الشهيد الكتور فتحي الشقاقي الامين العام لحركة الجهاد(هوية اللاجيء الفلسطيني التاريخية والفكرية والحضارية)
عناصر البحث رقم الصفحة
1- المحور الأول 2
* البعد التاريخي لهوية اللاجئ الفلسطيني "فتحي الشقاقي 2
2- المحور الثاني 8
* الأبعاد الفكرية والثقافية عند الشقاقي 8
* الانقلاب الفكري لدى الشقاقي 8
* الشقاقي وتجربة القدوة 9
* إرهاصات لمولد قائد ومفكر اسلامي 10
* المنابع الفكرية عند الشهيد الشقاقي 10
* كريزما الشقاقي 10
3- المحور الثالث 13
* المرأة المسلمة في فكر الشهيد فتحي الشقاقي 13
4-المحور الرابع:- 18
* البعد السياسي والأيد يولوجي في شخصية الشقاقي 18
* من كلمات الشقاقي 18
5- الخاتمة 20
المحور الأول: البعد التاريخي لهوية اللاجئ الفلسطيني "فتحي الشقاقي".
من عمق حسرة النكبة بل المأساة بكل أبعادها التي أصابت أكثر من مليون فلسطيني آمنين في أرضهم وتحولوا إلى حالة اللجوء ولم يكن الشهيد القائد فتحي الشقاقي إلا امتداد ديموغرافي لمعاني النكبة واللجوء لكل الشعب الفلسطيني ،لقد تفتحت عيناه ورأت نور الحياة حينما بدأت النظرة الأولى في عينيه المتفتحتين ليلتمس وليتحسس وليكتشف ما حوله لحياة البؤس في أحد المخيمات الفلسطينية التي لجأت إليها الاسرة في مخيم رفح للاجئين الفلسطينيين كان هذا المولد للشهيد القائد في عام 1951 أي بما يقرب من عامين بعد النكبة وبعد سنوات قليلة استكشف الشهيد القائد فتحي الشقاقي ملامح الوجود في حبيبات عرق العامل الفلسطيني الذي هو أبيه ويقارن وليربط بين شظى العيش في مساكن وكالة الغوث وبين الخطوط المرتسمة على وجه أبيه ومن هنا كانت الحقيقة ومواجهة الحقيقة وخاصة بعد أن فقد الطفل الذي لم يتجاوز الــ15 عام والدته .
من هنا تأسست اللبنة الأولى في أسلوب استقرائي واستنتاجي لمعنى النكبة والمعاناة ومن هنا كان البحث عن الطريق .
نعم أنه اللاجئ من تلك القرية الصغيرة التي ترتمي الآن اغتصابا ً في أيدي شذاذ الأرض الصهاينة .
بحث الشقاقي في كل أوراق الكون فوجد العنوان العريض كلمة اللاجئ ووجد الظلم والاضظهاد كبقية شعبه من اللاجئين الفلسطينيين ، التحق الشهيد وهو أكبر اخوته بجامعة بير زيت ليتخرج من قسم الرياضيات وعمل مدرس في مدارس القدس كغيره من اللاجئين الذين يبحثون عن الحقيقة ويبحثون عن وسيلة استمرار البحث عن الحقيقة من خلال توفير لقمة العيش ، لم تحقق أمانيه بدراسة الرياضيات فأعاد دراسة الثانوية العامة فكانت أمنياته أن يصبح مهندسا ً ، ميول تنم عن الرغبة في الحياة الانسانية وفي المشاركة في الصناعة التقنية الحضارية للعالم ولكن ببعده
الانساني والعطافي والشعوري انصاع الشهيد إلى رؤية أبيه ورغباته فدرس في كلية الطب جامعة الزقازيق ليصبح طبيبا في مستشفى المطلع بالقدس ثم طبيبا ً في غزة .
نمى هذا البعد الانساني فكان عاشقا ً للغة الأدب والفلسفة وغاص في أعماقهما فتحركت يده اليمنى الطاهرة لتصنع من الحروف والكلمات لغة الأدب الممزوجة عضويا مع العمق الوطني لديه و التي عشقها كإنسان وبرؤية المحنة والمعاناة ونظرة التمرد على الواقع وعلى السجان ،قائلا:
في العين لهب..
في الصدر غضب..
مولانا كالعادة صاح:
عرب.. فوضى عرب..
وحينما خطت يمينه تلك القصيدة المستوحاه من محطة الأتوبيسات الرئيسية خارج أحد أبواب بلدة القدس القديمة حيث ينطلق العمال العرب إلى أعمالهم في عمق الأراضي المحتلة حكاية من باب العامود" المنشورة بالعدد الأول من مجلة المختار الإسلامي في يوليو 1979م:
كانوا خمسة…
في يد كل منهم منجل..
في يسرى كل منهم قفة..
كانوا يا أصحابي خمسة..
وقفوا في صف مكسور..
في أعينهم نامت مدن وبحور..
بهذا الصف المكسور..
خذ حذرك..
مولانا هلت طلعته..
يا صاحبي حضر المأمور..
مولانا كفا في كف ضرب..
في العين لهب..
في الصدر غضب..
مولانا كالعادة صاح:
عرب.. فوضى عرب..
كانوا خمسة..
في يمنى كل منهم منجل..
في يسرى كل منهم قفة..
تركوا (الدرق) الأخضر
قالوا: يوماً يومين ولا اكثر
يا عمال بلادي..
هرمت غابات الزعتر..
وانسكب الزيت وغصن الزيتون تكسر..
يا قلب الأرض تحجر
لا تزهر أبداً لا تزهر..
إلا غضباً.. إلا بركاناً يتفجر..
كانوا خمسة ..
وجه واحد .. وجه مسيح..
مصلوب يا سادة..
أي والله مصلوب وجريح..
والوجه السادس وجه قبيح..
وجه يهودا القادم من خلف البحر..
