إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بين جثامين الشهداء و"سنوات الضياع"

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بين جثامين الشهداء و"سنوات الضياع"

    بين جثامين الشهداء و"سنوات الضياع"


    امتزجت مشاعر الفرح، والحزن، والافتخار، في قلوب عشرات الآلاف من النساء والرجال الذين تجمعوا في ساحة الأمويين في دمشق لاستقبال قافلة الشهداء التي تضم رفات أربعة عشر ومائة شهيد، استطاعت المقاومة اللبنانية أن تعيدهم ليدفنوا في بلادهم من خلال يوم الرضوان المشهود.



    عندما وقعت أبصارنا على القافلة الكريمة، بلغت القلوب الحناجر من الغبطة، وتمنينا أن نكون مكانهم. واغرورقت العيون بالدموع، ونحن نرى هذه القافلة على الشاشات من بعد آلاف الأميال فما بالك، بمن استقبلها ونثر حبات الأرز على أهلها. وما بالك بمن أطلق النار ابتهاجاً بقريبه الشهيد، وما بالك بأم زغردت وتحشرج صوتها، ورفعت رأسها إلى الغيم وهي ترقب نعش فلذة كبدها الذي أحب فلسطين وذهب ليموت على ثراها.



    شيوخ بلغوا الثمانين جاءوا من قرى بعيدة، ظهورهم محنية، كانوا يرفعون رؤوسهم من خلف الجماهير المحتشدة، يتطاولون وحق لهم، فقد جاءوا لاستقبال أحد أبناء قريتهم الذي رفع رؤوسهم وأعزهم باستشهاده. امتزجت مشاعرهم واختلطت كلماتهم، فتسمعهم يقولون هذا ابن فلان، هذا من قريتنا، كنت أعرفه جيداً عندما كان صغيراً، ثم يرفعون أصواتهم بالتكبير والتهليل، ثم ينادون الشهيد، بصوت أعلى من صوت الرصاص الذين يطلقونه، مرحباً يا ولدي، أنا أبوك فلان وأنا أمك فلانة، رفعت رأسنا يا حبيب الله.



    هذه الكلمات التي أكتبها هنا لن تعبر أبداً عن المشاعر التي اجتاحت قلوب الناس في تلك الساعات وتركت أعظم الأثر في نفوسهم.



    لا أريد في هذا المقال، الحديث عمّا فعلته المقاومة اللبنانية من رفع راية العرب والمسلمين وقهر العدو وإذلاله، فمجاله مقال آخر، إنما أردت فقط، أن أثبت أن الأمة لا تزال بخير مع كل الذي لحقها من أذى سببه التكبر الصهيوني الأمريكي، أو الظلم الذي يوقعه بعض الحكام على شعوبهم.



    فكم عملت وسائل الإعلام الناطقة بالعربية على إضعاف روح المقاومة عند الشعوب ، وكم بثت فضائيات العري، أفلاماً وأغان لا هدف لها إلا تدجين الناس وتخديرهم. وكم من مؤامرة عقدها العدو لتدمير روح الجماهير العربية، وكم من قانون فرض وكم من إفساد نشر. لكن الأمة لا تزال بخير و"الخير في وفي أمتي إلى يوم القيامة".



    كم كذبت وسائل الإعلام الرخيصة على هذا الشعب الأبي، فحاولت أن تظهر أن اهتمامات الشارع العربي تنصب اليوم على مسلسل" سنوات الضياع" في سورية، وعلى لون اللباس المناسب للصيف في تونس، وعلى أنواع التبغ والمخدرات في مصر. وتناست هذه الوسائل الرخيصة ما تقوم به المقاومة الباسلة في العراق وفي الصومال وفلسطين ولبنان وأفغانستان، وأرادت أن تجعل من أمتنا جمهوراً منقاداً لا يفكر إلا بالرغائب والغرائز. ولا يشغله إلا قنوات الإسفاف والرذيلة. وتناست قاصدة، أن هذه أمة فيها رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.



    ومع أنني لا أنكر وجود بعض المغيبين الذين ساروا خلف آلات الدعاية تلك، لكن الذي كان في عيون مضيفي جثامين الشهداء كان غير ذلك. لقد كان قلب الأمة الحق.

