إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

السعودية: سجين علي قائمة سجناء غير شرعيين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • السعودية: سجين علي قائمة سجناء غير شرعيين

    السعودية: سجين علي قائمة سجناء غير شرعيين
    د. مضاوي الرشيد
    02/06/2008
    منذ اسبوع دخل الدكتور متروك الفالح السجن ولم يعد لذويه، علي خلفية تصريح اصدره الدكتور يفضح فيه الحالة المزرية للمعتقلات السعودية حيث يقبع دكتور آخر هو عبد الله الحامد، اشار الدكتور الفالح في هذا التصريح الي الوضع المتخلف المتصف بالاكتظاظ والقذارة وسوء التغذية والعناية الصحية.
    ولو صدر هذا التصريح من جهة خارجية كمنظمة العفو الدولية او هيومان رايتس واتش لكان استقبل طاقم البحث بحفاوة وتحاور المسؤولون السعوديون معه ومن ثم أوصلوه الي المطار مودعين له وعلي امل اللقاء القريب مع طاقم آخر ليثبت النظام انه في حالة حوار حول قضايا تتعلق بحقوق الانسان والقوانين العالمية. ولكن تصريح الفالح هو تصريح محلي لا يحظي بالحصانة التي يتمتع بها المهتمون بهذه الامور علي مستوي عالمي.
    جاء اعتقال الفالح متزامنا مع تدشين وزير الداخلية السعودي الامير نايف بن عبد العزيز لموقع الكتروني لهيئة التحقيق والادعاء العام والذي سيكون مخصصا لاستقبال الشكاوي عن اي سجين او موقوف بصفة غير شرعية. وتدشين هذا الموقع هو اقرار رسمي بوجود مثل هؤلاء السجناء ليس فقط في السجون وانما في اماكن غير مخصصة للسجن ولم تتواجد تفاصيل عن مثل هذه الاماكن وربما تكون سراديب مظلمة او دكاكين تحتوي علي اشخاص سلبت منهم الحرية وهي حق لكل مواطن. لا يجوز ان ينتهك الا نتيجة محاكمات عادلة لمن ارتكب جريمة معروفة تستحق القصاص. يعتبر الدكتور الحامد والفالح وغيرهما من الاصلاحيين الذين ارتبطت اسماؤهم بالاصلاح الدستوري ضمن مجموعة كبيرة سجنت بطريقة غير شرعية لفترات زمنية طويلة ومن ثم تم الافراج عن بعضهم وبقي البعض الآخر في السجون السعودية. ورغم تحول مجموعة الاصلاح الدستوري من المطالبة بالاصلاح السياسي العريض والذي ينقل السعودية من الملكية المطلقة الي الملكية المقننة وتحولهم الي المطالبة باصلاحات صغيرة تتماشي مع التوجه الاعلامي للنظام السعودي الداعي لتحسين الوضع القانوني وضمانة الحريات العامة والعدل وسيادة القانون الا انهم لا يزالون يتعرضون لانتهاكات كبيرة اهمها السجن بطريقة غير شرعية، فهؤلاء لا يمثلون خطرا علي امن الدولة ولم يمثلوا يوما ما تحديا لشرعيتها ولكنهم يجدون انفسهم عرضة للاعتقال التعسفي والمنع من السفر والطرد من العمل أو تعليق نشاطاتهم الفكرية. ويوما بعد يوم يفضح النظام السعودي نفسه ويفكك ادعاءاته المتعلقة بالانفتاح واطلاق حريات الصحافة عندما تختطف اجهزته الامنية اساتذة الجامعات والمفكرين واصحاب الاقلام الجريئة التي تكتب عن الانتهاكات المتكررة والمستمرة لحقوق الانسان. اعتقد التيار الاصلاحي ان التوجه نحو هذه القضايا والتي تبنتها القيادة رسميا وفي المنابر العالمية سيحميهم من القمع التعسفي ولكن هيهات لهذا النظام ان يقتلع جذور الاستبداد من ممارساته اليومية مع المواطنين وتظل آلته القمعية مسلطة علي رقاب من ينتقد الممارسات اليومية، ورغم دعوات الملك الحديثة الي النقد الذاتي.
    لقد برهنت حادثة اعتقال الفالح ان هذا الكلام هو مجرد فقاعات اعلامية للاستهلاك المحلي والعالمي. لم ينتقد الحامد او الفالح مسؤولا كبيرا او قياديا بارزا، كل ما في الأمر ان الثاني استعرض الوضع اللاانساني الذي يعاني منه موكله الحامد في سجن بريدة حيث يمضي حكما بالسجن لمدة ستة اشهر علي خلفية اعتصام نظمته نساء وزوجات معتقلين آخرين.
