئيساً لجمعية الشبان المسلمين في حيفا وبدأ في التحضير للثورة وبناء تنظيمه الجهادي ، وبعد وقوع ثورة البراق 1929م التي أدت الى مقتل عدد من الإنجليز واليهود واستشهاد عدد آخر من الفلسطينيين ثم الحكم بالإعدام على ثلاثة من الشبان الفلسطينيين بتهمة التورط في الثورة وهم " فؤاد حجازي ، عطا الزير ، محمد جمجوم " وبعد تنفيذ حكم الإعدام فيهم شوهد القسام متجها الى مسجد الاستقلال والغضب يملأ قسمات وجهه وصعد المنبر وخطب حطبه نارية قال فيها " ألم يكن فؤاد ومحمد وعطا إخوانكم ألم يكونوا بينكم في مسجد الاستقلال ها هم اليوم على أعواد المشانق وبعد هذا الحدث بدأ القسام في تشكيل الخلايا الجهادية وركز على الفئة الفقيرة لاستقطابها ، كذلك قام بتنظيم بعض الناس الذين كانوا متورطين في قضايا جنائية بعد أن دعاهم الى الإسلام ونقلهم الى حالة الوعي والثورة ، وبدأ القسام في تقسيم الوحدات والخلايا الى عدة أقسام على النحو التالي : وحدة التعبئة والتحريض ، وحدة التدريب وجمع السلاح ، وحدة جمع الأموال والتبرعات ووحدة التنفيذ وهي التي تقوم بتنفيذ المهمات والعمليات العسكرية بشكل مباشر وبعد ذلك قامت كل وحدة بالمهمة المكلفة بها ، ثم بدأ القساميون بتوجيه ضرباتهم نحو الاحتلال البريطاني ونحو المستوطنين اليهود ونجحت عملياتهم وتمكنوا من قتل العديد من الإنجليز واليهود مما أدى الى إلقاء الرعب في صفوف المحتلين ، وبدأ القسام يحضر للخروج الكبير وإعلان الثورة ولكنه بحاجه الى دعم مالي وكانت القيادات الرسمية في حالة سبات ، فذهب الى القدس واجتمع مع أمين الحسيني ومشايخ القدس وقال لهم بكل جرأة لما رأى منهم من تقاعس وخذلان " لقد كانت أكوار العمائم في صدر الإسلام تنزف دماً عبيطاً ، أما اليوم فلا ترشح إلا قيحاً صديداً ، وقبل خروج القسام من حيفا خطب خطبته الأخيرة خطبة الوداع في مسجد الاستقلال وكانت خطبة مودع بكى فيها وأبكى الناس وأوصاهم بمواصلة الجهاد والثورة ثم خرج مع إخوانه الذين لم يتجاوز عددهم السبعين متوجهاً من حيفا الى جنين وبسبب بعض الأخطاء الأمنية التي ارتكبها بعض المجاهدون والتي تمثلت بقتل أحد الضباط الإنجليز في طريقهم ، ثم اكتشاف مكان وجودهم سهل على العملاء رصدهم ومراقبة تحركاتهم ، وأشاع الإنجليز واليهود والعرب المتعاونين معهم بأن القسام وإخوانه هم عصابة لصوص ، وواصل القساميون سيرهم حتى وصلوا الى أحراش يعبد قرب جنين حيث تم محاصرتهم من قبل قوة من الإنجليز والشرطة العربية التابعة لهم بلغ عددهم 600 فرد ، ولكن شعار الواجب على الامكان الذي رفعه القسام ، وطلبوا منه هو ورفاقه الاستسلام وأغروه بمنصب نائب المفتي ولكن القسام رد عليهم " نحن لن نستسلم هذا جهاد في سبيل الله " ثم التفت الى إخوانه قائلاً " موتوا شهداء على أرضكم " وبعد مواجهة قوية بين القساميين والقوة الإنجليزية ونفاذ ذخيرة القساميون استشهد الشيخ القسام وبعض من كانوا معه في ليلة العشرين 20/11/1935م وأسر الآخرون وانتشر خبر استشهاد القسام وكان خبراً مفجعاً لعشاقه ومحبيه وأصدقائه ، وكتبت عنه الصحافة الفلسطينية وعندما ذكرت أسماء الشهداء ، أكثر من خمسين منهم كان يذكر قبل أسمه الشيخ فلان ، فكانوا مشايخ وعلماء ، وبعد الاستشهاد تبينت الجماهير بأنهم كانوا ثواراً وليسوا لصوصاً ، وكان من أروع ما ذكرته الصحافة هو ذكر فضل وتاريخ القسام ودوره الجهادي الذي لم ينتهي باستشهاده ولكن تأججت الثورة أكثر وأكثر وتواصلت عمليات القساميين ، وتم نقل جثمان القسام الى حيفا حيث تم تشييعه وحملته الجماهير على الأكتاف مسافة عشرة كيلو مترات وهي تهتف باسمه وباسم مشروعه الثوري ، وتم دفنه في قرية الباجور قرب حيفا وكان شهد جنازة القسام رهيباً وكتب صديقه الصحفي أكرم زعيتر يصف هذا المشهد " لقد رأيتك صديقي خطيباً مفوهاً تتكىء على السيف وتهدر من على المنبر واليوم رأيتك تتكىء على الأعناق وما من منبر تقف عليه ولكنك أحطب منك حياً " وبعد رحيل القسام واصل الشيخ فرحان السعدي طريق أسر وحكم عليه بالإعدام وأعدم وهو صائم في رمضان وعمره سبعون عاماً ، وكذلك واصل عيسى خليل من أصدقاء القسام الأستاذ إبراهيم الكبير .
          ولقد كان للقسام تجربته وثورته أثراً للثورة الاسلاميه في فلسطين ، والقائد لأول انتفاضه اسلاميه مسلحة في فلسطين ، ولقد أحب الدكتور الشقاقي الشيخ القسام حباً كبيراً ولذا أختار الشقاقي اسم عز الدين الفارس اسماً حركياً له ، لهذا الاسم دلاله فعز الدين أي أنه اختار اسم القسام والفارس أي المقاتل الذي يمتطي صهوة جواده ولا يترجل ويبقى شاهراً سيفه ، من هنا نفهم العلاقة الجدلية بين عز الدين الفارس والقسام ، هو السر والعهد الروحاني الذي كان ببينهما حتى نفهم هذه العلاقة أكثر ، نذكر أن وجه القسام الحقيقي بقى غائباً حتى أن الشيوعيين اعتبروا أن القسام كان جيفارا بالرغم من أن ثورة القسام أقدم من ثورة جيفارا ، وبقي فكر القسام بعيد عن كل الأمة بفعل الغزو الفكري الذي سيطر على وعي الأمة آنذاك الى أن جاء الدكتور الشقاقي الرائد الأول لطلائع الحركة الإسلامية في فلسطين والتي كتبها في عام 1980م تعبر عن حقيقة تجربة القسام وكان مما كتبه " ويجيء رائد حسيني آخر يدعى عزالدين القسام يرفع كفه ، كف عجوز جاوز الستين من عمره وفي وجه بريطانيا القبيح وربيبتها الصهيونية ، ويسقط القسام شهيداً حسينياً فوق جبال فلسطين فيمتص الشجر روحه المشتعلة ويدخل في قمح الفقراء وفي خوابي الماء ن يأتي الى دمنا فرحاً لا ينتهي القسام ، امتزج بكل طمي فلسطين وآن لنا أن نلملمه " وكذلك فأن الشقاقي هو الذي حث الكاتب سميح حمودة على كتابة كتاب قصة حياة وجهاد الشيخ القسام ، وذكر الكاتب حمودة في إهداءه الذي كان يعني به الشقاقي " الى الفارس الذي علمني كيف أمتطي صهوة التاريخ ، ومما يدل على هذا الحب أيضاً ما كتبه الشقاقي في خاطرة صوّر بها زيارته لجنين فقال فيها " مرت الدقائق وتجاوزت السيارة مدينة جنين أشار صديقي بيده باتجاه محدد ، القرية هناك خلف الأحراش ، قشعريرة تهزني ، نشوة تتملكني ، حاولت أن أغالب دمعي دون جدوى إذاً هنا محط رحالي ومهراق دمه مولانا الشيخ القسام القادم من جبلّه حتى دميت قدماه الى يعبد يغسل أرباح الناس المسلوبة برفع بندقيته في صدور العساكر وهو يتكامل ضد التجزئة " فعلاقة عز الدين الفارس بعز الدين القسام هي علاقة القلب والروح والفكر والتي صنعت الأجيال المقاتلة ولا زالت هذه العلاقة


          أبتاهُ فَقْدُكَ مُوْجِعٌ ، أعياني
          وأقضَّ جَفْني ، والأسَى يَغْشَاني
          واذاق قلبي من كؤوس مرارة
          في بحر حزن من بكاي رماني !

