المصدر المركز الفلسطيني للإعلام
والموضوع لا يثير أحقادا بل انه يركز على المؤامرات التي تحاك ضد فلسطين وغزة بالتحديد من قبل سلطة أوسلو التي تعتقل المجاهدين وتنسق أمنيا مع الأعداء
جاء التباحث في إعلان قطاع غزة "إقليما متمرداً"، التي يسعى إليه فريق السلطة برام الله، كفكرة مشابهة ومتوافقة إلى حد كبير مع فكرة صهيونية سابقة بإعلان قطاع غزة "كياناً معادياً"، حيث أن كلا الفكرتين تحتويان في جوهرهما إعلان الحرب على قطاع غزة ووقف التعامل معه وقطع المساعدات ووقف الرواتب ومنع دخول المواد الخام وما شابه ذلك من أفكار تعكس روح العداء للطرفين المذكورين تجاه قطاع غزة الذي أعطى ولائه كاملاً للجهاد والمقاومة ضد الاحتلال ووجوده في فلسطين.
الهروب الأخير نحو تعزيز الانقسام
وبالنسبة لسلطة محمود عباس في رام الله؛ فإن التلويح باستخدام هذا الخيار (الإعلان عن القطاع إقليماً متمرداً) يعتبر الهروب الأخير لفتح ولفريق عباس والذين لم يألُ جهداً طيلة العامين الماضيين في تعزيز الانقسام بين شطري الوطن والهروب والتغطية على هزيمتها أمام حركة حماس في الانتخابات التشريعية الأخيرة بوضع العراقيل أمام أداء الحكومة الفلسطينية واستخدام أعمال العنف والتخريب وإثارة بعض الجيوب المتبقية لفلول التيار الخياني بهدف القضاء على حكم حركة حماس الشرعي في قطاع غزة.
وإن الفضيحة الأخيرة المدوية، بحسب المتابعين، هي تلك الخطة الجديدة والمبيتة التي تكشفت خيوطها وتفاصيلها وناقشتها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية مؤخراً وتقضي بإعلان قطاع غزة إقليماً متمرداً ووقف الخدمات المقدمة بناء على ذلك، اعتبرها المراقبون "ورقة الضغط الأخيرة" لدى حكومة عباس (غير القانونية) التي تعاني الإرباك والإفلاس فيما يتعلق بالحوار الوطني أو العملية التفاوضية مع الاحتلال الصهيوني الذي بات يحرّك فريق عباس كيف ما يشاء.
تفاصيل الخطة "الشيطانية" المذكورة
وتتلخص تفاصيل الخطة المذكورة والتي وصفها العديد من المراقبين بـ "المتطرفة وغير الواقعية" في عدة نقاط أهمها هو إعلان قطاع غزة "إقليماً متمرداً" تحت إمرة "ميليشيات" مسلحة، وبناء على ذلك سيتم وقف كافة الخدمات المقدمة للقطاع، ثم الطلب رسميا من كل البنوك الفلسطينية وقف كافة خدماتها وإغلاق أبوابها إلى إشعار آخر في قطاع غزة وستقوم السلطة بوقف تصدير أي نقود للقطاع منذ تاريخ القرار حتى تصبح أي ورقة عملة مهما بلغت قيمتها بلا معنى"، ثم فتح باب القضاء لاستلام الدعوات ضد حركة حماس وتقديم هذه الملفات للقضاء الفلسطيني والتوجه إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي وتقديم ملفات ووثائق ضد كل قيادة "حماس" بتهمة إقامة "مجازر جماعية" في غزة، وهنا ستطلب القيادة الفلسطينية رسمياً من الأمم المتحدة التدخل بإرسال قوات أمن إلى غزة لتحريرها من حركة "حماس".
