إن تاريخ التجسس والتجسس المضاد يؤكد بجلاء أن نسبة كبيرة من القضايا الكبرى كانت بطلاتها من النساء، وأن الجنس يلعب دورا جوهريا في عملها وقيامها بالمهام الموكولة لها، فالمرأة التي تستطيع استغلال فتنتها بحرص وذكاء في مجال المخابرات، تصل إلى نتائج أفضل وأجدى وأسرع من الرجل، كما أنه لا يمكن كشف المرأة بسهولة مقارنة مع الرجل.
وبعيدا عن العنصرية ومناهضة السامية، لا يمكن نكران، بأي وجه من الوجوه، أن تاريخ اليهود مليء بقصص الجاسوسية التي حفلت بالجنس ودور المرأة في العمليات السرية التي خدمت أهدافهم ومصالحهم، ومنذ قامت الموساد سنة 1937، في صيغتها الأولى، اعتمدت عمل المرأة بجسدها، وأقامت لذلك مدرسة خاصة لتدريب الفتيات على فنون التجسس والسيطرة بالجنس، وبرعت في ذلك نساء عديدات كن العامل الأساسي لإنجاح عمليات الموساد في اصطياد الجواسيس، وصنفتهن مخابرات الكيان الصهيوني أنهن "فدائيات نجمة داود" أو "حارسات الهيكل".
تحتل النساء مناصب مهمة في جهاز المخابرات الإسرائيلية بالرغم من التدابير القسرية التي تفرض على المتطوعات العميلات والمخبرات كشرط مسبق لقبولهن، أقلها الحرمان من الحمل والإنجاب لخمس سنوات على أقل تقدير.
عملت المخابرات الإسرائيلية على استعمال المرأة في جميع المجالات الاستخبارية، حتى داخل سجون الكيان الصهيوني، في هذا الصدد دأب جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شاباك) على استخدام طريقة وصفها أهل الميدان بـ "غرف العصافير" في المعتقلات الإسرائيلية للإيقاع بالسجناء على رفاقهم رهن الاعتقال، وعبارة "عصافير" ترمز إلى العميل أو المخبر داخل السجن.
إن جهاز "شاباك" يستدعي مومسات إسرائيليات أو أجنبيات من الملاهي والحانات والشوارع ليعملن مؤقتا في تنظيف السجن أو ببعض مرافقه الصحية والاجتماعية أو في المطبخ، ثم بعد ذلك تبدأ المرحلة الموالية، وهي الدخول على المعتقل المستهدف إلى زنزانته بلباس مثير أو عاري، حيث يبدأ الإغراء، وفي حالة التجاوب والاستسلام تضاجعه ويتم تصوير المشهد من أوله إلى آخره، ثم تأتي مرحلة المساومة والابتزاز بتهديد المعني بالأمر بتوزيع الشريط على رفاقه في السجن إن رفض التعامل عن طريق التجسس عليهم واستخراج المعلومات المطلوبة منهم، وإن قبل وانصاع للأمر يصبح "عصفورا" في عرف جهاز "شاباك" الذي دأب على استعمال هذه الطريقة منذ السبعينيات.
إن غالبية عميلات الموساد يعملن موظفات أو ملحقات في منظمات دولية إنسانية أو اجتماعية، وهو غطاء يسمح لهن بتحقيق غزوات استخباراتية ويمكنهن من اختراق الكثير من دوائر صناعة القرار بدول العالم العربي.
من أهم النساء في جهاز الموساد "عليزا ميجن"، وهي مساعدة الرئيس، أي الشخصية رقم 2 في الجهاز المخابراتي الإسرائيلي، تسهر على استخدام النساء الجميلات، خاصة في مهمة تجنيد عميلات عربيات وعملاء عرب للموساد، وتقول "عليزا": "إن المرأة تستطيع أن تكون في المكان الذي لا يمكن أن يتواجد به الرجل، فالمرأة يمكنها ولوج أي مكان بدون أن تثير شكوكا كبيرة، خلافا للرجل، فهن يثرن شكوكا أقل من الرجل".
اهتم الموساد بكل المجالات، حتى الرقص الشرقي، وتهتم اليهوديات كثيرا بهذا النوع من الرقص، وقد أشار تقرير نشرته صحيفة "معاريف" العبرية، إلى علاقة عميلات الموساد بالرقص الشرقي، حيث استخدمت المخابرات الإسرائيلية بعض اليهوديات المحترفات في هذا النوع من الرقص في مهام للتجسس على الجاليات العربية والمسلمة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وفي أمريكا الجنوبية.
لقد تم تجنيد واحدة منهن للكشف عن ثروات وأموال العرب وأرصدتهم بالبنوك الغربية.
فهناك ما يناهز 90 مدرسة لتعليم الرقص الشرقي في إسرائيل، وذلك رغم معارضة اليهود المتدينين للفكرة.
وفي هذا المضمار قال أحد كبار الحاخامات بالدولة العبرية إن حركات الجسم تجعله يبدو رخيصا ويكشف أجزاءه المحتشمة، إنه حتى لو كانت الراقصة بكامل ثيابها وتقوم بالرقص أمام جمهور من النساء فقط، فإن الشريعة اليهودية لا تسمح بذلك...".
حسب تقارير مخابراتية كشفت عن إحداها صحيفة "معاريف"، هناك أكثر من 30 مهرجانا للرقص الشرقي يقام سنويا في أكثر من دولة على مستوى العالم، ويحرص القائمون عليها على استدعاء راقصات عربيات مرموقات ضمن لجان التحكيم، منهن أشهر الراقصات المصريات مثل نجوى فؤاد ولوسي ودينا وفيفي عبده وراندا كامل ورقية حداد وسماسم ومنى صالح...
الجنس والموساد
استخدم الجنس كسلاح في الجاسوسية والحصول على المعلومات، وذلك ارتكازا على القاعدة الأبدية القائلة "الغاية تبرر الوسيلة"، أي العمل بكل وسيلة للحصول على المبتغى ولو بالانتفاع بالضعف البشري أمام الفاتنات من الفتيات المدربات، تدريبا جيدا، لهذا الغرض بالذات.
عملت الموساد منذ التأسيس على تدريب الفتيات المستقطبات على استخدام العلاقات الجنسية كوسيلة لحل عقدة الألسنة على فراش يحوي جسد فاتنة لعوب.
ويخضع الموساد عميلاته لتداريب دقيقة ومكثفة في هذا المجال حتى يصبحن متخصصات في استخدام أجسادهن وفي التفنن العلاقات الجنسية وضبطها لاستغلالها على أحسن وجه لبلوغ المقصود، وذلك ضمانا لاستجابة الشخص المراد إغراؤه وإغواؤه أو استدراجه، مع حشد سرعة البديهة والذكاء لدى العميلة للحصول على ما هي مطالبة باستخراجه من معلومات دون إثارة ارتياب الضحية.
كما تتدرب عميلات الموساد على كيفية إعداد الضحية وإيصاله إلى الدرجة التي تكون رغبته عندها للاتصال الجنسي مساوية للاستعداد لتقديم ما هو مطلوب من معلومات أو إنجاز مهام، مهما كانت خطورتها.
خضعت المغربيات المستقطبات من طرف الموساد لتداريب مكثفة خاصة باستعمال الجنس ومفاتن أجسادهن في أعمال جمع المعلومات أو الدفع للتعاون بعد الابتزاز.
ومن المعلوم أن هناك شبه عرف واتفاق بين رجال ونساء الموساد، مفاده أن بإمكانهم أن يقيموا اتصالات جنسية فيما بينهم.