          تعليق


          • #6

            تكملة.......................
            مستمرة نحو بناء الجيل المقاتل المواصل للطريق الذي لا يترجل رغم قلة الامكان ويرفض رشوة المستقبل المؤمّن في سبيل انتصار المبدأ ، إذا حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين هي تواصلاً لدرب وخطى القسام وإحياء أسطورة جهاده في ذاكرة الشعب والأمة .

            الفصل الثاني
            بداية النشأة الحركية التنظيمية لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين
            مصر ، الزقازيق " النواة الصلبة " 1974م
            نبذه عن حياة الدكتور المؤسس الشهيد فتحي الشقاقي " أبو إبراهيم :
            هو فتحي إبراهيم عبد العزيز الشقاقي " أ . إبراهيم " من مواليد رفح سنة 1951م ، هاجرت أسرته من قرية زرنوقه عام 1948م قضاء الرملة وتلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في مدارس رفح وكان من الطلبة المتفوقين جداً التحق بدائرة الرياضيات في بيرزيت وحصل على دبلوم في الرياضيات وعمل مدرساً ثم أعاد امتحان الثانوية العامة مرة أخرى ليحصل على معدل عالي ، والتحق بكلية الطب بجامعة الزقازيق في مصر 1974م ، ثم التحق بعد عام 1967م بجماعة الأخوان المسلمين بعد قراءته لكتاب معالم في الطريق لسيد قطب وأثناء وجوده في مصر لدراسة الطب بدأ بإعداد نواة الطلبة الأولى لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين ، وتم اعتقاله في سجن القلعة عام 1979م ، وفي العام 1981م عاد الى قطاع غزة بعد إنهاء دراسته فأسس حركة الجهاد الإسلامي ، وتم إعتقالة من قبل إسرائيل 1983م وقضى " 11 شهر " للمرة الأولى ، ثم اعتقل مرة أخرى 1988م وحكم عليه بالسجن أربع سنوات ونصف وتم إبعاده قبل إنهاء حكمه في 1/8/1988م الى لبنان .
            قام بتأسيس قواعد إعلاميه وسياسية وعسكرية للحركة في الخارج ، تم انتخابه أميناً عاماً للحركة في عام 90-91م عن طريق مؤتمر الحركة بإجماع مجلس الشورى ، متزوج وله ثلاثة أبناء " خولة وإبراهيم وإسامة " ، تم اغتيال الدكتور من قبل الموساد الإسرائيلي في مالطا بتاريخ 26/10/1995م أمام فندق الدبلوماسي .
            الشهيد الشقاقي هو أبرز مفكري ومؤسسي الحركة وهو الجدار الحقيقي للجهاد الإسلامي عبر رؤاه واطروحاته الفكرية والسياسية .
            أهم مؤلفاته :
            - " المنهج " مركزية فلسطين لماذا وكيف ؟ ، الخميني الحل الإسلامي والبديل ، رحلة الدم الذي هزم السيف ، فتح من الانطلاقة الى البقاع ، الخروج الكبير ، السنة والشيعة ضجة مفتعله ، التاريخ لماذا ؟ ، المرأة المسلمة دور ومهام جديدة ، بالإضافة الى عدد كبير من المراسلات والمقابلات الصحفية والمقالات والتحاليل السياسية وبيانات لتأبين الشهداء ومحاضرات وندوات وبيانات أخرى في مناسبات أخرى وقصائد شعرية ومعظمها مجموع الآن في مجلدات الأعمال الكاملة التي قام بجمعها الدكتور المصري رفعت سيد أحمد .
            بداية النشأة الحقيقية :
            بعد وصول الدكتور الشهيد الى مصر لدراسة الطب في العام 74م بدأ بإعداد جيل قادر على تحقيق طموحاته وأفكاره وذلك بعد اصطدامه فكرياً مع الأخوان المسلمين الذي اضطر للعمل في إطارهم فترة من الزمن لعدم وجود بدائل إسلامية فلقد كان معهم ولم يكن منهم لأنه كان صاحب رؤية فكرية خاصة تختلف عن أطروحتهم فلذلك هم لم يرغبوا أن يكون هو منهم لأنه يتنافى مع أطروحتهم السياسية وغيرها فكانت أطروحته جهادية وتقديم الواجب على الامكان وبوجوب الجهاد الإسلامي في فلسطين .......... .
            وبعد ذلك قام بتشكيل ما عرف بمعسكر التدريب والإعداد والذي سماه معسكر الصحابي الجليل " سماك بن خرشة " أبو دجانه الأنصاري وهذا المعسكر ضم قرابة الـ 60 كادراً كانوا بمثابة النواة الأولى والنخبة الرسالية لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين ، وبدأ أ. إبراهيم رحمه الله حواراً ثقافياً سياسياً فكرياً مع هؤلاء الإخوة وكانت غاية هذا الحوار هو الإجابة على السؤال الفلسطيني الملّح ودراسة التجارب والأخطاء التي وقعت فيها الثورة الفلسطينية والحركة الإسلامية التقليدية ، والبحث عن الضمير الحقيقي الذي سيحمل وجه القضية ، وقد كانت العناوين الثلاثة " الإسلام ، فلسطين ، الجهاد " هي الدائرة التي تحيط بالحوار ففلسطين هي القلب ونواة المشروع ومركزية الصراع ، ولقد كان من بين هؤلاء الستين كادراً الذين رباهم أبو إبراهيم الدكتور رمضان شلح ود. محمد الهندي ود. بشير نافع و د.جميل عليان والشيخ نافذ عزام والشيخ عبد الله الشامي وقام هؤلاء الإخوة بتوجيه من الشقاقي بصياغة الركائز المركزية والخطوط العريضة للحركة .
            ونريد أن نذكر هنا سبب التسمية لمعسكر أبو دجانه فلقد أحب أبو إبراهيم هذا الصحابي حباً كبيراً وكان له في وجدانه وذاكرته وقلبه معنى ودلاله رمزية ن فمن هو أبو دجانه ؟ ولماذا سمي المعسكر باسمة ؟ وماذا كان يعني للجهاد الإسلامي ؟ إن أبو دجانه هو بطل من أبطال معركة أحد التي ميزت بين الذين يريدون الدنيا والذين يريدون الآخرة ، أحد التي بقي الرسول يستغفر لشهدائها حتى أيام مرض موته ، وفي آخر صعود له على المنبر ذكرهم واستغفر لهم وذلك لأنهم هم الرجال الصادقون الذين لم يخذلوا في ساعات الشدة واستشهدوا دونه ، وبكاهم بكاء الحبيب لأحبته ، في أحد برز الاستشهاديون العظام في خضم المعركة بينما الدماء تسيل والأشلاء تتطاير يقف الرسول صلى الله عليه وسلم يرفع سيفه قائلاً " من يأخذ هذا السيف بحقه فيقبل القوم ويقولون وما حقه يا رسول الله فيقول صلى الله عليه وسلم أن تضرب به حتى ينحني ، فأحجم القوم ، وهنا تقدم أبو دجانه وقال أنا آخذه بحقه يا رسول الله فيرفع إليه النبي سيفه المقدس وهو يعرف حق المعرفة لمن يعطي سيفه .
            أبو دجانه في يوم أحد في ساعة البأس ينبري حاملاً سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخرج عصابة حمراء يعصب بها رأسه فتقول الأنصار أخرج أبو دجانه عصابة الموت ، ثم يمشي يتبختر بين الصفوف فيقول الرسول إن هذه مشية يبغضها الله إلا في هذا الموضع ، ويمضي أبو دجانه يهد الكفار وصفوفهم بسيف الرسول ولا يتراجع حتى انحنى السيف ولم يكتف بهذا الدور ولكنه عندما رأى النبي صلى الله عليه وسلم يسقط في الحفرة التي حفرها أبو عامر الفاسق وانكشف الرسول صلى الله عليه وسلم وأصبح في مرمى نبل الكفار قفز أبو دجانه على فتحة الحفرة مغطياً على الرسول صلى الله عليه وسلم وفادياً له لنقع السهام والنبال في جسده ليصبح ظهره كالقنفذ ، ولسان حاله يقول : دمي دون دمك وعيني دون عينك ونفسي دون نفسك والسلام عليك يا رسول الله غير مودع ، هذا هو أبو دجانه الذي أحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحب ذكراه الشقاقي بعد قرون وأراد لحركته المجددة أن تحمل رسالته ، وأراد لأبنائه أن يكونوا على مستوى حامل سيف الرسول يوم أحد ، هذا هو السد الذي نقبنا عنه في التاريخ وفي قلب الشقاقي فأخرجه لنا ، فكان الجهاد الإسلامي مشروع شهادة للمتقدمين في زمن المتراجعين ، لعشاق الرحيل في زمن الحريصين على الدنيا بأي ثمن ، ونشير هنا الى أن أبو دجانه رضي الله عنه لم يستشهد في معركة أحد برغم هذا الدور الاستشهادي الكبير ولكنه استشهد في حديقة الموت في اليمامة في حرب المرتدين بعدما فتح باب الحديقة وكسرت ساقه وأبلى بلاء حسناً واستشهد ...اللهم اجعلنا مثل أبو دجانه ...