المانع في علب الليل قدوم الفجر..
لقاتل والمقتال..
يبحث عن عمال..
يتقدم صوب الخمسة..
هيا يا صحبي..
استيقظ في قلب الخمسة حزن دهور..
في أعينهم تلمح قطرات من نور..
في جوفهم تمتد جذور وجذور..
يا رعشة في صدري..
يا بركاناً أخذ يثور..
لا.. لا يا هذا المأمور..
يطعنهم..
والسكين في قاع القلب يغور..
يا جرحُ تفتح يا جرحُ..
يا جرح تفتح يا جرح..
يا أهلي هاتوا الملح..
حتى يبقى حياً هذا الجرح..
حتى يبزغ من ظلم الليل الصبح..
لن أغفر لك..
لن أغفر لك..
تلعنني أمي إن كنت غفرت..
تلفظني القدس إن كنت نسيت..
تلفظني الفاء..
تلفظني اللام..
تلفظني السين..
تلفظني الطاء..
تلفظني الياء..
تلفظني النون..
تلفظني كل حروفك يا فلسطين..
تلفظني كل حروفك يا وطني المغبون..
إن كنت غفرت..
أو كنت نسيت..
(فتحي…)
تجسدت في تلك الكلمات الحالة الشعورية الجوهر والعمق والارض مع حروف فلسطين والمظهر لحياة الفلسطيني الذي ينظر إلى وطنه المغتصب على بعد عشرات الأمتار من مخيمات البؤس واللجوء عندما تمتد نظراته الحادة الواثقة بحزم لا يمكن أن يحيد عن مفهوم الصلابة والاصرار على أن تبقى فلسطين في ذاكرته وفي كيانيته وغرائزه مادة حية .
عاش فتحي الشقاقي كإنسان بكل ما وهب الله للإنسان من الشعور المرهف الحس فتأثر بأدب اخوته الناتج من المعاناة في ظل الاحتلال عام 1948 تأثر بشاعر المقاومة في ذلك الوقت محمود درويش وقصائده التي عمقت محددات كثيرة في حياة الشهيد وتأثر بنزار قباني وصفنار كاظم وبذلك جمع الشقاقي بين الحس الانساني والحس الوطني في هذين الشاعرين وتأثر بالفن وخاصة الفن المقاوم مثل الشيخ إمام وأغنياته وأوتار عوده التي خرجت من عمق معاناة الفلاح المصري والأدبي الرافضة للذل والمهانة العربية وانتقل في شعوره إلى الشاعر أحمد فؤاد نجم وقصائده التي تتغنى بالأرض والوطن وتطارد الظلم أينما كان ، وأيضا بإعجابه بهاذين العربيين المصريين جمع الشقين الثقافي والفني بين ما يسمى اليمين واليسار لتندمج في شخصية وشعوره ومن العمق الانساني المبكر والتي صنعت جانبا ً كبيرا ً في حياة الشاب فتحي الشقاقي فقدانه لأمه وبشكل مبكر في سنه فنظم لها القصائد وكلمات الرثاء في ذكراها وفي الأعياد التي لم تكن أعياد على شعب وإخوة وأشقاء وجيران تحتويها أعين الشهيد .
عشق الشهيد الشقاقي ابنائه بعشق فلسطين وبعشقه للاسلام وتعاليمه واخلاقه وادابه فعشق أطفاله الثلاثة: خولة، أسامة، وبرغم مسؤلياته كمفكر وداعية وحامل رسيالة الاان تلك الظروف لم تعيقه عن اداء واجبه نحو اسرته وابناءه فكان يلهو ويمرح معهم فكان لهم الاب والصديق والنصوح واقد اولى اهتماما بابنته خولة فكان معجب بها ويتباهى فيها عندما تنشد الشعر امام اصدقاءه مرددة" تميزت به: "إني أحب الورد، لكني أحب القمح أكثر…".
تنحدر أسرة الشهيد الشقاقي من قرية زرنوقة الفلسطينية التي احتلت من قبل عصابات الغزو الصهيوني بتاريخ 27 أيار 1948م في عملية للعصابات الصهيونية على القرية سميت عملية ( براك ) والتي نفذتها كتيبة( جفعاني ) ومساحتها تقارب 6068 دونم احتوت القرية على مدرستين تعليميتين الأولى عام 1924 والثانية عام 1943 تبعد القرية عن مدينة الرملة 10 كيلو متر وتبعد عن مدينة يافا 25 كيلو متر وترتفع قرية زرنوقة عن سطح البحر بمعدل 50 كيلو متر وأهم المغتصبات التي أقيمت على البلدة بعد احتلالها من قبل الصهاينة مستعمرتي "غان شلومو" و"غفعات بيرنر".
المحور الثاني: الأبعاد الفكرية والثقافية عند الشقاقي :-
لقد أحدثت ثورة 23 يوليو عام 1950 نهضة فكرية مع جانب كبير من التفاؤل والأمل لدى الشعب الفلسطيني وخاصة اللاجئين الفلسطينيين في أن يوم العودة قد قرب وكان هذا التفاؤل نتاج أطروحات لثورة 23 يوليو بأبعادها القومية وبخطابها تجاه القضية الفلسطينية ، فكانت ثورة يوليو بالنسبة للشباب الفلسطيني هي محل استلهام وحافر مهم للالتزام الوطني والقومي فإتجه الشباب في قطاع غزة مساندين مؤزرين لتلك الثورة القومية وشهد قطاع غزة حراك فكري نشط في أوساط الشباب في مراحل التعليم المختلفة في مدارس الاعدادية والثانوية وكانت الثانويات تشهد حراك فكري وأيديولوجي كل ذلك كان منصب في اتجاه كيفية خلق حالة وطنية واعية لإعادة الارض وإزالة الكيان الصهيوني فشهدت ساحة غزة وخاصة المخيمات الفلسطينية نشاط واضح لحركة القوميين العرب والاخوان المسلمين والبعثيين .
