إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لماذا اعترفت الأمم المتحدة بـ"حزب الله" ؟!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لماذا اعترفت الأمم المتحدة بـ"حزب الله" ؟!

    ليس مدهشاً أن تُمنح فئة منتصرة اعترافاً من جهات دولية أو إقليمية، شريطة أن يكون هذا انتصارها ساحقاً ومدوياً فذاك شأن عالمنا اليوم الذي يحني الهام للقوة دون الشرعية والقيم الأخلاقية، ولا يدعو للعجب ألا تكون الفئة الممنوحة هذا الاعتراف قد ذاقت طعم النصر بالمرة ما دامت قريبة من الدولة ذات السيطرة الأسود على الأمم المتحدة المتحكمة في قراراتها، إذ عادة ما تمنح الشرعية إما لسبب الانتصار أو لسبب القرب والتحالف مع الدولة العظمى، بيد أن ما غمرنا دهشة هو اعتراف الهيئة الأممية بحزب تعتبره الدولة العظمى "إرهابياً" في وقت لم يحقق فيه انتصاراً باهراً أو ساحقاً على عدوه الذي هو بالأساس حليف الولايات المتحدة الأمريكية الأول.. "إسرائيل".

    وتبدو محاولة قراءة المشهد السياسي الذي أفضى إلى هذه المعادلة, شديدة التعقيد والإبهام، فلا بمقدورنا أن نقرأها من اليمين ولا من اليسار، ولا باستطاعتنا أن ندين أو نبرئ أطرافاً تسعى إلى الابتعاد عما يخدش وطنيتها واستقلالها، لكنها تفتح شهية المراقبين لأكثر من البحث في نقاط التلاقي الدولية وتقاطع المصالح.

    وسيكون من العسير تفهم مجريات أحداث رافقت أو أعقبت الحرب التي دارت رحاها على الأرض اللبنانية خلال الشهرين الماضيين بما لا يمكن أن تتسق والمواقف المعلنة مسبقاً أو مواكبة لعملية تدمير الجنوب اللبناني الأخيرة.

    ولنعد مثلاً إلى الوراء حيث (الأمين العام للأمم المتحدة السابق) بطرس غالي قد فقد منصبه رغم إجماع دول العالم على التجديد له باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية لأن هذه الأخيرة رأته قد جاوز الحد في تقرير مجزرة قانا الأولى، الذي أشار بأصابع اللوم إلى "إسرائيل" لارتكابها هذه الجريمة، حينها لم يبدُ العالم قادراً على كبح جماح الدولة العظمى في تأديب الأمين العام على موقفه الذي جاوز الحد قليلاً من وجه النظر الأمريكية، والتي لم تغفر له مع ذلك وقوفه مع الولايات المتحدة في المسألة العراقية وغيرها، وكان الأمين العام بطريقه إلى خارج مكتبه في مبنى الأمم المتحدة بعد أن تعدى الخط الأحمر، وحل (الأمين العام الحالي) كوفي عنان بدلاً منه، وتواتر أن في ربقته حزمة من القيود تحول بينه وبين مفارقة الموقف الأمريكي أو الابتعاد عنه كثيراً من بينها ما يقال عن تورط ابنه في خروقات رافقت صفقة النفط مقابل الغذاء التي ألجم بها العراق بعد حرب الكويت.

    باختيار أمريكي فريد جاء الأمين العام للأمم المتحدة، وبحساب دقيق أمضى خطواته، فهل فارقته الحكمة في لبنان؟! أو بعبارة أخرى: كيف استقام له أن يصرح في قلب الجنوب اللبناني بأن "قوة اليونيفيل ليست في لبنان لنزع سلاح حزب الله." وأن "مسألة نزع سلاح حزب الله شأن داخلي لبناني"؟! [29 أغسطس]..

