الحملات الصليبية والغزوة الصهيونية
روح ونهج وهدف
وللمقارنة بين الغزوتين نقول:
دوافع الغزو:
لن يغيب عنّا أن الغزوتين (الصليبيّة والصهيونية) هما نتاج أوروبي خالص. ارتهنتا لظروف ومشاكل أوروبية(اجتماعية، اقتصادية، نموّ سكاني، زحام قومي،……) هذه وغيرها كانت تبنى بتفاعلات حادة داخل القارة الأوروبيّة، ما دفع النخب الحاكمة من ملوك ونبلاء وقادة وكهنة وتجّار ومرابين لتصدير تلط المشاكل أو حلّها خارج حدود بلادهم فغلّفوها بالشعارات الدينيّة لتحظى بالإجماع والقبول الجماهيري، فرفعت الشعارات (الحج إلى الأرض المقدّسة) سلماً والتي سرعان ما تغيّرت (تحرير القبر المقدس) فأشهرت السيوف والرماح وحشدت الجيوش براً وبحراً، فكانت الحرب باسم الرّب والقتل والدمار لنصرة الرّبّ!
وهل انزاحت الصهيونية عن هذا المسار؟ وهي التي خرجت من رحم أوروبا ومشاكلها وتناقضاتها، فسارت على نفس الدرب، بدأت برفع الشعارات الدينيّة المسالمة طريقاً ووسيلة لتحقيق الهدف (الحج إلى حائط المبكى!) والذي سرعان ما تحوّل إلى هجرات غير مشروعة وبكل السبل، ثم كان وعد بلفور وكان شعار العودة إلى (أرض الميعاد) وكان التدريب والإعداد والسلاح، وكان القتل والإرهاب والمجازر باسم الرب والحرب باسم الرب والتلمود والتوراة وشريعة الاغتصاب والنهب!
النهج والسبيل:
اعتمدت الحملات الصليبيّة ـ لتثبيت وجودها ـ على إقامة الحصون والقلاع وزرع المستوطنات البشريّة في طول البلاد وعرضها، فجعلت سكانها مزارعين محاربين مدججين بالسلاح، سبيلهم قطع الطريق وإثارة الرعب والهول في قلوب السكان الأصليين أصحاب البلاد.كما عمدوا إلى إنشاء المنظمات الإرهابيّة لتحقيق الأمن والاستقرار والتوسّع، فكانت منظمات (فرسان الرب)، (فرسان الصليب)، (فرسان المعبد)، (القدّيس يوحنّا)، (فرسان القلعة) وقد عاثت فساداً وقتلاً!
ولم تغفل (الصهيونيّة) بعد مئات السنين أن تسلك نفس الدرب، فقد أنشأت المستوطنات وزرعت في طول البلاد وعرضها، وجعل منها قلاعاً عسكريّة، وسكانها عمّالاً ومزارعين مدججين بالسلاح، يقطعون الطريق ويتصيدون العباد من أهل البلاد. ولم يسلم من شرّهم حجر أو شجر. ثم عمدت الحركة الصهيونيّة وكيانها المنظمات الإرهابيّة منذ إنشاء الكيان فكانت (الهاغاناه، الهاشومير، الأرغون، شتيرن) التي يحفل التاريخ والذاكرة الفلسطينية بمجازها (دير ياسين، قبيّة، بيت دراس، الطنطورة، السموع،……) ولم تكتف الصهيونيّة بذلك بل أنشأت الأحزاب اليمينيّة العنصرية (المفدال، شاس، الليكود، العمل، اعودات هاتوراه) وزيادة تتبّع الصهيونية نهج الحملات الصليبيّة، كامث بتشكيل لجان من ذوي الاختصاص في جامعاتها لدراسة كل ما يحثّ للتاريخ الصليبي على أرضنا العربيّة، وقد توقّف الدارسون طويلاً عند مراجعتهم لتاريخ سقوط (مملكة القدس) وسقوط القلاع والحصون الصليبيّة أمام الزحف العربي الإسلامي.
من هنا يأتي تفسير حمّى اهتمامهم بحصين المستوطنات بكل الوسائل التقنيّة والأسلحة الحديثة، ولكن الفعل المقاوم والبطولي من أبناء فلسطين حطمّت آمالهم وبدّون ما يتوهمون من منعتها وقوتها.
