إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

التفريغ الكامل للقاء السحاب الثاني - (مع الشيخ أبي يحيى الليبي)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التفريغ الكامل للقاء السحاب الثاني - (مع الشيخ أبي يحيى الليبي)

    بسم الله الرحمن الرحيم

    نخبة الإعلام الجهادي

    تقدم





    التفريغ الكامل

    للقاء مؤسسة السحاب الثاني

    مع الشيخ أبي يحيى الليبي

    حفظه الله


    مراسل مؤسسة السحاب :

    بسم الله الرحمن الرحيم

    لحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
    وبعد
    يسر السحاب للإنتاج الإعلامي أن ترحب بالشيخ أبي يحيى الليبي في لقائها الثاني بعد مرور عامين من نجاته من سجن بغرام , ونسأله بداية :

    مراسل مؤسسة السحاب :

    شيخنا الكريم بعد مرور هذه المدة على نجاتك من الأسر و احتكاككم بالمجاهدين وبقائكم بينهم , كيف تقيمون المسيرة الجهادية بصورة عامة وفي أفغانستان بصورة خاصة ؟

    الشيخ أبو يحيى الليبي :

    بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد .
    بين يدي الجواب أتقدم بالشكر الجزيل لمؤسسة السحاب الإعلامية على مجهودها الكبير الذي تقوم به لتبليغ المنهج الحق والصورة الناصعة للإسلام بعيدا عن الترقيع والتلفيق ومناهج التوفيق التي أصبح تبنيها أحد سمات العصر وربما من مفاخره .
    أما عن الجواب أخي الكريم فيمكن وضعه في فقرتين :
    الأولى تتعلق بالتقدم العلمي المنهجي الفكري إن صح هذا التعبير الذي أحرزه ويحرزه المجاهدون يوما بعد يوم وهذا سواء كان من جهة النظر إلى أصحاب هذا المنهج وحملته داخل الأمة الإسلامية التي ينتمون إليها أم من جهة فرض رؤيتهم و اتساعها على مستوى الأمم والشعوب جميعا ودخولهم لحلبة صراع الأفكار وتدافع المناهج بقوة وثقة وبصيرة وفهم ليقول المنهج الجهادي وسط المعمعة ها أنا ذا فأين المنازل ؟ فبفضل الله عز وجل نحن نلحظ وبكل وضوح تفوقا وتقدم يحرزه المنهج الجهادي في جميع الاتجاهات النظرية العملية عبر تأصيلاته الشرعية وتحليلاته للواقع ونظرته للأحداث وتوصيفه للقضايا و إعطائه تصورات شرعية واضحة محددة لكثير من الشؤون الكبرى التي تمس الأمة الإسلامية داخلياً وخارجياً وبتنا نشعر ونرى ترقب الأمة الإسلامية لكلمة المجاهدين في جل الأحداث التي تقع بين الحين والحين وأصبح الصوت الجهادي هو المقدم عندها والمعبر عن رأيها ورؤيتها ولم يعد الجهاد كمنهج كلي مغموراً بين ركام الأفكار ولا مغيبا تحت مختلف المناهج بل أصبح بفضل الله أولاً و آخراً يدافع كل المناهج و الأفكار والتصورات المنحرفة ويقابل الحجة بالحجة والبيان بالبيان يناقش الأطروحات ويرد الشبهات ويزيل الضلالات ويصحح الأخطاء ويقوم الاعوجاج ويقول كلمته بالصفاء والنقاء لا يخاف في ذلك لومة لائم و غدا الطرح العلمي المؤصل لمنهج الجهاد تظهر آثاره على الكثير من الحركات الإسلامية والتي كان كثير من عناصرها كالمخدرين بتصورات أشبه ما تكون بالخيالات منها إلى الصلة بالشرع والواقع وهذا كله بالنظر إلى الأمة الإسلامية أما إذا وسعنا دائرة النظر و انتقلنا إلى مدى بلوغ وتأثير صوت الجهاد إلى العالم ككل سواء كان على مستوى الحكومات أو الشعوب فإننا سنسمع أصداء هذا الصوت يتردد من أعماق العالم الكافر في أوربا وغيرها وكما يقال فإن لكل فعل رد فعل فما هذه الهجمة الإعلامية الشرسة التي يشنها أهل الكفر وبصور مختلفة ومتنوعة على الجهاد والمجاهدين إلا بسبب الزلزلة التي يحدثها تناول المجاهدين وتحليلهم للمسائل الكبرى التي يأبى هؤلاء أن ينظروا إليها نظرا منطقيا صحيحا بعيداً عن التلبيس والتدليس والتحريف والتزييف , وبالجملة فإن الجهاد كعبادة وشعيرة إسلامية لها أحكامها وآدابها وضوابطها وقواعدها أصبحت تنتشر وتتسع وتزداد وتقوى وتتقد ولهذا فإن محاولة الدول الكافرة ومن ورائهم عملائها في المنطقة إماتة الروح الجهادية في الأمة وإرجاعها إلى الوراء وخنقها بحبال التضييق المتنوعة إنما هو ضرب من العبث اليائس وستكون كل تلك الجهود التي تبذل والأموال التي تنفق وبالاً عليهم وحسرة في قولبهم وسيستمر الجهاد في النمو والعلو و الاتساع وإن كرهت قلوبهم ورغماً عن أنوفهم مصداقا لقول الله عز وجل ((يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ))
    وقوله سبحانه ((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ))
    أما ثاني الفقرتين فهي تتعلق بالإنجاز العملي المتمثل في الجهاد المسلح الذي تخوضه الأمة الإسلامية اليوم في ساحات كثير وأثبت فيه المجاهدون الذين هم جزء من أمتنا بأن منازلة الأعداء في ساحات القتال هي أمل طالما ما تمنوه ورغبوا فيه وحرصوا عليه لعلمهم أن انكسار العدو عسكريا وتبدد قوته سيعني بلا شك تقهقرهم فكرياً لأن النفوس مشغوفة بتقليد الأقوى ومعركتهم التي يخوضونها هي مع أقوى قوة عالمية فأمريكا التي هي إحدى أمهات الخبائث في هذا العصر كانت قبل بضع سنوات تتبجح بقوتها و تتباهى بجيشها وعتادها وكان الجميع خاضعين لها مستسلمين لقراراتها فلا انتقاد ولا اعتراض ولا مراجعة إنما هو الاستجداء والتوسل وتقبيل أعتاب البيت الأبيض ونعال ساسته أما اليوم فأين أمريكا وأين قوتها وبهرجتها أين شعارات من لم يكن معنا فهو ضدنا أين كلمات التهديد وعبارات التوعد ؟ أين بطر وكبر الجيش الأمريكي وساسته بل أين قيمة الجندي الأمريكي الذي كان مقتله يتصدر قائمة الأخبار في جميع وسائل الإعلام واليوم صار يجرجر في شوارع بغداد ويعلق على جسور الفلوجة ويتدحرج فوق صخور أفغانستان ويتفحم وسط عاصمتها كابل ومع ذلك فخبره يمر مروراً عابراً خاطفاً بلا اهتمام ولا تحليل هذا إن ذكر في وسائل الإعلام ولم تعتبر خبرا هامشيا لا يسعه وقت أخبارها وبرامجها فمن هنا فعلينا أن نسأل سؤالا صريحا من الذي أوصل القوة الأمريكية إلى هذه الهاوية من الذي ميز بين اللحم والورم فوضع أمريكا على المحك وفي كفة الميزان ثم بين للجميع وزنها وقيمتها وأظهر حقيقتها إنك ستجيبني بلا شك بعد فضل الله عز وجل وتوفيقه إنهم المجاهدون بلا منازع سواء في أفغانستان أو العراق أو الصومال أو في قلب أمريكا ولهذا فلو لم يكن من مكاسب الجهاد والمجاهدين العسكرية إلا هذا لكفاهم فخراً ونصراً وظفراً وكيف و الأمر أكبر من ذلك بكثير والمكاسب بفضل الله و مدده متوالية متتالية و اتجاه المعركة إن شاء الله يسير نحو ما خطط له المجاهدون و ما يريدونه وأفغانستان هي إحدى حلقات هذه المواجهات بل هي الساحة الأم باعتبار الأقدمية وأهلها الأبطال قد تمرسوا في مواجهة قوى الكفر وأتقنوا تفتيت الإمبراطوريات الواحدة تلو الأخرى والتي نسأل الله أن تكون أمريكا آخرها فيمكن أن تضع مقارنة بين ما كان عليه المجاهدون من إخواننا الطالبان وأنصارهم وما هم عليه حيث كانت السنة الأولى من سقوط إمارة أفغانستان الإسلامية أعادها الله سنة يأس وإحباط إلا لمن ثبته الله بنور اليقين وقوة الإيمان والثقة بوعد الله عز وجل أما اليوم والفضل لله وحده فأصبح المجاهدون مطارِدين لا مطارَدين ومُستهدِفين في الأغلب لا مُستهدَفين وصارت العمليات العسكرية بشتى أنواعها تضرب في أعماق المدن الأفغانية بل وفي قلب القواعد العسكرية المحصنة وسيطر المجاهدون على مساحات شاسعة واسعة من أرض أفغانستان وباتت تحت قبضتهم وسلطانهم وأصبح هناك جيل جديد من المجاهدين يتدفقون بالآلف على ساحات القتال وقد انكشف لهم زيف الدعايات و أزيل عن قلوبهم التهويل الذي كان أحد الأسلحة التي استخدمها العدو ضدهم في أول المعركة وبدأ العدو يتخبط في قراراته ويتردد حتى في إمداد قواته والحمد لله رب العالمين .