تشابه مع رؤية العدو
وتتشابه هذه الخطة والتي وصفتها حركة "حماس" بأنها "خطيرة" إلى حد كبير بالقرار الصهيوني السابق الذي اعتبر قطاع غزة "كياناً معادياً" وبناء عليه تم حرمانه من كافة الخدمات المقدمة مثل الكهرباء والماء والوقود والمواد التموينية والغذائية علاوة على تشديد الحصار وإبقاء المعابر في حالة إغلاق متواصل.
وحسب المراقبين فإن "الخطة المطروحة" من قبل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير "جهنمية" تقود الشعب الفلسطيني إلى سنوات جديدة من الضياع وأيام النكبة التي ما زال يعيش على ذكراها وآلامها، كما أن مثل هذا الاقتراح الشيطاني الخطير يعد فيما لو تم التجاوب معه أو قُبل من جانب الأطراف النافذة في حركة "فتح" آخر مسمار في نعش المصالحة الوطنية الفلسطينية التي يسعى الجميع إلى تحريك مفاصلها الجامدة، وبعث الحياة في عروقها المتصلبة، وسيوسع مثل هذا الاقتراح، حسب المراقبين، من دائرة الخلاف بين الفرقاء ويجعل من الصعب التلاقي في منتصف الطريق كما سيسهم في دخول القضية الفلسطينية إلى حقول الألغام.
التغطية على هزيمة "فتح" وفشل عباس
ولم تكن هذه الخطة المقترحة جديدة أو وليدة اللحظة، فثمة إجراءات عديدة تمت ترجمتها فعلياً من قبل "حكومة" عباس - فياض (غير الشرعية) وحركة "فتح" على أرض الواقع سابقاً وتتفق إلى حد كبير مع ما جاء في بنود الخطة المقترحة.
فقد حاولت حركة "فتح" في أعقاب فوز حماس في الانتخابات التشريعية الأخيرة الهروب والتغطية على هزيمتها وذلك بعرقلة أداء الحكومتين العاشرة والحادية عشرة ومن ثم استخدام أعمال العنف والتخريب والتفجيرات لزعزعة الاستقرار التي فشلت وانتهت بهروب التيار الخياني في أعقاب هزيمته أمام صمود حماس في الرابع عشر من حزيران 2006م.
وثمة محاولات عديدة قامت بها حركة "فتح" إبان الحسم العسكري لإثارة بعض الجيوب الباقية في القطاع ألا أن هذه المحاولات باءت أيضا بالفشل وانتهت بهروب آخر فلول التيار الانقلابي شرق غزة.
سلطة عباس تدرس الخطة بجدية!
الهزائم المتوالية لحركة "فتح" وهروب قادتها إلى الضفة الغربية دفع عباس وقيادات فتحاوية عديدة في مواقف وتصريحات عدة إلى التلويح بإمكانية إعلان قطاع غزة "إقليماً متمرداً" في حالة عدم تجاوب حركة حماس مع مبادرات الحوار والتراجع عن الحسم العسكري.
وسبق أن أكد عزام الأحمد رئيس كتلة "فتح" النيابية في المجلس التشريعي نية عباس واللجنة التنفيذية تنفيذ واتخاذ مثل هذا القرار حيث، كشف في تصريحات له بأن مؤسسات السلطة الفلسطينية تدرس بجدية منذ بضعة أسابيع اقتراحاً يقضي باعتبار قطاع غزة إقليماً متمرداً يخضع لسيطرة ما وصفها بـ" عصابة عسكرية نفذت عصياناً مسلحاً".
وثمة مواقف مسبقة لرئيس السلطة محمود عباس من دخول ونشر قوات دولية حيث المح في أكثر من موقف عن تأييده لجلب ونشر أي قوة دولية في قطاع غزة لإنهاء حالة الانقسام وهو ما رفضته حركة "حماس".
