حركة الجهاد الإسلامي بين الأمس واليوم.. رؤية نقدية (ح3)
أ. خالد سيف الدين
حركة الجهاد الإسلامي اليوم:
كنت في حلقتين سابقتين أشرت لأهم مزايا الحركة التي تمتعت بها في المرحلة السابقة، وفي هذه الحلقة والحلقات القادمة سأتحدث عن وضع الحركة في المرحلة الراهنة، برؤية نقدية تحليلية، لا نقصد من ورائها التجريح أو الإساءة، بل هو وضع الأمور على مائدة البحث، ونقوم بتشريحها وتحليلها، فنعمل على تعزيز ودعم ما هو إيجابي، ونحجم ونتحاشى كل ما هو سلبي.
في الحقيقة؛ حركة الجهاد الإسلامي مَثَلُها كَمَثَل بقية الحركات الإسلامية والحركات الاجتماعية عموما، مرت بفترات إزدهار ونمو ونشاط، ومرت أيضا بفترات ضمور وانكماش، وتراجع في بعض الأحيان، ولا أقصد هنا التراجع عن الثوابت والمبادئ والأسس التي وضعتها الحركة لنفسها وآمنت بها، إنما قصدت تقصير على صعيد الامتداد الجماهيري والفعاليات والأنشطة، والعمل الإعلامي، والعمل الاجتماعي، والدعوي.
ويمكن رصد الملاحظات الآتية:
1. نردد دائما عبارة أن "حركة الجهاد الإسلامي تحمل مشروعا نهضويا للأمة"، وأن "حركة الجهاد الإسلامي هي أول من قالت بمركزية القضية الفلسطينية للحركة الإسلامية المعاصرة". السؤال: أين هذا المشروع الذي تتحدثون عنه؟، أين الكتابات والدراسات والأبحاث التي كتبت حول هذا المشروع؟!.
في الحقيقة ليس هناك مشروع مكتوب، إن ما هو موجود هو قصاصات وكتابات قصيرة باهتة لا تعكس جوهر وحقيقة المشروع الإسلامي النهضوي للأمة الذي وضعه الجيل المؤسس الأول (جيل مصر).
إن حركة الجهاد الإسلامي تفتقد لمسألة التأريخ لمسيرتها الفكرية والجهادية، الأمر الذي ضيّع معه أهم ميزات وإنجازات الحركة. وكأن الحركة انقلبت رأسا على عقب؛ في بداياتها الأولى أولت مسألة "التاريخ" عناية كبيرة وفائقة ، والآن لا تجد من يؤرخ لها مسيرتها الفكرية والجهادية!! ألم تعلموا أن الحاضر هو امتداد طبيعي للتاريخ؟! وأنه من خلال أحداث التاريخ نتبين إن كنا نسير في الدرب الصحيح أم في الدرب الخاطئ!!
إن مشروع الحركة يحمله بعض من تبقى من الجيل الأول ـ سواء من هم في داخل إطار الحركة أو خارجها ـ.
في حال وفاة أو استشهاد أو اعتقال هذه الثلة يكون غاب المشروع بغيابهم، في هذه الحالة ما الداعي لبقاء حركة اسمها الجهاد الإسلامي طالما (المشروع) قلب وجوهر الحركة قد اندثر وضاع؟!
ثانيا من أين نأتي للجيل الجديد بالمشروع وندرّسه لهم؟، هل نكتفي بالقصاصات الباهتة التي لم تشر سوى إلى قشور من المشروع؟.
أما بالنسبة للأخوة الذين هم خارج إطار الحركة نحن لا نعفيهم من المسؤولية الملقاة على عاتقهم. إن كنتم اختلفتم مع الحركة فهذا شأنكم، لكن المشروع كنتم تنظّرون له بأنه مشروع إسلامي له صفة العالمية، أي ليس حكرا على حركة الجهاد الإسلامي، أين محاولاتكم للكتابة حول هذا الموضوع وتحققوا للمشروع رساليته وعالميته؟!
2. غياب حلقات وجلسات التثقيف والتوعية الحركية والأيديولوجية، الأمر الذي ترتب عليه عدم إدراك الجيل الجديد ـ لاسيما الذين التحقوا بالحركة مع انتفاضة الأقصى ـ لحقيقة مشروع وفكر وأيديولوجية الحركة، وكل ما يعرفه الأخوة الجدد عن الحركة، هو ترديد عبارات مثل:
• إيمان.. وعي.. ثورة.