    مراسل مؤسسة السحاب :

    * رسمت لنا صورةً مشرقة عن الجهاد والمجاهدين فكرياً وعسكرياً ولكن هناك من يخالفكم في هذا التقويم ويرى أن الصورة فيها نوع من المبالغة أو ربما هي على عكس ما ذكرتم فعلى الصعيد العسكري قد قتل وأعتقل الكثير من قادة المجاهدين وعلمائهم و على الصعيد الفكري فلا يخفى عليكم التراجعات التي صدرت أو نسبت إلى بعض الرموز الجهادية بل بعض الجماعات الجهادية فما قولكم ؟

    الشيخ أبو يحيى الليبي :

    من البدهي حينما نقول إننا في جهاد وقتال ومدافعة فهذا يعني بالضرورة أن هناك تضحيات سيقدمها ويبذلها هؤلاء المجاهدون وعندما نصف أنفسنا بأننا في معركة وعلى جبهات مختلفة ومفتوحة فمعنى ذلك أن المعركة تحتاج إلى وقود وزاد وطاقة تتحرك بها عجلتها وأنا لم أقل في جوابي السابق إننا لم نقدم شيئا من التضحيات في المواجهة الساخنة والشرسة وبيننا وبين أعدائنا الصليبين و أذنابهم وهذا لم نقله و لا يمكن أن نقوله وهل الجهاد إلا الجروح و القروح والقتل والقتال والحرب السجال فكل من وفقه الله عز وجل و التزم عبادة الجهاد فهو بذلك قد مهد لنفسه الطريق بقاعدة عامة يتعامل بها مع كل خطوة يخطوها في مسيرته الجهادية تلك القاعدة التي أوضحها القرآن أتم إيضاح فقال ((هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ )) و هما النصر أو الشهادة ، و قال الله عز وجل ((فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ))
    فميزان الإسلام لتقويم الأمور وقياسها ليس ميزانا دنيويا محضا مبتوراً عن عالم الآخرة فكفته التي نزن فيها قيمة الأعمال الجهادية جزئها الأكبر يتصل بعالم الآخرة عالم الأجور والثواب والمكافئة العظمى من الكريم الوهاب أما باقي جزء هذه الكفة فهو المرتبط بالدنيا ومصالحها والذي يوضع فيها حلاوة النصر والظفر والتمكين وعليه فبهذا التصور الصحيح للتعامل مع الربح والخسارة والنصر و الهزيمة و التمكين و الإخفاق علنا أن ننظر إلى أعمالنا الجهادية وتأمل معي الحديث الذي يرويه الإمام مسلم وغيره عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من غازية أو سرية تغزوا فتغنم وتسلم إلا كانوا قد تعجلوا ثلثي أجورهم وما من غازية أو سرية تخفق أو تصاب إلا تم أجورهم ) ولهذا نهى الله عز وجل المؤمنين عن التعامل مع أمور الجهاد بهذه الطريقة ورد على من جعل سبيل التعقل هي طلب السلامة والبعد عن المخاطرات و الانطواء على الذات فقال : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزّىً لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )) وكما قال سبحانه ((الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ )) ومن هنا فقد شدد الله عز وجل النكير على النفر الذين حاولوا التخلي عن المعركة ووضع السيوف بمجرد إشاعة مقتل النبي صلى الله عليه وسلم بغزوة أحد وهو أعظم مصيبة يمكن أن يبتلى بها المسلمون على الإطلاق إلى يوم القيامة وبين لهم أن موت أو قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفقدانه لا يعني التراجع ولا يعني الخسارة في ميزان الجهاد و لا يقبل معه الانقلاب على الأعقاب فقال سبحانه : ((وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ ))

