الاتحاد الإماراتية 15/7/2008
مقتطفات من مقال بعنوان التهدئة في مهب الريح
ل أ.د."أحمد يوسف أحمد" عميد معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية،
والحقيقة أنه لا شيء يظهر عقم النهج الجزئي في إدارة صراع ما -ناهيك عن أن يكون بالغ التعقيد كالصراع العربي/ الإسرائيلي- أكثر من التطورات التي أعقبت التوصل إلى التهدئة على الساحتين الإسرائيلية والفلسطينية معاً.
لكن إسرائيل بدورها كانت تنوي أمراً، ففي مقابل تسليمها -بحكم أنها قبلت التهدئة- بأن "حماس" يمكن أن تستغل فترة التهدئة لرص صفوفها وتعزيز قوتها في قطاع غزة اتجهت بقوة إلى الضفة -حيث لا يلزمها اتفاق التهدئة بشيء- لا لتطارد رجال مقاومة مطلوبين وإنما لتعمل على تقويض البنية التحتية لـ"حماس" المتمثلة في عدد من الجمعيات ذات الأنشطة الخيرية والتعليمية والاجتماعية... إلخ، وذلك لتجفيف منابع النهر الذي تستمد منه "حماس" بقاءها.
لا يوجد شيء في اتفاق التهدئة يلزم إسرائيل بألا تفعل ما تفعله في الضفة الغربية، ولعل هذا يعلمنا للمرة الألف، ألا نعقد اتفاقات ناقصة أو مبتُورة مع إسرائيل، وقد كانت لنا في اتفاقية "أوسلو" 1993 سابقة مهمة حين سكتت تماماً عن الاستيطان، وعندما صرخ البعض منا بعد بداية سريانها محتجّاً على استمرار سياسة الاستيطان الإسرائيلي باعتبارها انتهاكاً صريحاً لاتفاقية "أوسلو"، كان الرد ببساطة أن انظروا في الاتفاقية فلن تجدوا فيها حرفاً واحداً يمنع إسرائيل من مواصلة الاستيطان
هكذا بدا أن إسرائيل قد وجدت حلاً لمعضلة إدارة صراعها مع "حماس"، فهي تهدِّئ معها في غزة حيث تستطيع "حماس" أن تظهر لها ولو بعض احمرار العين، لكنها تنطلق في الضفة -حيث لا تملك "حماس" من أمر السلطة شيئاً- فتدمر البنى التحتية لـ"حماس" محاولة وقف امتدادها شعبياً في الضفة،
غير أن مأزق التهدئة لا ينبع من سلوك الحكومة الإسرائيلية فحسب، وإنما يمتد للجانب الفلسطيني أيضاً، فثمة من يحاول إفشال التهدئة، إما لأنه مقتنع حقاً بأنها بديل سيئ في إدارة الصراع مع إسرائيل، وإما لأنه يرى فيها انتصاراً لـ"حماس" في الصراع الفلسطيني الداخلي، وهو مؤشر جديد على أن التناقضات الداخلية الفلسطينية باتت تبدو أحياناً وكأن لها الأولوية على التناقض الفلسطيني/ الإسرائيلي،
وازدادت الأوراق اختلاطاً بعد أن أصبح الذين فازوا بالانتخابات التشريعية الأخيرة على خلفية برنامج مقاوم يطاردون "المقاومين" الذين لا يقبلون التهدئة، وأصبح أولئك الذين يتبنّون أصلاً نهج التسوية يبدون وكأنهم رافضون من حيث المبدأ لخطوة يفترض أن أحد مبرراتها هو أن تكون بداية زخم لهذا النهج.