فريق رام الله مع تشديد الحصار
وقد لعب فريق عباس و"حكومة" رام الله (غير الشرعية)، دوراً رئيسياً في تشديد الحصار والخناق على قطاع غزة من خلال إصرارها على إغلاق معبر رفح ورفضها التجاوب مع الجهود المبذولة وتمسكها باتفاقيات عام 2005م، المجحفة وإنهاء ما يسمى بـ "الانقلاب!" في القطاع، ودفع هذا الموقف الجانب المصري إلى تشديد الحصار على القطاع والتمسك بعدم فتح معبر رفح إلا وفق الاتفاقيات وعندما يكون هناك انتشار وسيطرة كاملة لأجهزة عباس عليه.
كما وحرمت "حكومة" فياض - عباس منذ تولي "حماس" سدة الحكم عشرات الآلاف من الموظفين والمعلمين والأطباء من رواتبهم دون أية مبررات أو بتهمة الانتماء لحركة حماس، وتحدثت مصادر إعلامية مؤخرا أن "حكومة" فياض (غير الشرعية)، تدرس بجدية قطع رواتب بقية الموظفين في قطاع غزة بعدما قطعت رواتب حوالي نصفهم بحجة أنهم يعملون ضد الشرعية الفلسطينية.
ويبلغ عدد موظفي السلطة الفلسطينية قرابة 165 ألف موظف، تدفع السلطة لهم رواتب بقيمة 120 مليون دولار شهرياً، وأعاقت سلطة رام الله دخول الوقود وساهمت في خلق أزمة كارثية في كافة الخدمات المقدمة للقطاع ومن بينها الخدمات الصحية بسبب انقطاع الماء والكهرباء الأمر الذي أودى بحياة مئات المواطنين والمرضى، كما ومارست مقاطعة رام الله فعليا الضغط على البنوك العاملة في قطاع غزة لنقل مقارها إلى الضفة الغربية.
اللعب على وتر البنوك
ومنذ فوز "حماس" في الانتخابات التشريعية؛ ترفض البنوك وبضغط دولي وعربي وبناء على طلب رئيس السلطة محمود عباس التعامل مع أي حكومة تتولاها حركة "حماس"، وذلك بدعوى الخوف من موجة عقوبات ودعاوى قضائية أمريكية.
وقطعت البنوك على الفور الروابط مع أية مؤسسات ترتبط بحركة "حماس"، كما امتنعت عن تحويل المنح العربية والإسلامية إلى قطاع غزة الذي يمر بضائقة مالية لتفادي عقوبات أمريكية، وتمارس سلطة النقد ضغوطاً على عدد من البنوك الفلسطينية لنقل مقارها الرئيسة من غزة إلى مدينة رام الله في الضفة الغربية، وتسعى سلطة عباس من أجل ذلك للحصول على أسماء العملاء وأسرارهم الخاصة بحساباتهم في البنوك.
كما وسعت مؤسسة الرئاسة في رام الله منذ الحسم العسكري التي نفذته حركة "حماس" إضطرارياً في القطاع إلى تحريض العدو الصهيوني على اجتياح قطاع غزة لإنهاء "الانقلاب" وحماس، وإعادة الشرعية المزعومة لعباس، كما وقالت قيادات فتحاوية في تصريحات سابقة بأن "غزة رهينة لدى حماس ولا بد من تحريرها عسكرياً ودعم (إسرائيل) إن قررت اجتياحها".
خيار خطير وغير واقعي
من جهته؛ فقد علق الدكتور وليد المدلل المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية على نية عباس بإعلان القطاع "إقليما متمردا"، بالقول: "إن هذا الخيار سيفتح الباب على مصراعيه أمام التدخلات الدولية والإقليمية في الشأن الفلسطيني، وإن هذه الخطة وصفة سحرية لإدخال القطاع في حرب أهلية وحالة استنزاف من خلال الاستعانة بقوات دولية على غرار ما يحدث بدارفور"، مضيفاً: "في حالة اتخاذ مثل هذا القرار، السلطة ستستعين بقوات دولية وعربية لتأديب هذا الإقليم المتمرد مما يفتح الباب أمام حرب استنزاف مع فصائل المقاومة دون استثناء، وستضع أي قوات دولية في القطاع الفلسطينيين بعد عامين من الحصار الدامي أمام حالة غير متكافئة من القوة، بين قوة شعبية لديها سلاح خفيف وتقليدي وتتمثل في حركة حماس وقوى المقاومة وقوة نظامية مدعومة إقليميا ودولياً".
