كتب رئيس شعبة الاستخبارات الصهيوني السابق شلومو غازيت تعليقاً على علمية القدس النوعية مقالاً في جريدة معاريف تحت عنوان : "ارهاب في القدس" طرح فيه عدة ملاحظات على العملية اشار فيها الى الدلالات الخطيرة لما حدث امنياً وسياسياً ملمحاً الى ضرورة الاعتماد على الاسلوب السياسي بل العسكري في مواجهة الفلسطينيين ، بعد ما جرى في الأيام الاخيرة .
وقال غازيت في مقاله:
يخيل أنه ليس هناك من لم يصدم بفعلة الارهاب الفلسطيني في مدرسة "مركاز هراف" الدينية في القدس. لقد كتب وقيل الكثير. ومع ذلك، فانه الان، بعد أن بات في أيدينا المزيد من المعلومات عن منفذ العملية، علاء ابو دهيم اياه، ابن جبل المكبر، ثمة مجال لعدة ملاحظات.
1. الفعلة الفظيعة في مدرسة "مركاز هراف" جاءت لتذكرنا بأن المواجهة هي بيننا وبين عموم الفلسطينيين. وحتى لو شئنا، فانه لا يمكننا ان نفصل وان نقطع قطاع غزة عن الضفة الغربية وفي واقع الامر ليس عن الفلسطينيين خارج حدود ارض اسرائيل. الدافع للعملية الارهابية كان بلا ريب الاحداث الاخيرة في قطاع غزة، ذاك الدافع، بالمناسبة، الذي كاد ينتج عملية فتك في شارع صلاح الدين في شرقي القدس، قبل يومين من ذلك.
2. الشاب الفلسطيني منفذ العملية كان من سكان القدس، عربي، يحمل بطاقة هوية "زرقاء" اسرائيلية. وكما أسلفنا، فانه ابن جبل المكبر، حي عربي في شرقي القدس. هذا الشاب وهو واحد من 250 الف فلسطيني، من سكان شرقي المدينة، ممن تصر السياسة الاسرائيلية على عدم الانفصال عنهم. نعود لنذكر في هذا السياق، أيضا البعد الديمغرافي – الاحصاء الذي أجرته اسرائيل في القدس قبل أربعين سنة، غداة حرب الايام الستة، كان السكان العرب في القدس يعدون 60 الف نسمة، ربع عددهم اليوم. مخيف حقا التفكير الى أين من شأن عددهم ان يصل بعد 25 او 40 سنة. هذا التهديد لا يقل في خطورته عن التهديد الارهابي.
3. الهدف الذي اختاره منفذ العملية لم يكن بالصدفة. فيكاد يكون بلا استثناء يكتفي المخربون الفلسطينيون بهدف مصادف، هدف يوجد لهم قدرة على الوصول اليه بسهولة وراحة. مكان يمكن لهم فيه أن يقتلوا يهودا، اكبر عدد ممكن منهم. سواء كانت هذه عملية اطلاق نار أم تفعيلا لعبوة ناسفة شخصية. مدرسة "مركاز هراف" اختيرت بلا ريب بسبب رمزية المكان – فهذا بؤرة حركة الاستيطان اليهودي في ارض اسرائيل. ابو دهيم رأى في تلاميذ المدرسة تجسيدا للعدو اليهودي ورغب في قتلهم هم بالذات.
4. نحن نتعاطى مع هذه العملية، وعن حق، بخطورة خاصة. فقد كانت هنا فعلة ارهابية فظيعة للتسلل الى مؤسسة تعليمية توراتية، لنار مجنونة نحو تلاميذ مدرسة دينية ينكبون فوق كتبهم وفي سبيل تلمودهم. وفضلا عن ذلك، ودون التخفيف من حدة فعلة العملية الخطيرة التي قام بها ابو دهيم، جدير الاشارة الى البعد المجنون للنزاع الذي يتلقى المزيد فالمزيد من طابع المواجهة الايديولوجية – الدينية. نحن نشهد، لاسفنا مزيدا من الامثلة عن الكراهية المتبادلة التي تتغذى بالايمان المتزمت الديني عديم المنطق والحلول الوسط. وبالفعل، معروفة ومذكورة لنا حالات سابقة ضرب فيها اليهود ايضا مؤسسات دينية ومصلين مسلمين.
5. هناك من يطالب منذ الان رئيس الوزراء بتجميد المفاوضات السياسية التي نجريها مع محمود عباس والسلطة الفلسطينية. كنا في هذه الوضعية تماما قبل بضعة ايام، حين أعلن ابو مازن عن وقف المفاوضات مع اسرائيل في اعقاب عملية الجيش الاسرائيلي في قطاع غزة. هناك وفي حينه شرح له بانه لا يجب الربط بين الامور، وربما بالعكس – التقدم في المفاوضات قد يكون الرد على الارهاب والمواجهة العنيفة. أوليس ذات المنطق ينطبق علينا ايضا؟
6. وأخيرا، سؤال. عندما يرابط في بوابة كل مؤسسة تعليمية في اسرائيل حارس، لماذا لم يرابط حارس في بوابة مدرسة "مركاز هراف"؟ من المسؤول عن هذا القصور الخطير؟
تعليق