• الإسلام.. فلسطين.. الجهاد.
• القضية الفلسطينية قضية مركزية للحركة الإسلامية المعاصرة.
• قبل ظهور حركة الجهاد الإسلامي كان هناك فلسطينيون بدون رؤية إسلامية، وإسلاميون بدون فلسطين، فمزجت حركة الجهاد الإسلامي بين (الإسلام وفلسطين).
كلام جيد أن يحفظ الأخوة مثل هذه الشعارات، لكن غير الجيد حين تناقش الأخوة في جوهر هذه الشعارات، وتجد أن الفصاحة والبلاغة قد ذهبت، وأن هؤلاء لا يعرفون عن التفاصيل شيئا، والمصيبة تكمن عند ترديد شعار (إيمان.. وعي.. ثورة)، لقد جعلت الحركة من كلمة (الوعي) واسطة عقد الشعار لما له من أهمية كبيرة في صقل وتشكيل الشخصية الإسلامية، لكن الجيل الجديد يكاد يكون "الوعي" بالمشروع مفقود عند جلهم، إن لم يكن جميعهم، كل ما يعرفونه عن الحركة يريدون أن يكونوا (سرايا)!!، وكيف سيفيد هكذا شخص السرايا إن لم يكن متمكن من المشروع؟!
كذلك غياب جلسات التثقيف الحركي ترتب عليه، غياب لغة الخطاب "الموحدة" داخل الحركة، فتجد من الأخوة من يحمل رؤية (إخوانية، سلفية، دعوة وتبليغ، تكفير وهجرة، شيعية، حماس، فتح، قاعدة)، ويدافع عنها بكل ما أوتي من حجة وبيان، ولا تجد من يحمل الموقف الواضح والصريح والحقيقي للحركة حول الكثير من القضايا المحلية والإقليمية والدولية!!
قد يرد علي أحد الأخوة: كيف تقول بعدم عقد الجلسات والحلقات، وهي موجودة بشكل دوري ومستمر في المساجد والمراكز؟، صحيح هناك جلسات، لكن يغلب عليها الطابع الديني ـ الدعوي البحت، إن ما قصدته "جلسات التثقيف والتوعية الفكرية والحركية".
يتبع في الحلقة الرابعة....
أ. خالد سيف الدين
حركة الجهاد الإسلامي اليوم:
كنت في حلقتين سابقتين أشرت لأهم مزايا الحركة التي تمتعت بها في المرحلة السابقة، وفي هذه الحلقة والحلقات القادمة سأتحدث عن وضع الحركة في المرحلة الراهنة، برؤية نقدية تحليلية، لا نقصد من ورائها التجريح أو الإساءة، بل هو وضع الأمور على مائدة البحث، ونقوم بتشريحها وتحليلها، فنعمل على تعزيز ودعم ما هو إيجابي، ونحجم ونتحاشى كل ما هو سلبي.
في الحقيقة؛ حركة الجهاد الإسلامي مَثَلُها كَمَثَل بقية الحركات الإسلامية والحركات الاجتماعية عموما، مرت بفترات إزدهار ونمو ونشاط، ومرت أيضا بفترات ضمور وانكماش، وتراجع في بعض الأحيان، ولا أقصد هنا التراجع عن الثوابت والمبادئ والأسس التي وضعتها الحركة لنفسها وآمنت بها، إنما قصدت تقصير على صعيد الامتداد الجماهيري والفعاليات والأنشطة، والعمل الإعلامي، والعمل الاجتماعي، والدعوي.
ويمكن رصد الملاحظات الآتية:
1. نردد دائما عبارة أن "حركة الجهاد الإسلامي تحمل مشروعا نهضويا للأمة"، وأن "حركة الجهاد الإسلامي هي أول من قالت بمركزية القضية الفلسطينية للحركة الإسلامية المعاصرة". السؤال: أين هذا المشروع الذي تتحدثون عنه؟، أين الكتابات والدراسات والأبحاث التي كتبت حول هذا المشروع؟!.
في الحقيقة ليس هناك مشروع مكتوب، إن ما هو موجود هو قصاصات وكتابات قصيرة باهتة لا تعكس جوهر وحقيقة المشروع الإسلامي النهضوي للأمة الذي وضعه الجيل المؤسس الأول (جيل مصر).