وأضاف المدلل: "هذه الخطة ستضع القطاع أمام سيناريوهات خطيرة أقلها حرب أهلية ستودي بحياة الآلاف من المواطنين"، مشيراً إلى أن المقصود من الخطة المقترحة رأس حماس وحكمها، مضيفا في الوقت ذاته: "إذا تم إقناع الدول العربية بهذا الهدف سنكون بالتأكيد أمام سيناريوهات خطيرة".
خطة متطرفة
من جهته؛ فقد وصف المحلل السياسي حسن عبدو الخطة المطروحة بغير الواقعية "والمتطرفة" مشيراً إلى أنها ستؤدي إلى مزيد من الانقسام وإنهاء الحركة الوطنية بكل ما مرت به من تضحيات، مضيفاً: "هذه الخطة لن تنجح إذا ما تم طرحها وستؤدي بالشعب الفلسطيني إلى الهاوية والقضاء على قضيته برمتها".
ووافقه الرأي الكاتب والمحلل السياسي ناجي شراب الذي أكد على أن هذه الخطة غير واقعية مضيفاً: "التداعيات والنتائج ستكون خطيرة جدا"، وقال إن من التداعيات التي ستترتب على مثل هذا الخيار تعميق حالة الانقسام وإنهاء ملف الحوار الوطني دون أية نتائج وجر المشهد السياسي الفلسطيني إلى حالة العنف والتصعيد والدخول في أزمة الشرعية من جديد.
واستبعد شراب اللجوء لمثل هذا القرار من أجل إنهاء حكم حركة "حماس"، مضيفاً: "حماس جزء من مكونات النظام السياسي الفلسطيني ولم يعد بمقدور أية قوة إنهاء وجودها بقطع الرواتب أو إغلاق المعابر وتشديد الخناق على القطاع"، مشيراً إلى أن "إنهاء حكم حماس يعني اقتطاع جزء من مكونات النظام السياسي الذي لا يكتمل إلا بمشاركة حماس ومختلف القوى الفلسطينية".
انسداد الأفق أمام سلطة عباس
وعزا الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب التلويح بهذا المخطط إلى انسداد الأفق أمام السلطة الفلسطينية (برئاسة عباس) سواء بخصوص الحوار الوطني أو ما يتعلق بالعملية التفاوضية مع الكيان الصهيوني، وتعبيراً عن إفلاس وارتباك، وتراهن "حكومة" رام الله - حسب وجهة نظر حبيب - على مزيد من الضغط الداخلي وتشديد الخناق على المواطنين لإجبارهم على التحرك والعصيان المدني، مضيفاً: "هذا رهان أثبت فشله في الماضي وسيثبت فشله لاحقا".
ضرورة إنهاء الانقسام
واتفق الخبراء على ضرورة إنهاء الانقسام بين الضفة وغزة والاحتكام للوحدة والمصالحة الوطنية للخروج من المأزق الراهن، فيما أكدت حركة "حماس" من جانبها أن أي محاولة لفرض واقع جديد في غزة ستقاوم بكل قوة، قاصدة بذلك مساعي سلطة المقاطعة (برئاسة عباس) لاستجلاب قوات دولية، تحت ذريعة ما يسمونه "تحرير غزة".
وتساءل الدكتور محمود الزهار القيادي في حركة "حماس" عن شرعية منظمة التحرير ولجنتها التنفيذية ومجلسها الوطني، التي تدرس خططاً لإعلان غزة "إقليماً متمرداً" وقطع كافة الخدمات عنه ووقف رواتب الموظفين فيه، مشيرا إلى أن خطورة الموضوع أنهم يمكن أن يأتوا بقوات دولية ويكرروا تجربة دارفور، "ولكن هذا الأمر لن يكتب له النجاح".
