إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

وحوش الرأسمالية د. أكرم حجازي / كاتب وأستاذ جامعي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • وحوش الرأسمالية د. أكرم حجازي / كاتب وأستاذ جامعي

    وحوش الرأسمالية

    د. أكرم حجازي / كاتب وأستاذ جامعي
    drakramhijazi@yahoo.com
    صحف - 8/4/2008

    منذ ثلاثة عقود لم يطرأ تغير كبير في مستوى القدرة الشرائية بالنسبة لأغلب مواطني مجتمعات العالم الثالث، فمن كان يتقاضى مائة دولار في سبعينات القرن الماضي ظل، في أحسن الأحوال، يتقاضاها إلى وقت قريب مع زيادة طفيفة لا تقدم ولا تؤخر في مستوى الرِّفاه الاجتماعي، هذا إن كان هناك زيادة فعلية بحيث ترفع من مستوى الحياة الاجتماعية. فلو أخذنا مثلا هبوط سعر العملة المحلية بعين الاعتبار أو تعديل سعر الصرف لتبين لنا أن القيمة الشرائية لـ 300$ في أيامنا هي ذات القيمة الشرائية لها قبل ثلاثة عقود.

    وهذا يعني مبدئيا: (1) أن الأجور تكاد تكون ثابتة منذ زمن طويل، و (2) أن تكاليف الحياة الاجتماعية ظلت مقبولة إلى حد ما وضمن حدود الاحتمال، وعليه قلما شهدت المجتمعات انتفاضات على خلفية الفقر أو الجوع. لكن السؤال الذي يحتاج إلى إجابة هو: إلى أي حد يمكن الاحتمال مع تصاعد الموجات الشديدة والمنتظمة من الغلاء؟ ومن هي القوى المستهدفة؟ والقوى المستفيدة من الغلاء الفاحش؟ هذا السؤال المطروح ينذر بخطر داهم قد يطحن الأخضر واليابس إذا ما تصاعدت الاحتجاجات الشعبية على الغلاء كما يحدث في مصر واليمن.

    ما أن تفكك الاتحاد السوفياتي حتى شاع مفهوم العولمة في أروقة العلم والسياسة كالنار في الهشيم، وغدت مؤتمرات تحرير التجارة العالمية تنعقد على قدم وساق وسط احتجاجات من بضعة مئات من نشطاء مناهضي العولمة الذين نظموا أنفسهم من شتى أنحاء العالم وراحوا يترصدون مواعيد وأماكن انعقاد المؤتمرات الاقتصادية والتجارة العالمية في بعض العواصم والمدن تعبيرا عن رفضهم لتداعيات تحرير التجارة والنظم الاقتصادية الجديدة كونها تمس أفقر الفئات الاجتماعية. وكنا نقرأ عن العولمة بشغف محاولين تلمس المفهوم، وكان أفضل المؤلفات وأكثرها صراحة كتاب "فخ العولمة" الذي وضع النقاط على الحروف، ومع ذلك فوجئت في ختام ندوة نظمتها إحدى الجامعات العربية عن العولمة انتهت باختلاف المؤتمرين في التوصل إلى مفهوم دقيق يحدد ماهية العولمة وتداعياتها! ولست أشك لحظة أن الغالبية الساحقة من عالمنا العربي لم تكن تهتم بما يفعله المحتجون على العولمة وكأن الأمر لا يعنيهم من قريب أو من بعيد.

    لكن الآن بات الأمر يعنيهم خاصة وأنهم اكتشفوا أن العولمة تعني الجوع والسحق بأتم معنى الكلمة، إذ أن تكاليف الحياة الاجتماعية التي بدت مستقرة على امتداد عقود آخذة في الاهتزاز بشدة في ضوء الارتفاع الشديد في الأسعار واقتراب القدرة الشرائية للمواطن على الانهيار، فما الذي يجري بالضبط كي نفهم حركة الشارع أو نتنبأ بها؟

    الذي يجري بالضبط هو تكدس الثروة في العالم بيد 5% من السكان، وهذه الفئة الرأسمالية الغربية بالدرجة الأساس نفذت وما زالت تنفذ أكبر مشروع سرقة في التاريخ الإنساني، وكانت الدول أول ضحايا مشاريعها عبر البنوك الدولية وسياسات الإقراض المذلة لتنتهي المسألة بإغراق الدول الفقيرة والصغيرة بمئات المليارات من الديون، ومع ذلك لم تتوقف الرأسمالية عن اندفاعاتها الوحشية، فمع مطلع التسعينات بدأت باستهداف آخر حصون الدولة عبر سياسة الخصخصة والانفتاح لتنتهي بسرقة مكشوفة ومفضوحة للقطاع العام.

