في اليوم العالمي للمياه، 22 من آذار يواجه الفلسطينيون أزمة مياه خانقة و خاصة مع قرار إسرائيل تقليص كمية المياه المصدرة إلى الفلسطينيين في الضفة والقطاع.
وبالرغم من أن أزمة المياه ليست محلية، إلا إن الفلسطينيين أكثر المتضررين أكثر من أي دولة أخرى سواء في منطقة حوض البحر المتوسط او حتى في أنحاء العالم، وهذا ليس بسبب عدم كفاية المياه وإنما بسبب الإجراءات الإسرائيلية الصارمة التي تحد من توصيل المياه بكمية ونوعية مناسبة للجانب الفلسطيني.
الأخطر منذ سنوات...
الدكتور أيمن الرابي المدير التنفيذي لمجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين، تحدث بهذه المناسبة عن أزمة المياه الحالية والتي تعتبر الأخطر منذ فترة طويلة جدا، فالمشكلة ذات حدين، الشق الأول يتسبب بها الجفاف والظروف الطبيعية، والشق الثاني يتمثل في تخفيض كميات المياه التي يشتريها الفلسطينيون من الجانب الإسرائيلي.
حيث لم تتجاوز كمية الأمطار التي هطلت على فلسطين 60-62% من المعدل العام مما ينذر بوسم سيء على كافة الأصعدة سواء فيما يتعلق بكميات المياه الجوفية أو السطحية أو الوضع الزراعي العام.
ويترتب على ذلك، حسبما وضح الرابي، تناقص كميات المياه التي يحصل عليها الفلسطينيون، في ظل التوقعات بتخفيض كميات المياه التي يقوم الجانب الإسرائيلي ببيعها للفلسطينيين وخاصة في المناطق الريفية النائية.
واستعرض الرابي الوضع العام لهذه الأزمة بالأرقام مشيرا الى ان ما يشتريه الفلسطينيون في الوقت الحالي من شركة المياه الإسرائيلية "ميكروت" يعادل نحو 55% مما يستهلكه الفلسطينيون فعليا، ويتم إنتاج 45% الباقية من مصادر ذاتية تتمثل في الينابيع والآبار الجوفية، و نتيجة الجفاف الحاصل يتوقع انخفاض كميات المياه من المصادر الذاتية.
بالإضافة الى ان بعض التجمعات تعتمد بشكل كلي على المياه المشتراه من الجانب الإسرائيلي، على سبيل المثال محافظة رام الله والبيرة تشتري 40% من كمية المياه التي تستهلكها. وهذا يسبب نقص في الكمية وتدهور في النوعية لان التزويد يكون متقطع وهذا يسمح بتسرب ملوثات إلى داخل الشبكة، ما ينتج مضاعفات صحية خطيرة.
كارثة مائية في غزة...
إما فيما يتعلق بوضع المياه داخل قطاع غزة فالوضع سيء جدا وقد يوصف بالكارثة، حسبما قال الرابي، بسبب عدم توفر الوقود الكافي لتشغيل كهرباء المضخات بشكل مستمر مما يؤثر بشكل مباشر على كميات المياه التي تزود السكان في قطاع غزة بالإضافة إلى ان ذلك يؤدي الى توقف عمل مضخات المياه العادمة.
وتشير التقارير الواردة من هناك أن انتشار المياه العادمة في الشوارع والمناطق الطبيعية سيؤدي إلى تسريبها إلى الحوض الجوفي وتلوثها كليا مما ينذر بأمراض عديدة قد تظهر بين السكان.
بالإضافة إلى كل هذه التعقيدات، هناك تعقيدات ناجمة الاغلاقات والحواجز الإسرائيلية المنتشرة في الضفة الغربية حيث تتأثر نحو20- 25% من التجمعات الفلسطينية غير موصولة بشبكة مياه قطرية وتعتمد بشكل أساسي على تجميع مياه الأمطار بالدرجة الأولى ومن ثم على شراء المياه عبر خزانات منقولة من مصادر مياه قريبة ولكن يتم نقلها عبر الحواجز الأمر الذي مضاعفة سعر كوب المتر المكعب الواحد من المياه، وحسب المصادر وصل سعر المتر المكعب الواحد وصل الى 30 شيكل وهذا أعلى ثمن للمياه قي العالم.