والموضوع لا يثير أحقادا بل انه يركز على المؤامرات التي تحاك ضد فلسطين وغزة بالتحديد من قبل سلطة أوسلو التي تعتقل المجاهدين وتنسق أمنيا مع الأعداء
جاء التباحث في إعلان قطاع غزة "إقليما متمرداً"، التي يسعى إليه فريق السلطة برام الله، كفكرة مشابهة ومتوافقة إلى حد كبير مع فكرة صهيونية سابقة بإعلان قطاع غزة "كياناً معادياً"، حيث أن كلا الفكرتين تحتويان في جوهرهما إعلان الحرب على قطاع غزة ووقف التعامل معه وقطع المساعدات ووقف الرواتب ومنع دخول المواد الخام وما شابه ذلك من أفكار تعكس روح العداء للطرفين المذكورين تجاه قطاع غزة الذي أعطى ولائه كاملاً للجهاد والمقاومة ضد الاحتلال ووجوده في فلسطين.
الهروب الأخير نحو تعزيز الانقسام
وبالنسبة لسلطة محمود عباس في رام الله؛ فإن التلويح باستخدام هذا الخيار (الإعلان عن القطاع إقليماً متمرداً) يعتبر الهروب الأخير لفتح ولفريق عباس والذين لم يألُ جهداً طيلة العامين الماضيين في تعزيز الانقسام بين شطري الوطن والهروب والتغطية على هزيمتها أمام حركة حماس في الانتخابات التشريعية الأخيرة بوضع العراقيل أمام أداء الحكومة الفلسطينية واستخدام أعمال العنف والتخريب وإثارة بعض الجيوب المتبقية لفلول التيار الخياني بهدف القضاء على حكم حركة حماس الشرعي في قطاع غزة.
وإن الفضيحة الأخيرة المدوية، بحسب المتابعين، هي تلك الخطة الجديدة والمبيتة التي تكشفت خيوطها وتفاصيلها وناقشتها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية مؤخراً وتقضي بإعلان قطاع غزة إقليماً متمرداً ووقف الخدمات المقدمة بناء على ذلك، اعتبرها المراقبون "ورقة الضغط الأخيرة" لدى حكومة عباس (غير القانونية) التي تعاني الإرباك والإفلاس فيما يتعلق بالحوار الوطني أو العملية التفاوضية مع الاحتلال الصهيوني الذي بات يحرّك فريق عباس كيف ما يشاء.
تفاصيل الخطة "الشيطانية" المذكورة
وتتلخص تفاصيل الخطة المذكورة والتي وصفها العديد من المراقبين بـ "المتطرفة وغير الواقعية" في عدة نقاط أهمها هو إعلان قطاع غزة "إقليماً متمرداً" تحت إمرة "ميليشيات" مسلحة، وبناء على ذلك سيتم وقف كافة الخدمات المقدمة للقطاع، ثم الطلب رسميا من كل البنوك الفلسطينية وقف كافة خدماتها وإغلاق أبوابها إلى إشعار آخر في قطاع غزة وستقوم السلطة بوقف تصدير أي نقود للقطاع منذ تاريخ القرار حتى تصبح أي ورقة عملة مهما بلغت قيمتها بلا معنى"، ثم فتح باب القضاء لاستلام الدعوات ضد حركة حماس وتقديم هذه الملفات للقضاء الفلسطيني والتوجه إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي وتقديم ملفات ووثائق ضد كل قيادة "حماس" بتهمة إقامة "مجازر جماعية" في غزة، وهنا ستطلب القيادة الفلسطينية رسمياً من الأمم المتحدة التدخل بإرسال قوات أمن إلى غزة لتحريرها من حركة "حماس".
تشابه مع رؤية العدو
وتتشابه هذه الخطة والتي وصفتها حركة "حماس" بأنها "خطيرة" إلى حد كبير بالقرار الصهيوني السابق الذي اعتبر قطاع غزة "كياناً معادياً" وبناء عليه تم حرمانه من كافة الخدمات المقدمة مثل الكهرباء والماء والوقود والمواد التموينية والغذائية علاوة على تشديد الحصار وإبقاء المعابر في حالة إغلاق متواصل.
