الجهاد الإسلامي والاختبار الصعب
بقلم الاستاذ :: ممتاز مرتجى
لقد بات واضحا وحتى لحظة كتابة هذا المقال أن التهدئة التي أعلن عنها عبر الوساطة المصرية والتي اعتبرت سارية من صباح يوم الخميس 19/6/2008 أنها لم تنتج أي آثار أو بوادر ايجابية للمواطن الفلسطيني في قطاع غزة والذي يعاني منذ ما يقرب من عامين اثر هذا الحصار الخانق,فلا المعابر فتحت ولا البضائع و الوقود والسلع والمواد الخام كالاسمنت والحديد وغيره دخلت,بل إن حكومة الكيان عادت لتضع العقدة أمام المنشار طالبة بربط التهدئة بالإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط- الأمر الذي ترفضه حماس والفصائل التي لها علاقة بخطف الجندي شاليط.
والذي يثير الاستغراب فعلاً هو هذا الحديث الطويل عن التهدئة وضرورة الحفاظ عليها وكأنها أمر مقدّس, فيما لا يوجد ثمّة بوادر من قبل حكومة الكيان للتنفيس أو التخفيف من الحصار المفروض على قطاع غزة,وأصبحت التهدئة وكأنها تمارس من جانب واحد هو الجانب الفلسطيني, وأصبح الحديث عن التهدئة ليس إلاّ مزيدا من ذر الرماد في العيون, ووسيلة من قبل حكومة الكيان للضغط والابتزاز والمساومة على الاحتياجات المعيشية لسكان قطاع غزة, وأصبحت التهدئة في نظر البعض أنها من قبيل المحافظة على المصالح الوطنية العليا حتى ولو لم تنتج أية ثمار أو نتائج ايجابية تساعد في إنهاء الحصار.
ولو نظرنا إلى أي تهدئة أو هدنة كانت تعطى قبل عامين و يتم إبرامها مع الكيان عبر الوساطات العربية, لرأينا أنها كانت تتم ولم يكن هناك حصار كالموجود الآن,وكانت تتم بتشاور مع كل الفصائل في ظل حكومة واحدة, وكانت المقاومة مستمرة بعملياتها البطولية وكانت التهدئة في ذلك الوقت حاجة صهيونية بحتة بسبب الرعب الذي زرعته هذه العمليات الفدائية في قلوب الإسرائيليين, مما دفع الكثيرين منهم للهجرة إلى خارج فلسطين وحمل أمتعتهم وأموالهم هربا لأجل المحافظة على الحياة أيّ حياة {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ..}البقرة96, بالإضافة إلى ذلك كانت التهدئة تسري على كل من قطاع غزة والضفة في آن واحد.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن...هل انقلبت المعادلة وأصبحت التهدئة حاجة فلسطينية أكثر من كونها حاجة إسرائيلية؟؟؟!!...فترة غير بسيطة مضت على التهدئة ولم يتغير شيء على ارض الواقع ,وأصبح واضحا أن حكومة الكيان ليس لديها نيّة لنجاح هذه التهدئة وأنها تريد فرض المزيد من الشروط وتحقيق أهدافها وإنزال سقف المطالب الفلسطينية إلى أدنى مستوى ممكن مستغلة الحصار وحالة الانقسام.
ولنتحدث الآن عن موقف الجهاد الإسلامي من التهدئة...إن الجهاد الإسلامي صرح عبر قياداته أمثال الشيخ زياد النخالة و الشيخ إبراهيم النجار و الشيخ نافذ عزام والأستاذ داوود شهاب وغيرهم, انه ليس طرف في هذه التهدئة ولكنه لن يقف عقبة أمامها, ولكنه أيضاً لن يسكت في حال عدم التزام العدو بها...ونظرا لأن الجهاد الإسلامي لا يثق بنوايا العدو ووعوده فانه دائم الجاهزية ,فالتهدئة لا تعني الركون والاسترخاء والانتظار حتى تصبح المبادرة بيد العدو مستخدما أسلوب المفاجأة والمباغتة, لذلك لم يكن حادث اغتيال قائد سرايا القدس في جنين طارق أبو غالي والمقاوم إياد خنفر في سكن الطلبة في حي المخفية مفاجئا...العدو استخدم أسلوب المباغتة وأراد من خلال هذه العملية أربعة أمور كما يبدو وهي كالتالي:
أولا: الاستفراد بالجهاد الإسلامي في الضفة خصوصا, واستئصال أية محاولة لبناء التنظيم, خصوصا الجناح العسكري المتمثل بسرايا القدس الذي أذاقهم الويلات في جنين حتى أسموا جنين بعش الانتحاريين, لأن معظم الاستشهاديين خرجوا من جنين لتنفيذ عملياتهم حتى أصبحت جنين بقائدها محمود طوالبة أشبه بالأسطورة.