وحسب شهادة أحد رجال الموساد، في مبنى قيادة المخابرات الإسرائيلية هناك جناح يسمى "الحجرة الصامتة" يمارس فيها الجنس بكل حرية، ويقول الشاهد من أهلها: "ما خيب أملي أنني اعتقدت عند حضوري إلى مقر الموساد أني ألج معبد إسرائيل، فإذا بي في فضاء اللواط والجنس، فكل شخص هناك مرتبط بشخص آخر من خلال الجنس، كان نظاما متبادلا من الخدمات البينية.. أنا أدين لك وأنت تدين لي، أنت تساعدني وأنا أساعدك، كانت أغلب العاملات بمبنى الموساد على درجة عالية من الجمال، إذ أن الجمال ظل أحد الشروط الأساسية للاختيار... لا يمكن تصور الأهمية التي يلعبها الجنس في حياة عملاء الموساد والعاملين به، علما أنه لا يمكن أن يصبح المرء عنصرا في جهاز المخابرات الإسرائيلية إلا إذا كان متزوجا.
ففي سيكولوجيا المخابرات الصهيونية تم تكريس انتباه خاص للأفخاخ الجنسية، حيث تلتقط صور لشابات في أوضاع مشينة ومثيرة تستخدم لابتزاز الأشخاص المطلوب منهم التعامل مع الموساد، إذ يتم تهديدهم بنشر تلك الصور في حالة الرفض وعدم الامتثال، وظل هذا السلاح قويا في أجهزة المخابرات الإسرائيلية، لاسيما بخصوص العالم العربي والإسلامي.
قام الموساد بتركيب صورة فاضحة بطريقة فائقة بهدف الابتزاز أو المساومة للحصول على معلومات وتجميعها، كما تم تصوير بعض المسؤولين العرب الكبار من خلال عملية التلاعب بالأفخاخ الجنسية. ولعبت هذه الخطة، وفق العمليات الابتزازية ووفق نشاط رجال ونساء الموساد وعملائه وتبعا لسيكولوجيا الجنس، دورا مركزيا في الحرب النفسية كما يمارسها جهاز الموساد.
وقد ساهمت المجندات المغربيات بإغراء بعض الشخصيات العربية والأجنبية حيث تمت ممارسة الرذيلة معهم في أماكن مرصودة لذلك، وقام الموساد بتصويرهم في أوضاع فاضحة لتهديدهم في حالة رفض الانصياع والكشف عن المعلومات المطلوبة.
ويقوم الموساد باستخدام المرأة في نصب المكائد الجنسية، ويوظف الجنس كأهم الأسلحة في عملياته السرية. إنه لتصرف شائع أن يتم استخلاص المعلومات من شخصيات وازنة بأخذهم إلى مكان هادئ، فيكافؤون على عملهم الدنيء هذا بتوفير فتيات فاتنات لهم، ويتم تصوير ممارستهم للجنس لاستخدام الصورة للضغط الابتزازي لضمان ولائهم للكيان الصهيوني.
نفذ "سلاح النساء التجسسي" التابع للموساد الكثير من العمليات عبر العالم، منها تجميع المعلومات التي قادت إلى اغتيال جملة من القادة الفلسطينيين وسرقة أسرار السفارة الإيرانية في قبرص، وأسرار مكاتب حزب الله في سويسرا، واختطاف الخبير النووي الإسرائيلي "فاعنونو" من الديار الإيطالية وإعادته إلى الكيان الصهيوني لمعاقبته على كشف أسرار السلاح النووي الإسرائيلي.
اهتمام الموساد بالمغرب ليس وليد اليوم
إن تسلل عملاء إسرائيليين إلى المجتمع المغربي والاهتمام، لاسيما بالمغربيات، ليس وليد اليوم وإنما هو قديم.
لقد تأكد أن العلاقات مع الموساد ظهرت منذ حصول المغرب على الاستقلال وتوطدت في فجر الستينيات، وتكرست فعلا مع حملة تهجير اليهود المغاربة شبه العلنية إلى إسرائيل، إلا أن هذه العلاقات السرية بدأت منذ الاستقلال، وتوطدت مع قدوم الموساد على إمداد المغرب بمعلومات، قيل إنها قيمة، بخصوص محاولة اغتيال الملك الحسن الثاني (ولي العهد وقتئذ) في فبراير 1960، وهذا ما أقره "إينياس بنسيمون" في كتابه "الحسن الثاني واليهود"، في حين أكد "ييغال بن نون" (المؤرخ الإسرائيلي)، أن العلاقة بين إسرائيل والمغرب بدأت سنة 1963 وليس قبل هذا التاريخ.
كان أول لقاء بين المغاربة والإسرائيليين، هو الذي جرى بباريس بين الجنرال محمد أوفقير (كولونيل آنذاك) وعميل الموساد "يعقوب كاروف" بواسطة "إيميل بنحمو".
وحسب أكثر من مصدر، إن المخابرات المغربية هي التي سعت وراء هذا اللقاء لقطع الطريق على المعارضة المغربية الراديكالية التي خططت لإرسال أحد عناصرها لمحاولة التفاوض لاقتناء أسلحة تحت غطاء أنه مبعوث من طرف القصر الملكي أو قريب منه، ومنذئذ توطدت العلاقة وتقوت.
وفيما بين 1958 و1960 اتجه عملاء الموساد إلى المغرب الذي زاره آنذاك رئيسه "إسير هاريل" في شتنبر 1958 للبث في قضية ترحيل اليهود المغاربة إلى إسرائيل.
وبعد ذلك سافر محمد أوفقير والدليمي وآخرون إلى الكيان الصهيوني، ويرجع الفضل لضباط "تساحال" والموساد في إنشاء وهيكلة "الكاب 1" سيء الذكر.
كشفت العديد من التقارير عن بعض ما قام به الموساد وعملاؤه في الستينيات لجلب اليهود المغاربة "لأرض الميعاد" (إسرائيل)، وكذلك أثناء ولاية رئيسة الوزراء الإسرائيلية "غولدا مايير" لاختراق الدائرة المحيطة بملك المغرب آنذاك.
وبعد اكتشاف فحوى العملية من التقارير الاستخباراتية، تبين أن الموساد نظم جلسات مطولة بعد أن توصل بمعلومات تفيد أن الجاليات اليهودية المغربية أضحت مستعدة لمغادرة المغرب بفعل العمل الذي قام به عملاؤه والصهاينة، فقرر إنجاز عمليات تهريبهم.
ومما جاء في كتاب "الحسن الثاني واليهود"، أنه في نهاية يناير 1959 نظم الموساد عدة لقاءات بباريس بين الكولونيل أوفقير وأحد الدبلوماسيين الإسرائيليين العاملين هناك وقتئذ. وحدث ذلك بفضل وساطة بعض اليهود المغاربة الذين كانوا على علاقة وثيقة بمحمد أوفقير، ومنهم "دافيد عمار"، رئيس الجاليات اليهودية بالمغرب، و"روبير أسراف"، وكان متعاونا مع وزير الداخلية آنذاك، رضا كديرة، و"إيلي تورجمان" أخ محمد أوفقير من الرضاعة.
ويقول "إينياس بنسيمون" في كتابه السالف الذكر.. بأمر من الملك محمد الخامس سافر أوفقير إلى إسرائيل للتباحث حول سبل التعاون بين الجهاز الأمني المغربي والمخابرات الإسرائيلية. ويضيف.. أن الوسيطين اللذين لعبا دور الجسر في مفاوضات الحسن الثاني مع تل أبيب، هما "روبير أسراف" و"سام بنزراف"، عضو الحزب الديمقراطي للاستقلال والمدير السابق لديوان عبد القادر بنجلون عندما كان وزيرا للمالية منذ سنة 1956، وفي مارس 1960 سافر بنسالم جسوس إلى القدس وقابل هناك "غولدا مايير"، وزيرة خارجية الكيان الصهيوني حينئذ، وبدأت اللقاءات الأولى بين الملك الحسن الثاني (ولي العهد آنذاك) مع الإسرائيليين في نفس السنة (1960) حيث التقى مع "ألكسندر ايستيرمان" و"جو كولان"، مندوبي المؤتمر اليهودي العالمي.