وحسب المراقبين فإن "الخطة المطروحة" من قبل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير "جهنمية" تقود الشعب الفلسطيني إلى سنوات جديدة من الضياع وأيام النكبة التي ما زال يعيش على ذكراها وآلامها، كما أن مثل هذا الاقتراح الشيطاني الخطير يعد فيما لو تم التجاوب معه أو قُبل من جانب الأطراف النافذة في حركة "فتح" آخر مسمار في نعش المصالحة الوطنية الفلسطينية التي يسعى الجميع إلى تحريك مفاصلها الجامدة، وبعث الحياة في عروقها المتصلبة، وسيوسع مثل هذا الاقتراح، حسب المراقبين، من دائرة الخلاف بين الفرقاء ويجعل من الصعب التلاقي في منتصف الطريق كما سيسهم في دخول القضية الفلسطينية إلى حقول الألغام.
التغطية على هزيمة "فتح" وفشل عباس
ولم تكن هذه الخطة المقترحة جديدة أو وليدة اللحظة، فثمة إجراءات عديدة تمت ترجمتها فعلياً من قبل "حكومة" عباس - فياض (غير الشرعية) وحركة "فتح" على أرض الواقع سابقاً وتتفق إلى حد كبير مع ما جاء في بنود الخطة المقترحة.
فقد حاولت حركة "فتح" في أعقاب فوز حماس في الانتخابات التشريعية الأخيرة الهروب والتغطية على هزيمتها وذلك بعرقلة أداء الحكومتين العاشرة والحادية عشرة ومن ثم استخدام أعمال العنف والتخريب والتفجيرات لزعزعة الاستقرار التي فشلت وانتهت بهروب التيار الخياني في أعقاب هزيمته أمام صمود حماس في الرابع عشر من حزيران 2006م.
وثمة محاولات عديدة قامت بها حركة "فتح" إبان الحسم العسكري لإثارة بعض الجيوب الباقية في القطاع ألا أن هذه المحاولات باءت أيضا بالفشل وانتهت بهروب آخر فلول التيار الانقلابي شرق غزة.
سلطة عباس تدرس الخطة بجدية!
الهزائم المتوالية لحركة "فتح" وهروب قادتها إلى الضفة الغربية دفع عباس وقيادات فتحاوية عديدة في مواقف وتصريحات عدة إلى التلويح بإمكانية إعلان قطاع غزة "إقليماً متمرداً" في حالة عدم تجاوب حركة حماس مع مبادرات الحوار والتراجع عن الحسم العسكري.
وسبق أن أكد عزام الأحمد رئيس كتلة "فتح" النيابية في المجلس التشريعي نية عباس واللجنة التنفيذية تنفيذ واتخاذ مثل هذا القرار حيث، كشف في تصريحات له بأن مؤسسات السلطة الفلسطينية تدرس بجدية منذ بضعة أسابيع اقتراحاً يقضي باعتبار قطاع غزة إقليماً متمرداً يخضع لسيطرة ما وصفها بـ" عصابة عسكرية نفذت عصياناً مسلحاً".
وثمة مواقف مسبقة لرئيس السلطة محمود عباس من دخول ونشر قوات دولية حيث المح في أكثر من موقف عن تأييده لجلب ونشر أي قوة دولية في قطاع غزة لإنهاء حالة الانقسام وهو ما رفضته حركة "حماس".
فريق رام الله مع تشديد الحصار
وقد لعب فريق عباس و"حكومة" رام الله (غير الشرعية)، دوراً رئيسياً في تشديد الحصار والخناق على قطاع غزة من خلال إصرارها على إغلاق معبر رفح ورفضها التجاوب مع الجهود المبذولة وتمسكها باتفاقيات عام 2005م، المجحفة وإنهاء ما يسمى بـ "الانقلاب!" في القطاع، ودفع هذا الموقف الجانب المصري إلى تشديد الحصار على القطاع والتمسك بعدم فتح معبر رفح إلا وفق الاتفاقيات وعندما يكون هناك انتشار وسيطرة كاملة لأجهزة عباس عليه.
