حركة الجهاد الإسلامي والعمل المؤسسي
أ. خالد سيف الدين
لما انطلقت حركة الجهاد الإسلامي كانت واضعة نصب عينيها هدف رئيسي وكبير هو: (إحياء فريضة الجهاد) وانخراط التيار الإسلامي في قتال الصهيونية في فلسطين بعد أن ثبت فشل التيارات العلمانية ـ بكافة أشكالها وألوانها ـ التي استبعدت الإسلام في صراعها مع العدو الصهيوني، وقد دب الضعف والهوان في بعضها ولجأت إلى الالتقاء والاتفاق مع العدو الصهيوني في الكواليس محاولة استغلال حدث "ثورة المساجد 1987" لصالح رؤيتها ومنهجها، حول هذا الهدف كان منطلق كل الفعاليات والأنشطة والممارسات التي قامت بها الحركة.
وفي ذلك الحين لم يكن ليطرح على جدول أعمال وسلم اهتمامات وأولويات الحركة موضوع "العمل المؤسسي" ـ على الأقل في الأراضي المحتلة ـ، وذلك الاعتبارات عدة، علّ أبرزها:
الهدف الرئيس والأوحد للحركة في هذه المرحلة هو (الجهاد المسلح).
العمل المؤسسي ـ إن وجد ـ سيكون محل استهداف من قبل العدو الصهيوني.
وبقيت هذه النظرة هي السائدة والغالبة على موقف الحركة، حتى تم دحر الاحتلال الصهيوني عن قطاع غزة ـ ولو شكلا ـ.
في ظل التغيرات الجديدة التي طرأت على قطاع غزة بدحر الاحتلال الصهيوني عنه، كان لابد من تغيير في بعض المواقف والخطط لدى الحركة، بما يتماشى مع الواقع والمعطيات الجديدة، حتى لا توصف الحركة بالتصلب والجمود.
طالما لم يوجد احتلال في قطاع غزة (أقصد الاحتلال المباشر على غرار ما كان عليه في الانتفاضة الأولى، حيث تنقل دوريات وجيش العدو الصهيوني في شوارع وأزقة القطاع الداخلية... إلخ)، حري بالحركة في هذه الحالة أن تتجه نحو العمل المؤسسي الذي كانت تتمنع عنه بسبب الاحتلال الصهيوني، وأن الحجج والمبررات التي كانت تتذرع وتتحجج بها الحركة سابقا أصبحت بالية مهترئة، لا تتماشى مع الواقع الجديد. هذا من جهة، ومن جهة ثانية أن العمل العسكري لم يعد مجدي في القطاع بنفس الدرجة والفعالية التي كانت قبلا، ومن الأفضل البحث عن أساليب جديدة للمقاومة. وإن كنت لا أقلل من دور (صواريخ المقاومة) وما ألقته من رعب في كل قلب وبيت صهيوني في الكيبوتسات المجاورة للقطاع.
وقد يقول أخ، أن هذه المؤسسات قد لا تسلم من طائرات وصواريخ العدو الصهيوني، أقول باختصار: انظر إلى جمعيات ومؤسسات الأخوة في حركة حماس لم يصب أيا منها بأذى، فكل الجمعيات والمؤسسات تعمل بشكل اعتيادي وطبيعي.
وللعمل المؤسسي حسناته وإيجابياته، فعلى الصعيد الحركي، فإنها تؤدي إلى:
التخصص في العمل/ بحيث أن كل شخص يعرف مجال عمله، الأمر الذي يترتب عليه "سرعة ودقة وإتقان" في إنجاز العمل أولا، ولا يحدث تداخل وتشابك في التخصصات ثانيا. لا كما كانت الأوضاع سابقا، تجد الفرد الواحد يعمل في أكثر من مجال في نفس الوقت: (يعمل في جمعية، وفي مجال الإعلام، والعمل الجماهيري والفعاليات، ويضاف إليها أحيانا العمل العسكري). في هذه الحالة يكون هذا الفرد مشتت الذهن موزع القوى، لا يستطيع التنسيق بين هذه المهام الكثيرة، ولا أن ينجز أيا منها في الوقت وبالشكل المطلوب والمأمول.