ثانيا: وضْع الجهاد الإسلامي تحت الاختبار ليروا هل سيرد الجهاد الإسلامي في غزة أم لا,ويبدو تماما أن الجهاد الإسلامي من خلال إطلاقه لثلاثة صواريخ عقب عملية الاغتيال مباشرة قد نجح في الاختبار وأوضح موقفه على الأرض تجاه هذه التهدئة, وهو انه لن يقف مكتوف الأيدي أمام محاولة الاستفراد بقياداته وكوادره في الضفة.
ثالثا: إثارة رأي الشارع ضدّ الجهاد الإسلامي في محاولة لإظهار الجهاد الإسلامي انه السبب في إفشال التهدئة حتى أنّ بعض السذج يرددون ذلك, والحقيقة أن الكيان نفسه لم يعط من طرفه أية بوادر ايجابية ,فلم يفك الحصار ولم يمهد لتهدئة في الضفة الغربية.
رابعا: محاولة ضرب رعاة التهدئة الذين ينظرون إليها على أنها انجاز وفرصة ذهبية للبقاء مع كل من يحاول أن يتجاوز التهدئة من داخل حدود قطاع غزة,لذلك هم ينظرون وينتظرون الآن كيف سيتم التعامل مع مطلقي هذه الصواريخ.
والجهاد الإسلامي كان دائما يؤكد انه لن يحرف الصراع عن وجهته, وأنه لن يدخل في أي صراع داخلي مهما كان الأمر ,بل انه يرى أن المقاومة هي إحدى عوامل الوحدة الداخلية وانه في ظل وجود الاحتلال ليس إلا المقاومة أو الاستعداد للمقاومة والمحافظة على جذوة المقاومة مشتعلة مع الاحتلال كما قال الدكتور المفكر الشهيد فتحي الشقاقي مؤسس حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين, وان المقاومة والوحدة يقدمان على السلطة والحكم وليس العكس, لذلك كان لدى الجهاد الإسلامي الجاهزية الكاملة للرد في نفس اليوم الذي ارتكبت فيه جريمة الاغتيال في الضفة الغربية في جنين ,وأكد الأستاذ داوود شهاب احد المتحدثين باسم الجهاد الإسلامي أن هذا رد استثنائي بسبب هذه الجريمة وان الجهاد الإسلامي لم يقم بأي عمل عسكري منذ صباح 19/6/2008 إلا بعد أن ارتكبت هذه الجريمة صباح الثلاثاء 24/6/ 2008 وان لديه مبرر لما قام به.
