للشيكل وجهان
إن الاحتلال يمارس قوته وبطشه لمحاربة المقاومين واعتقالهم، ولا يؤل جهدا في ذلك، ونراه يرصد الميزانيات الضخمة ويجند كل ما أتيح له من الوسائل التكنولوجية لمتابعة ورصد المقاومين ومحاولة استشراف خططهم واستراتيجياتهم وآلية عملهم، ليس هذا وحسب وإنما يجري الدراسات العلمية محاولة منه لمعرفة نفسية المقاومة وما الذي يدفعه للمقاومة والاستشهاد، رغبة منه في القضاء على المقاومة، وكل هذا لا يتأتى إلا من خلال اعتقال المقاومين والزج بهم في السجون ومحاولة دراسة نفسياتهم أثناء فترة التحقيق معهم، وكذا محاولة زرع الوهن والخوف في قلوب غيرهم من خلال غرس عقيدة أن من يقاوم المحتل لا بد له من المكوث في سجون العدو عقابا له على ما قام به من عمل جهادي، وهذا باعتقاد ساسة الاحتلال ما يعينه على البقاء ويؤخر اندحاره واندثاره، فهذا لا غرابة فيه.
أما الوجه الآخر وهو ما اصطلح على تسميته بالسلطة الوطنية، فما حاجتها لاعتقال المقاومين؟؟ وما هي الأهداف التي تحققها من ذلك؟؟ دعونا نترك حقبة عرفات جانبا وما جرى فيها من اعتقال واغتيال لشرفاء الشعب ومجاهديه، ولنلقي نظرة سريعة على رأس سلطة رام الله وساترك لكم الحكم.
اعترف عباس في إحدى خطاباته أثناء الحديث عن مشاكل غزة بين فتح وحماس بأنه كان على خلاف مع قيادة فتح أثناء النقاش لتأسيسها على آلية إعلان انطلاق الثورة الفلسطينية (حركة فتح)، هل يعلن عنها ببيان سياسي أم بعمل عسكري يعقبه الإعلان عن انطلاق الثورة الفلسطينية، حيث قال: "كنت معارضا لأن يكون إعلان الانطلاق بعمل عسكري، وكنت من أنصار النضال السياسي".
هذا هو عباس وهذه هي طريقته في النضال، الرجل يعلنها صراحة انه ومنذ أن لصق نفسه في الثورة وهو من دعاة اللا حرب أو اللا عنف كما أسماها هو، فلا نعجب إن وصف العمليات الجهادية بالحقيرة أو إن وصف الصواريخ بالعبثية، فهذا ديدنه منذ البداية، وهذا ما يضع علامات استفهام حول هذا الرجل وما مقصده من الانتماء للثورة الفلسطينية.
وبعد هذا التقديم البسيط لموقف عباس فلننظر لما يقوم به هذا المحنك سياسيا -كما يصفه أتباعه- في حربه للمقاومة والمقاومين، فبعد أن أصبح هذا الرجل هو رأس السلطة بدأ بتطبيق وجهة نظره هذه من خلال حربه المعلنة والسرية ضد المقاومة والمقاومين من أبناء هذا الشعب. فتارة يحاربهم من خلال تقديم المعلومات المجانية للاحتلال، وبالاعتقال السياسي تارة أخرى. وفي كلا الحالتين فإن اللعنة المسماة بالتنسيق الأمني المشترك هي سيدة الموقف.
فهل بعد هذا نستغرب قيامه باعتقال المقاومين أو الطلب منهم تسليم أنفسهم؟
ألا يكون الاحتلال وجه للشيكل وعباس وسلطته الوجه الآخر؟
اترك لكم الحكم كما قلت سابقا وأنتم أصحاب عقول نيرة تميزون الخبيث من الطيب...
تعليق