عاش الشهيد فتحي الشقاقي في آليات وميكانزم هذا الحراك متأثرا ً بالنقلة النوعية التي احدثتها ثورة يوليو ، فمنذ عام 1966 ،وفي سن لا يتجاوز الــ15 عام حدد الشقاقي ولائه الفكري لثورة يوليو والناصرية كفكر يمكن أن يؤدي إلى تحرير فلسطين .
الانقلاب الفكري لدى الشقاقي :-
أثرت هزيمة حزيران عام 1967 في المنهجية الفكرية للشهيد فتحي الشقاقي بل كانت صدمة لهذا الشاب في مقتبل العمر حين أحتل وأغتصب باقي الوطن في غزة والضفة وأراضي عربية في سوريا ومصر ، صدمة بل حالة ذهول أصابت كل الشعب الفلسطيني .
بدأ الشقاقي يبحث مع نفسه ويطرح سؤال يراود كل فلسطيني في ذاك الوقت أين الطريق إلى فلسطين ؟ ومن أين يبدء ؟ وكيف يبدء ؟، ونمت الاجابة على هذا السؤال من لبنة أولى أهداها له
صديق وهو كتاب "معالم في الطريق " سيد قطب "وكان لهذا الكتاب تأثير عميق فيه ومن هنا حدث الانفلاب الفكري من حالة القومية إلى حالة الاتجاه الاسلامي الوطني ، وكيف لا ما دامت
النعرة القومية وشد الهمم للتاريخ فقط لم تنجح في مواجهة الصهيونية بل أعطى نفسه قوة بتوجهه الفكري نحو الاسلام هو الحل وهو الطريق الذي يمكن أن يحقق الانتصارات ويعيد الأرض بمحددات الاسلام الاخلاقية والجهادية والعلمية والأدبية ولقد وضع الامين العام الدكتور فتحي كتاب معالم في الطرق تحت التليل والركيز ناهيا تحليله بتذييل . معذرة.. استاذنا الإمام الشهيد.. معذرة إني وضعت كتابك فوق طاولة البحث والتحليل.. معذرة إن كنت أصبت.. والف معذرة إن كنت أخطأت . وفي بداية البحث وفي اسلوب تصويري ينقل واقع المعاناة التي كان يعانيها الامام من البوليس والنظام المصري ومدى الالتزام لدى الشباب المؤمن في حماية الامام سيد قطب قائلا( كان الشباب المؤمن يحملونه تحت ثيابهم.. في جيوبهم وتحت وسائدهم ، وكانت الصحافة المأجورة تنشر صورته ( مطلوب حيا أو ميتا ) كأنه عبد الله النديم أو أي بطل وطني مطارد، كان المؤمنون يتناقلون كلماته همسا ) واعتبر الدكتور فتحي الشقاقي كتاب معالم في الطريق من اخطر الكتب الاسلامية واصفا الكتاب بالكتاب الذي قتل مؤلفه وهو نفس الكتاب الذي احيى جيلا تربى عليه .
الشقاقي وتجربة القدوة :-
كان لابد للشقاقي أن يتجه إلى المنابع الفكرية المعاصرة التي بلورت حركات اسلامية تحررية ضد الظلم والاحتلال والعدوان الغربي فكان للشهيد عبد القادر الجزائري قدوة في منهجية الشهيد فتحي الشقاقي وكذلك جمال الدين الأفغاني والشيخ الجليل عمر المختار ومواجهته للغزو الايطالي لليبيا وعز الدين القسام الذين أتى من الشام تحت راية الاسلام ليقود حركة تحرر جهادية ضد عصابات الغزو الصهيونية شتيرن والأرجن والهاجاناة وكانت لاستشهاد عبد القادر الحسيني واعدام عمر المختار بين جموع الشعب الليبي واستشهاد الشيخ عز الدين القسام حيث قال عن الشهيد الشيخ عز الين يعبد هنا كان محط رحالة ومهراق دمه مولانا الشيخ "عز الدين القسام" القادم من (جبلة) حتى دميت قدماه إلى (يعبد) ما بين (جبلة) و (يعبد) كانت تحولات التاريخ تدور
تلقي بنا إلى مزيد من الغربة والمعاناة والألم، ما بين جبلة ويعبد كان القسام يحمل جرحه ويمضي.. يتوقف في الطرقات .. في الحوانيت .. في البيوت .. في ساحات القرى في باحات
المساجد.. فوق المنابر يتوكأ على بندقيته . كان القادم من جبلة يرسم لفلسطين خارطة جديدة ضد التحولات وضد المرحلة ضد التجزئة كان وهو يتواصل ويتكامل من جبلة إلى يعبد بالغ الآثر في عقلية الشهيد فتحي الشقاقي ومن هنا اختار فتحي الشقاقي أسمه الحركي في بداية الطريق " عز الدين الفارس" .
إرهاصات لمولد قائد ومفكر اسلامي:-
كلما تقدم كانت ارهاصات لمولد قائد فلسطيني تحول من حالة اللجوء إلى حالة الانتفاضة ورفض الواقع وكانت البداية مع زملائه في جامعة الزقازئق في كلية الطب والهندسة والتربية ، بيت الشقاقي كما ذكر المعايشين معه في تلك الحقبة الزمنية كانت محل تجمع وتداول في الأزمة الفلسطينية وجدوى النهج العلماني في معالجة قضية التحرير ،هذا من جانب ، أما الجانب الآخر جدوى الحركات الاسلامية بمنهجيتها وآلياتها في تحرير فلسطين وخاصة حركة الاخوان المسلمين ، فكانت نقطة النقد لآليات العمل لتلك الاحزاب والحركات التحررية ولقد رفض الشهيد فتحي الشقاقي فكرة بناء التنظيم على حساب الجوهر والبرنامج أو على حساب الفكرة والموقف واعتبر أن بناء التنظيم إذا لم يكن لديه منهجية وآليات تقود إلى خلق حالة من الابداع أمام مخططات العدو فإن ذلك يؤدي إلى النكسات والاحباطات والانفلاشات التي يمكن أن تؤدي في النهاية إلى الهبوط في المنحنى لتبقى حالة التنظيم حالة من حالات الكلاسيكية في الخطاب ومن هنا تلك المقدمات تؤدي إلى نتائج خاطئة ولا تفيد الصراع على المستوى السياسي والأمني والاجتماعي .
