إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حماس وفتح وبذور الخلاف ودوامة الصراع على السلطة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حماس وفتح وبذور الخلاف ودوامة الصراع على السلطة

    نشوء السلطة إن نشوء السلطة الفلسطينية لم يكن بين عشية أو ضحاها, وإنما كان نتيجة مفاوضات طويلة ومضنية بين منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات وبين الجانب الإسرائيلي برعاية دولية وعربية وبشكل أساسي ومباشر أمريكا ومصر والأردن خصوصا بعد انتفاضة عام 1987 والتي وضعت إسرائيل في مأزق وأعطت فرصة وورقة لمنظمة التحرير لاستثمارها في التفاوض,وقد بدأت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية تسعى لأجل إنهاء الصراع الإسرائيلي العربي سياسيا وعبر المفاوضات حتى قبل الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1981الذي استهدف القضاء على آخر ما تبقى من مقاومة عربية ضد إسرائيل من دول الطوق وكان نتيجة ذلك أن تم محاصرة ياسر عرفات ولم يتم فك الحصار عنه إلا بعد أن أفرجت المنظمة عن ستة جنود إسرائيليين كانوا معتقلين لدى منظمة التحرير الفلسطينية وإجلاء كل القوات الفلسطينية التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى دول عربية مثل تونس واليمن والجزائر ومصر وغيرها. كان يراهن ياسر عرفات على الضغط من خلال المقاومة المسلحة التي كانت تستقطب قلوب أبناء الشعب الفلسطيني على إسرائيل لكي تقبل بالتفاوض وفي نفس الوقت لإحراج الأنظمة العربية التي تخلت عن دورها في المقاومة المسلحة لتحرير فلسطين والتي أصبحت بيد ذلك الثوري الفلسطيني الذي أصبح رمزا فلسطينيا وعربيا وثوريا عالميا كانت تحسب له الأنظمة ألف حساب والمعروف ببرجماتيته وحنكته السياسية وتقدم له المساعدات المالية طوعا أو كرها ولم تكن لتفلت من هذا الالتزام وإلا اتهمت بالتخلي عن الثورة والخيانة لها وللشعب الفلسطيني. كان من الواضح تماما أن الأنظمة العربية لا توفر أي غطاء امني لقادة المنظمة إذ قامت إسرائيل عبر أجهزتها الأمنية خصوصا الموساد باستهداف قادة المنظمة واغتيالهم في كل أصقاع العالم العربي والغربي إذ نفذت عدة عمليات اغتيال في لبنان فرنسا وتونس وكان أهم هذه العمليات هو اغتيال خليل الوزير (أبو جهاد)العقل العسكري لمنظمة التحرير الفلسطينية ولحركة فتح..كل عمليات الاغتيال هذه أضعفت من قوة المنظمة ودفعت بها عبر مزيد من الضغط من حكام الأنظمة إلى أن تتبنى المنظمة الحل السلمي كخيار وحيد لإنهاء الصراع وكان أبو عمار يطرح يومها وبشكل مستمر شعار(الأرض مقابل السلام). اشتد اللهاث خلف مشاريع التسوية التي كانت تعمل لها مطابخ المفاوضات السرية في أواخر السبعينات بعد اغتيال خليل الوزير في حمامات الشط بتونس بواسطة الموساد الإسرائيلي الذي نفذ عملية الاغتيال بكل أريحية وبدأت المفاوضات تخرج إلى العلن بعد مؤتمر مدريد للسلام والذي تم بعيدا عن إرادة الشعب الفلسطيني وبشكل منفرد من قادة المنظمة ولم يكتب لمفاوضات مدريد أن تنجح, وانسحب حيدر عبد الشافي من هذه المفاوضات بعد أن وجد انه لا جدوى من هذه المفاوضات, وقد حذرت حركة الجهاد الإسلامي يومها وفد مؤتمر مدريد للسلام ودعت الشخصيات الفلسطينية المشاركة إلى الانسحاب من هذه المفاوضات لأنها لن تحقق شيئا بل ستقود الشعب الفلسطيني إلى الضياع والصراع الداخلي. واصل ياسر عرفات مسيرة التفاوض على أمل أن تحقق شيئا للشعب الفلسطيني أو على الأقل تحقق نقطة انطلاق لدولة فلسطينية حسب ما كانت تزعم الأطراف الراعية والداعمة لمسيرة التفاوض, وكانت المنظمة يومها تطرح شعار (خذ وطالب وتحرير شبر أفضل من لا شيء ويمكن أن نقيم عليه كيان) وكان مؤتمر أوسلو للسلام الذي أعقبه قدوم طلائع السلطة الفلسطينية من معظم الدول العربية إلى كل من غزة وأريحا في إطار(غزة أريحا أولا) على أن يتم إكمال مراحل التفاوض بعد أن ترسي السلطة الفلسطينية نفوذها في هذه المناطق ولتكون كاختبار لأداء السلطة الفلسطينية في هذه المناطق على أن يتبعها إعادة انتشار للجيش الإسرائيلي في مدن وقرى الضفة الغربية وذلك مرهون بقدرة السلطة الفلسطينية على ضبط الأوضاع ومنع أية عمليات ربما يقوم بها المعارضون لاتفاق أوسلو و لمسيرة التسوية خصوصا أبناء حماس والجهاد الإسلامي

  • #2
