إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين؟

    ما هي حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين؟

    حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين حركة إسلامية فلسطينية مقاتلة تبلورت تنظيمياً في مطلع الثمانينات داخل فلسطين المحتلة، بعد أن كانت حواراً فكرياً وسياسياً امتد منذ منتصف السبعينات في أوساط بعض الطلبة الفلسطينيين الدارسين وقتها في مصر. وقد شمل هذا الحوار مسائل منهجية تتعلق بفهم الإسلام والعالم والواقع وكيفية رؤية وفهم التاريخ بشكل عام والتاريخ الإسلامي بشكل خاص.
    كان الفهم المنهجي للإسلام كعقيدة وأصول دين وفقه وشريعة واستناداً إلى القرآن والسنة هو نقطة البدء. كما كان وعي الحركة المبكر بالتاريخ وإحساسها العميق بهذه الموضوعية سبيلاً لرؤية العالم على حقيقته مما سهل استيعاب ووعي اداة التغيير وصولاً إلى إدراك خصوصية فلسطين في الإشكال الإسلامي المعاصر.. واعتبارها بالتالي القضية المركزية للحركة الإسلامية والأمة الإسلامية. وقد استند هذا الاعتبار إلى فهم قرآني كان أوضح ما يكون في سورة (الإسراء) كما في مواضع عديدة أخرى من القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف. كما ساهم الفهم المنهجي للتاريخ والواقع في الوصول إلى هذه المقولة (مركزية وخصوصية فلسطين).. فحركة التاريخ المعاصر تتجسد في التحرك الاستعماري الممتد إلى قرنين من الزمان ضد الوطن الإسلامي. هذا التحرك الذي تمحور وتمركز أخيراً في فلسطين بعد أن أنجز مهماته في إسقاط النظام السياسي الإسلامي وإنشاء الدولة القطرية وتكريس التغريب كنمط ثقافي وحياتي في العديد من المجتمعات الإسلامية من مصر إلى إيران إلى تركيا. كما يؤكد الواقع أن ذروة الشر والاستقطاب الاستعماري الشيطاني تتجسد على أرض فلسطين عبر الكيان الصهيوني المتحالف مع الغرب الاستعماري.
    مع نهاية السبعينات كان الحوار الفكري والسياسي ـ المشار إليه ـ في أوساط بعض الشباب الفلسطيني المسلم المثقف أثناء دراستهم في مصر يتحول إلى مناخ سياسي تنبثق عنه نواة تنظيمية ، اندفعت لاحقا باتجاه فلسطين المحتلة لأجل بناء الحركة الإسلامية الثورية المحاطة بالجماهير الواعية المتحمسة لخلاص الذات والوطن تحت راية الإسلام. كان الهدف تحقيق الفريضة الغائبة بحل الإشكالية التي كانت قائمة وقتها حيث وطنيون بلا إسلام وإسلاميون بلا فلسطين . فالحركة الوطنية الفلسطينية استثنت الإسلام كأيديولوجية وغيبته من برامجها أما الحركة الإسلامية التقليدية فلأسباب عديدة موضوعية وذاتية كانت تؤجل الإجابة عن السؤال الفلسطيني وتؤجل الجهاد في فلسطين.. فجاءت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين لتجيب عن السؤال الفلسطيني إسلامياً ورفعت شعارات: الإسلام والجهاد وفلسطين ، الإسلام كمنطلق والجهاد كوسيلة وفلسطين كهدف للتحرير.
    وقد مرت حركة الجهاد الإسلامي منذ انطلاقتها حتى الآن بثلاث مراحل أساسية، شملت الأولى العمل الجماهيري والسياسي والإعلامي والتعبوي كما شهدت الثانية الجهاد والقتال المسلح ضد العدو. ومن 6/10/1987 دخلت الحركة مرحلتها الثالثة بانطلاقة الانتفاضة الشعبية في فلسطين.