المنابع الفكرية عند الشهيد الشقاقي :-
بعد أن تشبع بعظماء الحركات الجهادية المعاصرة تآثر بفكر حركة الاخوان المسلمين في مصر وأعجب بأطروحات حركة الجهاد الاسلامي وعند قيام الثورة الاسلامية بقيادة الامام الخميني فتأثر بها تأثيرا ً عميقا ًوتأثر بأدائها وبأطروحاتها السياسية وبخطابها تجاه فلسطين والقدس ومن هنا بدأ
في تبني الفكرة وعمل على نشر فكرة الثورة الايرانية في منتصف الثمانينات ولذلك ومن حالة النضوح للفكرة قام بتأليف كتاب " الخميني ...الحل الاسلامي والبديل " ونتيجة تأليف هذا الكتاب تم اعتقاله في مصر عام 1979 ، وعاودت السلطات المصرية بإعتقاله بتاريخ 20/7/1979
ولمدة أربعة شهور على أثر نشاطاته الاسلامية والسياسية ، تمكن الشهيد الشقاقي من مغادرة مصر سرا ً نتيجة ملاحقة رجال الأمن بتاريخ 1/11/1981 عائدا ً إلى قطاع غزة ، بعد مقتل السادات واتهامه من قبل الدوائر الأمنية بأنه طرف وعلى علاقة مع الجماعات الاسلامية في مصر عام 1981 أثناء وجوده في مدينة الزقازيق أسس اللبنة الأولى هو وإخوته لحركة الجهاد الاسلامي الفلسطينية وكان من أبرز المؤسسين لهذه الحركة مع الشهيد الشقاقي الدكتور رمضان عبد الله ، فهو رفيق الدرب والفكرة واللجوء في مدينة الزقازيق ، في العام 1980م أقام نواة صلبة لحركة الجهاد الإسلامي أثناء دراسته بكلية الطب في جامعة الزقازيق، و أقام معسكرا سمي بـ(معسكر الإعداد) ضم العديد من الكوادر و الأعضاء الذين عادوا إلى الأراضي المحتلة و كونوا حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.
زاول الشهيد نشاطه الجهادي في غزة فلسطين وتحت الاحتلال وبناء على تلك الأنشطة أيضا ً تم اعتقاله من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني عام 1983 لمدة 11 شهر وتم اعتقاله مرة أخرى عام 1986 لمدة 5 سنوات مع وقت التنفيذ .
كما اعتقل الشهيد مرة أخرى عام 1986م إثر قيام مجموعات عسكرية للجهاد الإسلامي بعمليات ضد أهداف صهيونية، و حكم عليه بالسجن الفعلي لمدة 4 سنوات، و 5 سنوات مع وقف التنفيذ بتهمة التحريض ضد الاحتلال الصهيوني، و نقل الأسلحة إلى القطاع و الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي. كما اتهم بتكوين تنظيم عسكري للجهاد الإسلامي نفذ العديد من العمليات و حكم على الكثير من أعضائه بالسجن المؤبد و لأعوام طويلة.
و قبيل انقضاء فترة سجنه أصدرت السلطات الصهيونية قرارا بإبعاده مباشرة من سجن نفحة إلى خارج فلسطين بتاريخ 1-9-1988م بسبب مشاركته في قيادة الانتفاضة من داخل السجن.
في عام 1986 أجرى الشهيد فتحي الشقاقي عدة اتصالات على الساحة اللبنانية مع قوى مختلفة وأهمها بسرايا الجهاد والتي تشكلت في جنوب لبنان عام 1986 ، من الحركة الإسلامية ، وكان يتزعمها إبراهيم غنيم وحامد أبو ناصر ومحمود حسن وكمال قزاز . والاتجاه الإسلامي داخل
حركة فتح ، وكان يتزعمه منير شفيق ومحمد بحيص وحمدي سلطان . وحركة الجهاد ـ بيت المقدس ، وكان يتزعمها أسعد بيوض التميمي . وقد أسفرت الاتصالات عن تشكيل إطار عسكري يحمل اسم " حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين .
كريزما الشقاقي :-
ويعد الشهيد المعلم الدكتور فتحي الشقاقي أحد أبرز رموز التيار المستنير داخل الحركة الاسلامية لما يتمتع به من ثقافة موسوعية، واستيعاب عقلاني لمشكلات الحركات الاسلامية وقضاياها في العالم العربي والاسلامي. كما يعتبر الشهيد المعلم مجدد الحركة الاسلامية الفلسطينية وباعثها في اتجاه الاهتمام بالعمل الوطني الفلسطيني، وإعادة تواصلها مع القضية الفلسطينية عبر الجهاد المسلح، فدخلت بذلك طرفاً رئيسياً ضمن قوى الاجماع الوطني الفلسطيني بعد طول غياب. كما ان حركة الجهاد الإسلامي, وكما جاء على لسان أحد مؤسسيها فتحي الشقاقي, تدعو الى تفعيل التعبئة الشعبية ضد الاتجاهات الصهيونية داخل السلطة الفلسطينية. كما يرى ان الجهاد يجب ان يوجه الى جميع الأراضي الفلسطينية. فمنظمة الجهاد الإسلامي ترفض شرعية إسرائيل, إذ ليس هناك من إمكانية للتسوية والتنازل او لإرضاء الطرفين, اذاً فعلى اليهود العودة من حيث أتوا.