إن حركة الجهاد الإسلامي تفتقد لمسألة التأريخ لمسيرتها الفكرية والجهادية، الأمر الذي ضيّع معه أهم ميزات وإنجازات الحركة. وكأن الحركة انقلبت رأسا على عقب؛ في بداياتها الأولى أولت مسألة "التاريخ" عناية كبيرة وفائقة ، والآن لا تجد من يؤرخ لها مسيرتها الفكرية والجهادية!! ألم تعلموا أن الحاضر هو امتداد طبيعي للتاريخ؟! وأنه من خلال أحداث التاريخ نتبين إن كنا نسير في الدرب الصحيح أم في الدرب الخاطئ!!
إن مشروع الحركة يحمله بعض من تبقى من الجيل الأول ـ سواء من هم في داخل إطار الحركة أو خارجها ـ.
في حال وفاة أو استشهاد أو اعتقال هذه الثلة يكون غاب المشروع بغيابهم، في هذه الحالة ما الداعي لبقاء حركة اسمها الجهاد الإسلامي طالما (المشروع) قلب وجوهر الحركة قد اندثر وضاع؟!
ثانيا من أين نأتي للجيل الجديد بالمشروع وندرّسه لهم؟، هل نكتفي بالقصاصات الباهتة التي لم تشر سوى إلى قشور من المشروع؟.
أما بالنسبة للأخوة الذين هم خارج إطار الحركة نحن لا نعفيهم من المسؤولية الملقاة على عاتقهم. إن كنتم اختلفتم مع الحركة فهذا شأنكم، لكن المشروع كنتم تنظّرون له بأنه مشروع إسلامي له صفة العالمية، أي ليس حكرا على حركة الجهاد الإسلامي، أين محاولاتكم للكتابة حول هذا الموضوع وتحققوا للمشروع رساليته وعالميته؟!
2. غياب حلقات وجلسات التثقيف والتوعية الحركية والأيديولوجية، الأمر الذي ترتب عليه عدم إدراك الجيل الجديد ـ لاسيما الذين التحقوا بالحركة مع انتفاضة الأقصى ـ لحقيقة مشروع وفكر وأيديولوجية الحركة، وكل ما يعرفه الأخوة الجدد عن الحركة، هو ترديد عبارات مثل:
• إيمان.. وعي.. ثورة.
• الإسلام.. فلسطين.. الجهاد.
• القضية الفلسطينية قضية مركزية للحركة الإسلامية المعاصرة.
• قبل ظهور حركة الجهاد الإسلامي كان هناك فلسطينيون بدون رؤية إسلامية، وإسلاميون بدون فلسطين، فمزجت حركة الجهاد الإسلامي بين (الإسلام وفلسطين).
كلام جيد أن يحفظ الأخوة مثل هذه الشعارات، لكن غير الجيد حين تناقش الأخوة في جوهر هذه الشعارات، وتجد أن الفصاحة والبلاغة قد ذهبت، وأن هؤلاء لا يعرفون عن التفاصيل شيئا، والمصيبة تكمن عند ترديد شعار (إيمان.. وعي.. ثورة)، لقد جعلت الحركة من كلمة (الوعي) واسطة عقد الشعار لما له من أهمية كبيرة في صقل وتشكيل الشخصية الإسلامية، لكن الجيل الجديد يكاد يكون "الوعي" بالمشروع مفقود عند جلهم، إن لم يكن جميعهم، كل ما يعرفونه عن الحركة يريدون أن يكونوا (سرايا)!!، وكيف سيفيد هكذا شخص السرايا إن لم يكن متمكن من المشروع؟!
كذلك غياب جلسات التثقيف الحركي ترتب عليه، غياب لغة الخطاب "الموحدة" داخل الحركة، فتجد من الأخوة من يحمل رؤية (إخوانية، سلفية، دعوة وتبليغ، تكفير وهجرة، شيعية، حماس، فتح، قاعدة)، ويدافع عنها بكل ما أوتي من حجة وبيان، ولا تجد من يحمل الموقف الواضح والصريح والحقيقي للحركة حول الكثير من القضايا المحلية والإقليمية والدولية!!
قد يرد علي أحد الأخوة: كيف تقول بعدم عقد الجلسات والحلقات، وهي موجودة بشكل دوري ومستمر في المساجد والمراكز؟، صحيح هناك جلسات، لكن يغلب عليها الطابع الديني ـ الدعوي البحت، إن ما قصدته "جلسات التثقيف والتوعية الفكرية والحركية".
يتبع في الحلقة الرابعة....
تعليق