    بداية الشقاق لقد أريد للسلطة الفلسطينية أن تحقق الأمن والأمان لإسرائيل مقابل أن تفي الدول المانحة بالتزاماتها المالية وكذلك إسرائيل بدفع عائدات الضرائب للسلطة والتي تغطي أكثر من ثلث رواتب موظفي السلطة للسلطة الفلسطينية لتتمكن من الإنفاق على مؤسسات السلطة ومشاريعها وصرف رواتب لأفراد الأجهزة الأمنية المتعددة التي تم إنشائها فور وصول طلائع السلطة إلى أريحا وقطاع غزة. ولعل من اخطر ما كان يمهد لإيجاد شرخ ونزاع داخلي فلسطيني فلسطيني هو مسألة التنسيق الأمني التي كان ينصّ عليها اتفاق أوسلو الذي كان يلزم السلطة عبر أجهزتها الأمنية لتبادل المعلومات الأمنية مع أجهزة المخابرات الإسرائيلية بالإضافة إلى المطاردة الساخنة والتي تعني حسب اتفاق أوسلو أحقية الجيش الإسرائيلي بقيام حملات دهم ومطاردة واجتياح للمناطق الفلسطينية التي تخضع لسيطرة السلطة لمطاردة الذين يسميهم بالمخربين من أبناء الفصائل الأخرى والذين يقومون بشن هجمات على إسرائيل من داخل مناطق السلطة على أن تقف قوات السلطة الفلسطينية إزاء ذلك موقف المحايد إن لم يكن موقف الداعم. حاولت السلطة الفلسطينية وعبر أجهزتها الأمنية المتعددة من مخابرات ووقائي واستخبارات وامن وطني وشرطة أن تلتزم بكل تفاصيل اتفاق أوسلو وكان ذلك من خلال الأتي: 1- شن حملات اعتقال واسعة في صفوف أبناء حركة حماس والجهاد الإسلامي. 2- حرمان أبناء حماس والجهاد الإسلامي من الوظائف الحكومية المختلفة وابتزازهم ودفعهم للتنازل عن أفكارهم مقابل الحصول على وظيفة في السلطة. 3- مواصلة التنسيق الأمني مع الجانب الإسرائيلي وتطبيقه بحذافيره. 4- محاولة إيجاد بدائل عن الحركات الإسلامية المجاهدة تحمل الاسم وتفقد الجوهر عبر شراء أشخاص كان لهم علاقة في الماضي بهذه الحركات مثل خضر محجز احد أهم قيادات حماس والإخوان وقد دعمته السلطة لإنشاء حزب الاتحاد الوطني الإسلامي الذي استقطب العديد من أبناء حماس على وجه الخصوص,كذلك رمضان طنبورة من أعضاء حماس السابقين الذي أسس حركة المسار الإسلامي, أيضا صالح عبد العال وهو من أعضاء الجهاد الإسلامي السابقين وكان مقربا بعد عودته مع طلائع السلطة من أبو علي شاهين الذي كان يتعهد له بالدعم والحماية وقد أسس الجبهة الإسلامية الفلسطينية والتي احتوت عددا من أبناء الجهاد الإسلامي الذين تعرضوا لبطش السلطة وملاحقتها, أو الذين كانوا مطاردين لإسرائيل ومطلوبين لها بسبب أعمال جهادية, كذلك فؤاد شنيورة, وهو من الشخصيات الإسلامية العامة, وقد عمل في انتفاضة عام 1987 تحت اسم حركة النضال الإسلامي وأصدرت حركته التي لم تكن تتجاوز بضعة أشخاص من حي الدرج بمدينة غزة عدة بيانات, ومع مجيء السلطة قام شنيورة وبدعم من خاله أبو رجب شنيورة مسئول جهاز المخابرات العامة بتأسيس حزب النضال الإسلامي الذي كان يفرغ أعضائه على جهاز المخابرات التابع لأبو رجب, وقد تعرض الأخير لعدة محاولات اغتيال, وقد استقطب فؤاد عددا من أبناء الحركة الإسلامية الذين لجئوا إليه أيضا لتفادي بطش السلطة وملاحقتها, أو طمعا في الحصول على وظيفة في احد الأجهزة الأمنية..ونظرا لان حركة الجهاد الإسلامي لا تؤمن مطلقا بجدوى مسيرة التسوية وما تمخض عن اتفاق أوسلو لم تنقطع عن مقاومتها للاحتلال إذ قامت بتنفيذ عملية \"بيت ليد\" الشهيرة والمسماة ب \"الصاروخ المزدوج\" والتي نفذها كل من الشهيد أنور سكر من منطقة اجديدة بغزة والشهيد صلاح شاكر من رفح, والتي أوقعت العشرات من القتلى والجرحى الإسرائيليين والتي أظهرت عجز السلطة عن القيام بمهمة حفظ الأمن الإسرائيلي, وكذلك احتمالية فشل اتفاق أوسلو وعدم استمرار تطبيق بنوده, لذلك كان كل ما يهم أبو عمار يومها هو أن يثبت لإسرائيل وللدول المانحة انه قد وضع أبناء الحركة الإسلامية في جيبه خصوصا حركة الجهاد الإسلامي فاستجلب محمد أبو سمرة احد الذين عملوا في الماضي مع حركة الجهاد الإسلامي وتم فصله بسبب انحرافاته, وتم إعطائه كل وسائل الدعم المالي والأمني من قبل الأجهزة الأمنية, والأدهى من ذلك انه عمل تحت اسم حركة الجهاد الإسلامي-الحركة الإسلامية في فلسطين..قامت حماس بتهديده لأنه سرق اسم الحركة الإسلامية في فلسطين وهي التي عملت لفترة طويلة تحت هذا الاسم, أما حركة الجهاد الإسلامي فقد عبرت عن موقفها إزاء أبو سمرة وقالت عبر الصحف المحلية انه لا تربطها به أية علاقة وانه تم فصله من الحركة وهو في لبنان وقبل عودته مع أبو عمار,

    تعليق


    • #3
