إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

دكتور رمضان شلّح : فلسطين تذبح اليوم من الوريد إلى الوريد بسلاح حلفاء النظام العربي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • دكتور رمضان شلّح : فلسطين تذبح اليوم من الوريد إلى الوريد بسلاح حلفاء النظام العربي

    الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في حوار شامل مع الشرق:

    دكتور رمضان شلح : فلسطين تذبح اليوم من الوريد إلى الوريد بسلاح حلفاء النظام العربي

    أجرى الحوار في دمشق - جابر الحرمي :

    انتقد الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الدكتور رمضان عبدالله شلح المفاوضات التي تجريها السلطة الفلسطينية مع الجانب الإسرائيلي برعاية أمريكية في وقت ترتكب فيه إسرائيل مجازر في غزة، وقال إن الإصرار على هذه المفاوضات ينذر بوجود صفقة بين محمود عباس وأولمرت. وأشار إلى ان السلطة الفلسطينية جاهزة لتقديم الكثير من التنازلات، ولديها الاستعداد للبيع بأي ثمن، داعيا فتح إلى مراجعة مسيرة التسوية التي دخلت بها وادخلت الشعب الفلسطيني والقضية في نفق مظلم.

    وانتقد د. شلح في حوار شامل مع «الشرق» النظام العربي وقال إنه اصبح في صف إسرائيل، مشيرا إلى ان فلسطين تذبح اليوم من الوريد إلى الوريد بسلاح حلفاء النظام العربي. وكشف عن وجود مساع لإيجاد تهدئة بين فصائل المقاومة وإسرائيل، مقللا من نجاح هذه المساعي، مشترطا لنجاحها ان تكون تهدئة متبادلة ومتزامنة وشاملة، وان تبدأ بوقف العدوان وفك الحصار عن غزة وفتح المعابر وإطلاق الأسرى.
    وفيما يلي نص الحوار :



    ٭ حدثنا عن المحرقة الجارية في غزة وفي الأراضي الفلسطينية عموما وكيف تصفون هذه المحرقة إضافة إلى الصمت القائم حالياً عربياً ودولياً؟

    - بداية لابد أن أشير إلى أن مجرد استخدام اسم المحرقة في وصف ما يقوم به العدو الصهيوني من جرائم في حق الشعب الفلسطيني هو وصمة عار في جبين الإنسانية كلها... أن يجرؤ العدو على استخدام هذا الاسم الذي يعتبر من المحرمات إذا استخدم بالإشارة إلى ما حدث لليهود في أوروبا، ثم الآن يستخدم كأنه أمر طبيعي ولا أحد يهتز له جفن في العالم، هذا يدل على أن العالم كله وللأسف كأنه أصبح في قبضة اليهود وفي قبضة إسرائيل.. المحرقة جريمة صهيونية ليست جديدة، وهي تعبير عن برنامج يمارسه العدو الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني على مدار الوقت، لكن الحملة الأخيرة التي أطلقها من وحي الاسم، كان ذلك يدل على اعتقاده أنها الجولة الأخيرة التي سينهي من خلالها المقاومة في قطاع غزة، وأن يسحق الشعب الفلسطيني وأن يكسر إرادته، وأن يحقق ما يريد.. ولكنه فوجئ بصمود الشعب الفلسطيني وبأداء المقاومة في قطاع غزة، فانكفأ مدحوراً ولم يستطع تحقيق أهدافه، لا بتأمين أمن إسرائيل والمستوطنات المحيطة بقطاع غزة، ولا بإجهاض مقاومة الشعب الفلسطيني ولا حتى إسقاط ما يعتبره حكومة أو سيطرة حماس في غزة، بل المفاجأة الكبرى كانت له ولكل من كان يسخر بالمقاومة وبصواريخها هي الصواريخ، لأن هذه الصواريخ بدلاً من أن تطال أهدافاً على بعد 8 كيلومترات فقط، أصبحت تطال أبعد وأقصى نقطة في مدينة عسقلان شمال قطاع غزة ليصبح أكثر من 250 ألف صهيوني في محيط قطاع غزة في مرمى صواريخ المقاومة. والمحرقة انقلبت على العدو الإسرائيلي، فما جرى بالمعنى العسكري والسياسي والأمني كان محرقة لإسرائيل وليس للشعب الفلسطيني، برغم ارتفاع عدد الضحايا في الجانب الفلسطيني.. فالغالبية العظمى من الشهداء كانوا من النساء والأطفال، وهذا ليس إنجازاً عسكرياً ولا سياسياً.. أن يستطيع الشعب الفلسطيني بهذه الإمكانات المتواضعة جداً أن يحقق قدراً من توازن الرعب وتوازن الردع وتوازن القوة بحيث يجبر العدو على وقف العدوان وعدم التقدم لأن عمقه مهدد بصواريخ المقاومة، فهذه محرقة بحق إسرائيل وليست محرقة بحق الشعب الفلسطيني.


    صمت عربي مفجع

    ٭ إذا كنا نقول إن هناك صمتاً عالمياً فماذا عن الصمت العربي والإسلامي؟

    - إذا أردنا أن نتكلم بالبعد العاطفي والإنساني وما يربط العرب بفلسطين فلا نستطيع أن نتحدث عن الصمت العربي بشيء جديد، لأن الناس ملت من الشكوى والإدانة لهذا الصمت المفجع، ولكن إذا أردنا أن نحلل هذا الصمت سياسياً، فإن الموقف الطبيعي للنظام العربي الآن، على ما هو عليه، وعلى ما نعرف من أحواله وتبعيته وارتباطه بعجلة السياسة الأمريكية والصهيونية في المنطقة، يجب أن نحمد الله على الصمت العربي لأن الوضع الطبيعي أنهم أصبحوا في صف إسرائيل. النظام العربي أصبح في صف إسرائيل، وأصبح في صف أمريكا في العلن. قبل سنوات عندما كانت بعض الحركات الإسلامية تتحدث عن أن النظام العربي هو الوجه الآخر لإسرائيل وأن الأنظمة العربية تتبع لمنظومة الغرب الفكرية والسياسية وتمثل الوكلاء للغرب ومصالح الغرب، كان هذا الكلام يعتبر من قبيل التطرف ولا يلقى القبول بل الإدانة في الأوساط التي تدعي العقلانية. اليوم الفرز في المنطقة أصبح واضحاً.. أمريكا وإسرائيل يريدون تثبيت إسرائيل في المنطقة كدولة طبيعية مثلها مثل أي دولة عربية وإسلامية، أما الغريب والنشاز في هذه المنطقة، في سياسة أمريكا وإسرائيل، فهو الشعب الفلسطيني والدولة الفلسطينية التي لم تولد بعد.. جورج بوش وعد الناس بدولة فلسطينية ولكنه أعلن أن إسرائيل دولة يهودية. ولم ير الناس أي أثر للدولة الفلسطينية التي وعد بها جورج بوش، ومشروعهم في المنطقة هو تثبيت إسرائيل كقوة مركزية مهيمنة على الوضع الإقليمي، وأن الجميع إذا أراد أن يسلم وأن يبقى في الحكم فعليه أن يصادق إسرائيل ويصاحبها وأن يتعاطف مع إسرائيل ويراعي مصالحها وأمنها، وأن يشيح بوجهه أو يغض الطرف عما تفعله إسرائيل من جرائم بحق إخوانهم من العرب والمسلمين في فلسطين.

    صمودنا هو الخيار
    ٭ ما الخيارات أمام المقاومة في ظل هذا الحصار العربي والإقليمي والدولي الذي يحيط بكم؟

    - منذ الانتفاضة الأولى في عام 1987 والشعب الفلسطيني يواصل نضاله بالاعتماد على قوته الذاتية أولاً، هذا بعد الله سبحانه وتعالى، ولم يعد الشعب الفلسطيني يدير صراعه مع اليهود بالاستناد إلى دور عربي أو إسلامي أو دولي، بل الصمود الفلسطيني منذ الانتفاضة الأولى حتى اليوم قوة الدفع الذاتية فيه هو صمود الشعب الفلسطيني وتضحياته والشهداء والإرادة الفلسطينية ومواصلة طريق الجهاد والمقاومة.. وهناك رافعة أساسية شكلت حاضنة وهي جماهير الشعوب العربية والإسلامية وبما تقدمه من الدعم المادي والمعنوي والدعاء وكل مظاهر الدعم والإسناد التي تؤكد أن فلسطين لازالت حية في قلوب شعوب الأمة العربية والإسلامية. هذا هو الذي أبقى القضية حية حتى اليوم، ونحن سنستمر في السنوات القادمة إن شاء الله تعالى، على نفس المنوال بالاستناد إلى إيماننا بالله أولاً، ثم إيماننا وثقتنا بأننا في فلسطين أصحاب حق وأن هذا العدو والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين هو عدوان لا يمكن أن نسلم بشرعيته وسنستمر في مقاومته حتى لو بقينا لوحدنا دون أي إسناد من أي طرف في العالم. فخيارنا استمرار المقاومة ولا نلتفت أبدا لأي مساومات او أي رهانات على خيارات أخرى.. وهذا لا يعني أننا غير واعين لما يدور في العالم، ولموازين القوى المحيطة بنا، نحن ندرك هذا جيداً، لكن التجربة علمتنا أن عدونا لا يفهم إلا لغة القوة مهما كانت ضئيلة، وتجارب كل الأمم الحية في مواجهة الاستعمار والغزو الأجنبي تؤكد هذه الحقيقة وأن المقاومة هي طريق التحرير واسترداد الأرض والكرامة

    عملية السلام ولدت ميتة

    ٭ هناك مفاوضات تجريها السلطة الفلسطينية مع أطراف إسرائيلية برعاية أمريكية فكيف تصفون مثل هذه المفاوضات؟

    - هذه المفاوضات التي وصفتها سابقاً بـ«المسخرة»، للأسف فإن الإصرار عليها في أن تجري مع حمامات الدم التي يرتكبها العدو بحق الشعب الفلسطيني تعكس أحد أمرين: الأمر الأول، أن هذه القيادة الفلسطينية الرسمية ممثلة برئيس السلطة ورئيس الحكومة أصبح همها تلبية احتياجات السياسة الأمريكية والإسرائيلية دون الالتفات إلى حاجات الشعب الفلسطيني ومتطلبات صموده. فإذا كانت السياسة الأمريكية والسياسة الإسرائيلية أو مساعدة جورج بوش في الانتخابات مثلاً.. تستدعي أن يكون هناك مفاوضات للتدليل على أن هناك عملية سلام كاذبة، لأنها قد ماتت منذ زمن طويل، فهم ينخرطون في هذه المفاوضات خدمة للإسرائيليين للتدليل أن هناك عملية سلام يشتغل فيها كل من جورج بوش وايهود أولمرت.. والأمر الثاني والأخطر، أن هناك من يعتقد أن الإصرار على استمرار المفاوضات ينذر بوجود شيء خفي قد تفصح عنه الأيام أو الشهور القادمة، بمعنى أن هناك من يتحدث عن إمكانية بروز صفقة بين محمود عباس وأولمرت تتعلق باتفاق حل نهائي والتوصل إلى تسوية ما. والمعروف أن جورج بوش قد وعد بالعودة إلى المنطقة في أيار للاحتفال بالذكرى الستين لقيام دولة الكيان الإسرائيلي واحتلال فلسطين، ولعله في هذه الأجواء يجري اتفاق معين حيث يراهن البعض على أن تشهد المرحلة القادمة تنفيذ ما وعد به جورج بوش من ولادة دولة فلسطينية مزعومة.. وأنا أعتقد أن مثل هذا الأمر أي حصول اتفاق بين عباس وأولمرت لا نستطيع تأكيده في هذه المرحلة، ولكن ليس مستبعداً وخاصة أن محمود عباس معروف عنه أنه طبخ اتفاق أوسلو سراً، كما أن جورج بوش بحاجة إلى إنجاز بعد فشله وهزيمة جيشه وسياسته في العراق، ليسوقه على الناخب الأمريكي، وهو يعتقد أن فلسطين هي الساحة أو الحلقة الأضعف التي يسجل فيها هذا الإنجاز، برغم ذلك، لا أظن أنه يمكن التوصل إلى اتفاق تسوية نهائية أو إعلان دولة فلسطينية، وكل ما يمكن أن يصلوا إليه هو احتفالية جديدة أو كرنفال جديد على غرار أنابوليس و«إعلان مبادئ» جديد ثم ترحّل المفاوضات إلى وقت لا أحد يعرف مداه إلا الله سبحانه وتعالى... لماذا؟ لأن الإسرائيلي في النهاية لم يعد مطمئناً بأن محمود عباس والوضع الذي يمثله يمكن أن يكون أهلاً لإدارة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، خاصة بعدما حدث في غزة وسيطرت حماس على القطاع بالقوة, فالإسرائيليون يعتقدون أن محمود عباس ضعيف، وأن السلطة ضعيفة، وأنهم لا يمكن لهم أن يضعوا أمن إسرائيل أو مستقبل إسرائيل في يد طرف فلسطيني ثم يأتي طرف فلسطيني آخر ويأخذه بالقوة ويسير بعكس الاتجاه الذي تريده إسرائيل.
    السلطة جاهزة للتنازلات

    ٭ هل يمكن للطرف الفلسطيني المفاوض حاليا التوقيع على اتفاقية للتنازل عن القدس واللاجئين، خاصة أن إسرائيل تصر على لاءاتها فهل يمكن أن يصل التنازل إلى هذا الحد؟

    - هناك قضايا جوهرية فيما يسمى بقضايا الحل النهائي بينهم، فالسلطة الفلسطينية للأسف جاهزة لتقديم الكثير من التنازلات. ففي مسألة الحدود، فقد أعلن أبو مازن في تشرين الماضي أن المهم ليس الحدود إنما المهم مساحة الأراضي، وهذا يعني أنه جاهز لقبول تبادل الأراضي مع الإسرائيليين، أي أن يحتفظوا هم بأراضي استرتيجية وحيوية وهامة في الضفة الغربية ثم يعطى الفلسطينيون مساحة ضئيلة شرق قطاع غزة أو من صحراء النقب. وتبادل الأراضي هذا يفتح الباب لتبادل السكان في الـ 48 وهذا شيء خطير جداً لأن الذي يقبل بتبادل الأراضي يفتح الباب لمبدأ تبادل السكان والتخلص من سكان الـ 48 الفلسطينيين الأصليين وتبقى إسرائيل دولة خالصة لهم من دون الفلسطينيين، وهذا المشروع موجود لديهم، ولكن متى ينفذوه، هذه مسألة أخرى.. أما قضية الاستيطان، فإن الحديث يتم عن تفكيك بؤر للاستيطان لا قيمة لها، أما الاستيطان الحقيقي فهو في تزايد وما يقرب من 150 مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية لن تفكك منها إسرائيل أي شيء، بل سيتم تجميعها في ثلاث كتل، وهي المستوطنات في الضفة والقدس، وحالياً يوجد بالضفة أكثر من نصف مليون يهودي، وإذا حصل ذلك فإن إسرائيل بالنسبة لقضية المياه تسيطر على مياه الضفة التي تسرق منها حالياً ما يقارب عن 85% وأكثر من 75% من مياه الضفة موجودة على أراضي المستوطنات، فإذ أخذوا المستوطنات ذهبت معها المياه. ماذا بقي؟ حق العودة؟ إن كان أبو عمار على قيد الحياة قيل بأنه ليس هناك حق عودة . هناك 100 ألف شخص يمكن أن يسمح بعودتهم في اتفاق حل نهائي، وإسرائيل ستحدد من هم هؤلاء، وفق جدول زمني لا يعلم مداه إلا الله سبحانه وتعالى، وتسمح إسرائيل حسب حاجاتها الأمنية بعودتهم بالتقسيط إلى مناطق السلطة الفلسطينية، وليس إلى المناطق التي أخرجوا منها وإلى مناطق الـ 48 فحق العودة أصلاً حتى المبادرة العربية لم تصر عليه وقالت «حل يتفق عليه» أي أنه قابل للتفاوض وقابل للمساومة. فلم يعد من الثوابت التي لا مساس بها. ماذا بقي؟ قضية القدس؟ أنا لا أعتقد أن الإسرائيليين سيبدؤون في مسألة القدس من الصفر، بل من حيث انتهت المفاوضات مع ياسر عرفات في كامب ديفيد الثانية. والناس تنسى لماذا انهارت وفشلت المفاوضات.. ففي تلك المفاوضات أخذ الإسرائيليون كل شيء يتعلق بالقدس فالمستوطنات بقيت كما هي حيث أن أكثر من 26 مستوطنة إسرائيلية في القدس بقيت وفيها أكثر من 250 ألف مستوطن. فقط سيتم التنازل عن بعض أجزاء من المناطق الفلسطينية المحيطة بالقدس ذات الكثافة العربية والتي لا تريدها إسرائيل. في داخل المدينة الحديث دائماً يكون عن المدينة القديمة التي مساحتها حوالي كيلو متر مربع ويتحدثون عن أحياء صغيرة وحارات. الحي اليهودي يستأثر بنصف المدينة تقريباً، والحي الإسلامي مصادر نصفه منذ سنوات، فقط الخلاف كان على الحرم القدسي لأن جميع الحارات أخذت وحائط البراق، الذي يسمونه حائط المبكى أخذ، ومحيط المسجد وحي سلوان أخذ. وهم قالوا لياسر عرفات أنتم تستفيدون من المباني الموجودة في المسجد الأقصى لأننا لا نعترف بأنه المسجد الأقصى بل هو عندهم «جبل الهيكل» وافقوا أن نسير على أرض الأقصى، وقالوا إن ما تحت الأرض لنا ونحن سنحفر تحت هذا المبنى ونقيم كنيساً يهودياً، هيكل سليمان المزعوم، سيبنى تحت المسجد الأقصى.. وقد وافق بيل كلينتون يومها على هذا العرض الإسرائيلي وضغط على ياسر عرفات وقال له يجب أن تقبل هم لهم حق في هذه الأرض، أنتم لكم فوق الأرض وهم لهم تحت الأرض، يفعلون ما يشاؤون. وعندها ياسر عرفات رفض وقال لكلينتون إذا أردتني أن أقبل بهذا العرض فأنا أدعوك لكي تسير في جنازتي.. وكانت نتيجة الرفض أن تخلصت إسرائيل من ياسر عرفات ولم تأت أمريكا للسير في جنازته، بل الشعب الفلسطيني هو الذي اعتبر ياسر عرفات بموقفه وتمسكه شهيداً وضحية من ضحايا السياسة الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة... في كل هذه القضايا باعتقادي أن قيادة السلطة الحالية جاهزة للأسف لأن تقدم لإسرائيل أكثر مما تتوقع من تنازلات، ولكن التشدد لدى إسرائيل فهي تعتبر أن التهديدات الحقيقية التي تواجها اليوم في المنطقة تقترب من حافة الخطر الوجودي، خاصة بعد هزيمتها في حرب يوليو 2006 على يد المقاومة الإسلامية وحزب الله بلبنان.

    في داخل فلسطين اليوم الشعب الفلسطيني أكثر من 5 ملايين في الـ 48 والضفة وغزة، ولم يسبق في تاريخ القضية الفلسطينية أن كانت البنية التحتية والثقل الديموغرافي والبشري والحضاري داخل الجغرافيا الفلسطينية كما هي اليوم، لذلك نحن لسنا ضعفاء ففي الأربعينيات والستينيات كانت العصابات الصهيونية بأقل من كتيبة أو سرية ترحل بلدة بأكملها، واليوم الشعب الفلسطيني مزروع بقوة في الأرض وحركات المقاومة متجذرة وموجودة في العمق الفلسطيني، فالإسرائيلي يشعر برعب حقيقي في داخل البيت.. هناك 5 ملايين فلسطيني يقابلهم 5.3 مليون يهودي. اليوم فكرة إسرائيل الكبرى تبخرت ومقولة «إسرائيل الكاملة» سقطت وخرجت إسرائيل من غزة بقوة المقاومة، وعرب الـ 48 موجودون في الجليل وفي حيفا وفي يافا في داخل الجغرافيا الفلسطينية، والصمود الفلسطيني والتجذر في الأرض يشكل تحديا كبيرا أمام الإسرائيليين ويؤكد استمرارية التاريخ الفلسطيني والعربي والإسلامي على أرض فلسطين. هذا علاوة على وضع المنطقة وكيف تموج بالغضب والحركات المقاومة، فالشعوب كلها ترفض إسرائيل من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وشعوب الأمة لا أحد فيها يقبل بإسرائيل، فقط الحكام قبلوها مجبرين ومكرهين، ولا أحد يقبل إسرائيل طوعاً في هذه المنطقة، ولذلك نحن لسنا قلقين. وبالنسبة للمفاوضات فإن قيادة السلطة باعتقادي جاهزة للأسف لكي تبيع بأي ثمن، ولكن الإسرائيلي هو الذي يتشدد. فهذه المرحلة عابرة، والمعركة القادمة والفاصلة بين إسرائيل وبين من يطالبون بحق الأمة في فلسطين واقعة لا محالة، أما متى وأين فهذه مسألة أخرى.