الدعم المالي:
لقد استنفر قادة الحملات الصليبيّة وملوكها كل جهد ومال في أوروبا واقترضت الأموال من المرابين وبيوتات المال وبيعت صكوك الغفران وبيعت البيع والأرض في سبيل دعم الحملات وتجهيزها، ولعل موقف ريتشارد/ قلب الأسد ملك بريطانيا آنذاك وأحد زعماء الحملات لدليل على حماس القوم ورغبتهم في تحقيق أهدافهم، فقد عرض مدينة (لندن) للبيع كي يموّن حروبه على أرضنا العربية.
وفي الجانب الصهيوني لم تكن الصهيونية أقلّ حشداً لجمع الأموال لتحقيق هدفها. فقد حشدت كل الأموال والقدرات (اليهودية) والصهيونية في العالم وجندتها واشترت الذمم الغربية بل وابتزتها لتحقيق كيانها المصطنع، ولمّا تحقق لها إقامة الكيان، ولتقاطع والتقاء المصالح مع قوى الاستعمار الغربي، انهال عليها الدعم المالي والعسكري من رغيف الخبز وحتى المدفع، بل واستظلت وما زالت بمظلة القوة العسكرية الغربية ثم الأمريكية. وها هي وبعد نصف قرن تعربّد وتتغطرس وتعتبر نفسها فوق القانون بفضل الصمت الغربي والأمريكي الفاضح.
إنّ التعلل بالأوهام والوعود والواقعيّة زيف وهروب للأمام من المسؤولية في التحدي والفعل.
إنّ الحشد والإعداد والفعل اليومي المقاوم هو الواقع الذي يجب أن نتمسك به فإذا ما تحقق الفعل والعطاء والبناء والبذل والفداء. يمكننا أن نقول أن على الصهيونية أن تتعظ من دروس التاريخ، فمشروعها عنصري محكوم بالفشل إن آجلا أو عاجلاً لأنه كسابقة عنصري استيطاني زال وسبع زوالاً، ومشروعها سيؤول إلى زوال مهما طال الزمان وسيصدق التاريخ، فمن جانبهم قوة واستكبار يعقبه ضعف وانكسار ومن جانبنا ضعف وشتات يعقبه نهضة وفعل وفداء ونصر.
فهل نحن فاعلون ما يسرّع قدوم ذاك اليوم؟!
روح ونهج وهدف
وللمقارنة بين الغزوتين نقول:
دوافع الغزو:
لن يغيب عنّا أن الغزوتين (الصليبيّة والصهيونية) هما نتاج أوروبي خالص. ارتهنتا لظروف ومشاكل أوروبية(اجتماعية، اقتصادية، نموّ سكاني، زحام قومي،……) هذه وغيرها كانت تبنى بتفاعلات حادة داخل القارة الأوروبيّة، ما دفع النخب الحاكمة من ملوك ونبلاء وقادة وكهنة وتجّار ومرابين لتصدير تلط المشاكل أو حلّها خارج حدود بلادهم فغلّفوها بالشعارات الدينيّة لتحظى بالإجماع والقبول الجماهيري، فرفعت الشعارات (الحج إلى الأرض المقدّسة) سلماً والتي سرعان ما تغيّرت (تحرير القبر المقدس) فأشهرت السيوف والرماح وحشدت الجيوش براً وبحراً، فكانت الحرب باسم الرّب والقتل والدمار لنصرة الرّبّ!
وهل انزاحت الصهيونية عن هذا المسار؟ وهي التي خرجت من رحم أوروبا ومشاكلها وتناقضاتها، فسارت على نفس الدرب، بدأت برفع الشعارات الدينيّة المسالمة طريقاً ووسيلة لتحقيق الهدف (الحج إلى حائط المبكى!) والذي سرعان ما تحوّل إلى هجرات غير مشروعة وبكل السبل، ثم كان وعد بلفور وكان شعار العودة إلى (أرض الميعاد) وكان التدريب والإعداد والسلاح، وكان القتل والإرهاب والمجازر باسم الرب والحرب باسم الرب والتلمود والتوراة وشريعة الاغتصاب والنهب!
النهج والسبيل:
اعتمدت الحملات الصليبيّة ـ لتثبيت وجودها ـ على إقامة الحصون والقلاع وزرع المستوطنات البشريّة في طول البلاد وعرضها، فجعلت سكانها مزارعين محاربين مدججين بالسلاح، سبيلهم قطع الطريق وإثارة الرعب والهول في قلوب السكان الأصليين أصحاب البلاد.كما عمدوا إلى إنشاء المنظمات الإرهابيّة لتحقيق الأمن والاستقرار والتوسّع، فكانت منظمات (فرسان الرب)، (فرسان الصليب)، (فرسان المعبد)، (القدّيس يوحنّا)، (فرسان القلعة) وقد عاثت فساداً وقتلاً!