            أبتاهُ فَقْدُكَ مُوْجِعٌ ، أعياني
            وأقضَّ جَفْني ، والأسَى يَغْشَاني
            واذاق قلبي من كؤوس مرارة
            في بحر حزن من بكاي رماني !

            تعليق


            • #7

              اللقاء الأول بين الشقاقي والدكتور رمضان عبد الله شلح " أ. عبد الله " :
              لقد بحث أبو إبراهيم عن حواريين له في الزقازيق وفي منافي الترحال والعذاب وهو ينادي من أنصاري الى الله ، ولقد هيأ الله له رفاقاً صالحين وأصحاباً أوفياء وتلاميذ نجباء ولقد أخبروه أن هناك شاباً فلسطينياً يكتب الشعر اسمه رمضان شلح وأنه يثق بنفسه وشعره كثيراً فقال لهم ائتوني به ، فجاء الى الدكتور فتحي وعندما تقابلا تفاجئ الدكتور رمضان بعبقرية الشقاقي وطريحته الشعرية ولكن الشقاقي لم يكن الشعر غايته إنما كان وسيلته ، ولقد صور الدكتور رمضان هذا اللقاء بعد استشهاد الدكتور فتحي بعبارة رائعة " عرفته قبل 20 عاماً وحينما وقعت في أسره أدركت أنني ولدت من جديد ، ما دلني عليه غير الشعر لكنه حينما ترجل عن صهوة جواده سلبني وتر اللغة التي وهبها لي ودفعني عن حصان النشيد وألزمني مقبض السيف وكان على وجهه ابتسامة النصر وحكمة الدهر ، إن الشهادة هي ربيع الشعوب حيث تقبل عليهم كأسراب النحل على أزاهير الحياة وشهد السيوف ، لقد كان من بيننا الرجل ، البندقية التي لا تنكسر ، ومن الداخل هشاً كالحمامة وقريباً منا كالمطر ودافئاً كبحر أيلول ، كان ممتلئاً حباً وعشقاً ووعياً وثورة من قمة رأسه حتى أحمص قدمه " ، وبعد اللقاء عرف أبو عبد الله شلح سر أبو إبراهيم الشقاقي وأمانته وسيفه الذي حمّله إياه ليمضيا نحو بيت المقدس حيث وعد الآخرة وبوابة السماء وورود الزمن الآتي هما وبقية الرعيل الأول للحركة ، ولقد وضح أ. إبراهيم ماهية الجهاد الإسلامي بقوله كنا في حركة الجهاد الإسلامي حلا للإشكالية التالية " وطنيون بلا إسلام ، وإسلاميون بلا فلسطين " ولقد صاحب نشأة حركة الجهاد ظروفاً وأوضاعاً وتجارب وثورات كثيرة ، كان أهمها وأبرزها ما وقع في مصر أثناء وجود الشقاقي ورفاقه في الزقازيق هو ما وقع بداية عام 1974م في الكلية الفنية العسكرية عن انقلاب عسكري قاده الشهيد الدكتور صالح سرية وهو فلسطيني الأصل من مواليد حيفا وضابط سابق في قوات التحرير الشعبية في العراق وهو حاصل على شهادة الدكتوراه في الشريعة الإسلامية وشهادة الدكتوراه في العلوم العسكرية ، ولكن الانقلاب الذي قاده فشل والقي القبض عليه وعلى مجموعته وحكم عليه بالإعدام وتم تنفيذ الحكم عام1975م ولقد غطى الشقاقي ورفاقه هذه الأحداث في مصر والعالم عبر كتاباتهم في مجلة المختار الإسلامي والطليعة الإسلامية ، وكانوا يكتبون في المجلات تحت أسماء حركية حتى أن كل الكتاب المصريين ومنهم الكاتبة المصرية صافيناز كاظم كانت لا تعرف إلا أن اسمه عز الدين الفارس ، وكانت هذه الكتابات قوية ورائعة وعبرت عن مستوى راقي من الوعي والفهم والفكر ، وفي هذه الفترة كانت تتعاظم بشارات الانتصار للثورة الإسلامية في إيران ولقد تنبأ الشقاقي بانتصار الثورة الإسلامية في إيران في دراسته " رحلة الدم الذي هزم السيف " وفي كتابه " الخميني الحل الإسلامي والبديل " الذي صدر عام 1979م واعتقل الشقاقي على اثر هذا الكتاب وسجن في سجن القلعة وفي الزنازين ، كان يرسم على الجدار صورة على أنها صورة الحسين عليه السلام ويخاطبه أثناء وجوده في الزنزانة قائلاً له ، لولاك ما سجنت ولولا أنني آمنت بأفكارك الثورية لما كنت هنا ، وهذا يعبر عن نفسية الشقاقي عبر أحبابه الذين يسكنون وجدانه وعقله وروحه ، الرسول الأعظم والإمام الحسين والقسام وسيد قطب وأبو دجانه هذا هو إذا ما كان يريده الشقاقي وهذه إذا حقيقية خطه .
              كرر علي حديثهم يا حادي فحديثهم يجلو الفؤاد الصادي
              هذه هي حقيقة الشقاقي رحمه الله وحقيقة الى أين كانت روحه تتوق السفر .


              الثورة الإسلامية في إيران وبشائر الانتصار للمستضعفين والمحرومين :
              وهنا نود أن نتطرق الى أبرز أحداث الثورة الإسلامية في إيران التي قادها الإمام الخميني من المنفى عبر توجيهاته وخطبه المسجلة على أشرطة الكاسيت التي كانت ترسل من منفاه في فرنسا الى الجماهير المسلمة في إيران ولذا سميت الثورة الإسلامية باسم ثورة الكاسيت ، ويجدر الإشارة هنا أيضاً أن المفكر الشهيد الدكتور على شريعتي فيلسوف الثورة والذي تم اغتياله عام 1977م في لندن وكان له دور كبير عبر كتبه في صنع جيل الثورة , وكان يقول " ما دمت حياً أرزق فإن لي دور في الحياة لم أتممه بعد وإلا كان من المفروض أن تكون عظامي قد بليت منذ سنين وسيظل هؤلاء الجلادون يتحسرون على سماع كلمة آه مني " ، وبدأت الجماهير الإسلامية من إيران تواجه النظام العميل نظام الشاة أكبر نظام عميل لأمريكا والصهيونية في العالم فقد كانت الدبابة الصهيونية تسير بالبترول الإيراني ، ولقد قام جهاز السفاك القمعي بقمع وتعذيب قادة الثورة واستخدام أسلوب الأفران والحرق بالنار وواجهت الجماهير المسلمة الجيش الإيراني وآلة بطشه في الشوارع واستشهد الكثير من العلماء وقادة الثورة وبدأ عرش الشاة يهتز وأرسل الإمام الخميني الى الشعب الإيراني أن أقذفوا الدبابات بالورود فانهار الجيش وتحول في صف الثورة وسقط الشاة وانتصرت الثورة الإسلامية بفعل دم أبنائها وتوفيق من الله وعاد الخميني من المنفى الى طهران واستقبله الجماهير استقبالاً كبيراً ، فلقد كان له مكانة كبيرة عندهم ، ومضت إحدى الفتيات الإيرانيات الى قبر أخيها الشهيد وهي تبكي وتقول " قم يا أخي لقد انتصرنا لقد عاد الإمام " ، ومن إنجازات الثورة أنها حولت السفارة الإسرائيلية في طهران الى سفارة فلسطين وتم حبس من في السفارة الأمريكية مدة عام ، وأعلن الإمام حربه على أمريكا الشيطان الأكبر وعلى الكيان الصهيوني الذي أسماه الغدة السرطانية ، وأطلق يوم القدس العالمي في الجمعة الأخيرة من رمضان تضامناً مع القدس وفرح المسلمون والمستضعفون بهذا النصر ، فلقد كان هذا النصر بسمة ونورا في زمن الحزن والعتمة ، ولقد اعتبرت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين أن الثورة هي ثورة إسلامية وأن هذا النموذج هو نموذج يحتذى به ولقد دافعت الحركة عن الثورة في وجه الذين وصفوها بأوصاف كفرية وبأنها ثورة شيعية منحرفة ، والذين أطلقوا هذه الأوصاف هم أعداء هذه الامه والجهال الذين أرادوا وقف تصدير هذه الثورة ولذا فإن الشعار الذي رفعته هذه الحركة هو قوله تعالى " إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون " بمعنى أن السنة والشيعة هما جناحا الأمة المسلمة وأن الشيعة الجعفرية هي شيعة مسلمة وأننا ندعو الى تجاوز الخلافات بين السنة والشيعة ، وهذا هو موقف الدكتور الشهيد الشقاقي في دراسته " السنة والشيعة ضجة مفتعلة " ، ورغم هذا الوضوح المعلن عن موقفنا بأننا ساندنا الثورة ولم نساند المذهب إلا أن بعض الحاقدين أرادوا وقف مسيرتنا عبر إلصاق تهمة التشيع بالجهاد الإسلامي والجهاد منها براء وهناك بعض العناصر تشيعوا ولكن هؤلاء لا يمثلون الحركة فإن حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين لم نكن يوماً ولن تكون شيعيه أو داعية الى التشيع ، ولكن حرص الحركة كان هو حرص على وحدة الأمة في زمن الهجمة الشرسة وحرصها على العودة الى الإسلام المحمدي الأصيل وها هي اليوم تنقشع هذه السحابة فكل الذين تحفظوا على الثورة الإسلامية الإيرانية في الماضي ها هم اليوم يرتمون في أحضانها ليؤكدوا صوابية طرح الجهاد الإسلامي الذي هي حركة ذات قرار مستقل وليس لإيران سلطه على الحركة لا من قريب ولا من بعيد كما زعم الزاعمون ويبقى اليوم موقفنا من الجمهورية الإسلامية بقدر قربها من العناوين الثلاثة " إسلام – فلسطين – جهاد " وإن ولائنا هو لله وللرسول وللسلف الصالح من الصحابة ولقيادتنا الممثلة لهذا المنهج .
              وكان انتصار الثورة الإسلامية في إيران في 16/2/1979م ومن عظمة انتصار الثورة والبشرى التي حملتها في طياتها للأحرار والنور الذي انبثق من دم شهدائها في طهران ورغم أنها جاءت بعد اتفاقية كامب ديفيد الخيانة 1977م بين مصر والكيان الصهيوني والتي وقعها الخائن السادات المتاجر بالعقيدة والوطن مع بيغن والتي قصمت ظهر المقاومة والقضية ، فزرعت الثورة الإسلامية الثورة الأمل بالانتصار رغم الخيانات ورغم المؤامرات ورغم طغيان القوى المتكبرة ، وفي عام 1980م أصدر الشقاقي دراسته " القسام الرائد الأول لطلائع الحركة الإسلامية في فلسطين " .
              طلقات الاسلامبولي تثأر وتنتقم الى الأمة من السادات في 6/10/1981م :
              تفاصيل قضية اغتيال السادات وتنظيم الجهاد المصري :
              ومن الأحداث المثيرة التي وقعت في مصر أثناء وجود الشقاقي هناك وأثرت في مسيرة الحركة وفكرها ، هو ما قام به تنظيم الجهاد المصري من اغتيال الطاغية السادات ، وقبل التفصيل في موضوع الاغتيال نود أن نلقي الضوء على تنظيم الجهاد المصري ، فالتنظيم من ناحية فكرية يتبنى اطرواحات سيد قطب في معالم في الطريق أي يتبنى المواجهة المسلحة مع النظام المصري وهذا ما أورده قائد التنظيم الميداني العقيد محمد عبد السلام فرج في كتابه " الجهاد الفريضة الغائبة " والذي تحدث فيه عن شرعية مقاتلة الأنظمة الكافرة والحكام الطواغيت وبناءً على هذه الرؤية قام هو والمقدم عبود الزمر وهو مقدم في الاستخبارات العسكرية المصرية بتأسيس تنظيم الجهاد ثم بحثوا عمن يكون أميراً عاماً