    معركتنا مع العدو طويلة ومستمرة

    ٭ د. شلّح نرى أن أداء المقاومة قد تراجع في الفترة الأخيرة الجانب العملي والاستشهادي فهل هناك بالفعل تراجع في مد المقاومة؟

    - إن استراتيجية المقاومة تقوم على أن المعركة بيننا وبين العدو معركة طويلة وبحاجة إلى طول نفس فهو صراع طويل ومرير.. والأمر الثاني، أن المعركة أدواتها مختلفة ووتيرتها مختلفة ففي مرحلة من المراحل كالانتفاضة الأولى مثلاً كانت المقاومة بالحجر، أما في الانتفاضة الثانية فقد غلبت العمليات الاستشهادية حتى بدت وكان المقاومة فقط عمليات استشهادية، وجاءت مرحلة أخرى وهي الحالية تجد فيها أن الصواريخ في قطاع غزة الأداة الأبرز في المقاومة وكأن المعركة بيننا وبين العدو الإسرائيلي معركة صواريخ.. إن اختلاف أدوات المقاومة ووتيرتها ومنسوب العمليات من مرحلة إلى أخرى هذه مسألة تخضع لظروف المواجهة، فالعدو ليس ساكناً أو ضعيفاً، بل هو يملك من القدرة ومن القوة على التكيف مع الأوضاع القتالية التي يبتدعها المقاومون الكثير. فكما نتصدى نحن لعدوانهم يتصدى هو أيضاً للمقاومة ويبتكر وسائل وأدوات ليحمي نفسه من هذه المقاومة.. فعلى سيبل المثال في الضفة الغربية أقام الجدار، وهذا الجدار الفاصل نحن لا ننكر بأنه حد من قدرة المقاومة على الوصول إلى العمق لتنفيذ عمليات استشهادية، ولكن المقاومة لم تستسلم أو تقف عاجزة بل تبحث عن طرق ووسائل أخرى متعددة تواجه بها متطلبات كل مرحلة. ما يجب أن نلاحظه هنا أن سلوك العدو في إدارته للصراع وفي إدارتنا للصراع، هناك مسألتان أساسيتان هيمنتا على تاريخ الصراع وهما أن العدو لديه القدرة الكبيرة على الهجوم ويملك من القوة والسلاح ومن أساليب القتل والدمار ما يزيل الجبال، والمسألة الثانية أنه في المقابل لا يملك نفس القدرة في الدفاع عن النفس في مواجهة الخصم وفي مواجهة الهجوم عندما يأتي من شعب مثل الشعب الفلسطيني أو مقاومة كمقاومة الشعب الفلسطيني.. وإذا تأملنا هاتين المسألتين وكيف تعامل الشعب الفلسطيني معهما، ففي قوة الهجوم نجد أن الشعب الفلسطيني أثبت عبر التاريخ قدرته على الانتصار على العدوان الإسرائيلي وامتصاص هجومه بقدرة لا يكاد يستوعبها العقل الإنساني العادي، فما صبته إسرائيل من نار وحمم لو صبته على جبال لأزيلت ولكن الشعب الفلسطيني مازال باقياً وحياً وراسخاً ومتابعاً لنضاله.. لقد واجه الشعب الفلسطيني ومازال وسائل الدمار والقتل بقدرته على التحمل والتضحية والصمود والإصرار، وهذا الكلام حتى العدو نفسه اعترف به، لأن الشعب الفلسطيني من الصعب تصور الانتصار عليه كما كان قادة المشروع الصهيوني يحلمون.. غولدا مائير قالت يوماً لا أعرف شيئاً اسمه الشعب الفلسطيني.. أين نحن من هذه المقولة اليوم؟ الشعب الفلسطيني مازال هو الصداع الذي يصيب رأس العالم كله بدوار ولن يتعافى هذا العالم إذا لم يأخذ الشعب الفلسطيني حقه في وطنه.

    أيضاً في الدفاع، العدو لا يتفوق علينا، والسر هو في أدواتنا المهاجمة التي لا يستطيع العدو أن يتصدى لها، نحن أدواتنا بدائية وبسيطة لكنها تربك العدو وتؤلمه ولا يستطيع أن يتصدى لها بسهولة، والعامل البشري والإنساني هو حجر الزاوية في جهادنا ومقاومتنا. لو كانت المواجهة جيش أمام جيش فان إسرائيل ستنتصر بسهولة، ولكن رابين قالها منذ زمن كيف نستطيع أن نواجه من يأتي وقد أخذ قراراً بالموت ويفجر نفسه.. كذلك الصواريخ التي يسخر منها محمود عباس ويقول إنها عبثية من يتصور أن الشعب الفلسطيني بإمكانيات بسيطة جداً يستطيع أن يخترع من مواد شعبية محلية صاروخ يصل مداه إلى أكثر من 20 كيلومترا ويضع أكثر من ربع مليون إسرائيلي في مرمى نار المقاومة الفلسطينية، هذه هي المعجزة الفلسطينية ومعجزة الصمود والإرادة التي لا تنكسر.

    العنف من إيديولوجية العدو

    ٭ البعض يتهم هذه الصواريخ بأنها السبب في المجازر التي ترتكبها إسرائيل؟

    - للأسف، هذه الاتهامات هي تبرئة لإسرائيل من كل ما فعلته بحقنا منذ احتلال فلسطين إلى اليوم.. بمعنى أن المشروع الصهيوني عندما احتل فلسطين لم تكن الصواريخ موجودة، وعند مجزرة دير ياسين هل كانت صواريخنا موجودة؟ وهل في مجزرة كفر قاسم كانت الصواريخ موجودة؟ الإسرائيلي ليس بحاجة إلى ذرائع ومبررات، فالضفة الغربية ليس فيها صواريخ، ولكن مع ذلك إسرائيل تمارس عادة القتل اليومي بحق الشعب الفلسطيني، فالإرهاب والعنف هما جزء من الإيديولوجية الإسرائيلية، وجزء من العقيدة الصهيونية التي تسعى للقتل والإرهاب حتى تجبر الطرف الآخر على الاستسلام، ولكن نحن لن نستسلم ولن نرحل فالشعب الفلسطيني سينزرع في هذه الأرض حتى ينال كامل حقه فيها.

    التقريب بين الفصائل

    ٭ هناك مساع تقوم بها بعض الدول تحديداً مصر للتهدئة بين الفصائل وإسرائيل فما حقيقة هذا الدور وهل بالفعل هناك مساع تبذل في هذا الجانب؟

    - المساعي موجودة، ولكن بتقديري الشخصي لن تفلح في تحقيق تهدئة يكتب لها النجاح لأن التهدئة بحاجة إلى راعٍ قوي يضع لهذه التهدئة شروطاً ويلزم بها أطراف التهدئة.

    فما حدث على الأرض منذ توقيع اتفاق القاهرة الذي رعته مصر هو أن الطرف الفلسطيني التزم بالتهدئة لكن إسرائيل منذ اللحظة الأولى قالت إنها غير معنية بها واستمرت في عدوانها على الشعب الفلسطيني بالاجتياحات والقتل والتدمير والاعتقالات.. وإذا أردنا أن نتحدث عن تهدئة لابد أن تكون تهدئة متبادلة متزامنة وشاملة ولابد أن يكون هناك طرف قوي يستطيع أن يلزم إسرائيل بهذه التهدئة، فإسرائيل تعتقد أن التهدئة يجب أن تكون من طرف واحد والفلسطينيون يجب أن يلقوا السلاح ويرفعوا الراية البيضاء وأن إسرائيل لها الحق في أن تكون مطلوقة اليد على مدار 24 ساعة تجتاح أي مدينة وأي قرية فلسطينية، وتقتل من تشاء وتعتقل من تشاء، هذا هو التصور الإسرائيلي للتهدئة. وبالنسبة لنا فإن فصائل المقاومة مجتمعة لا يمكن أن تقبل بهذا النوع من التهدئة، وإذا كان هناك طرف عربي يستطيع أن يحقق تهدئة يلزم فيها إسرائيل ويكف يدها عن الشعب الفلسطيني فليتفضل ونحن نرحب بذلك.

    تهدئة مؤقتة

    ٭ هل هناك ضمانات معينة تطلبونها للقبول بالتهدئة؟

    - عندما يكون هناك حديث عن التهدئة يتم التركيز فيه عن التبادلية أي أن تبدأ إسرائيل بوقف عدوانها على الشعب الفلسطيني، وأن يتم فك الحصار عن قطاع غزة بالكامل، وأن يتم فتح المعابر والأمر الثالث أن هناك أسرى ومعتقلين كثيرون منهم ليس عندهم قضايا أمنية ولم تصدر ضدهم أحكام.. إسرائيل في الآونة الأخيرة اعتقلت الآلاف، يجب أن يتوقف كل هذا وأن ينتهي حتى يتم الحديث عن تهدئة يلتقط فيها الشعب الفلسطيني أنفاسه ويلملم جراحة. ومن هنا نحن نفرق بين التهدئة المؤقتة والمشروطة كإجراء لإدارة الصراع مع هذا العدو وبين التهدئة طويلة الأمد التي تأتي ضمن تصور لحل سياسي، فنحن لا نطرح هذا النوع من التهدئة ولا نعتقد أنها مفيدة أو تأتي بنتيجة، ولكننا نتكلم عن تهدئة مؤقتة لتسهيل معيشة الشعب الفلسطيني وتخفيف المعاناة عنه دون أن تعني الإقرار بشرعية الاحتلال أو التسليم بوجوده، لأن التهدئة المؤقتة تعلق العمليات مؤقتاً لكنها لا تمس مشروعية المقاومة بأي حال من الأحوال.

    سلوك إسرائيل لا يسمح بالتهدئة

    ٭ كم المدة الزمنية التي ترونها مناسبة للتهدئة؟

    - نحن لا نتحدث في تفاصيل زمن التهدئة، أي كم تكون المدة بالضبط، مع تأكيدنا على المدى القصير والتكتيكي لها، ونحن في كل الأحوال نعتقد أن أي تهدئة تتم مع الاحتلال لن يكتب لها النجاح ولن تعمر طويلاً، لأن سلوك إسرائيل لا يسمح لها لأن تكون طرفاً في تهدئة، فعدوان إسرائيل ليس القتل فقط، بل قد تجتاح إسرائيل مدن الضفة الغربية يومياً فهذه الاجتياحات انتهاك للتهدئة، والاعتقالات انتهاك للتهدئة، والحواجز انتهاك للتهدئة، وهدم البيوت أيضاً هو انتهاك لها، وتجريف الأراضي وقطع الأشجار، ومصادرة الأراضي، وبناء الجدار، والاستيطان، كل هذه انتهاكات تمارسها إسرائيل بشكل يومي والطبيعة الصهيونية لا تسمح أبداً بالتوقف عن هذه الجرائم أي لا تسمح بالتهدئة.

    فرقة في الصف الفلسطيني

    ٭ في حديث سابق توقعتم حدوث فرقة في الصف الفلسطيني وقد حدث ما حدث اليوم.. وبعد مضي أشهر عدة والفرقة الفلسطينية قائمة فهل هناك حل للاختراقات القائمة على الساحة الفلسطينية بين فتح وحماس وخاصة أن لكم جهوداً في هذا المجال؟

    - للأسف، لا أعتقد أن هناك طرفاً فلسطينياً أو عربياً يمتلك تصوراً واضحاً لحل الأزمة الفلسطينية الراهنة أو كيفية الخروج من هذا المأزق الذي وصلت إليه الساحة الفلسطينية بالنزاع بين فتح وحماس.. إن المهم في هذا الموضوع أن القرار ليس فلسطينياً فقط، بل هناك فيتو إسرائيلي-أمريكي على الوحدة الفلسطينية.. ممنوع على الفلسطينيين أن يتحاوروا وممنوع أن يتوحدوا ويجب أن يستمر هذا الانقسام لأنه وضع مريح جداً للسياسة الإسرائيلية، وبالتالي ما لم يرفع هذا الفيتو، فلا أتوقع أن يكون في المدى القريب فرصة للقاءات والحوارات للخروج من هذه المشكلة، خاصة أن كل طرف يصر على رؤيته ومطالبه. فحماس تصر على التمسك بوضع قطاع غزة بعد سيطرتها عليه وتعتبر نفسها حكومة شرعية وآن الآخرين هم الذين انقلبوا عليها، وحركة فتح في المقابل تعتبر أن حماس نفذت انقلاباً في قطاع غزة وأن عليها أن تتراجع عن هذا الانقلاب حتى يكون لقاء وحوارا وإعادة اللحمة للصف الفلسطيني.

    إعادة اللحمة الفلسطينية

    ٭ هل لكم أن تجددوا هذه المبادرة لإعادة اللحمة في الصف الفلسطيني؟

    - حاولنا مرات كثيرة ولو كان الأمر يتعلق بحماس فنحن وجدنا استجابة وتعاطيا إيجابيا ومرونة، ولكن التشدد موجود لدى رئيس السلطة، ولهذا السبب فأنا أعتقد أن تشدد أبو مازن مرجعه الموقف الأمريكي والإسرائيلي وليس حركة فتح.. وأنا لا أظن أن استمرار هذا الانقسام يمكن أن يفيد فتح أو حتى سلطة أبو مازن. الإسرائيلي فقط هو المستفيد، فطالما أن الانقسام موجود، فالإسرائيلي سيتعامل مع سلطة أبو مازن باعتبارها سلطة ضعيفة وسيتهرب من أي استحقاق يقدم لأبو مازن فيما يسمى عملية التسوية أو المفاوضات. فأبو مازن خاسر على كل المستويات، والأولى به أن ينطلق فلسطينياً وأن يقدم بعض التنازلات للخروج من هذا المأزق لإنهاء حالة الانقسام.

    علاقتنا مع حماس جيدة

    ٭ ما علاقتكم مع حركة حماس وخاصة أن الفترة الماضية شهدت نوعاً من التوتر؟

    - تربطنا بحركة حماس علاقة جيدة، والتوترات التي حصلت بعد سيطرة حماس على غزة كانت أحداثاً ميدانية محدودة وتم السيطرة عليها وتجاوزها، واللقاءات بيننا عادية وطبيعية، وهناك لقاءات مستمرة وحوارات بيننا وبينهم، وهناك احترام للمواقف وتبادل في وجهات النظر خاصة أننا نعتبر أنفسنا نحن وحماس على المستوى الإيديولوجي وعلى صعيد البرنامج الكفاحي في خندق واحد.. ويجمعنا بحماس هدف واحد وهو تحرير الأرض بالمقاومة الإسلامية.. اختلفنا عن الإخوة في حماس فيما يتعلق بالمشاركة في السلطة، وكان لهم اجتهادهم الخاص الذي نقدره ونتفهمه، ونحن أيضا لديناً اجتهادنا بأن المشاركة في السلطة غير مفيدة لنا كحركات إسلامية، وقد تكون على حساب برنامج المقاومة أو قد يدفع الشعب الفلسطيني الثمن لما يترتب على هذه المشاركة، ونحن في غنى عنها.. ورؤيتنا قائمة على أن هناك برنامجين في الساحة الفلسطينية، برنامج مقاومة وبرنامج المفاوضات السياسية والتسوية، ولا يمكن الجمع بينهما، ولكن يمكن أن يتعايش أصحاب البرنامجين بألا يلغي كل طرف الطرف الآخر.. أي أننا نؤمن بالشراكة لكن ليس على قاعدة الخلط بين البرامج، بل على قاعدة التمايز وتوزيع الأدوار إلى أن تتحسن موازين القوى المحلية والإقليمية والدولية، أما هذه المرحلة بما فيها من ضعف للوضع العربي والإسلامي والانحياز المطلق لإسرائيل دولياً وأمريكياً ليست هي المرحلة التي يدخل فيها الشعب الفلسطيني في تدافع وتنازع داخلي على الخيارات والبرامج.

    تنسيق فلسطيني - إسرائيلي

    ٭ ما حقيقة وجود تنسيق أمني بين الأجهزة الأمنية للسلطة مع إسرائيل ووجود اعتقالات في صفوف حركات المقاومة خاصة في الضفة الغربية؟

    - حقيقة التنسيق الأمني بين إسرائيل وأجهزة أمن السلطة ليست معادلة صعبة بحاجة إلى عبقري ليحلها أو يدلل عليها، لأن السلطة من الأساس، وبموجب اتفاق أوسلو، التنسيق الأمني وظيفة أساسية لها، وعلى طول سنوات أوسلو، كانت مهمة أجهزة أمن السلطة أن تقدم المعلومات لإسرائيل عن المجاهدين والعمليات، وأن هناك الكثير من العمليات التي تم إجهاضها والكثير من المجاهدين تمت ملاحقتهم وتمت تصفيتهم في ضوء معلومات حصل عليها العدو بالتنسيق بين أجهزة أمن السلطة وإسرائيل. هذا عوضاً عن الاختراق الذي تمارسه إسرائيل لأجهزة أمن السلطة، بمعني أن بهذه الأجهزة من هو مرتبط مباشرة بإسرائيل ويقدم لها المعلومات عن الشعب الفلسطيني ومجاهديه. ثم إن السلطة لا تقوم بأي حماية للمجاهدين من أبناء الشعب الفلسطيني، فالضفة الغربية تحت الاحتلال مع أن السلطة موجودة والعدو يجتاح ويغتال على مسمع ومرأى من السلطة وأجهزتها. وأين السلطة في بيت لحم عندما دخلت إسرائيل في وضح النهار واغتالت أربعة مجاهدين وخامس في طولكرم، فماذا فعلت السلطة وأجهزة أمن السلطة، لا شيء! إذن ستظل السلطة متهمة حتى تؤمن حماية للمجاهدين والشعب والفلسطيني، أما أن توجد الأجهزة في مناطق السلطة المستباحة إسرائيلياً ثم تكمل هي دور إسرائيل في ملاحقة وقمع المجاهدين فهذه وصمة عار لهم.



    ما حدث في غزة سيتكرر في الضفة

    ٭ هل يمكن أن يتكرر هذا السيناريو؟

    - بالنسبة للوضع الفلسطيني يمكن أن يتكرر، أنا لا أستبعد ذلك، خاصة بالنسبة لتوازنات الوضع الداخلي الفلسطيني، فإن ما حدث في غزة يمكن أن يحدث في الضفة، ولكن هناك مانع يتمثل في العامل الإسرائيلي حيث إن إسرائيل تمارس احتلالاً مباشراً في الضفة الغربية، وبالتالي فإن وجود الاحتلال الإسرائيلي هو الذي يحول دون ذلك، فلو انسحبت إسرائيل من الضفة الغربية وتركت الضفة كما كان قطاع غزة في داخله متروكاً للفلسطينيين، أنا أعتقد أن ما حصل في غزة يمكن أن يتكرر في الضفة، كما أن فشل المفاوضات وعدم حصول أبو مازن على شيء من الإسرائيليين في النهاية سيصب في مصلحة مشروع المقاومة وسيزيد من التفاف الشعب الفلسطيني حوله، لذلك نحن ننصح الأخوة في فتح أن يراجعوا كل مسيرة التسوية التي دخلوا بها وأدخلوا الشعب الفلسطيني والقضية في نفقها المظلم، قبل فوات الأوان، ينبغي أن يكون في درس غزة عبرة للعودة إلى الأصول والثوابت وليس مزيدا من الرهان على إسرائيل والارتماء في أحضانها كما تفعل حكومة فياض.

    حافز لمزيد من الحذر

    ٭ أنتم تعيشون في العاصمة السورية دمشق وشهدت قبل مدة اغتيال لأحد قادة حزب الله هل هذا الاغتيال قد أثر على تحركاتكم وأعطاكم مؤشرات على اختراق إسرائيلي يمكن أن تحد من تحركاتكم؟

    - بلا شك أن عملية اغتيال الشهيد القائد عماد مغنية في دمشق لها دلالات كثيرة، ولكن بالنسبة للاستهداف الإسرائيلي أو التهديد الإسرائيلي فهو ليس جديداً، ربما كان الاغتيال بهذا الحجم وفي هذا المكان، حافزاً إضافياً لنا لأخذ المزيد من إجراءات الحيطة والحذر في مواجهة عدو لديه الإمكانات والإصرار على استئصال كل من يحمل راية المقاومة ويسير في ركب المقاومة.

    لن نسقط في حبال إسرائيل

    ٭ هل يحد هذا من تحركاتكم؟


    - ربما نغير من نمط حركتنا ولكن إذا حد التهديد الإسرائيلي من حركتنا فنحن نحقق له أهدافه لأنه في النهاية هو يريد أن يشل فاعليتنا وحركتنا سواء بالتهديد أو الاغتيال.. ولا ينبغي أن نسقط في حبال سياسته الأمنية، بل يجب أن نتصدى لها بإجراءات ووسائل أخرى، ثم نحن مطمئنون ولسنا قلقين على حياتنا أو مصيرنا لأن الأعمار بيد الله سبحانه وتعالى.. الحذر واجب، ولكن نحن على ثقة بأن ما يقدره لنا الله سبحانه وتعالى سيصيبنا «قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا».

    نأمل أن تكون فلسطين حاضرة في القمة

    ٭ نحن على أعتاب انعقاد قمة عربية فما هو المؤمل من هذه القمة؟

    - إذا أردنا أن نتحدث بصراحة تاريخيا فنحن لدينا تجارب مع مؤتمرات القمة أنها لم تعد على قضيتنا بأي مردود حقيقي، وان لا أعول الكثير على القمة العربية، وفي خضم الضجيج والصخب الذي يثار حول انعقاد القمة في دمشق وبعض المحاولات التي مورست من هنا وهناك بأن لا تعقد القمة، وأن تسحب هذه الورقة من سوريا وكأنها شيء كبير، فأنا أعجب ما الذي ستفقده سوريا لو لم تعقد القمة على أراضيها، برأيي لا شيء، لأن هذه القمم لا تعتبر إنجازاً هاماً يوازي التحديات والمخاطر التي تعيشها أمتنا اليوم. ربما محاولات البعض ومساعي أمريكا وتحريضها بألا تعقد القمة في دمشق هو الذي يعطي هذه القمة أهمية بحيث يصبح مجرد انعقادها هو انتصار لسوريا.. وانتصار سوريا في هذه المعركة السياسية هو انتصار لإرادة الشعوب لأن الصراع في المنطقة أصبح واضحاً ليس صراعاً بين معسكرين، متشدد ومعتدل، كما يقولون، بل بين إرادتين، إرادة المقاومة والممانعة في مواجهة الهجمة الأمريكية والصهيونية، وإرادة الاستسلام والهزيمة التي تريد تسليم مفاتيح المنطقة وقرارها ومصيرها للإدارة الأمريكية وتل أبيب.

    أما وقد شارفت القمة على الانعقاد، فنحن نأمل أن تكون هذه القمة قمة فلسطين بأن تكون فلسطين حاضرة، ولو من باب التعاطف المعنوي على الأقل، وإن كان هذا ليس كل ما تريده فلسطين التي تذبح من الوريد إلى الوريد بسلاح حلفاء النظام العربي. فلسطين ضاعت كجزء من الأرض العربية والإسلامية، ضاعت في صراع طويل ومرير مع المشروع الصهيوني، والنظام العربي على مختلف ألوانه، على مدار العقود، تحمل جزءاً كبيراً من وزر ضياع فلسطين، وبالتالي العرب في كل القمم قالوا إن فلسطين ضاعت ولكنهم لم يقولوا كيف ومتى تعود؟

    النظام العربي لا يريد أن يسمع منا نحن الشعوب وحركات المقاومة بأن فلسطين يجب أن تعود، ويمكن أن تعود، بالإصرار والمقاومة وبالصمود؛ لأن المشروع الصهيوني قد جلب اليهود من كافة بقاع العالم وقرر أن تكون إسرائيل موطناً آمناً لهم، فماذا كانت النتيجة؟ اليوم اليهودي يأمن في أي مكان بالعالم إلا في فلسطين.. هذه هي المعادلة التي سيستمر بها مشروع المقاومة والصمود الذي نسير فيه.