اتباع التسلسل والهرم الإداري/ من خلال التسلسل الإداري يكون الانضباط والالتزام في العمل المؤسسي. ليس كما هو الحال الآن، أي مشكلة (صغيرة أو كبيرة) يقع فيها الفرد لا يستطيع حلها، ويتوجه إلى مسئول التنظيم في منطقته ليقدم له حلا شافيا لمشكلته. السؤال: هل مسئول التنظيم مهمته متابعة مشكلات الأفراد بصغائرها وكبائرها، ويقدم لها الحلول؟! هل هذا هو العمل الرئيس المنوط بمسئول التنظيم في المنطقة؟!، لذلك من خلال العمل المؤسسي يتعلم الأفراد كيف يتبع التسلسل الهرمي والإداري في التعامل مع مؤسسات الحركة.
تنمية سلوك العمل التطوعي والخيري/ بحيث لا تكون حركات وسكنات الفرد لا تتم إلا بالمادة والمقابل، فمن خلال هذه المؤسسات تغرس في الفرد أهمية العمل التطوعي والخيري.
تنمية ثقافة الحوار، واحترام الرأي الآخر، والنقد البنّاء.
وبالعودة إلى الحجج التي تتلكأ بها الحركة فيما يتعلق بالجانب المؤسسي، يجب أن تنظر الحركة إلى من هم حولها، ستجد أن جميع الحركات لها مؤسساتها المختلفة (الإعلامية والبحثية والجمعيات الخيرية... إلخ)، وتعمل بكل سلاسة وسهولة ويسر دون أية عقبات، سواء على عهد الاحتلال أو الآن. فما المانع أن تجعل منها قدوة وحافزا للحركة أن تتجه نحو هذا الطريق؟!
قد يقول البعض: هناك مؤسسات تابعة للحركة قائمة وموجودة، صحيح أن هناك مؤسسات، لكنها لا تتجاوز أصابع اليدين، والموجود أصلا ليس له صوت مسموع وأثر بارز وواضح في المجتمع.
لذلك لابد من تصحيح وتصويب الرؤية حول هذا الموضوع "العمل المؤسسي"، لأنه من خلال هذه المؤسسات ترقى بالعمل الحركي نحو الأفضل والأحسن.
أ. خالد سيف الدين
لما انطلقت حركة الجهاد الإسلامي كانت واضعة نصب عينيها هدف رئيسي وكبير هو: (إحياء فريضة الجهاد) وانخراط التيار الإسلامي في قتال الصهيونية في فلسطين بعد أن ثبت فشل التيارات العلمانية ـ بكافة أشكالها وألوانها ـ التي استبعدت الإسلام في صراعها مع العدو الصهيوني، وقد دب الضعف والهوان في بعضها ولجأت إلى الالتقاء والاتفاق مع العدو الصهيوني في الكواليس محاولة استغلال حدث "ثورة المساجد 1987" لصالح رؤيتها ومنهجها، حول هذا الهدف كان منطلق كل الفعاليات والأنشطة والممارسات التي قامت بها الحركة.
وفي ذلك الحين لم يكن ليطرح على جدول أعمال وسلم اهتمامات وأولويات الحركة موضوع "العمل المؤسسي" ـ على الأقل في الأراضي المحتلة ـ، وذلك الاعتبارات عدة، علّ أبرزها:
الهدف الرئيس والأوحد للحركة في هذه المرحلة هو (الجهاد المسلح).
العمل المؤسسي ـ إن وجد ـ سيكون محل استهداف من قبل العدو الصهيوني.
وبقيت هذه النظرة هي السائدة والغالبة على موقف الحركة، حتى تم دحر الاحتلال الصهيوني عن قطاع غزة ـ ولو شكلا ـ.
في ظل التغيرات الجديدة التي طرأت على قطاع غزة بدحر الاحتلال الصهيوني عنه، كان لابد من تغيير في بعض المواقف والخطط لدى الحركة، بما يتماشى مع الواقع والمعطيات الجديدة، حتى لا توصف الحركة بالتصلب والجمود.