    اصبحت حالة السجون السعودية مفضوحة امام العالم، خاصة بعد ان شبت فيها الحرائق التي اودت بحياة المساجين في المنطقة الشرقية وبعد كل حادثة يستعرض مسؤول السجون بعض تفاصيل الحرائق والتي دوما تعزي الي خلافات بين المساجين، وتشكل هيئات التحقيق وتقصي المعلومات ليطوي الملف حتي حريق آخر. لم نجد مسؤولا استقال علي خلفية اعمال شغب او حرائق في هذه السجون. بل يعود الوضع الي حالته السابقة وكأن شيئا لم يحصل وارواحا لم تزهق.
    لقد اغلق ملف الاصلاح السياسي في السعودية تحت سوط السجان ورغم التحول الواضح في مسيرة المطالبة بالاصلاح من الخطوط العريضة الي الأمور الصغيرة والتي يمكن الوصول اليها حسب اعتقاد المنادين بالاصلاح الدستوري الا ان القيادة السعودية تقف موقفا متصلبا ومعاندا تستعمل تارة الحيل المعروفة كتفكيك التيار الاصلاحي من الداخل عن طريق اقتناص بعض رموزه واستيعابهم وتارة بالقمع المفضوح والسجن التعسفي تماما كما حصل للدكتور الفالح ورفاقه.
    أمام انسداد جميع المنافذ والوسائل الشرعية للتعبير عن الرأي والنقد تجد السعودية نفسها علي مفترق طرق اما ان تتمادي القيادة في غطرستها وتمويهها للحقائق او ان ينفجر الوضع بطريقة لن تستطيع القيادة ان تستوعبها في المستقبل.
    صحيح ان الكثير من الاصلاحيين يتمتع بسعة الصدر والصبر لكن الكثير لن يجد هذه الصفة ليستعين بها عندما تصل الامور الي حالة احتقان واضحة. متي تفهم القيادة ان للصبر حدودا وان بريق التنمية الاقتصادية لن يستر الوضع الانساني المزري وحالة الانتهاك لابسط الحقوق الانسانية. وما يساعد النظام السعودي في غطرسته هذه ان الرأي العالمي قرر الابتعاد عن التدخل في الشأن الداخلي الحقوقي والانساني من مبدأ البراغماتية الحقيقية التي تري في السعودية بئر نفط يجب استهلاكه حتي آخر قطرة. وان تطلب ذلك التغاضي عن انتهاكات النظام للقيم العالمية وحقوق الانسان، فبينما تتصدر الولايات المتحدة توجيه النقد للصين وايران وكوريا وزيمبابوي نجد ان للسعودية حصانة رفيعة المستوي حينما يتعلق الأمر بانتهاكاتها هي لمثل هذه الحقوق. في ظل هذا الجو العالمي تستفرد السعودية بأساتذتها ونشطائها وحتي مدونيها لتغرقهم في حالة قمع وتكتم وهي تعلم ان مثل هذه الانتهاكات لن تغير من نظرة الخارج لها لان هذا الخارج لا يزال يمارس النفاق مع النظام السعودي بل هو شريك له في استمرارية حالة الاستبداد.
    لن ينفع الموقع الالكتروني للمساجين غير الشرعيين في تغيير حقيقة واقعة علي الارض وهي استمرار الاعتقال التعسفي ولأبسط الاسباب. استعراض حالة السجون السعودية ونشرها علي الملأ ليس بالسر الحصين الذي افشاه الدكتور الفالح بل ان تقارير المنظمات العالمية مليئة بمثل هذه التفاصيل المزرية والتي تتعاطي مع اطياف كثيرة منها الرجال والنساء وحتي الاطفال الذين يقبعون خلف القضبان في بلد يعتقد انه المثال الحي للعدالة الاسلامية ولكن الجميع يعرف ان ممارسات النظام القمعية هي عبء علي الاسلام وتشويه لصورته. لن ينفع النظام السعودي التخفي خلف مصطلحات الشريعة والخصوصية والاصالة وتطبيق الحدود لان مثل هذا التخفي اصبح اليوم مفضوحا ومعلوما للكثير من المهتمين بالشأن السعودي فأي شريعة تتطلب سجن استاذ جامعي لمجرد انه كتب بضعة سطور تلخص حالة مقرفة خلف قضبان سجن يحتوي ثلاثة اضعاف قدرته علي الاستيعاب او وجبات غذاء لا تصلح حتي للماشية وعناية صحية قاصرة علي التعاطي مع امراض المساجين.
    الدكتور متروك الفالح سجين غير شرعي ويجب ان يتصدر اسمه لائحة الموقوفين علي موقع هيئة التحقيق والادعاء.

    كاتبة واكاديمية من الجزيرة العربية
يعمل...
X