عناصر البحث رقم الصفحة
1- المحور الأول 2
* البعد التاريخي لهوية اللاجئ الفلسطيني "فتحي الشقاقي 2
2- المحور الثاني 8
* الأبعاد الفكرية والثقافية عند الشقاقي 8
* الانقلاب الفكري لدى الشقاقي 8
* الشقاقي وتجربة القدوة 9
* إرهاصات لمولد قائد ومفكر اسلامي 10
* المنابع الفكرية عند الشهيد الشقاقي 10
* كريزما الشقاقي 10
3- المحور الثالث 13
* المرأة المسلمة في فكر الشهيد فتحي الشقاقي 13
4-المحور الرابع:- 18
* البعد السياسي والأيد يولوجي في شخصية الشقاقي 18
* من كلمات الشقاقي 18
5- الخاتمة 20
المحور الأول: البعد التاريخي لهوية اللاجئ الفلسطيني "فتحي الشقاقي".
من عمق حسرة النكبة بل المأساة بكل أبعادها التي أصابت أكثر من مليون فلسطيني آمنين في أرضهم وتحولوا إلى حالة اللجوء ولم يكن الشهيد القائد فتحي الشقاقي إلا امتداد ديموغرافي لمعاني النكبة واللجوء لكل الشعب الفلسطيني ،لقد تفتحت عيناه ورأت نور الحياة حينما بدأت النظرة الأولى في عينيه المتفتحتين ليلتمس وليتحسس وليكتشف ما حوله لحياة البؤس في أحد المخيمات الفلسطينية التي لجأت إليها الاسرة في مخيم رفح للاجئين الفلسطينيين كان هذا المولد للشهيد القائد في عام 1951 أي بما يقرب من عامين بعد النكبة وبعد سنوات قليلة استكشف الشهيد القائد فتحي الشقاقي ملامح الوجود في حبيبات عرق العامل الفلسطيني الذي هو أبيه ويقارن وليربط بين شظى العيش في مساكن وكالة الغوث وبين الخطوط المرتسمة على وجه أبيه ومن هنا كانت الحقيقة ومواجهة الحقيقة وخاصة بعد أن فقد الطفل الذي لم يتجاوز الــ15 عام والدته .
من هنا تأسست اللبنة الأولى في أسلوب استقرائي واستنتاجي لمعنى النكبة والمعاناة ومن هنا كان البحث عن الطريق .
نعم أنه اللاجئ من تلك القرية الصغيرة التي ترتمي الآن اغتصابا ً في أيدي شذاذ الأرض الصهاينة .
بحث الشقاقي في كل أوراق الكون فوجد العنوان العريض كلمة اللاجئ ووجد الظلم والاضظهاد كبقية شعبه من اللاجئين الفلسطينيين ، التحق الشهيد وهو أكبر اخوته بجامعة بير زيت ليتخرج من قسم الرياضيات وعمل مدرس في مدارس القدس كغيره من اللاجئين الذين يبحثون عن الحقيقة ويبحثون عن وسيلة استمرار البحث عن الحقيقة من خلال توفير لقمة العيش ، لم تحقق أمانيه بدراسة الرياضيات فأعاد دراسة الثانوية العامة فكانت أمنياته أن يصبح مهندسا ً ، ميول تنم عن الرغبة في الحياة الانسانية وفي المشاركة في الصناعة التقنية الحضارية للعالم ولكن ببعده
الانساني والعطافي والشعوري انصاع الشهيد إلى رؤية أبيه ورغباته فدرس في كلية الطب جامعة الزقازيق ليصبح طبيبا في مستشفى المطلع بالقدس ثم طبيبا ً في غزة .
نمى هذا البعد الانساني فكان عاشقا ً للغة الأدب والفلسفة وغاص في أعماقهما فتحركت يده اليمنى الطاهرة لتصنع من الحروف والكلمات لغة الأدب الممزوجة عضويا مع العمق الوطني لديه و التي عشقها كإنسان وبرؤية المحنة والمعاناة ونظرة التمرد على الواقع وعلى السجان ،قائلا:
في العين لهب..
في الصدر غضب..
مولانا كالعادة صاح:
عرب.. فوضى عرب..
وحينما خطت يمينه تلك القصيدة المستوحاه من محطة الأتوبيسات الرئيسية خارج أحد أبواب بلدة القدس القديمة حيث ينطلق العمال العرب إلى أعمالهم في عمق الأراضي المحتلة حكاية من باب العامود" المنشورة بالعدد الأول من مجلة المختار الإسلامي في يوليو 1979م:
كانوا خمسة…
في يد كل منهم منجل..
في يسرى كل منهم قفة..
كانوا يا أصحابي خمسة..
وقفوا في صف مكسور..
في أعينهم نامت مدن وبحور..
بهذا الصف المكسور..
خذ حذرك..
مولانا هلت طلعته..
يا صاحبي حضر المأمور..
مولانا كفا في كف ضرب..
في العين لهب..
في الصدر غضب..
مولانا كالعادة صاح:
عرب.. فوضى عرب..
كانوا خمسة..
في يمنى كل منهم منجل..
في يسرى كل منهم قفة..
تركوا (الدرق) الأخضر
قالوا: يوماً يومين ولا اكثر
يا عمال بلادي..
هرمت غابات الزعتر..
وانسكب الزيت وغصن الزيتون تكسر..
يا قلب الأرض تحجر
لا تزهر أبداً لا تزهر..
إلا غضباً.. إلا بركاناً يتفجر..
كانوا خمسة ..
وجه واحد .. وجه مسيح..
مصلوب يا سادة..
أي والله مصلوب وجريح..
والوجه السادس وجه قبيح..
وجه يهودا القادم من خلف البحر..
المانع في علب الليل قدوم الفجر..
لقاتل والمقتال..