أساليب الموساد في تجنيد عملائها
عموما من الناحية السيكولوجية يراعي الموساد نقاط الضعف في الشخص الذي يراد تجنيده في صفوفه كعميل أو مخبر أو متعاون، إذ يدرس القائمون على الاستقطاب السمات الشخصية والمزاجية للمرشح قبل السعي إلى الاقتراب منه. ويمكن اختزال الأساليب الرئيسية المستعملة من طرف الموساد في الاستقطاب إلى ثلاثة، وهي الجنس والمال والعاطفة.
وغالبا ما تكون البداية بأخذ الشخص ودفعه لاقتراف فعل مخالف للقانون أو خارج دائرته أو شيء مخالف للأخلاق ومناف له. وتظل القاعدة عند مستقطبي الموساد هي أنه لا يمكن استخدام الأشخاص السعداء في حياتهم والذين لا يشربون الخمر ولا يحبون ممارسة الجنس وليس لهم حاجة ماسة للمال، وليس لديهم مشاكل.
إن المعروف على الموساد هو تفضيله التعامل مع الخونة، لأن العميل هو خائن مهما كانت محاولته لتبرير أو عقلنة الأمر. إن الموساد، في واقع الأمر، يتعامل مع أسوإ أنواع البشر، ويستعمل مهارات عالية، قد تبدو غامضة، في استقطاب عملائه أو مخبريه أو المتعاونين معه، ولو بصفة مؤقتة.
إذا كانت جميع مخابرات العالم تستعمل النساء، فإنه يبدو أنه ليس هناك من يجيد استخدام الأنثى أكثر من المخابرات الصهيونية.
تتنوع أساليب الموساد في تجنيد العملاء وتدريبهم والسيطرة عليهم تنوعا كبيرا، وذلك حسب اختلاف الهدف ومجال العمليات وحسب القائم على عملية الاستقطاب.
فالقاعدة هي أن الموساد مستعد لاستغلال أي نوع من الدوافع، القاسم المشترك فيها، استغلال نقاط الضعف لدى المرشحين، ويمكن إجمالها في: الدافع المادي وضعف الوازع الوطني والابتزاز والضغط والتهديد والمساومة واستغلال عقدة الذنب بالنسبة لبعض الألمان..
استعملت الموساد الدافع المادي بغرض تحقيق رغبة يصبح المرء أسيرا لها، وهنا يتم عرض المال على المرشح إما لتحقيق رغبته أو قضاء حاجته أو للتمتع بالخمر والنساء والظهور بأحسن المظاهر أمام أهله أو حبيبته أو بعد خسارة كبيرة، أي إتباع أقصر الطرق وأسهلها للثراء مع الاستهتار بجميع القيم.
كما عمل الموساد على استخدام المعارضين الذين لحق بهم ضرر بفعل معارضتهم النظام أو اللذين خسروا مصالحهم من جراء سياسة التأميمات أو إعدام أو سجن أحد أقاربهم، فحاول الموساد استغلال الظروف والاتصال بهم بعد تفعيل دافع الانتقام والشعور بالاضطهاد وما يتولد عند هؤلاء من حقد.
وحاول الموساد استخدام الغرباء المقيمين بالبلدان العربية وكذلك المغتربين فكريا، والتنقيب على الضعفاء خلقيا وذوي الشذوذ الجنسي وبالابتزاز والضغط والتهديد والمساومة.
وسعى الموساد أيضا إلى استخدام بعض تجار المخدرات والمهربين، مقابل مساعدتهم في التهريب، أو تمرير بضائعهم.
ولم يترك الموساد الفرصة تفوت دون استغلال دافع الغيرة والمنافسة والخلافات السياسية والخلافات العشائرية لتجنيد العملاء والمخبرين والمتعاونين.
إن الموساد ابتكر أساليب للاستقطاب تختلف حسب الجنسية وحسب مكان التجنيد وحسب السن وموقع العمل والوضع الاجتماعي.
لضمان استمرار هذه العقلية وهذا النهج يختار الموساد ضباطه ورؤساء أقسامه ومسؤولي محطاته والعناصر المهمة في هيكلته من أهل الرعيل الأول من المهاجرين ومن أفراد ضباط القوات المسلحة الذين شاركوا في الحروب العدوانية ضد العرب والفلسطينيين، ومن طلاب المدارس والمعاهد والجامعات المتفوقين ممن أنهوا الخدمة الإجبارية في الجيش الإسرائيلي، وغالبا ما يتم اختيار هؤلاء من "الأشكنازيم" وليس من "السفارديم"، أي من أصول يهودية غربية، ليست شرقية، وخصوصا هؤلاء غير يهود البلدان العربية الذين يستخدمون كمخبرين ومنفذين وعملاء صغار. فالموساد محصور على يهود الغرب.
ومنذ ظهور شبكة الانترنيت، قامت الموساد بإنشاء موقع يطلب فيه من الراغبين بالعمل أن يقوموا بتعبئة استمارة خاصة.
بعض فتوحات عميلات الموساد
من بين أشهر عميلات الموساد "سيندي"، واسمها الحقيقي "شيرلي بن رطوف"، تكلفت بالإيقاع بالرجل الذي كشف لأول مرة أسرار إسرائيل النووية، "مردخاي فاعنونو"، الخبير الإسرائيلي الذي كان يعمل في مفاعل "ديمونا" النووي بجنوب إسرائيل، أقامت "سيندي" علاقة خاصة معه في لندن، واستطاعت في مدة وجيزة تأجيج مشاعره وغرائزه، ثم استدرجته إلى روما عقب نشره معلومات عن قوة إسرائيل النووية في الصحف البريطانية، بالعاصمة الإيطالية، كان عملاء الموساد في انتظاره لتخديره واختطافه لإعادته إلى الكيان الصهيوني.
وهذا ما كان، إذ حكمت عليه محكمة إسرائيلية بالسجن مدى الحياة بعد إدانته بتهمة الخيانة العظمى.
ومن الأحداث التي شاركت في تنفيذها عميلات الموساد، نازلة اغتيال المغربي أحمد البوشيخي، إذ كان باعتقاد الإسرائيليين أنه علي حسن سلامة القيادي الفلسطيني. وبعد هذا الاغتيال اعتقلت الشرطة النرويجية في مدينة "ليلهامر" عميلتين للموساد تأكد تورطهما في هذه الجريمة.
ولما كان القيادي الفلسطيني، علي حسن سلامة، صيدا ثمينا اعتبارا للدور الكبير الذي كان يقوم به في منظمة "فتح" الفلسطينية، فقد قرر الموساد تصفيته بأي ثمن وبأية وسيلة، ولم تفلح في القيام بهذه الجريمة الدنيئة إلا إحدى عميلات الموساد، التي تدعى "أريكا تشيمبرس"، وهي مهاجرة بريطانية إلى إسرائيل.
انتحلت "أريكا" شخصية خبيرة اجتماعية تشارك في شؤون الإغاثة الإنسانية، وعملت في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، واستطاعت في النهاية اغتيال "علي حسن سلامة".
الموساد
الموساد هو الاختصار الشائع لـ "هاموساد ليمودين أو لتافكديم ميوهاديم" أي "معهد الاستخبارات والمهمات الخاصة"، وهي الوكالة الإسرائيلية للاستخبارات.
يضطلع الموساد بمهمة جمع المعلومات الاستخباراتية، والعمليات السرية،ويتركز اهتمامه على الدول العربية والمسلمة بشكل خاص.
تأسس في 1952، ورغم أن منتسبيه لا يحضون برتب عسكرية، إلا أن جميع العاملين بأجهزته سبق لهم وأن خدموا في الجيش الإسرائيلي، والعديد منهم كانوا ضباطا.