    المبادرة العربية تشبه وعد بلفور

    ٭ لقد وصفتم المبادرة العربية في لقاء سابق بأنه وعد بلفور جديد واليوم المبادرة العربية ستكون مطروحة على القمة العربية القادمة فهل تؤيدون إلغاء هذه المبادرة نهائياً وسحبها وطرح خيارات أخرى عربية؟

    - عندما قلت بأن المبادرة العربية تشبه وعد بلفور فلم أتجنَ على أحد لأننا تعلمنا منذ الصغر أن وعد بلفور كان معادياً للأمة العربية والإسلامية وأن من لا يملك أعطى من لا يستحق إشارة إلى بريطانيا والحركة الصهيونية، وإذا كنا نؤمن بأن فلسطين أرض عربية وإسلامية فنحن أمام وضع كارثي لأن «من يملك أعطى من لا يستحق» وإذا كان أصحاب الحق وقعوا على أن الطرف الآخر ـ أي العدو ـ يستحق العطاء، فإن التناقض الموجود في جوهر المبادرة نفسها يلغيها. فإذا كان العرب في المبادرة العربية يعتقدون بأن من حق إسرائيل أن تأخذ حيفا ويافا واللد والرملة وبئر السبع وكل مناطق الـ 48 أي ما يعادل 80% من فلسطين، فما الذي يمنع من أن يكون لها حق في الـ 20% الباقية، أي في الضفة وغزة؟ فالذي يقر بشرعية إسرائيل في أي جزء من أرض فلسطين إنما يقر بشرعيتها في الأجزاء الباقية؟ ما الذي يمنع من سحب الشرعية الموجودة لإسرائيل في حيفا ويافا، حسب المبادرة العربية، لتطال نابلس والقدس والخليل وجنين وغزة وغيرها. وإسرائيل تعتبر الذي فرط بحيفا ويافا والناصر وصفد وكل مناطق الـ 48 يمكن أن يفرط بالباقي من الأرض، والضغط الذي أجبره على التفريط بذلك سيجبره مرة أخرى بالتفريط فيما تبقى من الأرض والحقوق. لذلك فإن المبادرة برأينا ليست مشروعاً حقيقياً يمكن التعويل عليه، وبعض العرب قالوا نريدها صورة فقط لنقول للعالم نحن قدمنا ما عندنا والمشكلة عند إسرائيل.. ألم يتأكد العالم طوال هذه السنوات أن المشكلة عند إسرائيل؟ وهل أصبح الوطن العربي فاقداً للمبادرات إلى هذا الحد؟! للأسف أعتقد أن النظام العربي بمجموعه لم يبق أمامه إلا أن يصطدم بجدار كبير جداً حتى يفيق ويدرك أن الطريق الذي يسلكه في الرهان على أمريكا وإسرائيل هو طريق الهلاك، وهو طريق لا تقبل به الشعوب، ولهذا السبب قال شارون إن المبادرة لا تساوي الحبر الذي كتبت به لأن العرب عرضوا عليه التطبيع مقابل أن يأخذوا منه الضفة وغزة والجولان.. وشارون يدرك أن التطبيع ليس بيد الأنظمة والحكومات، فشعر أن الحكومات يبيعون إليه ورقة لا يملكونها، فالذي يملك ورقة التطبيع هي الشعوب التي لا يمكن أن تقبل بالظلم الذي تمثله إسرائيل على الأرض العربية والإسلامية.

    أما عن إلغاء المبادرة أو سحبها وطرح خيارات بديلة، فالأمر يتوقف على الاتجاه الذي سيسلكه النظام العربي، هل سيتخلى عن المبادرة باتجاه التخلي الكامل عن فلسطين والتنصل من أي مسؤولية عربية تجاه الصراع مع إسرائيل، أم أنه سيراجع نفسه وحساباته ويسلك طريقاً جديداً، لا نقول طريق الحرب والمواجهة، فنحن ندرك أن الأنظمة لن تحارب، بل على الأقل طريق التضامن والتكاتف من أجل مواجهة غطرسة إسرائيل وتأمين حد أدنى من الحماية والدعم لقوى المقاومة التي تنوب عن الأمة في التصدي للمشروع الأمريكي والصهيوني في المنطقة؟

    بين الرفض المطلق والقبول المطلق بإسرائيل

    ٭ في رأيكم أي الطرق وأي الخيارات سيختار العرب؟

    - النظام العربي، وكما قلت في البداية فهم في معظمهم للأسف متحالفون مع إسرائيل والولايات المتحدة.. وهذا ليس اتهاماً، بل هي القراءة الدقيقة والموضوعية لسلوك النظام العربي في هذه المرحلة.. وإذا أردنا أن نتأكد من ذلك فلنأخذ موقف العرب من إسرائيل، وكذلك الإدراك الصهيوني لوجود إسرائيل في قلب المنطقة.. أعتقد أن الإدراك الصهيوني لوجود إسرائيل على هذه الأرض مر بثلاث مراحل: المرحلة الأولى، مرحلة الرفض المطلق لإسرائيل، واستمرت منذ بداية الصراع إلى 1979 عندما وقع السادات معاهدة الصلح مع إسرائيل، وعنوان تلك المرحلة كان الرفض المطلق من الأمة كلها لإسرائيل وسميت المرحلة بمرحلة الصراع العربي الإسرائيلي، ومعاهدة كامب ديفيد افتتحت مرحلة جديدة في المنطقة اسمها مرحلة القبول الإجباري بإسرائيل، وانتهاء الصراع العربي-الإسرائيلي وتحوله إلى صراع فلسطيني إسرائيلي فقط. وفي العقل الإسرائيلي هناك مرحلة لم تبدأ بعد ولن تبدأ بإذن الله، وهي مربط الفرس لهذا الصراع في المنطقة، إسرائيل تريد أن تدخل المنطقة مرحلة القبول الاختياري والطوعي بإسرائيل وأن تصبح إسرائيل دولة طبيعية مثلها مثل أي دولة عربية أو إسلامية على الخريطة.

    هذه المرحلة موجودة في العقل الإسرائيلي، ولكنها لن تأتي ولن تترجم في الواقع، لأن المنطقة بحركات المقاومة الإسلامية تعود إلى الرفض المطلق لإسرائيل.. والمنطقة الآن تشهد صراعاً بين رؤيتين وبين تيارين في المنطقة ومعسكرين: الأول، يريد أن يأخذ المنطقة إلى القبول المطلق بإسرائيل والتسليم بها كأمر واقع بل أكثر من ذلك أمر واقع نحبه ونرحب به ونحمد الله أن من علينا بجارتنا وحبيبتنا إسرائيل، هذا المعسكر تمثله معظم الأنظمة والحكومات.. والثاني، هو معسكر ومشروع المقاومة الذي يريد أن يأخذ المنطقة إلى مرحلة الرفض المطلق لإسرائيل.. والمنطقة عالقة بين هاتين الرؤيتين وما يجري هو صراع وتدافع بينهما.

    نعتز بصداقتنا بإيران

    ٭ هل هناك مؤشرات لدخول الدول الإسلامية أو التيار الإسلامي غير العربي إلى معسكر الرفض؟ - إيران كدولة إسلامية متهمة أنها قاعدة أساسية لرفض إسرائيل وخطاب زوال إسرائيل لا أحد يتحدث به في الأنظمة والزعماء سوى أحمدي نجاد.

    أنتم متهمون بارتباطاتكم مع إيران؟

    ٭ نحن متهمون بأننا مرتبطون بمن لا يحبون إسرائيل وهذا شرف كبير لنا... ولا يشرفنا ان نصنف بأننا في إطار من تحبهم إسرائيل.. هل تتلقون دعما عسكريا من إيران؟

    - نحن شعب فلسطيني عربي مسلم أرضنا محتلة وحقوقنا مغتصبة، وعندما تأتي إيران أو أي دولة في العالم وتمد يد العون لنا بأي شكل من أشكال الدعم لا أظن انه يحق لأحد أن يلومنا بقبول دعم إيران ومساندتها لنا فهي تعيننا على استعادة حقنا المغتصب في فلسطين.. وهل هذه جريمة وتهمة؟ وماذا يسمي الآخرون علاقاتهم بإسرائيل وصمتهم عن جرائم إسرائيل ورفع أعلام إسرائيل في عواصمهم، ماذا يسمون هذا؟. الكويت مثلاً استعانت بأمريكا عند حربها مع العراق واستعانت بدول غير إسلامية وجاؤوا وذبحوا العراقيين من أجل تحرير الكويت، فهل الاستعانة بالأمريكي والأوروبي بأن يأتي ليذبح العراقي من أجل تحرير الكويت يعتبر شرفا كبيرا وتصدر فيه فتاوى في الدول العربية أما الاستعانة بالإيراني لتحرير فلسطين فهذه جريمة وتهمة في العالم العربي، هل هذا منطقي وطبيعي؟ هل من العقل والمصلحة أن نصدق فزاعة «الخطر الإيراني» التي تروجها أبواق الدعاية الصهيونية في المنطقة وننسى «الخطر الإسرائيلي» والترسانة النووية الإسرائيلية التي تكفي لإبادة كل المنطقة عدة مرات؟!

    أنا كنت أتمنى أن أجد طرفاً عربياً واحداً ممن يلوموننا على علاقتنا بإيران حتى نعتز بدعمه وإسناده لنا كما تفعل إيران في دعم الشعب الفلسطيني، فبدلاً من أن نلوم إيران علينا أن نلوم أنفسنا كعرب.

    نريد التمسك بالجهاد

    ٭ ماذا تريد حركة الجهاد من الشعوب العربية؟

    - في الحديث عن الشعوب وإلى الشعوب لن أقول كلاماً مكرراً بأن على الشعوب أن تستيقظ وأن تمد يد العون للمقاومة وكفى الله المؤمنين شر القتال. سأتحدث في خلفية فهمنا ووعينا لموقع الشعوب وعلاقة الأمة بفلسطين ومستقبل الصراع من أجلها.

    نحن في ثقافتنا الإسلامية نعتبر أن أمتنا أمة واحدة، لذلك أنا لا أومن بالعبارة التي تقول الأمتين العربية والإسلامية.. الإيمان بالأمة الواحدة جعله الله تعبيراً عن العبودية له «وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون».. هي أُمة مخرجة وليست خارجة بإرادتها وهناك من أخرجها للناس وصنعها بهديه، وهو الله سبحانه وتعالى «كنتم خير أمة أخرجت للناس».

    نحن نعلم أن رسالة الإسلام هي الرسالة الخاتمة ونبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين.. محمد الذي لا يطيق الغرب اسمه ويعلن الحرب على أمته وعلى نبيها بالسخرية والاستهزاء في حرب صليبية جديدة.. لماذا هذه الحرب على نبي الإسلام وأمة الإسلام باسم الحرب على الإرهاب المزعوم؟ لأن الله سبحانه عندما ختم رسالات السماء لم يترك البشرية بلا رعاية إلهية تصوب مسيرتها نحو الهداية، كما كان يفعل عن طريق الأنبياء والرسالات السابقة. بل عهد بهذه المهمة إلى الأمة المخرجة للناس، بكتابها ومنهاجها الذي تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظه، فالمسلمون اليوم مؤتمنون على مسيرة البشرية كلها، لكن الأمة للأسف بتفريطها في هذا المنهج لم تعد أهلاً لحمل الأمانة حتى على مستوى واقعها ومصيرها فكيف بها وبالأمانة عن البشرية كلها.. المسافة شاسعة جداً ومخيفة.. من الطبيعي أن يستفزنا الغرب ويحرك مشاعر المسلمين حول رسوم الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم.. لكن هذا لا يكفي.. أين المسلمون عندما يستباح ميراث محمد صلى الله عليه وسلم في مسرى محمد ومعراجه إلى السماء في فلسطين؟ أين نحن عندما يستباح المسجد الأقصى ويتعرض لما سيحيله إلى حطام وركام في انتظار تحقيق الحلم الصهيوني ببناء الهيكل المزعوم على أنقاضه؟!

    إن تهديد المسجد الأقصى هو تهديد للبيت الحرام، نعم المسجد الحرام مهدد وقبلة المسلمين مهددة لأن قبلتهم الأولى استبيحت.. والرباط الذي ربطه الله تعالى بين المسجد الأقصى والمسجد الحرام في سورة الإسراء يؤكد ذلك.. وعندما تأتي السياسة لتقطع هذا الحبل الواصل بين مكة والقدس وتقطع أوصال العرب وتلقي بهم في حبائل السياسة الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة فماذا بقي من إسلامنا وديننا وعروبتنا وصدق انتمائنا لهذه الأمة؟

    معركتنا في القدس وفي فلسطين هي معركة على مصير الأمة وعقيدتها وهويتها ووجودها، ولا يظن أحد أنه إذا شطبت فلسطين من الخريطة وتم تثبيت إسرائيل حارسة مصالح أمريكا والغرب أن البيت الحرام وما حوله سيكون في مأمن، أو أننا في أي بقعة من بقاع الإسلام سنكون في مأمن.. إذا ضيعت فلسطين بهذه الاتفاقيات التي عقدتها بعض الدول العربية ومنظمة التحرير ستضيع هذه الأمة.. لكن هذا لن يحدث بإذن الله لأن أمتنا المخرجة من الله سبحانه وتعالى هي قدر الله عز وجل وهدية الله للبشرية كلها.. وقدر الله في النهاية سينفذ وستصحو الأمة لتؤدي رسالتها وشهادتها على العالم.. وهذا ليس من باب القدرية أو الاستسلام للعامل الغيبي فقط، بل هي دعوة للفعل والنهوض مع استحضار هذا العامل الذي كان له الدور الأهم في تأسيس الأمة ووجودها وحفظ مسيرتها وتحقيق انتصاراتها على مدار تاريخها، واليوم يتم استبعاده من أجل الاستسلام لموازين القوى الظالمة ولواقع الهزيمة والضعف بدعوى الواقعية، نحن نقول إن حالة العجز والضعف والهوان الراهنة هي ليست الأصل في حال الأمة، بل هي ابتلاء للأجيال الحاضرة التي سقطت في الامتحان ولم ترتق إلى مستوى التكليف الإلهي والدور التاريخي المنوط بهذه الأمة.. وحتى نخرج من هذه الحالة ليس أمامنا إلا الجهاد طريقاً لعزتنا وللدفاع عن أنفسنا في مواجهة من يمس ديننا وعقيدتنا ويغزو ويحتل أراضينا. لذلك، رسالتي وكلمتي الأخيرة للشعوب أن تنهض من سباتها، وأن تتمسك بدينها وعقيدتها وهويتها الحضارية أولاً وأن يحيوا فريضة الجهاد، ومن لم يستطع فعليه نصرة المجاهدين في كل مكان خاصة في فلسطين، فهي واجب وفرض على كل مسلم ومسلمة.
    التعديل الأخير تم بواسطة ابو لين; الساعة 23-03-2008, 04:22 PM.

  • #2
    لك الله يا أبا عبد الله كان الله في عونك
    اشتاقت الأرض لضم الأجساد ، وزادت غربة المؤمنين في البلاد ، وظهر الفساد وكأن مسيلمة وعهد الردة قد عاد

    ولكن يبقى للحق صولة والباطل سيباد ، لا كما نريد ولكن كما الله عز وجل أراد.

    تعليق


    • #3
      لنا الله يا أبا عبد الله
      وحفظك الله ورعاك
      ونفع الله بك الإسلام

      تعليق


      • #4
        لله درك ايها الاسد ابا عبد الله
        [B]
        صبرا أخي فطريقنا من نيران..ولا لن نرتاح الا في الجنان.فالحور تنادينا للرضوان. هناك نعانق الاخوان

        تعليق


        • #5
          الدكتور رمضان شلح:فلسطين تذبح اليوم من الوريد إلى الوريد بسلاح حلفاء النظام العربي،




          الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في حوار شامل مع الشرق:

          دكتور رمضان شلح : التهدئة لابد أن تكون متبادلة متزامنة وشاملة و طرف قوي يلزم "الكيان الصهيوني" بشروطها

          أجرى الحوار في دمشق - جابر الحرمي :

          انتقد الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الدكتور رمضان عبدالله شلح المفاوضات التي تجريها السلطة الفلسطينية مع الجانب الصهيوني برعاية أمريكية في وقت يرتكب فيه الكيان مجازر في غزة، وقال إن الإصرار على هذه المفاوضات ينذر بوجود صفقة بين محمود عباس وأولمرت. وأشار إلى ان السلطة الفلسطينية جاهزة لتقديم الكثير من التنازلات، ولديها الاستعداد للبيع بأي ثمن، داعيا فتح إلى مراجعة مسيرة التسوية التي دخلت بها وادخلت الشعب الفلسطيني والقضية في نفق مظلم.

          وانتقد د. شلح في حوار شامل مع «الشرق» النظام العربي وقال إنه اصبح في صف الكيان الصهيوني، مشيرا إلى ان فلسطين تذبح اليوم من الوريد إلى الوريد بسلاح حلفاء النظام العربي. وكشف عن وجود مساع لإيجاد تهدئة بين فصائل المقاومة والكيان، مقللا من نجاح هذه المساعي، مشترطا لنجاحها ان تكون تهدئة متبادلة ومتزامنة وشاملة، وان تبدأ بوقف العدوان وفك الحصار عن غزة وفتح المعابر وإطلاق الأسرى.

          وفيما يلي نص الحوار :



          ٭ حدثنا عن المحرقة الجارية في غزة وفي الأراضي الفلسطينية عموما وكيف تصفون هذه المحرقة إضافة إلى الصمت القائم حالياً عربياً ودولياً؟

          - بداية لابد أن أشير إلى أن مجرد استخدام اسم المحرقة في وصف ما يقوم به العدو الصهيوني من جرائم في حق الشعب الفلسطيني هو وصمة عار في جبين الإنسانية كلها... أن يجرؤ العدو على استخدام هذا الاسم الذي يعتبر من المحرمات إذا استخدم بالإشارة إلى ما حدث لليهود في أوروبا، ثم الآن يستخدم كأنه أمر طبيعي ولا أحد يهتز له جفن في العالم، هذا يدل على أن العالم كله وللأسف كأنه أصبح في قبضة اليهود وفي قبضة الصهاينة.. المحرقة جريمة صهيونية ليست جديدة، وهي تعبير عن برنامج يمارسه العدو الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني على مدار الوقت، لكن الحملة الأخيرة التي أطلقها من وحي الاسم، كان ذلك يدل على اعتقاده أنها الجولة الأخيرة التي سينهي من خلالها المقاومة في قطاع غزة، وأن يسحق الشعب الفلسطيني وأن يكسر إرادته، وأن يحقق ما يريد.. ولكنه فوجئ بصمود الشعب الفلسطيني وبأداء المقاومة في قطاع غزة، فانكفأ مدحوراً ولم يستطع تحقيق أهدافه، لا بتأمين أمن الكيان والمستوطنات المحيطة بقطاع غزة، ولا بإجهاض مقاومة الشعب الفلسطيني ولا حتى إسقاط ما يعتبره حكومة أو سيطرة حماس في غزة، بل المفاجأة الكبرى كانت له ولكل من كان يسخر بالمقاومة وبصواريخها هي الصواريخ، لأن هذه الصواريخ بدلاً من أن تطال أهدافاً على بعد 8 كيلومترات فقط، أصبحت تطال أبعد وأقصى نقطة في مدينة عسقلان شمال قطاع غزة ليصبح أكثر من 250 ألف صهيوني في محيط قطاع غزة في مرمى صواريخ المقاومة. والمحرقة انقلبت على العدو الصهيوني، فما جرى بالمعنى العسكري والسياسي والأمني كان محرقة لإسرائيل وليس للشعب الفلسطيني، برغم ارتفاع عدد الضحايا في الجانب الفلسطيني.. فالغالبية العظمى من الشهداء كانوا من النساء والأطفال، وهذا ليس إنجازاً عسكرياً ولا سياسياً.. أن يستطيع الشعب الفلسطيني بهذه الإمكانات المتواضعة جداً أن يحقق قدراً من توازن الرعب وتوازن الردع وتوازن القوة بحيث يجبر العدو على وقف العدوان وعدم التقدم لأن عمقه مهدد بصواريخ المقاومة، فهذه محرقة بحق الكيان وليست محرقة بحق الشعب الفلسطيني.

          صمت عربي مفجع

          ٭ إذا كنا نقول إن هناك صمتاً عالمياً فماذا عن الصمت العربي والإسلامي؟

          - إذا أردنا أن نتكلم بالبعد العاطفي والإنساني وما يربط العرب بفلسطين فلا نستطيع أن نتحدث عن الصمت العربي بشيء جديد، لأن الناس ملت من الشكوى والإدانة لهذا الصمت المفجع، ولكن إذا أردنا أن نحلل هذا الصمت سياسياً، فإن الموقف الطبيعي للنظام العربي الآن، على ما هو عليه، وعلى ما نعرف من أحواله وتبعيته وارتباطه بعجلة السياسة الأمريكية والصهيونية في المنطقة، يجب أن نحمد الله على الصمت العربي لأن الوضع الطبيعي أنهم أصبحوا في صف الكيان. النظام العربي أصبح في صف الكيان، وأصبح في صف أمريكا في العلن. قبل سنوات عندما كانت بعض الحركات الإسلامية تتحدث عن أن النظام العربي هو الوجه الآخر للصهاينة وأن الأنظمة العربية تتبع لمنظومة الغرب الفكرية والسياسية وتمثل الوكلاء للغرب ومصالح الغرب، كان هذا الكلام يعتبر من قبيل التطرف ولا يلقى القبول بل الإدانة في الأوساط التي تدعي العقلانية. اليوم الفرز في المنطقة أصبح واضحاً.. أمريكا والصهاينة يريدون تثبيت الكيان في المنطقة كدولة طبيعية مثلها مثل أي دولة عربية وإسلامية، أما الغريب والنشاز في هذه المنطقة، في سياسة أمريكا والصهاينة، فهو الشعب الفلسطيني والدولة الفلسطينية التي لم تولد بعد.. جورج بوش وعد الناس بدولة فلسطينية ولكنه أعلن أن الكيان دولة يهودية. ولم ير الناس أي أثر للدولة الفلسطينية التي وعد بها جورج بوش، ومشروعهم في المنطقة هو تثبيت إسرائيل كقوة مركزية مهيمنة على الوضع الإقليمي، وأن الجميع إذا أراد أن يسلم وأن يبقى في الحكم فعليه أن يصادق الكيان ويصاحبها وأن يتعاطف مع الكيان ويراعي مصالحها وأمنها، وأن يشيح بوجهه أو يغض الطرف عما يفعله الكيان من جرائم بحق إخوانهم من العرب والمسلمين في فلسطين.