وعلى ما يبدو انه طالما هذه هي سياسة الكيان وأنها تريد تفجير الوضع في الضفة انه لن يكون هناك مستقبل لأيّ تهدئة في الضفة وانه ربما لن يكتب النجاح للتهدئة في غزة في ظل استمرار الحصار وحالة الاستفزاز التي تقوم بها حكومة الكيان وأجهزتها المخابراتية ,وربما تكون المنطقة أكثر عرضة للاشتعال-لاسيّما في ظل التهديدات الأمريكية والمناورات الإسرائيلية الأخيرة والتي فسرها المحللون السياسيون على أنها تهديد لإيران...إذاً لامناصّ من توحيد الجبهة الداخلية والسعي لإزالة كل مظاهر الانقسام الداخلي وتصفية الأجواء الداخلية والاستعداد لما هو قادم {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ }التوبة120
بقلم الاستاذ :: ممتاز مرتجى
لقد بات واضحا وحتى لحظة كتابة هذا المقال أن التهدئة التي أعلن عنها عبر الوساطة المصرية والتي اعتبرت سارية من صباح يوم الخميس 19/6/2008 أنها لم تنتج أي آثار أو بوادر ايجابية للمواطن الفلسطيني في قطاع غزة والذي يعاني منذ ما يقرب من عامين اثر هذا الحصار الخانق,فلا المعابر فتحت ولا البضائع و الوقود والسلع والمواد الخام كالاسمنت والحديد وغيره دخلت,بل إن حكومة الكيان عادت لتضع العقدة أمام المنشار طالبة بربط التهدئة بالإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط- الأمر الذي ترفضه حماس والفصائل التي لها علاقة بخطف الجندي شاليط.
والذي يثير الاستغراب فعلاً هو هذا الحديث الطويل عن التهدئة وضرورة الحفاظ عليها وكأنها أمر مقدّس, فيما لا يوجد ثمّة بوادر من قبل حكومة الكيان للتنفيس أو التخفيف من الحصار المفروض على قطاع غزة,وأصبحت التهدئة وكأنها تمارس من جانب واحد هو الجانب الفلسطيني, وأصبح الحديث عن التهدئة ليس إلاّ مزيدا من ذر الرماد في العيون, ووسيلة من قبل حكومة الكيان للضغط والابتزاز والمساومة على الاحتياجات المعيشية لسكان قطاع غزة, وأصبحت التهدئة في نظر البعض أنها من قبيل المحافظة على المصالح الوطنية العليا حتى ولو لم تنتج أية ثمار أو نتائج ايجابية تساعد في إنهاء الحصار.
ولو نظرنا إلى أي تهدئة أو هدنة كانت تعطى قبل عامين و يتم إبرامها مع الكيان عبر الوساطات العربية, لرأينا أنها كانت تتم ولم يكن هناك حصار كالموجود الآن,وكانت تتم بتشاور مع كل الفصائل في ظل حكومة واحدة, وكانت المقاومة مستمرة بعملياتها البطولية وكانت التهدئة في ذلك الوقت حاجة صهيونية بحتة بسبب الرعب الذي زرعته هذه العمليات الفدائية في قلوب الإسرائيليين, مما دفع الكثيرين منهم للهجرة إلى خارج فلسطين وحمل أمتعتهم وأموالهم هربا لأجل المحافظة على الحياة أيّ حياة {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ..}البقرة96, بالإضافة إلى ذلك كانت التهدئة تسري على كل من قطاع غزة والضفة في آن واحد.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن...هل انقلبت المعادلة وأصبحت التهدئة حاجة فلسطينية أكثر من كونها حاجة إسرائيلية؟؟؟!!...فترة غير بسيطة مضت على التهدئة ولم يتغير شيء على ارض الواقع ,وأصبح واضحا أن حكومة الكيان ليس لديها نيّة لنجاح هذه التهدئة وأنها تريد فرض المزيد من الشروط وتحقيق أهدافها وإنزال سقف المطالب الفلسطينية إلى أدنى مستوى ممكن مستغلة الحصار وحالة الانقسام.
ولنتحدث الآن عن موقف الجهاد الإسلامي من التهدئة...إن الجهاد الإسلامي صرح عبر قياداته أمثال الشيخ زياد النخالة و الشيخ إبراهيم النجار و الشيخ نافذ عزام والأستاذ داوود شهاب وغيرهم, انه ليس طرف في هذه التهدئة ولكنه لن يقف عقبة أمامها, ولكنه أيضاً لن يسكت في حال عدم التزام العدو بها...ونظرا لأن الجهاد الإسلامي لا يثق بنوايا العدو ووعوده فانه دائم الجاهزية ,فالتهدئة لا تعني الركون والاسترخاء والانتظار حتى تصبح المبادرة بيد العدو مستخدما أسلوب المفاجأة والمباغتة, لذلك لم يكن حادث اغتيال قائد سرايا القدس في جنين طارق أبو غالي والمقاوم إياد خنفر في سكن الطلبة في حي المخفية مفاجئا...العدو استخدم أسلوب المباغتة وأراد من خلال هذه العملية أربعة أمور كما يبدو وهي كالتالي:
أولا: الاستفراد بالجهاد الإسلامي في الضفة خصوصا, واستئصال أية محاولة لبناء التنظيم, خصوصا الجناح العسكري المتمثل بسرايا القدس الذي أذاقهم الويلات في جنين حتى أسموا جنين بعش الانتحاريين, لأن معظم الاستشهاديين خرجوا من جنين لتنفيذ عملياتهم حتى أصبحت جنين بقائدها محمود طوالبة أشبه بالأسطورة.