كان الموساد يدعى في البداية "موساد عاليه بيتا"، وهو ما يعني "مكتب الهجرة الثانية"، وكان هذا بعد إعلان الكيان الصهيوني، دولة إسرائيل في خريطة العالم السياسية، ظلما وعدوانا، سنة 1948، إذ كانت مهمته الأساسية آنذاك، هي استقدام اليهود إلى أرض فلسطين المغتصبة، من جميع أقطار العالم.
وكان مقر الموساد في البداية بجنيف بالديار السويسرية، ثم انتقل إلى استنبول.
يمثل الموساد حاليا جزءا من المنظومة المخابراتية الإسرائيلية، والتي تضم كذلك "أمان"، وهي المخابرات العسكرية، و"شاباك" وتهتم بالأمن الداخلي وعملها شبيه بعمل مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكية (FBI)، وإدارة الأبحاث والتخطيط السياسي في وزارة الخارجية الإسرائيلية، وهي على اتصال وثيق بـ "أمان" والموساد.
ومن الملاحظ أن الشبكة العنكبوتية للمخابرات الإسرائيلية تكاد تكون نسخة طبق الأصل لنظيرتها الأمريكية.
وحسب صحيفة "واشنطن بوست" يعمل بالموساد أكثر من ألفي شخص.
ويتوفر كذلك على وحدتين خاصتين، الأولى تدعى "كيشت"، متخصصة في عمليات الاختراق والتسلل لتنفيذ عمليات خاصة، باقتحام المكاتب في جميع أرجاء العالم لتصوير المستندات الهامة وزرع أجهزة التنصت في مساكن أو مكاتب المسؤولين أو مواقع هامة للحصول على معلومات تنفع إسرائيل. أما الوحدة الثانية تدعى "ياديد"، خاصة بتأمين حماية كبار عملاء الموساد عند قيامهم بمهام خارج إسرائيل، ومهمتها حراستهم في أوروبا وأمريكا أثناء مقابلاتهم في أماكن سرية مع عملائهم في دول مختلفة.
ومن أخطر فرق الموساد وحدة، تدعى "لاكيم"، وهي جهاز استخباراتي مستقل يضطلع بمهمة سرقة التكنولوجيا، أسسها "سيمون بيريز" عندما كان نائبا لوزير الدفاع في الستينيات، وهي التي خططت ونفذت عملية سرقة التصاميم الخاصة بالطائرة الفرنسية "ميراج".
ويتضمن الموساد كذلك فرقة تدعى "الكيدون"، وهي وحدة داخلية وتتكون من ثلاث فرق، كل منها مكون من اثني عشر شخصا، مهمتهم الاغتيالات، ويطلق عليهم "ذراع عدالة إسرائيل الطويل" أو "الحربة".
عندما كان "إيهود باراك" رئيسا للوزراء، اعتمدت الموساد خطة جلب عملاء جدد عن طريق نشر إعلانات خاصة في الجرائد عن توفر فرص للشغل، للعمل في مناصب كبيرة في الدولة العبرية.
علما أن الموساد تعمل كذلك بشكل سري جدا في صفوف الطوائف اليهودية لأن هناك معارضة قوية بين اليهود ضد الصهيونية.
يمارس الموساد عمله في التجسس والإرهاب تحت ستائر مختلفة وأشكال متعددة، تتمثل في البعثات الدبلوماسية بحمل ألقاب ملحق زراعي أو تجاري أو صحفي، كما أن التواجد الرسمي في المنظمات والوكالات الدولية والإقليمية يشكل غطاء مناسبا يمكن العملاء من التحرك في هيئة الولايات المتحدة والمنظمات التابعة لها.
وفي هذا الصدد كذلك يستغل الموساد مكاتب شركة "زيم" (ZIM) البحرية كستار في مختلف أرجاء العالم، ومن السهل بمكان ملاحظة الحاويات، بنية اللون، المكتوب عليها بالأبيض، بخط واضح كلمة "زيم" في ميناء الدار البيضاء التجاري من حين لآخر، كما أن حضورها مثبت في سجلات شركة "كوماناف" حتى قبل خوصصتها، أما بعدها فحدث ولا حرج.
كما ينشط عملاء الموساد تحت غطاء الصناعات السينمائية، ومن الشركات التي تستغلها المخابرات الإسرائيلية كغطاء، ويعملون تحت مظلتها شركة "هايلي" للإنتاج السينمائي.
وفي المغرب يمارس الموساد أنشطته عبر وسطاء من دول أجنبية سواء كانوا من الأكاديميين أو رجال الأعمال أو الإعلاميين أو الدبلوماسيين، وذلك تحت ستائر متعددة، منها القيام بدور مندوب لشركة عالمية.
كما ينشئ الموساد، كغطاء لنشاطه وتحرك عملائه، بعض المراكز الأكاديمية والثقافية للدراسات، وقد كشفت إحدى الدراسات أن المعهد الأفروأسيوي والمركز الأوروبي للوثائق ومدرسة الدراسات الشرقية الإفريقية التابعة لجامعة لندن، كلها من إنشاء الموساد وبإيعاز منه.
من المراكز والمعاهد التي يستعملها كذلك الموساد كغطاء، كلية لندن للدراسات الاقتصادية والمعهد الأطلسي للشؤون الدولية بباريس ومعهد تحليل السياسات الخارجية في الولايات المتحدة الأمريكية.
ولعل أحسن غطاء تستخدمه الموساد بمباركة العم سام هي الوكالة الدولية للتنمية.
ويستعمل الموساد تصدير الأسلحة، إذ لديه عملاء في أعلى المراكز في قطاع الصناعات الحربية الإسرائيلية، علما أن الدولة العبرية تحتل المرتبة السادسة في العالم بخصوص تصدير الأسلحة ومن زبنائها أكثر من 60 دولة في العالم.
تعتبر المافيا الإسرائيلية من أخطر الغطاءات التي تستعملها الموساد، بل هي إحدى أذرعه الرئيسية خارج تراب الكيان الصهيوني، وحسب العديد من المحللين الإستراتيجيين تشكل المافيا الإسرائيلية السلطة الخامسة في دولة إسرائيل، وهي التي تهيمن على شبكات تهريب المخدرات وتوزيعها، وتسيطر كذلك على الجرائم المنظمة والتصفيات المأجورة، وعلى شبكات الدعارة، وهي بمثابة همزة وصل بين الموساد والإرهاب الدولي.
اعتبارا لنشاطه المتعدد وتحركاته الواسعة وتدخلاته في مختلف أرجاء العالم، برزت عدة أخطاء للموساد، أكثر من أي جهاز استخباراتي في العالم، ومن ضمنها أخطاء ذات علاقة بالمغرب، نذكر منها حادثة مقتل النادل "أحمد بوشيخي" المغربي بالديار النرويجية، والذي حسبه الموساد، "علي حسن سلامة"، أحد الأعضاء البارزين في منظمة "أيلول الأسود" الفلسطينية التي قامت بتنفيذ العملية الفدائية بميونخ الألمانية التي احتضنت الألعاب الأولمبية سنة 1973، وإضافة للمغرب، الذي لم تحرك سلطاته ساكنا بهذا الخصوص، أثار الموساد غضب واستياء كندا لأن عملاءه استعملوا جوازات سفر كندية مزورة للدخول للأردن، لمحاولة اغتيال "خالد مشعل" أحد القياديين البارزين في تنظيم "حماس"، وفي سنة 1977 ألقت السلطات الأردنية القبض على عملاء الموساد الذين كلفوا بتنفيذ هذه الجريمة، وهم المعتقلون الإسرائيليون الذين تمت مقايضتهم بالشهيد الشيخ أحمد ياسين الذي كانت المحاكم الصهيونية قد حكمت عليه بالسجن مدى الحياة وأودعته آنذاك بأحد سجونها.