          صمودنا هو الخيار

          ٭ ما الخيارات أمام المقاومة في ظل هذا الحصار العربي والإقليمي والدولي الذي يحيط بكم؟

          - منذ الانتفاضة الأولى في عام 1987 والشعب الفلسطيني يواصل نضاله بالاعتماد على قوته الذاتية أولاً، هذا بعد الله سبحانه وتعالى، ولم يعد الشعب الفلسطيني يدير صراعه مع اليهود بالاستناد إلى دور عربي أو إسلامي أو دولي، بل الصمود الفلسطيني منذ الانتفاضة الأولى حتى اليوم قوة الدفع الذاتية فيه هو صمود الشعب الفلسطيني وتضحياته والشهداء والإرادة الفلسطينية ومواصلة طريق الجهاد والمقاومة.. وهناك رافعة أساسية شكلت حاضنة وهي جماهير الشعوب العربية والإسلامية وبما تقدمه من الدعم المادي والمعنوي والدعاء وكل مظاهر الدعم والإسناد التي تؤكد أن فلسطين لازالت حية في قلوب شعوب الأمة العربية والإسلامية. هذا هو الذي أبقى القضية حية حتى اليوم، ونحن سنستمر في السنوات القادمة إن شاء الله تعالى، على نفس المنوال بالاستناد إلى إيماننا بالله أولاً، ثم إيماننا وثقتنا بأننا في فلسطين أصحاب حق وأن هذا العدو والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين هو عدوان لا يمكن أن نسلم بشرعيته وسنستمر في مقاومته حتى لو بقينا لوحدنا دون أي إسناد من أي طرف في العالم. فخيارنا استمرار المقاومة ولا نلتفت أبدا لأي مساومات او أي رهانات على خيارات أخرى.. وهذا لا يعني أننا غير واعين لما يدور في العالم، ولموازين القوى المحيطة بنا، نحن ندرك هذا جيداً، لكن التجربة علمتنا أن عدونا لا يفهم إلا لغة القوة مهما كانت ضئيلة، وتجارب كل الأمم الحية في مواجهة الاستعمار والغزو الأجنبي تؤكد هذه الحقيقة وأن المقاومة هي طريق التحرير واسترداد الأرض والكرامة.
          [flash=http://www.sh3des.com/desimg/saraya-aftakher.swf]WIDTH=510 HEIGHT=200[/flash]

          إضغط على التوقيع واستمع للأنشودة

          تعليق


          • #6
            عملية السلام ولدت ميتة

            ٭ هناك مفاوضات تجريها السلطة الفلسطينية مع أطراف إسرائيلية برعاية أمريكية فكيف تصفون مثل هذه المفاوضات؟

            - هذه المفاوضات التي وصفتها سابقاً بـ«المسخرة»، للأسف فإن الإصرار عليها في أن تجري مع حمامات الدم التي يرتكبها العدو بحق الشعب الفلسطيني تعكس أحد أمرين: الأمر الأول، أن هذه القيادة الفلسطينية الرسمية ممثلة برئيس السلطة ورئيس الحكومة أصبح همها تلبية احتياجات السياسة الأمريكية والإسرائيلية دون الالتفات إلى حاجات الشعب الفلسطيني ومتطلبات صموده. فإذا كانت السياسة الأمريكية والسياسة الإسرائيلية أو مساعدة جورج بوش في الانتخابات مثلاً.. تستدعي أن يكون هناك مفاوضات للتدليل على أن هناك عملية سلام كاذبة، لأنها قد ماتت منذ زمن طويل، فهم ينخرطون في هذه المفاوضات خدمة للإسرائيليين للتدليل أن هناك عملية سلام يشتغل فيها كل من جورج بوش وايهود أولمرت.. والأمر الثاني والأخطر، أن هناك من يعتقد أن الإصرار على استمرار المفاوضات ينذر بوجود شيء خفي قد تفصح عنه الأيام أو الشهور القادمة، بمعنى أن هناك من يتحدث عن إمكانية بروز صفقة بين محمود عباس وأولمرت تتعلق باتفاق حل نهائي والتوصل إلى تسوية ما. والمعروف أن جورج بوش قد وعد بالعودة إلى المنطقة في أيار للاحتفال بالذكرى الستين لقيام دولة الكيان الإسرائيلي واحتلال فلسطين، ولعله في هذه الأجواء يجري اتفاق معين حيث يراهن البعض على أن تشهد المرحلة القادمة تنفيذ ما وعد به جورج بوش من ولادة دولة فلسطينية مزعومة.. وأنا أعتقد أن مثل هذا الأمر أي حصول اتفاق بين عباس وأولمرت لا نستطيع تأكيده في هذه المرحلة، ولكن ليس مستبعداً وخاصة أن محمود عباس معروف عنه أنه طبخ اتفاق أوسلو سراً، كما أن جورج بوش بحاجة إلى إنجاز بعد فشله وهزيمة جيشه وسياسته في العراق، ليسوقه على الناخب الأمريكي، وهو يعتقد أن فلسطين هي الساحة أو الحلقة الأضعف التي يسجل فيها هذا الإنجاز، برغم ذلك، لا أظن أنه يمكن التوصل إلى اتفاق تسوية نهائية أو إعلان دولة فلسطينية، وكل ما يمكن أن يصلوا إليه هو احتفالية جديدة أو كرنفال جديد على غرار أنابوليس و«إعلان مبادئ» جديد ثم ترحّل المفاوضات إلى وقت لا أحد يعرف مداه إلا الله سبحانه وتعالى... لماذا؟ لأن الإسرائيلي في النهاية لم يعد مطمئناً بأن محمود عباس والوضع الذي يمثله يمكن أن يكون أهلاً لإدارة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، خاصة بعدما حدث في غزة وسيطرت حماس على القطاع بالقوة, فالإسرائيليون يعتقدون أن محمود عباس ضعيف، وأن السلطة ضعيفة، وأنهم لا يمكن لهم أن يضعوا أمن إسرائيل أو مستقبل إسرائيل في يد طرف فلسطيني ثم يأتي طرف فلسطيني آخر ويأخذه بالقوة ويسير بعكس الاتجاه الذي تريده إسرائيل.

            السلطة جاهزة للتنازلات

            ٭ هل يمكن للطرف الفلسطيني المفاوض حاليا التوقيع على اتفاقية للتنازل عن القدس واللاجئين، خاصة أن إسرائيل تصر على لاءاتها فهل يمكن أن يصل التنازل إلى هذا الحد؟

            - هناك قضايا جوهرية فيما يسمى بقضايا الحل النهائي بينهم، فالسلطة الفلسطينية للأسف جاهزة لتقديم الكثير من التنازلات. ففي مسألة الحدود، فقد أعلن أبو مازن في تشرين الماضي أن المهم ليس الحدود إنما المهم مساحة الأراضي، وهذا يعني أنه جاهز لقبول تبادل الأراضي مع الإسرائيليين، أي أن يحتفظوا هم بأراضي استرتيجية وحيوية وهامة في الضفة الغربية ثم يعطى الفلسطينيون مساحة ضئيلة شرق قطاع غزة أو من صحراء النقب. وتبادل الأراضي هذا يفتح الباب لتبادل السكان في الـ 48 وهذا شيء خطير جداً لأن الذي يقبل بتبادل الأراضي يفتح الباب لمبدأ تبادل السكان والتخلص من سكان الـ 48 الفلسطينيين الأصليين وتبقى إسرائيل دولة خالصة لهم من دون الفلسطينيين، وهذا المشروع موجود لديهم، ولكن متى ينفذوه، هذه مسألة أخرى.. أما قضية الاستيطان، فإن الحديث يتم عن تفكيك بؤر للاستيطان لا قيمة لها، أما الاستيطان الحقيقي فهو في تزايد وما يقرب من 150 مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية لن تفكك منها إسرائيل أي شيء، بل سيتم تجميعها في ثلاث كتل، وهي المستوطنات في الضفة والقدس، وحالياً يوجد بالضفة أكثر من نصف مليون يهودي، وإذا حصل ذلك فإن إسرائيل بالنسبة لقضية المياه تسيطر على مياه الضفة التي تسرق منها حالياً ما يقارب عن 85% وأكثر من 75% من مياه الضفة موجودة على أراضي المستوطنات، فإذ أخذوا المستوطنات ذهبت معها المياه. ماذا بقي؟ حق العودة؟ إن كان أبو عمار على قيد الحياة قيل بأنه ليس هناك حق عودة . هناك 100 ألف شخص يمكن أن يسمح بعودتهم في اتفاق حل نهائي، وإسرائيل ستحدد من هم هؤلاء، وفق جدول زمني لا يعلم مداه إلا الله سبحانه وتعالى، وتسمح إسرائيل حسب حاجاتها الأمنية بعودتهم بالتقسيط إلى مناطق السلطة الفلسطينية، وليس إلى المناطق التي أخرجوا منها وإلى مناطق الـ 48 فحق العودة أصلاً حتى المبادرة العربية لم تصر عليه وقالت «حل يتفق عليه» أي أنه قابل للتفاوض وقابل للمساومة. فلم يعد من الثوابت التي لا مساس بها. ماذا بقي؟ قضية القدس؟ أنا لا أعتقد أن الإسرائيليين سيبدؤون في مسألة القدس من الصفر، بل من حيث انتهت المفاوضات مع ياسر عرفات في كامب ديفيد الثانية. والناس تنسى لماذا انهارت وفشلت المفاوضات.. ففي تلك المفاوضات أخذ الإسرائيليون كل شيء يتعلق بالقدس فالمستوطنات بقيت كما هي حيث أن أكثر من 26 مستوطنة إسرائيلية في القدس بقيت وفيها أكثر من 250 ألف مستوطن. فقط سيتم التنازل عن بعض أجزاء من المناطق الفلسطينية المحيطة بالقدس ذات الكثافة العربية والتي لا تريدها إسرائيل. في داخل المدينة الحديث دائماً يكون عن المدينة القديمة التي مساحتها حوالي كيلو متر مربع ويتحدثون عن أحياء صغيرة وحارات. الحي اليهودي يستأثر بنصف المدينة تقريباً، والحي الإسلامي مصادر نصفه منذ سنوات، فقط الخلاف كان على الحرم القدسي لأن جميع الحارات أخذت وحائط البراق، الذي يسمونه حائط المبكى أخذ، ومحيط المسجد وحي سلوان أخذ. وهم قالوا لياسر عرفات أنتم تستفيدون من المباني الموجودة في المسجد الأقصى لأننا لا نعترف بأنه المسجد الأقصى بل هو عندهم «جبل الهيكل» وافقوا أن نسير على أرض الأقصى، وقالوا إن ما تحت الأرض لنا ونحن سنحفر تحت هذا المبنى ونقيم كنيساً يهودياً، هيكل سليمان المزعوم، سيبنى تحت المسجد الأقصى.. وقد وافق بيل كلينتون يومها على هذا العرض الإسرائيلي وضغط على ياسر عرفات وقال له يجب أن تقبل هم لهم حق في هذه الأرض، أنتم لكم فوق الأرض وهم لهم تحت الأرض، يفعلون ما يشاؤون. وعندها ياسر عرفات رفض وقال لكلينتون إذا أردتني أن أقبل بهذا العرض فأنا أدعوك لكي تسير في جنازتي.. وكانت نتيجة الرفض أن تخلصت إسرائيل من ياسر عرفات ولم تأت أمريكا للسير في جنازته، بل الشعب الفلسطيني هو الذي اعتبر ياسر عرفات بموقفه وتمسكه شهيداً وضحية من ضحايا السياسة الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة... في كل هذه القضايا باعتقادي أن قيادة السلطة الحالية جاهزة للأسف لأن تقدم لإسرائيل أكثر مما تتوقع من تنازلات، ولكن التشدد لدى إسرائيل فهي تعتبر أن التهديدات الحقيقية التي تواجها اليوم في المنطقة تقترب من حافة الخطر الوجودي، خاصة بعد هزيمتها في حرب يوليو 2006 على يد المقاومة الإسلامية وحزب الله بلبنان.

            في داخل فلسطين اليوم الشعب الفلسطيني أكثر من 5 ملايين في الـ 48 والضفة وغزة، ولم يسبق في تاريخ القضية الفلسطينية أن كانت البنية التحتية والثقل الديموغرافي والبشري والحضاري داخل الجغرافيا الفلسطينية كما هي اليوم، لذلك نحن لسنا ضعفاء ففي الأربعينيات والستينيات كانت العصابات الصهيونية بأقل من كتيبة أو سرية ترحل بلدة بأكملها، واليوم الشعب الفلسطيني مزروع بقوة في الأرض وحركات المقاومة متجذرة وموجودة في العمق الفلسطيني، فالإسرائيلي يشعر برعب حقيقي في داخل البيت.. هناك 5 ملايين فلسطيني يقابلهم 5.3 مليون يهودي. اليوم فكرة إسرائيل الكبرى تبخرت ومقولة «إسرائيل الكاملة» سقطت وخرجت إسرائيل من غزة بقوة المقاومة، وعرب الـ 48 موجودون في الجليل وفي حيفا وفي يافا في داخل الجغرافيا الفلسطينية، والصمود الفلسطيني والتجذر في الأرض يشكل تحديا كبيرا أمام الإسرائيليين ويؤكد استمرارية التاريخ الفلسطيني والعربي والإسلامي على أرض فلسطين. هذا علاوة على وضع المنطقة وكيف تموج بالغضب والحركات المقاومة، فالشعوب كلها ترفض إسرائيل من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وشعوب الأمة لا أحد فيها يقبل بإسرائيل، فقط الحكام قبلوها مجبرين ومكرهين، ولا أحد يقبل إسرائيل طوعاً في هذه المنطقة، ولذلك نحن لسنا قلقين. وبالنسبة للمفاوضات فإن قيادة السلطة باعتقادي جاهزة للأسف لكي تبيع بأي ثمن، ولكن الإسرائيلي هو الذي يتشدد. فهذه المرحلة عابرة، والمعركة القادمة والفاصلة بين إسرائيل وبين من يطالبون بحق الأمة في فلسطين واقعة لا محالة، أما متى وأين فهذه مسألة أخرى.
            [flash=http://www.sh3des.com/desimg/saraya-aftakher.swf]WIDTH=510 HEIGHT=200[/flash]

            إضغط على التوقيع واستمع للأنشودة

            تعليق


            • #7
              معركتنا مع العدو طويلة ومستمرة

              ٭ د. شلّح نرى أن أداء المقاومة قد تراجع في الفترة الأخيرة الجانب العملي والاستشهادي فهل هناك بالفعل تراجع في مد المقاومة؟

              - إن استراتيجية المقاومة تقوم على أن المعركة بيننا وبين العدو معركة طويلة وبحاجة إلى طول نفس فهو صراع طويل ومرير.. والأمر الثاني، أن المعركة أدواتها مختلفة ووتيرتها مختلفة ففي مرحلة من المراحل كالانتفاضة الأولى مثلاً كانت المقاومة بالحجر، أما في الانتفاضة الثانية فقد غلبت العمليات الاستشهادية حتى بدت وكان المقاومة فقط عمليات استشهادية، وجاءت مرحلة أخرى وهي الحالية تجد فيها أن الصواريخ في قطاع غزة الأداة الأبرز في المقاومة وكأن المعركة بيننا وبين العدو الإسرائيلي معركة صواريخ.. إن اختلاف أدوات المقاومة ووتيرتها ومنسوب العمليات من مرحلة إلى أخرى هذه مسألة تخضع لظروف المواجهة، فالعدو ليس ساكناً أو ضعيفاً، بل هو يملك من القدرة ومن القوة على التكيف مع الأوضاع القتالية التي يبتدعها المقاومون الكثير. فكما نتصدى نحن لعدوانهم يتصدى هو أيضاً للمقاومة ويبتكر وسائل وأدوات ليحمي نفسه من هذه المقاومة.. فعلى سيبل المثال في الضفة الغربية أقام الجدار، وهذا الجدار الفاصل نحن لا ننكر بأنه حد من قدرة المقاومة على الوصول إلى العمق لتنفيذ عمليات استشهادية، ولكن المقاومة لم تستسلم أو تقف عاجزة بل تبحث عن طرق ووسائل أخرى متعددة تواجه بها متطلبات كل مرحلة. ما يجب أن نلاحظه هنا أن سلوك العدو في إدارته للصراع وفي إدارتنا للصراع، هناك مسألتان أساسيتان هيمنتا على تاريخ الصراع وهما أن العدو لديه القدرة الكبيرة على الهجوم ويملك من القوة والسلاح ومن أساليب القتل والدمار ما يزيل الجبال، والمسألة الثانية أنه في المقابل لا يملك نفس القدرة في الدفاع عن النفس في مواجهة الخصم وفي مواجهة الهجوم عندما يأتي من شعب مثل الشعب الفلسطيني أو مقاومة كمقاومة الشعب الفلسطيني.. وإذا تأملنا هاتين المسألتين وكيف تعامل الشعب الفلسطيني معهما، ففي قوة الهجوم نجد أن الشعب الفلسطيني أثبت عبر التاريخ قدرته على الانتصار على العدوان الإسرائيلي وامتصاص هجومه بقدرة لا يكاد يستوعبها العقل الإنساني العادي، فما صبته إسرائيل من نار وحمم لو صبته على جبال لأزيلت ولكن الشعب الفلسطيني مازال باقياً وحياً وراسخاً ومتابعاً لنضاله.. لقد واجه الشعب الفلسطيني ومازال وسائل الدمار والقتل بقدرته على التحمل والتضحية والصمود والإصرار، وهذا الكلام حتى العدو نفسه اعترف به، لأن الشعب الفلسطيني من الصعب تصور الانتصار عليه كما كان قادة المشروع الصهيوني يحلمون.. غولدا مائير قالت يوماً لا أعرف شيئاً اسمه الشعب الفلسطيني.. أين نحن من هذه المقولة اليوم؟ الشعب الفلسطيني مازال هو الصداع الذي يصيب رأس العالم كله بدوار ولن يتعافى هذا العالم إذا لم يأخذ الشعب الفلسطيني حقه في وطنه.

              أيضاً في الدفاع، العدو لا يتفوق علينا، والسر هو في أدواتنا المهاجمة التي لا يستطيع العدو أن يتصدى لها، نحن أدواتنا بدائية وبسيطة لكنها تربك العدو وتؤلمه ولا يستطيع أن يتصدى لها بسهولة، والعامل البشري والإنساني هو حجر الزاوية في جهادنا ومقاومتنا. لو كانت المواجهة جيش أمام جيش فان إسرائيل ستنتصر بسهولة، ولكن رابين قالها منذ زمن كيف نستطيع أن نواجه من يأتي وقد أخذ قراراً بالموت ويفجر نفسه.. كذلك الصواريخ التي يسخر منها محمود عباس ويقول إنها عبثية من يتصور أن الشعب الفلسطيني بإمكانيات بسيطة جداً يستطيع أن يخترع من مواد شعبية محلية صاروخ يصل مداه إلى أكثر من 20 كيلومترا ويضع أكثر من ربع مليون إسرائيلي في مرمى نار المقاومة الفلسطينية، هذه هي المعجزة الفلسطينية ومعجزة الصمود والإرادة التي لا تنكسر.

              العنف من إيديولوجية العدو

              ٭ البعض يتهم هذه الصواريخ بأنها السبب في المجازر التي ترتكبها إسرائيل؟

              - للأسف، هذه الاتهامات هي تبرئة لإسرائيل من كل ما فعلته بحقنا منذ احتلال فلسطين إلى اليوم.. بمعنى أن المشروع الصهيوني عندما احتل فلسطين لم تكن الصواريخ موجودة، وعند مجزرة دير ياسين هل كانت صواريخنا موجودة؟ وهل في مجزرة كفر قاسم كانت الصواريخ موجودة؟ الإسرائيلي ليس بحاجة إلى ذرائع ومبررات، فالضفة الغربية ليس فيها صواريخ، ولكن مع ذلك إسرائيل تمارس عادة القتل اليومي بحق الشعب الفلسطيني، فالإرهاب والعنف هما جزء من الإيديولوجية الإسرائيلية، وجزء من العقيدة الصهيونية التي تسعى للقتل والإرهاب حتى تجبر الطرف الآخر على الاستسلام، ولكن نحن لن نستسلم ولن نرحل فالشعب الفلسطيني سينزرع في هذه الأرض حتى ينال كامل حقه فيها.

              التقريب بين الفصائل

              ٭ هناك مساع تقوم بها بعض الدول تحديداً مصر للتهدئة بين الفصائل وإسرائيل فما حقيقة هذا الدور وهل بالفعل هناك مساع تبذل في هذا الجانب؟

              - المساعي موجودة، ولكن بتقديري الشخصي لن تفلح في تحقيق تهدئة يكتب لها النجاح لأن التهدئة بحاجة إلى راعٍ قوي يضع لهذه التهدئة شروطاً ويلزم بها أطراف التهدئة.

              فما حدث على الأرض منذ توقيع اتفاق القاهرة الذي رعته مصر هو أن الطرف الفلسطيني التزم بالتهدئة لكن إسرائيل منذ اللحظة الأولى قالت إنها غير معنية بها واستمرت في عدوانها على الشعب الفلسطيني بالاجتياحات والقتل والتدمير والاعتقالات.. وإذا أردنا أن نتحدث عن تهدئة لابد أن تكون تهدئة متبادلة متزامنة وشاملة ولابد أن يكون هناك طرف قوي يستطيع أن يلزم إسرائيل بهذه التهدئة، فإسرائيل تعتقد أن التهدئة يجب أن تكون من طرف واحد والفلسطينيون يجب أن يلقوا السلاح ويرفعوا الراية البيضاء وأن إسرائيل لها الحق في أن تكون مطلوقة اليد على مدار 24 ساعة تجتاح أي مدينة وأي قرية فلسطينية، وتقتل من تشاء وتعتقل من تشاء، هذا هو التصور الإسرائيلي للتهدئة. وبالنسبة لنا فإن فصائل المقاومة مجتمعة لا يمكن أن تقبل بهذا النوع من التهدئة، وإذا كان هناك طرف عربي يستطيع أن يحقق تهدئة يلزم فيها إسرائيل ويكف يدها عن الشعب الفلسطيني فليتفضل ونحن نرحب بذلك.
              [flash=http://www.sh3des.com/desimg/saraya-aftakher.swf]WIDTH=510 HEIGHT=200[/flash]

              إضغط على التوقيع واستمع للأنشودة

              تعليق


              • #8
                تهدئة مؤقتة

                ٭ هل هناك ضمانات معينة تطلبونها للقبول بالتهدئة؟

                - عندما يكون هناك حديث عن التهدئة يتم التركيز فيه عن التبادلية أي أن تبدأ إسرائيل بوقف عدوانها على الشعب الفلسطيني، وأن يتم فك الحصار عن قطاع غزة بالكامل، وأن يتم فتح المعابر والأمر الثالث أن هناك أسرى ومعتقلين كثيرون منهم ليس عندهم قضايا أمنية ولم تصدر ضدهم أحكام.. إسرائيل في الآونة الأخيرة اعتقلت الآلاف، يجب أن يتوقف كل هذا وأن ينتهي حتى يتم الحديث عن تهدئة يلتقط فيها الشعب الفلسطيني أنفاسه ويلملم جراحة. ومن هنا نحن نفرق بين التهدئة المؤقتة والمشروطة كإجراء لإدارة الصراع مع هذا العدو وبين التهدئة طويلة الأمد التي تأتي ضمن تصور لحل سياسي، فنحن لا نطرح هذا النوع من التهدئة ولا نعتقد أنها مفيدة أو تأتي بنتيجة، ولكننا نتكلم عن تهدئة مؤقتة لتسهيل معيشة الشعب الفلسطيني وتخفيف المعاناة عنه دون أن تعني الإقرار بشرعية الاحتلال أو التسليم بوجوده، لأن التهدئة المؤقتة تعلق العمليات مؤقتاً لكنها لا تمس مشروعية المقاومة بأي حال من الأحوال.