    خذ مثلا حادثة المسجد الأحمر في إسلام آباد والتي أعتبرها نقلة نوعية في الحياة الجهادية المعاصرة بجميع المقاييس فلو أردنا أن نضعها في كفة ميزان الربح والخسارة الدنيوي والذي كثيرا ما يموهه أصحابه بالتعقل والفهم العميق والتعامل مع الواقع بحكمة ورزانة وغير ذللك فإن أصحابه لاشك أنهم سيوصفون بأنهم متهورون طائشون عديموا الخيرة قد ورطوا أنفسهم في معركة لا قبل لهم بها فأهلكوا أنفسهم وأدوا إلى تضييع جهود واعدة تصب في مصلحة باكستان وغير ذلك ، ولكن لو وضعت هذه الحادثة في الميزان الإسلامي الصحيح الذي يرتبط بعالم الآخرة فإنك ستجد نظيرها قد حصل زمن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قتل في بئر معونة سبعون من علماء الصحابة وتنبه لقولنا من علماء الصحابة يعني بالتعبير العصري المعهود من كوادر الدولة بل من أعلى طبقاتها وهذه لو حصلت في هذا العصر لعدت نكبة من النكبات ولا تغيرت اتجاهها سياسات وحصلت تراجعات ولتوالى النقد اللاذع من هنا وهناك ولكن انظر ما يقول الصحابة رضي الله عنهم حيث عدوا هذا منقبة من مناقب الأنصار كما قال قتادة : " ما نعلم حيا من أحياء العرب أكثر شهيدا أعز يوم القيامة من الأنصار " وقال أنس " قتل منهم يوم أحد سبعون ويوم بئر معونة سبعون ويوم اليمامة على عهد أبي بكر سبعون " وأعظم من ذلك نيل رضوان الله عز وجل كما قال انس رضي الله عنه : " أنزل في الذين قتلوا ببئر معونة قرآن قراناه ثم نسخ بعد " بلغوا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه " فهذا الجزء الأخروي هو المفقود في معادلة تقويم الربح والخسارة في معركتنا مع أعدائنا وبالطبع هذا لا يعني لا عقلا ولا شرعا التهاون في الأخذ بالأسباب ولا التفريط في ما يمكن القيام به منها و الاجتهاد في سد الخلل وتكميل النقص و الاستفادة من التجارب وتمحيصها ومحاسبة المقصرين في ذلك ولكن هذا شيء وجعل ما يقدمه المجاهدون من التضحيات مهما كانت باهظة عقبات وحواجز نمنع بها مواصلة المسير شيء آخر وعليه فمقتل من قتل من قادة المجاهدين الذين كان لهم أعظم الأثر وأبلغه في معركة الإسلام المعاصرة بين حزب الرحمن وحزب الشيطان يعد جزءا من التضحيات التي كان أصحابها أحرص الناس عليها وأكثرهم طلبا لها و إدراكاً لقيمتها ومقتل هؤلاء القادة الأجلاء وإن كان له بعض التأثيرات السلبية على بعض الجماعات الجهادية إلا أن جوانبه الإيجابية لا تكاد تقل بل ربما تربوا على هذه السلبيات ومن أعظمها إثبات قوة ولاء أهل هذا الدين لعقيدتهم وشريعتهم وأنهم مستعدون أن يتخلوا في سبيل تحقيقها وإقامتها وتمكينها عن كل شيء حتى ولو كانت نفوسهم وحياتهم ومن تلك الجوانب أيضا البرهان القاطع على أن شريعتنا وجهادنا بالخصوص ليس مرتبطاً بفرد من الأفراد مهما على قدره وظهر أثره بل هو عقيدة باقية وشريعة محفوظة تتقوى وتشتد وتثبت بقدر الدماء التي يبذلها أصحابها من اجلها ألم يقل القرآن : ((وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ))
    وأنا أضرب لك أمثلة على ذلك , قبل مقتل الشيخ المجاهد أبي صعب الزرقاوي رحمه الله وهو أبرز قادة الجهاد الذين فقدتهم الساحة تقريبا كانت الآلة الإعلامية الأمريكية تحاول أن تقنع شعبها البائس بأن نصرها في العراق سيتحقق بمجرد مقتل وأسر هذا القائد البطل حتى جعلت قضية العراق هي قصة أبي مصعب رحمه الله و اعتبروه كخيط المسبحة الذي إن انقطع توالت حباتها في السقوط ولكن هل كانت أحلام و أوهام إدارة بوش صادقة في ذلك والجواب هو ما نراه اليوم في العراق والتقدم الكبير والمتواصل الذي حققه ويحققه المجاهدون هناك والخسائر الفادحة اليومية التي يتكبدها الأمريكان وأذنابهم ومثل ذلك استشهاد القائد داد الله رحمه الله في أفغانستان حيث ضخم الإعلام قضية مقتله و اعتبرها مسألة فيصيلية في مسيرة الجهاد الأفغاني وزعم أن استشهاده سيؤدي إلى انكسار أو انحسار الأعمال الجهادية وخاصة العمليات الاستشهادية ولكن الواقع اليومي وبالنظر لما تتلقاه القوات الصليبية وحكومة العمالة في كابل يكذب تلك الدعاوى تكذيبا صريحا والعمليات الاستشهادية اليوم تضرب في قلب العاصمة الأفغانية كابل و قندهار و خوست بل وفي سائر الولايات الأفغانية ولم يظهر أي تأثر على العمل الجهادي والحمد لله .
    و لهذا فالأمريكان أنفسهم أصبحوا يدركون تمام الإدراك أن المسيرة الجهادية لا تتوقف حركتها على وجود قائد بعينه و لا يمكن أن تسقط بفقدانه وأصبح تعاملهم مع الجماعات الجهادية مبنيا على هذه القناعة فراحوا يقرعون أبوبا أخرى لعلهم يكسبون بها هذه الجولة من المواجهة مثل ما أسموه بحرب الأفكار وغيرها وخلاصة الأمر في هذه المسألة أننا نقول نعم إن المجاهدين قدموا وبشرف و اعتزاز العديد من قادتهم الأبطال قدموا خالد الشيخ قدموا أبا أنس الشامي قدموا أبا مصعب الزرقاوي قدموا أبا عمر السيف وقبله خطاب , قدموا الملا داد الله قدموا عبد العزيز المقرن وغيرهم الكثير وأخيرا قدموا الشيخ عبد الرشيد غازي رحمهم الله جميعا وهم لا يخفون هذا و لا يجعلونه وبحسب الميزان الشرعي خسارة يوقفون بسببها أعمالهم الجهادية وإنما يجعلون دماء هؤلاء القادة محرضاً ومحفزاً لهم للثبات على طريقهم والتأسي بهم و الاجتهاد للأخذ بثأرهم والأمة مليئة بالأبطال الذين يسدون هذه الثغرات وكما خرجت المدرسة الجهادية هؤلاء فستخرج غيرهم وكما قاد هؤلاء سيقود سواهم بإذن الله

    إذا سيد منا خلا قام سيد قؤول بما قال الكرام فعول .

    أما عن قصة التراجع , والتي يحاول البعض أن يجعلها هزيمة للمنهج الجهاد فكرياً وضربة قاصمة له وقاضية عليه فهي إحدى حلقات الصراع التي ابتكرها أئمة الكفر في دهاليز أجهزة الأمن المصرية لتقدمها كوصفة طبية جديدة يمكن أن تساهم في علاج المأزق الحرج الذي يجدون أنفسهم وأسيادهم فيه , والذي سببه لهم المد الجهادي المتدفق محلياً و إقليمياً و عالمياً فسارعت بعض الدول العربية إلى تلقفها كدولة آل سعود و ليبيا والأردن وغيرها ولهذا فنحن لا ننظر إلى التراجعات التي صدرت أو قد تصدر من هنا أو هناك بنظرة ضيقة نحصرها في أن فلانا قد تخلى عن ما كان يحمله من منهج قتالي جهادي فندخل معه في دوامة الردود والمناقشات التفصيلية إلا إذا كان على سبيل التبع ورفع اللبس لا الأصل .

    وإنما ننظر إلى قضية التراجعات على أنها فكرة جديدة متكاملة هي جزء من منظومة حرب الأفكار التي تعد إحدى جبهات المواجهة الشرسة بيننا وبين أعدائنا الصليبيين وأذنابهم وعليه فنتعامل على هذا الأساس ومن هذا المنطلق وإلا فنحن نحفظ من نسب إليهم التراجع سابقتهم وجهادهم ومكانتهم وقدرهم ، ونقدر أيضا ظروف الكثيرين منهم بما صدر أو قد يصدر عنهم من أفكار طارئة ترشحت من ظلمات الزنازين وتحت سياط الجلادين وسياسة القهر والإكراه .ولعلك توافقني أن أفكاراً صدرت في ظروف كهذه لا يمكن أن تعطي القناعة الحقيقية لصاحبها.

    مراسل مؤسسة السحاب :

    و كيف ترون الطريقة الصحيحة في التعامل مع هذه القضية؟

    الشيخ أبو يحيى الليبي :

    يمكن أن ألخص لك الطريقة الصحيحة حسب نظري في التعامل مع هذه القضية الخطرة في نقاط :

    الأولى:
    أن الظروف التي يعيشها هؤلاء الإخوة الأسرى الذين ينسب إليهم التراجع هي ظروف إكراه وقهر وانتزاع للأقوال بالإرغام والجبر و الضغط على هؤلاء الأسرى وابتزازهم بوسائل قذرة لتأصيل أفكار ومناهج يدرك كل من له أدنى فهم أنها أبعد ما تكون صلة بالدليل الشرعي و التأصيل العلمي .

