إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

همسة في أذن حماس / بقلم : *درويش عبد النبي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • همسة في أذن حماس / بقلم : *درويش عبد النبي

    قلنا منذ البداية أن المرحلة ليست مرحلة "حماس", وان "حماس" قد وقعت في فخ الاستدراج عندما تراجعت عن موقفها الزاهد في السلطة وقفزت من السرية إلى العلنية, كاشفة قياداتها وكوادرها وعناصرها المتقدمة بالأسماء ومواقع السكن, في قوائم الانتخابات التشريعية, في كل ارجاء الوطن, فألقت بنفسها في حقول ألغام يستحيل الخروج منها, وبدلا من استدراك الموقف وتوخي الحذر في خطواتها انزلقت في دهاليز حرب لا دراية لها فيها, ولا منفذ لها منها مندفعة, وعلى غير هوى, بكل قوتها بشحنة فرحة النتائج غير المتوقعة في تلك الانتخابات, تأخذها نشوة النصر الانتخابي الى ما لا نهاية في سلسلة التخبط والاندفاعات غير المدروسة, وغير المحسومة النتائج, لتغرق وفق ما هو مرسوم لها من اطراف اقليمية ودولية في بحر من الدم لا نجاة منه, وليكون وأدها على يد من آزروها, وروجوا لها وشاركوا في انتخابها, بعد ان تصبح "حماس" على مفترق طرق بين مصلحة حزبية ومصلحة وطنية وشعبية, وبين شهوة السلطة واغراءات بريقها والشروط الاقليمية والدولية, التي تحول دون وصول "حماس" للسلطة, لتزداد الحركة تخبطا, وتزداد عوامل الرفض لوجودها عمقا, ولتتسع مساحة التناقض بينها وبين الشعب, وبين الفصائل الاخرى, في ظل اختلاف المصالح والمناهج, حتى تصل اسرائيل والقوى الدولية الحليفة لها الى مبتغاها في عزل الحركة سياسيا وشعبيا, ودفعها الى طاحونة صراع يمكن المجتمع الدولي من وضع "حماس" وقيادتها وكبار كوادرها في قفص الاتهام بارتكاب جرائم حرب على شاكلة ما كانوا يعدونه للرئيس السوداني عمر البشير, حتى صدر امر الضبط والاحضار ضده من محكمة "لاهاي" الجنائية الدولية العليا.فأدركنا منذ البداية ما هو مرسوم للايقاع بحماس
    ورغم انني لا املك شرف الانتماء اليها, اغتنمت فرصة انعقاد المؤتمر السنوي للهيئة التأسيسية للمجلس الاسلامي الاعلى في حينه والتقيت قادة كبارا اجلاء من حزب "الاخوان المسلمين" الفلسطينيين, وفي ثلاث جلسات متتالية لا تقل مدة الجلسة الواحدة منها عن ثلاث ساعات متصلة, كنت المتحدث فيها فأجادوا الاصغاء واحسنوا النقاش وبرهنوا على سعة الافق, وتفهم الواقع واحترام الرأي الآخر.طرحت فيها رؤيتي لمستقبل "حماس" بعد ان خرجت الى العلنية في ظل واقع دولي واقليمي يرفض برنامج الحركة شكلا ومضمونا, واوضحت ان ما اقدمت عليه "حماس" كان تسرعا ومنعطفا خطيرا في مسيرتها وسيسهل عملية حصارها وفرض شروط دولية تعجيزية عليها لاثبات انغلاقها على فكر يرفض الآخر, وعلى عقل لا يملك المرونة السياسية في معالجة الواقع السياسي للقضية الفلسطينية, وفق رؤية دولية لا يجوز تجاوزها, ووفق رؤية اقليمية تتطلب تقديم تنازلات صعبة في بعض الاحيان.