    المرحلة الأولى: وهي التي تلت عودة واستقرار النواة الأولى التي تم تشكيلها أثناء الدراسة في مصر، أي عودتها واستقرارها في داخل فلسطين . وقد شهدت هذه المرحلة عملاً جماهيرياً وسياسياً وإعلامياً وتعبوياً كانت الأرض الفلسطينية متعطشة إليه . فها هي تشهد خطاباً إسلامياً ثورياً وجهادياً ويمهد الطريق لتحقيق الفريضة الغائبة وطالما اشتاقت إليه الجماهير الفلسطينية المؤمنة.
    في تلك المرحلة برز الدور الطلابي للحركة في كافة جامعات ومعاهد الضفة والقطاع. وفي نهاية عام 1981 تم تشكيل كتلة (الإسلاميين المستقلين) الطلابية في الجامعة الإسلامية بغزة كممثلة لحركة الجهاد الإسلامي، وقد حققت نتائج إيجابية في أول انتخابات جرت في كانون ثاني (يناير) 1982 رغم مُضي فترة قصيرة على تواجد الحركة.
    وسرعان ما انتشرت الفكرة في أغلب المخيمات الفلسطينية وكافة المدن وعدد كبير من القرى وتمركز أنصار الحركة ـ إضافة إلى الجامعات ـ في العديد من المساجد. ومنذ مطلع 1982 بدأت الحركة في إصدار مجلة (النور) في مدينة القدس وهي مجلة تابعة لجمعية الشباب المسلمين في القدس كانت قد توقفت لأكثر من عام عندما اتفق بعض الأخوة في حركة الجهاد مع إدارة الجمعية سراً على إصدار المجلة. وفعلاً استمرت المجلة في الصدور بشكل متقطع حتى نهاية 1982م وكانت تعبر عن الموقف الحركي الأيديولوجي والسياسي للحركة. ومع نهاية 1982م بدأت تصدر في بريطانيا مجلة (الطليعة الإسلامية) معبرة عن نفس الخط الأيديولوجي والسياسي. وخلال أيام قليلة من صدورها في لندن كان يُعاد طباعتها سراً في القدس لتوزع في جميع أنحاء فلسطين تاركة آثاراً مهمة على الشارع الفلسطيني مما دفع السلطات الصهيونية إلى البحث عن كيفية طباعتها وتوزيعها، فقامت تلك السلطات بحملة اعتقالات في شهري أغسطس وسبتمبر 1983 شملت العشرات من أبناء الحركة كان من بينهم الدكتور فتحي الشقاقي. وقد استمر التحقيق معهم لخمسة شهور كاملة في أسوأ ظروف التعذيب وسميت تلك القضية بقضية (الطليعة الإسلامية) وتحولت مطبوعاتها إلى واحدة من أهم القضايا السياسية والأمنية في تلك الفترة. وتحول التحقيق على مدى الشهور الخمسة من قضية مطبوعات وتحريض على الثورة والجهاد إلى البحث عن هياكل تنظيمية سياسية وأمنية، وكذلك البحث عن سلاح وخلايا عسكرية.
    وتعتبر هذه المجموعة الإسلامية التي ضمت العشرات من أبناء حركة الجهاد الإسلامي أول تنظيم إسلامي يتم اعتقاله منذ الاحتلال الصهيوني للضفة الغربية وقطاع غزه عام 1967. فالموقف الإسلامي التقليدي كان حتى ذلك التاريخ 1983 يتجنب الصدام السياسي أو الأمني المباشر مع سلطان الاحتلال!!
    في تلك السنوات شهدت ليالي القدر في المسجد الأقصى المبارك تجمعات وتظاهرات حاشدة برعاية حركة الجهاد الإسلامي كما أخرجت الحركة الجماهير الفلسطينية في العديد من المناطق لصلاة العيد في العراء تعبيراً عن التحدي للاحتلال.
    وهكذا تعاظم دور الحركة في تلك المرحلة على الجانب التعبوي الدعوي والسياسي والإعلامي عبر دورها في الجامعات والمساجد في كافة المدن والقرى والمخيمات.
