حركة الجهاد الإسلامي والإعلام
أ. خالد سيف الدين
ليس ثمة جدال بين اثنين حول أن الإعلام له أهمية كبيرة ودور بارز في تشكيل الوعي السياسي والاجتماعي عند أفراد المجتمع، والتحكم في اتجاهات الناس، وتكوين الرأي العام حول الكثير من القضايا المجتمعية: (السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الدينية، الأخلاقية... إلخ). كيف لا؟! والإعلام يوصف بأنه السلطة الرابعة، بعد السلطات الثلاث: (التنفيذية، التشريعية، القضائية)، وتزداد أهمية وفعالية الإعلام بأشكاله المختلفة: (المرئية، المسموعة، المقروءة) في هذا العصر الذي يوصف بأنه عصر الثورة المعرفية والعلمية، الذي يشهد ثورة كبيرة في عالم الاتصالات والمعلومات، وهو ما يطلق عليه (عولمة الإعلام).
وقد غزا الإعلام كل بيوت البشرية ـ بصرف النظر عن درجة تحضره وتطوره ـ، فلا تجد بيتا من البيوت إلا وتجد فيه وسيلة أو أكثر من وسائل الإعلام الذي تضخ فيه كميات كبيرة ومتنوعة من المعلومات في كافة المجالات: (دينية، سياسية، اقتصادية، اجتماعية، أخلاقية، صحية، ترفيهية، فنية، رياضية... إلخ).
وقد حاول الغرب وعلى رأسه الصهيونية استثمار الإعلام في خدمة مشروعاته وليروج لوجهة نظره وآرائه هذا من جهة، ومن جهة ثانية لتتحقق عملية الغزو الفكري والثقافي في البلاد العربية والإسلامية بهدف إيجاد جيل منسلخ من دينه وعقيدته متعلقا بكل ما هو آت من الغرب على اعتبار أنه الأفضل والأحسن، فأغلب إمبراطوريات الإعلام في العالم مثل: (رويترز، أسوشيتد برس، يونايتد برس، C.N.N) تسيطر عليها الصهيونية العالمية بشكل مباشر أو غير مباشر، وهذه الإمبراطوريات الأربع تسيطر على ما مجموعه (75%) من المعلومات، وبقية المعلومات توزع على بقية الوكالات!!
أنا في هذا المقام لا أريد أن أتحدث عن دور الإعلام وآثاره على القضية الفلسطينية، إنما سأقصر الحديث عن حركة الجهاد الإسلامي.
إن قراءة دقيقة في تاريخ حركة الجهاد الإسلامي، نجد أنها أولت عناية فائقة بمسألة الإعلام في السنوات الأولى من عمرها، فعندما نقرأ في مراحل تطور الحركة نجد أن المرحلة الأولى معنونة بـمرحلة "التعبئة السياسية والجماهيرية والإعلامية"، ومن أهم الأنشطة التي تم رصدها في تلك المرحلة إصدار: (مجلة النور عام 1982، مجلة الطليعة عام 1982 اللتان كانتا تعبران عن الخط السياسي والفكري للحركة... إلخ)، كل ذلك يأتي إيمانا بأهمية ودور الإعلام في إيصال فكرة ورسالة الحركة إلى الجماهير، وقد حققت نجاحا في ذلك بأن التفت الجماهير حولها عندما كان لها الفضل والسبق في إشعال فتيل ثورة المساجد 1987، إلا أن الحركة لم تسر بنفس الخطى المتقدمة في مجال الإعلام، مما جعلها تتغيب كثيرا عن ساحة الإعلام الذي يروج وينشر فكر ورسالة الحركة، الأمر الذي ترتب عليه ضياع جهد وجهاد الحركة، بل أن جهاد الحركة أصبح يتبناه البعض بهتانا وزورا نظرا لما يتمتع به من قوة الإعلام، وهو ما تفتقد إليه الحركة.
الآن هناك العديد من المؤسسات الإعلامية للحركة: (إذاعة القدس، جريدة الاستقلال، العديد من المواقع الإلكترونية... إلخ)، وقد قامت هذه المؤسسات ولا تزال تقوم بدور إعلامي رائع في كثير من المجالات، ويكفينا في هذا المقام أن نشير إلى دور إذاعة القدس الرائع فقط.