    هذه الدول تشارف الآن على الإفلاس وتصارع من أجل البقاء، ولأن الرأسمالية المتوحشة لا يمكن لها أن تكتفي بما فعلته، فهي الآن ماضية في تعظيم ثرواتها ليس عبر الدول التي أفلست بل عبر الشعوب، ولا شك أن الأرباح مغرية بما أن الفئة المستهدفة تشكل 95% من سكان المعمورة، أما الآلية التي تستعملها فهي ربط تكاليف الحياة الاجتماعية بسعر السوق الدولية دون الأخذ في الاعتبار تفاوت مستويات الدخل الفردي والإنتاج القومي الخام سواء داخل الدولة نفسها أو فيما بين الدول الغنية والدول الفقيرة. فالفقير والمعدم والمتوسط سيدفع ثمن سعر السلعة بنفس القيمة التي سيدفعها الغني والمترف. هذه هي المعادلة المعروضة على الشعوب الفقيرة والمعدمة: من يستطيع الشراء فليأكل وإلا فليصبر حتى يتغمده الله بواسع رحمته.
    فالأسعار، إذن، ستجري على الجميع بصورة من شأنها قتل أي طموح لدى الشرائح الفقيرة والزج بها، بعد إفراغ ما تبقى في جيوبها إن كان بها شيء مدّخر، في أخاديد من الموت البطيء لتحقيق بعض الأهداف البعيدة المدى بوسائل ذات نكهة مالتوسية. وفي مثل هذه الحال لن يكون مجديا مواجهة ارتفاع الأسعار بنسب مئوية جنونية بزيادة في الأجور لا تتعدى الـ 20%، وأحسب أن الدول التي تتحمل مسؤوليات تاريخية عن سياساتها لن تقوَ على تجاوز الأزمة التي ساهمت هي بصنعها لكنها تجاوزتها الآن، وإلا فمن أين للفرد أن يغطي العجز القادم وهو يتعرض لأعاصير من الفقر والفاقة؟

    الأكيد أن الرأسمال المحلي لا يتأثر بارتفاع تكاليف الحياة الاجتماعية رغم تذمره من انخفاض مستوى الأرباح باعتباره تابع للسوق الدولية، كما أن ارتفاع فاتورة الطاقة أو المواد الغذائية لا تعنيه بشيء بقدر ما يعنيه تنمية الرأسمال، لكن هل يمكن للرأسمالية أن تدير ظهرها للفرد غير عابئة بردود فعله؟ وهل تنتظر الرأسمالية من الفرد الذي ابتلع حقوقه السياسية يمكن له أن يربط حجرا على خاصرته؟

    الواقع يشي بالقول أن الفرد يمكن أن يتسامح بالكثير من حقوقه وامتيازاته لكن من يستطيع أن يتسامح مع جوع أطفاله وحياتهم؟ بالكاد شعر الفرد بتغير جوهري في تكاليف الحياة الاجتماعية مقارنة بالعقود الثلاثة السابقة حتى بدأ يتململ ويتذمر ويعلن أنه سيحتج ولو على طريقة "خليك في البيت" وهي أضعف الإيمان، لكن من يضمن أنه سيبقى في البيت خلال السنوات الخمسة القادمة إذا ما طحن الجوع معدته وغدا رغيف الخبز أو حبة الدواء يشكلان فارقا بين الحياة والموت؟

    لكن الأسوأ من كل هذا أن الرأسمالية تدرك بالقطع أن التجويع والإفقار الوحشي لا يمكن أن يمر بلا هزات اجتماعية وصدامات دامية عاجلا أم آجلا، وتدرك أن ما تفعله قد يؤدي إلى فوضى وتوحش اجتماعي وإضعاف لسلطة الدولة المركزية، ويدرك العالم الثالث وخاصة عالمنا العربي أنه عاش مثل هذه الأوضاع في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وهذا يجعلنا نتساءل: هل تحضّر الرأسمالية لجولة جديدة من الاستعمار المباشر؟

    --~--~---------~--~----~------------~-------~--~----~
    مدونة المتابع العام http://almtab3al3am.blogspot.com/
    مدونة الشيخ زهير بن حسن حميدات http://zuheer17.maktoobblog.com/

  • #2
    الاخوة المشرفين الموضوع سياسي وتم وضعة بالخطأ في المنتدى الشرعي فالرجاء تصحيح الخطأ وشكرا

    تعليق


    • #3
      بارك الله فيك
      ماشاء الله موضوع رائع
      والنصر للاسلام ومجاهدينا
      قسما برب الكون نحن الغالبون..بسرايا القدس جندا انا جاهزون..

      تعليق


      • #4
        مشكور أخي وبارك الله فيك
        أيها العضو الصديق لا بأس أن تؤيد رأيك بالحجة و البرهان .....

        كما لا بأس أن تنقض أدلتي ، وتزييف مما تعتقد أنك مبطل له
        .....

        لكن هناك أمر لا أرضاه لك أبدا ما حييت ، ولا أعتقد أنه ينفعك
        ؟

        الشتم و السباب

        تعليق


        • #5
          بارك الله فيك

          تعليق

          يعمل...
          X