    المرحلة الثانية (الجهاد المسلح): منذ البداية كان الجهاد المسلح ضد العدو الصهيوني هو المبرر الأساسي لنهوض حركة الجهاد الإسلامي، ورغم أهمية الإسهامات الفكرية التي قدمتها الحركة والخط السياسي الإسلامي المتميز ، إلا أن هذا الأمر ـ أي الجهاد المسلح ـ بقي الأهم بالنسبة لحركة إسلامية فلسطينية نهضت لتشكل إضافة حقيقية جديدة ولتحل الإشكالية التي كانت قائمة بين وطنيين بلا إسلام! وإسلاميين بلا فلسطين!!
    ولذا فمع الأسابيع الأولى لحضور الحركة داخل فلسطين ومنذ بدايات المرحلة الأولى كان يتم ـ وفي ظل أعلى درجات السرية ـ تنظيم خلايا عسكرية مسلحة تابعة للحركة ، فالفصل بين المرحلتين لم يكن فصلاً آلياً. ومع إنطلاقة الجهاد الإسلامي فقد كان العمل السياسي والتعبوي والجماهيري يتعاظم بالطبع.
    في صيف 1981 تم تنظيم أول خلية مسلحة . ولكن خلال الأعوام 1983/1984/1985 كان العمل المسلح يبدأ تدريجيا وبطيئا وفي سرية تامة. ورغم أن العدو في حملة اعتقالات عام 1983 ـ قضية الطليعة الإسلامية ـ كان يثير بقوة أثناء التحقيق موضوع الخلايا العسكرية المسلحة ووجود سلاح لدى الحركة، إلا أن التحقيق فشل فشلاً تاماً في التقدم بهذا الاتجاه.
    في 2/3/1986 قبض العدو على الدكتور فتحي الشقاقي للمرة الثانية وذلك بعد أسبوعين على آخر عملية عسكرية نفذتها الحركة في ساحة فلسطين بمدينة غزة في 18/2/1986 وكانت هجوما بالقنابل على تجمع للجنود الصهاينة أثناء تغيير (تبديل) الدورية التي كانت ترابط في نفس المكان الذي استشهد فيه مواطن فلسطيني قبل يوم واحد من هذه العملية على يد الجنود الصهاينة، وقد اعتبرت الجماهير أن هذه العملية البطولية الجريئة جاءت رداً على استشهاد الشاب العكلوك في ساحة فلسطين بمدينة غزة، وقد سبق اعتقال الدكتور الشقاقي ورافقه الكشف عن ثماني عمليات عسكرية نفذتها الحركة وكانت آخر عملية في ساحة فلسطين في 18/2/1986.
    عام 1986/1987 كان عام الإسلام المجاهد في فلسطين .. ففي الوقت الذي كان فيه العمل الوطني الفلسطيني (قبل الانتفاضة) يدخل عنق الزجاجة ويعاني من إحباطات متعددة كانت حركة الجهاد الإسلامي تقود الجهاد المسلح وتنفذ أهم العمليات العسكرية.
    وتولت العمليات بدءاً من عملية البراق 6/10/1986 (سرايا الجهاد الإسلامي) إلى عملية الشجاعية
    6/1/1987 ومروراً بعمليات الطعن بالسكاكين وعملية الهروب الكبير من سجن غزة المركزي ـ التي قادها المجاهد مصباح الصوري والمجاهد محمد سعيد الجمل وضمت ستة من مجاهدي الحركة ـ وعملية قتل الكولونيل رون طال قائد الشرطة العسكرية في قطاع غزه في 2/8/1987 والتي وصفها إسحق رابين وزير الحرب آنذاك (بأنها عملية استثنائية وسيكون الرد عليها استثنائيا) وغير ذلك من العمليات البطولية التي توجها أبطال
    الشجاعية البواسل محمد الجمل ، سامي الشيخ خليل ، زهدي (فايز) الغرابلي ، أحمد حلس بعمليتهم البطولية واستشهادهم الفذ وكان قد سبقهم مصباح الصوري شهيدا قبل ذلك بأيام.