مقارنات ومفارقات...
واستعان الرابي خلال حديثه بدراسات أجريت لعقد مقارنة بين استهلاك الفرد الفلسطيني والفرد الإسرائيلي، فحسبما تشير الدراسات فأن العائلات الفلسطينية التي تعيش في هذه التجمعات تصرف نحو 30-40% من دخلها الشهري في شراء المياه، وهذه نسبة عالية جدا بالمقارنة مع النسبة العالمية التي لا تتعدى 5% من الدخل الشهري للعائلة.
بالإضافة إلى ذلك، تصل معدل حصة الفرد الفلسطيني من المياه نظرا لتناقص كميات المياه التي يحصلها الفلسطينيون من الجانب الإسرائيلي الى 50 لتر في اليوم، بينما تقل في بعض التجمعات لتصل الى 30 لتر للفرد يوميا.
وهناك بعض التجمعات تصل الى 10% من التجمعات الفلسطينية تعيش بأقل من 10 لتر في اليوم وهذه أقل كمية يمكن الحديث عنها عالميا فيما يتعلق بحصة الفرد من المياه يوميا.
وإذا قورنت هذه النسب مع الجانب الإسرائيلي، نجد ان كمية المياه المخصصة للفرد الإسرائيلي تصل الى 200 لتر يوميا وفي بعض الإحصائيات تشير الى 300 لتر في اليوم، بينما ترتفع هذه الحصة في المستعمرات 350-400 لتر للفرد في اليوم.
ومجملا تستهلك المستعمرات الإسرائيلية ما مجموعه حوالي 40 مليون لتر مكعب للزراعة وحوالي 20 مليون للشرب او الاستخدام الآدمي وهذه تقدر بنحو 50% مما يستهلكه الفلسطينيون عموما، أي ان 300 ألف مستعمر يسكنون المستعمرات في الضفة يستهلكون 60 مليون لتر مكعب وهي ذاتها نصف النسبة التي يستهلكها مليون ونصف مواطن فلسطيني، وهذه مفارقة نتجت عن الشروط الإسرائيلية السياسية المفروضة على الاستهلاك الفلسطيني للمياه، على حد قول الرابي.
واعتبر الرابي أن الفلسطينيين" كشعب" لم يحصلوا على الحد الأدنى من حقهم في المياه ولا من الحد الأدنى من الخدمة التي يضمنها القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة للشعب الواقع تحت الاحتلال.
قيود.إسرائيلية...
وأشار الرابي الى وجود قيود إسرائيلية فرضت على استهلاك او تطوير المياه في الجانب الفلسطيني بدأت منذ عام 67 بعد احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة بفرض الأوامر العسكرية ومنع الفلسطينيين من تطوير مصادرهم المائية وحتى منعهم من المشاركة في إدارة هذه المصادر، الأمر الذي خلق نوعا من الفجوة ما بين الاستهلاك للمياه بين حاجة الشعب الفلسطيني التي تقدر بـ 400 مليون متر مكعب من المياه سنويا بينما يحصل الفلسطينيون فقط على 130-140 مليون متر مكعب أي يدور الحديث عن عجز بمقدار 260 مليون متر مكعب وهذا العجز يجب سده من خلال مصادر مياه داخل الضفة او غزة ضمن أية حلول مستقبلية.
وزادت الأمور تعقيدا كما قال الرابي، عند بناء الجدار الفاصل والذي من المتوقع حال الانتهاء منه ان يصادر ما مجموعه 1100 كيلو متر مربع من مساحة الحوض الغربي وهو أهم مصادر المياه الجوفية من حيث كمية المياه المتجددة سنويا التي تصل الى 362 متر مكعب. وتقع 60% من هذا الحوض داخل الضفة الغربية.
وبعد بناء الجدار سيسمح للفلسطينيين بالسيطرة على 15-20% من مساحة الحوض وهذا يضعف الموقف الفلسطيني في أية مفاوضات قادمة، اذا ما اعتمد الجدار حدودا للدولة الفلسطينية.
كل ذلك حسبما يرى الرابي، يدلل على ان الفلسطينيين سيواجهون هذا الصيف أزمة خانقة يجب مواجهتها من خلال خطة طوارئ تقوم على تحديد المناطق التي قد تواجه الازمة بشكل قاسي خلال الصيف، وتوجيه الموارد باتجاهها.