    ولهذا فالإنصاف يوجب علينا التوقف في اعتبار هذه الأفكار والمناهج الجديدة المطروحة مطابقة لقناعات أصحابها حتى يتكلموا بها ويتبنوها وهم في كامل حريتهم وتمام اختيارهم , فإذا كان الشرع قد جوز للمسلم أن يتكلم بكلمة الكفر وهي أعظم ما يمكن قوله في حالة الإكراه مع اطمئنان القلب بالإيمان فكيف بما دونه , فقد قال الله عز وجل : (مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُمُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِم ْغَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ )

    الثانية:
    للذين يريدون أن يجعلوا قضية التراجعات عنواناً بارزاً قد خطّ عليه ( هاهم إخوانكم فكونوا مثلهم ) , نقول لهؤلاء :يجب التفريق بين الاستفادة من التجارب و استخلاص الدروس منها و الاعتبار بأحداثها , و بين جعل تلك التجارب حكماً عدلاً و قولاً فصلاً عند موارد النزاع و مواطن الاختلاف , فالحكم و الفصل و رفع الخلاف إنما هو لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم و بهما فقط توزن أقوال العباد و أعمالهم و يرفع نزاعهم قال الله عز وجل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُول َوَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِك َخَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً )

    فمن هنا فليس صحيحاً بأي وجه من الوجوه ، أن نجعل تراجعات المتراجعين وتجارب المجربين مهما كانت مرتبتهم أن نجعلها حجة شرعية نرجع إليها عند الخلاف , فلا يأتي أحدٌ ويقول لنا أنتم مازلتم مصرين على طريقتكم ومنهجكم ومستمسكين بأفكاركم وقد تراجع عنها فلان وفلان وهو من هو في العلم و السابقة ! فنقول نعم ، هم من أهل العلم والسابقة ولكن هذا لا يضفي على أقوالهم قدسيةً تجعلها مسلمةً لا مجال فيها للنقد و النقض و الاعتراض فالواجب علينا شرعاً و ديانةً أن نقيس أقوال كل متراجع بالميزان الشرعي الدقيق الذي لا يظلم فتيلا , وأن نضع تلك الأفكار الطارئة على محك الأدلة لنرى مدى قربها أو بعدها عن الحق و حينها و حينها فقط نحكم بتخطئته أو تصويب أي فكرة تصدر من هنا أو هناك , أما القبول المطلق والتسليم الكامل والتحاكم العشوائي للتجارب والمراجعات من غير عرضٍ لها على كتاب الله و سنة نبيه صلى الله عليه وسلم فهذا مدحضةٌ و مزلّةٌ لا يسلم معها دين المرء , ولا يمكن أن يكون سبيل من طلب الحق وتوخي معرفته و إتباعه .

    الثالثة:
    نسأل الله أن يثبتنا على الحق ويثبت إخواننا المسلمين داخل السجون و خارجها , فحتى لو كانت تلك التراجعات التي كانت تنسب إلى البعض صدرت عنهم بمحض اختيارهم و كامل قناعتهم ،فأسباب التراجع ليست محصورة دائماً في الانتقال من الخطأ الصريح إلى الحق الصريح , حتى يُجعل كل متراجع قدوة لمن وراءه فهناك أيضا تقلب القلوب و تنكرها للهدى , ألسنا نقرأ في كتاب الله عز وجلّ دعاء أهل الخوف و الوجل و الإشفاق : ( رَبَّنَا لا َتُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ) آل عمران "8" , و كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليهوسلم : " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " , فقيل له في ذلك , قال : " إنه ليس آدمي إلا و قلبه بين أصبعين من أصابع الله فمن شاء أقام و من شاء أزاغ‏ " .

    ويُروى عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : " من كان مستنا فليستن بمن قد مات ،فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة " , نسأل الله أن يعافينا و إخواننا المسلمين من الفتن ما ظهر منها و ما بطن .

    مراسل مؤسسة السحاب :

    أشرتم سابقاً إلى أن قضية التراجعات هي جزء من منظومة حرب الأفكار التي تشن ضد المجاهدين فهل يمكن أن تبينوا لنا أهم محاور هذه الحرب و بعض الوسائل المستخدمة فيها ؟

    الشيخ أبو يحيى الليبي :

    أدرك الصليبيون و على رأسهم أمريكا و من ورائها أذنابها بالطبع , أن الجهاد ليس كما كانوا يتصورونه هو مجرد عمليات عسكرية عابرة لا تعدوا دوافعها أن تكون ردات فعل للواقع المرير الذي يشعر به المجاهدون تجاه أمتهم , و لا هو فقط محاولة لرفع معاناة اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية بحيث يمكن امتصاص ذلك الفوران ببعض الترقيعات الإصلاحية لتخدير الأمة و من ثم العودة لإجراء العمليات الجراحية التي يتم بها تقطيع أوصالها من غير أن تشعر , كلا ! وحيث توصلوا لهذه الحقيقة نشطوافي فتح جبهات جديدة ضد المجاهدين و تعتمد على محورين:-

    الأول محور التفكيك الداخلي للجماعات الجهادية بل للمنهج الجهادي ككل , فبعد احتكاكهم بالمجاهدين و اطلاعهم على كثير من تفاصيل أفكارهم التي توصلوا إليها من خلال ما يدونه المجاهدون في أدبياتهم أو يلقونه في كلماتهم أو من خلال المناقشات التي تحصل بين الحين و الحين داخل مكاتب التحقيق وراء القضبان , بعد هذا كله علم هؤلاء أن الأمر أكبر و أعمق من أن يكون مجرد فرقعات هوائية أو ردود أفعال مؤقتة أو انعكاسات مجردة لمعاناة متداخلة , وأدركوا أن الجزء الأكبر من المعركة يكمن في القناعات الراسخة , و المنطلقات العقدية المنهجية التي يتبناها و يتعامل من خلالها المجاهدون و التي تعد المحرك و الدافع الحقيقي لهم فيما يقومون به من أعمال ضد هذه الدول الكافرة و أحزابها , و من هنا فكروا و قدروا ثم نظروا ثم فكروا و قدروا فتوصلوا إلى أن جزءاً كبيراً من المعركة يعتمد على خلخلة القناعات التي يبني عليها المجاهدون مسيرتهم و التشكيك في المنطلقات العقدية التي يعد أكثرها من المسلمات عندهم ، و بهذا يحدث تصدع و ربما انهيار للمرتكزات و القواعد الأساسية التي يقوم عليها المنهج الجهادي ، و نحن نعلم أن التذبذب و التردد و الاضطراب العملي هو انعكاس و تعبير عن التذبذب و التخلخل و الغبش العقدي و المنهجي , فهذا هو المحور الأول الذي تنطلق منه فكرة حرب الأفكار الموجهة ضد المجاهدين , و التي صارت جزءاً أصيلاً من المعركة الصليبية العارمة .

    أما المحور الثاني : فهو محاولة عزل المجاهدين عن الأمة و محاصرتهم داخلها و اعتبارهم جسماً غريباً ناتئاً داخل المجتمع الإسلامي يجب استئصاله , لأننا نعلم أن المجاهدين ما هم إلا جزء لا يتجزأ من الأمة الإسلامية ديناً و عقيدةً وانتماءً .

    فإن استمرار هذا التصور و ما يترتب عليه من قضايا عملية يعني تواصل تدفق المد الجهادي و انتعاشه من خلال احتضان الأمة له و شعورها و اقتناعها بأنه امتداد لجهودها و دعمها بشرياً و معنوياً و اقتصادياً , فيريد الصليبيون وضع حواجز و موانع تحول بين الشعوب المسلمة و بين هذا الفهم والشعور بحيث تصبح كل القضايا التي يطرحها المجاهدون لا تعبر عن ضمير الأمة و عقيدة الأمة و نظرة الأمة وإنما هي أفكار شاذة منبوذة محصورة في طائفة صغيرة تتصرف بعشوائية و ارتجالية و بهذا يصبح المجاهدون في طوق مغلق و التآكل يأخذهم من الداخل فلا يلبثون أن يتلاشوا وينتهون .

