حماس و'تغييرها 'و 'إصلاحها' في قطاع غزة
عاتب زوجته أم الأولاد السبع لأنها كانت وراء إقناعه لإنتخاب قائمة 'التغيير والإصلاح' وفي حوارهما المعاشي الذي تحول الى سياسي ، أبو عماد توتر جدا مع زوجته مدرسة الثانوية ، والتي ألحت عليه بأن مرشحي 'التغيير والإصلاح' قائمة حركة حماس في الانتخابات هم أفضل الموجود ، والبيعة لهم أي ترشيحهم واجب شرعي ، وترشيح غيرهم يعني خيانة 'الله والدين' ، فكان لأم عماد ما أرادت ، وانتخب زوجها 'مشايخ التغيير والإصلاح' وقبيل مرور عام على 'سيطرتهم' بعد انقلابهم على قطاع غزة ، جلس ابو عماد وزوجته المدرسة في جرد حساب العام ، ودخلا في حوار كان أوله هادئ وأوسطه متوتر وأخره غاضب لم يبريء من الشتم والزعيق والطلاق.
ابو عماد سائق أجرة في الخمسينات من عمره ، درس البتروكيمياء في أحد جامعات 'لاتحاد السوفيتي' سابقا ، تزوج أبنة عمه المدرسة عندما كان يحاول دخول أحد جامعات القطاع للتدريس ولكنه رفض لعدم وجود تخصصه، حاول الهجرة فرفضت زوجته ، وحاول دخول أحد وزارات السلطة عند نشأتها فرفضت زوجته ، وحاول أن يتم دراسته في القاهرة فرفضت زوجته ، وفي انتخابات الأخيرة حاول أن لا ينتخب أحدا فرفضت زوجته وعلقت الأمانة في رقبته أن ينتخب حماس.
المهندس سائق الأجرة منذ شهرين وهو جالس في بيته لا يعمل ، يقول (لأمد) لولا راتبها يقصد راتب زوجته لتسول 'الشيكل' ولكنها تصرف على البيت ، وأنا جالس كأي شيئ لا لزوم له ، فقد توقفت عن العمل بسبب نفاذ الوقود ، واضطررت الى توقيف سيارتي ، وكل ما افعله أنني اذهب الى السوق لشراء أغراض البيت والعودة ، وتحضير الفطور ومشاهدة التلفاز ، وشتم الحالة التي اعيشها.
يضيف ابو عماد (لأمد) وعندما فتحت 'انجازات' حركة حماس بنقاشي مع زوجتي أرادت أن تبرهن على : أن ما قامت به الحركة تطهير قطاع غزة من المفسدين ، وتهيئة القطاع لمرحلة الصراع النهائي مع العدو الصهيوني ، وتحضير شباب قطاع غزة للملحمة الكبرى ، وأن تغيير حماس قد حصل أما إصلاحها بعد كل هذا الخراب فهو آت تقول أم عماد لزوجها سائق الأجرة.
ويضيف أبو عماد بأن حركة حماس لم تحقق غير دمار البلد وقتل أبناءه وإدخاله تحت أنياب أعدائه وشطب خصومها ونشر سياسة التباغض والكراهية والعيش على الانتماء التنظيمي فكل من ليس معها ضدها يحرم عليه نعيم الله الذي أصبح يدار بيديها وفي ظل حصار مشدد.
أبو عماد الذي أراد من زوجته أن تتخيل كيف كان قطاع غزة قبل انقلاب حماس وإحداث الفتنة الكبرى ، من حركة عمرانية ونمو طردي في جميع مجالات الحياة ، وانفتاح القطاع على العالم الخارجي من ارسال بعثات الطلاب للدراسة والطبابة والتجارة ، ومردود كل ذلك على دعم مقومات وجود الانسان الفلسطيني وتمتين قدراته لمواجهة عدوه ، ولم يبخل أبو عماد على زوجته بإرجاعها الى مراحل التحدي الكثيرة لسكان القطاع في مواجهة الصعاب وأشدها لم تكن كمثل أقل شدة اليوم فلم يخترع سكان قطاع غزة انذاك خلطة السيرج كي تسير السيارات وتلوث البيئة وصدور الناس، ولم يفتح التجار شهيتهم بدون رقيب ولا حسيب على جيوب المواطنين ولم تعلق احكام القضاء وتصلب في ظل شمس رابعة النهار ، ولم يسود البغض والحقد والتمييز بين الأهل والجيران والأسرة الواحدة .
أم عماد المنقبة والتي درست الشريعة الاسلامية وأكملت دراستها الجامعية في السعودية ، استوقفت زوجها عن الحديث لتداخله بعبارة مستفزة وهل تريد دخول الجنة ببلاش ، ليرد عليها زوجها وهل دخول الجنة اصبح بقتل المسلمين وحرق بيوتهم وتدمير حياتهم ومطاردة حتى مساجدهم التي لا تنتمي الى حركة حماس؟.
ابو عماد الذي انهى جرد الحساب بثلاث طلقات متتالية في وجه زوجته لينهي 20سنة من العيش المشترك وبعد سبعة أولاد هم الآن رهينة صراع لا يد لهم فيه ،وأسرة نال تكوينها جهد لا يقدر وحب كان كبيرا ، لينتهي كل شيء بجلسة حوار سببها واقع مر .
في واحدة من الصور الإجتماعية التي عرضت على (أمد) ما سلف ، لنقف اليوم على أعتاب نهاية العام الأول بعد انقلاب حركة حماس على الشرعية الفلسطينية وإدخال قطاع غزة في مرحلة حرجة، اقلها فرض الحصار المشدد الذي امتص مقومات الحياة ، وتسبب في تيبيس أخضر الشجر ، ليجد المواطن نفسه في معاش صعب وتحدي أصعب وغياب امل قد يكون عند البعض اصبح مقتولا تماماً ، وحماس من دمشق او غزة مازالت تكابر وتستكبر وتراهن على 'صمود' لم يعد له مئونة وصبر قد ضاع في تحمل الحصار وأثاره فكم من مريض مات بسبب منع سفره للعلاج وكم من طالب فشل مستقبله من عدم قدرته على اتمام تعليمه وكم وكم وكم ... ؟؟؟
ولئن أرادت حركة حماس إنهاء هذا الحال لكان لها كما يقول استاذ العلوم السياسية في أحد جامعات القطاع والذي يتحفظ (أمد) على ذكر اسمه ، وذلك بإعلانها مباشرة انها تراجعت عن الانقلاب وأنها حركة مقاومة لا تجيد السياسة وواجبها في الثغور والمواجهات لا في حلبات السياسة وادارة الشعب ولتعطي الخبز لإهله خير لها من استمرارها في مقامرة قد توصل قطاع غزة الى هلاك أكبر وتقزم القضية الفلسطينية بكاملها بمسألة خبز ووقود وعلبة دواء لنعود الى نقطة اللجوء الأولى وقبل 'غصن الزيتون بيد وبندقية الثائر بيد '.
تعليق