طالما لم يوجد احتلال في قطاع غزة (أقصد الاحتلال المباشر على غرار ما كان عليه في الانتفاضة الأولى، حيث تنقل دوريات وجيش العدو الصهيوني في شوارع وأزقة القطاع الداخلية... إلخ)، حري بالحركة في هذه الحالة أن تتجه نحو العمل المؤسسي الذي كانت تتمنع عنه بسبب الاحتلال الصهيوني، وأن الحجج والمبررات التي كانت تتذرع وتتحجج بها الحركة سابقا أصبحت بالية مهترئة، لا تتماشى مع الواقع الجديد. هذا من جهة، ومن جهة ثانية أن العمل العسكري لم يعد مجدي في القطاع بنفس الدرجة والفعالية التي كانت قبلا، ومن الأفضل البحث عن أساليب جديدة للمقاومة. وإن كنت لا أقلل من دور (صواريخ المقاومة) وما ألقته من رعب في كل قلب وبيت صهيوني في الكيبوتسات المجاورة للقطاع.
وقد يقول أخ، أن هذه المؤسسات قد لا تسلم من طائرات وصواريخ العدو الصهيوني، أقول باختصار: انظر إلى جمعيات ومؤسسات الأخوة في حركة حماس لم يصب أيا منها بأذى، فكل الجمعيات والمؤسسات تعمل بشكل اعتيادي وطبيعي.
وللعمل المؤسسي حسناته وإيجابياته، فعلى الصعيد الحركي، فإنها تؤدي إلى:
التخصص في العمل/ بحيث أن كل شخص يعرف مجال عمله، الأمر الذي يترتب عليه "سرعة ودقة وإتقان" في إنجاز العمل أولا، ولا يحدث تداخل وتشابك في التخصصات ثانيا. لا كما كانت الأوضاع سابقا، تجد الفرد الواحد يعمل في أكثر من مجال في نفس الوقت: (يعمل في جمعية، وفي مجال الإعلام، والعمل الجماهيري والفعاليات، ويضاف إليها أحيانا العمل العسكري). في هذه الحالة يكون هذا الفرد مشتت الذهن موزع القوى، لا يستطيع التنسيق بين هذه المهام الكثيرة، ولا أن ينجز أيا منها في الوقت وبالشكل المطلوب والمأمول.
اتباع التسلسل والهرم الإداري/ من خلال التسلسل الإداري يكون الانضباط والالتزام في العمل المؤسسي. ليس كما هو الحال الآن، أي مشكلة (صغيرة أو كبيرة) يقع فيها الفرد لا يستطيع حلها، ويتوجه إلى مسئول التنظيم في منطقته ليقدم له حلا شافيا لمشكلته. السؤال: هل مسئول التنظيم مهمته متابعة مشكلات الأفراد بصغائرها وكبائرها، ويقدم لها الحلول؟! هل هذا هو العمل الرئيس المنوط بمسئول التنظيم في المنطقة؟!، لذلك من خلال العمل المؤسسي يتعلم الأفراد كيف يتبع التسلسل الهرمي والإداري في التعامل مع مؤسسات الحركة.
تنمية سلوك العمل التطوعي والخيري/ بحيث لا تكون حركات وسكنات الفرد لا تتم إلا بالمادة والمقابل، فمن خلال هذه المؤسسات تغرس في الفرد أهمية العمل التطوعي والخيري.
تنمية ثقافة الحوار، واحترام الرأي الآخر، والنقد البنّاء.
وبالعودة إلى الحجج التي تتلكأ بها الحركة فيما يتعلق بالجانب المؤسسي، يجب أن تنظر الحركة إلى من هم حولها، ستجد أن جميع الحركات لها مؤسساتها المختلفة (الإعلامية والبحثية والجمعيات الخيرية... إلخ)، وتعمل بكل سلاسة وسهولة ويسر دون أية عقبات، سواء على عهد الاحتلال أو الآن. فما المانع أن تجعل منها قدوة وحافزا للحركة أن تتجه نحو هذا الطريق؟!
قد يقول البعض: هناك مؤسسات تابعة للحركة قائمة وموجودة، صحيح أن هناك مؤسسات، لكنها لا تتجاوز أصابع اليدين، والموجود أصلا ليس له صوت مسموع وأثر بارز وواضح في المجتمع.
لذلك لابد من تصحيح وتصويب الرؤية حول هذا الموضوع "العمل المؤسسي"، لأنه من خلال هذه المؤسسات ترقى بالعمل الحركي نحو الأفضل والأحسن.
تعليق