    مراسل مؤسسة السحاب :

    و حسب نظرتكم ما هي الوسائل التي يمكن أن يستخدمها الصليبيون لتحقيق هذا الهدف ؟

    الشيخ أبو يحيى الليبي :

    أولا :

    أقول و بكل اطمئنان و إيمان إن هذا الهدف بمجموعه و شموله لن يتحقق ، و يقيننا في ذلك لن يتطرق إليه أدنى شك , لأن ما يسمى بالقناعات أو المنطلقات هي عبارة عن أصول و أسس شرعية مبنية على أدلة شرعية ناصعة لامعة ، و التي هي جزء من الدين الإسلامي الذي تكفل الله بحفظه و بقائه و لوكره الكافون ، كما أنه أصول الطائفة المنصورة الظاهرة على عدوها إلى قيام الساعة .

    نعم قد يكون لهذه الحرب " الفكرية " تأثير على بعض الأفراد و ربما الجماعات و قد تحدث شيئا من الاضطراب و التشويش في بقعة من البقاع ,أما أن تقود إلى استئصال المنهج الجهادي استئصالاً كاملاً و إماتته إماتة لا قيام له بعدها فهذا ما لن يحدث أبداً إن شاء الله .

    وعودة إلى سؤالك المتعلق بالوسائل التي يستخدمها أعداؤنا في حربهم الفكرية فأقول :

    إن هؤلاء الأعداء ليست لهم في حروبهم أخلاقيات يقفون عندها و من ثم فليس لهم لبلوغ غاية النصر وسيلة ينضبطون بها و لا يتعدونها إلى سواها فالكذب و الاختلاق و بث الإشاعات و ارتكاب أقذر الأفعال و أخسها كلها عندهم من الوسائل التي لا تنفك عن حربهم طرفة عين و لكن حينما نتحدث عن الحرب الفكرية فإنها فيما يظهر لي يمكن ذكرها في عدة نقاط أساسية :

    الأولى :
    الإعلان عن تراجع بعض قيادات المجاهدين داخل السجون و تخطئتهم لأنفسهم فيما كانوا عليه و إشهار نصائحهم لإخوانهم للتخلي عن الطريق الذي يسيرون فيه , و الإعلام حاضر بقوة في هذه العملية لإجراء اللقاءات و نشر مقالات و كتب التراجعات و تضخيمها و التهويل من شأنها وإظهارها على صورة مسلّمات غير قابلة للنقاش و الأخذ و الرد وقد تحدثت عن هذه النقطة سابقاً و ذكرت لك الأسس الصحيحة للتعامل معها .

    الثانية :
    اختلاق بعض الأكاذيب المنفرة أو التضخيم والنفخ في بعض الأخطاء التي لا تخلو منها ساحة جهاد و اعتبارها انحرافات لصيقة بالمنهج الجهادي و جزءاً لا يتجزأ منه و توسيع دائرتها لتكون حُكما عاماً يشمل جميع الجماعات الجهادية و في كل ساحات الجهاد .

    مراسل مؤسسة السحاب :

    يا شيخ لو تعطينا مثال .

    الشيخ أبو يحيى الليبي :

    مثل القول بأن المجاهدين يكفرون الأمة و يكفرون علماءها و يستحلون دماءهم و أموالهم و تصويرهم على أنهم شرذمة قليلون خارجون عن القانون و مشاقون لسبيل المؤمنين و أن أفكارهم أفكار غلو و تطرف و تشديد و انغلاق و غلظة لا تمت إلىرحمة الإسلام و سماحته و رفقه بصلة و من طرائف ما سمعته هنا قول بعض من يسمون بالمحللين والخبراء بالجماعات الإسلامية " إن دستور تنظيم القاعدة ينص على قتل كل من يخرج عنها " ونحن نقول لهؤلاء المفترين الذين لا يستحيون من الكذب الفاضح هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ، أرونا هذا الدستور الذي اطلعتم على هذه الفقرة فيه و نحن نتكفل لكم بنشره على أوسع المستويات و على كافة الأصعدة ،فتنظيم القاعدة و قادته أسمى و أرقى و أنقى من أن يتنزلوا إلى هذا الحضيض المنتن من السفاسف , فهم ليسوا أصحاب أعمال عشوائية و لا أفعال ارتجالية و لا مصالح وهمية وقتية و لا يخبطون في سيرهم و سيرتهم خبط عشواء و إنما هم يقيمون منهجهم على الدليل الشرعي الواضح و القواعد الإسلامية الراسخة و المحكمات العقدية القاطعة ومعالم مسيرتهم يدركها كل أحد بشرط واحد و هو أن يكون متجرداً في البحث عن الحق والحقيقة و لم تعمه العداوة أو الحسد أو الجهل المطبق .و من الوسائل التي أشرنا إليها أيضا التركيز على مسائل اجتهادية سلكها المجاهدون بناءاً على اجتهاد شرعي و حاجة واقعية ، و جعلها محوراً في النقد و اعتبارها خطأ فاحشاً قطعا لا مجال لتصحيحه و لا لقبوله بل و التوصل من خلاله إلى إصدار أحكام ظالمة بلا تثبت و لا روية ولا برهان , و أبرز الأمثلة على ذلك التفجيرات العامة التي يستهدف فيها المجاهدون أوكار التشريع الكفري و مراكز الإجرام الاستخباراتي والثكنات العسكرية وغيرها كما حدث في الجزائر و قبلها في جزيرة العرب , فتصور تلك الأعمال المباركة على أن المقصود الأول بل ربما الوحيد هم عوام الناس و ضعفتهم و يتخفى الإجرام المستهدف و الردة المغلظة وراء مشهد يحرك العواطف و يثير العواصف تتناقله وسائل الإعلام بعضها عن بعض .

    الثالثة :
    و من أعظم الوسائل المستخدمة في الحرب الفكرية إصدار الفتاوى أو بالأصح استصدار الفتاوى التي تجرم الجهاد و المجاهدين و تصفهم بمصطلحات شرعية معروفة منفرة كقطاع الطرق و الخوارج بل القرامطة و الغلاة و غيرها , و تلصق بهم تهم العمالة والخيانة ، وقد أتقن هؤلاء المفتون تحريف النصوص واعتادوا لي أعناقها بل لا بأس بكسرها أحيانا إن أبت المطاوعة بل وأصبحت الدول تكون لجانا خاصة من المشايخ لمناقشة المجاهدين المقهورين وراء قضبان السجون كما يحصل في جزيرة العرب إتباعاً لسنة الحكومة المصرية , فقل لي ماذا تنتظر من شخصٍ يرى السيف فوقه و النطع أمامه و الشيخ يلقنه الحجة والبرهان على وجوب طاعة السلطان , و لطالما دعا المجاهدون وعلماؤهم للمناظرة العلنية المفتوحة من غير شرط و لا قيد فهلا قبلها هؤلاء العلماء و واجهوا الحجة بالحجة قبل أن تكون الأيدي في القيد .و زيادة في محاصرة المنهج الجهادي من قبل العملاء في المنطقة هناك مساعي حثيثة و جهود متواصلة لتقنين مصادر الفتوى و تحريم وتجريم من يحاول الخروج في الإفتاء أو الاستفتاء عن القنوات التي سيعينونها ، ولتكون مهمة تلك القنوات الرسمية التسبيح بحمد الطغاة و التطبيل لهم و التسويغ لقبائحهم ، و في المقابل الطعن في المجاهدين و إثارة الشبهات حول أفعالهم و إصدار الفتاوى الحازمة ضدهم .