              أبتاهُ فَقْدُكَ مُوْجِعٌ ، أعياني
              وأقضَّ جَفْني ، والأسَى يَغْشَاني
              واذاق قلبي من كؤوس مرارة
              في بحر حزن من بكاي رماني !

              تعليق


              • #8

                تكملة.........................
                للتنظيم ويستطيع ان يملأ هذا المكان وأن يكون بمستوى منصب أمير إسلامي فوقع اختيارهم على الدكتور عمر عبد الرحمن وهو رجل ضرير من علماء الأزهر حاصل على شهادة الدكتوراه في الشريعة الإسلامية وتميز بنزاهته وصدقه وبكونه عالم رباني ولذا وقع عليه الاختيار ، وكذلك كان سر اختياره إعطاء صبغة شرعيه لأعمال التنظيم ، وكان من بين هذه الأعمال اغتيال السادات وأفتى الدكتور عمر بجواز قتله وبدأ التخطيط لاغتيال السادات فقام عبود الزمر بالمحاولة الأولى لاغتياله ولكنها فشلت وصار عبود مطلوباً على إثرها وبدأ السادات على أثر ذلك وقبل هجومه على الإسلاميون وخاصة على أصحاب المواقف الثائرة منهم الشيخ أحمد المحلاوي خطيب الإسكندرية والذي اعتقله وقال عنه السادات " هيو مرمي في السجن ذي الكلب " فثارت ثائرة الملازم أول خالد الاسلامبولي وقرر العمل بسرعة لاغتيال هذا الطاغية وعرض الفكرة على التنظيم وعلى العقيد فرج الذي نصحه بالتمهل وعدم التسرع في التنفيذ ولكن خالد كان متحمساً جداً وعلم خالد بأن هناك عرض عسكري سيحدث في منصة السادس من أكتوبر بمناسبة ذكرى حرب 1973م وبأن هذا العرض سيحضره السادات شخصياً فبدأ خالد التخطيط والاتصالات بمجموعة من رفاقه وخوانه الذين يعملون في الجيش وهم الملازم حسين عباس القناص الأول على الجمهورية في الرماية لمدة ست سنوات ، وعطا طايل وعبد الحميد عبد السلام ولكن المخابرات المصرية استبعدت خالد ورفاقه من العرض بسبب اشتباههم بنشاطات خالد ولكن خالد كان مصراً على تنفيذ حلمه واستطاع أن يدخل بشكل غير رسمي دون علم المسئولين هو ومجموعته الى وحدات العرض العسكري وكان ذلك بمتابعة التنظيم والعقيد محمد عبد السلام وأما المرحلة الثانية كيفية إدخال الذخيرة وابر النار تسحب من البنادق في مثل هذه العروض وبتوفيق من الله نجحت المرحلة الثانية وتمكن خالد ومجموعته من استلام الأسلحة والركوب في إحدى المدرعات والدخول الى ساحة العرض العسكري وكانت مهمة حسين عباس إطلاق الطلقة الأولى باعتباره القناص والهدف رقبة السادات لأنهم توقعوا أن يلبس السادات درعاً واقياً من الرصاص على صدره كعادته ، ولكن السادات لم يلبس في ذلك اليوم الدرع وفي ذلك اليوم قالت له زوجته " جيهان " لماذا لا تلبس الدرع فقال لها : البدلة شيك والدرع بيخرب الشياكة ، وكذلك كان سبب إسناد هذه المهمة لحسين لأنه لا يستطيع القفز والركض لأصابته بمرض القلب ، وفي قمة فرحة السادات الفرعون وفي غمرة سعادته وهو يتابع العرض العسكري جاء رتل من المدرعات في عرض عسكري وصلت مدرعة خال ورفاقه وتوقفت أمام المنصة مباشرة وأمام مكان جلوس السادات فقام لتحيتهم فأطلق الملازم حسين عباس الطلقة الأولى على رقبة السادات والتي كانت كفيله بقتله من بندقية رشاش فبعدها قفز خالد الاسلامبولي وألقى قنبلة دخانية وعدة قنابل أخرى وبدأ بإطلاق النار على السادات من " كارلوستاف " وأفرغ المخزن في جسد السادات ولكن الحرس ضرب خالد بمقعد حديدي فتعطل الكارلو ، ولم ينس خالد وهو يطلق النار على الخنزير السادات أن يردد ثأراً للشيخ الحملاوي " إحنا كلاب يا كلب " وبعدها أصيب خالد والقي القبض عليه وعلى بقية المجموعة ، وأثناء نقل خالد الى المستشفى فقال له أحد الضباط ليستفزه بأن الرئيس لم يمت فأجابه خالد بلسان الواثق من موت الرئيس " دنا مفرغ الخزنة فيه " وكانت مجموعة أخرى قد ذهبت الى مبنى الإذاعة والتلفاز لإلقاء بيان عسكري يعلن الانقلاب على النظام وإعلان الثورة الإسلامية ولكن الضابط الكبير في الجيش عبد الحليم أبو غزالة قد انتبه للخطة فطوق المبنى بالمدرعات واستطاع إلقاء القبض على المجموعة الثانية والسيطرة على المبنى وتم الإعلان رسمياً في التلفاز المصري عن اغتيال السادات بعد إطلاق النار علية بفترة زمنية ونقل الى المستشفى في 6/10/1981م وتم تعيين محمد حسني مبارك مكانه وكان قتل السادات يمثل قتل الحقبة الخائنة بأسرها وبدأت الاعتقالات في تنظيم الجهاد وأقي القبض على الدكتور عمر عبد الرحمن والعقيد محمد عبد السلام فرج والمقدم عبود الزمر وعلى مجموعة كبيرة من أفراد وكوادر التنظيم وبدأت محاكمة المجموعة عسكرياً وكان خالد يظهر في المحكمة بلباس أبيض وهو يرفع إصبع السبابة ويقول " أنا خالد الشهيد أنا قاتل الفرعون " واستمرت المحكمة عدة شهور وصدر الحكم بحق المجموعة بالإعدام رمياً بالرصاص وفي يوم صدور الحكم جاء المحامي برفقة والد خالد ليزوره في السجن وكانا متأثرين بسبب الحكم فأخذ خالد يواسيهما ويخفف عنهما وقال لهم لقد احتسبنا أنفسنا شهداء منذ السادس من تشرين يقصد يوم اغتيال السادات 6/10/1981م فبكى الحضور وكانوا قد أحضروا معهم بوظة وقالوا تفضل يا خالد فقال إني صائم ، وتم تنفيذ حكم الإعدام في الأقمار الخمسة بتاريخ 14/4/1982م ، والأقمار هم الشهيد حسن عباس والشهيد عطا طايل والشهيد خالد شوقي الاسلامبولي والشهيد محمد عبد السلام فرج والشهيد عبد الحميد عبد السلام ، وتم السجن لفترات طويلة على باقي أعضاء التنظيم مثل عبود الزمر 25 عام وحكم على قضايا أخرى بعد ذلك ووصل حكمة بعد ذلك الى 40عام وحكم على أخيه طارق 22عام ولا زال هؤلاء الأخوة في السجون المصرية من عام 81م حتى كتابة هذه الدراسة أما الدكتور عمر عبد ارحمن فتم حكمه بتهمة الفتوى وإمارة التنظيم بعد مناظرات طويلة للمحكمة وهذه المناظرات تم جمعها فيما عرف فيما بعد بكتيب " كلمة حق " " أيها المستشار غضب بغضب وسوط بسوط والله بالمرصاد " وكانت القاعة ترتج بفعل صرخات إخوانه في القفص مرددين " فإن قتلوك يا عمر ابن أحمد فإن الله يختار الشهيد " وتم تبرئة الدكتور عم من القضية وتم الإفراج عنه ، ويجدر هنا أن نذكر أنه معتقل حالياً في الولايات المتحدة ومحكوم عليه بالسحن المؤبد .
                ومن مقولات خالد الاسلامبولي في المحكمة :
                " واعلم أيها النائب مهما ابيضت شعوركم واسودت أنك لن تستطيع أنت ولا جنودك أن تنال من احد شيئاً إلا بإذن الله ".
                " واعلم أن دولة الباطل ساعة وأن دولة الحق الى قيام الساعة " .
                " واعلم أنه من يأتي ربه مجرماً فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا " .
                وعلى اثر اغتيال السادات وبسب كتابة الدكتور الشقاقي عن اغتيال السادات وتأييده له عن طريق المقالات في المجلات والجرائد المصرية أصبح الدكتور مطلوباً للقوات المصرية ، وكان قد أنهى دراسة الطب وحصل على البكالوريوس فعاد الى فلسطين تهريب عبر الحدود الى قطاع غزة الى رفح ليؤسس حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين عام 1981م وكان شعار الحركة " سرّية التنظيم والكيف لا الكم " ، ولقد تأثر الشقاقي بالشهيد الاسلامبولي وذكر أنه عبّر برصاصته عن أخلاقه وطموحاته ، ولقد ذكر الشقاقي في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد خالد الاسلامبولي هذه المعاني في بيانه الذي رثى فيه خالد وكان مما جاء فيه " ما أصعب أن يتحدث الفنون من البشر أمثالي عن الشهداء الخالدين ، الفارس الذي حكموا عليه بالخلود يجيء اليوم في ظهيرة السادس من تشرين ينزع عن أفئدة الناس الخوف والعجز ، خالد أين كنت قبل السادس من تشرين ؟ وهل أنت الواجب الذي تحرر من أسر الامكان ؟! ، أأنت الذي كان يوماً يلبس قميصي وأبس قميصه يوماً ؟! ولا أراه يشرب نصف الحليب ونصف القهوة ولا أراه ؟! أأنت الذي كنت أنظره من نافذتي بينما هو في دمي يسري ؟ أأنت الذي كنت أحدث عنه الأحبة والناس فيمرون ثقالاً وأبقى لدمعي وصلواتي ؟ وها أنت جئت اهتزت على وقع طلقاتك كل مدن النفط ، اشتهت أن تبصق نفطها في وجه أمراءها وتعود ثانية ثغوراً ، خالد أيها القادم من النيل .. من الصعيد .. من ساحات الأزهر .. من مصانع الحديد والصلب التي أغلقوها من جوع الصبية حول القصر ، من أنين الثواني .. ومن بلاد ضيعها الأمراء ، عبثاً يستريح المحارب يا خالد ، أيها الولد الطيب والأمير الجميل ، خالد انتشر في الأفق ، أ نا القدس افتح إليك أبوابي الليلة ، فأت وخذني الى راحتيك ، أنا القدس فامتشق دمي يا محارب كل العصور ".
                رحم الله الاسلامبولي قاتل فرعون الخائن الذي أكد أن لكل ظالم نهاية وأن التاريخ والأجيال لن يرحموا من يفرط في بتاريخ الأمة ووطنها وشهدائها .
                وجرى الدم الدفاق يخطر في يا إخوتي استشهدت فاحتسبوني
                ولا تحزنوا إني لربـي ذاهب أحيا حيـاة الحـر لا السجـون


                أبتاهُ فَقْدُكَ مُوْجِعٌ ، أعياني
                وأقضَّ جَفْني ، والأسَى يَغْشَاني
                واذاق قلبي من كؤوس مرارة
                في بحر حزن من بكاي رماني !

                تعليق


                • #9
                  تكملة.........................