    هل حان الوقت لأن يتحرك الأمين العام ضد مصالح الدولة العظمى ويجرد القرار الأممي 1701 من عبارته المبهمة التالية: "التنفيذ الكامل للأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف والقرارين 1559 (2004) و1680 (2006) التي تطالب بنزع سلاح كل الجماعات المسلحة في لبنان، حتى لا تكون هناك أي أسلحة أو سلطة في لبنان عدا ما يخص الدولة اللبنانية، عملا بما قرره مجلس الوزراء اللبناني المؤرخ 27 يوليو 2006" [نص القرار 1701]؟!! فكم هو غريب أن ينقض الأمين العام هذا القرار أو يفسره على هذا النحو العجيب، فإذا كان القرار ينص ـ على إبهامه ـ على ضرورة نزع سلاح "كل الجماعات المسلحة في لبنان" (ونظن أن "حزب الله" من هذه الجماعات) وأن ذلك كما هو منصوص في القرار هو رغبة مجلس الوزراء اللبناني (الذي لا يملك القوة لتنفيذ ذلك) فكيف كانت قراءة الأمين العام وفقاً لهذا التصريح للحدث على هذا النحو الملغز؟ هل بات الرجل يعمل ضد الدولة المستضيفة لمبنى الأمم المتحدة أم تراها راضية عن تصريحاته المتناقضة مع القرار الدولي هذا؟!

    إذا لم نغادر حياديتنا يمكننا القول بأن الرجل وإن بدا مناقضاً للقرار للحد الذي جعله يلتقي مع ممثل حزب الله في الحكومة اللبنانية، وزير الطاقة محمد فنيش، وهو ما لم يمكن تفسيره على أنه مسعى لتنمية دولية للطاقة في لبنان، ولا حتى القبول به على خلفية ضرورة الاعتراف الأممي للقيام بوساطة بين الحزب و"إسرائيل" لأن الأخيرة بالأساس لم تطلب من عنان هذه الوساطة ما يشي بأن وراء الاعتراف زخماً أمريكياً ودولياً يستشف منه لدى بعض المحللين أمارات صفقة متكاملة لم تتضح معالمها لحد الآن وإن ذكَّرت بالصفقة المبرمة بين أمريكا وإيران حول العراق وأفغانستان والتي لم تبرح حيز الرؤية لهذه اللحظة، ـ هو وإن لم يبد مناقضا للقرار، إلا أنه متسق مع سياسة أممية سادت لغتها المبهمة والحنونة في آن في سطور القرار الأخير (1701) الذي يعد حمال أوجه على نحو لا يمكن غض الطرف معه عن خروجه عمداً خلواً من الأنياب والأظافر.. لا بل على نحو يمنح فيه القرار بـ"مباركة " أمريكية اعترافاً أممياً لحزب تصم الولايات المتحدة آذان العالم بطنينها حول "إرهابية" هذا الحزب المتعدد الأوجه والأذرع.

    الأمم المتحدة اعترفت من دون ضجيج بهذا الحزب وهي تتحدث عن نزع سلاحه، ثم تنسى نزع سلاحه وتتذكر اعترافها به، يقول المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض المصرية : "قرار الأمم المتحدة رقم 1701 بنزع سلاح حزب الله هو اعتراف ضمني بأنه ليس منظمة إرهابية، لأنه لا يجوز للأمم المتحدة أن تطلب شيئاً من منظمة إرهابية" [صحيفة الكرامة (الناصرية المصرية) 22 أغسطس]. واللافت بالفعل أن القرار لم يستخدم عبارة "الأطراف المتحاربة في الجنوب اللبناني" وإنما نص صراحة على الحزب حين قال: "يدعو إلى وقف تام للأعمال القتالية، يستند بصورة خاصة إلى وقف حزب الله الفوري لجميع الهجمات، ووقف إسرائيل الفوري لجميع العمليات العسكرية الهجومية"!!

    فهل كان القرار "متزنا" إلى هذا الحد أم أنه كان محدوداً بخطوط حمراء كتلك التي حدت هذه الحرب فلم تجاوز خطوط التماس الإقليمية والدولية السميكة؟!
    نعيب الزمان والعيب فينا

    وما للزمان عيب سوانا
يعمل...
X