                سلوك إسرائيل لا يسمح بالتهدئة

                ٭ كم المدة الزمنية التي ترونها مناسبة للتهدئة؟

                - نحن لا نتحدث في تفاصيل زمن التهدئة، أي كم تكون المدة بالضبط، مع تأكيدنا على المدى القصير والتكتيكي لها، ونحن في كل الأحوال نعتقد أن أي تهدئة تتم مع الاحتلال لن يكتب لها النجاح ولن تعمر طويلاً، لأن سلوك إسرائيل لا يسمح لها لأن تكون طرفاً في تهدئة، فعدوان إسرائيل ليس القتل فقط، بل قد تجتاح إسرائيل مدن الضفة الغربية يومياً فهذه الاجتياحات انتهاك للتهدئة، والاعتقالات انتهاك للتهدئة، والحواجز انتهاك للتهدئة، وهدم البيوت أيضاً هو انتهاك لها، وتجريف الأراضي وقطع الأشجار، ومصادرة الأراضي، وبناء الجدار، والاستيطان، كل هذه انتهاكات تمارسها إسرائيل بشكل يومي والطبيعة الصهيونية لا تسمح أبداً بالتوقف عن هذه الجرائم أي لا تسمح بالتهدئة.

                فرقة في الصف الفلسطيني

                ٭ في حديث سابق توقعتم حدوث فرقة في الصف الفلسطيني وقد حدث ما حدث اليوم.. وبعد مضي أشهر عدة والفرقة الفلسطينية قائمة فهل هناك حل للاختراقات القائمة على الساحة الفلسطينية بين فتح وحماس وخاصة أن لكم جهوداً في هذا المجال؟

                - للأسف، لا أعتقد أن هناك طرفاً فلسطينياً أو عربياً يمتلك تصوراً واضحاً لحل الأزمة الفلسطينية الراهنة أو كيفية الخروج من هذا المأزق الذي وصلت إليه الساحة الفلسطينية بالنزاع بين فتح وحماس.. إن المهم في هذا الموضوع أن القرار ليس فلسطينياً فقط، بل هناك فيتو إسرائيلي-أمريكي على الوحدة الفلسطينية.. ممنوع على الفلسطينيين أن يتحاوروا وممنوع أن يتوحدوا ويجب أن يستمر هذا الانقسام لأنه وضع مريح جداً للسياسة الإسرائيلية، وبالتالي ما لم يرفع هذا الفيتو، فلا أتوقع أن يكون في المدى القريب فرصة للقاءات والحوارات للخروج من هذه المشكلة، خاصة أن كل طرف يصر على رؤيته ومطالبه. فحماس تصر على التمسك بوضع قطاع غزة بعد سيطرتها عليه وتعتبر نفسها حكومة شرعية وآن الآخرين هم الذين انقلبوا عليها، وحركة فتح في المقابل تعتبر أن حماس نفذت انقلاباً في قطاع غزة وأن عليها أن تتراجع عن هذا الانقلاب حتى يكون لقاء وحوارا وإعادة اللحمة للصف الفلسطيني.

                إعادة اللحمة الفلسطينية

                ٭ هل لكم أن تجددوا هذه المبادرة لإعادة اللحمة في الصف الفلسطيني؟

                - حاولنا مرات كثيرة ولو كان الأمر يتعلق بحماس فنحن وجدنا استجابة وتعاطيا إيجابيا ومرونة، ولكن التشدد موجود لدى رئيس السلطة، ولهذا السبب فأنا أعتقد أن تشدد أبو مازن مرجعه الموقف الأمريكي والإسرائيلي وليس حركة فتح.. وأنا لا أظن أن استمرار هذا الانقسام يمكن أن يفيد فتح أو حتى سلطة أبو مازن. الإسرائيلي فقط هو المستفيد، فطالما أن الانقسام موجود، فالإسرائيلي سيتعامل مع سلطة أبو مازن باعتبارها سلطة ضعيفة وسيتهرب من أي استحقاق يقدم لأبو مازن فيما يسمى عملية التسوية أو المفاوضات. فأبو مازن خاسر على كل المستويات، والأولى به أن ينطلق فلسطينياً وأن يقدم بعض التنازلات للخروج من هذا المأزق لإنهاء حالة الانقسام.

                علاقتنا مع حماس جيدة

                ٭ ما علاقتكم مع حركة حماس وخاصة أن الفترة الماضية شهدت نوعاً من التوتر؟

                - تربطنا بحركة حماس علاقة جيدة، والتوترات التي حصلت بعد سيطرة حماس على غزة كانت أحداثاً ميدانية محدودة وتم السيطرة عليها وتجاوزها، واللقاءات بيننا عادية وطبيعية، وهناك لقاءات مستمرة وحوارات بيننا وبينهم، وهناك احترام للمواقف وتبادل في وجهات النظر خاصة أننا نعتبر أنفسنا نحن وحماس على المستوى الإيديولوجي وعلى صعيد البرنامج الكفاحي في خندق واحد.. ويجمعنا بحماس هدف واحد وهو تحرير الأرض بالمقاومة الإسلامية.. اختلفنا عن الإخوة في حماس فيما يتعلق بالمشاركة في السلطة، وكان لهم اجتهادهم الخاص الذي نقدره ونتفهمه، ونحن أيضا لديناً اجتهادنا بأن المشاركة في السلطة غير مفيدة لنا كحركات إسلامية، وقد تكون على حساب برنامج المقاومة أو قد يدفع الشعب الفلسطيني الثمن لما يترتب على هذه المشاركة، ونحن في غنى عنها.. ورؤيتنا قائمة على أن هناك برنامجين في الساحة الفلسطينية، برنامج مقاومة وبرنامج المفاوضات السياسية والتسوية، ولا يمكن الجمع بينهما، ولكن يمكن أن يتعايش أصحاب البرنامجين بألا يلغي كل طرف الطرف الآخر.. أي أننا نؤمن بالشراكة لكن ليس على قاعدة الخلط بين البرامج، بل على قاعدة التمايز وتوزيع الأدوار إلى أن تتحسن موازين القوى المحلية والإقليمية والدولية، أما هذه المرحلة بما فيها من ضعف للوضع العربي والإسلامي والانحياز المطلق لإسرائيل دولياً وأمريكياً ليست هي المرحلة التي يدخل فيها الشعب الفلسطيني في تدافع وتنازع داخلي على الخيارات والبرامج.
                [flash=http://www.sh3des.com/desimg/saraya-aftakher.swf]WIDTH=510 HEIGHT=200[/flash]

                إضغط على التوقيع واستمع للأنشودة

                تعليق


                • #9
                  تنسيق فلسطيني - إسرائيلي

                  ٭ ما حقيقة وجود تنسيق أمني بين الأجهزة الأمنية للسلطة مع إسرائيل ووجود اعتقالات في صفوف حركات المقاومة خاصة في الضفة الغربية؟

                  - حقيقة التنسيق الأمني بين إسرائيل وأجهزة أمن السلطة ليست معادلة صعبة بحاجة إلى عبقري ليحلها أو يدلل عليها، لأن السلطة من الأساس، وبموجب اتفاق أوسلو، التنسيق الأمني وظيفة أساسية لها، وعلى طول سنوات أوسلو، كانت مهمة أجهزة أمن السلطة أن تقدم المعلومات لإسرائيل عن المجاهدين والعمليات، وأن هناك الكثير من العمليات التي تم إجهاضها والكثير من المجاهدين تمت ملاحقتهم وتمت تصفيتهم في ضوء معلومات حصل عليها العدو بالتنسيق بين أجهزة أمن السلطة وإسرائيل. هذا عوضاً عن الاختراق الذي تمارسه إسرائيل لأجهزة أمن السلطة، بمعني أن بهذه الأجهزة من هو مرتبط مباشرة بإسرائيل ويقدم لها المعلومات عن الشعب الفلسطيني ومجاهديه. ثم إن السلطة لا تقوم بأي حماية للمجاهدين من أبناء الشعب الفلسطيني، فالضفة الغربية تحت الاحتلال مع أن السلطة موجودة والعدو يجتاح ويغتال على مسمع ومرأى من السلطة وأجهزتها. وأين السلطة في بيت لحم عندما دخلت إسرائيل في وضح النهار واغتالت أربعة مجاهدين وخامس في طولكرم، فماذا فعلت السلطة وأجهزة أمن السلطة، لا شيء! إذن ستظل السلطة متهمة حتى تؤمن حماية للمجاهدين والشعب والفلسطيني، أما أن توجد الأجهزة في مناطق السلطة المستباحة إسرائيلياً ثم تكمل هي دور إسرائيل في ملاحقة وقمع المجاهدين فهذه وصمة عار لهم.



                  ما حدث في غزة سيتكرر في الضفة

                  ٭ هل يمكن أن يتكرر هذا السيناريو؟

                  - بالنسبة للوضع الفلسطيني يمكن أن يتكرر، أنا لا أستبعد ذلك، خاصة بالنسبة لتوازنات الوضع الداخلي الفلسطيني، فإن ما حدث في غزة يمكن أن يحدث في الضفة، ولكن هناك مانع يتمثل في العامل الإسرائيلي حيث إن إسرائيل تمارس احتلالاً مباشراً في الضفة الغربية، وبالتالي فإن وجود الاحتلال الإسرائيلي هو الذي يحول دون ذلك، فلو انسحبت إسرائيل من الضفة الغربية وتركت الضفة كما كان قطاع غزة في داخله متروكاً للفلسطينيين، أنا أعتقد أن ما حصل في غزة يمكن أن يتكرر في الضفة، كما أن فشل المفاوضات وعدم حصول أبو مازن على شيء من الإسرائيليين في النهاية سيصب في مصلحة مشروع المقاومة وسيزيد من التفاف الشعب الفلسطيني حوله، لذلك نحن ننصح الأخوة في فتح أن يراجعوا كل مسيرة التسوية التي دخلوا بها وأدخلوا الشعب الفلسطيني والقضية في نفقها المظلم، قبل فوات الأوان، ينبغي أن يكون في درس غزة عبرة للعودة إلى الأصول والثوابت وليس مزيدا من الرهان على إسرائيل والارتماء في أحضانها كما تفعل حكومة فياض.
                  [flash=http://www.sh3des.com/desimg/saraya-aftakher.swf]WIDTH=510 HEIGHT=200[/flash]

                  إضغط على التوقيع واستمع للأنشودة

                  تعليق


                  • #10
                    حافز لمزيد من الحذر

                    ٭ أنتم تعيشون في العاصمة السورية دمشق وشهدت قبل مدة اغتيال لأحد قادة حزب الله هل هذا الاغتيال قد أثر على تحركاتكم وأعطاكم مؤشرات على اختراق إسرائيلي يمكن أن تحد من تحركاتكم؟

                    - بلا شك أن عملية اغتيال الشهيد القائد عماد مغنية في دمشق لها دلالات كثيرة، ولكن بالنسبة للاستهداف الإسرائيلي أو التهديد الإسرائيلي فهو ليس جديداً، ربما كان الاغتيال بهذا الحجم وفي هذا المكان، حافزاً إضافياً لنا لأخذ المزيد من إجراءات الحيطة والحذر في مواجهة عدو لديه الإمكانات والإصرار على استئصال كل من يحمل راية المقاومة ويسير في ركب المقاومة.

                    لن نسقط في حبال إسرائيل

                    ٭ هل يحد هذا من تحركاتكم؟

                    - ربما نغير من نمط حركتنا ولكن إذا حد التهديد الإسرائيلي من حركتنا فنحن نحقق له أهدافه لأنه في النهاية هو يريد أن يشل فاعليتنا وحركتنا سواء بالتهديد أو الاغتيال.. ولا ينبغي أن نسقط في حبال سياسته الأمنية، بل يجب أن نتصدى لها بإجراءات ووسائل أخرى، ثم نحن مطمئنون ولسنا قلقين على حياتنا أو مصيرنا لأن الأعمار بيد الله سبحانه وتعالى.. الحذر واجب، ولكن نحن على ثقة بأن ما يقدره لنا الله سبحانه وتعالى سيصيبنا «قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا».

                    نأمل أن تكون فلسطين حاضرة في القمة

                    ٭ نحن على أعتاب انعقاد قمة عربية فما هو المؤمل من هذه القمة؟

                    - إذا أردنا أن نتحدث بصراحة تاريخيا فنحن لدينا تجارب مع مؤتمرات القمة أنها لم تعد على قضيتنا بأي مردود حقيقي، وان لا أعول الكثير على القمة العربية، وفي خضم الضجيج والصخب الذي يثار حول انعقاد القمة في دمشق وبعض المحاولات التي مورست من هنا وهناك بأن لا تعقد القمة، وأن تسحب هذه الورقة من سوريا وكأنها شيء كبير، فأنا أعجب ما الذي ستفقده سوريا لو لم تعقد القمة على أراضيها، برأيي لا شيء، لأن هذه القمم لا تعتبر إنجازاً هاماً يوازي التحديات والمخاطر التي تعيشها أمتنا اليوم. ربما محاولات البعض ومساعي أمريكا وتحريضها بألا تعقد القمة في دمشق هو الذي يعطي هذه القمة أهمية بحيث يصبح مجرد انعقادها هو انتصار لسوريا.. وانتصار سوريا في هذه المعركة السياسية هو انتصار لإرادة الشعوب لأن الصراع في المنطقة أصبح واضحاً ليس صراعاً بين معسكرين، متشدد ومعتدل، كما يقولون، بل بين إرادتين، إرادة المقاومة والممانعة في مواجهة الهجمة الأمريكية والصهيونية، وإرادة الاستسلام والهزيمة التي تريد تسليم مفاتيح المنطقة وقرارها ومصيرها للإدارة الأمريكية وتل أبيب.

                    أما وقد شارفت القمة على الانعقاد، فنحن نأمل أن تكون هذه القمة قمة فلسطين بأن تكون فلسطين حاضرة، ولو من باب التعاطف المعنوي على الأقل، وإن كان هذا ليس كل ما تريده فلسطين التي تذبح من الوريد إلى الوريد بسلاح حلفاء النظام العربي. فلسطين ضاعت كجزء من الأرض العربية والإسلامية، ضاعت في صراع طويل ومرير مع المشروع الصهيوني، والنظام العربي على مختلف ألوانه، على مدار العقود، تحمل جزءاً كبيراً من وزر ضياع فلسطين، وبالتالي العرب في كل القمم قالوا إن فلسطين ضاعت ولكنهم لم يقولوا كيف ومتى تعود؟

                    النظام العربي لا يريد أن يسمع منا نحن الشعوب وحركات المقاومة بأن فلسطين يجب أن تعود، ويمكن أن تعود، بالإصرار والمقاومة وبالصمود؛ لأن المشروع الصهيوني قد جلب اليهود من كافة بقاع العالم وقرر أن تكون إسرائيل موطناً آمناً لهم، فماذا كانت النتيجة؟ اليوم اليهودي يأمن في أي مكان بالعالم إلا في فلسطين.. هذه هي المعادلة التي سيستمر بها مشروع المقاومة والصمود الذي نسير فيه.
                    [flash=http://www.sh3des.com/desimg/saraya-aftakher.swf]WIDTH=510 HEIGHT=200[/flash]

                    إضغط على التوقيع واستمع للأنشودة

                    تعليق


                    • #11
                      المبادرة العربية تشبه وعد بلفور

                      ٭ لقد وصفتم المبادرة العربية في لقاء سابق بأنه وعد بلفور جديد واليوم المبادرة العربية ستكون مطروحة على القمة العربية القادمة فهل تؤيدون إلغاء هذه المبادرة نهائياً وسحبها وطرح خيارات أخرى عربية؟

                      - عندما قلت بأن المبادرة العربية تشبه وعد بلفور فلم أتجنَ على أحد لأننا تعلمنا منذ الصغر أن وعد بلفور كان معادياً للأمة العربية والإسلامية وأن من لا يملك أعطى من لا يستحق إشارة إلى بريطانيا والحركة الصهيونية، وإذا كنا نؤمن بأن فلسطين أرض عربية وإسلامية فنحن أمام وضع كارثي لأن «من يملك أعطى من لا يستحق» وإذا كان أصحاب الحق وقعوا على أن الطرف الآخر ـ أي العدو ـ يستحق العطاء، فإن التناقض الموجود في جوهر المبادرة نفسها يلغيها. فإذا كان العرب في المبادرة العربية يعتقدون بأن من حق إسرائيل أن تأخذ حيفا ويافا واللد والرملة وبئر السبع وكل مناطق الـ 48 أي ما يعادل 80% من فلسطين، فما الذي يمنع من أن يكون لها حق في الـ 20% الباقية، أي في الضفة وغزة؟ فالذي يقر بشرعية إسرائيل في أي جزء من أرض فلسطين إنما يقر بشرعيتها في الأجزاء الباقية؟ ما الذي يمنع من سحب الشرعية الموجودة لإسرائيل في حيفا ويافا، حسب المبادرة العربية، لتطال نابلس والقدس والخليل وجنين وغزة وغيرها. وإسرائيل تعتبر الذي فرط بحيفا ويافا والناصر وصفد وكل مناطق الـ 48 يمكن أن يفرط بالباقي من الأرض، والضغط الذي أجبره على التفريط بذلك سيجبره مرة أخرى بالتفريط فيما تبقى من الأرض والحقوق. لذلك فإن المبادرة برأينا ليست مشروعاً حقيقياً يمكن التعويل عليه، وبعض العرب قالوا نريدها صورة فقط لنقول للعالم نحن قدمنا ما عندنا والمشكلة عند إسرائيل.. ألم يتأكد العالم طوال هذه السنوات أن المشكلة عند إسرائيل؟ وهل أصبح الوطن العربي فاقداً للمبادرات إلى هذا الحد؟! للأسف أعتقد أن النظام العربي بمجموعه لم يبق أمامه إلا أن يصطدم بجدار كبير جداً حتى يفيق ويدرك أن الطريق الذي يسلكه في الرهان على أمريكا وإسرائيل هو طريق الهلاك، وهو طريق لا تقبل به الشعوب، ولهذا السبب قال شارون إن المبادرة لا تساوي الحبر الذي كتبت به لأن العرب عرضوا عليه التطبيع مقابل أن يأخذوا منه الضفة وغزة والجولان.. وشارون يدرك أن التطبيع ليس بيد الأنظمة والحكومات، فشعر أن الحكومات يبيعون إليه ورقة لا يملكونها، فالذي يملك ورقة التطبيع هي الشعوب التي لا يمكن أن تقبل بالظلم الذي تمثله إسرائيل على الأرض العربية والإسلامية.

                      أما عن إلغاء المبادرة أو سحبها وطرح خيارات بديلة، فالأمر يتوقف على الاتجاه الذي سيسلكه النظام العربي، هل سيتخلى عن المبادرة باتجاه التخلي الكامل عن فلسطين والتنصل من أي مسؤولية عربية تجاه الصراع مع إسرائيل، أم أنه سيراجع نفسه وحساباته ويسلك طريقاً جديداً، لا نقول طريق الحرب والمواجهة، فنحن ندرك أن الأنظمة لن تحارب، بل على الأقل طريق التضامن والتكاتف من أجل مواجهة غطرسة إسرائيل وتأمين حد أدنى من الحماية والدعم لقوى المقاومة التي تنوب عن الأمة في التصدي للمشروع الأمريكي والصهيوني في المنطقة؟

                      بين الرفض المطلق والقبول المطلق بإسرائيل

                      ٭ في رأيكم أي الطرق وأي الخيارات سيختار العرب؟

                      - النظام العربي، وكما قلت في البداية فهم في معظمهم للأسف متحالفون مع إسرائيل والولايات المتحدة.. وهذا ليس اتهاماً، بل هي القراءة الدقيقة والموضوعية لسلوك النظام العربي في هذه المرحلة.. وإذا أردنا أن نتأكد من ذلك فلنأخذ موقف العرب من إسرائيل، وكذلك الإدراك الصهيوني لوجود إسرائيل في قلب المنطقة.. أعتقد أن الإدراك الصهيوني لوجود إسرائيل على هذه الأرض مر بثلاث مراحل: المرحلة الأولى، مرحلة الرفض المطلق لإسرائيل، واستمرت منذ بداية الصراع إلى 1979 عندما وقع السادات معاهدة الصلح مع إسرائيل، وعنوان تلك المرحلة كان الرفض المطلق من الأمة كلها لإسرائيل وسميت المرحلة بمرحلة الصراع العربي الإسرائيلي، ومعاهدة كامب ديفيد افتتحت مرحلة جديدة في المنطقة اسمها مرحلة القبول الإجباري بإسرائيل، وانتهاء الصراع العربي-الإسرائيلي وتحوله إلى صراع فلسطيني إسرائيلي فقط. وفي العقل الإسرائيلي هناك مرحلة لم تبدأ بعد ولن تبدأ بإذن الله، وهي مربط الفرس لهذا الصراع في المنطقة، إسرائيل تريد أن تدخل المنطقة مرحلة القبول الاختياري والطوعي بإسرائيل وأن تصبح إسرائيل دولة طبيعية مثلها مثل أي دولة عربية أو إسلامية على الخريطة.

                      هذه المرحلة موجودة في العقل الإسرائيلي، ولكنها لن تأتي ولن تترجم في الواقع، لأن المنطقة بحركات المقاومة الإسلامية تعود إلى الرفض المطلق لإسرائيل.. والمنطقة الآن تشهد صراعاً بين رؤيتين وبين تيارين في المنطقة ومعسكرين: الأول، يريد أن يأخذ المنطقة إلى القبول المطلق بإسرائيل والتسليم بها كأمر واقع بل أكثر من ذلك أمر واقع نحبه ونرحب به ونحمد الله أن من علينا بجارتنا وحبيبتنا إسرائيل، هذا المعسكر تمثله معظم الأنظمة والحكومات.. والثاني، هو معسكر ومشروع المقاومة الذي يريد أن يأخذ المنطقة إلى مرحلة الرفض المطلق لإسرائيل.. والمنطقة عالقة بين هاتين الرؤيتين وما يجري هو صراع وتدافع بينهما.
                      [flash=http://www.sh3des.com/desimg/saraya-aftakher.swf]WIDTH=510 HEIGHT=200[/flash]

                      إضغط على التوقيع واستمع للأنشودة

                      تعليق


                      • #12
                        نعتز بصداقتنا بإيران

                        ٭ هل هناك مؤشرات لدخول الدول الإسلامية أو التيار الإسلامي غير العربي إلى معسكر الرفض؟

                        - إيران كدولة إسلامية متهمة أنها قاعدة أساسية لرفض إسرائيل وخطاب زوال إسرائيل لا أحد يتحدث به في الأنظمة والزعماء سوى أحمدي نجاد.