                  الفصل الثالث
                  أولا: التأسيس الحقيقي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وظهورها كتنظيم على أرض فلسطين عام 1981م ..
                  بعد عودة الدكتور الشقاقي وبعض رفاقه الى قطاع غزة بدأ العمل الدءوب الذي كان غايته نشر فكر الحركة واستقطاب الجماهير لمشروع الحركة وتنظيم الشباب المميز الملتزم ، وكانت أهم الوسائل المتبعة في تحقيق هذه الغاية أسلوب الخطب والجلسات في المساجد وعقد المحاضرات والندوات وتوزيع الكتب والكتيبات والنشرات التي تخدم برنامج الحركة وتحمل خطها العام والتي بدأت تلمس جرح الجماهير بطرحها وتكون بلسمها الشافي ، وكان هناك إقبال على هذه النشرات والكتب وتعاطف مع هذا التنظيم السري الصغير الجديد الغامض بالنسبة لكثير من الناس ولأن الجماهير كانت قد سئمت الاطروحات الأخرى وروتينها وفساد التنظيمات التي كانت تروج لها واليأس الذي عاشه الشعب الفلسطيني بعد تجارب مريرة والذي عيشته به ما يسمى بمنظمة التحرير الفلسطينية وأوصلت الشعب الى حالة من الموت السريري للجسد فلذا كان الجهاد الإسلامي قدر حياته الجديد وجاء روحاً تري في الشعب والأمة ... روحاً انتفاضية أحيت جسد فلسطين في نعش القضية فلم يكن الجهاد الإسلامي تنظيماً يضاف الى عدد التنظيمات وكما تحدث الشقاقي عن الجهاد الإسلامي عندما سأل عن دوره الحقيقي فقال " إن فلسطين هي القضية المقدسة ولا بد للقضية المقدسة من ضمير مقدس وتصر حركة الجهاد الإسلامي على أن تكون ضمير القضية المقدسة وستبقى في كل الأحوال " .
                  وبدأت الحركة وقواعدها تنتشر في كل مكان وشعارها الأيمان والوعي والثورة ، وكان أبو إبراهيم يحث أبناء الحركة على القراءة الواعية وكان يقول " إن مشكلتنا هي أن أمة أقرأ لا تقرأ لا تقرأ " ولذا كان يضع الأخوة في منزل مليء بالكتب التي خصصتها الحركة لتربية وتعبئة أبنائها وكان يقول لهم لن تخرجوا من هنا حتى تقرأوا كل ما خصصته لكم ، وكان المعلم الفارس يجوب قطاع غزة من رفح الى الشجاعية الى جباليا يلقي المحاضرات والجلسات والندوات ويشرف بنفسه على تأسيس الخلايا وإعداد برامج الحركة ، وأيضاً قام الشيخ عبد العزيز عودة بدور مميز في مشروع بيت لاهيا في شمال القطاع عبر خطابته الجهادية الثورية في مسجد الشهيد عز الدين القسام – هذا المسجد الذي يقول فتحي حماد أننا سرقناه من حماس " أقرأ الترجمة آخر الدراسة " – حيث كان يقوم بتعبئة الجماهير جهادياً وثورياً في خطب الجمعة والأعياد وكانت تخرج الجماهير في مسيرات ومظاهرات عنيفة على أثر خطبه وتواجه جيش الاحتلال منذ مطلع الثمانيات وكانت الحركة قوية في هذه المنطقة بسبب هذا العطاء المتميز ، وكان هناك أنشطة ثقافية وفكرية ورياضيه تشمل التدريب على فنون القتال في المسجد مثل الكاراتيه ورفع الأثقال وكان هناك نشاطاً آخر بداية تأسيس الحركة في مسجد عنان قرب مخيم الشاطئ وكان الدكتور رمضان شلح يأتي إليه ويشرف على إعداد أعضاء الحركة وكوادرها كما قام بدوره الرائد في الشجاعية ، كذلك تم إحياء سنة صلاة العيدين في العراء ، وتم إخراج الناس لأداء صلاة العيد وكان أبو عبد الله شلح يخطب في العراء في قلب غزة في حي الشجاعية والدبابات الصهيونية تحاصر المصلين في العراء هذا في وقت كان أصحاب العمائم من المشايخ في سبات عميق وأبو عبد الله يزأر بصوته الجهوري قائلاً " كبروا فإن تكبيركم مسموع وعند عرش الرحمن مرفوع ، له دوي كدوي النحل " ، وكان الشقاقي ورفيق دربه الدكتور رمضان وأبناء الجهاد يذهبون الى الأقصى كل عام الى مهرجان أسمموه مهرجان الأقصى السنوي العام ، وكانوا يخطبون هناك في الجماهير ويحرضونها على الجهاد ضد المحتل وإشعال مركزية فلسطين ومكانة الأقصى والقدس وإحيائها في ضمير الأمة ، وكان الدكتور رمضان يخطب هناك عند إحدى منصات ليلة القدر في الجماهير ثم تبدأ المواجهات بعدها مع جنود العدو الصهيوني ، إنهم طلائع الجهاد المقدس تزحف من غزة ورفح نحو بيت المقدس ولسان حالهم في قلب الأقصى يقول " حرباً حرباً حتى النصر زحفاً زحفاً نحو القدس " ، وبدأ صوت الجهاد يعلو ويعلو وتكبر شجرته الطيبة وتمتد فروعها في السماء ، ثم ذهب أبو إبراهيم للضفة الغربية وزار جنين ومناطق أخرى وأشرف على تأسيس خلايا للحركة هناك ونقل التأسيس للقدس حيث عمل هناك طبيباً في مستشفى " المطّلع " ، وفي عام 1983م وعلى أثر الزخم السياسي والإعلامي للحركة ونشاطها المميز في الساحة الفلسطينية وداخل الجامعات والمعاهد حيث بدأ النشاط الطلابي باسم " كتلة المستقلين " ثم باسم " الجماعة الإسلامية " والتي قامت بنشر وتوزيع صور الشهيد خالد الاسلامبولي في ذكرى استشهاده ، وتوزيع صور القسام بعمامته الشامخة وتعريف الناس على هذا الرمز الإسلامي الكبير في الوقت الذي كانت أو كان الطرف الآخر يهزأ بعمامة القسام عندما علقت صوره في جامعات غزة وكانوا يحرقون صوره ولكن بعد أن عرفوه اتخذوا اسمه اسماً لجناحهم العسكري ،هذا القسام الذي كان يمثل نموذج عالم الدين الثوري ، على أثر ذلك وقعت ضربة الاعتقالات الأولى عام 1983م والتي كانت تحت عنوان " طلائع النور الإسلامي " - وكانت النور الإسلامي مجله قام شباب الجهاد بتوزيعها ونشرها - وشملت الاعتقالات العشرات من أعضاء وكوادر الحركة وكان على رأسهم شهيد الأمة الشقاقي والذي اعتقل مدة 11 شهر ، وقال الشقاقي عن هذه التجربة أنها كانت مفيدة إنها كانت أول تجربة اعتقالية لأبناء الجهاد في سجون الاحتلال في الوطن وأول مواجهة بين رجال الشاباك وفرسان الجهاد وتفاجأ الشاباك بنوعية وإرادة هذه الثلة المؤمنة وصلابتها ووعيها وقالو لهم " أنهم أسوأ من منظمة التحرير لأنكم مزيج بين الوطنية والإسلام وكان شعار الشقاقي في مواجهة العدو الصهيوني ورجال مخابراته وإجرام محققيه " أنتم تحصدون والله يزرع فأين حصادكم من زرع الله " .
                  وكذلك قال أحد المراقبين الصهاينة " الجهاد الإسلامي نبت شيطاني ما إن تجتثه حتى ينمو ويتكاثر ويكبر في بقعة أخرى بسرعة فائقة " وما علم هؤلاء الحاقدين أن الجهاد الإسلامي هو نبت رباني ينبت جيلاً رسالياً طاهراً يصنع على عين الله سبحانه وتعالى ويربى على موائد القرآن فتزول الجبال ولا يزولوا ...
                  وخرج الشقاقي من السجن وبدأ من جديد متابعة نشاطه وهذه المرة توجه نحو تشكيل الخلايا العسكرية في غزة وإمدادها بالأسلحة ، وفي عام 84م-85م كانت الخلايا العسكرية في غزة تمارس نشاطها وقامت بإلقاء عدة قنابل في مدينة غزة على دوريات الاحتلال مما أدى الى وقوع إصابات في صفوف العدو ، ويجدر الإشارة هنا الى أن الشهيد القائد مصباح الصوري كان قد خرج في عام 85م من السجن في صفقة تبادل الأسرى وكان محكوماً بالسجن المؤبد بعدما أمضى 15عام داخل السجون الإسرائيلية والتحق بالحركة في الخارج في غزة حيث تم اعتقاله مرة أخرى في عام 1986م وفي هذا العام وقعت الضربة الثانية للحركة والتي كانت أكبر من الأولى والتي شملت أعضاء وكوادر عسكريين وكان أبو إبراهيم على رأس الضربة وتم التحقيق مع الشقاقي وأبنائه في سجن غزة ولكن الشقاقي لم يعترف فلقد كان أسطورة في التحقيق رغم اعترافات وشهادات الآخرين ورغم قساوة التحقيق في سجن غزة المركزي في تلك الفترة .. حتى أن أبو إبراهيم اقترب من الشهادة كما وصف ذلك بقوله فيما بعد " لقد أحسست بالاقتراب من لحظة الشهادة في التحقيق وتمنيتها ..... على كل ٍ لا زلت أنتظر " ، وحكم على الشقاقي مدة أربع سنوات ونصف بتهمة حيازة الأسلحة والانتماء للجهاد الإسلامي ولم تثبت عليه تهمة قيادة الحركة .
                  • حتى في معركة التحقيق يجب المحافظة على السر .
                  • الجهاد الإسلامي باقٍ وحي ولن يمت بإذن الله .