عموما من الخطأ الكبير عدم تقدير خطورة الموساد الذي قال بخصوصه أحد قادة المخابرات المركزية الأمريكية: "بالمقارنة مع أجهزة مخابرات الدول الأخرى، فإن الموساد يعمل بشكل جيد جدا، فدعايته تلعب دورا هاما في الإرهاب النفسي والمعنوي لخصوم إسرائيل وأمريكا
وبعيدا عن العنصرية ومناهضة السامية، لا يمكن نكران، بأي وجه من الوجوه، أن تاريخ اليهود مليء بقصص الجاسوسية التي حفلت بالجنس ودور المرأة في العمليات السرية التي خدمت أهدافهم ومصالحهم، ومنذ قامت الموساد سنة 1937، في صيغتها الأولى، اعتمدت عمل المرأة بجسدها، وأقامت لذلك مدرسة خاصة لتدريب الفتيات على فنون التجسس والسيطرة بالجنس، وبرعت في ذلك نساء عديدات كن العامل الأساسي لإنجاح عمليات الموساد في اصطياد الجواسيس، وصنفتهن مخابرات الكيان الصهيوني أنهن "فدائيات نجمة داود" أو "حارسات الهيكل".
تحتل النساء مناصب مهمة في جهاز المخابرات الإسرائيلية بالرغم من التدابير القسرية التي تفرض على المتطوعات العميلات والمخبرات كشرط مسبق لقبولهن، أقلها الحرمان من الحمل والإنجاب لخمس سنوات على أقل تقدير.
عملت المخابرات الإسرائيلية على استعمال المرأة في جميع المجالات الاستخبارية، حتى داخل سجون الكيان الصهيوني، في هذا الصدد دأب جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شاباك) على استخدام طريقة وصفها أهل الميدان بـ "غرف العصافير" في المعتقلات الإسرائيلية للإيقاع بالسجناء على رفاقهم رهن الاعتقال، وعبارة "عصافير" ترمز إلى العميل أو المخبر داخل السجن.
إن جهاز "شاباك" يستدعي مومسات إسرائيليات أو أجنبيات من الملاهي والحانات والشوارع ليعملن مؤقتا في تنظيف السجن أو ببعض مرافقه الصحية والاجتماعية أو في المطبخ، ثم بعد ذلك تبدأ المرحلة الموالية، وهي الدخول على المعتقل المستهدف إلى زنزانته بلباس مثير أو عاري، حيث يبدأ الإغراء، وفي حالة التجاوب والاستسلام تضاجعه ويتم تصوير المشهد من أوله إلى آخره، ثم تأتي مرحلة المساومة والابتزاز بتهديد المعني بالأمر بتوزيع الشريط على رفاقه في السجن إن رفض التعامل عن طريق التجسس عليهم واستخراج المعلومات المطلوبة منهم، وإن قبل وانصاع للأمر يصبح "عصفورا" في عرف جهاز "شاباك" الذي دأب على استعمال هذه الطريقة منذ السبعينيات.
إن غالبية عميلات الموساد يعملن موظفات أو ملحقات في منظمات دولية إنسانية أو اجتماعية، وهو غطاء يسمح لهن بتحقيق غزوات استخباراتية ويمكنهن من اختراق الكثير من دوائر صناعة القرار بدول العالم العربي.
من أهم النساء في جهاز الموساد "عليزا ميجن"، وهي مساعدة الرئيس، أي الشخصية رقم 2 في الجهاز المخابراتي الإسرائيلي، تسهر على استخدام النساء الجميلات، خاصة في مهمة تجنيد عميلات عربيات وعملاء عرب للموساد، وتقول "عليزا": "إن المرأة تستطيع أن تكون في المكان الذي لا يمكن أن يتواجد به الرجل، فالمرأة يمكنها ولوج أي مكان بدون أن تثير شكوكا كبيرة، خلافا للرجل، فهن يثرن شكوكا أقل من الرجل".
اهتم الموساد بكل المجالات، حتى الرقص الشرقي، وتهتم اليهوديات كثيرا بهذا النوع من الرقص، وقد أشار تقرير نشرته صحيفة "معاريف" العبرية، إلى علاقة عميلات الموساد بالرقص الشرقي، حيث استخدمت المخابرات الإسرائيلية بعض اليهوديات المحترفات في هذا النوع من الرقص في مهام للتجسس على الجاليات العربية والمسلمة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وفي أمريكا الجنوبية.
لقد تم تجنيد واحدة منهن للكشف عن ثروات وأموال العرب وأرصدتهم بالبنوك الغربية.
فهناك ما يناهز 90 مدرسة لتعليم الرقص الشرقي في إسرائيل، وذلك رغم معارضة اليهود المتدينين للفكرة.
وفي هذا المضمار قال أحد كبار الحاخامات بالدولة العبرية إن حركات الجسم تجعله يبدو رخيصا ويكشف أجزاءه المحتشمة، إنه حتى لو كانت الراقصة بكامل ثيابها وتقوم بالرقص أمام جمهور من النساء فقط، فإن الشريعة اليهودية لا تسمح بذلك...".
حسب تقارير مخابراتية كشفت عن إحداها صحيفة "معاريف"، هناك أكثر من 30 مهرجانا للرقص الشرقي يقام سنويا في أكثر من دولة على مستوى العالم، ويحرص القائمون عليها على استدعاء راقصات عربيات مرموقات ضمن لجان التحكيم، منهن أشهر الراقصات المصريات مثل نجوى فؤاد ولوسي ودينا وفيفي عبده وراندا كامل ورقية حداد وسماسم ومنى صالح...
الجنس والموساد
استخدم الجنس كسلاح في الجاسوسية والحصول على المعلومات، وذلك ارتكازا على القاعدة الأبدية القائلة "الغاية تبرر الوسيلة"، أي العمل بكل وسيلة للحصول على المبتغى ولو بالانتفاع بالضعف البشري أمام الفاتنات من الفتيات المدربات، تدريبا جيدا، لهذا الغرض بالذات.
عملت الموساد منذ التأسيس على تدريب الفتيات المستقطبات على استخدام العلاقات الجنسية كوسيلة لحل عقدة الألسنة على فراش يحوي جسد فاتنة لعوب.
ويخضع الموساد عميلاته لتداريب دقيقة ومكثفة في هذا المجال حتى يصبحن متخصصات في استخدام أجسادهن وفي التفنن العلاقات الجنسية وضبطها لاستغلالها على أحسن وجه لبلوغ المقصود، وذلك ضمانا لاستجابة الشخص المراد إغراؤه وإغواؤه أو استدراجه، مع حشد سرعة البديهة والذكاء لدى العميلة للحصول على ما هي مطالبة باستخراجه من معلومات دون إثارة ارتياب الضحية.
كما تتدرب عميلات الموساد على كيفية إعداد الضحية وإيصاله إلى الدرجة التي تكون رغبته عندها للاتصال الجنسي مساوية للاستعداد لتقديم ما هو مطلوب من معلومات أو إنجاز مهام، مهما كانت خطورتها.
خضعت المغربيات المستقطبات من طرف الموساد لتداريب مكثفة خاصة باستعمال الجنس ومفاتن أجسادهن في أعمال جمع المعلومات أو الدفع للتعاون بعد الابتزاز.
ومن المعلوم أن هناك شبه عرف واتفاق بين رجال ونساء الموساد، مفاده أن بإمكانهم أن يقيموا اتصالات جنسية فيما بينهم.
وحسب شهادة أحد رجال الموساد، في مبنى قيادة المخابرات الإسرائيلية هناك جناح يسمى "الحجرة الصامتة" يمارس فيها الجنس بكل حرية، ويقول الشاهد من أهلها: "ما خيب أملي أنني اعتقدت عند حضوري إلى مقر الموساد أني ألج معبد إسرائيل، فإذا بي في فضاء اللواط والجنس، فكل شخص هناك مرتبط بشخص آخر من خلال الجنس، كان نظاما متبادلا من الخدمات البينية.. أنا أدين لك وأنت تدين لي، أنت تساعدني وأنا أساعدك، كانت أغلب العاملات بمبنى الموساد على درجة عالية من الجمال، إذ أن الجمال ظل أحد الشروط الأساسية للاختيار... لا يمكن تصور الأهمية التي يلعبها الجنس في حياة عملاء الموساد والعاملين به، علما أنه لا يمكن أن يصبح المرء عنصرا في جهاز المخابرات الإسرائيلية إلا إذا كان متزوجا.