إذاعة القدس:
جاء ميلاد إذاعة القدس في انتفاضة الأقصى الثانية، لتكون الصوت الإعلامي المغرد الذي يشدو ليعبر عن صوت وموقف حركة الجهاد الإسلامي ويوصله للأمة والجماهير. والمتابع لهذه الإذاعة الوليدة، ذات الإمكانيات المتواضعة، والطاقم المعدود الأفراد، يجد أنها تقوم بجهد جبار، والأهم من هذا ما تتمتع به الإذاعة من تنوع في موضوعاتها وبرامجها التي تعالج قضايا ومشكلات كافة الشرائح الاجتماعية، إلى جانب تمتعها بالموضوعية والحيادية، لدرجة أنك من شدة موضوعيتها تشعر أنها ليست إعلاما حزبيا يعبر عن رسالة حركة الجهاد الإسلامي، مقارنة بمواقف: (إذاعة الأقصى التابعة لحركة حماس، أو إذاعتي الحرية والشباب سابقا التابعتان لحركة فتح)، اللاتي كن في فترة الاقتتال الداخلي والفلتان الأمني يبثن السموم والأحقاد والكراهية في كل شارع وبيت وتجمّع فلسطيني، ناهيك عن التضليل الإعلامي، ونشر الإشاعات والأكاذيب.
وقد لعبت إذاعة القدس دورا بارزا ومهما في مرحلة الفلتان الأمني، إذ نأت بنفسها بعيدا عن بث السموم والأحقاد الإعلامية، أو الوقوف بجانب طرف على حساب الآخر، بل بقيت محافظة على حياديتها وموضوعيتها، ورسالتها في الدعوة لوحدة الصف. ولا ننسى دورها الريادي في التغطية الإعلامية لكثير من الأحداث، كل هذا وغيره جعل منها الإذاعة الأفضل والأكثر استماعا من قِبَل الجمهور الفلسطيني، إذا أراد أن يتعرف على الحقيقة بعيدا عن عين حماس أو عين فتح الإعلامية، وهذا ما شهد به العديد من الشخصيات والمؤسسات السياسية والإعلامية.
ماذا بعد؟:
على الرغم من هذا الدور الرائع لإذاعة القدس، إلا أن الحركة لم تقم بالدور المطلوب منها على صعيد الإعلام، ولا زالت تخطو خطى أولية ـ بطيئة في هذا الاتجاه.
الشارع والمجتمع الفلسطيني ليس بحاجة إلى من يبصّره بدور ورسالة حركة الجهاد الإسلامي، فهذا الأمر لم يعد خافيا على أحد بعد أن انكشفت عورات وسوءات الكثير من المتناحرين على الوهم، إنما نحن بحاجة إلى من يوصل رسالتنا وفكرنا للمجتمع الخارجي وإن كنت أخص بالذكر الوطن العربي والإسلامي.
أثناء فترة الفلتان الأمني، وانزلاق حماس في أتون الفتنة وتراجع دورها المقاوم، وبقاء حركة الجهاد الإسلامي محافظة على رسالتها الجهادية، بدأنا نسمع تساؤلات كثيرة من الجماهير العربية عن حركة الجهاد الإسلامي. مَن الذي يستطيع أن يوصل الإجابة إلى كل فرد عربي ومسلم في الوطن الإسلامي على تساؤلاته؟، خاصة وأن الحركة ليست لها مكاتب إعلامية في العديد من الدول العربية مقارنة بغيرها من الفصائل الفلسطينية. إذن خير سبيل لذلك وجود وسيلة إعلامية لها صفة العالمية (قناة فضائية) من خلالها تستطيع التعبير عن مواقف ورؤى الحركة حول الكثير من القضايا والأحداث المحلية والإقليمية والدولية.
سمعنا بأن هناك محاولات لافتتاح مرئية (أرضية) وفضائية، إلا أننا لم نجد إجراءات ملموسة على أرض الواقع بهذا الصدد، علما أن كل تأخير ليس في صالح الحركة!!
قد يقول قائل هناك مواقع إلكترونية على الانترنت تعبر عن موقف الحركة ويستطيع أي فرد في أي مكان أن يتصفحها ويطّلع عليها. نقول: هل كل أفراد المجتمع العربي يتصفح مواقع الانترنت؟، وهل الجميع لديه الوقت الكافي والرغبة في تصفح المواقع ويفرد الوقت الكافي للقراءة والإطلاع؟. معروف عن "أمة اقرأ أنها لا تقرأ". ومن جهة ثانية، الصوت والصورة لها وقع وتأثير في النفس أكثر من وسائل الإعلام الأخرى (المسموعة، والمقروءة).
لذلك لابد من العمل بشكل جدي وسريع لوضع خطة إعلامية متكاملة ومتناسقة للعمل على إيصال رسالة الحركة إلى كل الجماهير العربية والإسلامية.
