صادف يوم أمس الذكرى الثلاثون لاستشهاد قائداً فلسطينياً ورمزاً وطنياً قدم كل شئ في سبيل فلسطين إنه القائد وديع حداد " أبو هاني" ابن مدينة صفد الفلسطينية الذي استشهد عام 1978 في ألمانيا الشرقية، اثر صراع مع مرض غامض ألم به، كشف النقاب عنه أخيراً الموساد الإسرائيلي الذي اعترف باغتياله بواسطة قطعة شوكولاته مسمومة.
وتأتي ذكرى استشهاد هذا البطل الأسطوري مختلفة عن سابقاتها، حيث ئؤين الجبهة هذه الايام مع جماهير شعبنا وأمتنا العربية وأحرار العالم رفيق درب كفاحه د.جورج حبش مؤسس حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بمناسبة مرور اربعين يوما على رحيله.
وعُرف عن الشهيد الكبير وديع حداد بأنه الطبيب الذي لا يرتاح أبداً، ولم يخش الموت، فهو من دشن بامتياز أسلوب حق الضحية في اختيار طريقة مقاومة جلادها، فقاد وخطط وأشرف على سلسلة عمليات بطولية حول العالم هزت أركان دولة الاحتلال وحلفائها ورفع شعار " وراء العدو في كل مكان"، فكانت عملية مطار اللد وعملية أوبك وعملية عنبتي وعملية مقديشيو ومطاردة طائرات " العال" الصهيونية في كل مطار.
كما عُرف عنه تجواله الدائم بين المقرات السرية في بيروت ومواعيده الموزعة بين بغداد وعدن ومقديشيو كما عرف برجل الاستطلاع واختيار الأهداف وإعداد الوثائق والمنفذين وتحديد ساعة الصفر، بالإضافة إلى أنه كان مدرسة في نكران الذات، وقد ألزم نفسه ورفاقه القواعد الصارمة في عمله الصعب.
وكان تعاونه مع أي فصيل تحكمه حدود واضحة، فكانت الفاعلية هي الهاجس، ومن أجلها أسقط الشهيد وديع من حسابه لعبة الصفوف الأمامية، وبريق المواكب والصالونات، ومتعة الابتسام أمام العدسات، لم يدل بحديث صحفي ولم يترك مذكرات وحين غاب اصطحب معه غابة أسراره.
ولم تمنع العلاقة الحميمة والاستثنائية التي ربطت القائدين الكبيرين وديع والحكيم من الاختلاف حول استمرارية العمليات العسكرية التي نفذتها الجبهة، والخط التكتيكى العسكري الذي قاده الرفيق الشهيد وديع والذي كان في حينه ضرورة من ضرورات إشهار القضية الفلسطينية وتعريف العالم بمعاناة هذا الشعب جراء الغزوة الصهيونية الاحلالية التي شردته من أرضه ووطنه ورمت به في شتات الأرض ومخيمات اللجوء المختلفة.
وقد سئل الحكيم يوماً عن سر علاقته بوديع، فصمت قليلاً وطفا عليه الحزن ثم أجهش في البكاء المشحون بألم ظاهر، وقال: " إن وديع حاضر في عقلي وقلبي".
كما نستذكر كيف بكاه الحكيم وأبنّه في كلمة طويلة وحزينة بالعاصمة بغداد عند استشهاده، تحدث خلالها عن خصال وديع وعن تاريخه الحافل بالعطاء والوفاء والنضال.
واثر استشهاده عم الحزن أرجاء الوطن العربي، وبكاه الثوار في العالم، وحزنت عليه المخيمات، وقد شيع جثمانه في جنازة مهيبة شارك فيها رفيق دربه الدكتور جورج حبش في بغداد حيث ووري الثرى هناك.
لكن المقاومة تواصلت وستبقى مستمرة مادام شعبنا مشردا ومشتتا وبعيدا عن أرضه ووطنه، ومادام الاحتلال يسلب فلسطين التي أنجبت وديع حداد وكل شهداء النضال الوطني الفلسطيني الطويل.
تعليق