                  ثانياً : الهروب من سجن غزة المركزي " قضية ، وذكرى ، وبطولة " 18/5/1987م شهر رمضان المبارك ليلة القدر :
                  وبالإضافة الى ضربة الدكتور فقد اعتقل عدد آخر من أبطال الجهاد منهم محمد الجمل وسامي الشيخ خليل وكم عليهم بالسحن 9 سنوات وفي سجن غزة تجمع عدد كبير من أبناء الجهاد الإسلامي على رأسهم أبو إبراهيم وأبو حسن مصباح الصوري وبدأ التخطيط لعملية الهروب من سجن غزة وكان أبو إبراهيم على علم بالموضوع بالرغم من أنه كان في قسم آخر ولكنه كان على تواصل مع مصباح " حامل القرآن " وقائم الليل وصائم النهار الذي كان يختم القرآن في كل ست ليالي مرة ، يقود المجموعة نحو الحرية ، إنها كرامة من كرامات ليلة القدر وبركة من بركاتها " سلام هي حتى مطلع الفجر " حيث الضباب يغطي الأفق ومصباح يقص القضبان والأسلاك حتى إذا وصل الى بعض الأسلاك الذي استغل بقصها فإذا بكلب من كلاب الحراسة يأتي نحوه ومصباح القرآني يتلو في خشوعه النادر مطلع سورة يس وينصرف الكلب بفعل بركة القرآن العزيز ، ويشار هنا الى أن الأخوة الهاربين جميعاً كانوا في حالة ذكر ودعاء متواصل ، وأثناء الهروب وصل مصباح الى مبنى المخابرات " الشاباك " في سجن غزة وسار يبحث في السيارات المتوقفة عن قطعة سلاح ولم يجد ، ثم خرج الأخوة من السجن وكانوا ستة وهم " مصباح الصوري ، سامي الشيخ خليل ، محمد الجمل ، عماد الصفطاوي، خالد صالح ، وصالح اشتيوي " أما صالح شتيوي فقد تم القبض عليه بعد يومين من هروبه وأمضى قترة محكوميته كاملة ، وأما عماد الصفطاوي وخالد صالح فقد هربا خارج فلسطين ، أما عاشق الشهادة مصباح الصوري يا له من رجل .. مصباح الذي أمضى خمسة عشرة عاماً في السجن في المرة الأولى من عام 70م الى عام 85م وأمضى عاماً في المرة الثانية ، وصدقت رؤياه التي رآها في المرة الثانية أنه يمكث عام في السحن ثم يخرج .. وخرج شهيدنا باحثاً عن الشهادة في كل مكان في البيارات في الطرقات في الكمائن ، نعم اليوم بدأ إصبعه الشاهد يعمل " السبابة " والذي كان شبه مشلول وكان يدربه- إصبعه- ويمرنه أثناء فترة سجنه ليستطيع الضغط به على زناد السلاح ولذا رفض الهروب من فلسطين مشتاقاً لمعانقة ثراها المقدس الحبيب شهيداً مسربلاً بالدم ....
                  خمسة شهور من الهروب الى الاستشهاد .. مصباح سامي ومحمد يشعلون الأرض ناراً وثأراً تحت أقدام الغزاة وتهتز الأرض وتهم بابتلاع المحتلين ... خمسة شهور من المطاردة والمعارك والعمليات العسكرية تقض وزير الحرب الصهيوني المجرم الهالك رابيين وجنرالاته الذين جن جنونهم منذ هروب فرسان الجهاد من السجن وحطموا أسطورة الأمن الصهيوني داخل سجون الوطن المحتل ، كانت أياماً للنصر والشهادة ، نعم لم يكن وقتها إلا الجهاد وفرسانه في زمن النائمين .. كانت رصاصات الجهاد تملئ الساحات فرحاً علوياً ربانياً إلهيا ، وتملئ الميادين أملا ودماً وبركاناً يتفجر ، كانت نار الجهاد وبنادقه تسفح دماء الصهاينة الحاقدين على أرض الوطن المقدس المذبوح من الوريد الى الوريد ولكن برغم بحر المعاناة والعذاب والألم اللامحدود يبقى يقهر ولا يقهر في زمن كانت فيه أصوات الباحثين عن الخبز والراحة والسلامة والحياة الرخيصة تنادي دوريات الاحتلال " ليخم يا خواجة " أي " خبز يا أجنبي "

                  أبتاهُ فَقْدُكَ مُوْجِعٌ ، أعياني
                  وأقضَّ جَفْني ، والأسَى يَغْشَاني
                  واذاق قلبي من كؤوس مرارة
                  في بحر حزن من بكاي رماني !

