حركة الجهاد الإسلامي بين الأمس واليوم.. رؤية نقدية (ح2)
أ. خالد سيف الدين
في هذه الحلقة سنكمل الحديث عن ميزات حركة الجهاد الإسلامي:
(3) أولت حركة الجهاد الإسلامي عناية فائقة وأهمية كبيرة لمسألة "التاريخ"، وما توصلت حركة الجهاد الإسلامي إلى مركزية القضية الفلسطينية إلا بعد أن نبشت وبحثت في بطون الكتب والمجلدات وحنايا أحداث التاريخ الإسلامي عموما والتاريخ الفلسطيني خصوصا. وفي دراسة للدكتور فتحي الشقاقي ـ رحمه الله ـ بعنوان: "التاريخ.. لماذا؟" يقول: "عندما تُستغل أمة أو جماعة فإنها تتنبه بداية إلى تاريخها، فتتقدم: تدرس وتحلل وتنتقد.. تعيد الترتيب والصياغة لتتعرف على مواقفها الحالية، ثم تنطلق إلى آفاق المستقبل، بينما في حالة العجز والضياع تنام الجماعات عن تاريخها، بل وتقف منه موقفا سلبيا ومتهما. ومن هنا ندرك نحن ـ الأبناء الحقيقيين ـ أهمية وعي التاريخ وأنه المفتاح الذي بين أيدينا كي نفهم ونعي ماضينا ونعي دروسه وتجاربه وعبره، وبالتالي نؤثر في حاضرنا ولا نكتفي بالجلوس في مقاعد المتفرجين". وبهذا القول يرد الشقاقي على جولدا مائير التي قالت: "بأن العرب أمة لا تقرأ التاريخ".
(4) حركة الجهاد الإسلامي لم تقزم وتحجّم نفسها في إطار فلسطين فحسب، بل تابعت كل مشكلات وهموم وقضايا الوطن الإسلامي، على اعتبار أن الأمة الإسلامية أمة واحدة، وأن الوطن الإسلامي وطن واحد، وأن هذه الدول والحدود المصطنعة هي مؤقتة لأنها من صنع ووضع الاستعمار والإمبريالية، يجب أن تزول حتى نعيد للأمة والوطن الإسلامي وحدته ولحمته وتماسكه بإقامة دولة الخلافة الإسلامية.
(5) تناولت حركة الجهاد الإسلامي قضايا الفكر الإسلامي المعاصر برؤية إسلامية عصرية مستنيرة، بحيث ربطت بين القرآن والسنة من جهة، والواقع من جهة أخرى، ودرست (العقيدة والسيرة والحديث والتفسير والفقه) برؤية منهجية تجديدية غير تقليدية، تستطيع من خلال هذه الرؤية تفسير وتحليل ودراسة مشكلات الواقع الإسلامي وتقديم الحلول الإسلامية المناسبة. بمعنى آخر، أن حركة الجهاد الإسلامي ليست حركة "نصية" تتعامل بظاهر وجمود النص القرآني والحديث النبوي الشريف، ولم تكتف بتلاوة الآيات وقراءة أحداث السيرة النبوية كقصص أو أحداث تاريخية جامدة، بل حاولت أن تربطها بالواقع، وأن تفسر مشكلات الواقع من خلال النص القرآني، ولم تناصب العداء للعلم والاجتهاد والإبداع.
(6) تميزت حركة الجهاد الإسلامي بالانفتاح على جميع التيارات الفكرية (الإسلامية، الوطنية، الديموقراطية، اليسارية) العاملة في المجتمع العربي، إنطلاقا من قاعدة: يجب أن تكون فلسطين هي نقطة الالتقاء بين كافة التيارات الفكرية والأيديولوجية، وبعد تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني، تبدأ مسألة أي الأفكار والأيديولوجيات هي الأصح، على الرغم من ثبوت فشل أغلب الأيديولوجيات الأرضية، سواء الماركسية والشيوعية، أو العروبة والقومية والأممية.
(7) جعلت حركة الجهاد الإسلامي من فلسطين قلب المشروع الحضاري ـ النهضوي للأمة الإسلامية، في الوقت الذي جعل فيه المشروع الصهيوني ـ الغربي من فلسطين رأس الحربة لتدمير وتفتيت وحدة الأمة والوطن الإسلامي. أي أن فلسطين تعتبر نقطة الارتكاز نحو نهضة وتطور الأمة، أو تدمير وتجزئة الأمة، ولذلك تعتبر فلسطين قلب العالم، إن كانت فلسطين تنعم بالاستقرار والأمن يعيش العالم كله في استقرار وأمن، وإن كانت فلسطين تكتوي بنار الحصار والتجويع وغياب الأمن والاستقرار فإن العالم كله يحرم من نعمة الأمن والاستقرار، وهناك الكثير من الأدلة والشواهد التي تدعم هذا القول.
