إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

وحدة الدولة الإسلامية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • وحدة الدولة الإسلامية

    وحدة الدولة الإسلامية
    لايجوز أن يكون في الدنيا كلها إلا خليفة واحد:
    * لما روى ابن ابي شيبة وأحمد والنسائى وابن ماجه ومسلم في حديث طويل عن عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر»،
    * ولما روى أحمد ومسلم عن أبي سعيد الخدرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا بويع الخليفتين فاقتلوا الآخرمنهما»،
    * ولما روى عن البيهقى في شعب الإيمان والطبراني وأبو داود والنسائى والحاكم ومسلم عن عرفجة قال: سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول: «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم ويفرق جماعتكم فاقتلوه»،
    * وكذلك برواية ابى يعلى وابن ماجة وأحمد والبخارى ومسلم عن أبى حازم قال: قاعدت ابا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «كانت بنو اسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وأنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء فتكثر، قالوا فما تأمرنا، قال:فوا ببيعة الأول فالأول، واعطوهم حقهم، فان الله سائلهم عما استرعاهم»،
    ــ وروى النسائى ومسلم عن أبى هريرة مرفوعاً: (من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، فمات مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تحت راية عمية، يغضب لعصبية، أو يدعو إلى عصبية، أو ينصر عصبية فقتل فقتلته جاهلية، ومن خرج على امتي، يضرب برها وفاجرها، ولا يتحاشى من مؤمنها، ولا يفي لذى عهد عهده فليس مني ولست منه)،
    ــ واخرج الترمذى والطبراني في الأوسط عن معاوية مرفوعاً: «اذا كان في الأرض خليفتان فاقتلوا آخرهما»،
    ــ كما روى الطبرانى عن عبد الله بن عمر الاشجعى مرفوعاً: «اذا خرج عليكم خارج وأنتم مع رجل جميعاً يريد أن يشق عصا المسلمين ويفرق جمعهم فاقتلوه»،
    ــ وقد اخرج الديلمى عن أبى بكر رضى الله عنه عن النبى صلي الله عليه وعلى آله وسلم قال: «من خرج يدعو إلى نفسه أو إلى غيره وعلى الناس إمام فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، فاقتلوه».
    فهذه الأدلة القاطعة، المنقولة نقل تواتر، لا تحتمل غير وحدة الخلافة والإمامة لجميع الناس في الدنيا كلها، ووجوب قتل من تسول له نفسه شق عصا المسلمين، أو تمزيقهم إلى كيانات متعددة. وقد انعقد إجماع الصحابة والفقهاء في العصور اللاحقة لعصر الصحابة على ذلك.
    أما ما نسب إلى الإمام ابى المعالى الجوينى ـ إمام الحرمين ـ من تجويزه تعدد الأئمة، فهو كذب عليه، لأنه نص على أن وحدة الإمامة من القطعيات، غير أنه عاد فاستدرك فقال: «إذا بعدت البلاد ووجد بحر فاصل فإن الأمر يخرج من القطعيات الى الاحتمالات». وقد أخطأ رحمه الله في هذا خطئاً فاحشاً، لمخالفته للادلة الصريحة المذكورة أعلاه، والتى جاءت عامة مطلقة لم تحدد قرب الديار أو بعدها أو وجود بحر فاصل أو عدمه، وليس وجود البحر الفاصل بأولى في الأعتبار من وجود الصحراء المهلكة، بل إن اجتياز البحار أهون وأقل خطورة من الصحاري الكبار، وقد شهدت الدنيا دولاً كثيرة تمتد عبر البحار، بعكس الصحاري المهلكة، ولم يقل أحد يعتد به من أهل الإسلام قط بأخذ الصحراء الفاصلة المهلكة في الإعتبار، وقد كانت دولة النبى صلى الله عليه وسلم تشمل حضرموت وعمان وهما خلف صحراء جزيرة العرب الكبرى، وكذلك دولة الخلفاء الراشدين تشمل بلاداً وراء الصحارى والأنهار، وانعقد اجماع الصحابة على ذلك، وهو إجماع متيقن، وكانت الدولة الإسلامية على عهد بني أمية تضم أمصاراَ كثيرة وراء الصحراء الأفريقية الكبرى، أكبر صحراء في العالم.