ففي سيكولوجيا المخابرات الصهيونية تم تكريس انتباه خاص للأفخاخ الجنسية، حيث تلتقط صور لشابات في أوضاع مشينة ومثيرة تستخدم لابتزاز الأشخاص المطلوب منهم التعامل مع الموساد، إذ يتم تهديدهم بنشر تلك الصور في حالة الرفض وعدم الامتثال، وظل هذا السلاح قويا في أجهزة المخابرات الإسرائيلية، لاسيما بخصوص العالم العربي والإسلامي.
قام الموساد بتركيب صورة فاضحة بطريقة فائقة بهدف الابتزاز أو المساومة للحصول على معلومات وتجميعها، كما تم تصوير بعض المسؤولين العرب الكبار من خلال عملية التلاعب بالأفخاخ الجنسية. ولعبت هذه الخطة، وفق العمليات الابتزازية ووفق نشاط رجال ونساء الموساد وعملائه وتبعا لسيكولوجيا الجنس، دورا مركزيا في الحرب النفسية كما يمارسها جهاز الموساد.
وقد ساهمت المجندات المغربيات بإغراء بعض الشخصيات العربية والأجنبية حيث تمت ممارسة الرذيلة معهم في أماكن مرصودة لذلك، وقام الموساد بتصويرهم في أوضاع فاضحة لتهديدهم في حالة رفض الانصياع والكشف عن المعلومات المطلوبة.
ويقوم الموساد باستخدام المرأة في نصب المكائد الجنسية، ويوظف الجنس كأهم الأسلحة في عملياته السرية. إنه لتصرف شائع أن يتم استخلاص المعلومات من شخصيات وازنة بأخذهم إلى مكان هادئ، فيكافؤون على عملهم الدنيء هذا بتوفير فتيات فاتنات لهم، ويتم تصوير ممارستهم للجنس لاستخدام الصورة للضغط الابتزازي لضمان ولائهم للكيان الصهيوني.
نفذ "سلاح النساء التجسسي" التابع للموساد الكثير من العمليات عبر العالم، منها تجميع المعلومات التي قادت إلى اغتيال جملة من القادة الفلسطينيين وسرقة أسرار السفارة الإيرانية في قبرص، وأسرار مكاتب حزب الله في سويسرا، واختطاف الخبير النووي الإسرائيلي "فاعنونو" من الديار الإيطالية وإعادته إلى الكيان الصهيوني لمعاقبته على كشف أسرار السلاح النووي الإسرائيلي.
اهتمام الموساد بالمغرب ليس وليد اليوم
إن تسلل عملاء إسرائيليين إلى المجتمع المغربي والاهتمام، لاسيما بالمغربيات، ليس وليد اليوم وإنما هو قديم.
لقد تأكد أن العلاقات مع الموساد ظهرت منذ حصول المغرب على الاستقلال وتوطدت في فجر الستينيات، وتكرست فعلا مع حملة تهجير اليهود المغاربة شبه العلنية إلى إسرائيل، إلا أن هذه العلاقات السرية بدأت منذ الاستقلال، وتوطدت مع قدوم الموساد على إمداد المغرب بمعلومات، قيل إنها قيمة، بخصوص محاولة اغتيال الملك الحسن الثاني (ولي العهد وقتئذ) في فبراير 1960، وهذا ما أقره "إينياس بنسيمون" في كتابه "الحسن الثاني واليهود"، في حين أكد "ييغال بن نون" (المؤرخ الإسرائيلي)، أن العلاقة بين إسرائيل والمغرب بدأت سنة 1963 وليس قبل هذا التاريخ.
كان أول لقاء بين المغاربة والإسرائيليين، هو الذي جرى بباريس بين الجنرال محمد أوفقير (كولونيل آنذاك) وعميل الموساد "يعقوب كاروف" بواسطة "إيميل بنحمو".
وحسب أكثر من مصدر، إن المخابرات المغربية هي التي سعت وراء هذا اللقاء لقطع الطريق على المعارضة المغربية الراديكالية التي خططت لإرسال أحد عناصرها لمحاولة التفاوض لاقتناء أسلحة تحت غطاء أنه مبعوث من طرف القصر الملكي أو قريب منه، ومنذئذ توطدت العلاقة وتقوت.
وفيما بين 1958 و1960 اتجه عملاء الموساد إلى المغرب الذي زاره آنذاك رئيسه "إسير هاريل" في شتنبر 1958 للبث في قضية ترحيل اليهود المغاربة إلى إسرائيل.
وبعد ذلك سافر محمد أوفقير والدليمي وآخرون إلى الكيان الصهيوني، ويرجع الفضل لضباط "تساحال" والموساد في إنشاء وهيكلة "الكاب 1" سيء الذكر.
كشفت العديد من التقارير عن بعض ما قام به الموساد وعملاؤه في الستينيات لجلب اليهود المغاربة "لأرض الميعاد" (إسرائيل)، وكذلك أثناء ولاية رئيسة الوزراء الإسرائيلية "غولدا مايير" لاختراق الدائرة المحيطة بملك المغرب آنذاك.
وبعد اكتشاف فحوى العملية من التقارير الاستخباراتية، تبين أن الموساد نظم جلسات مطولة بعد أن توصل بمعلومات تفيد أن الجاليات اليهودية المغربية أضحت مستعدة لمغادرة المغرب بفعل العمل الذي قام به عملاؤه والصهاينة، فقرر إنجاز عمليات تهريبهم.
ومما جاء في كتاب "الحسن الثاني واليهود"، أنه في نهاية يناير 1959 نظم الموساد عدة لقاءات بباريس بين الكولونيل أوفقير وأحد الدبلوماسيين الإسرائيليين العاملين هناك وقتئذ. وحدث ذلك بفضل وساطة بعض اليهود المغاربة الذين كانوا على علاقة وثيقة بمحمد أوفقير، ومنهم "دافيد عمار"، رئيس الجاليات اليهودية بالمغرب، و"روبير أسراف"، وكان متعاونا مع وزير الداخلية آنذاك، رضا كديرة، و"إيلي تورجمان" أخ محمد أوفقير من الرضاعة.
ويقول "إينياس بنسيمون" في كتابه السالف الذكر.. بأمر من الملك محمد الخامس سافر أوفقير إلى إسرائيل للتباحث حول سبل التعاون بين الجهاز الأمني المغربي والمخابرات الإسرائيلية. ويضيف.. أن الوسيطين اللذين لعبا دور الجسر في مفاوضات الحسن الثاني مع تل أبيب، هما "روبير أسراف" و"سام بنزراف"، عضو الحزب الديمقراطي للاستقلال والمدير السابق لديوان عبد القادر بنجلون عندما كان وزيرا للمالية منذ سنة 1956، وفي مارس 1960 سافر بنسالم جسوس إلى القدس وقابل هناك "غولدا مايير"، وزيرة خارجية الكيان الصهيوني حينئذ، وبدأت اللقاءات الأولى بين الملك الحسن الثاني (ولي العهد آنذاك) مع الإسرائيليين في نفس السنة (1960) حيث التقى مع "ألكسندر ايستيرمان" و"جو كولان"، مندوبي المؤتمر اليهودي العالمي.