    فأم محمد انتظرت طوال اليوم تحت أشعة الشمس اللاهبة، وهي امرأة عتيقة تهدج صوتها وانحنى ظهرها، وما منعها ذلك من الزغاريد والنداء، إذ لما رأت جثامين الأبطال نادت" يا هلا رفعت راسنا يا محمد". أما الإخوة العرب، فكانوا يحملون أعلام بلدانهم ويركضون بمحاذاة القافلة المباركة، دون وعي، كانت رؤوسهم مرفوعة ووجوههم منيرة، وحق لهم ذلك فقد ضمت القافلة رجالاً أبطالاً من آبائهم وإخوانهم دافعوا عن تراب فلسطين ودفنوا فيها.



    لم يذكر أحد من الحاضرين الأفلام البذيئة، ولا مغنيات العري، وما التفت أحد إلى قنوات الدجل والنفاق، بل تعلقت قلوبهم بشهداء تركوا أوطانهم وأهليهم وذهبوا ليدافعوا عن فلسطين.



    لا بدّ من القول، أن الحكومة السورية، قد أصابت عندما أحسنت استقبال الشهداء ورعت الاحتفال بقدومهم، فهي في لحظة واحدة أشعلت قلوب الناس محبة لفلسطين ولكل أرض العروبة. ولا شك أن هذه الاحتفال قد أمات أقواماً بغيظهم، فبعد كل ما عملوه من تخطيط وتنفيذ خلال عشرات السنين، ضاع بسبب مشهد واحد لقافلة الشهداء حيث أحيا ذلك المشهد قلوب الناس وذكرهم بقضيتهم وبعدوّهم أيضاً.



    ويجب أن يعلم القارئ الكريم، أن ما شاهده على الشاشات من استقبال حاشد لجثامين الشهداء لا يتجاوز نصف الحقيقة فقد خرجت دمشق كلها واصطف أهلها على جانبي الطرقات بانتظار وصول القافلة، وغرقت شوارعها بزحمة مرورية لاسابق لها، وأغلقت إدارة المرور العديد من الطرقات لإفساح المجال للجماهير من أجل تحية الأبطال، بينما تسمّر الملايين أمام المرئيات، يتابعون الحدث، وبعد كل ما عمله الإعلام من محاولات إفساد هذه الأمة، وبعد كل ما كتبت الدعاية الرخيصة عن موت فكر المقاومة، رأيت الناس قد نسوا كل صغيرة وكل تفاهة وتعلقت قلوبهم بالحدث.



    إن وصول جثامين الشهداء واهتمام الجماهير العريضة بهذا الأمر، يؤكد أن فكر المقاومة والجهاد حي يرزق، بل هو حاضر أكثر من أي فكر آخر.







    رحم الله شهدائنا الأبرار وتحية حارة وصادقة وخجل أمام أولئك الذين ضحوا بحياتهم من أجل فلسطين، وألف تحية للذين يسيرون على دربهم، المقاومة العراقية واللبنانية والصومالية والفلسطينية وكل مقاومة في مشارق الأرض ومغاربها. وألف شكر لا تقل حرارة للذين صنعوا يوم الرضوان، وقهروا العدو وأذلوه. وإعجاب بما قامت به الحكومة السورية من الاهتمام بهذه المسألة التي أيقظت بلا شك بعض النوّم، وكادت العدو كيداً. وبالمقابل فكل عار وشنار على الذين حاولوا ويحاولون تحطيم فكر المقاومة من قلوب وعقول الناس، وكل مذلة ومهانة خاصة للإعلام الذي ما فتئ يبذل الجهد والمال لتدمير مبادئ هذه الأمة .



    بيد أنني كنت أطمع ولا أزال وسيحدث عاجلاً أو آجلاً، أن نذهب إلى فلسطين ليس لاستعادة جثامين الشهداء بل لاستعادة أرض فلسطين كلها من النهر إلى البحر و والله سيكون.

  • #2
    رد: بين جثامين الشهداء و"سنوات الضياع"

    رحم الله الشهداء واحشرهم مع الانبياء والصديقين وحسن اولاؤك رفيق


    اللهم انصر المجاهدين في كل مكان وانصر مجاهدينا في فلسطين يا رب العالمين
    اللهـــــم كـــــن لنا عونــــــا ونصيــــــــــــرا
    اللهـــــم ارحمنــــا من ظلــــــــم السلطات
    متـــــى سينـــــام هكـــــذا اطفــــالنا

    تعليق

    يعمل...
    X