                        أنتم متهمون بارتباطاتكم مع إيران؟

                        ٭ نحن متهمون بأننا مرتبطون بمن لا يحبون إسرائيل وهذا شرف كبير لنا... ولا يشرفنا ان نصنف بأننا في إطار من تحبهم إسرائيل.. هل تتلقون دعما عسكريا من إيران؟

                        - نحن شعب فلسطيني عربي مسلم أرضنا محتلة وحقوقنا مغتصبة، وعندما تأتي إيران أو أي دولة في العالم وتمد يد العون لنا بأي شكل من أشكال الدعم لا أظن انه يحق لأحد أن يلومنا بقبول دعم إيران ومساندتها لنا فهي تعيننا على استعادة حقنا المغتصب في فلسطين.. وهل هذه جريمة وتهمة؟ وماذا يسمي الآخرون علاقاتهم بإسرائيل وصمتهم عن جرائم إسرائيل ورفع أعلام إسرائيل في عواصمهم، ماذا يسمون هذا؟. الكويت مثلاً استعانت بأمريكا عند حربها مع العراق واستعانت بدول غير إسلامية وجاؤوا وذبحوا العراقيين من أجل تحرير الكويت، فهل الاستعانة بالأمريكي والأوروبي بأن يأتي ليذبح العراقي من أجل تحرير الكويت يعتبر شرفا كبيرا وتصدر فيه فتاوى في الدول العربية أما الاستعانة بالإيراني لتحرير فلسطين فهذه جريمة وتهمة في العالم العربي، هل هذا منطقي وطبيعي؟ هل من العقل والمصلحة أن نصدق فزاعة «الخطر الإيراني» التي تروجها أبواق الدعاية الصهيونية في المنطقة وننسى «الخطر الإسرائيلي» والترسانة النووية الإسرائيلية التي تكفي لإبادة كل المنطقة عدة مرات؟!

                        أنا كنت أتمنى أن أجد طرفاً عربياً واحداً ممن يلوموننا على علاقتنا بإيران حتى نعتز بدعمه وإسناده لنا كما تفعل إيران في دعم الشعب الفلسطيني، فبدلاً من أن نلوم إيران علينا أن نلوم أنفسنا كعرب.

                        نريد التمسك بالجهاد

                        ٭ ماذا تريد حركة الجهاد من الشعوب العربية؟

                        - في الحديث عن الشعوب وإلى الشعوب لن أقول كلاماً مكرراً بأن على الشعوب أن تستيقظ وأن تمد يد العون للمقاومة وكفى الله المؤمنين شر القتال. سأتحدث في خلفية فهمنا ووعينا لموقع الشعوب وعلاقة الأمة بفلسطين ومستقبل الصراع من أجلها.

                        نحن في ثقافتنا الإسلامية نعتبر أن أمتنا أمة واحدة، لذلك أنا لا أومن بالعبارة التي تقول الأمتين العربية والإسلامية.. الإيمان بالأمة الواحدة جعله الله تعبيراً عن العبودية له «وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون».. هي أُمة مخرجة وليست خارجة بإرادتها وهناك من أخرجها للناس وصنعها بهديه، وهو الله سبحانه وتعالى «كنتم خير أمة أخرجت للناس».

                        نحن نعلم أن رسالة الإسلام هي الرسالة الخاتمة ونبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين.. محمد الذي لا يطيق الغرب اسمه ويعلن الحرب على أمته وعلى نبيها بالسخرية والاستهزاء في حرب صليبية جديدة.. لماذا هذه الحرب على نبي الإسلام وأمة الإسلام باسم الحرب على الإرهاب المزعوم؟ لأن الله سبحانه عندما ختم رسالات السماء لم يترك البشرية بلا رعاية إلهية تصوب مسيرتها نحو الهداية، كما كان يفعل عن طريق الأنبياء والرسالات السابقة. بل عهد بهذه المهمة إلى الأمة المخرجة للناس، بكتابها ومنهاجها الذي تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظه، فالمسلمون اليوم مؤتمنون على مسيرة البشرية كلها، لكن الأمة للأسف بتفريطها في هذا المنهج لم تعد أهلاً لحمل الأمانة حتى على مستوى واقعها ومصيرها فكيف بها وبالأمانة عن البشرية كلها.. المسافة شاسعة جداً ومخيفة.. من الطبيعي أن يستفزنا الغرب ويحرك مشاعر المسلمين حول رسوم الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم.. لكن هذا لا يكفي.. أين المسلمون عندما يستباح ميراث محمد صلى الله عليه وسلم في مسرى محمد ومعراجه إلى السماء في فلسطين؟ أين نحن عندما يستباح المسجد الأقصى ويتعرض لما سيحيله إلى حطام وركام في انتظار تحقيق الحلم الصهيوني ببناء الهيكل المزعوم على أنقاضه؟!

                        إن تهديد المسجد الأقصى هو تهديد للبيت الحرام، نعم المسجد الحرام مهدد وقبلة المسلمين مهددة لأن قبلتهم الأولى استبيحت.. والرباط الذي ربطه الله تعالى بين المسجد الأقصى والمسجد الحرام في سورة الإسراء يؤكد ذلك.. وعندما تأتي السياسة لتقطع هذا الحبل الواصل بين مكة والقدس وتقطع أوصال العرب وتلقي بهم في حبائل السياسة الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة فماذا بقي من إسلامنا وديننا وعروبتنا وصدق انتمائنا لهذه الأمة؟

                        معركتنا في القدس وفي فلسطين هي معركة على مصير الأمة وعقيدتها وهويتها ووجودها، ولا يظن أحد أنه إذا شطبت فلسطين من الخريطة وتم تثبيت إسرائيل حارسة مصالح أمريكا والغرب أن البيت الحرام وما حوله سيكون في مأمن، أو أننا في أي بقعة من بقاع الإسلام سنكون في مأمن.. إذا ضيعت فلسطين بهذه الاتفاقيات التي عقدتها بعض الدول العربية ومنظمة التحرير ستضيع هذه الأمة.. لكن هذا لن يحدث بإذن الله لأن أمتنا المخرجة من الله سبحانه وتعالى هي قدر الله عز وجل وهدية الله للبشرية كلها.. وقدر الله في النهاية سينفذ وستصحو الأمة لتؤدي رسالتها وشهادتها على العالم.. وهذا ليس من باب القدرية أو الاستسلام للعامل الغيبي فقط، بل هي دعوة للفعل والنهوض مع استحضار هذا العامل الذي كان له الدور الأهم في تأسيس الأمة ووجودها وحفظ مسيرتها وتحقيق انتصاراتها على مدار تاريخها، واليوم يتم استبعاده من أجل الاستسلام لموازين القوى الظالمة ولواقع الهزيمة والضعف بدعوى الواقعية، نحن نقول إن حالة العجز والضعف والهوان الراهنة هي ليست الأصل في حال الأمة، بل هي ابتلاء للأجيال الحاضرة التي سقطت في الامتحان ولم ترتق إلى مستوى التكليف الإلهي والدور التاريخي المنوط بهذه الأمة.. وحتى نخرج من هذه الحالة ليس أمامنا إلا الجهاد طريقاً لعزتنا وللدفاع عن أنفسنا في مواجهة من يمس ديننا وعقيدتنا ويغزو ويحتل أراضينا. لذلك، رسالتي وكلمتي الأخيرة للشعوب أن تنهض من سباتها، وأن تتمسك بدينها وعقيدتها وهويتها الحضارية أولاً وأن يحيوا فريضة الجهاد، ومن لم يستطع فعليه نصرة المجاهدين في كل مكان خاصة في فلسطين، فهي واجب وفرض على كل مسلم ومسلمة.
                        [flash=http://www.sh3des.com/desimg/saraya-aftakher.swf]WIDTH=510 HEIGHT=200[/flash]

                        إضغط على التوقيع واستمع للأنشودة

                        تعليق


                        • #13
                          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                          سدد الله الله خطاك يا أباعبدالله
                          أرجو من الادارة تثبيت الموضوع .
                          [flash=http://www.sh3des.com/desimg/saraya-aftakher.swf]WIDTH=510 HEIGHT=200[/flash]

                          إضغط على التوقيع واستمع للأنشودة

                          تعليق


                          • #14


                            سدد الله الله خطاك يا أباعبدالله .
                            [flash=http://www.sh3des.com/desimg/saraya-aftakher.swf]WIDTH=510 HEIGHT=200[/flash]

                            إضغط على التوقيع واستمع للأنشودة

                            تعليق


                            • #15
                              الدكتور رمضان شلح:فلسطين تذبح اليوم من الوريد إلى الوريد بسلاح حلفاء النظام العربي،وش

                              الدكتور رمضان شلح:فلسطين تذبح اليوم من الوريد إلى الوريد بسلاح حلفاء النظام العربي،وشعبنا لن يستسلم ولن يرحل وسينزرع في أرضه
                              الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في حوار شامل مع الشرق:

                              دكتور رمضان شلح : التهدئة لابد أن تكون متبادلة متزامنة وشاملة و طرف قوي يلزم "الكيان الصهيوني" بشروطها

                              أجرى الحوار في دمشق - جابر الحرمي :

                              انتقد الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الدكتور رمضان عبدالله شلح المفاوضات التي تجريها السلطة الفلسطينية مع الجانب الصهيوني برعاية أمريكية في وقت يرتكب فيه الكيان مجازر في غزة، وقال إن الإصرار على هذه المفاوضات ينذر بوجود صفقة بين محمود عباس وأولمرت. وأشار إلى ان السلطة الفلسطينية جاهزة لتقديم الكثير من التنازلات، ولديها الاستعداد للبيع بأي ثمن، داعيا فتح إلى مراجعة مسيرة التسوية التي دخلت بها وادخلت الشعب الفلسطيني والقضية في نفق مظلم.

                              وانتقد د. شلح في حوار شامل مع «الشرق» النظام العربي وقال إنه اصبح في صف الكيان الصهيوني، مشيرا إلى ان فلسطين تذبح اليوم من الوريد إلى الوريد بسلاح حلفاء النظام العربي. وكشف عن وجود مساع لإيجاد تهدئة بين فصائل المقاومة والكيان، مقللا من نجاح هذه المساعي، مشترطا لنجاحها ان تكون تهدئة متبادلة ومتزامنة وشاملة، وان تبدأ بوقف العدوان وفك الحصار عن غزة وفتح المعابر وإطلاق الأسرى.

                              وفيما يلي نص الحوار :



                              ٭ حدثنا عن المحرقة الجارية في غزة وفي الأراضي الفلسطينية عموما وكيف تصفون هذه المحرقة إضافة إلى الصمت القائم حالياً عربياً ودولياً؟

                              - بداية لابد أن أشير إلى أن مجرد استخدام اسم المحرقة في وصف ما يقوم به العدو الصهيوني من جرائم في حق الشعب الفلسطيني هو وصمة عار في جبين الإنسانية كلها... أن يجرؤ العدو على استخدام هذا الاسم الذي يعتبر من المحرمات إذا استخدم بالإشارة إلى ما حدث لليهود في أوروبا، ثم الآن يستخدم كأنه أمر طبيعي ولا أحد يهتز له جفن في العالم، هذا يدل على أن العالم كله وللأسف كأنه أصبح في قبضة اليهود وفي قبضة الصهاينة.. المحرقة جريمة صهيونية ليست جديدة، وهي تعبير عن برنامج يمارسه العدو الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني على مدار الوقت، لكن الحملة الأخيرة التي أطلقها من وحي الاسم، كان ذلك يدل على اعتقاده أنها الجولة الأخيرة التي سينهي من خلالها المقاومة في قطاع غزة، وأن يسحق الشعب الفلسطيني وأن يكسر إرادته، وأن يحقق ما يريد.. ولكنه فوجئ بصمود الشعب الفلسطيني وبأداء المقاومة في قطاع غزة، فانكفأ مدحوراً ولم يستطع تحقيق أهدافه، لا بتأمين أمن الكيان والمستوطنات المحيطة بقطاع غزة، ولا بإجهاض مقاومة الشعب الفلسطيني ولا حتى إسقاط ما يعتبره حكومة أو سيطرة حماس في غزة، بل المفاجأة الكبرى كانت له ولكل من كان يسخر بالمقاومة وبصواريخها هي الصواريخ، لأن هذه الصواريخ بدلاً من أن تطال أهدافاً على بعد 8 كيلومترات فقط، أصبحت تطال أبعد وأقصى نقطة في مدينة عسقلان شمال قطاع غزة ليصبح أكثر من 250 ألف صهيوني في محيط قطاع غزة في مرمى صواريخ المقاومة. والمحرقة انقلبت على العدو الصهيوني، فما جرى بالمعنى العسكري والسياسي والأمني كان محرقة لإسرائيل وليس للشعب الفلسطيني، برغم ارتفاع عدد الضحايا في الجانب الفلسطيني.. فالغالبية العظمى من الشهداء كانوا من النساء والأطفال، وهذا ليس إنجازاً عسكرياً ولا سياسياً.. أن يستطيع الشعب الفلسطيني بهذه الإمكانات المتواضعة جداً أن يحقق قدراً من توازن الرعب وتوازن الردع وتوازن القوة بحيث يجبر العدو على وقف العدوان وعدم التقدم لأن عمقه مهدد بصواريخ المقاومة، فهذه محرقة بحق الكيان وليست محرقة بحق الشعب الفلسطيني.

                              صمت عربي مفجع

                              ٭ إذا كنا نقول إن هناك صمتاً عالمياً فماذا عن الصمت العربي والإسلامي؟

                              - إذا أردنا أن نتكلم بالبعد العاطفي والإنساني وما يربط العرب بفلسطين فلا نستطيع أن نتحدث عن الصمت العربي بشيء جديد، لأن الناس ملت من الشكوى والإدانة لهذا الصمت المفجع، ولكن إذا أردنا أن نحلل هذا الصمت سياسياً، فإن الموقف الطبيعي للنظام العربي الآن، على ما هو عليه، وعلى ما نعرف من أحواله وتبعيته وارتباطه بعجلة السياسة الأمريكية والصهيونية في المنطقة، يجب أن نحمد الله على الصمت العربي لأن الوضع الطبيعي أنهم أصبحوا في صف الكيان. النظام العربي أصبح في صف الكيان، وأصبح في صف أمريكا في العلن. قبل سنوات عندما كانت بعض الحركات الإسلامية تتحدث عن أن النظام العربي هو الوجه الآخر للصهاينة وأن الأنظمة العربية تتبع لمنظومة الغرب الفكرية والسياسية وتمثل الوكلاء للغرب ومصالح الغرب، كان هذا الكلام يعتبر من قبيل التطرف ولا يلقى القبول بل الإدانة في الأوساط التي تدعي العقلانية. اليوم الفرز في المنطقة أصبح واضحاً.. أمريكا والصهاينة يريدون تثبيت الكيان في المنطقة كدولة طبيعية مثلها مثل أي دولة عربية وإسلامية، أما الغريب والنشاز في هذه المنطقة، في سياسة أمريكا والصهاينة، فهو الشعب الفلسطيني والدولة الفلسطينية التي لم تولد بعد.. جورج بوش وعد الناس بدولة فلسطينية ولكنه أعلن أن الكيان دولة يهودية. ولم ير الناس أي أثر للدولة الفلسطينية التي وعد بها جورج بوش، ومشروعهم في المنطقة هو تثبيت إسرائيل كقوة مركزية مهيمنة على الوضع الإقليمي، وأن الجميع إذا أراد أن يسلم وأن يبقى في الحكم فعليه أن يصادق الكيان ويصاحبها وأن يتعاطف مع الكيان ويراعي مصالحها وأمنها، وأن يشيح بوجهه أو يغض الطرف عما يفعله الكيان من جرائم بحق إخوانهم من العرب والمسلمين في فلسطين.

                              صمودنا هو الخيار


                              ٭ ما الخيارات أمام المقاومة في ظل هذا الحصار العربي والإقليمي والدولي الذي يحيط بكم؟

                              - منذ الانتفاضة الأولى في عام 1987 والشعب الفلسطيني يواصل نضاله بالاعتماد على قوته الذاتية أولاً، هذا بعد الله سبحانه وتعالى، ولم يعد الشعب الفلسطيني يدير صراعه مع اليهود بالاستناد إلى دور عربي أو إسلامي أو دولي، بل الصمود الفلسطيني منذ الانتفاضة الأولى حتى اليوم قوة الدفع الذاتية فيه هو صمود الشعب الفلسطيني وتضحياته والشهداء والإرادة الفلسطينية ومواصلة طريق الجهاد والمقاومة.. وهناك رافعة أساسية شكلت حاضنة وهي جماهير الشعوب العربية والإسلامية وبما تقدمه من الدعم المادي والمعنوي والدعاء وكل مظاهر الدعم والإسناد التي تؤكد أن فلسطين لازالت حية في قلوب شعوب الأمة العربية والإسلامية. هذا هو الذي أبقى القضية حية حتى اليوم، ونحن سنستمر في السنوات القادمة إن شاء الله تعالى، على نفس المنوال بالاستناد إلى إيماننا بالله أولاً، ثم إيماننا وثقتنا بأننا في فلسطين أصحاب حق وأن هذا العدو والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين هو عدوان لا يمكن أن نسلم بشرعيته وسنستمر في مقاومته حتى لو بقينا لوحدنا دون أي إسناد من أي طرف في العالم. فخيارنا استمرار المقاومة ولا نلتفت أبدا لأي مساومات او أي رهانات على خيارات أخرى.. وهذا لا يعني أننا غير واعين لما يدور في العالم، ولموازين القوى المحيطة بنا، نحن ندرك هذا جيداً، لكن التجربة علمتنا أن عدونا لا يفهم إلا لغة القوة مهما كانت ضئيلة، وتجارب كل الأمم الحية في مواجهة الاستعمار والغزو الأجنبي تؤكد هذه الحقيقة وأن المقاومة هي طريق التحرير واسترداد الأرض والكرامة.

                              عملية السلام ولدت ميتة

                              ٭ هناك مفاوضات تجريها السلطة الفلسطينية مع أطراف إسرائيلية برعاية أمريكية فكيف تصفون مثل هذه المفاوضات؟

                              - هذه المفاوضات التي وصفتها سابقاً بـ«المسخرة»، للأسف فإن الإصرار عليها في أن تجري مع حمامات الدم التي يرتكبها العدو بحق الشعب الفلسطيني تعكس أحد أمرين: الأمر الأول، أن هذه القيادة الفلسطينية الرسمية ممثلة برئيس السلطة ورئيس الحكومة أصبح همها تلبية احتياجات السياسة الأمريكية والإسرائيلية دون الالتفات إلى حاجات الشعب الفلسطيني ومتطلبات صموده. فإذا كانت السياسة الأمريكية والسياسة الإسرائيلية أو مساعدة جورج بوش في الانتخابات مثلاً.. تستدعي أن يكون هناك مفاوضات للتدليل على أن هناك عملية سلام كاذبة، لأنها قد ماتت منذ زمن طويل، فهم ينخرطون في هذه المفاوضات خدمة للإسرائيليين للتدليل أن هناك عملية سلام يشتغل فيها كل من جورج بوش وايهود أولمرت.. والأمر الثاني والأخطر، أن هناك من يعتقد أن الإصرار على استمرار المفاوضات ينذر بوجود شيء خفي قد تفصح عنه الأيام أو الشهور القادمة، بمعنى أن هناك من يتحدث عن إمكانية بروز صفقة بين محمود عباس وأولمرت تتعلق باتفاق حل نهائي والتوصل إلى تسوية ما. والمعروف أن جورج بوش قد وعد بالعودة إلى المنطقة في أيار للاحتفال بالذكرى الستين لقيام دولة الكيان الإسرائيلي واحتلال فلسطين، ولعله في هذه الأجواء يجري اتفاق معين حيث يراهن البعض على أن تشهد المرحلة القادمة تنفيذ ما وعد به جورج بوش من ولادة دولة فلسطينية مزعومة.. وأنا أعتقد أن مثل هذا الأمر أي حصول اتفاق بين عباس وأولمرت لا نستطيع تأكيده في هذه المرحلة، ولكن ليس مستبعداً وخاصة أن محمود عباس معروف عنه أنه طبخ اتفاق أوسلو سراً، كما أن جورج بوش بحاجة إلى إنجاز بعد فشله وهزيمة جيشه وسياسته في العراق، ليسوقه على الناخب الأمريكي، وهو يعتقد أن فلسطين هي الساحة أو الحلقة الأضعف التي يسجل فيها هذا الإنجاز، برغم ذلك، لا أظن أنه يمكن التوصل إلى اتفاق تسوية نهائية أو إعلان دولة فلسطينية، وكل ما يمكن أن يصلوا إليه هو احتفالية جديدة أو كرنفال جديد على غرار أنابوليس و«إعلان مبادئ» جديد ثم ترحّل المفاوضات إلى وقت لا أحد يعرف مداه إلا الله سبحانه وتعالى... لماذا؟ لأن الإسرائيلي في النهاية لم يعد مطمئناً بأن محمود عباس والوضع الذي يمثله يمكن أن يكون أهلاً لإدارة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، خاصة بعدما حدث في غزة وسيطرت حماس على القطاع بالقوة, فالإسرائيليون يعتقدون أن محمود عباس ضعيف، وأن السلطة ضعيفة، وأنهم لا يمكن لهم أن يضعوا أمن إسرائيل أو مستقبل إسرائيل في يد طرف فلسطيني ثم يأتي طرف فلسطيني آخر ويأخذه بالقوة ويسير بعكس الاتجاه الذي تريده إسرائيل.