    وحذرت مخلصا من واقع تجربتنا السياسية الطويلة من مغبة الغرور والاستعلاء والاستقواء بقوة السلاح, في معالجة القضايا الخلافية, ومن الوقوع في خطأ التفرد بالقرار, اعتمادا على قانون الاغلبية, لان هذه المسلكيات هي التي ستحكم مستقبل "حماس" على ضوء ردود الفعل في الاوساط الشعبية والاوساط "الفصائلية" والوطنية, وحذرت من مغبة استدراج "حماس" الى مزيد من الاخطاء بعد الخطأ الذي ارتكبته في دخول الانتخابات التشريعية, والاكتفاء بدورها الداخلي بعد ان لفتت انتباه القوى العالمية والاقليمية الى خطورة "حماس" على مصالحهم.ذلك التصور الذي دفع بالمجتمع الدولي الى استباق الاحداث في وضع شروط كنت اتمنى ان تتفهم "حماس" ابعادها ومغزاها, وما سيترتب عليها من محاذير لها اثرها المباشر على مستقبل الحركة ودورها في العمل الوطني الفلسطيني فتكتفي بموقع المعارضة في المجلس التشريعي اعتمادا على ما سبق لها من تصريحات على لسان قادتها في مرحلة سابقة للانتخابات التشريعية: بأنها لن تشارك في حكومة تتفاوض مع اسرائيل, تلك التصريحات التي جاءت ردا على عرض قدمته حركة فتح بعد تشكيل الحكومة الرابعة, يتيح ل¯ "حماس" فرصة المشاركة في حكومة تآلف وطني تمثل جميع القوى الوطنية الفلسطينية, ونبهت خلال حوارنا الى ما ينتظر الحركة من متاعب, والتزامات اقليمية ودولية لا تتفق مع الخط العام لها, وهي شروط واجبة ملزمة لاي حكومة يعترف العالم بها والا سقطت شرعيتها, وفرض الحصار الدولي عليها, واشرت الى ان بعض التصريحات التي صدرت عن بعض قادة "حماس" بشأن قدرتها على توفير المال من دون الحاجة للدول المانحة هي تصريحات قاصرة قد تحل مشكلة الصرف الداخلي, او دفعات من الرواتب, وحتى لو غطت كل الاحتياجات فلا يعني هذا من قريب او بعيد قدرة "حماس" على ادارة الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي في اطار الشرعية العربية والتزاماتها, وهذا يتطلب ادارة سياسية لا ادارة مالية او عسكرية, وعلى ضوء ذلك فإن "حماس" معنية بالتعاون الكامل مع سلطة الرئاسة ومع القيادة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية, طالما هي ارتضت لنفسها القفز من البرنامج المقاوم الى المعترك السياسي.

    وشعرت خلال هذا الحوار بتفهم كبير لما طرحناه بارتياح هؤلاء القادة للصراحة والوضوح اللذين تميزت بهما لغة الحوار مع الاعتراف الواضح بأن قرار دخول الانتخابات التشريعية كان قرارا متسرعا وان خلافا كان عليه بين قيادة "حماس" في الداخل وقيادتها في الخارج, وتسرع الداخل في اتخاذ القرار.

    وكان الوعد بتدارس كل ما جاء في مضمون الحوار مع قيادة "حماس" آخذين بعين الاعتبار مصلحة الشعب والقضية قبل مصالح الحركة.الا ان "حماس" بقيت على اندفاعها من دون كابح, ووقعت في المحظور بقبول قرار التكليف بتشكيل الوزارة, ووضعت نفسها على سندان الوجاهة والصدارة وتحت مطرقتين, مطرقة المجتمع الدولي بشروطه, ومطرقة الاحتلال بحصاره وعدوانه اليومي في عمليات متواصلة لتوليد قناعات شعبية فلسطينية بأن "حماس" لم تجلب لهم الا الفقر والجوع والموت والدمار وخيبة الأمل ومع ذلك اعلنت الحركة الصمود, ونجحت في فتح فجوات في جدار الحصار المالي في تأمين مصادر التمويل, ولكنها لم تستطع اختراق حواجز الحصار السياسي فظلت تراوح مكانها حتى انحصرت آمالها وطموحاتها بحدود قطاع غزة وبواباته ومعابره بعدما كانت قد اعتقدته نصرا في حصاد احداث الرابع عشر من شهر يونيو عام ,2007 دون ان تعلم بأن اسرائيل كانت ترسم لوقوع "حماس" في هذا الخطأ منذ ان طرحت قبل مغادرتها لقطاع غزة تمهيدا لتسليم السلطة مقاليد الامور مخزونا هائلا من مختلف الاسلحة والذخائر وبأبخس الاثمان في سوق الجمعة (سوق الغنم) بخان يونس وفي اسواق متعددة اخرى في انحاء متفرقة من القطاع على يد تجار يهود او على يد عملاء لها, ليكون بحر الدم الفلسطيني في يوم تترقبه اسرائيل حاجزا مانعا لوحدة الاشقاء, خارقا للمحرمات والخطوط الحمراء.

    واستكملنا في الجلسة الاخيرة حديثنا بالقول بأن اسرائيل لا تستهدف "حماس" بمفردها, بل تستهدف كل القوى الوطنية الفلسطينية بما في ذلك رئيس السلطة الوطنية اذا ما دخل في النزاع كطرف فيه, اما اذا كان الرئيس حليما حكيما في معالجة نزاعات الفصائل والخلافات الداخلية, فإن اسرائيل تطمح الى ان تكون هذه النزاعات, وما قد يصاحبها من عصيان وتمرد عقبة كأداء في وجه مساعيه الرامية الى تحقيق الأمن والأمان والاستقرار لمواطنيه في ظل قانون واحد وسلاح شرعي واحد, وسلطة وطنية واحدة, كما تطمح اسرائيل الى ما هو اهم من وجهة نظرها وهو استفحال المظاهر السلبية واتساع هوية الانقسامات والخلافات وزيادة حالة الفوضى والشقاق عمقا لتكون حائلا دون اعطاء الرئيس فرصة لاحراز اي تقدم على المسار السياسي, وبذلك تكون اسرائيل قد حققت هدفها في ضرب البرنامجين معا.