يتبع في الحلقة الثالثة
أ. خالد سيف الدين
في هذه الحلقة سنكمل الحديث عن ميزات حركة الجهاد الإسلامي:
(3) أولت حركة الجهاد الإسلامي عناية فائقة وأهمية كبيرة لمسألة "التاريخ"، وما توصلت حركة الجهاد الإسلامي إلى مركزية القضية الفلسطينية إلا بعد أن نبشت وبحثت في بطون الكتب والمجلدات وحنايا أحداث التاريخ الإسلامي عموما والتاريخ الفلسطيني خصوصا. وفي دراسة للدكتور فتحي الشقاقي ـ رحمه الله ـ بعنوان: "التاريخ.. لماذا؟" يقول: "عندما تُستغل أمة أو جماعة فإنها تتنبه بداية إلى تاريخها، فتتقدم: تدرس وتحلل وتنتقد.. تعيد الترتيب والصياغة لتتعرف على مواقفها الحالية، ثم تنطلق إلى آفاق المستقبل، بينما في حالة العجز والضياع تنام الجماعات عن تاريخها، بل وتقف منه موقفا سلبيا ومتهما. ومن هنا ندرك نحن ـ الأبناء الحقيقيين ـ أهمية وعي التاريخ وأنه المفتاح الذي بين أيدينا كي نفهم ونعي ماضينا ونعي دروسه وتجاربه وعبره، وبالتالي نؤثر في حاضرنا ولا نكتفي بالجلوس في مقاعد المتفرجين". وبهذا القول يرد الشقاقي على جولدا مائير التي قالت: "بأن العرب أمة لا تقرأ التاريخ".
(4) حركة الجهاد الإسلامي لم تقزم وتحجّم نفسها في إطار فلسطين فحسب، بل تابعت كل مشكلات وهموم وقضايا الوطن الإسلامي، على اعتبار أن الأمة الإسلامية أمة واحدة، وأن الوطن الإسلامي وطن واحد، وأن هذه الدول والحدود المصطنعة هي مؤقتة لأنها من صنع ووضع الاستعمار والإمبريالية، يجب أن تزول حتى نعيد للأمة والوطن الإسلامي وحدته ولحمته وتماسكه بإقامة دولة الخلافة الإسلامية.
(5) تناولت حركة الجهاد الإسلامي قضايا الفكر الإسلامي المعاصر برؤية إسلامية عصرية مستنيرة، بحيث ربطت بين القرآن والسنة من جهة، والواقع من جهة أخرى، ودرست (العقيدة والسيرة والحديث والتفسير والفقه) برؤية منهجية تجديدية غير تقليدية، تستطيع من خلال هذه الرؤية تفسير وتحليل ودراسة مشكلات الواقع الإسلامي وتقديم الحلول الإسلامية المناسبة. بمعنى آخر، أن حركة الجهاد الإسلامي ليست حركة "نصية" تتعامل بظاهر وجمود النص القرآني والحديث النبوي الشريف، ولم تكتف بتلاوة الآيات وقراءة أحداث السيرة النبوية كقصص أو أحداث تاريخية جامدة، بل حاولت أن تربطها بالواقع، وأن تفسر مشكلات الواقع من خلال النص القرآني، ولم تناصب العداء للعلم والاجتهاد والإبداع.
(6) تميزت حركة الجهاد الإسلامي بالانفتاح على جميع التيارات الفكرية (الإسلامية، الوطنية، الديموقراطية، اليسارية) العاملة في المجتمع العربي، إنطلاقا من قاعدة: يجب أن تكون فلسطين هي نقطة الالتقاء بين كافة التيارات الفكرية والأيديولوجية، وبعد تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني، تبدأ مسألة أي الأفكار والأيديولوجيات هي الأصح، على الرغم من ثبوت فشل أغلب الأيديولوجيات الأرضية، سواء الماركسية والشيوعية، أو العروبة والقومية والأممية.
(7) جعلت حركة الجهاد الإسلامي من فلسطين قلب المشروع الحضاري ـ النهضوي للأمة الإسلامية، في الوقت الذي جعل فيه المشروع الصهيوني ـ الغربي من فلسطين رأس الحربة لتدمير وتفتيت وحدة الأمة والوطن الإسلامي. أي أن فلسطين تعتبر نقطة الارتكاز نحو نهضة وتطور الأمة، أو تدمير وتجزئة الأمة، ولذلك تعتبر فلسطين قلب العالم، إن كانت فلسطين تنعم بالاستقرار والأمن يعيش العالم كله في استقرار وأمن، وإن كانت فلسطين تكتوي بنار الحصار والتجويع وغياب الأمن والاستقرار فإن العالم كله يحرم من نعمة الأمن والاستقرار، وهناك الكثير من الأدلة والشواهد التي تدعم هذا القول.
يتبع في الحلقة الثالثة
تعليق