كما وحرمت "حكومة" فياض - عباس منذ تولي "حماس" سدة الحكم عشرات الآلاف من الموظفين والمعلمين والأطباء من رواتبهم دون أية مبررات أو بتهمة الانتماء لحركة حماس، وتحدثت مصادر إعلامية مؤخرا أن "حكومة" فياض (غير الشرعية)، تدرس بجدية قطع رواتب بقية الموظفين في قطاع غزة بعدما قطعت رواتب حوالي نصفهم بحجة أنهم يعملون ضد الشرعية الفلسطينية.
ويبلغ عدد موظفي السلطة الفلسطينية قرابة 165 ألف موظف، تدفع السلطة لهم رواتب بقيمة 120 مليون دولار شهرياً، وأعاقت سلطة رام الله دخول الوقود وساهمت في خلق أزمة كارثية في كافة الخدمات المقدمة للقطاع ومن بينها الخدمات الصحية بسبب انقطاع الماء والكهرباء الأمر الذي أودى بحياة مئات المواطنين والمرضى، كما ومارست مقاطعة رام الله فعليا الضغط على البنوك العاملة في قطاع غزة لنقل مقارها إلى الضفة الغربية.
اللعب على وتر البنوك
ومنذ فوز "حماس" في الانتخابات التشريعية؛ ترفض البنوك وبضغط دولي وعربي وبناء على طلب رئيس السلطة محمود عباس التعامل مع أي حكومة تتولاها حركة "حماس"، وذلك بدعوى الخوف من موجة عقوبات ودعاوى قضائية أمريكية.
وقطعت البنوك على الفور الروابط مع أية مؤسسات ترتبط بحركة "حماس"، كما امتنعت عن تحويل المنح العربية والإسلامية إلى قطاع غزة الذي يمر بضائقة مالية لتفادي عقوبات أمريكية، وتمارس سلطة النقد ضغوطاً على عدد من البنوك الفلسطينية لنقل مقارها الرئيسة من غزة إلى مدينة رام الله في الضفة الغربية، وتسعى سلطة عباس من أجل ذلك للحصول على أسماء العملاء وأسرارهم الخاصة بحساباتهم في البنوك.
كما وسعت مؤسسة الرئاسة في رام الله منذ الحسم العسكري التي نفذته حركة "حماس" إضطرارياً في القطاع إلى تحريض العدو الصهيوني على اجتياح قطاع غزة لإنهاء "الانقلاب" وحماس، وإعادة الشرعية المزعومة لعباس، كما وقالت قيادات فتحاوية في تصريحات سابقة بأن "غزة رهينة لدى حماس ولا بد من تحريرها عسكرياً ودعم (إسرائيل) إن قررت اجتياحها".
خيار خطير وغير واقعي
من جهته؛ فقد علق الدكتور وليد المدلل المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية على نية عباس بإعلان القطاع "إقليما متمردا"، بالقول: "إن هذا الخيار سيفتح الباب على مصراعيه أمام التدخلات الدولية والإقليمية في الشأن الفلسطيني، وإن هذه الخطة وصفة سحرية لإدخال القطاع في حرب أهلية وحالة استنزاف من خلال الاستعانة بقوات دولية على غرار ما يحدث بدارفور"، مضيفاً: "في حالة اتخاذ مثل هذا القرار، السلطة ستستعين بقوات دولية وعربية لتأديب هذا الإقليم المتمرد مما يفتح الباب أمام حرب استنزاف مع فصائل المقاومة دون استثناء، وستضع أي قوات دولية في القطاع الفلسطينيين بعد عامين من الحصار الدامي أمام حالة غير متكافئة من القوة، بين قوة شعبية لديها سلاح خفيف وتقليدي وتتمثل في حركة حماس وقوى المقاومة وقوة نظامية مدعومة إقليميا ودولياً".