2008-03-25
وبالرغم من أن أزمة المياه ليست محلية، إلا إن الفلسطينيين أكثر المتضررين أكثر من أي دولة أخرى سواء في منطقة حوض البحر المتوسط او حتى في أنحاء العالم، وهذا ليس بسبب عدم كفاية المياه وإنما بسبب الإجراءات الإسرائيلية الصارمة التي تحد من توصيل المياه بكمية ونوعية مناسبة للجانب الفلسطيني.
الأخطر منذ سنوات...
الدكتور أيمن الرابي المدير التنفيذي لمجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين، تحدث بهذه المناسبة عن أزمة المياه الحالية والتي تعتبر الأخطر منذ فترة طويلة جدا، فالمشكلة ذات حدين، الشق الأول يتسبب بها الجفاف والظروف الطبيعية، والشق الثاني يتمثل في تخفيض كميات المياه التي يشتريها الفلسطينيون من الجانب الإسرائيلي.
حيث لم تتجاوز كمية الأمطار التي هطلت على فلسطين 60-62% من المعدل العام مما ينذر بوسم سيء على كافة الأصعدة سواء فيما يتعلق بكميات المياه الجوفية أو السطحية أو الوضع الزراعي العام.
ويترتب على ذلك، حسبما وضح الرابي، تناقص كميات المياه التي يحصل عليها الفلسطينيون، في ظل التوقعات بتخفيض كميات المياه التي يقوم الجانب الإسرائيلي ببيعها للفلسطينيين وخاصة في المناطق الريفية النائية.
واستعرض الرابي الوضع العام لهذه الأزمة بالأرقام مشيرا الى ان ما يشتريه الفلسطينيون في الوقت الحالي من شركة المياه الإسرائيلية "ميكروت" يعادل نحو 55% مما يستهلكه الفلسطينيون فعليا، ويتم إنتاج 45% الباقية من مصادر ذاتية تتمثل في الينابيع والآبار الجوفية، و نتيجة الجفاف الحاصل يتوقع انخفاض كميات المياه من المصادر الذاتية.
بالإضافة الى ان بعض التجمعات تعتمد بشكل كلي على المياه المشتراه من الجانب الإسرائيلي، على سبيل المثال محافظة رام الله والبيرة تشتري 40% من كمية المياه التي تستهلكها. وهذا يسبب نقص في الكمية وتدهور في النوعية لان التزويد يكون متقطع وهذا يسمح بتسرب ملوثات إلى داخل الشبكة، ما ينتج مضاعفات صحية خطيرة.
كارثة مائية في غزة...
إما فيما يتعلق بوضع المياه داخل قطاع غزة فالوضع سيء جدا وقد يوصف بالكارثة، حسبما قال الرابي، بسبب عدم توفر الوقود الكافي لتشغيل كهرباء المضخات بشكل مستمر مما يؤثر بشكل مباشر على كميات المياه التي تزود السكان في قطاع غزة بالإضافة إلى ان ذلك يؤدي الى توقف عمل مضخات المياه العادمة.
وتشير التقارير الواردة من هناك أن انتشار المياه العادمة في الشوارع والمناطق الطبيعية سيؤدي إلى تسريبها إلى الحوض الجوفي وتلوثها كليا مما ينذر بأمراض عديدة قد تظهر بين السكان.
بالإضافة إلى كل هذه التعقيدات، هناك تعقيدات ناجمة الاغلاقات والحواجز الإسرائيلية المنتشرة في الضفة الغربية حيث تتأثر نحو20- 25% من التجمعات الفلسطينية غير موصولة بشبكة مياه قطرية وتعتمد بشكل أساسي على تجميع مياه الأمطار بالدرجة الأولى ومن ثم على شراء المياه عبر خزانات منقولة من مصادر مياه قريبة ولكن يتم نقلها عبر الحواجز الأمر الذي مضاعفة سعر كوب المتر المكعب الواحد من المياه، وحسب المصادر وصل سعر المتر المكعب الواحد وصل الى 30 شيكل وهذا أعلى ثمن للمياه قي العالم.
مقارنات ومفارقات...