يبحث عن عمال..
يتقدم صوب الخمسة..
هيا يا صحبي..
استيقظ في قلب الخمسة حزن دهور..
في أعينهم تلمح قطرات من نور..
في جوفهم تمتد جذور وجذور..
يا رعشة في صدري..
يا بركاناً أخذ يثور..
لا.. لا يا هذا المأمور..
يطعنهم..
والسكين في قاع القلب يغور..
يا جرحُ تفتح يا جرحُ..
يا جرح تفتح يا جرح..
يا أهلي هاتوا الملح..
حتى يبقى حياً هذا الجرح..
حتى يبزغ من ظلم الليل الصبح..
لن أغفر لك..
لن أغفر لك..
تلعنني أمي إن كنت غفرت..
تلفظني القدس إن كنت نسيت..
تلفظني الفاء..
تلفظني اللام..
تلفظني السين..
تلفظني الطاء..
تلفظني الياء..
تلفظني النون..
تلفظني كل حروفك يا فلسطين..
تلفظني كل حروفك يا وطني المغبون..
إن كنت غفرت..
أو كنت نسيت..
(فتحي…)
تجسدت في تلك الكلمات الحالة الشعورية الجوهر والعمق والارض مع حروف فلسطين والمظهر لحياة الفلسطيني الذي ينظر إلى وطنه المغتصب على بعد عشرات الأمتار من مخيمات البؤس واللجوء عندما تمتد نظراته الحادة الواثقة بحزم لا يمكن أن يحيد عن مفهوم الصلابة والاصرار على أن تبقى فلسطين في ذاكرته وفي كيانيته وغرائزه مادة حية .
عاش فتحي الشقاقي كإنسان بكل ما وهب الله للإنسان من الشعور المرهف الحس فتأثر بأدب اخوته الناتج من المعاناة في ظل الاحتلال عام 1948 تأثر بشاعر المقاومة في ذلك الوقت محمود درويش وقصائده التي عمقت محددات كثيرة في حياة الشهيد وتأثر بنزار قباني وصفنار كاظم وبذلك جمع الشقاقي بين الحس الانساني والحس الوطني في هذين الشاعرين وتأثر بالفن وخاصة الفن المقاوم مثل الشيخ إمام وأغنياته وأوتار عوده التي خرجت من عمق معاناة الفلاح المصري والأدبي الرافضة للذل والمهانة العربية وانتقل في شعوره إلى الشاعر أحمد فؤاد نجم وقصائده التي تتغنى بالأرض والوطن وتطارد الظلم أينما كان ، وأيضا بإعجابه بهاذين العربيين المصريين جمع الشقين الثقافي والفني بين ما يسمى اليمين واليسار لتندمج في شخصية وشعوره ومن العمق الانساني المبكر والتي صنعت جانبا ً كبيرا ً في حياة الشاب فتحي الشقاقي فقدانه لأمه وبشكل مبكر في سنه فنظم لها القصائد وكلمات الرثاء في ذكراها وفي الأعياد التي لم تكن أعياد على شعب وإخوة وأشقاء وجيران تحتويها أعين الشهيد .
عشق الشهيد الشقاقي ابنائه بعشق فلسطين وبعشقه للاسلام وتعاليمه واخلاقه وادابه فعشق أطفاله الثلاثة: خولة، أسامة، وبرغم مسؤلياته كمفكر وداعية وحامل رسيالة الاان تلك الظروف لم تعيقه عن اداء واجبه نحو اسرته وابناءه فكان يلهو ويمرح معهم فكان لهم الاب والصديق والنصوح واقد اولى اهتماما بابنته خولة فكان معجب بها ويتباهى فيها عندما تنشد الشعر امام اصدقاءه مرددة" تميزت به: "إني أحب الورد، لكني أحب القمح أكثر…".
تنحدر أسرة الشهيد الشقاقي من قرية زرنوقة الفلسطينية التي احتلت من قبل عصابات الغزو الصهيوني بتاريخ 27 أيار 1948م في عملية للعصابات الصهيونية على القرية سميت عملية ( براك ) والتي نفذتها كتيبة( جفعاني ) ومساحتها تقارب 6068 دونم احتوت القرية على مدرستين تعليميتين الأولى عام 1924 والثانية عام 1943 تبعد القرية عن مدينة الرملة 10 كيلو متر وتبعد عن مدينة يافا 25 كيلو متر وترتفع قرية زرنوقة عن سطح البحر بمعدل 50 كيلو متر وأهم المغتصبات التي أقيمت على البلدة بعد احتلالها من قبل الصهاينة مستعمرتي "غان شلومو" و"غفعات بيرنر".
المحور الثاني: الأبعاد الفكرية والثقافية عند الشقاقي :-
لقد أحدثت ثورة 23 يوليو عام 1950 نهضة فكرية مع جانب كبير من التفاؤل والأمل لدى الشعب الفلسطيني وخاصة اللاجئين الفلسطينيين في أن يوم العودة قد قرب وكان هذا التفاؤل نتاج أطروحات لثورة 23 يوليو بأبعادها القومية وبخطابها تجاه القضية الفلسطينية ، فكانت ثورة يوليو بالنسبة للشباب الفلسطيني هي محل استلهام وحافر مهم للالتزام الوطني والقومي فإتجه الشباب في قطاع غزة مساندين مؤزرين لتلك الثورة القومية وشهد قطاع غزة حراك فكري نشط في أوساط الشباب في مراحل التعليم المختلفة في مدارس الاعدادية والثانوية وكانت الثانويات تشهد حراك فكري وأيديولوجي كل ذلك كان منصب في اتجاه كيفية خلق حالة وطنية واعية لإعادة الارض وإزالة الكيان الصهيوني فشهدت ساحة غزة وخاصة المخيمات الفلسطينية نشاط واضح لحركة القوميين العرب والاخوان المسلمين والبعثيين .