ثانيا: وضْع الجهاد الإسلامي تحت الاختبار ليروا هل سيرد الجهاد الإسلامي في غزة أم لا,ويبدو تماما أن الجهاد الإسلامي من خلال إطلاقه لثلاثة صواريخ عقب عملية الاغتيال مباشرة قد نجح في الاختبار وأوضح موقفه على الأرض تجاه هذه التهدئة, وهو انه لن يقف مكتوف الأيدي أمام محاولة الاستفراد بقياداته وكوادره في الضفة.
ثالثا: إثارة رأي الشارع ضدّ الجهاد الإسلامي في محاولة لإظهار الجهاد الإسلامي انه السبب في إفشال التهدئة حتى أنّ بعض السذج يرددون ذلك, والحقيقة أن الكيان نفسه لم يعط من طرفه أية بوادر ايجابية ,فلم يفك الحصار ولم يمهد لتهدئة في الضفة الغربية.
رابعا: محاولة ضرب رعاة التهدئة الذين ينظرون إليها على أنها انجاز وفرصة ذهبية للبقاء مع كل من يحاول أن يتجاوز التهدئة من داخل حدود قطاع غزة,لذلك هم ينظرون وينتظرون الآن كيف سيتم التعامل مع مطلقي هذه الصواريخ.
والجهاد الإسلامي كان دائما يؤكد انه لن يحرف الصراع عن وجهته, وأنه لن يدخل في أي صراع داخلي مهما كان الأمر ,بل انه يرى أن المقاومة هي إحدى عوامل الوحدة الداخلية وانه في ظل وجود الاحتلال ليس إلا المقاومة أو الاستعداد للمقاومة والمحافظة على جذوة المقاومة مشتعلة مع الاحتلال كما قال الدكتور المفكر الشهيد فتحي الشقاقي مؤسس حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين, وان المقاومة والوحدة يقدمان على السلطة والحكم وليس العكس, لذلك كان لدى الجهاد الإسلامي الجاهزية الكاملة للرد في نفس اليوم الذي ارتكبت فيه جريمة الاغتيال في الضفة الغربية في جنين ,وأكد الأستاذ داوود شهاب احد المتحدثين باسم الجهاد الإسلامي أن هذا رد استثنائي بسبب هذه الجريمة وان الجهاد الإسلامي لم يقم بأي عمل عسكري منذ صباح 19/6/2008 إلا بعد أن ارتكبت هذه الجريمة صباح الثلاثاء 24/6/ 2008 وان لديه مبرر لما قام به.
وعلى ما يبدو انه طالما هذه هي سياسة الكيان وأنها تريد تفجير الوضع في الضفة انه لن يكون هناك مستقبل لأيّ تهدئة في الضفة وانه ربما لن يكتب النجاح للتهدئة في غزة في ظل استمرار الحصار وحالة الاستفزاز التي تقوم بها حكومة الكيان وأجهزتها المخابراتية ,وربما تكون المنطقة أكثر عرضة للاشتعال-لاسيّما في ظل التهديدات الأمريكية والمناورات الإسرائيلية الأخيرة والتي فسرها المحللون السياسيون على أنها تهديد لإيران...إذاً لامناصّ من توحيد الجبهة الداخلية والسعي لإزالة كل مظاهر الانقسام الداخلي وتصفية الأجواء الداخلية والاستعداد لما هو قادم {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ }التوبة120
تعليق