      وانه من القادمين مع ياسر عرفات, وبالتالي كانت هذه المحاولة فاشلة رغم النشاط الكبير والمشبوه الذي كان يقوم به ومن خلال أسفاره هنا وهناك وجمعه لمئات الآلاف من الدولارات من خلال السفر لدول عربية بدعوى العمل الخيري والنشاط الجهادي مستغلا اسم حركة الجهاد الإسلامي,ورغم كل هذا النشاط والدعم- إلا انه لم يستطع أن يستقطب سوى عددا قليلا من أبناء الجهاد الإسلامي الذين انخدعوا به وشهدوا على فساده وسوء أداءه- الأمر الذي جعلهم يتركوه محتقرين له غير آسفين عليه..فايز الأسود هو الآخر استغل اسم حركة الجهاد الإسلامي وعمل لخدمة السلطة تحت اسم الحركة وأصبح عضوا في المجلس الوطني الفلسطيني وتقلد منصبا في أجهزة السلطة برتبة عقيد ووظف معظم أقاربه وإخوانه في السلطة , عمل بالإضافة لذلك كمحاضر في جامعة الأزهر إلا انه كان عديم التأثير في الساحة ولم يستطع أن يحقق شيئا لأن معظم الذين التفوا حوله كانوا من المشبوهين(والجدير بالذكر أن فايز الأسود لم يكن محسوبا بشكل تنظيمي على حركة الجهاد الإسلامي قبل خروجه في نهاية الثمانينات من قطاع غزة, وكان يزعم انه مسئول تيار الجهاد السلفي التابع لأسعد بيوض التميمي الذي يطرح نفسه كمؤسس لحركة الجهاد الإسلامي بتمويل من منظمة التحرير الفلسطينية لتكون بديلا ومنافسا لحركة الجهاد الإسلامي التي أسسها الدكتور المفكر فتحي الشقاقي,من هنا نرى أن محاولات النيل من حركة الجهاد الإسلامي وإظهارها كأنها في جيب ياسر عرفات عبر شراء بعض الشخصيات سبقت قدوم السلطة في محاولة لإرضاء الدول الراعية لمسيرة التفاوض, ولم يكن هؤلاء الأشخاص سوى أدوات رخيصة وضعيفة لا تمتلك أي تأثير أو نفوذ في الساحة الفلسطينية, وإنما يحركها ياسر عرفات كيف يشاء!!-وبالعودة لانتفاضة عام 1987نجد أن أبو عمار حاول أن يوجد بدائل لحركة الجهاد الإسلامي ليثبت أيضا أنها في جيبه فاستخدم جبر عمار احد ضباط جيش التحرير السابقين والذي انضوى تحت إطار المنظمة وكان موجود في السودان وكان ذو ميول إسلامية وأغدق عليه الأموال بغرض تأسيس مجموعات في فلسطين تعمل تحت اسم الجهاد الإسلامي ففعل ونظم عددا من قطاع غزة ليقوموا بهذا الغرض وكان على رأسهم عماد حمدية من حي الشجاعية حيث قاموا بكتابة شعارات على الجدران وكتابة بيانات هزيلة باسم الجهاد الإسلامي ولم يلبثوا سوى شهور قليل حتى تم اعتقالهم لينتهوا تماما بعد خروجهم من المعتقل بعد أن امضوا أحكاما في سجن النقب الصحراوي في نفس الوقت الذي كانت توجه فيه ضربة لحركة الجهاد الإسلامي في كل قطاع غزة, ولم تعترف الحركة بهذه المجموعة التابعة لجبر عمار والتي استغلت اسم الحركة وعاشوا في سجن النقب كمجموعة مستقلة تابعة لمنظمة التحير الفلسطينية..أما جبر عمار فقد انتهى دوره تماما بعد أن وُجِّه له تهمة باختلاس أموال أعطاها له أبو عمار خصوصا بعد فشله بالقيام بالمهمة التي أوكلت إليه). لقد كان واضحا أن هذه الأحزاب التي تسمت بأسماء إسلامية أنها تتبع مباشرة للأجهزة الأمنية المختلفة حتى أن شخصيات أمنية داخل السلطة حاولت أن تشكل أحزابا إسلامية لتكون لها عونا في نشاطها الأمني مثل اللواء نصر يوسف الذي شكل حزب النهضة الإسلامي وأعطي مسئوليته لعبد الحكيم السوطري وهو شخصية متدينة بالفطرة ولا يمتلك أي فكر ونشط لفترة غير بسيطة مع جماعة الدعوة والتبليغ في مطلع الثمانينات, وكان هذا من اضعف الأحزاب ولم يكتب له أن يستمر طويلا لضعف شخصية وفكر أمينه العام السوطري الذي لم يكن يحمل سوى الشهادة الإعدادية. مما لاشك فيه انه نشوء هذه الأحزاب التي أريد لها أن تكون بديلة للحركة الإسلامية المجاهدة أنها أثرت إلى حد ما وأضعفت من كيان كل من حركة حماس والجهاد الإسلامي لأن الهدف من هذه الأحزاب كان أن تنشط على أعضاء هاتين الحركتين أو على الأقل لتكون ممرا لكل من يريد آن يبرئ ذمته أمام السلطة وأجهزتها الأمنية انه ليس لديه أي نشاط جهادي وبالتالي يمكنه الانخراط في السلطة وأجهزتها, وعلى الرغم من كل ذلك لم تقم السلطة بتفريغ كل المنتسبين لهذه الأحزاب وإنما اكتفت بتفريغ المؤسسين وأعضاء الهيئات الإدارية وعلى كادر أجهزة المخابرات والأمن الوقائي إمعانا في ابتزاز هذه الأحزاب ومؤسسيها!ولقد ناقشت الحركة الإسلامية بشقيها حماس والجهاد الإسلامي مسألة تأسيس حزب سياسي ألا أن التخوف كان قائما أن السلطة لن تعطي الأحزاب المنبثقة عن هاتين الحركتين حرية للعمل وبدا هذا واضحا من خلال علاقة التوتر التي سادت بين أجهزة السلطة وكوادر وأعضاء حزب الخلاص الإسلامي الذي نشأ من عمق حماس وصميمها..