عاش الشهيد فتحي الشقاقي في آليات وميكانزم هذا الحراك متأثرا ً بالنقلة النوعية التي احدثتها ثورة يوليو ، فمنذ عام 1966 ،وفي سن لا يتجاوز الــ15 عام حدد الشقاقي ولائه الفكري لثورة يوليو والناصرية كفكر يمكن أن يؤدي إلى تحرير فلسطين .
الانقلاب الفكري لدى الشقاقي :-
أثرت هزيمة حزيران عام 1967 في المنهجية الفكرية للشهيد فتحي الشقاقي بل كانت صدمة لهذا الشاب في مقتبل العمر حين أحتل وأغتصب باقي الوطن في غزة والضفة وأراضي عربية في سوريا ومصر ، صدمة بل حالة ذهول أصابت كل الشعب الفلسطيني .
بدأ الشقاقي يبحث مع نفسه ويطرح سؤال يراود كل فلسطيني في ذاك الوقت أين الطريق إلى فلسطين ؟ ومن أين يبدء ؟ وكيف يبدء ؟، ونمت الاجابة على هذا السؤال من لبنة أولى أهداها له
صديق وهو كتاب "معالم في الطريق " سيد قطب "وكان لهذا الكتاب تأثير عميق فيه ومن هنا حدث الانفلاب الفكري من حالة القومية إلى حالة الاتجاه الاسلامي الوطني ، وكيف لا ما دامت
النعرة القومية وشد الهمم للتاريخ فقط لم تنجح في مواجهة الصهيونية بل أعطى نفسه قوة بتوجهه الفكري نحو الاسلام هو الحل وهو الطريق الذي يمكن أن يحقق الانتصارات ويعيد الأرض بمحددات الاسلام الاخلاقية والجهادية والعلمية والأدبية ولقد وضع الامين العام الدكتور فتحي كتاب معالم في الطرق تحت التليل والركيز ناهيا تحليله بتذييل . معذرة.. استاذنا الإمام الشهيد.. معذرة إني وضعت كتابك فوق طاولة البحث والتحليل.. معذرة إن كنت أصبت.. والف معذرة إن كنت أخطأت . وفي بداية البحث وفي اسلوب تصويري ينقل واقع المعاناة التي كان يعانيها الامام من البوليس والنظام المصري ومدى الالتزام لدى الشباب المؤمن في حماية الامام سيد قطب قائلا( كان الشباب المؤمن يحملونه تحت ثيابهم.. في جيوبهم وتحت وسائدهم ، وكانت الصحافة المأجورة تنشر صورته ( مطلوب حيا أو ميتا ) كأنه عبد الله النديم أو أي بطل وطني مطارد، كان المؤمنون يتناقلون كلماته همسا ) واعتبر الدكتور فتحي الشقاقي كتاب معالم في الطريق من اخطر الكتب الاسلامية واصفا الكتاب بالكتاب الذي قتل مؤلفه وهو نفس الكتاب الذي احيى جيلا تربى عليه .
الشقاقي وتجربة القدوة :-
كان لابد للشقاقي أن يتجه إلى المنابع الفكرية المعاصرة التي بلورت حركات اسلامية تحررية ضد الظلم والاحتلال والعدوان الغربي فكان للشهيد عبد القادر الجزائري قدوة في منهجية الشهيد فتحي الشقاقي وكذلك جمال الدين الأفغاني والشيخ الجليل عمر المختار ومواجهته للغزو الايطالي لليبيا وعز الدين القسام الذين أتى من الشام تحت راية الاسلام ليقود حركة تحرر جهادية ضد عصابات الغزو الصهيونية شتيرن والأرجن والهاجاناة وكانت لاستشهاد عبد القادر الحسيني واعدام عمر المختار بين جموع الشعب الليبي واستشهاد الشيخ عز الدين القسام حيث قال عن الشهيد الشيخ عز الين يعبد هنا كان محط رحالة ومهراق دمه مولانا الشيخ "عز الدين القسام" القادم من (جبلة) حتى دميت قدماه إلى (يعبد) ما بين (جبلة) و (يعبد) كانت تحولات التاريخ تدور
تلقي بنا إلى مزيد من الغربة والمعاناة والألم، ما بين جبلة ويعبد كان القسام يحمل جرحه ويمضي.. يتوقف في الطرقات .. في الحوانيت .. في البيوت .. في ساحات القرى في باحات
المساجد.. فوق المنابر يتوكأ على بندقيته . كان القادم من جبلة يرسم لفلسطين خارطة جديدة ضد التحولات وضد المرحلة ضد التجزئة كان وهو يتواصل ويتكامل من جبلة إلى يعبد بالغ الآثر في عقلية الشهيد فتحي الشقاقي ومن هنا اختار فتحي الشقاقي أسمه الحركي في بداية الطريق " عز الدين الفارس" .
إرهاصات لمولد قائد ومفكر اسلامي:-
كلما تقدم كانت ارهاصات لمولد قائد فلسطيني تحول من حالة اللجوء إلى حالة الانتفاضة ورفض الواقع وكانت البداية مع زملائه في جامعة الزقازئق في كلية الطب والهندسة والتربية ، بيت الشقاقي كما ذكر المعايشين معه في تلك الحقبة الزمنية كانت محل تجمع وتداول في الأزمة الفلسطينية وجدوى النهج العلماني في معالجة قضية التحرير ،هذا من جانب ، أما الجانب الآخر جدوى الحركات الاسلامية بمنهجيتها وآلياتها في تحرير فلسطين وخاصة حركة الاخوان المسلمين ، فكانت نقطة النقد لآليات العمل لتلك الاحزاب والحركات التحررية ولقد رفض الشهيد فتحي الشقاقي فكرة بناء التنظيم على حساب الجوهر والبرنامج أو على حساب الفكرة والموقف واعتبر أن بناء التنظيم إذا لم يكن لديه منهجية وآليات تقود إلى خلق حالة من الابداع أمام مخططات العدو فإن ذلك يؤدي إلى النكسات والاحباطات والانفلاشات التي يمكن أن تؤدي في النهاية إلى الهبوط في المنحنى لتبقى حالة التنظيم حالة من حالات الكلاسيكية في الخطاب ومن هنا تلك المقدمات تؤدي إلى نتائج خاطئة ولا تفيد الصراع على المستوى السياسي والأمني والاجتماعي .