أساليب الموساد في تجنيد عملائها
عموما من الناحية السيكولوجية يراعي الموساد نقاط الضعف في الشخص الذي يراد تجنيده في صفوفه كعميل أو مخبر أو متعاون، إذ يدرس القائمون على الاستقطاب السمات الشخصية والمزاجية للمرشح قبل السعي إلى الاقتراب منه. ويمكن اختزال الأساليب الرئيسية المستعملة من طرف الموساد في الاستقطاب إلى ثلاثة، وهي الجنس والمال والعاطفة.
وغالبا ما تكون البداية بأخذ الشخص ودفعه لاقتراف فعل مخالف للقانون أو خارج دائرته أو شيء مخالف للأخلاق ومناف له. وتظل القاعدة عند مستقطبي الموساد هي أنه لا يمكن استخدام الأشخاص السعداء في حياتهم والذين لا يشربون الخمر ولا يحبون ممارسة الجنس وليس لهم حاجة ماسة للمال، وليس لديهم مشاكل.
إن المعروف على الموساد هو تفضيله التعامل مع الخونة، لأن العميل هو خائن مهما كانت محاولته لتبرير أو عقلنة الأمر. إن الموساد، في واقع الأمر، يتعامل مع أسوإ أنواع البشر، ويستعمل مهارات عالية، قد تبدو غامضة، في استقطاب عملائه أو مخبريه أو المتعاونين معه، ولو بصفة مؤقتة.
إذا كانت جميع مخابرات العالم تستعمل النساء، فإنه يبدو أنه ليس هناك من يجيد استخدام الأنثى أكثر من المخابرات الصهيونية.
تتنوع أساليب الموساد في تجنيد العملاء وتدريبهم والسيطرة عليهم تنوعا كبيرا، وذلك حسب اختلاف الهدف ومجال العمليات وحسب القائم على عملية الاستقطاب.
فالقاعدة هي أن الموساد مستعد لاستغلال أي نوع من الدوافع، القاسم المشترك فيها، استغلال نقاط الضعف لدى المرشحين، ويمكن إجمالها في: الدافع المادي وضعف الوازع الوطني والابتزاز والضغط والتهديد والمساومة واستغلال عقدة الذنب بالنسبة لبعض الألمان..
استعملت الموساد الدافع المادي بغرض تحقيق رغبة يصبح المرء أسيرا لها، وهنا يتم عرض المال على المرشح إما لتحقيق رغبته أو قضاء حاجته أو للتمتع بالخمر والنساء والظهور بأحسن المظاهر أمام أهله أو حبيبته أو بعد خسارة كبيرة، أي إتباع أقصر الطرق وأسهلها للثراء مع الاستهتار بجميع القيم.
كما عمل الموساد على استخدام المعارضين الذين لحق بهم ضرر بفعل معارضتهم النظام أو اللذين خسروا مصالحهم من جراء سياسة التأميمات أو إعدام أو سجن أحد أقاربهم، فحاول الموساد استغلال الظروف والاتصال بهم بعد تفعيل دافع الانتقام والشعور بالاضطهاد وما يتولد عند هؤلاء من حقد.
وحاول الموساد استخدام الغرباء المقيمين بالبلدان العربية وكذلك المغتربين فكريا، والتنقيب على الضعفاء خلقيا وذوي الشذوذ الجنسي وبالابتزاز والضغط والتهديد والمساومة.
وسعى الموساد أيضا إلى استخدام بعض تجار المخدرات والمهربين، مقابل مساعدتهم في التهريب، أو تمرير بضائعهم.
ولم يترك الموساد الفرصة تفوت دون استغلال دافع الغيرة والمنافسة والخلافات السياسية والخلافات العشائرية لتجنيد العملاء والمخبرين والمتعاونين.
إن الموساد ابتكر أساليب للاستقطاب تختلف حسب الجنسية وحسب مكان التجنيد وحسب السن وموقع العمل والوضع الاجتماعي.
لضمان استمرار هذه العقلية وهذا النهج يختار الموساد ضباطه ورؤساء أقسامه ومسؤولي محطاته والعناصر المهمة في هيكلته من أهل الرعيل الأول من المهاجرين ومن أفراد ضباط القوات المسلحة الذين شاركوا في الحروب العدوانية ضد العرب والفلسطينيين، ومن طلاب المدارس والمعاهد والجامعات المتفوقين ممن أنهوا الخدمة الإجبارية في الجيش الإسرائيلي، وغالبا ما يتم اختيار هؤلاء من "الأشكنازيم" وليس من "السفارديم"، أي من أصول يهودية غربية، ليست شرقية، وخصوصا هؤلاء غير يهود البلدان العربية الذين يستخدمون كمخبرين ومنفذين وعملاء صغار. فالموساد محصور على يهود الغرب.
ومنذ ظهور شبكة الانترنيت، قامت الموساد بإنشاء موقع يطلب فيه من الراغبين بالعمل أن يقوموا بتعبئة استمارة خاصة.
بعض فتوحات عميلات الموساد
من بين أشهر عميلات الموساد "سيندي"، واسمها الحقيقي "شيرلي بن رطوف"، تكلفت بالإيقاع بالرجل الذي كشف لأول مرة أسرار إسرائيل النووية، "مردخاي فاعنونو"، الخبير الإسرائيلي الذي كان يعمل في مفاعل "ديمونا" النووي بجنوب إسرائيل، أقامت "سيندي" علاقة خاصة معه في لندن، واستطاعت في مدة وجيزة تأجيج مشاعره وغرائزه، ثم استدرجته إلى روما عقب نشره معلومات عن قوة إسرائيل النووية في الصحف البريطانية، بالعاصمة الإيطالية، كان عملاء الموساد في انتظاره لتخديره واختطافه لإعادته إلى الكيان الصهيوني.
وهذا ما كان، إذ حكمت عليه محكمة إسرائيلية بالسجن مدى الحياة بعد إدانته بتهمة الخيانة العظمى.
ومن الأحداث التي شاركت في تنفيذها عميلات الموساد، نازلة اغتيال المغربي أحمد البوشيخي، إذ كان باعتقاد الإسرائيليين أنه علي حسن سلامة القيادي الفلسطيني. وبعد هذا الاغتيال اعتقلت الشرطة النرويجية في مدينة "ليلهامر" عميلتين للموساد تأكد تورطهما في هذه الجريمة.
ولما كان القيادي الفلسطيني، علي حسن سلامة، صيدا ثمينا اعتبارا للدور الكبير الذي كان يقوم به في منظمة "فتح" الفلسطينية، فقد قرر الموساد تصفيته بأي ثمن وبأية وسيلة، ولم تفلح في القيام بهذه الجريمة الدنيئة إلا إحدى عميلات الموساد، التي تدعى "أريكا تشيمبرس"، وهي مهاجرة بريطانية إلى إسرائيل.
انتحلت "أريكا" شخصية خبيرة اجتماعية تشارك في شؤون الإغاثة الإنسانية، وعملت في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، واستطاعت في النهاية اغتيال "علي حسن سلامة".
الموساد
الموساد هو الاختصار الشائع لـ "هاموساد ليمودين أو لتافكديم ميوهاديم" أي "معهد الاستخبارات والمهمات الخاصة"، وهي الوكالة الإسرائيلية للاستخبارات.
يضطلع الموساد بمهمة جمع المعلومات الاستخباراتية، والعمليات السرية،ويتركز اهتمامه على الدول العربية والمسلمة بشكل خاص.
تأسس في 1952، ورغم أن منتسبيه لا يحضون برتب عسكرية، إلا أن جميع العاملين بأجهزته سبق لهم وأن خدموا في الجيش الإسرائيلي، والعديد منهم كانوا ضباطا.
كان الموساد يدعى في البداية "موساد عاليه بيتا"، وهو ما يعني "مكتب الهجرة الثانية"، وكان هذا بعد إعلان الكيان الصهيوني، دولة إسرائيل في خريطة العالم السياسية، ظلما وعدوانا، سنة 1948، إذ كانت مهمته الأساسية آنذاك، هي استقدام اليهود إلى أرض فلسطين المغتصبة، من جميع أقطار العالم.