واستعان الرابي خلال حديثه بدراسات أجريت لعقد مقارنة بين استهلاك الفرد الفلسطيني والفرد الإسرائيلي، فحسبما تشير الدراسات فأن العائلات الفلسطينية التي تعيش في هذه التجمعات تصرف نحو 30-40% من دخلها الشهري في شراء المياه، وهذه نسبة عالية جدا بالمقارنة مع النسبة العالمية التي لا تتعدى 5% من الدخل الشهري للعائلة.
بالإضافة إلى ذلك، تصل معدل حصة الفرد الفلسطيني من المياه نظرا لتناقص كميات المياه التي يحصلها الفلسطينيون من الجانب الإسرائيلي الى 50 لتر في اليوم، بينما تقل في بعض التجمعات لتصل الى 30 لتر للفرد يوميا.
وهناك بعض التجمعات تصل الى 10% من التجمعات الفلسطينية تعيش بأقل من 10 لتر في اليوم وهذه أقل كمية يمكن الحديث عنها عالميا فيما يتعلق بحصة الفرد من المياه يوميا.
وإذا قورنت هذه النسب مع الجانب الإسرائيلي، نجد ان كمية المياه المخصصة للفرد الإسرائيلي تصل الى 200 لتر يوميا وفي بعض الإحصائيات تشير الى 300 لتر في اليوم، بينما ترتفع هذه الحصة في المستعمرات 350-400 لتر للفرد في اليوم.
ومجملا تستهلك المستعمرات الإسرائيلية ما مجموعه حوالي 40 مليون لتر مكعب للزراعة وحوالي 20 مليون للشرب او الاستخدام الآدمي وهذه تقدر بنحو 50% مما يستهلكه الفلسطينيون عموما، أي ان 300 ألف مستعمر يسكنون المستعمرات في الضفة يستهلكون 60 مليون لتر مكعب وهي ذاتها نصف النسبة التي يستهلكها مليون ونصف مواطن فلسطيني، وهذه مفارقة نتجت عن الشروط الإسرائيلية السياسية المفروضة على الاستهلاك الفلسطيني للمياه، على حد قول الرابي.
واعتبر الرابي أن الفلسطينيين" كشعب" لم يحصلوا على الحد الأدنى من حقهم في المياه ولا من الحد الأدنى من الخدمة التي يضمنها القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة للشعب الواقع تحت الاحتلال.
قيود.إسرائيلية...
وأشار الرابي الى وجود قيود إسرائيلية فرضت على استهلاك او تطوير المياه في الجانب الفلسطيني بدأت منذ عام 67 بعد احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة بفرض الأوامر العسكرية ومنع الفلسطينيين من تطوير مصادرهم المائية وحتى منعهم من المشاركة في إدارة هذه المصادر، الأمر الذي خلق نوعا من الفجوة ما بين الاستهلاك للمياه بين حاجة الشعب الفلسطيني التي تقدر بـ 400 مليون متر مكعب من المياه سنويا بينما يحصل الفلسطينيون فقط على 130-140 مليون متر مكعب أي يدور الحديث عن عجز بمقدار 260 مليون متر مكعب وهذا العجز يجب سده من خلال مصادر مياه داخل الضفة او غزة ضمن أية حلول مستقبلية.
وزادت الأمور تعقيدا كما قال الرابي، عند بناء الجدار الفاصل والذي من المتوقع حال الانتهاء منه ان يصادر ما مجموعه 1100 كيلو متر مربع من مساحة الحوض الغربي وهو أهم مصادر المياه الجوفية من حيث كمية المياه المتجددة سنويا التي تصل الى 362 متر مكعب. وتقع 60% من هذا الحوض داخل الضفة الغربية.
وبعد بناء الجدار سيسمح للفلسطينيين بالسيطرة على 15-20% من مساحة الحوض وهذا يضعف الموقف الفلسطيني في أية مفاوضات قادمة، اذا ما اعتمد الجدار حدودا للدولة الفلسطينية.
كل ذلك حسبما يرى الرابي، يدلل على ان الفلسطينيين سيواجهون هذا الصيف أزمة خانقة يجب مواجهتها من خلال خطة طوارئ تقوم على تحديد المناطق التي قد تواجه الازمة بشكل قاسي خلال الصيف، وتوجيه الموارد باتجاهها.
2008-03-25
تعليق