                  تعليق


                  • #10
                    تكملة.....................
                    وكان الإسلاميون التقليديون غرقى في ترفهم الفكري والكلامي ومناظرتهم ذات الطابع البيزنطي ووقع جنازيرهم وبلاطاتهم المرفوعة في وجه الآخر ، نعم كانوا منغمسين في قشور الحياة في أموال التبرعات وصناديق الزكاة والحفلات الإسلامية والأفراح وفي التشاجر للسيطرة على المساجد ، نعم في هذا الزمن كان مصباح وإخوانه الشهداء ينطلقون من قلب القرآن وروحه المنتصرة الرافعة للهمم المشوقة للأرواح فيندفعون ممتلكين الإجابات المقدسة المعبدة بالدم التي تجيب على الاسئلة الساخنة مفجرين المرحلة وغبارها الأسود ، نعم كانوا يخترقون جسد الكيان الصهيوني العبري الزنيم ويأسرون النائمين عبر مشروعهم الجهادي الاستشهادي المقاوم والثأر وينقرون الأرواح النائمة المتخاذلة والناتحة لعلها تصحو وتستيقظ ويصبح عندها القدرة على نبذ الحياة التافهة واهتماماتها الرخيصة والانتفاضة على كل الذل والهوان وامتلاك مفردات الشجاعة والإقدام والفداء .
                    وكانت أبرز العمليات التي قام بها الشهداء هي عملية قتل قائد الشرطة العسكرية في غزة (رونتال إيتان) وعملية قتل المستوطن (جليل جروسي) في جباليا بالإضافة إلى عدد آخر من عمليات إطلاق النار والإشتباكات المسلحة .
                    وفي الثاني من تشرين أول أُكتوبر 2-10-1987 كان مصباح الشهيد الحيّ على موعد مع الشهادة حيث استُشهد هو واثنين من رفاقه في كمين نصبه قوات الاحتلال بمساعدة عملاء الشاباك بين مخيمي الغازي والبريج حيث استقبلت أجسادهم سيلاً من الرصاص أطلقه عليهم جنود الاحتلال وانتشر خبر استشهاد مصباح القائد وبكى الفارس (الشقاقي) في سجنه والذي كانت روحه تطير و أشواقه ترفرف وعيونه تسافر نحو هؤلاء الراحلين الراسمين بدمهم الخارطة الحقيقية للوطن المقدس العزيز وفي ليلة 6-10-1987 خرج رفاق الدرب ليثأروا لدم قائدهم الروحي وملتقاهم كان في معركة دامية على أبواب الشجاعية فاصطدموا بكمين آخر نصبته الاستخبارات لهم بفعل تقارير العملاء عن تحركات المجموعة : هناك التقى سامي ومحمود وأحمد حلس وزهدي الغرابلي " فايز قريقع" – أسم الشهرة - مع رجال العدو وضباط مخابراته وجهاً لوجه وكان الشهداء يختزنون في دمهم الطاهر تلك الانتفاضة المعجزة حدّقوا وحدّقوا ثم أطلقوا رصاصهم قبل أن يرتقوا شهداء موقعين خسائر فادحة في صفوف العدو المحتل ، وكان من نتائج المعركة والتي أعترف بها العدو مقتل ضابط المخابرات (فيكتور آرجون) بعد اشتباك دام عدة ساعات وهذه المعركة تعرف باسم معركة الشجاعية وهي التي فجرت الانتفاضة الأولى ولذا فإنها تعتبر شرارة الانتفاضة الأولى التي أشعلت الثورة وأيقظت الشعب والأمة من سباتهما العميق مثلت المعركة تاريخاً فذاً نوعياً في مسيرة الحركة الجهادية ورحم الله الشقاقي حيث قال ( نعم نحنُ الذين أشعلنا بدم شهدائنا فتيل الانتفاضة في زمن لم يكن حاضر فيه أحد سوى الله سبحانه والأمة وحركة الجهاد الإسلامي ) ووصل الخبر إلى الشقاقي في سجنه باستشهاد أحبته فثارت قريحته وكتب الى الأمة عبر بيانات الجهاد الانتفاضية والتي أخرجها من السجن ينعى فيها الشهداء ويحض على استمرار مسيرة الجهاد ، وبفعل نشاط الشقاقي المميز داخل السجن عبر تنظيره واستقطابه بفكر الجهاد عدداً من السجناء للانحياز لهذا الخط المقدس وعبر قيادته للحركة من داخل السجن وظهوره كأبرز قياديي الحركة فقد تم إبعاده بقرار من وزير الحرب الصهيوني آنذاك الهالك اسحق رابين إلى لبنان بتاريخ 1-8-1988 م وكان مما جاء في حديث الشقاقي أمام المحكمة العسكرية الاستشارية والتي نظرت في قضية إبعاده ( لا أدري بأي صفة أُخاطبكم هيئة المحلفين ، إن كنتم تمثلون الشعب اليهودي فكيف تتحدثون عن عذابات اليهود في التاريخ ثم تأتون لتمارسوا ذلك بحق شعب آخر ، وإن كنتم تمثلون الحركة الصهيونية فإنني سأقاتل الحركة الصهيونية حتى آخر قطرة من دمي ، وإن كنتم تمثلون دولة إسرائيل فلا أراكم مؤهلين في النظر بقضية إبعادي كما أبعدتم والدي عن قريته قبل أربعين عاماً ) ويُشار هنا إلى أنه رحمه الله بعد صدور قرار الأبعاد تم نقله من سجن نفحة إلى سجن عسقلان حيث أُبعد مباشرة إلى لبنان ، وأنشأ معسكرات تدريب وخاصة معسكر طرابلس في شمال لبنان بالقرب من مخيم نهر البارد والذي تم إغلاقه لاحقاً بقرار من الدكتور بعد سقوطه أمنياً واستشهاد بعض الإخوة في عمليات إنزال قام بها العدو الصهيوني من البحر وتم استبدال المعسكر بمواقع غير تقليدية ، وقد ظنّ الصهاينة أنهم بإبعاد الشقاقي سيقطعون الرأس عن الجسد ولكنّ الرأس بقى شامخاً واستطاع أن يؤسس هيكلية تنظيمية للحركة في كافة البلدان العربية والإسلامية والأجنبية لتصبح الحركة عالمية وانقلب السحر على الساحر بفضل الله سبحانه وتعالى وجهود المخلصين وتم اختيار الدكتور متحدثاً رسمياً بإسم الحركة في البداية ثم أمينا عامّاً للحركة في 1991م ثم استقر الدكتور في مخيم اليرموك بدمشق وساهم ببناء وصنع الحركة وكذلك " زياد النخالة" والذي تم إبعاده من غزة إلى لبنان في مطلع الانتفاضة الأولى . وبسبب التصرفات السلبية اللامنضبطة وعدم الالتزام بقرار الحركة وتعليمات الدكتور والخروج عن طاعته وتشكيل محاور وشلل داخل الحركة فقد قام الدكتور الشقاقي ومجلس الشورى العام بفصل عدد من أعضاء وقيادات الحركة سابقاً وكان على رأسهم عبد العزيز عودة وتيسير الخطيب وسيد بركة "مرشح الرئاسة" وأحمد مهنا ومحمد أبو سمرة وكان هذا قراراً حكيماً للحفاظ على وحدة الحركة الحقيقي لأنه لا مكان في الجهاد الإسلامي لعبّاد الأهواء والأشخاص .
                    واتسع نشاط الحركة الإعلامي والسياسي وكان من أبرز النشرات والمجلات نشرة المجاهد والإسلام وفلسطين بالإضافة إلى مجلة الأمة التي كان يعمل بها احد مفكري الحركة وهو الأخ القائد أنور أبو طه والذي يشرف حالياً على الجهاز الإعلامي في الخارج وأعاد الشقاقي طباعة كتابه " المشروع الإسلامي المعاصر ومركز القضية الفلسطينية لماذا ؟ وكيف ؟ " بعد تغيير بعض الألفاظ والتي لا تتناسب مع واقعنا الجديد في سوريا وكتابة مقدمة جديدة و إضافة إهداء بعنوان"إلى المجاهدين في سجون بني إسرائيل .. إخلاصاً لذكرى العذابات والأشواق التي عشناها معاً .. وإخلاصاً لذكرى الوطن المحرر من النهر إلى البحر التي لم ولن تفارقكم"