وأول متطلبات الخروج من هذا الوضع هو ضرورة الاتفاق على أن تَناقُض المشاريع السياسية في الساحة الفلسطينية ينبغي أن يتوارى إلى الخلف كي يأخذ التناقض الفلسطيني/ الإسرائيلي وضعه الصحيح في هذا الصراع،
مقتطفات من مقال بعنوان التهدئة في مهب الريح
ل أ.د."أحمد يوسف أحمد" عميد معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية،
والحقيقة أنه لا شيء يظهر عقم النهج الجزئي في إدارة صراع ما -ناهيك عن أن يكون بالغ التعقيد كالصراع العربي/ الإسرائيلي- أكثر من التطورات التي أعقبت التوصل إلى التهدئة على الساحتين الإسرائيلية والفلسطينية معاً.
لكن إسرائيل بدورها كانت تنوي أمراً، ففي مقابل تسليمها -بحكم أنها قبلت التهدئة- بأن "حماس" يمكن أن تستغل فترة التهدئة لرص صفوفها وتعزيز قوتها في قطاع غزة اتجهت بقوة إلى الضفة -حيث لا يلزمها اتفاق التهدئة بشيء- لا لتطارد رجال مقاومة مطلوبين وإنما لتعمل على تقويض البنية التحتية لـ"حماس" المتمثلة في عدد من الجمعيات ذات الأنشطة الخيرية والتعليمية والاجتماعية... إلخ، وذلك لتجفيف منابع النهر الذي تستمد منه "حماس" بقاءها.
لا يوجد شيء في اتفاق التهدئة يلزم إسرائيل بألا تفعل ما تفعله في الضفة الغربية، ولعل هذا يعلمنا للمرة الألف، ألا نعقد اتفاقات ناقصة أو مبتُورة مع إسرائيل، وقد كانت لنا في اتفاقية "أوسلو" 1993 سابقة مهمة حين سكتت تماماً عن الاستيطان، وعندما صرخ البعض منا بعد بداية سريانها محتجّاً على استمرار سياسة الاستيطان الإسرائيلي باعتبارها انتهاكاً صريحاً لاتفاقية "أوسلو"، كان الرد ببساطة أن انظروا في الاتفاقية فلن تجدوا فيها حرفاً واحداً يمنع إسرائيل من مواصلة الاستيطان
هكذا بدا أن إسرائيل قد وجدت حلاً لمعضلة إدارة صراعها مع "حماس"، فهي تهدِّئ معها في غزة حيث تستطيع "حماس" أن تظهر لها ولو بعض احمرار العين، لكنها تنطلق في الضفة -حيث لا تملك "حماس" من أمر السلطة شيئاً- فتدمر البنى التحتية لـ"حماس" محاولة وقف امتدادها شعبياً في الضفة،
غير أن مأزق التهدئة لا ينبع من سلوك الحكومة الإسرائيلية فحسب، وإنما يمتد للجانب الفلسطيني أيضاً، فثمة من يحاول إفشال التهدئة، إما لأنه مقتنع حقاً بأنها بديل سيئ في إدارة الصراع مع إسرائيل، وإما لأنه يرى فيها انتصاراً لـ"حماس" في الصراع الفلسطيني الداخلي، وهو مؤشر جديد على أن التناقضات الداخلية الفلسطينية باتت تبدو أحياناً وكأن لها الأولوية على التناقض الفلسطيني/ الإسرائيلي،
وازدادت الأوراق اختلاطاً بعد أن أصبح الذين فازوا بالانتخابات التشريعية الأخيرة على خلفية برنامج مقاوم يطاردون "المقاومين" الذين لا يقبلون التهدئة، وأصبح أولئك الذين يتبنّون أصلاً نهج التسوية يبدون وكأنهم رافضون من حيث المبدأ لخطوة يفترض أن أحد مبرراتها هو أن تكون بداية زخم لهذا النهج.
وأول متطلبات الخروج من هذا الوضع هو ضرورة الاتفاق على أن تَناقُض المشاريع السياسية في الساحة الفلسطينية ينبغي أن يتوارى إلى الخلف كي يأخذ التناقض الفلسطيني/ الإسرائيلي وضعه الصحيح في هذا الصراع،
تعليق