أما الجهاد الإسلامي فلم يؤسس أي حزب سياسي واكتفى بالعمل العلني السياسي تحت اسم الجماعة الإسلامية, ولم يسلم أبناء الجماعة الإسلامية من بطش السلطة وأذاها إذ كانوا عرضة للاعتقال والملاحقة من أجهزة امن السلطة. ضعف السلطة وتنامي نفوذ الحركة الإسلامية عانت الحركة الإسلامية من تصرفات عقداء وعمداء السلطة الذين كان كل منهم يعمل في جهازه كمملكة مستقلة عن الأخرى, وكان الذي يعتقل من الإسلاميين عند احد الأجهزة ويفرج عنه لا يلبث أن يعتقله جهاز امني آخر.. وهكذا بات أبناء الحركة الإسلامية يعانون من ملاحقة أجهزة أمن السلطة المتعددة..هذا وقد كانت تحظر الشرطة الفلسطينية بقيادة اللواء غازي الجبالي أي تظاهرات أو مسيرات أو تجمعات إلا بإذن منها, وعلى الرغم من ذلك قامت الشرطة بإطلاق النار على مسيرة شارك فيها عناصر كل من حماس والجهاد الإسلامي ,هذه المسيرة التي انطلقت من مسجد فلسطين بحي الرمال بغزة, وحسب شهود عيان ومشاركين في هذه المسيرة انهال الرصاص على المصلّين بجرد تسليم الإمام وقبل الخروج من المسجد, الأمر الذي اوجد مزيدا من التوتر في العلاقة بين الإسلاميين المعارضين لأوسلو والسلطة, وبررت السلطة موقفها بأن الرصاص الذي تم إطلاقه ليس من رصاص الشرطة, وانه ليس لها علاقة بهذا الحادث, وان علاقتها بالأمر لا تعدو مراقبة المكان, ويضاف إلى هذا الحادث الذي أوقع أكثر من ثلاثة عشر شهيدا وعشرات الجرحى حادث مداهمة أجهزة امن السلطة لمنزل كان يقطن فيه كل من عمار الأعرج وأيمن الرزاينة من الجناح العسكري للجهاد الإسلامي, وقامت بإطلاق النار عليهما مما أدى إلى استشهادهما وقد كانا ينتظران آذان الإفطار في شهر رمضان المبارك. اعتمدت السلطة منذ نشوئها في الأراضي التي تم إعادة الانتشار فيها على حركة فتح وبقيت حركة فتح حتى بداية انتفاضة الأقصى المباركة الذراع الضارب للسلطة إذ أن أبناء فتح كان يسمح لهم لتقلُّد كافة المناصب الحكومية خصوصا في الأجهزة الأمنية, إلا أن السلطة كانت تفرق بين فتح الداخل وفتح الخارج, فقيادات فتح الخارج الذين كانوا موزعين في الدول العربية المختلفة جاؤوا بقيم وتقاليد تختلف عن الأعراف والتقاليد الاجتماعية على وجه الخصوص في قطاع غزة, إذ أصبح من العادي أن ترى في شوارع غزة المتبرجات والسافرات, وكذلك ظاهرة السفور والتبرج في جامعة مثل جامعة الأزهر التي كانت موئلاً لبنات العقداء والعمداء في السطة أصحاب الرواتب العالية جداً, وهذه التربية لم يكن يعرفها بنات عائلات قطاع غزة المحافظة. تعامل كواد فتح الخارج مع أبناء فتح الداخل بدونية, إذ كانوا يشعرون أنهم أكثر نضالا وخبرة, فاستعملوا كوادر فتح الداخل كأداة يحركونها كيفما يريدون.. فهم الذين كانوا يقومون بتنفيذ مهمات الاعتقال لأبناء الحركات السياسية المعارضة وكانوا معروفين جيدا لهذه الحركات, ولكن نظرا لارتباط أبناء فتح الداخل بالسلطة وأجندتها السياسية جعلهم يتنازلون عن أعراف وتقاليد وطنية واجتماعية كثيرة بفعل ضغوطات وتأثيرات كوادر فتح الخارج الذين اعتبروا أن المحافظة على اتفاق أوسلو من المصالح الوطنية العليا التي دونها كل شيء..نفذت فتح الداخل كل ما يطلب منها رغم امتعاض كثير من قادتها من تصرفات واملاءات قادة فتح القادمين من الخارج, بل كان قسم كثير منهم يشعر بالمهانة..هذا الأمر جعل فتح تضعف وتتفكك شيئا فشيئا, ولم يعد هناك قيادة تجمع كل هذه التناقضات والمفارقات في داخل هذه الحركة الكبيرة والممتدة. ياسر عرفات وانتفاضة الأقصى وفشل أوسلو أيقن ياسر عرفات انه لا جدوى من اتفاقات أوسلو لاسيما بعد زيارته لكامب ديفيد في أمريكا وتعرضه لضغوطات كبيرة من اولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك حيث عرضت عليه التنازل عن حق العودة وعن القدس وعن ثوابت فلسطينية لا يستطيع احد أن يفرط فيها فرفض رفضا قاطعا, فقالت له: \"هذه آخر مرة تدخل فيها البيت الأبيض\", وقال لها عبارته المشهورة عندما كررت عليه المطالب الأمريكية الإسرائيلية : \"ادعوكم إلى جنازتي..\" أيقن عرفات أن أوسلو لن يقوده إلى إعلان الدولة, بل تم تحذيره من قبل الدول العربية من نتيجة إعلان الدولة من طرف واحد فأطلق العنان للانتفاضة خصوصا بعد دخول شارون رئيس الوزراء السابق لباحة المسجد الأقصى..كان أبو عمار يدرك أهمية المقاومة في الضغط على إسرائيل وان انتهاء المقاومة يعني انتهاء القضية وتصفيتها فإسرائيل ضربت بكل ما تم الاتفاق عليه عرض الحائط, ومضى أكثر من تسع سنوات على تنفيذ اتفاق أوسلو الذي يقضي بإعادة الانتشار من الأراضي التي احتلت عام 67 وانه بإمكان المنظمة أن تعلن عن الدولة الفلسطينية بعد خمس سنوات من تطبيق الاتفاق..حاصرت إسرائيل ياسر عرفات في مقر المقاطعة في رام الله للضغط عليه واتهمته بأنه يموِّل عمليات تفجيرية داخل إسرائيل, وان لديها تسجيلات لمكالمات تلفونية لياسر عرفات يطلب فيها من كتائب شهداء الأقصى أن تنفذ هجمات داخل إسرائيل..