    وإذا كان في الدنيا إمامان أو أكثر فقد حصل التفرق المحرم، ووجد التنازع، ووقعت المعصية، ونتج حتما الفشل وذهبت الريح وتحققت الهزيمة، واستبيحت دماء وأعراض وأموال المسلمين والمسلمات، وكسرت بيضة الإسلام، ومن هذا يظهر بما لا شك فيه أن وحدة الأمة وكذلك عزتها ومنعتها وأمنها وسلامة ديارها وقدرتها على الدفاع عن ديار الإسلام وحمل الدعوة إلى العالم تتناقض مع تعدد الأئمة، لذلك كان تعددهم حراماً من هذا الوجه.
    على أنه لو جاز أن يكون في الدنيا إمامان للمسلمين، لجاز أن يكون فيها ثلاثة أو أربعة أو أكثر بدون حد، حتى يكون في كل قرية ومدينة، بل في كل بيت وأسرة، إمام، وهذا هو فساد الدنيا وضياع الدين وهو حرام بلا جدال، أو احتاج الناس إلى اللجوء إلى معايير أخرى يتكتلون على أساسها كالقبلية والقومية و الوطنية والحدود الطبيعية الجغرافية أو التسلط والبطش والقوة المحضة لمنع هذه الفوضى والتعدد الذى لا ينتهى، وهذه الروابط كلها قد حاربها الإسلام، وأنكر صلاحيتها للربط والولاء السياسي، ولم يجز تقديمها على رابطة الإسلام، فكان تعدد الأئمة حراما لذلك، فضلاً عما في هذه الفرضية من طعن في كمال الدين بل في تنزيله من الله تعالى، إذ أن هذا يعنى عدم احتواء الدين الإسلامي على تنظيم لهذه القضية الخطيرة، وهذا لا يتصور إلا بالطعن في نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
    وأما ماقد يحتج به البعض من حكم الضرورة في تجويز تعدد الدول الإسلامية فهو باطل يقينا، لأن المسلمين الذين يعيشون خارج سلطان الإمام:
    ــ إما أن يكونوا تحت قهر عدو كافر فهم في حكم الأسير، ولا مشاركة لهم في تنصيب الإمام وبيعته ويجب على بقية المسلمين استنقاذهم،
    ــ أو تحت قهر حكم إسلامي باغي يمنعهم من الدخول تحت سلطان الخليفة ــ الذي انعقدت لها البيعة انعقاداً شرعيا صحيحاً ـ فيجب عليهم خلع الباغي والرجوع إلى وحدة الأمة والدخول تحت سلطان الخليفة الشرعى،
    ــ أو يكونوا خارجين بأنفسهم فتنطبق عليهم حينئد أحكام الخوارج والبغاة وعلى الخليفة مناقشة اعتراضاتهم ودحض شبههم، ثم قتالهم على النحو والكيفية التى فصلها الفقهاء في أبواب قتال الخوارج وأهل البغى.
    أما ما نص عليه بعض فقهاء عصور الإنحطاط، وبعض المعاصرين من تجويز ذلك بدعوى الضرورة وفساد الزمان فلا قيمة له شرعاً، والزمان بذاته لا يفسد، وإنما يفسد أهله، وفساد أهله سببه سوء فهمهم لدين الله، أو ضعف التقوى والإقبال على الذنوب والمعاصي، أو التكاسل عن العمل لإعادة الإسلام إلى الحياة، أو نفاق بعضهم للحكام الظلمة، أو سكوتهم عن أنظمة الكفر التى سيطرت على بلاد المسلمين.
    وظهور هذا القول ذاته: (فساد الزمان) هو مؤشر شر خطير، وعلامة انحراف كبير، لأنه في حقيقته من سب الدهر، وهو محرم لا يجوز، ومن إلقاء التهمة على المولى، جل وعز، وهو سفه، إن لم يكن كفراًً وردة. وهو تهرب من المسؤولية، وإلقاء للتهمة على من لا يتحمل مسؤليتها، في محاولة فاشلة للهروب من المسؤولية، والتزكية المحرمة للنفس، بدلاً من محاسبتها، ومراقبتها، وأخذها بالشدة إلى أمر الله، وفي أمر الله! ولله در الشاعر عندما قال:

    نعيب زماننا والعيب فينا وما بزماننا عيب سواناً
    والخلاصة أن تعدد الدول الإسلامية أي تعدد الخلافة، بالإضافة إلى مافيه من مخالفات للأحكام الشرعية المقطوع بها وما يترتب على ذلك من عظيم الأثم عند الله وشديد العقوبة يوم القيامة، فهو يهدم وحدة المسلمين، ويناقض كونهم أمة واحدة، ويؤدى إلى تفرقهم، وإلى حرمان بعضهم من خيرات وثروات بعض، وفشلهم وذهاب ريحهم وانكسار بيضتهم وهزيمتهم، كما ثبت قطعاَ من وقائع التاريخ والحاضر المحسوس المشاهد، فاقراره والرضا به هدم لركن أساسي من أركان نظام الحكم في الإسلام، يخشى على القائل به من الردة الصريحة عن الإسلام لأنه انكار لما ذكرناه من المطالب والواجبات التى قامت مئات الأدلة الشرعية عليها بشكل قاطع.
يعمل...
X