    الرابعة :
    تقوية و دعم بعض المناهج التي تتبناها الحركات الإسلامية البعيدة عن الجهاد , لاسيما ذات المنهج الديمقراطي و جماعات تمييع و تطويع النصوص و تذليلها لتوافق حضارة الغرب و ثقافة الغرب و مناهج الغرب , و إظهارها في مظهر البديل المعتدل المتزن المتعقل المتحضر , و من ثم دفع هذه الجماعات للمواجهة الفكرية مع الجماعات الجهادية , وتغذية تلك المواجهة و إشغال المجاهدين بها وهي إحدى خطوات عزل المجاهدين داخل المجتمعات و وضعهم أمام سيل جارف من الأفكار و المناهج التي تجد دعما و تقوية و نشراً من جهات متعددة حتى إذا انتهت مهمة تلك الجماعات قلب لها ظهر المِجن و ستقول بعدها أُكلت يوم أكل الثور الأبيض .

    الخامسة :
    قتل أو أسر أو تحجيم أو تشويه الرموز الجهادية الموجهة و المرشدة و عزلها و منعها من إيصال صوتها للناس و إخلاء الساحات منهم أو حسرهم قدر الإمكان فبعدها سيصبح المجاهدون بلا مرجعية يثقون بها ثقة كاملة تقوم بتوجيههم و ترشيدهم و كشف الشبهات عنهم , و تضبط مسيرتهم بالعلم و الفهم و الحكمة , فيؤدي ذلك بتدخل بعض من لم ينضج في هذا الطريق نضجاً كاملاً أو من هو مناوئ لهم أصلاً فيبث ما شاء من الأفكار و الآراء التي تحدث تشويشاً و غبشاً في الرؤية الصحيحة التي يجب أن يكون عليها كل مجاهد .

    السادسة :
    النفخ في بعض الخلافات الجزئية الاجتهادية التي قد تقع بين المجاهدين و تكبيرها و اعتبارها خلافات منهجية عقدية , و ابتكار أوصاف و أسماء جديدة لتلك الجماعات بناءاً على هذه الاختلافات و جعلها مدخلاً لهم لتسعير نار النزاعات , و إلقاء التهم و نشر الإشاعات ليتوصلوا بذلك إلى انقلاب الاختلافات من جزئية اجتهادية قابلة للنظر إلى تصويرها على أساس أنها خلافات منهجية عميقة متضاربة تصنف على أساس الجماعات هل هي معتدلة أم متوسطة أم متطرفة , و لا شكَّ أن الأجواء إذا بلغت هذا الحد من التوتر صارت محضناً محفوظاً و ملاذاً آمناً للمرجفين و المخذلين و المثبطين , و صار الباب مفتوحاً على مصراعيه للطعن و التشكيك و إثارة التهم والرمي بالإفك , و عندها مهما حاول المجاهدون بيان الحق و كشف اللبس و الرد على التهم فسيكون صوتهم كصوت المبحوح وسط آلاف الناس الذين يصرخون بصوت واحد , هذا الصوت التي تمثله اليوم وسائل الإعلام بلا استثناء , والله المستعان .

    و أنا أقول إن ما يسميه هؤلاء الأعداء بحرب الأفكار و يحسبون أن هذا شيء جديد قد ابتكرته عقليتهم أقول إن عقول صناديد قريش الكافرة و من حذا حذوهم من ثعابين المنافقين قد سلكوا هذا النوع من الحرب من الأيام الأولى لدعوة النبي صلى الله عليه و سلم , و هي حرب يمكن أن نسميها حرب الطعن و التشكيك و التشويه , فبعد أن قارعتهم الحجة و بهرهم البرهان و عجزوا عن مقابلته و ظهر هوانهم أمامهم طعنوا في حامله و مبلغه فقالوا عنه ساحر كذاب و قالوا معلم مجنون أو هو كاهن كما حكا القرآن عن أسلافهم (كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِر ٌأَوْ مَجْنُونٌ ) الذاريات52 , و لما لم تفلح هذه الحجة و جعلوا أنفسهم عرضة للسخرية بسبب إثارتها لأن الجميع يشهد بصدق النبي صلى الله عليه و سلم و بأمانته وكمال عقله و وضوح بيانه و شمول دعوته استخدموا سياسة التهويش و التشويش و اللغط والمهاترة و منع الناس من الاستماع لصوته و الإنصات لحجته و هي حجة المفلسين في كل حين و هو مطابق لما تمارسه وسائل الإعلام المرذولة على اختلاف مشاربها و تنوع أساليبها (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآن ِوَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ) .

    مراسل مؤسسة السحاب :

    ماذا تقصد بالتمييع و التطويع الذي ذكرته ؟

    الشيخ أبو يحيى الليبي :

    هذا المنهج مما ابتليت به أمتنا الإسلامية في هذا العصر و فتن به الكثيرون مما يوصفون بالمفكرين أو المتنورين أو المعتدلين أو الوسطيين ؛ و حقيقة هذا المنهج هو تمييع حقائق الدين و تطويعها و إخضاعها لتوافق أفهام و رؤىً و قناعات اعتقدها أصحابها خاصةً القضايا التي يستشعر معها مخالفة أو مصدامة لبعض المسائل التي روج لها الغربيون ، فتجد هؤلاء التطويعيين لا يألون جهداً و لا يدخرون وسيلة ليثبتوا بها موافقة الإسلام و تطابق أحكامه بل سابقيته لما ذهب إليه هؤلاء الغربيون و للأسف فإن هذه العدوى قد أصابت كثيراً من علماء المسلمين و دعاتهم حتى صاروا من رؤوس هذه المدرسة ، هؤلاء العلماء الذين ألقى الله على عاتقهم تبليغ الرسالة و نشرها لناس كما هي من غير لبس و لا غش و لا يثنيهم عن ذلك رغبة و لا رهبة كما قال الله عز و جل {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً } فمدرسة التمييع و التطويع هذه جعلت كل مسائل الدين حمى مستباح تقتحمه عقولهم و تلغ فيه أفكارهم و تتناوله أبحاثهم و لا يحول بينهم و بين ذلك وازع و لا أمانه و هي مصيبة عظيمة من مصائبنا العصرية و قد بين لنا القرآن هذه الحقيقة و كشف دخيلة أصحابها و دوافعهم فيما يفعلون و هو الزيغ و الانحراف القلبي و الذي نلخصه هنا في الافتتان بثقافة الغرب و الانجرار وراء فتنة الفكر و النظر فقد قال الله عز وجل {فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ } تلا رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه الآية ثم قال : (( إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سماهم الله فاحذروهم )) إذاً ينبغي للمسلم حتى يسلم له دينه و يصون نفسه من الزيغ و الضياع في متاهات الظلال أن يحذر هؤلاء و يحذر منهم و أن لا يغتر بالأسماء و الألقاب و الشهرة و غير ذلك فما يقوم به هؤلاء هو تلويث لمصادرنا الإسلامية و تدنيس لمفاهيمنا الخاصة الخالصة و التي حرص الإسلام على بقائها باستقلاليتها في مصطلحاتها و معانيها و مضمونها للحيلولة دون تسرب أي شائبة تكدر هذا المنبع الصافي و في هذا قصة النبي صلى الله عليه و سلم حينما أتاه عمر رضي الله عنه فقال : إنا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا أفترى أن نكتب بعضها ؟ فقال : (( أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود و النصارى لقد جئتكم بها بيضاء نقية و لو كان موسى حياً ما وسعها إلا إتباعي )) و أنت ترى اليوم ما إن يتكلم مفكر غربي و يثني على شيء مما جاء به الإسلام حتى يجعل حجة على مصداقية الرسالة و كأننا مفتقرون إلى مثل هذه الشهادات و الأدهى من ذلك و الأمر و الأخطر أن الأمر صار بالعكس و هو أن أصحاب هذه الأفكار الفضفاضة صاروا يطوعون المعاني الإسلامية لتكون شاهدة صدق على صحة كثير من أوجه الثقافة الغربية التي تصادم الإسلام مصادمة كاملة في المفهوم كما تخالفه في المصطلحات ، و أنا أرى أننا في حاجة إلى دراسة كافية وافية لأسس و قواعد مدرسة الزيغ و التلاعب هذه و اجتثاثها من أصولها و بيان خطرها على مسلمات الدين و مدى إفسادها لمفاهيمه و مباينتها التامة لسبيل تسليم القلب و انضباط الفهم الذي كان عليه السلف و العلماء الراسخون من بعدهم ، كما أنني أنبه هؤلاء الذين تولى كبر و ترسيم هذه المدرسة و عاثوا في حقائق الدين فساداً تملقاً للغرب الكافر إن هذا لن يرضيه عنكم و يوم خسرانكم الحقيقي الكبير حينما تسمعون تصفيق الغرب الكافر لأفكاركم و رضاه عن ثقافتكم فهم يريدون منا الاقتراب منهم بالتنازل عن ديننا شيئاً فشيئاً و نقضنا لعراه عروة عروة و لا بأس أن يتظاهروا لأجل ذلك و لو مؤقتاً بشيء من المرونة و اتساع الصدر و لكن من غير أن يتنازلوا في الحقيقة و الواقع عن شيء من عقائدهم و ثوابتهم و أفكارهم كما قال الله عز وجل {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ } و قال سبحانه { وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ } فنقول لهؤلاء التطويعيين المميعين لحقائق الدين ما قاله ربنا عز وجل { إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }

    مراسل مؤسسة السحاب :

    ذكرتم في المحور الأول للحرب الفكرية أن للجهاد أسس ثابتة و قواعد راسخة يقوم عليها و هي التي يحاول العدو الصليبي و أذنابهم الوصول إليها هل لكم أن تبينوا لنا أهم تلك الأصول و الركائز ؟

    الشيخ أبو يحيى الليبي :

    أول تلك القواعد و أهمها في نظري هو الاعتقاد الجازم بأن الجهاد عبادة شرعية بل هو من أعظم العبادات التي أمر الله بها في كتابه و رسوله صلى الله عليه و سلم في سنته إن استيعاب هذا المفهوم استيعاب عميقاً و فهمه فهماً صحيحاً يجعل الإنسان تلقائياً يتعامل مع الجهاد كما يتعامل مع الصلاة و الصيام و الحج و غيرها من شعائر الإسلام فالجهاد ليس خياراً يقابله خيارات أخرى ينتقى من بينها انتقاءً و الجهاد ليس بديلاً عن وسائل أخرى مستقلة لها ذاتيتها و حدودها .

    مراسل مؤسسة السحاب :

    معذرة على المقاطعة ألا يعد الجهاد وسيلة و ليست غاية ؟

    الشيخ أبو يحيى الليبي :

    هذا الكلام صحيح إذا فهم فهماً صحيحاً و لكن كثيراً ممن يكرر هذه العبارة يخطى في إدراك مضمونها و ربما يتعمد ذلك فالجهاد يعد وسيلة إلى أعظم غاية و أجل مقصود ألا و هي توحيد الله عز وجل و تحقيق عبوديته في الأرض التي لن تحصل حصولاً كاملاً شاملاً إلا بالجهاد و شرف الوسيلة بشرف الغاية قال الله عز وجل { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه } أي إن لم تقاتلوهم فستكون فتنة و الفتنة هي الكفر و الشرك كما قال المفسرون ، و في الحديث المتفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله ...)) إلى آخر الحديث . و الجهاد وسيلة أيضاً لإنقاذ المستضعفين و رفع الظلم و القهر و الكبت عنهم كما قال الله عز وجل {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً } إلا أن الجهاد مع كونه و سيلة يتوصل بها إلى هذه الغايات النبيلة و غيرها قد جعله الله غاية في ذاته بالنظر إليه من جهة أخرى يمحص بها أهل الإيمان و يتميز الخبيث من الطيب و ترتفع به درجات أهل الصدق و قوى أهل الإخلاص و تتفتح به أنوار الهداية و سبل التوفيق للمؤمن في أمور دينه و قد قال الله عز وجل { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ } و قال سبحانه {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ } و قال سبحانه {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } و بما أن إقامة الدين و التمكين لشرع و كشف الذل و الهوان الذي يعيشه المسلمون لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يرفع و يزال بغير الجهاد في سبيل الله و هو الطريق الوحيد لإدراك هذه الغايات فما هي الفائدة إذاً من الدندنة المستمرة حول جعل الجهاد وسيلة و ليس غاية مع استعمال معنى خاطئ للوسيلة بهذا الموطن قال النبي صلى الله عليه و سلم (( ما ترك قوم الجهاد إلا عمهم الله بالعذاب )) و قال صلى الله عليه و سلم (( من مات و لم يغزو و لم يحدث به نفسه مات على شعبة من نفاق )) إن الفقهاء رحمهم الله حينما قسموا العبادات إلى مقصودة بذاتها و مقصودة لغيرها لم يدر في خلدهم أو يخطر ببالهم شيء من معنى الوسيلة التي يذهب إليها كثير من المعاصرين و الذين جعلوا هذه العبارة متكئاً لهم لترك الجهاد و التنصل من أعبائه و البحث عن بدائل أخرى يزعمون أنهم سيصلون بها إلى نفس الغاية التي سيؤدي إليها الجهاد و للأسف و يا ليتهم صانوا تلك الغاية من التدنيس و شغب العقول و الأهواء و لكنهم أفسدوا الغاية كما حرفوا الوسيلة و فرطوا في المقصود مثل ما استهانوا بما يؤدي إليه و ما ذلك إلا لتجريدهم الجهاد من معناه التعبدي و قطعه عن عالم الآخرة و الحقيقة أنه ما من عبادة من العبادات إلا و هي مقصودة لذاتها من وجه و وسيلة من وجه آخر فالصلاة مثلاً هي وسيلة لنهي عن الفحشاء و المنكر كما قال سبحانه { وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ } فلا يقولن قائل إني قد تحصلت على بغيتي في الانتهاء عن الفحشاء و المنكر من غير طريق الصلاة فيتركها لذلك لأننا نقول أن الصلاة عبادة أمر الإسلام بها و نهى عن تركها و حذر من التهاون فيها و توعد المفرط في أدائها و جعل لها آداب و أحكام تتعلق بها و هكذا كل عبادة من العبادات هي وسيلة لنيل رضا الله عز وجل و الفوز بجناته و الظفر بمحبته و التحلي بتقواه كما قال الله عز وجل {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } و هي في نفس الوقت مقصودة لذاتها بحسب مرتبتها وجوباً أو استحباباً و الجهاد واحد من هذه العبادات بل هو في قمتها و على رأس هرمها كما قال صلى الله عليه و سلم (( وذروة سنامه الجهاد ))

    مراسل مؤسسة السحاب :

    لنعود إلى مسألة الركائز التي يقوم عليها المنهج الجهادي ؟

    الشيخ أبو يحي الليبي :