                    وخرج الكتاب بإسم جديد هو "المنهج" وكانت فكرة هذا الكتاب في رأس الدكتور منذ عام 1980م . وكان الشقاقي يتابع وضع الحركة مباشرة عبر لجنة الأرض المحتلة وعن طريق كتابة الرسائل والهاتف والفاكس وكذلك كان الدكتور رمضان يشارك في القيادة من لندن ، وكان الشقاقي محبوباً في مخيم اليرموك لما كان يقوم به من جهود مضنية ولإلقائه المحاضرات في العامة والخاصة من الناس ودوره القائد والفذ في نشر الوعي بينهم ولذا أحبه الناس حباً كثيراً رغم قصر الفترة التي قضاها معهم وبينهم ، وذلك بسبب تواضعه وإخلاصه وحبه لفلسطين وتمسكه بالثوابت الفلسطينية وبسبب تميز أداءه وخطابه السياسي والفكري الذي كان يعبر عن شخصيته القيادية الغير عادية .....
                    الضربة الثالثة للحركة في الداخل " اعتقالات عام 1989م"
                    وفي العام 1989م حدثت عملية عسكرية نفذتها خلية للجهاد الإسلامي في حي الشيخ عجلين حيث قام مسلحون بإطلاق النار على جيب عسكري بعد تجاوزه للكمين من بنادق رشاشة وأصابت الرصاصات مؤخرة الجيب فقتل ثلاثة جنود مما أدى إلى قيام قوات الاحتلال وجهاز الشاباك بحملة اعتقالات واسعة في صفوف الحركة شملت قيادات وكوادر وأعضاء في الحركة وكان منهم سياسيون وعسكريون وتركزت الاعتقالات في مدينة غزة وضواحيها وطالت دير البلح وخانيونس ورفح ، وعلى رأس الضربة اعتقل مسوؤل الحركة في غزة والضفة د. جميل عليان " أبو فتحي " وحكم عليه بالسجن 7 سنوات ونصف وتم كذلك إلقاء القبض على الشهيد خالد الشيخ علي والذي كان متهماً بعضويته في خلية عسكرية وتنفيذ عملية الشيخ عجلين وقد تمّ التحقيق معه في سجن غزة وكان التحقيق شرس جداً ولكن خالد كان أسطورة في التحقيق واستشهد على طاولة الانتحار ، نعم استشهد دفاعاً عن كلمة السر وأغلق الضربة العسكرية باستشهاده ولم يعتقل أحد على خلفية هذه العملية من أبناء الجهاد وكان تاريخ استشهاده 18-12-1989م ، واعتقال السياسيين والنشطاء في هذه الضربة فقد أثر هذا على نشاط الحركة لانقطاع خطوط الاتصال مما أدى إلى أن تقوم بعض المناطق بعمل ارتجالي لمواصلة النشاط في الحركة ودون أي دعم مالي يذكر أو اتصال مع التنظيم ورغم ذلك استمر تنظيم عناصر جدد للجهاد وبعد سنة ونصف خرج بعض القيادات والكوادر من المعتقلات وتم تواصل العمل بشكل منظم وفعال حتى العام 1992م حيث قوي نشاط الحركة السياسي والإعلامي والثقافي ولكن بقي العمل العسكري ضعيفاً ومحدوداً وشبه معدوم ولم يكن هناك مجموعات عسكرية على مستوى قطاع غزة في تلك المرحلة مما دفع بعض المجاهدين إلى القيام بعمليات فردية ضمن ما يعرف " بثورة السكاكين " وفي شهر 2-1992م قامت مجموعة من أم الفحم داخل الخط الأخضر بقتل ثلاثة جنود بالفؤوس في معسكر "جلعاد"
                    وتم اعتقالهم وحكم على هذه المجموعة بالسجن ثلاثة مؤبدات وبضع سنين ، وفي تلك الفترة أيضاً بتاريخ 17-3-1992م قام الشهيد رائد الريفي من مدينة غزة بعملية طعن بالسيف في مدينة يافا فقتل ثلاثة جنود وجرح عشرين منهم قبل استشهاده .
                    وبعد ذلك تم تأسيس الجناح العسكري في غزة بإسم " كتائب سيف الإسلام " والتي بقيت عملياتها متواضعة نظراً لقلة الامكان وقتها واقتصرت العمليات على إطلاق النار وإلقاء قنابل يدوية على جنود العدو الصهيوني . وتركزت العمليات في رفح ودير البلح ومدينة غزة ولكن سرعان ما ضرب هذا الجهاز بالاعتقالات التي حدثت عام 1992م وتركزت في دير البلح وشملت الضربة العشرات من كوادر وأعضاء الحركة ..
                    وبالنسبة للجهاز العسكري في الضفة فلقد قاده الشهيد القائد عصام براهمة رحمه الله تحت أسم " مجموعات عشاق الشهادة " والذي عمل في جنين وخاصة في قرية عنزة حيث قام الشهيد براهمة بتنفيذ عدة عمليات أبرزها عملية " خرثبا " والتي قتل فيها صهيوني وإصابة الآخرين ولكن عصام استشهد في اشتباك مسلح مع الوحدات الخاصة الصهيونية دام تسع ساعات وقتل فيها قائد الوحدات الخاصة بعدما قصفوه بالصواريخ وخرج لهم من تحت الأنقاض وأطلق عليهم النار واستشهد بعد ذلك بتاريخ 12-7-1992م .
                    تم عزل محمد البيومي عن قيادة الحركة في غزة بقرار من الدكتور فتحي وتم تعيين قيادة جديدة للحركة في غزة وكان من أبرز هذه القيادات الشهيد محمود الخواجا رحمه الله والذي قام مع بعض الإخوة بتأسيس الجهاز العسكري الجديد للحركة " القوى الإسلامية المجاهدة " " قسم" لواء أسد الله الغالب وتم تقسيمه إلى عدة مجموعات ، مجموعة شهداء فلسطين ، ومجموعة المطاردين التي عرفت باسم وحدة شهداء كربلاء وبدأ الجهاز عملياته بإلقاء عدد من القنابل اليدوية في مخيم الشاطىء على عدد من الدوريات والنقاط العسكرية الصهيونية مما أدى لجرح عدد من الجنود وتم الإعلان عنها في شهر 5- 1993م في أول بيان لقسم يوضح رصيدها الجهادي .

                    أبتاهُ فَقْدُكَ مُوْجِعٌ ، أعياني
                    وأقضَّ جَفْني ، والأسَى يَغْشَاني
                    واذاق قلبي من كؤوس مرارة
                    في بحر حزن من بكاي رماني !

                    تعليق


                    • #11
                      لمتابعة تتمـــــــــــة هذه الدراسة راجعوا هذا الرابط:::

                      http://www.alaqsagate.net/vb/showthr...p?t=47&page=20

                      أبتاهُ فَقْدُكَ مُوْجِعٌ ، أعياني
                      وأقضَّ جَفْني ، والأسَى يَغْشَاني
                      واذاق قلبي من كؤوس مرارة
                      في بحر حزن من بكاي رماني !

                      تعليق

                      يعمل...
                      X