قامت إسرائيل بعد ذلك باستهداف مقرات السلطة وقصفها بالطائرات وأصبحت السلطة مشتتة وضعفت قدرتها على الاعتقال ومتابعة الأمور حتى أن الأسرى الذين كانوا لديها سواء سياسيين أو جنائيين أو أمنيين كانت تنقلهم من مكان إلى مكان بسبب عدم الاستقرار والقصف المستمر للمقرات. رؤية محمود عباس واختلافها عن رؤية ياسر عرفات محمود عباس لا يؤمن بعسكرة الانتفاضة, لذلك استحدثت أمريكا منصب رئيس الوزراء في السلطة الفلسطينية وذلك لتقويض نفوذ ياسر عرفات الذي بات أسيرا في المقاطعة وكوادر السلطة يفاوضون ويواصلون لقاءاتهم بالمسئولين الإسرائيليين وكأنّ شيئا لم يكن..عادت الأجهزة الأمنية الفلسطينية في غزة والضفة لملاحقة المقاومين بدعاوى إعطاء المفاوضات فرصة أخرى..إلا أن الأمر كان مختلفا هذه المرة.. فأبناء الحركة الإسلامية لم يعودوا ضعفاء واستفادوا من انتفاضة الأقصى التي جعلت معظمهم خارج السجون التي كانت مستهدفة من طائرات الاحتلال, وبالتالي لم تفلح أجهزة الأمن من بسط نفوذها مرة أخرى والقيام باعتقالات في ظل انتفاضة ساخنة وفي ظل اجتياحات إسرائيلية ومئات الشهداء والجرحى , بل في بعض الأحيان كانت الجماهير الفلسطينية تقتحم بعض المراكز وتفرج عن الذين بداخلها من أبناء حماس والجهاد الإسلامي!..وأصبحت فتح بتياراتها المتعددة غير قادرة على حسم أمرها فتكون مع المقاومة أو مع عدم عسكرة الانتفاضة, الأمر الذي جعل أكثر من جناح لشهداء الأقصى كل له أجندته السياسية الخاصة به. الانتخابات الفلسطينية التشريعية واتساع هوّة الخلاف بعد استشهاد ياسر عرفات الذي قتل مسموما حسب ما قالته معظم المصادر السياسية والأمنية الفلسطينية وغير الفلسطينية وأعلن عن انتخابات رئاسية نجم عنها اختيار محمود عباس كرئيس للسلطة الوطنية الفلسطينية, وقد تلا هذه الانتخابات الرئاسية انتخابات تشريعية قررت حماس لأول مرة أن تخوض غمارها رغم أنها كانت تحرِّم الدخول في الانتخابات لأنها نتاج لاتفاقات أوسلو المحرمة, وتمت هذه الانتخابات دون أية معوقات وفازت بمعظم مقاعد المجلس التشريعي وأصبحت حماس وجها لوجه مع أبو مازن وأعضاء فتح في الحكومة و المجلس التشريعي..تم توزيع المهام في أول حكومة وحدة وطنية ترأسها إسماعيل هنية إلا انه لم يكتب لها النجاح بسب الاصطدام والاحتدام بين أعضاء فتح وحماس في المجلس التشريعي..وبسبب عدم الوفاق كحكومة وحدة وطنية.. قامت كتلة حماس بتشكيل حكومة جديدة أسمتها بالحكومة الراشدة وكل وزرائها من أعضاء حماس في التشريعي حتى جاءت لحظة الحسم العسكري في تموز2006. التنازع على الشرعية قام أبو مازن بإقالة حكومة إسماعيل هنية باعتبارها غير شرعية فيما تمسكت حماس بهذه الحكومة وقامت بتوسيع حقائبها معتبرة أن حكومة السلطة في رام الله هي الغير شرعية وأنها تابعة للجنرال الأمريكي دايتون وبالتالي لاحقت حماس كل محاولة اتصال بحكومة رام الله التي لا تعترف بها حكومة حماس, وقامت بوضع يدها على كل المناصب الهامة في وزارات السلطة باستبعاد أبناء فتح وإحلال أفراد من حماس ليقوموا بهذه الوظائف ليتسنى لحكومة حماس تنفيذ قراراتها التي كانت لا تجد استجابة من مسئولي فتح في الوزارات والأجهزة الأمنية السابقة على اعتبار أن هذه القرارات غير صادرة من الحكومة الشرعية..وهكذا بدأ الخلاف والشقاق يزداد ويتسع بين حكومة غزة المحسوبة على حماس وحكومة رام الله المحسوبة على فتح تحت مزاعم الشرعية وادعاء امتلاكها من كل طرف. حماس والتهدئة والمصالح الوطنية العليا أصبحت حكومة حماس تستخدم مصطلحات كتلك التي استخدمتها السلطة في السابق مثل التهدئة لأجل التنفيس عن الشعب وإفشال مخططات حكومة رام الله وملاحقة التيار الخياني الهارب إلى رام الله من المصالح الوطنية العليا وهذا شعار كانت تستخدمه أجهزة امن السلطة السابقة لتبرير قيامها باعتقال المجاهدين وملاحقتهم بدعوى المصلحة الوطنية العليا والمحافظة على انجازات السلطة السياسية. في نفس الوقت الذي كانت تنادي فيه حكومة حماس بالحوار كانت تقوم بملاحقات واعتقالات لأبناء فتح,وأصبحت حماس كحكومة, تمتلك حرية التحرك كقوة مستثمرة التهدئة التي تساعدها لفرض نفوذها كحكومة ضعيفة الإمكانات حتى ولو لم تحقق هذه التهدئة أي انفراج أو فك للحصار أو تخفيف عن المواطنين , وساعد أجهزة امن حكومة حماس هو الانسحاب الإسرائيلي من المستوطنات مما جعل أفراد وقادة القسام وأجهزة أمن الحكومة المقالة أن تتحرك بكل حرية بين جنبات قطاع غزة , صادرت أجهزة أمن الحكومة المقالة في قطاع غزة معظم أسلحة أبناء فتح واستغلت ظاهرة إطلاق النار في الأفراح لمصادرة السلاح من كل شخص يظهره تحت شار ملاحقة السلاح المنفلت, وهكذا استطاعت من إطباق سيطرتها على القطاع وإلجام أبناء حركة فتح بتشديد القبضة عليهم تحت مزاعم المصلحة الوطنية العليا وضبط السلاح المنفلت ومقاومة الفلتان الأمني, ولم يفلت من هذه الاعتقالات شخصيات كبيرة من فتح مثل الدكتور زكريا الأغا وإبراهيم أبو النجا ,حتى المحافظين لمدن القطاع المحسوبين على فتح تم اعتقالهم أمثال محمد القدوة