    لقد كان أبطال الشجاعية هم الذين قادوا الهروب الكبير من سجن غزه المركزي في 5/7/1987 وهو السجن الذي يعتبر من أهم سجون الوطن المحتل وقلعة لكل من الجيش والشرطة والمخابرات الصهيونية.. ولذا كان هروب ستة مجاهدين من هذا السجن ـ القلعة ـ ضرباً من ضروب المعجزة ورغم محاولات العدو المستميتة لبحث عنهم إلا أنهم ضربوا جذورهم في أعماق الشعب الذي احتضنهم لخمس شهور كاملة وهم ينفذون أخطر العمليات العسكرية على أبواب الشجاعية.. وكانت الملحمة: الشبان المؤمنون الأطهار وحفظة القرآن والذين كان الناس يتسابقون للصلاة من ورائهم ، التقوا وجهاً لوجه مع العدو الصهيوني ، رفعوا سلاحهم وبنادقهم وحدقوا في عين عدوهم وأطلقوا النار ، فكان دمهم إيذاناً بدخول الشعب مرحلة جديدة، ودخول حركة الجهاد الإسلامي مرحلة جديدة هي الانتفاضة.
    المرحلة الثالثة: الانتفاضة (6/10/1981)
    لقد كان دم أبطال الجهاد الإسلامي المسفوح على أبواب مدينة غزة في ذلك اليوم هو رسالة البرق التي فجرت المكنون الفلسطيني العظيم وكانت الشرارة التي أشعلت سنوات الاحتلال بقهرها وسواد لياليها، كما أطلقت خبرات النضال الفلسطينية التي تراكمت على مدى سبعين عاماً.
    كانت خيبة الأمل الفلسطينية في الواقع العربي الرسمي تلك الأيام تأخذ مداها، وكان الإسلام يرتفع عنواناً للمرحلة ويتجذر عميقاً في وجدان الشعب ويعود ليقود مسيرة الجهاد من جديد.
    إن حركة الجهاد الإسلامي لم تصنع الانتفاضة، لأن الانتفاضة أكبر من كل الهيئات والأحزاب والمنظمات والفصائل . وهي أيضاً لم تحدد ساعة الصفر في انطلاقها، لأنه لا يمكن لأحد أن يحدد ساعة انطلاق المعجزة ولكننا نؤكد أن الخروج الجماهيري الحاشد إلى الشوارع كان حلمنا منذ اليوم الأول . وعندما نادت الحركة لتفعيل الشعائر الدينية، ودعت إلى صلاة العيد في العراء واحتفالات ليلة القدر في المسجد الأقصى ، كانت تحلم بأن ترى الجماهير تخرج إلى الشوارع حاشدة لتبدأ مسيرة الجهاد.
    ولذا فمنذ السادس من تشرين ، واكبت حركة الجهاد الإسلامي الانتفاضة ساعة بساعة ويوماً بيوم، وأصدرت البيانات والمنشورات داعية الجماهير إلى الخروج والمقاومة والجهاد على درب شهداء الشجاعية. وجاء يوما 8 و9/12/1987 ليكونا يومي تصعيد شامل ويومي تصميم وصلت فيه الانتفاضة إلى كل مدينة وقرية ومخيم في الضفة الغربية وقطاع غزة. ومن يعود إلى الأدبيات الفلسطينية والعربية ما بين 6/10/1987 إلى 9/12/1987 ، سيجد أن الحديث كان يدور عن انتفاضة الشعب الفلسطيني في الوطن المحتل. لقد جاءت حادثة المقطورة قرب جباليا في 8/12/1987 فرصه لتنقل التوتر والمصادمات في القطاع وبعض أنحاء الضفة ليشمل كل مكان ، وحادث المقطورة جاء على خلفية مقتل مستوطن صهيوني في قطاع غزة على يد مجاهدي الجهاد الإسلامي.. وقد جاء تصريح لإسحق مردخاي في ديسمبر (كانون أول) 1987 يعزي أعمال الانتفاضة وتصاعدها إلى حادثة المقطورة وكذلك إلى قرار إبعاد بعض قيادات الجهاد الذي كان صدر في 17/11/1987م.