المنابع الفكرية عند الشهيد الشقاقي :-
بعد أن تشبع بعظماء الحركات الجهادية المعاصرة تآثر بفكر حركة الاخوان المسلمين في مصر وأعجب بأطروحات حركة الجهاد الاسلامي وعند قيام الثورة الاسلامية بقيادة الامام الخميني فتأثر بها تأثيرا ً عميقا ًوتأثر بأدائها وبأطروحاتها السياسية وبخطابها تجاه فلسطين والقدس ومن هنا بدأ
في تبني الفكرة وعمل على نشر فكرة الثورة الايرانية في منتصف الثمانينات ولذلك ومن حالة النضوح للفكرة قام بتأليف كتاب " الخميني ...الحل الاسلامي والبديل " ونتيجة تأليف هذا الكتاب تم اعتقاله في مصر عام 1979 ، وعاودت السلطات المصرية بإعتقاله بتاريخ 20/7/1979
ولمدة أربعة شهور على أثر نشاطاته الاسلامية والسياسية ، تمكن الشهيد الشقاقي من مغادرة مصر سرا ً نتيجة ملاحقة رجال الأمن بتاريخ 1/11/1981 عائدا ً إلى قطاع غزة ، بعد مقتل السادات واتهامه من قبل الدوائر الأمنية بأنه طرف وعلى علاقة مع الجماعات الاسلامية في مصر عام 1981 أثناء وجوده في مدينة الزقازيق أسس اللبنة الأولى هو وإخوته لحركة الجهاد الاسلامي الفلسطينية وكان من أبرز المؤسسين لهذه الحركة مع الشهيد الشقاقي الدكتور رمضان عبد الله ، فهو رفيق الدرب والفكرة واللجوء في مدينة الزقازيق ، في العام 1980م أقام نواة صلبة لحركة الجهاد الإسلامي أثناء دراسته بكلية الطب في جامعة الزقازيق، و أقام معسكرا سمي بـ(معسكر الإعداد) ضم العديد من الكوادر و الأعضاء الذين عادوا إلى الأراضي المحتلة و كونوا حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.
زاول الشهيد نشاطه الجهادي في غزة فلسطين وتحت الاحتلال وبناء على تلك الأنشطة أيضا ً تم اعتقاله من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني عام 1983 لمدة 11 شهر وتم اعتقاله مرة أخرى عام 1986 لمدة 5 سنوات مع وقت التنفيذ .
كما اعتقل الشهيد مرة أخرى عام 1986م إثر قيام مجموعات عسكرية للجهاد الإسلامي بعمليات ضد أهداف صهيونية، و حكم عليه بالسجن الفعلي لمدة 4 سنوات، و 5 سنوات مع وقف التنفيذ بتهمة التحريض ضد الاحتلال الصهيوني، و نقل الأسلحة إلى القطاع و الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي. كما اتهم بتكوين تنظيم عسكري للجهاد الإسلامي نفذ العديد من العمليات و حكم على الكثير من أعضائه بالسجن المؤبد و لأعوام طويلة.
و قبيل انقضاء فترة سجنه أصدرت السلطات الصهيونية قرارا بإبعاده مباشرة من سجن نفحة إلى خارج فلسطين بتاريخ 1-9-1988م بسبب مشاركته في قيادة الانتفاضة من داخل السجن.
في عام 1986 أجرى الشهيد فتحي الشقاقي عدة اتصالات على الساحة اللبنانية مع قوى مختلفة وأهمها بسرايا الجهاد والتي تشكلت في جنوب لبنان عام 1986 ، من الحركة الإسلامية ، وكان يتزعمها إبراهيم غنيم وحامد أبو ناصر ومحمود حسن وكمال قزاز . والاتجاه الإسلامي داخل
حركة فتح ، وكان يتزعمه منير شفيق ومحمد بحيص وحمدي سلطان . وحركة الجهاد ـ بيت المقدس ، وكان يتزعمها أسعد بيوض التميمي . وقد أسفرت الاتصالات عن تشكيل إطار عسكري يحمل اسم " حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين .
كريزما الشقاقي :-
ويعد الشهيد المعلم الدكتور فتحي الشقاقي أحد أبرز رموز التيار المستنير داخل الحركة الاسلامية لما يتمتع به من ثقافة موسوعية، واستيعاب عقلاني لمشكلات الحركات الاسلامية وقضاياها في العالم العربي والاسلامي. كما يعتبر الشهيد المعلم مجدد الحركة الاسلامية الفلسطينية وباعثها في اتجاه الاهتمام بالعمل الوطني الفلسطيني، وإعادة تواصلها مع القضية الفلسطينية عبر الجهاد المسلح، فدخلت بذلك طرفاً رئيسياً ضمن قوى الاجماع الوطني الفلسطيني بعد طول غياب. كما ان حركة الجهاد الإسلامي, وكما جاء على لسان أحد مؤسسيها فتحي الشقاقي, تدعو الى تفعيل التعبئة الشعبية ضد الاتجاهات الصهيونية داخل السلطة الفلسطينية. كما يرى ان الجهاد يجب ان يوجه الى جميع الأراضي الفلسطينية. فمنظمة الجهاد الإسلامي ترفض شرعية إسرائيل, إذ ليس هناك من إمكانية للتسوية والتنازل او لإرضاء الطرفين, اذاً فعلى اليهود العودة من حيث أتوا.
تعليق