أ. خالد سيف الدين
ليس ثمة جدال بين اثنين حول أن الإعلام له أهمية كبيرة ودور بارز في تشكيل الوعي السياسي والاجتماعي عند أفراد المجتمع، والتحكم في اتجاهات الناس، وتكوين الرأي العام حول الكثير من القضايا المجتمعية: (السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الدينية، الأخلاقية... إلخ). كيف لا؟! والإعلام يوصف بأنه السلطة الرابعة، بعد السلطات الثلاث: (التنفيذية، التشريعية، القضائية)، وتزداد أهمية وفعالية الإعلام بأشكاله المختلفة: (المرئية، المسموعة، المقروءة) في هذا العصر الذي يوصف بأنه عصر الثورة المعرفية والعلمية، الذي يشهد ثورة كبيرة في عالم الاتصالات والمعلومات، وهو ما يطلق عليه (عولمة الإعلام).
وقد غزا الإعلام كل بيوت البشرية ـ بصرف النظر عن درجة تحضره وتطوره ـ، فلا تجد بيتا من البيوت إلا وتجد فيه وسيلة أو أكثر من وسائل الإعلام الذي تضخ فيه كميات كبيرة ومتنوعة من المعلومات في كافة المجالات: (دينية، سياسية، اقتصادية، اجتماعية، أخلاقية، صحية، ترفيهية، فنية، رياضية... إلخ).
وقد حاول الغرب وعلى رأسه الصهيونية استثمار الإعلام في خدمة مشروعاته وليروج لوجهة نظره وآرائه هذا من جهة، ومن جهة ثانية لتتحقق عملية الغزو الفكري والثقافي في البلاد العربية والإسلامية بهدف إيجاد جيل منسلخ من دينه وعقيدته متعلقا بكل ما هو آت من الغرب على اعتبار أنه الأفضل والأحسن، فأغلب إمبراطوريات الإعلام في العالم مثل: (رويترز، أسوشيتد برس، يونايتد برس، C.N.N) تسيطر عليها الصهيونية العالمية بشكل مباشر أو غير مباشر، وهذه الإمبراطوريات الأربع تسيطر على ما مجموعه (75%) من المعلومات، وبقية المعلومات توزع على بقية الوكالات!!
أنا في هذا المقام لا أريد أن أتحدث عن دور الإعلام وآثاره على القضية الفلسطينية، إنما سأقصر الحديث عن حركة الجهاد الإسلامي.
إن قراءة دقيقة في تاريخ حركة الجهاد الإسلامي، نجد أنها أولت عناية فائقة بمسألة الإعلام في السنوات الأولى من عمرها، فعندما نقرأ في مراحل تطور الحركة نجد أن المرحلة الأولى معنونة بـمرحلة "التعبئة السياسية والجماهيرية والإعلامية"، ومن أهم الأنشطة التي تم رصدها في تلك المرحلة إصدار: (مجلة النور عام 1982، مجلة الطليعة عام 1982 اللتان كانتا تعبران عن الخط السياسي والفكري للحركة... إلخ)، كل ذلك يأتي إيمانا بأهمية ودور الإعلام في إيصال فكرة ورسالة الحركة إلى الجماهير، وقد حققت نجاحا في ذلك بأن التفت الجماهير حولها عندما كان لها الفضل والسبق في إشعال فتيل ثورة المساجد 1987، إلا أن الحركة لم تسر بنفس الخطى المتقدمة في مجال الإعلام، مما جعلها تتغيب كثيرا عن ساحة الإعلام الذي يروج وينشر فكر ورسالة الحركة، الأمر الذي ترتب عليه ضياع جهد وجهاد الحركة، بل أن جهاد الحركة أصبح يتبناه البعض بهتانا وزورا نظرا لما يتمتع به من قوة الإعلام، وهو ما تفتقد إليه الحركة.
الآن هناك العديد من المؤسسات الإعلامية للحركة: (إذاعة القدس، جريدة الاستقلال، العديد من المواقع الإلكترونية... إلخ)، وقد قامت هذه المؤسسات ولا تزال تقوم بدور إعلامي رائع في كثير من المجالات، ويكفينا في هذا المقام أن نشير إلى دور إذاعة القدس الرائع فقط.