                              السلطة جاهزة للتنازلات

                              ٭ هل يمكن للطرف الفلسطيني المفاوض حاليا التوقيع على اتفاقية للتنازل عن القدس واللاجئين، خاصة أن إسرائيل تصر على لاءاتها فهل يمكن أن يصل التنازل إلى هذا الحد؟

                              - هناك قضايا جوهرية فيما يسمى بقضايا الحل النهائي بينهم، فالسلطة الفلسطينية للأسف جاهزة لتقديم الكثير من التنازلات. ففي مسألة الحدود، فقد أعلن أبو مازن في تشرين الماضي أن المهم ليس الحدود إنما المهم مساحة الأراضي، وهذا يعني أنه جاهز لقبول تبادل الأراضي مع الإسرائيليين، أي أن يحتفظوا هم بأراضي استرتيجية وحيوية وهامة في الضفة الغربية ثم يعطى الفلسطينيون مساحة ضئيلة شرق قطاع غزة أو من صحراء النقب. وتبادل الأراضي هذا يفتح الباب لتبادل السكان في الـ 48 وهذا شيء خطير جداً لأن الذي يقبل بتبادل الأراضي يفتح الباب لمبدأ تبادل السكان والتخلص من سكان الـ 48 الفلسطينيين الأصليين وتبقى إسرائيل دولة خالصة لهم من دون الفلسطينيين، وهذا المشروع موجود لديهم، ولكن متى ينفذوه، هذه مسألة أخرى.. أما قضية الاستيطان، فإن الحديث يتم عن تفكيك بؤر للاستيطان لا قيمة لها، أما الاستيطان الحقيقي فهو في تزايد وما يقرب من 150 مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية لن تفكك منها إسرائيل أي شيء، بل سيتم تجميعها في ثلاث كتل، وهي المستوطنات في الضفة والقدس، وحالياً يوجد بالضفة أكثر من نصف مليون يهودي، وإذا حصل ذلك فإن إسرائيل بالنسبة لقضية المياه تسيطر على مياه الضفة التي تسرق منها حالياً ما يقارب عن 85% وأكثر من 75% من مياه الضفة موجودة على أراضي المستوطنات، فإذ أخذوا المستوطنات ذهبت معها المياه. ماذا بقي؟ حق العودة؟ إن كان أبو عمار على قيد الحياة قيل بأنه ليس هناك حق عودة . هناك 100 ألف شخص يمكن أن يسمح بعودتهم في اتفاق حل نهائي، وإسرائيل ستحدد من هم هؤلاء، وفق جدول زمني لا يعلم مداه إلا الله سبحانه وتعالى، وتسمح إسرائيل حسب حاجاتها الأمنية بعودتهم بالتقسيط إلى مناطق السلطة الفلسطينية، وليس إلى المناطق التي أخرجوا منها وإلى مناطق الـ 48 فحق العودة أصلاً حتى المبادرة العربية لم تصر عليه وقالت «حل يتفق عليه» أي أنه قابل للتفاوض وقابل للمساومة. فلم يعد من الثوابت التي لا مساس بها. ماذا بقي؟ قضية القدس؟ أنا لا أعتقد أن الإسرائيليين سيبدؤون في مسألة القدس من الصفر، بل من حيث انتهت المفاوضات مع ياسر عرفات في كامب ديفيد الثانية. والناس تنسى لماذا انهارت وفشلت المفاوضات.. ففي تلك المفاوضات أخذ الإسرائيليون كل شيء يتعلق بالقدس فالمستوطنات بقيت كما هي حيث أن أكثر من 26 مستوطنة إسرائيلية في القدس بقيت وفيها أكثر من 250 ألف مستوطن. فقط سيتم التنازل عن بعض أجزاء من المناطق الفلسطينية المحيطة بالقدس ذات الكثافة العربية والتي لا تريدها إسرائيل. في داخل المدينة الحديث دائماً يكون عن المدينة القديمة التي مساحتها حوالي كيلو متر مربع ويتحدثون عن أحياء صغيرة وحارات. الحي اليهودي يستأثر بنصف المدينة تقريباً، والحي الإسلامي مصادر نصفه منذ سنوات، فقط الخلاف كان على الحرم القدسي لأن جميع الحارات أخذت وحائط البراق، الذي يسمونه حائط المبكى أخذ، ومحيط المسجد وحي سلوان أخذ. وهم قالوا لياسر عرفات أنتم تستفيدون من المباني الموجودة في المسجد الأقصى لأننا لا نعترف بأنه المسجد الأقصى بل هو عندهم «جبل الهيكل» وافقوا أن نسير على أرض الأقصى، وقالوا إن ما تحت الأرض لنا ونحن سنحفر تحت هذا المبنى ونقيم كنيساً يهودياً، هيكل سليمان المزعوم، سيبنى تحت المسجد الأقصى.. وقد وافق بيل كلينتون يومها على هذا العرض الإسرائيلي وضغط على ياسر عرفات وقال له يجب أن تقبل هم لهم حق في هذه الأرض، أنتم لكم فوق الأرض وهم لهم تحت الأرض، يفعلون ما يشاؤون. وعندها ياسر عرفات رفض وقال لكلينتون إذا أردتني أن أقبل بهذا العرض فأنا أدعوك لكي تسير في جنازتي.. وكانت نتيجة الرفض أن تخلصت إسرائيل من ياسر عرفات ولم تأت أمريكا للسير في جنازته، بل الشعب الفلسطيني هو الذي اعتبر ياسر عرفات بموقفه وتمسكه شهيداً وضحية من ضحايا السياسة الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة... في كل هذه القضايا باعتقادي أن قيادة السلطة الحالية جاهزة للأسف لأن تقدم لإسرائيل أكثر مما تتوقع من تنازلات، ولكن التشدد لدى إسرائيل فهي تعتبر أن التهديدات الحقيقية التي تواجها اليوم في المنطقة تقترب من حافة الخطر الوجودي، خاصة بعد هزيمتها في حرب يوليو 2006 على يد المقاومة الإسلامية وحزب الله بلبنان.

                              في داخل فلسطين اليوم الشعب الفلسطيني أكثر من 5 ملايين في الـ 48 والضفة وغزة، ولم يسبق في تاريخ القضية الفلسطينية أن كانت البنية التحتية والثقل الديموغرافي والبشري والحضاري داخل الجغرافيا الفلسطينية كما هي اليوم، لذلك نحن لسنا ضعفاء ففي الأربعينيات والستينيات كانت العصابات الصهيونية بأقل من كتيبة أو سرية ترحل بلدة بأكملها، واليوم الشعب الفلسطيني مزروع بقوة في الأرض وحركات المقاومة متجذرة وموجودة في العمق الفلسطيني، فالإسرائيلي يشعر برعب حقيقي في داخل البيت.. هناك 5 ملايين فلسطيني يقابلهم 5.3 مليون يهودي. اليوم فكرة إسرائيل الكبرى تبخرت ومقولة «إسرائيل الكاملة» سقطت وخرجت إسرائيل من غزة بقوة المقاومة، وعرب الـ 48 موجودون في الجليل وفي حيفا وفي يافا في داخل الجغرافيا الفلسطينية، والصمود الفلسطيني والتجذر في الأرض يشكل تحديا كبيرا أمام الإسرائيليين ويؤكد استمرارية التاريخ الفلسطيني والعربي والإسلامي على أرض فلسطين. هذا علاوة على وضع المنطقة وكيف تموج بالغضب والحركات المقاومة، فالشعوب كلها ترفض إسرائيل من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وشعوب الأمة لا أحد فيها يقبل بإسرائيل، فقط الحكام قبلوها مجبرين ومكرهين، ولا أحد يقبل إسرائيل طوعاً في هذه المنطقة، ولذلك نحن لسنا قلقين. وبالنسبة للمفاوضات فإن قيادة السلطة باعتقادي جاهزة للأسف لكي تبيع بأي ثمن، ولكن الإسرائيلي هو الذي يتشدد. فهذه المرحلة عابرة، والمعركة القادمة والفاصلة بين إسرائيل وبين من يطالبون بحق الأمة في فلسطين واقعة لا محالة، أما متى وأين فهذه مسألة أخرى.

                              معركتنا مع العدو طويلة ومستمرة

                              ٭ د. شلّح نرى أن أداء المقاومة قد تراجع في الفترة الأخيرة الجانب العملي والاستشهادي فهل هناك بالفعل تراجع في مد المقاومة؟

                              - إن استراتيجية المقاومة تقوم على أن المعركة بيننا وبين العدو معركة طويلة وبحاجة إلى طول نفس فهو صراع طويل ومرير.. والأمر الثاني، أن المعركة أدواتها مختلفة ووتيرتها مختلفة ففي مرحلة من المراحل كالانتفاضة الأولى مثلاً كانت المقاومة بالحجر، أما في الانتفاضة الثانية فقد غلبت العمليات الاستشهادية حتى بدت وكان المقاومة فقط عمليات استشهادية، وجاءت مرحلة أخرى وهي الحالية تجد فيها أن الصواريخ في قطاع غزة الأداة الأبرز في المقاومة وكأن المعركة بيننا وبين العدو الإسرائيلي معركة صواريخ.. إن اختلاف أدوات المقاومة ووتيرتها ومنسوب العمليات من مرحلة إلى أخرى هذه مسألة تخضع لظروف المواجهة، فالعدو ليس ساكناً أو ضعيفاً، بل هو يملك من القدرة ومن القوة على التكيف مع الأوضاع القتالية التي يبتدعها المقاومون الكثير. فكما نتصدى نحن لعدوانهم يتصدى هو أيضاً للمقاومة ويبتكر وسائل وأدوات ليحمي نفسه من هذه المقاومة.. فعلى سيبل المثال في الضفة الغربية أقام الجدار، وهذا الجدار الفاصل نحن لا ننكر بأنه حد من قدرة المقاومة على الوصول إلى العمق لتنفيذ عمليات استشهادية، ولكن المقاومة لم تستسلم أو تقف عاجزة بل تبحث عن طرق ووسائل أخرى متعددة تواجه بها متطلبات كل مرحلة. ما يجب أن نلاحظه هنا أن سلوك العدو في إدارته للصراع وفي إدارتنا للصراع، هناك مسألتان أساسيتان هيمنتا على تاريخ الصراع وهما أن العدو لديه القدرة الكبيرة على الهجوم ويملك من القوة والسلاح ومن أساليب القتل والدمار ما يزيل الجبال، والمسألة الثانية أنه في المقابل لا يملك نفس القدرة في الدفاع عن النفس في مواجهة الخصم وفي مواجهة الهجوم عندما يأتي من شعب مثل الشعب الفلسطيني أو مقاومة كمقاومة الشعب الفلسطيني.. وإذا تأملنا هاتين المسألتين وكيف تعامل الشعب الفلسطيني معهما، ففي قوة الهجوم نجد أن الشعب الفلسطيني أثبت عبر التاريخ قدرته على الانتصار على العدوان الإسرائيلي وامتصاص هجومه بقدرة لا يكاد يستوعبها العقل الإنساني العادي، فما صبته إسرائيل من نار وحمم لو صبته على جبال لأزيلت ولكن الشعب الفلسطيني مازال باقياً وحياً وراسخاً ومتابعاً لنضاله.. لقد واجه الشعب الفلسطيني ومازال وسائل الدمار والقتل بقدرته على التحمل والتضحية والصمود والإصرار، وهذا الكلام حتى العدو نفسه اعترف به، لأن الشعب الفلسطيني من الصعب تصور الانتصار عليه كما كان قادة المشروع الصهيوني يحلمون.. غولدا مائير قالت يوماً لا أعرف شيئاً اسمه الشعب الفلسطيني.. أين نحن من هذه المقولة اليوم؟ الشعب الفلسطيني مازال هو الصداع الذي يصيب رأس العالم كله بدوار ولن يتعافى هذا العالم إذا لم يأخذ الشعب الفلسطيني حقه في وطنه.

                              أيضاً في الدفاع، العدو لا يتفوق علينا، والسر هو في أدواتنا المهاجمة التي لا يستطيع العدو أن يتصدى لها، نحن أدواتنا بدائية وبسيطة لكنها تربك العدو وتؤلمه ولا يستطيع أن يتصدى لها بسهولة، والعامل البشري والإنساني هو حجر الزاوية في جهادنا ومقاومتنا. لو كانت المواجهة جيش أمام جيش فان إسرائيل ستنتصر بسهولة، ولكن رابين قالها منذ زمن كيف نستطيع أن نواجه من يأتي وقد أخذ قراراً بالموت ويفجر نفسه.. كذلك الصواريخ التي يسخر منها محمود عباس ويقول إنها عبثية من يتصور أن الشعب الفلسطيني بإمكانيات بسيطة جداً يستطيع أن يخترع من مواد شعبية محلية صاروخ يصل مداه إلى أكثر من 20 كيلومترا ويضع أكثر من ربع مليون إسرائيلي في مرمى نار المقاومة الفلسطينية، هذه هي المعجزة الفلسطينية ومعجزة الصمود والإرادة التي لا تنكسر.

                              العنف من إيديولوجية العدو

                              ٭ البعض يتهم هذه الصواريخ بأنها السبب في المجازر التي ترتكبها إسرائيل؟

                              - للأسف، هذه الاتهامات هي تبرئة لإسرائيل من كل ما فعلته بحقنا منذ احتلال فلسطين إلى اليوم.. بمعنى أن المشروع الصهيوني عندما احتل فلسطين لم تكن الصواريخ موجودة، وعند مجزرة دير ياسين هل كانت صواريخنا موجودة؟ وهل في مجزرة كفر قاسم كانت الصواريخ موجودة؟ الإسرائيلي ليس بحاجة إلى ذرائع ومبررات، فالضفة الغربية ليس فيها صواريخ، ولكن مع ذلك إسرائيل تمارس عادة القتل اليومي بحق الشعب الفلسطيني، فالإرهاب والعنف هما جزء من الإيديولوجية الإسرائيلية، وجزء من العقيدة الصهيونية التي تسعى للقتل والإرهاب حتى تجبر الطرف الآخر على الاستسلام، ولكن نحن لن نستسلم ولن نرحل فالشعب الفلسطيني سينزرع في هذه الأرض حتى ينال كامل حقه فيها.

                              التقريب بين الفصائل

                              ٭ هناك مساع تقوم بها بعض الدول تحديداً مصر للتهدئة بين الفصائل وإسرائيل فما حقيقة هذا الدور وهل بالفعل هناك مساع تبذل في هذا الجانب؟

                              - المساعي موجودة، ولكن بتقديري الشخصي لن تفلح في تحقيق تهدئة يكتب لها النجاح لأن التهدئة بحاجة إلى راعٍ قوي يضع لهذه التهدئة شروطاً ويلزم بها أطراف التهدئة.

                              فما حدث على الأرض منذ توقيع اتفاق القاهرة الذي رعته مصر هو أن الطرف الفلسطيني التزم بالتهدئة لكن إسرائيل منذ اللحظة الأولى قالت إنها غير معنية بها واستمرت في عدوانها على الشعب الفلسطيني بالاجتياحات والقتل والتدمير والاعتقالات.. وإذا أردنا أن نتحدث عن تهدئة لابد أن تكون تهدئة متبادلة متزامنة وشاملة ولابد أن يكون هناك طرف قوي يستطيع أن يلزم إسرائيل بهذه التهدئة، فإسرائيل تعتقد أن التهدئة يجب أن تكون من طرف واحد والفلسطينيون يجب أن يلقوا السلاح ويرفعوا الراية البيضاء وأن إسرائيل لها الحق في أن تكون مطلوقة اليد على مدار 24 ساعة تجتاح أي مدينة وأي قرية فلسطينية، وتقتل من تشاء وتعتقل من تشاء، هذا هو التصور الإسرائيلي للتهدئة. وبالنسبة لنا فإن فصائل المقاومة مجتمعة لا يمكن أن تقبل بهذا النوع من التهدئة، وإذا كان هناك طرف عربي يستطيع أن يحقق تهدئة يلزم فيها إسرائيل ويكف يدها عن الشعب الفلسطيني فليتفضل ونحن نرحب بذلك.

                              تهدئة مؤقتة

                              ٭ هل هناك ضمانات معينة تطلبونها للقبول بالتهدئة؟

                              - عندما يكون هناك حديث عن التهدئة يتم التركيز فيه عن التبادلية أي أن تبدأ إسرائيل بوقف عدوانها على الشعب الفلسطيني، وأن يتم فك الحصار عن قطاع غزة بالكامل، وأن يتم فتح المعابر والأمر الثالث أن هناك أسرى ومعتقلين كثيرون منهم ليس عندهم قضايا أمنية ولم تصدر ضدهم أحكام.. إسرائيل في الآونة الأخيرة اعتقلت الآلاف، يجب أن يتوقف كل هذا وأن ينتهي حتى يتم الحديث عن تهدئة يلتقط فيها الشعب الفلسطيني أنفاسه ويلملم جراحة. ومن هنا نحن نفرق بين التهدئة المؤقتة والمشروطة كإجراء لإدارة الصراع مع هذا العدو وبين التهدئة طويلة الأمد التي تأتي ضمن تصور لحل سياسي، فنحن لا نطرح هذا النوع من التهدئة ولا نعتقد أنها مفيدة أو تأتي بنتيجة، ولكننا نتكلم عن تهدئة مؤقتة لتسهيل معيشة الشعب الفلسطيني وتخفيف المعاناة عنه دون أن تعني الإقرار بشرعية الاحتلال أو التسليم بوجوده، لأن التهدئة المؤقتة تعلق العمليات مؤقتاً لكنها لا تمس مشروعية المقاومة بأي حال من الأحوال.

                              سلوك إسرائيل لا يسمح بالتهدئة


                              ٭ كم المدة الزمنية التي ترونها مناسبة للتهدئة؟

                              - نحن لا نتحدث في تفاصيل زمن التهدئة، أي كم تكون المدة بالضبط، مع تأكيدنا على المدى القصير والتكتيكي لها، ونحن في كل الأحوال نعتقد أن أي تهدئة تتم مع الاحتلال لن يكتب لها النجاح ولن تعمر طويلاً، لأن سلوك إسرائيل لا يسمح لها لأن تكون طرفاً في تهدئة، فعدوان إسرائيل ليس القتل فقط، بل قد تجتاح إسرائيل مدن الضفة الغربية يومياً فهذه الاجتياحات انتهاك للتهدئة، والاعتقالات انتهاك للتهدئة، والحواجز انتهاك للتهدئة، وهدم البيوت أيضاً هو انتهاك لها، وتجريف الأراضي وقطع الأشجار، ومصادرة الأراضي، وبناء الجدار، والاستيطان، كل هذه انتهاكات تمارسها إسرائيل بشكل يومي والطبيعة الصهيونية لا تسمح أبداً بالتوقف عن هذه الجرائم أي لا تسمح بالتهدئة.

                              فرقة في الصف الفلسطيني


                              ٭ في حديث سابق توقعتم حدوث فرقة في الصف الفلسطيني وقد حدث ما حدث اليوم.. وبعد مضي أشهر عدة والفرقة الفلسطينية قائمة فهل هناك حل للاختراقات القائمة على الساحة الفلسطينية بين فتح وحماس وخاصة أن لكم جهوداً في هذا المجال؟

                              - للأسف، لا أعتقد أن هناك طرفاً فلسطينياً أو عربياً يمتلك تصوراً واضحاً لحل الأزمة الفلسطينية الراهنة أو كيفية الخروج من هذا المأزق الذي وصلت إليه الساحة الفلسطينية بالنزاع بين فتح وحماس.. إن المهم في هذا الموضوع أن القرار ليس فلسطينياً فقط، بل هناك فيتو إسرائيلي-أمريكي على الوحدة الفلسطينية.. ممنوع على الفلسطينيين أن يتحاوروا وممنوع أن يتوحدوا ويجب أن يستمر هذا الانقسام لأنه وضع مريح جداً للسياسة الإسرائيلية، وبالتالي ما لم يرفع هذا الفيتو، فلا أتوقع أن يكون في المدى القريب فرصة للقاءات والحوارات للخروج من هذه المشكلة، خاصة أن كل طرف يصر على رؤيته ومطالبه. فحماس تصر على التمسك بوضع قطاع غزة بعد سيطرتها عليه وتعتبر نفسها حكومة شرعية وآن الآخرين هم الذين انقلبوا عليها، وحركة فتح في المقابل تعتبر أن حماس نفذت انقلاباً في قطاع غزة وأن عليها أن تتراجع عن هذا الانقلاب حتى يكون لقاء وحوارا وإعادة اللحمة للصف الفلسطيني.

                              إعادة اللحمة الفلسطينية

                              ٭ هل لكم أن تجددوا هذه المبادرة لإعادة اللحمة في الصف الفلسطيني؟

                              - حاولنا مرات كثيرة ولو كان الأمر يتعلق بحماس فنحن وجدنا استجابة وتعاطيا إيجابيا ومرونة، ولكن التشدد موجود لدى رئيس السلطة، ولهذا السبب فأنا أعتقد أن تشدد أبو مازن مرجعه الموقف الأمريكي والإسرائيلي وليس حركة فتح.. وأنا لا أظن أن استمرار هذا الانقسام يمكن أن يفيد فتح أو حتى سلطة أبو مازن. الإسرائيلي فقط هو المستفيد، فطالما أن الانقسام موجود، فالإسرائيلي سيتعامل مع سلطة أبو مازن باعتبارها سلطة ضعيفة وسيتهرب من أي استحقاق يقدم لأبو مازن فيما يسمى عملية التسوية أو المفاوضات. فأبو مازن خاسر على كل المستويات، والأولى به أن ينطلق فلسطينياً وأن يقدم بعض التنازلات للخروج من هذا المأزق لإنهاء حالة الانقسام.

                              علاقتنا مع حماس جيدة

                              ٭ ما علاقتكم مع حركة حماس وخاصة أن الفترة الماضية شهدت نوعاً من التوتر؟

                              - تربطنا بحركة حماس علاقة جيدة، والتوترات التي حصلت بعد سيطرة حماس على غزة كانت أحداثاً ميدانية محدودة وتم السيطرة عليها وتجاوزها، واللقاءات بيننا عادية وطبيعية، وهناك لقاءات مستمرة وحوارات بيننا وبينهم، وهناك احترام للمواقف وتبادل في وجهات النظر خاصة أننا نعتبر أنفسنا نحن وحماس على المستوى الإيديولوجي وعلى صعيد البرنامج الكفاحي في خندق واحد.. ويجمعنا بحماس هدف واحد وهو تحرير الأرض بالمقاومة الإسلامية.. اختلفنا عن الإخوة في حماس فيما يتعلق بالمشاركة في السلطة، وكان لهم اجتهادهم الخاص الذي نقدره ونتفهمه، ونحن أيضا لديناً اجتهادنا بأن المشاركة في السلطة غير مفيدة لنا كحركات إسلامية، وقد تكون على حساب برنامج المقاومة أو قد يدفع الشعب الفلسطيني الثمن لما يترتب على هذه المشاركة، ونحن في غنى عنها.. ورؤيتنا قائمة على أن هناك برنامجين في الساحة الفلسطينية، برنامج مقاومة وبرنامج المفاوضات السياسية والتسوية، ولا يمكن الجمع بينهما، ولكن يمكن أن يتعايش أصحاب البرنامجين بألا يلغي كل طرف الطرف الآخر.. أي أننا نؤمن بالشراكة لكن ليس على قاعدة الخلط بين البرامج، بل على قاعدة التمايز وتوزيع الأدوار إلى أن تتحسن موازين القوى المحلية والإقليمية والدولية، أما هذه المرحلة بما فيها من ضعف للوضع العربي والإسلامي والانحياز المطلق لإسرائيل دولياً وأمريكياً ليست هي المرحلة التي يدخل فيها الشعب الفلسطيني في تدافع وتنازع داخلي على الخيارات والبرامج.