وأضاف المدلل: "هذه الخطة ستضع القطاع أمام سيناريوهات خطيرة أقلها حرب أهلية ستودي بحياة الآلاف من المواطنين"، مشيراً إلى أن المقصود من الخطة المقترحة رأس حماس وحكمها، مضيفا في الوقت ذاته: "إذا تم إقناع الدول العربية بهذا الهدف سنكون بالتأكيد أمام سيناريوهات خطيرة".
خطة متطرفة
من جهته؛ فقد وصف المحلل السياسي حسن عبدو الخطة المطروحة بغير الواقعية "والمتطرفة" مشيراً إلى أنها ستؤدي إلى مزيد من الانقسام وإنهاء الحركة الوطنية بكل ما مرت به من تضحيات، مضيفاً: "هذه الخطة لن تنجح إذا ما تم طرحها وستؤدي بالشعب الفلسطيني إلى الهاوية والقضاء على قضيته برمتها".
ووافقه الرأي الكاتب والمحلل السياسي ناجي شراب الذي أكد على أن هذه الخطة غير واقعية مضيفاً: "التداعيات والنتائج ستكون خطيرة جدا"، وقال إن من التداعيات التي ستترتب على مثل هذا الخيار تعميق حالة الانقسام وإنهاء ملف الحوار الوطني دون أية نتائج وجر المشهد السياسي الفلسطيني إلى حالة العنف والتصعيد والدخول في أزمة الشرعية من جديد.
واستبعد شراب اللجوء لمثل هذا القرار من أجل إنهاء حكم حركة "حماس"، مضيفاً: "حماس جزء من مكونات النظام السياسي الفلسطيني ولم يعد بمقدور أية قوة إنهاء وجودها بقطع الرواتب أو إغلاق المعابر وتشديد الخناق على القطاع"، مشيراً إلى أن "إنهاء حكم حماس يعني اقتطاع جزء من مكونات النظام السياسي الذي لا يكتمل إلا بمشاركة حماس ومختلف القوى الفلسطينية".
انسداد الأفق أمام سلطة عباس
وعزا الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب التلويح بهذا المخطط إلى انسداد الأفق أمام السلطة الفلسطينية (برئاسة عباس) سواء بخصوص الحوار الوطني أو ما يتعلق بالعملية التفاوضية مع الكيان الصهيوني، وتعبيراً عن إفلاس وارتباك، وتراهن "حكومة" رام الله - حسب وجهة نظر حبيب - على مزيد من الضغط الداخلي وتشديد الخناق على المواطنين لإجبارهم على التحرك والعصيان المدني، مضيفاً: "هذا رهان أثبت فشله في الماضي وسيثبت فشله لاحقا".
ضرورة إنهاء الانقسام
واتفق الخبراء على ضرورة إنهاء الانقسام بين الضفة وغزة والاحتكام للوحدة والمصالحة الوطنية للخروج من المأزق الراهن، فيما أكدت حركة "حماس" من جانبها أن أي محاولة لفرض واقع جديد في غزة ستقاوم بكل قوة، قاصدة بذلك مساعي سلطة المقاطعة (برئاسة عباس) لاستجلاب قوات دولية، تحت ذريعة ما يسمونه "تحرير غزة".
وتساءل الدكتور محمود الزهار القيادي في حركة "حماس" عن شرعية منظمة التحرير ولجنتها التنفيذية ومجلسها الوطني، التي تدرس خططاً لإعلان غزة "إقليماً متمرداً" وقطع كافة الخدمات عنه ووقف رواتب الموظفين فيه، مشيرا إلى أن خطورة الموضوع أنهم يمكن أن يأتوا بقوات دولية ويكرروا تجربة دارفور، "ولكن هذا الأمر لن يكتب له النجاح".
تعليق