إذاعة القدس:
جاء ميلاد إذاعة القدس في انتفاضة الأقصى الثانية، لتكون الصوت الإعلامي المغرد الذي يشدو ليعبر عن صوت وموقف حركة الجهاد الإسلامي ويوصله للأمة والجماهير. والمتابع لهذه الإذاعة الوليدة، ذات الإمكانيات المتواضعة، والطاقم المعدود الأفراد، يجد أنها تقوم بجهد جبار، والأهم من هذا ما تتمتع به الإذاعة من تنوع في موضوعاتها وبرامجها التي تعالج قضايا ومشكلات كافة الشرائح الاجتماعية، إلى جانب تمتعها بالموضوعية والحيادية، لدرجة أنك من شدة موضوعيتها تشعر أنها ليست إعلاما حزبيا يعبر عن رسالة حركة الجهاد الإسلامي، مقارنة بمواقف: (إذاعة الأقصى التابعة لحركة حماس، أو إذاعتي الحرية والشباب سابقا التابعتان لحركة فتح)، اللاتي كن في فترة الاقتتال الداخلي والفلتان الأمني يبثن السموم والأحقاد والكراهية في كل شارع وبيت وتجمّع فلسطيني، ناهيك عن التضليل الإعلامي، ونشر الإشاعات والأكاذيب.
وقد لعبت إذاعة القدس دورا بارزا ومهما في مرحلة الفلتان الأمني، إذ نأت بنفسها بعيدا عن بث السموم والأحقاد الإعلامية، أو الوقوف بجانب طرف على حساب الآخر، بل بقيت محافظة على حياديتها وموضوعيتها، ورسالتها في الدعوة لوحدة الصف. ولا ننسى دورها الريادي في التغطية الإعلامية لكثير من الأحداث، كل هذا وغيره جعل منها الإذاعة الأفضل والأكثر استماعا من قِبَل الجمهور الفلسطيني، إذا أراد أن يتعرف على الحقيقة بعيدا عن عين حماس أو عين فتح الإعلامية، وهذا ما شهد به العديد من الشخصيات والمؤسسات السياسية والإعلامية.
ماذا بعد؟:
على الرغم من هذا الدور الرائع لإذاعة القدس، إلا أن الحركة لم تقم بالدور المطلوب منها على صعيد الإعلام، ولا زالت تخطو خطى أولية ـ بطيئة في هذا الاتجاه.
الشارع والمجتمع الفلسطيني ليس بحاجة إلى من يبصّره بدور ورسالة حركة الجهاد الإسلامي، فهذا الأمر لم يعد خافيا على أحد بعد أن انكشفت عورات وسوءات الكثير من المتناحرين على الوهم، إنما نحن بحاجة إلى من يوصل رسالتنا وفكرنا للمجتمع الخارجي وإن كنت أخص بالذكر الوطن العربي والإسلامي.
أثناء فترة الفلتان الأمني، وانزلاق حماس في أتون الفتنة وتراجع دورها المقاوم، وبقاء حركة الجهاد الإسلامي محافظة على رسالتها الجهادية، بدأنا نسمع تساؤلات كثيرة من الجماهير العربية عن حركة الجهاد الإسلامي. مَن الذي يستطيع أن يوصل الإجابة إلى كل فرد عربي ومسلم في الوطن الإسلامي على تساؤلاته؟، خاصة وأن الحركة ليست لها مكاتب إعلامية في العديد من الدول العربية مقارنة بغيرها من الفصائل الفلسطينية. إذن خير سبيل لذلك وجود وسيلة إعلامية لها صفة العالمية (قناة فضائية) من خلالها تستطيع التعبير عن مواقف ورؤى الحركة حول الكثير من القضايا والأحداث المحلية والإقليمية والدولية.
سمعنا بأن هناك محاولات لافتتاح مرئية (أرضية) وفضائية، إلا أننا لم نجد إجراءات ملموسة على أرض الواقع بهذا الصدد، علما أن كل تأخير ليس في صالح الحركة!!
قد يقول قائل هناك مواقع إلكترونية على الانترنت تعبر عن موقف الحركة ويستطيع أي فرد في أي مكان أن يتصفحها ويطّلع عليها. نقول: هل كل أفراد المجتمع العربي يتصفح مواقع الانترنت؟، وهل الجميع لديه الوقت الكافي والرغبة في تصفح المواقع ويفرد الوقت الكافي للقراءة والإطلاع؟. معروف عن "أمة اقرأ أنها لا تقرأ". ومن جهة ثانية، الصوت والصورة لها وقع وتأثير في النفس أكثر من وسائل الإعلام الأخرى (المسموعة، والمقروءة).
لذلك لابد من العمل بشكل جدي وسريع لوضع خطة إعلامية متكاملة ومتناسقة للعمل على إيصال رسالة الحركة إلى كل الجماهير العربية والإسلامية.
تعليق