    وهنا تساءل زائرنا الدكتور (...) اذن هل المطلوب إلقاء السلاح, والتسليم مقدما بفشل خيار السلام? وما هي النتائج التي ستعود على الشعب الفلسطيني فيما تطرح من مضامين مؤلمة لهذا الواقع? قلت ليس المطلوب هو التسليم بضعفنا والى ترسيخ عوامل الاحباط واليأس في نفوسنا, فالمطلوب هو تنمية قدراتنا, وفاعلية ادائنا, وتطوير اساليب نضالنا, وفق نظرة موضوعية قادرة على التمييز بين ما يضر بقضيتنا وما هو في صالحها مرحليا.وهو ان نكون اصحاب القرار في تقديم او تأخير ما نملك من برامج وطنية وفق الظروف الموضوعية للمرحلة من دون ان تتأثر مواقفنا بأي عوامل خارجية اخرى فإن كان خيار المقاومة هو الانجع في معالجة قضيتنا على المستوى الدولي والعربي والاقليمي فليتقدم البرنامج المقاوم على خيار السلام, وان كان خيار السلام هو الثغرة الوحيدة التي تتيح الفرصة للشعب الفلسطيني في اختراق حاجز الممانعة الاسرائيلية في الوصول الى حقوقنا وفق ارادة دولية وعربية مساندة فليتقدم البرنامج السياسي وخيار السلام على البرنامج المقاوم.

    ان ما لاقيته في هذا الحوار من وعي وتفهم وحرص بالغ من الاخوة الاجلاء على المصالح الوطنية العليا, وما لمسته من تفهم لواقع شعبنا وظروفه ومعاناته يدفعني الآن لتوثيق ما جاء في هذا الحوار, مذكرا بأن تفهم الموقف مع عدم الاخذ به لا يحقق نتيجة ترجى, وان تجربة ما يقارب العامين بعد الحوار قد اثبتت اننا نفقد الاهلية تدريجيا في تحمل المسؤولية وفي القدرة على اتخاذ القرار المناسب, ونضيع الفرص المتاحة لنا بأيدينا, ونبدد قوتنا ونهدر طاقتنا في خلافات داخلية, وصراعات على النفوذ والسلطة تردنا الى الجاهلية في اطار عصبية تنظيمية اعمت القلوب والبصائر ووضعتنا جميعا على حافة الهاوية, وجعلت من شعبنا ضحية لنزاعات لا مبرر لها الا اذا كانت شهوة السلطة اعمق من حب الوطن والاستعداد للتضحية من اجله.

    ان الادعاء باختلاف البرامج سببا للانقسام ليس مبررا كافيا لما وصلت اليه الحال في الساحة الفلسطينية من تدهور, والصراع الحقيقي ليس بين برنامجين طالما اجتمع البرنامجان على هدف واحد وهو تحرير الارض والمقدسات واقامة الدولة وعودة اللاجئين الى اراضيهم, فالصراع الحقيقي مع الاحتلال, وكل القوى مطالبة بدعم برنامج وطني موحد حتى وان تعارض مع مصالح تنظيمية اخرى, طالما كان هذا البرنامج يتفق مع قرارات ومبادرات الشرعية العربية ولا يتعارض مع مبادئ وقرارات ومبادرات الشرعية الدولية لاننا جزء من الامة العربية, وجزء من هذا العالم, ولا يستطيع اللاعب تسجيل هدف وهو خارج الملعب, ولا يحقق فريق الفوز من دون تعاون كامل اعضائه ولتكن لنا من تجربة العامين الماضيين عبرة, واذ كان توثيق هذا الحوار يعد همسة في اذن "حماس" فإننا نطمع ايضا ان يكون همسة في اذن كل القيادات الفلسطينية, وفي اذن القادة العرب من اصحاب الدعوة للحوار والمصالحة.


    * عضو الأمانة العامة لاتحاد الكتاب والصحافيين الفلسطينيين


  • #2
    والله الكاتب الاخ درويش عبد النبى
    ما خلى كلام نحكيه
    وكفى ووفى فى هذا المقال الرائع
    التى تعبر عن وجهة نظر الشارع الفلسطينى فى حركة حماس
    وعجبتنى هذه الجملة:
    "حماس" معنية بالتعاون الكامل مع سلطة الرئاسة ومع القيادة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية, طالما هي ارتضت لنفسها القفز من البرنامج المقاوم الى المعترك السياسي.

    اذا كانت حماس تريد المعترك السياسى فلتتحمل المسؤولية كاملة عن حياة الشعب الفلسطينى

    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة فتح للأبد مشاهدة المشاركة
      والله الكاتب الاخ درويش عبد النبى
      ما خلى كلام نحكيه
      وكفى ووفى فى هذا المقال الرائع
      التى تعبر عن وجهة نظر الشارع الفلسطينى فى حركة حماس
      وعجبتنى هذه الجملة:
      "حماس" معنية بالتعاون الكامل مع سلطة الرئاسة ومع القيادة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية, طالما هي ارتضت لنفسها القفز من البرنامج المقاوم الى المعترك السياسي.

      اذا كانت حماس تريد المعترك السياسى فلتتحمل المسؤولية كاملة عن حياة الشعب الفلسطينى
      22:2 22:2 22:2
      الإيجابي يفكر في الحل‎
      والسلبي يفكر في المشكلة

      تعليق

      يعمل...
      X