      تعليق


      • #4
        وأسامة الفرا وعبد الله أبو سمهدانة وغيرهم لإعطاء رسالة انه ليس ثمة شيء يمكن أن يقف أمام إطباق حماس السيطرة على قطاع غزة, بل أرسلت رسائل في نفس الوقت الذي تدعو فيه للحوار أن ما تم في قطاع غزة من حسم عسكري يمكن أن ينسحب إلى الضفة الغربية لتقويض سلطة محمود عباس وأجهزته الأمنية التي ترد على تصرفات حماس في غزة بمزيد من الاعتقالات في صفوف حماس وحتى في صفوف الجهاد الإسلامي تحت مزاعم فرض الأمن والنظام.. في نفس الوقت استخدام أسلوب قطع الرواتب لموظفي السلطة المحسوبين على حماس في قطاع غزة الأمر الذي أدى أيضا إلى قطع رواتب أشخاص عاديين تحت طائلة الشبهة أو لأنهم شاركوا في بعض نشاطات حماس كبرامج ولقاءات إذاعية في صوت الأقصى المحسوب على حماس. حماس والحصار ونظرا لأن الحكومة التي شكلتها حماس في قطاع غزة لا تحظى بتأييد وموافقة من محمود عباس رأس السلطة الفلسطينية والمعترف به إسرائيليا ودوليا وأجندته السياسية تتلاقى مع المنظومة الدولية فان حكومة حماس لم يتم الاعتراف بها في المحافل الدولية, بل وصفت في كثير من المحافل بأنها إمارة حمساوية منعزلة, واعتمدت حماس على المساعدات والتبرعات خصوصا من إيران ومن الإخوان المسلمين الممتدين في العالم الإسلامي والعربي, وراهنت حماس على تفكّك الحصار تدريجيا وقبلت بنسب محدودة من الوقود والاسمنت متبعة نظام الكوبونة في توزيع الوقود والأسمنت على المواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة إلا بالله في ظل هذا الصراع على الشرعية, وتماشى المواطنون الفلسطينيون مع هذا الوضع الصعب الذي يعيشونه لأول مرة في التاريخ وعبر سلطات متعاقبة..ولا زالت تراهن حكومة حماس على عامل الوقت مستثمرة التهدئة التي تم إبرامها عبر مصر مع الإسرائيليين رغم أن هذه التهدئة لم تفك الحصار منذ أكثر من ثلاثة أسابيع حتى لحظة كتابة هذه الدراسة على تطبيقها وبقيت حكومة حماس تعيش في دائرة التوجس والشك من احتمالية قيام التيار الذي تسميه بالخياني من ترتيب صفوف حركة فتح من جديد بغية تغيير المنظومة الموجودة في قطاع غزة التي وصفها جميل المجدلاوي احد قادة الجبهة الشعبية بالظلامية. حاولت حماس أن تصم آذانها عن كل ما يقال ويدور حول سياستها في قطاع غزة طالبة من أهالي قطاع غزة مزيدا من الصمود لفك هذا الحصار ومزيدا من الالتحام والاتحاد أمام تيار دايتون القابع في رام الله جاعلة من أولويات عملها تنظيم السير وإخلاء الطرقات من البسطات والتعديات في الشوارع وعلي شاطئ بحر غزة التي تسئ وتعرقل حركة المواطنين وكأن هذه الأمور أهم من أي أمر آخر,كذلك تابعت السيارات الغير مرخصة وسمحت للمواطنين بالترخيص بدون تأمين رغم أن وزارة النقل والمواصلات في رام الله دعت المواطنين في قطاع غزة إلى عدم دفع رسوم لحكومة حماس, إلا أن حماس تابعت ولاحقت كل من يتهاون في دفع رسم العلاج أو أي من المعاملات الرسمية التي تقضي دفع رسوم. لغة الاتهام والتخوين والعقاب الجماعي لغة الاتهام والتخوين هي لغة خطيرة تقود إلى مزيد من الصراع الداخلي والصدام وسفك الدماء, وهي لغة مرفوضة من أي طرف كان, ففلسطين هي وطن للجميع لا يمكن لأحد أن يحتكره لصالح أجندته وأفكاره ورؤاه الخاصة, وهذه مشكلة وقعت فيها الأجهزة الأمنية المحسوبة على فتح إذ استساغت أن تتهم الآخرين بالخيانة والعمل لصلح أطراف خارجية تريد أن تفشل اتفاق أوسلو وقامت تحت شعار المصالح الوطنية العليا الذي تستخدمه حكومة حماس الآن باعتقال المخالفين خصوصا الإسلاميين, بل راق لبعض عقداء وعمداء السلطة أن يضعوا المعتقلين الإسلاميين مع معتقلين أمنيين وجنائيين دون تمييز بل توجيه اتهامات واهانات وألفاظ سب وشتم واعتداءات جسدية على المعتقلين الإسلاميين ظنا منهم أن الشعب الفلسطيني يمكن أن يقبل بمثل هذا الانحطاط في المعاملة مع الفصائل التي تعارفت على الاحترام المتبادل والتوحد في خنادق المواجهة مع العدو ولا يمكن أن يقبل بسلطة مفصلة