    لقد تحملت حركة الجهاد الإسلامي مع الجماهير عبء التصدي للاحتلال خلال الأسابيع الأولى من الانتفاضة، حتى نهضت بقية القوى الإسلامية، والوطنية لتشمل الانتفاضة كافة القوى والفئات والطبقات. ولقد دفعت الحركة ثمن ذلك غالياً، عندما اعتقل أهم كوادرها مبكراً، وأبعد بعض قيادييها ، ومورس ضدها أشد أنواع البطش وتعرضت لحملات من التجاهل والتعتيم.
    ولكن هذا لم يزد حركة الجهاد الإسلامي إلا قوة، وقد استعصت على الاجتثاث حسب تعبير المفكر الصهيوني ميخائيل سيلغ: (إنها الحركة التي ما إن تجتثها في مكان حتى تنمو في مكان آخر).
    لقد استمرت مشاركة الجهاد الإسلامي بفعالية ، خلال خمس سنوات تقريبا ومازالت مصممة ـ إن شاء الله ـ على تصعيد الانتفاضة والسير على طريق الجهاد مادام الاحتلال قائما. إن مشاركة الجهاد الإسلامي في الانتفاضة لم تكن على حساب العمل على صعيد التحرك السياسي، والتعبئة الجماهيرية أو الجهاد المسلح الذي استمر رغم كل الدعوات لوقف الجهاد المسلح ضد العدو.
    ماهو موقف حركة الجهاد الإسلامي من منظمة التحرير الفلسطينية؟ ولدت م.ت.ف على يد النظام العربي الرسمي ممثلاً بقرار القمة العربية رقم 1/1964 وبمسعى ناصري إلا أنها جاءت أيضاً تحت ضغط فلسطيني بحثاً عن التمثيل وإبراز الهوية الوطنية.
    عُقد المجلس الوطني الفلسطيني الأول في القدس (28/5/1964) حيث تم الإعلان عن تأسيس المنظمة وإقرار ميثاقها القومي الفلسطيني. وفي عام 1966 تمت إزالة السيد أحمد الشقيري عن قيادة المنظمة وتولت الفصائل الفلسطينية المقاتلة (بزعامة فتح) ـ والتي برز دورها بعد نكبة 1967 ـ قيادة المنظمة. وتم تحديد المرحلة الحالية من نضال الشعب الفلسطيني بأنها مرحلة كفاح وطني. كما تم التأكيد على ما سمي بالشرعية الثورية وتمثيل المنظمة لقوة الثورة الفلسطينية .. كما تم التأكيد بشكل قاطع على رفض كل مشاريع التسوية للقضية الفلسطينية.
    أعطت تلك الأيام للفلسطينيين شعوراً قوياً بالذات والهوية الوطنية ولكن شيئاً فشيئاً بدأ المشروع الوطني الفلسطيني (المنظمة) يغادر منطلقاته الأساسية، حتى وصل في أقل من ربع قرن إلى الإقرار بشرعية العدو الصهيوني على 80% من أرض فلسطين واستعد لقبول نوع من الحكم الذاتي على الخمس الباقي من الأرض، إضافةً إلى هذا التراجع السياسي الكبير فقد سادت فوضى الأيديولوجيا صفوف المنظمة قبل أن تخسر الأيديولوجيا تماماً في السنوات الأخيرة . أما الفساد الإداري والفشل التنظيمي فهو الأمر الذي لا ينكره فصيل واحد من منظمة التحرير.
    في ظل هذه الأزمة الخانقة كان لابد من البحث عن مخرج أو بديل!
    ***
    لا يوجد في أدبيات حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين ما يشير إلى أنها طرحت نفسها بديلاً عن منظمة التحرير الفلسطينية. ولا يوجد في أدبياتها معارضة واضحة لإمكانية اعتبار المنظمة إطاراً جامعا لقوى شعبنا السياسية.