ولم تغفل (الصهيونيّة) بعد مئات السنين أن تسلك نفس الدرب، فقد أنشأت المستوطنات وزرعت في طول البلاد وعرضها، وجعل منها قلاعاً عسكريّة، وسكانها عمّالاً ومزارعين مدججين بالسلاح، يقطعون الطريق ويتصيدون العباد من أهل البلاد. ولم يسلم من شرّهم حجر أو شجر. ثم عمدت الحركة الصهيونيّة وكيانها المنظمات الإرهابيّة منذ إنشاء الكيان فكانت (الهاغاناه، الهاشومير، الأرغون، شتيرن) التي يحفل التاريخ والذاكرة الفلسطينية بمجازها (دير ياسين، قبيّة، بيت دراس، الطنطورة، السموع،……) ولم تكتف الصهيونيّة بذلك بل أنشأت الأحزاب اليمينيّة العنصرية (المفدال، شاس، الليكود، العمل، اعودات هاتوراه) وزيادة تتبّع الصهيونية نهج الحملات الصليبيّة، كامث بتشكيل لجان من ذوي الاختصاص في جامعاتها لدراسة كل ما يحثّ للتاريخ الصليبي على أرضنا العربيّة، وقد توقّف الدارسون طويلاً عند مراجعتهم لتاريخ سقوط (مملكة القدس) وسقوط القلاع والحصون الصليبيّة أمام الزحف العربي الإسلامي.
من هنا يأتي تفسير حمّى اهتمامهم بحصين المستوطنات بكل الوسائل التقنيّة والأسلحة الحديثة، ولكن الفعل المقاوم والبطولي من أبناء فلسطين حطمّت آمالهم وبدّون ما يتوهمون من منعتها وقوتها.
الدعم المالي:
لقد استنفر قادة الحملات الصليبيّة وملوكها كل جهد ومال في أوروبا واقترضت الأموال من المرابين وبيوتات المال وبيعت صكوك الغفران وبيعت البيع والأرض في سبيل دعم الحملات وتجهيزها، ولعل موقف ريتشارد/ قلب الأسد ملك بريطانيا آنذاك وأحد زعماء الحملات لدليل على حماس القوم ورغبتهم في تحقيق أهدافهم، فقد عرض مدينة (لندن) للبيع كي يموّن حروبه على أرضنا العربية.
وفي الجانب الصهيوني لم تكن الصهيونية أقلّ حشداً لجمع الأموال لتحقيق هدفها. فقد حشدت كل الأموال والقدرات (اليهودية) والصهيونية في العالم وجندتها واشترت الذمم الغربية بل وابتزتها لتحقيق كيانها المصطنع، ولمّا تحقق لها إقامة الكيان، ولتقاطع والتقاء المصالح مع قوى الاستعمار الغربي، انهال عليها الدعم المالي والعسكري من رغيف الخبز وحتى المدفع، بل واستظلت وما زالت بمظلة القوة العسكرية الغربية ثم الأمريكية. وها هي وبعد نصف قرن تعربّد وتتغطرس وتعتبر نفسها فوق القانون بفضل الصمت الغربي والأمريكي الفاضح.
إنّ التعلل بالأوهام والوعود والواقعيّة زيف وهروب للأمام من المسؤولية في التحدي والفعل.
إنّ الحشد والإعداد والفعل اليومي المقاوم هو الواقع الذي يجب أن نتمسك به فإذا ما تحقق الفعل والعطاء والبناء والبذل والفداء. يمكننا أن نقول أن على الصهيونية أن تتعظ من دروس التاريخ، فمشروعها عنصري محكوم بالفشل إن آجلا أو عاجلاً لأنه كسابقة عنصري استيطاني زال وسبع زوالاً، ومشروعها سيؤول إلى زوال مهما طال الزمان وسيصدق التاريخ، فمن جانبهم قوة واستكبار يعقبه ضعف وانكسار ومن جانبنا ضعف وشتات يعقبه نهضة وفعل وفداء ونصر.
فهل نحن فاعلون ما يسرّع قدوم ذاك اليوم؟!
تعليق