حسب إرادة العدو وشروطه,ورغم القيود والضغوطات التي كانت تمارس على السلطة إسرائيليا ودوليا لتقوم بدور امني بحت, إلا أن ياسر عرفات رفض أن يصار إلى جعل السلطة كجهاز لحفظ الأمن الإسرائيلي وقال في أكثر من لقاء وتصريح صحفي: \" أنا لن أقوم بدور أنطوان لحد\" لأنه كان ينظر إلى نفسه على انه مناضل ثوري تماشى مع مسيرة التسوية لتحقيق انجازات للشعب الفلسطيني تنتهي بالدولة وليس بسلطة تشبه إلى حد بعيد جيش أنطوان لحد, لذلك حرص ياسر عرفات على أن يشارك في جنازة الشهيد هاني عابد الذي اغتالته أجهزة المخابرات الإسرائيلية بوضع عبوة ناسفة في سيارته انفجرت بمجر تشغيل محرك السيارة بينما كان يهم بمغادرة كلية العلوم والتكنولوجيا في خانيونس ليعود إلى غزة..ورغم أن بعض المتواجدين في المسجد العمري بمدينة غزة لم يتعاملوا بشكل لائق مع أبو عمار بسبب لحظة الغضب والانفعال لفقدان شهيد بحجم هاني عابد في ظل سلطة يفترض أن توفر الأمان للمواطنين لا أن يتم في ظلها تفخيخ سيارات واغتيال قيادات من الفصائل الإسلامية المعارضة لأوسلو, إلا انه تم احتواء الموقف ومعالجة الحدث على الفور بتدخل قيادات حركة الجهاد الإسلامي وإنهاء الأزمة وتفهم أبو عمار لملابسات الموقف..وقد أراد أبو عمار أن يوجه رسالة بمشاركته في تشييع الشهيد هاني عابد والصلاة عليه أن السلطة ترفض مثل هذه الأعمال وأنها ليست سلطة لحدية, وان لديه قابلية للتفاعل والتعاطي مع الآخر. وللأسف فقد وقعت حماس عبر تمسكها بالحكم ورغم رفعها لشعارات المحافظة على المقاومة في ممارسات لا تقل عنفا عن التي اتبعتها الأجهزة الأمنية السابقة وبقيت تعيش تحت هاجس الانقلابات والمؤامرات من تيار دايتون فقامت باعتقالات وملاحقات واجراءات للعقاب الجماعي طالت العديد من أبناء فتح, ووقفت ضد أي نشاط من شانه أن يعيد فتح إلى المشهد السياسي والاجتماعي, وربما نسيت حماس أيضا أن الشعب الفلسطيني إذا لم يصرح بالرفض فلا يعني ذلك انه راضٍ عما يحدث, ولكن الشعب الفلسطيني يدرك أن الأيام دول, وان الوحدة الفصائلية أمر حتمي وانه لا يمكن لأحد أن يستأصل أحدا أو يزيله مهما بلغ من حالة الضعف, وهل نسيت حماس كيف كانت في عام 94 وكيف هي الآن؟ وهل هي واثقة من قدرتها على استمرار تماسكها وبنيتها العسكرية لأمد أطول؟ بسط النفوذ واستهداف العائلات من الغريب أن حماس في قطاع غزة تتقدم في بسط نفوذها معتمدة على منطق القوة وليس على قوة المنطق والعقل, فللمرة الثانية تستهدف عائلة حلس وقد سقط في المواجهة الأولى أربعة من أبناء العائلة وصرح محمود الزهار بعد الهجوم الأول على العائلة انه لا يزال دمّل في الشجاعية لم ينفجر, لذلك انطلقت داخلية سعيد صيام مستثمرة حادث التفجير على شاطئ بحر غزة الذي أودى بحياة خمسة من عناصر القسام بالإضافة إلى طفلة صغيرة, وعائلة حلس تعايشت عبر عقود طويلة بين كل فئات المجتمع الفلسطيني, ويوجد فيها منتمين لكل الفصائل الفلسطينية خصوصا فتح, إذ كانت رافدا مهِمَّا لحركة فتح رغم بروز بعض السلبيات واستغلال بعض أفراد العائلة لاسم العائلة وقوتها, إلا انه ليس من الحكمة استهداف فتح من خلال كسر شوكة هذه العائلة ولتكون رسالة لكل العائلات الفلسطينية ولكل القوى خصوصا كل من ينتمي لفتح أن يفكر في إخراج فتح من كبوتها واستنهاضها من جديد..ورغم بشاعة حادث التفجير على شاطئ بحر غزة والذي أدانته كل القوى والفصائل, إلا انه لم يكن يجدر بحماس أن تستثمر هذا الحادث رغم كل التبريرات التي ساقها سعيد صيام وزير الداخلية في حكومة حماس المقالة في مؤتمره عقب العملية الأمنية التي استهدفت عائلة حلس, والتي كانت مبنية على الظن والتخمين, وهو أسلوب مدمر في التحقيق والبناء عليه..لم يكن يجدر بحماس أن تشن هذا الهجوم المدمر بكل هذا الثقل العسكري في حي الشجاعية لتوجيه ضربة استباقية استهدفت أشخاص محسوبين على فتح ويعتبرون قادة فيها مثل احمد حلس وعادل حلس وغيرهم, الأمر الذي هدم كل عوامل الثقة بين فتح وحماس ليخرج أبناء عائلة حلس المحسوبين على فتح فارين من القتل المحقق من عناصر حماس الذين اقتحموا بيوت هؤلاء الأشخاص ضمن خطة عسكرية محكمة اعتمدت على حفر أنفاق تحت بيوت من عائلة حلس وغيرها, واستخدام أبناء حماس من نفس العائلة لحفر هذه الأنفاق والمشاركة في مباغتة قيادات وعناصر فتح من عائلة حلس وعلى رأسهم احمد حلس وعادل حلس ليجدوا أنفسهم بين أيدي الجنود الإسرائيليين الذين عصبوا عيونهم وعرّوهم من ملابسهم.. فلا ادري هل أثار هذا المشهد مشاعر الفرحة أم مشاعر الحزن لدى قيادات وعناصر حماس التي وصلت إلى هذا المستوى من الصراع مع حركة فتح؟ وهل كل هؤلاء الذين لجئوا إلى الخط الشرقي ليجدوا أنفسهم محاصرين ببنادق الجنود الإسرائيليين تيار خياني أم ضحايا لهذا الصراع المدمر؟!..ولا ادري ما هو موقف العقلاء في حماس الذين يقرءون التاريخ ..ما هو موقف قادة الإخوان المسلمين الذين احتجوا على جمال عبد الناصر اثر حادثة المنشية والتي قال البعض أنها مسرحية مكنت أجهزة الأمن المصرية من رقاب قادة وأعضاء الإخوان المسلمين وقادتهم إلى المعتقلات وأعواد المشانق وأعطت فرصة لأجهزة الأمن أن تتخلص من جماعة الإخوان المسلمين في إطار العقاب الجماعي الذي رفضته حركة الإخوان المسلمين قائلة انه ليس لدى قادة الحركة أي علم بموضوع المنشية ومحاولة اغتيال جمال عبد الناصر..فكيف ترضى حماس وقادتها من الإخوان الموجودين في قطاع غزة مالا يرضوه لغيرهم ويمارسون أسلوب العقاب الجماعي مع عائلة حلس معتمدين على الظن والتخمين متذرعين بالقول أن هروب أبناء العائلة إلى الجانب الإسرائيلي دليل تورطهم في حادث التفجير على شاطئ بحر غزة,ولو كان الأمر كذلك فلماذا صرح الزهار أن احمد حلس غير مطلوب لحماس وان بإمكانه العودة إلى القطاع مع ضمانة عدم التعرض له بالاعتقال من قبل حماس ولكن دون ضمانة لأيٍّ من أفراد العائلة الآخرين الهاربين..والجدير بالذكر أن نجل احمد حلس واسمه محمد كان قد استشهد في مواجهة مع جنود الاحتلال على الخط الشرقي إبان إحدى الاجتياحات الإسرائيلية قبل حوالي ثلاثة أعوام. الخروج من المأزق وفي خضم هذا الوضع المأساوي يبرز السؤال الهام.. ما هو المخرج من هذا المأزق الذي أصاب المجموع الفلسطيني برمَّته؟هل تتواصل لغة التخوين والاتهام ؟هل يتواصل الشك في الآخر والخوف من انقلابه وسطوته؟ وهل ستبقى حماس في قطاع غزة تتعامل بهذه الدوجماتية؟ أم انه من الضروري فتح صفحة جديدة في التعامل الفصائلي ..صفحة جديدة مشرقة ترتكز على ما يلي: 1- إغلاق ملف الاعتقال السياسي في كل من الضفة والقطاع وإطلاق سراح كل الأسرى من الطرفين في قطاع غزة والضفة. 2- الاتفاق على ميثاق شرف يضمن عدم مس كل طرف بالآخر. 3- الاتفاق على صون المقاومة واستخدامها كوسيلة للتحرير ضمن آلية تتفق عليها الفصائل بعيدا عن اتهامات التخوين والتشكيك بالنوايا. 4- العمل على عودة كل من خرج من قطاع غزة وعدم التعرض له خصوصا الذين تم نقلهم إلى رام الله وأريحا من آل حلس الكرام. 5- الجلوس إلى طاولة الحوار وعدم الاشتراط على الآخر فيما يتعلق بالشخصيات التي يختارها كل فصيل. 6- العودة إلى تقاسم الأدوار في الحكومة الفلسطينية تحت رئاسة واحدة ومجلس تشريعي واحد وحكومة واحدة من الطرفين. 7- التخلي نهائيا عن ثقافة الدوجماتية و الكراهية والقتل, وحلّ كل الإشكاليات عبر قنوات تفاوض داخلية تشارك فيها كل القوى الوطنية والإسلامية. 8- التوقف تماما عن التشهير الإعلامي عبر الفضائيات والإذاعات المحلية مثل مرئية وإذاعة الأقصى وتلفزيون فلسطين واستبدالها بلغة المحبة والتآخي. هذه أمانة سيحاسب كل من يفرط فيها, فمصير الشعب الفلسطيني ومستقبله ليس حقل تجارب لهذا الفصيل أو ذاك..يمكن البناء على كل بادرة خير تساهم في تقريب وجهات النظر , من المهم الأخذ بالرسالة التي حملها من الأسرى الدكتور عمر عبد الرازق الأسير المحرر من السجون الإسرائيلية والمحسوب على حماس والتي يدعون فيها كل من فتح وحماس للجلوس إلى طاولة الحوار.. كذلك يمكن الأخذ بالمبادرة التي أطلقها الدكتور احمد بحر من المجلس التشريعي في غزة والتي حملت اسم الدكتور عزيز دويك مسئول المجلس التشريعي المعتقل في السجون الإسرائيلية ودعا فيها كل من فتح وحماس إلى العودة إلى التفاوض والحوار الداخلي, والأهم من ذلك ترطيب الأجواء مع الرئيس محمود عباس وإنهاء الخطاب الساخن المعتمد على التخوين والاتهام من كل طرف للآخر والتمسك بمبادرة الرئيس أبو مازن التي أطلقها قبل عدة أسابيع للحوار..كما انه من الضروري التمسك بالمبادرات التي تطلقها حركة الجهاد الإسلامي على وجه الخصوص والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والارتكاز عليها في الوصول إلى مواقف ونتائج ايجابية.. ولا بد من الإشارة إلى الدور الايجابي لحركة الجهاد الإسلامي التي عالجت أمور الخلاف بحكمة وتعقل ولم تنحاز لطرف دون الآخر وبقيت منحازة للحق ووحدة الصف والكلمة وإدانة الخطأ من أي جهة كانت..وان التأخير في حسم الخلاف والوصول إلى اتفاق بين فتح وحماس لن يقود إلا لمزيد من سفك الدم الفلسطيني.

        تعليق

        يعمل...
        X