    ولكن الحركة كانت تعتبر أنه من حقها وواجبها طرح أيديولوجيا باعثة مقاتلة مقابل فوضى الأيديولوجيا وتغريبها ثم انسحابها. ورأت حركة الجهاد أن هذه الأيديولوجيا الحية الباعثة هي الإسلام عقيدة الأمة ومحور تاريخها وتراثها، الإسلام الذي استثنته فصائل المنظمة بعمومها ، ومنها من حاربه بلا هوادة في مرحلة ما إن لم يكن في كل وقت.
    كما اعتبرت حركة الجهاد الإسلامي أن فلسطين ـ كل فلسطين ـ قاسم مشترك يجمع كافة القوى السياسية المناضلة لأجل تحريرها وأكدت على إمكانية التعاون بين هذه القوى بغض النظر عن مسألة الأيديولوجيا ورغم أهمية هذه المسألة. إن أهمية وخطورة وقداسة القضية الفلسطينية في حد ذاتها وإن وحدة الجامعة الحضاري لكافة القوى السياسية الفلسطينية بغض النظر عن تفصيلات أو اجتهادات أيديولوجية .. إن كل هذا يسمح بل يستدعي ويؤكد على ضرورة لقاء كافة القوى الفلسطينية في مواجهة العدو الصهيوني ولأجل تحرير كامل فلسطين بالجهاد المسلح.
    ومن هنا لم ينصب خلاف الجهاد الإسلامي مع المنظمة على كونها إطاراً جامعاً لقوى الشعب الفلسطيني السياسية أم لا ، ولكنه انصب على المحتوى والمضمون. فقوة ومصداقية وشرعية م.ت.ف كإطار سياسي أو تنظيمي جامع لا يتأتى من عدد سفاراتها أو من تواجدها في المحافل الدبلوماسية بل يمكن أن يأتي فقط من تصعيد الكفاح المسلح واستنفار الأمة وتجسيد وحدتها وتعبئة طاقاتها وقواها المجاهدة كشرط لازم لكسر وتجاوز توازن القوى الظالم والمستند على التجزئة والهيمنة الاستعمارية وصولاً إلى إعادة بناء توازن قوى في صالح قضيتنا العادلة والذي هو أيضاً شرط لازم لأي إنجاز على المستوى الدولي.
    إن حركة الجهاد الإسلامي ترى أن الخطر الأكبر على شعبنا وقضيته يكمن في تمزيق برنامج وتوجهات نضالنا وجهادنا قبل أن يكون في هيكلية م.ت.ف وفي ضعف بنيانها.
    إن وحدة الخط النضالي وصلابته أسبق من وحدة الإطار. فما فائدة أن نطلب من جميع القوى السياسية الفلسطينية الالتزام في إطار منظمة التحرير إذا كان برنامج منظمة التحرير يعلن ويكرس التفريط بحق شعبنا في وطنه وبحقه في الجهاد والكفاح المسلح لأجل تحريره.
    ومن هنا ترفض حركة الجهاد الإسلامي المساومة على عدد من المقاعد في المجلس الوطني الفلسطيني أو على ضمانات تنظيمية أو إدارية لأن المسألة الأهم والأولى تكمن في صلابة الخط الجهادي وبرنامج النضال.
    إن رفض الاعتراف بشرعية العدو الصهيوني على أي شبر من فلسطين واعتبار الكفاح والجهاد المسلح طريقاً لتحرير فلسطين وعدم التنازل عن الميثاق الوطني الذي أكد على حق الشعب الفلسطيني في كامل وطنه، وإعادة الاعتبار للإسلام كإطار لصراعنا الحضاري ضد الهجمة الصهيونية.هي الشروط التي تراها حركة الجهاد الإسلامي ضرورية للتعاون مع كافة القوى الفلسطينية ضمن إطار جامع كمنظمة التحرير.
    ولكننا نود أن نؤكد أن خلافنا الأيديولوجي والسياسي مع أي طرف أو جزء من أجزاء شعبنا الفلسطيني لا يمكن حسمه إلا بالحوار الفكري والسياسي ، بعيداً عن العنف ، فالعنف فقط ضد العدو الصهيوني.
    0
    التعديل الأخير تم بواسطة أسد الدعوة; الساعة 01-04-2008, 03:28 PM.
يعمل...
X