                              تنسيق فلسطيني - إسرائيلي


                              ٭ ما حقيقة وجود تنسيق أمني بين الأجهزة الأمنية للسلطة مع إسرائيل ووجود اعتقالات في صفوف حركات المقاومة خاصة في الضفة الغربية؟

                              - حقيقة التنسيق الأمني بين إسرائيل وأجهزة أمن السلطة ليست معادلة صعبة بحاجة إلى عبقري ليحلها أو يدلل عليها، لأن السلطة من الأساس، وبموجب اتفاق أوسلو، التنسيق الأمني وظيفة أساسية لها، وعلى طول سنوات أوسلو، كانت مهمة أجهزة أمن السلطة أن تقدم المعلومات لإسرائيل عن المجاهدين والعمليات، وأن هناك الكثير من العمليات التي تم إجهاضها والكثير من المجاهدين تمت ملاحقتهم وتمت تصفيتهم في ضوء معلومات حصل عليها العدو بالتنسيق بين أجهزة أمن السلطة وإسرائيل. هذا عوضاً عن الاختراق الذي تمارسه إسرائيل لأجهزة أمن السلطة، بمعني أن بهذه الأجهزة من هو مرتبط مباشرة بإسرائيل ويقدم لها المعلومات عن الشعب الفلسطيني ومجاهديه. ثم إن السلطة لا تقوم بأي حماية للمجاهدين من أبناء الشعب الفلسطيني، فالضفة الغربية تحت الاحتلال مع أن السلطة موجودة والعدو يجتاح ويغتال على مسمع ومرأى من السلطة وأجهزتها. وأين السلطة في بيت لحم عندما دخلت إسرائيل في وضح النهار واغتالت أربعة مجاهدين وخامس في طولكرم، فماذا فعلت السلطة وأجهزة أمن السلطة، لا شيء! إذن ستظل السلطة متهمة حتى تؤمن حماية للمجاهدين والشعب والفلسطيني، أما أن توجد الأجهزة في مناطق السلطة المستباحة إسرائيلياً ثم تكمل هي دور إسرائيل في ملاحقة وقمع المجاهدين فهذه وصمة عار لهم.



                              ما حدث في غزة سيتكرر في الضفة


                              ٭ هل يمكن أن يتكرر هذا السيناريو؟


                              - بالنسبة للوضع الفلسطيني يمكن أن يتكرر، أنا لا أستبعد ذلك، خاصة بالنسبة لتوازنات الوضع الداخلي الفلسطيني، فإن ما حدث في غزة يمكن أن يحدث في الضفة، ولكن هناك مانع يتمثل في العامل الإسرائيلي حيث إن إسرائيل تمارس احتلالاً مباشراً في الضفة الغربية، وبالتالي فإن وجود الاحتلال الإسرائيلي هو الذي يحول دون ذلك، فلو انسحبت إسرائيل من الضفة الغربية وتركت الضفة كما كان قطاع غزة في داخله متروكاً للفلسطينيين، أنا أعتقد أن ما حصل في غزة يمكن أن يتكرر في الضفة، كما أن فشل المفاوضات وعدم حصول أبو مازن على شيء من الإسرائيليين في النهاية سيصب في مصلحة مشروع المقاومة وسيزيد من التفاف الشعب الفلسطيني حوله، لذلك نحن ننصح الأخوة في فتح أن يراجعوا كل مسيرة التسوية التي دخلوا بها وأدخلوا الشعب الفلسطيني والقضية في نفقها المظلم، قبل فوات الأوان، ينبغي أن يكون في درس غزة عبرة للعودة إلى الأصول والثوابت وليس مزيدا من الرهان على إسرائيل والارتماء في أحضانها كما تفعل حكومة فياض.

                              حافز لمزيد من الحذر

                              ٭ أنتم تعيشون في العاصمة السورية دمشق وشهدت قبل مدة اغتيال لأحد قادة حزب الله هل هذا الاغتيال قد أثر على تحركاتكم وأعطاكم مؤشرات على اختراق إسرائيلي يمكن أن تحد من تحركاتكم؟

                              - بلا شك أن عملية اغتيال الشهيد القائد عماد مغنية في دمشق لها دلالات كثيرة، ولكن بالنسبة للاستهداف الإسرائيلي أو التهديد الإسرائيلي فهو ليس جديداً، ربما كان الاغتيال بهذا الحجم وفي هذا المكان، حافزاً إضافياً لنا لأخذ المزيد من إجراءات الحيطة والحذر في مواجهة عدو لديه الإمكانات والإصرار على استئصال كل من يحمل راية المقاومة ويسير في ركب المقاومة.

                              لن نسقط في حبال إسرائيل


                              ٭ هل يحد هذا من تحركاتكم؟


                              - ربما نغير من نمط حركتنا ولكن إذا حد التهديد الإسرائيلي من حركتنا فنحن نحقق له أهدافه لأنه في النهاية هو يريد أن يشل فاعليتنا وحركتنا سواء بالتهديد أو الاغتيال.. ولا ينبغي أن نسقط في حبال سياسته الأمنية، بل يجب أن نتصدى لها بإجراءات ووسائل أخرى، ثم نحن مطمئنون ولسنا قلقين على حياتنا أو مصيرنا لأن الأعمار بيد الله سبحانه وتعالى.. الحذر واجب، ولكن نحن على ثقة بأن ما يقدره لنا الله سبحانه وتعالى سيصيبنا «قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا».

                              نأمل أن تكون فلسطين حاضرة في القمة

                              ٭ نحن على أعتاب انعقاد قمة عربية فما هو المؤمل من هذه القمة؟

                              - إذا أردنا أن نتحدث بصراحة تاريخيا فنحن لدينا تجارب مع مؤتمرات القمة أنها لم تعد على قضيتنا بأي مردود حقيقي، وان لا أعول الكثير على القمة العربية، وفي خضم الضجيج والصخب الذي يثار حول انعقاد القمة في دمشق وبعض المحاولات التي مورست من هنا وهناك بأن لا تعقد القمة، وأن تسحب هذه الورقة من سوريا وكأنها شيء كبير، فأنا أعجب ما الذي ستفقده سوريا لو لم تعقد القمة على أراضيها، برأيي لا شيء، لأن هذه القمم لا تعتبر إنجازاً هاماً يوازي التحديات والمخاطر التي تعيشها أمتنا اليوم. ربما محاولات البعض ومساعي أمريكا وتحريضها بألا تعقد القمة في دمشق هو الذي يعطي هذه القمة أهمية بحيث يصبح مجرد انعقادها هو انتصار لسوريا.. وانتصار سوريا في هذه المعركة السياسية هو انتصار لإرادة الشعوب لأن الصراع في المنطقة أصبح واضحاً ليس صراعاً بين معسكرين، متشدد ومعتدل، كما يقولون، بل بين إرادتين، إرادة المقاومة والممانعة في مواجهة الهجمة الأمريكية والصهيونية، وإرادة الاستسلام والهزيمة التي تريد تسليم مفاتيح المنطقة وقرارها ومصيرها للإدارة الأمريكية وتل أبيب.

                              أما وقد شارفت القمة على الانعقاد، فنحن نأمل أن تكون هذه القمة قمة فلسطين بأن تكون فلسطين حاضرة، ولو من باب التعاطف المعنوي على الأقل، وإن كان هذا ليس كل ما تريده فلسطين التي تذبح من الوريد إلى الوريد بسلاح حلفاء النظام العربي. فلسطين ضاعت كجزء من الأرض العربية والإسلامية، ضاعت في صراع طويل ومرير مع المشروع الصهيوني، والنظام العربي على مختلف ألوانه، على مدار العقود، تحمل جزءاً كبيراً من وزر ضياع فلسطين، وبالتالي العرب في كل القمم قالوا إن فلسطين ضاعت ولكنهم لم يقولوا كيف ومتى تعود؟

                              النظام العربي لا يريد أن يسمع منا نحن الشعوب وحركات المقاومة بأن فلسطين يجب أن تعود، ويمكن أن تعود، بالإصرار والمقاومة وبالصمود؛ لأن المشروع الصهيوني قد جلب اليهود من كافة بقاع العالم وقرر أن تكون إسرائيل موطناً آمناً لهم، فماذا كانت النتيجة؟ اليوم اليهودي يأمن في أي مكان بالعالم إلا في فلسطين.. هذه هي المعادلة التي سيستمر بها مشروع المقاومة والصمود الذي نسير فيه.

                              المبادرة العربية تشبه وعد بلفور
                              ٭ لقد وصفتم المبادرة العربية في لقاء سابق بأنه وعد بلفور جديد واليوم المبادرة العربية ستكون مطروحة على القمة العربية القادمة فهل تؤيدون إلغاء هذه المبادرة نهائياً وسحبها وطرح خيارات أخرى عربية؟

                              - عندما قلت بأن المبادرة العربية تشبه وعد بلفور فلم أتجنَ على أحد لأننا تعلمنا منذ الصغر أن وعد بلفور كان معادياً للأمة العربية والإسلامية وأن من لا يملك أعطى من لا يستحق إشارة إلى بريطانيا والحركة الصهيونية، وإذا كنا نؤمن بأن فلسطين أرض عربية وإسلامية فنحن أمام وضع كارثي لأن «من يملك أعطى من لا يستحق» وإذا كان أصحاب الحق وقعوا على أن الطرف الآخر ـ أي العدو ـ يستحق العطاء، فإن التناقض الموجود في جوهر المبادرة نفسها يلغيها. فإذا كان العرب في المبادرة العربية يعتقدون بأن من حق إسرائيل أن تأخذ حيفا ويافا واللد والرملة وبئر السبع وكل مناطق الـ 48 أي ما يعادل 80% من فلسطين، فما الذي يمنع من أن يكون لها حق في الـ 20% الباقية، أي في الضفة وغزة؟ فالذي يقر بشرعية إسرائيل في أي جزء من أرض فلسطين إنما يقر بشرعيتها في الأجزاء الباقية؟ ما الذي يمنع من سحب الشرعية الموجودة لإسرائيل في حيفا ويافا، حسب المبادرة العربية، لتطال نابلس والقدس والخليل وجنين وغزة وغيرها. وإسرائيل تعتبر الذي فرط بحيفا ويافا والناصر وصفد وكل مناطق الـ 48 يمكن أن يفرط بالباقي من الأرض، والضغط الذي أجبره على التفريط بذلك سيجبره مرة أخرى بالتفريط فيما تبقى من الأرض والحقوق. لذلك فإن المبادرة برأينا ليست مشروعاً حقيقياً يمكن التعويل عليه، وبعض العرب قالوا نريدها صورة فقط لنقول للعالم نحن قدمنا ما عندنا والمشكلة عند إسرائيل.. ألم يتأكد العالم طوال هذه السنوات أن المشكلة عند إسرائيل؟ وهل أصبح الوطن العربي فاقداً للمبادرات إلى هذا الحد؟! للأسف أعتقد أن النظام العربي بمجموعه لم يبق أمامه إلا أن يصطدم بجدار كبير جداً حتى يفيق ويدرك أن الطريق الذي يسلكه في الرهان على أمريكا وإسرائيل هو طريق الهلاك، وهو طريق لا تقبل به الشعوب، ولهذا السبب قال شارون إن المبادرة لا تساوي الحبر الذي كتبت به لأن العرب عرضوا عليه التطبيع مقابل أن يأخذوا منه الضفة وغزة والجولان.. وشارون يدرك أن التطبيع ليس بيد الأنظمة والحكومات، فشعر أن الحكومات يبيعون إليه ورقة لا يملكونها، فالذي يملك ورقة التطبيع هي الشعوب التي لا يمكن أن تقبل بالظلم الذي تمثله إسرائيل على الأرض العربية والإسلامية.

                              أما عن إلغاء المبادرة أو سحبها وطرح خيارات بديلة، فالأمر يتوقف على الاتجاه الذي سيسلكه النظام العربي، هل سيتخلى عن المبادرة باتجاه التخلي الكامل عن فلسطين والتنصل من أي مسؤولية عربية تجاه الصراع مع إسرائيل، أم أنه سيراجع نفسه وحساباته ويسلك طريقاً جديداً، لا نقول طريق الحرب والمواجهة، فنحن ندرك أن الأنظمة لن تحارب، بل على الأقل طريق التضامن والتكاتف من أجل مواجهة غطرسة إسرائيل وتأمين حد أدنى من الحماية والدعم لقوى المقاومة التي تنوب عن الأمة في التصدي للمشروع الأمريكي والصهيوني في المنطقة؟

                              بين الرفض المطلق والقبول المطلق بإسرائيل

                              ٭ في رأيكم أي الطرق وأي الخيارات سيختار العرب؟

                              - النظام العربي، وكما قلت في البداية فهم في معظمهم للأسف متحالفون مع إسرائيل والولايات المتحدة.. وهذا ليس اتهاماً، بل هي القراءة الدقيقة والموضوعية لسلوك النظام العربي في هذه المرحلة.. وإذا أردنا أن نتأكد من ذلك فلنأخذ موقف العرب من إسرائيل، وكذلك الإدراك الصهيوني لوجود إسرائيل في قلب المنطقة.. أعتقد أن الإدراك الصهيوني لوجود إسرائيل على هذه الأرض مر بثلاث مراحل: المرحلة الأولى، مرحلة الرفض المطلق لإسرائيل، واستمرت منذ بداية الصراع إلى 1979 عندما وقع السادات معاهدة الصلح مع إسرائيل، وعنوان تلك المرحلة كان الرفض المطلق من الأمة كلها لإسرائيل وسميت المرحلة بمرحلة الصراع العربي الإسرائيلي، ومعاهدة كامب ديفيد افتتحت مرحلة جديدة في المنطقة اسمها مرحلة القبول الإجباري بإسرائيل، وانتهاء الصراع العربي-الإسرائيلي وتحوله إلى صراع فلسطيني إسرائيلي فقط. وفي العقل الإسرائيلي هناك مرحلة لم تبدأ بعد ولن تبدأ بإذن الله، وهي مربط الفرس لهذا الصراع في المنطقة، إسرائيل تريد أن تدخل المنطقة مرحلة القبول الاختياري والطوعي بإسرائيل وأن تصبح إسرائيل دولة طبيعية مثلها مثل أي دولة عربية أو إسلامية على الخريطة.

                              هذه المرحلة موجودة في العقل الإسرائيلي، ولكنها لن تأتي ولن تترجم في الواقع، لأن المنطقة بحركات المقاومة الإسلامية تعود إلى الرفض المطلق لإسرائيل.. والمنطقة الآن تشهد صراعاً بين رؤيتين وبين تيارين في المنطقة ومعسكرين: الأول، يريد أن يأخذ المنطقة إلى القبول المطلق بإسرائيل والتسليم بها كأمر واقع بل أكثر من ذلك أمر واقع نحبه ونرحب به ونحمد الله أن من علينا بجارتنا وحبيبتنا إسرائيل، هذا المعسكر تمثله معظم الأنظمة والحكومات.. والثاني، هو معسكر ومشروع المقاومة الذي يريد أن يأخذ المنطقة إلى مرحلة الرفض المطلق لإسرائيل.. والمنطقة عالقة بين هاتين الرؤيتين وما يجري هو صراع وتدافع بينهما.

                              نعتز بصداقتنا بإيران

                              ٭ هل هناك مؤشرات لدخول الدول الإسلامية أو التيار الإسلامي غير العربي إلى معسكر الرفض؟

                              - إيران كدولة إسلامية متهمة أنها قاعدة أساسية لرفض إسرائيل وخطاب زوال إسرائيل لا أحد يتحدث به في الأنظمة والزعماء سوى أحمدي نجاد.

                              أنتم متهمون بارتباطاتكم مع إيران؟

                              ٭ نحن متهمون بأننا مرتبطون بمن لا يحبون إسرائيل وهذا شرف كبير لنا... ولا يشرفنا ان نصنف بأننا في إطار من تحبهم إسرائيل.. هل تتلقون دعما عسكريا من إيران؟

                              - نحن شعب فلسطيني عربي مسلم أرضنا محتلة وحقوقنا مغتصبة، وعندما تأتي إيران أو أي دولة في العالم وتمد يد العون لنا بأي شكل من أشكال الدعم لا أظن انه يحق لأحد أن يلومنا بقبول دعم إيران ومساندتها لنا فهي تعيننا على استعادة حقنا المغتصب في فلسطين.. وهل هذه جريمة وتهمة؟ وماذا يسمي الآخرون علاقاتهم بإسرائيل وصمتهم عن جرائم إسرائيل ورفع أعلام إسرائيل في عواصمهم، ماذا يسمون هذا؟. الكويت مثلاً استعانت بأمريكا عند حربها مع العراق واستعانت بدول غير إسلامية وجاؤوا وذبحوا العراقيين من أجل تحرير الكويت، فهل الاستعانة بالأمريكي والأوروبي بأن يأتي ليذبح العراقي من أجل تحرير الكويت يعتبر شرفا كبيرا وتصدر فيه فتاوى في الدول العربية أما الاستعانة بالإيراني لتحرير فلسطين فهذه جريمة وتهمة في العالم العربي، هل هذا منطقي وطبيعي؟ هل من العقل والمصلحة أن نصدق فزاعة «الخطر الإيراني» التي تروجها أبواق الدعاية الصهيونية في المنطقة وننسى «الخطر الإسرائيلي» والترسانة النووية الإسرائيلية التي تكفي لإبادة كل المنطقة عدة مرات؟!

                              أنا كنت أتمنى أن أجد طرفاً عربياً واحداً ممن يلوموننا على علاقتنا بإيران حتى نعتز بدعمه وإسناده لنا كما تفعل إيران في دعم الشعب الفلسطيني، فبدلاً من أن نلوم إيران علينا أن نلوم أنفسنا كعرب.

                              نريد التمسك بالجهاد


                              ٭ ماذا تريد حركة الجهاد من الشعوب العربية؟

                              - في الحديث عن الشعوب وإلى الشعوب لن أقول كلاماً مكرراً بأن على الشعوب أن تستيقظ وأن تمد يد العون للمقاومة وكفى الله المؤمنين شر القتال. سأتحدث في خلفية فهمنا ووعينا لموقع الشعوب وعلاقة الأمة بفلسطين ومستقبل الصراع من أجلها.

                              نحن في ثقافتنا الإسلامية نعتبر أن أمتنا أمة واحدة، لذلك أنا لا أومن بالعبارة التي تقول الأمتين العربية والإسلامية.. الإيمان بالأمة الواحدة جعله الله تعبيراً عن العبودية له «وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون».. هي أُمة مخرجة وليست خارجة بإرادتها وهناك من أخرجها للناس وصنعها بهديه، وهو الله سبحانه وتعالى «كنتم خير أمة أخرجت للناس».

                              نحن نعلم أن رسالة الإسلام هي الرسالة الخاتمة ونبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين.. محمد الذي لا يطيق الغرب اسمه ويعلن الحرب على أمته وعلى نبيها بالسخرية والاستهزاء في حرب صليبية جديدة.. لماذا هذه الحرب على نبي الإسلام وأمة الإسلام باسم الحرب على الإرهاب المزعوم؟ لأن الله سبحانه عندما ختم رسالات السماء لم يترك البشرية بلا رعاية إلهية تصوب مسيرتها نحو الهداية، كما كان يفعل عن طريق الأنبياء والرسالات السابقة. بل عهد بهذه المهمة إلى الأمة المخرجة للناس، بكتابها ومنهاجها الذي تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظه، فالمسلمون اليوم مؤتمنون على مسيرة البشرية كلها، لكن الأمة للأسف بتفريطها في هذا المنهج لم تعد أهلاً لحمل الأمانة حتى على مستوى واقعها ومصيرها فكيف بها وبالأمانة عن البشرية كلها.. المسافة شاسعة جداً ومخيفة.. من الطبيعي أن يستفزنا الغرب ويحرك مشاعر المسلمين حول رسوم الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم.. لكن هذا لا يكفي.. أين المسلمون عندما يستباح ميراث محمد صلى الله عليه وسلم في مسرى محمد ومعراجه إلى السماء في فلسطين؟ أين نحن عندما يستباح المسجد الأقصى ويتعرض لما سيحيله إلى حطام وركام في انتظار تحقيق الحلم الصهيوني ببناء الهيكل المزعوم على أنقاضه؟!

                              إن تهديد المسجد الأقصى هو تهديد للبيت الحرام، نعم المسجد الحرام مهدد وقبلة المسلمين مهددة لأن قبلتهم الأولى استبيحت.. والرباط الذي ربطه الله تعالى بين المسجد الأقصى والمسجد الحرام في سورة الإسراء يؤكد ذلك.. وعندما تأتي السياسة لتقطع هذا الحبل الواصل بين مكة والقدس وتقطع أوصال العرب وتلقي بهم في حبائل السياسة الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة فماذا بقي من إسلامنا وديننا وعروبتنا وصدق انتمائنا لهذه الأمة؟

                              معركتنا في القدس وفي فلسطين هي معركة على مصير الأمة وعقيدتها وهويتها ووجودها، ولا يظن أحد أنه إذا شطبت فلسطين من الخريطة وتم تثبيت إسرائيل حارسة مصالح أمريكا والغرب أن البيت الحرام وما حوله سيكون في مأمن، أو أننا في أي بقعة من بقاع الإسلام سنكون في مأمن.. إذا ضيعت فلسطين بهذه الاتفاقيات التي عقدتها بعض الدول العربية ومنظمة التحرير ستضيع هذه الأمة.. لكن هذا لن يحدث بإذن الله لأن أمتنا المخرجة من الله سبحانه وتعالى هي قدر الله عز وجل وهدية الله للبشرية كلها.. وقدر الله في النهاية سينفذ وستصحو الأمة لتؤدي رسالتها وشهادتها على العالم.. وهذا ليس من باب القدرية أو الاستسلام للعامل الغيبي فقط، بل هي دعوة للفعل والنهوض مع استحضار هذا العامل الذي كان له الدور الأهم في تأسيس الأمة ووجودها وحفظ مسيرتها وتحقيق انتصاراتها على مدار تاريخها، واليوم يتم استبعاده من أجل الاستسلام لموازين القوى الظالمة ولواقع الهزيمة والضعف بدعوى الواقعية، نحن نقول إن حالة العجز والضعف والهوان الراهنة هي ليست الأصل في حال الأمة، بل هي ابتلاء للأجيال الحاضرة التي سقطت في الامتحان ولم ترتق إلى مستوى التكليف الإلهي والدور التاريخي المنوط بهذه الأمة.. وحتى نخرج من هذه الحالة ليس أمامنا إلا الجهاد طريقاً لعزتنا وللدفاع عن أنفسنا في مواجهة من يمس ديننا وعقيدتنا ويغزو ويحتل أراضينا. لذلك، رسالتي وكلمتي الأخيرة للشعوب أن تنهض من سباتها، وأن تتمسك بدينها وعقيدتها وهويتها الحضارية أولاً وأن يحيوا فريضة الجهاد، ومن لم يستطع فعليه نصرة المجاهدين في كل مكان خاصة في فلسطين، فهي واجب وفرض على كل مسلم ومسلمة.

                              راياتنا سود ..... ولا نهاب اليهود ...... في سبيل الله نجود ..... بإرداة وصمود ...... جيشنا الجبار نقود ...... نسعى لإزالة إسرائيل من الوجود .... . نحن جند السرايا الأسود .......

                              تعليق

                              يعمل...
                              X