وكان مقر الموساد في البداية بجنيف بالديار السويسرية، ثم انتقل إلى استنبول.
يمثل الموساد حاليا جزءا من المنظومة المخابراتية الإسرائيلية، والتي تضم كذلك "أمان"، وهي المخابرات العسكرية، و"شاباك" وتهتم بالأمن الداخلي وعملها شبيه بعمل مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكية (FBI)، وإدارة الأبحاث والتخطيط السياسي في وزارة الخارجية الإسرائيلية، وهي على اتصال وثيق بـ "أمان" والموساد.
ومن الملاحظ أن الشبكة العنكبوتية للمخابرات الإسرائيلية تكاد تكون نسخة طبق الأصل لنظيرتها الأمريكية.
وحسب صحيفة "واشنطن بوست" يعمل بالموساد أكثر من ألفي شخص.
ويتوفر كذلك على وحدتين خاصتين، الأولى تدعى "كيشت"، متخصصة في عمليات الاختراق والتسلل لتنفيذ عمليات خاصة، باقتحام المكاتب في جميع أرجاء العالم لتصوير المستندات الهامة وزرع أجهزة التنصت في مساكن أو مكاتب المسؤولين أو مواقع هامة للحصول على معلومات تنفع إسرائيل. أما الوحدة الثانية تدعى "ياديد"، خاصة بتأمين حماية كبار عملاء الموساد عند قيامهم بمهام خارج إسرائيل، ومهمتها حراستهم في أوروبا وأمريكا أثناء مقابلاتهم في أماكن سرية مع عملائهم في دول مختلفة.
ومن أخطر فرق الموساد وحدة، تدعى "لاكيم"، وهي جهاز استخباراتي مستقل يضطلع بمهمة سرقة التكنولوجيا، أسسها "سيمون بيريز" عندما كان نائبا لوزير الدفاع في الستينيات، وهي التي خططت ونفذت عملية سرقة التصاميم الخاصة بالطائرة الفرنسية "ميراج".
ويتضمن الموساد كذلك فرقة تدعى "الكيدون"، وهي وحدة داخلية وتتكون من ثلاث فرق، كل منها مكون من اثني عشر شخصا، مهمتهم الاغتيالات، ويطلق عليهم "ذراع عدالة إسرائيل الطويل" أو "الحربة".
عندما كان "إيهود باراك" رئيسا للوزراء، اعتمدت الموساد خطة جلب عملاء جدد عن طريق نشر إعلانات خاصة في الجرائد عن توفر فرص للشغل، للعمل في مناصب كبيرة في الدولة العبرية.
علما أن الموساد تعمل كذلك بشكل سري جدا في صفوف الطوائف اليهودية لأن هناك معارضة قوية بين اليهود ضد الصهيونية.
يمارس الموساد عمله في التجسس والإرهاب تحت ستائر مختلفة وأشكال متعددة، تتمثل في البعثات الدبلوماسية بحمل ألقاب ملحق زراعي أو تجاري أو صحفي، كما أن التواجد الرسمي في المنظمات والوكالات الدولية والإقليمية يشكل غطاء مناسبا يمكن العملاء من التحرك في هيئة الولايات المتحدة والمنظمات التابعة لها.
وفي هذا الصدد كذلك يستغل الموساد مكاتب شركة "زيم" (ZIM) البحرية كستار في مختلف أرجاء العالم، ومن السهل بمكان ملاحظة الحاويات، بنية اللون، المكتوب عليها بالأبيض، بخط واضح كلمة "زيم" في ميناء الدار البيضاء التجاري من حين لآخر، كما أن حضورها مثبت في سجلات شركة "كوماناف" حتى قبل خوصصتها، أما بعدها فحدث ولا حرج.
كما ينشط عملاء الموساد تحت غطاء الصناعات السينمائية، ومن الشركات التي تستغلها المخابرات الإسرائيلية كغطاء، ويعملون تحت مظلتها شركة "هايلي" للإنتاج السينمائي.
وفي المغرب يمارس الموساد أنشطته عبر وسطاء من دول أجنبية سواء كانوا من الأكاديميين أو رجال الأعمال أو الإعلاميين أو الدبلوماسيين، وذلك تحت ستائر متعددة، منها القيام بدور مندوب لشركة عالمية.
كما ينشئ الموساد، كغطاء لنشاطه وتحرك عملائه، بعض المراكز الأكاديمية والثقافية للدراسات، وقد كشفت إحدى الدراسات أن المعهد الأفروأسيوي والمركز الأوروبي للوثائق ومدرسة الدراسات الشرقية الإفريقية التابعة لجامعة لندن، كلها من إنشاء الموساد وبإيعاز منه.
من المراكز والمعاهد التي يستعملها كذلك الموساد كغطاء، كلية لندن للدراسات الاقتصادية والمعهد الأطلسي للشؤون الدولية بباريس ومعهد تحليل السياسات الخارجية في الولايات المتحدة الأمريكية.
ولعل أحسن غطاء تستخدمه الموساد بمباركة العم سام هي الوكالة الدولية للتنمية.
ويستعمل الموساد تصدير الأسلحة، إذ لديه عملاء في أعلى المراكز في قطاع الصناعات الحربية الإسرائيلية، علما أن الدولة العبرية تحتل المرتبة السادسة في العالم بخصوص تصدير الأسلحة ومن زبنائها أكثر من 60 دولة في العالم.
تعتبر المافيا الإسرائيلية من أخطر الغطاءات التي تستعملها الموساد، بل هي إحدى أذرعه الرئيسية خارج تراب الكيان الصهيوني، وحسب العديد من المحللين الإستراتيجيين تشكل المافيا الإسرائيلية السلطة الخامسة في دولة إسرائيل، وهي التي تهيمن على شبكات تهريب المخدرات وتوزيعها، وتسيطر كذلك على الجرائم المنظمة والتصفيات المأجورة، وعلى شبكات الدعارة، وهي بمثابة همزة وصل بين الموساد والإرهاب الدولي.
اعتبارا لنشاطه المتعدد وتحركاته الواسعة وتدخلاته في مختلف أرجاء العالم، برزت عدة أخطاء للموساد، أكثر من أي جهاز استخباراتي في العالم، ومن ضمنها أخطاء ذات علاقة بالمغرب، نذكر منها حادثة مقتل النادل "أحمد بوشيخي" المغربي بالديار النرويجية، والذي حسبه الموساد، "علي حسن سلامة"، أحد الأعضاء البارزين في منظمة "أيلول الأسود" الفلسطينية التي قامت بتنفيذ العملية الفدائية بميونخ الألمانية التي احتضنت الألعاب الأولمبية سنة 1973، وإضافة للمغرب، الذي لم تحرك سلطاته ساكنا بهذا الخصوص، أثار الموساد غضب واستياء كندا لأن عملاءه استعملوا جوازات سفر كندية مزورة للدخول للأردن، لمحاولة اغتيال "خالد مشعل" أحد القياديين البارزين في تنظيم "حماس"، وفي سنة 1977 ألقت السلطات الأردنية القبض على عملاء الموساد الذين كلفوا بتنفيذ هذه الجريمة، وهم المعتقلون الإسرائيليون الذين تمت مقايضتهم بالشهيد الشيخ أحمد ياسين الذي كانت المحاكم الصهيونية قد حكمت عليه بالسجن مدى الحياة وأودعته آنذاك بأحد سجونها.
عموما من الخطأ الكبير عدم تقدير خطورة الموساد الذي قال بخصوصه أحد قادة المخابرات المركزية الأمريكية: "بالمقارنة مع أجهزة مخابرات الدول الأخرى، فإن الموساد يعمل بشكل جيد جدا، فدعايته تلعب دورا هاما في الإرهاب النفسي والمعنوي لخصوم إسرائيل وأمريكا
تعليق