    نعم قلت إن الأساس الأول و المنطلق الرئيس في هذه القضية هو الإيمان الكامل و الاعتقاد الجازم بأن الجهاد عبادة ربانية أمرنا بها علينا أن نجتهد في أدائها تماماً كما نؤدي الصلاة و الصيام و الحج و غيرها من العبادات و كثير من الجماعات التي سلكت طريق الجهاد أولاً أصابها الدخل و الخلل من فهمها المضطرب لهذه الحقيقة حيث صار الجهاد في تصورها عبارة عن وسيلة مجردة جافة كغيره من الوسائل الأرضية التي يسعى عن طريقها الساعون لإقامة الدول فلما وقع الغبش في هذا المفهوم سهل عليهم التخلي عن الجهاد و القفز إلى صناديق الاقتراع باعتبارها خياراً آخر يساوي عبادة الجهاد فجعلوه بديلاً عنها و لهذا راج الاصطلاح المعاصر خيار الجهاد و خيار المقاومة و التي يعنون بها الجهاد أيضاً و خيار السلاح و خيار الكفاح و خيار النضال إلى آخر هذه السلسلة العصرية المقيتة أما نحن فنقول عبادة الجهاد و حينما نضيف العبادة إلى الجهاد فهذا يجعله نابعاً من التذلل و الانقياد و الاستسلام و ترك الخيرة من الأمر أما ثاني الركائز التي يقوم عليها المنهج الجهادي هو أن هذه العبادة التي نقوم بها و نجتهد قدر طاقتنا في إحيائها غايتها الأولى هي إقامة الدين و تحكيم الشرع و تعبيد الخلائق لخالقهم فهو وسيلة نبيلة لغاية جليلة ليست مدنسة بلوثة الوطنية و لا رجس القومية و لا دنس العقلانية و لا تلاعب الأهواء وهو المعنى السامي الذي يعبر عنه القرآن والسنة بكلمة في سبيل الله أي في طاعة الله عز وجل وهذا الباعث يجب أن يكون محرراً محدداً في أعماق النفس كما يجب أن يكون قائما ملموساً في الممارسات العملية , ولهذا جاء في حديث صحيح عن أبي موسى قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فقال الرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل للذكر والرجل يقاتل ليرى مكانه فمن في سبيل الله ؟ قال : " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله " وقال صلى الله عليه وسلم : " من قاتل تحت رايةٍ عميّة يغضب لعصبيةٍ أو يدعو لعصبية أو ينصر عصبية فقتل فقتلةٌ جاهلية " وبناءاً على هذا الأصل نحن حذر بعض الجماعات الإسلامية ومنها حماس التي تغامر بدماء أبنائها وتقحمهم في معارك لا زاما لها ولا خطام وندعوهم أن يجردوا جهادهم ويصفوهم من اللوثات الجاهلية المعاصرة ومن المصطلحات التي زينها لهم الشيطان وهي في ميزان الشرع كالريح في الفلاة , فالوطنية والقومية و وحدة المصير والمصلحة العليا وغير ذلك من الشعارات التي تعاد في اليوم مرات ومرات على لسان مسئوليهم وقادتهم كل هذه لا مكان لها في دين الله عز وجل , وهي إحدى الطوام العظام التي نتجت عن الاختلال في إدراك هذه الركيزة الأصيلة من ركائز المنهج الجهادي .
    إذا فليكن مقصدنا واضحا وهدفنا محددا وغايتنا معلنة إقامة دين الله عز وجل بمفهومه الكامل والشامل الذي يفصح عنه قول الله عز وجل{ ويكون الدين كله لله } , وهي غاية من أجلها نضحي ولإقامتها نريق دمائنا ونبذل جهودنا وكل ما سواها مهما كان قدره فهو دونها فلهذا فنحن لا نقبل اتجاهها أدنى تنازل ولا نرضى أن نضعها محل البحث والنظر والأخذ ولرد ولو أدى الاستمساك بها لفناء جماعاتنا عن بكرة أبيها فلسنا في ذلك خيرا من أصحاب الأخدود .
    فلا مجال لاحترام الشرعية الدولية ولا الالتزام لمواثيق الأمم المتحدة ولا الرجوع لقرارات مجلس الأمن ولا تقديس ميثاق جامعة الدول العربية فكل هذه الهيئات بما فيها ومن فيها لا تساوي عندنا ذرة .
    أما الركيزة الثالثة التي يقوم عليها المنهج الجهادي فهو الولاء والبراء , عقيدة ومفهوما وسلوكا وعملا , هذا المفهوم الإيماني العميق الذي هو أوثق عرى الإيمان كما جاء في الحديث الصحيح هو من أعظم وأهم ما يستند إليه المنهج الجهادي وإن أي خدش لهذا المفهوم أو تلاعب به يعني زعزعة المسيرة الجهادية وخلخلتها من الداخل وتمييعها تمييعا شنيعا تقديما لمصالح موهومة مزعومة يهدم بها أصل الدين وركنه الركين فالموالاة التي يتفرع عنها حق النصرة والتأييد والمحبة والمودة يجب أن تكون قائمة على أساس واحد راسخ رسوخ الجبال ألا وهو الإيمان فالمسلون أمة واحدة من شرقهم إلى غربهم ومن شمالهم إلى جنوبهم , سواء في ذلك الأحمر والأسود والعربي والعجمي القريب و البعيد قال الله عز وجل ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ))
    وقال صلى الله عليه وسلم " مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضوا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى فلا اعتبار للون ولا للجنس ولا للقبيلة ولا للحدود ولا للبعد ولا للقرب سواء كان في أفريقيا أو آسيا أو أوربا أو أمريكا أو أستراليا إنما هو الإيمان والتقوى فمن أبطئ به عمله لن يسرع به نسبه فتأصل هذا المعنى في قلوبنا يوجب علينا تبني قضايا المسلمين والشعور الحقيقي الذي يورث عملا بأن فرحهم فرحنا وحزنهم حزننا ومصيبتهم مصيبتنا وذمتهم ذمتنا فليس هناك شيء مما يتعلق بالمسلمين يمكن أن نسميه قضية داخلية نتنصل بها عن النصرة مع القدرة وإعلان الموالاة وتأدية حقوق الأخوة الإيمانية فالقاعدة العامة التي تنبثق عن هذا المفهوم المتأصل هو ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله " أنصر أخاط ظالما أو مظلوما " فقال رجل : يا رسول الله أنصر مظلوما فكيف أنصر ظالما ؟ قال : " تمنعه من الظلم فذلك نصرك إياه " والحديث متفق عليه .
    أما مفهوم البراء والذي يتضمن العداوة الدائمة والبغضاء المستمرة بين الإيمان وأهله من جهة والكفر وأشياعه من جهة أخرى , فالكفار كل الكفار هم أعدائنا لا نواليهم ولا نوادهم ولا نحبهم فكيف نحب أو نود من جعله الله عدو له إنما الأمر معهم كما قال إمام الحنفاء وأبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام ((إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ))
    فلا نفرق بين كافر وطني وكافر أجنبي ولا بين كافر محلي وآخر خارجي ولا بين محتل غازٍ ومرتد مناصر فعلى هذا فنحن لسنا ممن يجعل معقد الولاء أو المواطنة أو الجنسية أو القرابة أو غيرها فالمؤمن أخو نا ولو كان أبعد البعداء سكنا ونسبا والكافر عدونا وإن كان أقرب الأقرباء محلة وصلة , قال الله عز وجل يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51) وقال سبحانه(( لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ)) (22) سورة المجادلة , وقال عز وجل ((إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)) ( المائدة 55)
    ولسنا أيضا ممن يجعل الجهاد عضين فيحله ويؤيده ويناصره ويدعو له ضد اليهود في فلسطين , ويحرمه ويجرمه ويمنع منه ويصد عنه في العراق أو أفغانستان أو الشيشان أو الجزائر أو غيرها فالجهاد والذي هو أعلى وأجلى صور البراءة يكون ضد اليهود تماما كما يكون ضد النصارى والمجوس والهندوس والمرتدين سواءً بسواء لأن نوع علاقتنا مع هذه الطوائف كلها واحدة , وهي المفاصلة التامة والبراءة الكاملة والعداوة الظاهرة فما دام الأمر كذلك فلن نحابي كافر على كافر لأجل وطنيته ولا لأجل قوميته ولا لأجل حسبه ونسبه فنحن نقاتل المشركين كافة كما يقاتلوننا كافة , و لا نقف في هذا عند حد ولا ننحصر في نوع ولا نتقوقع في إقليم وهكذا حتى يذعن الجميع لدي الله عز وجل ويخضعوا لأحكامه ويستسلموا لسلطانه .

    *وهل يعني هذا أنكم ستفتحون جبهات قتالية مع جميع هذه الطوائف التي ذكرتها في آنٍ واحد ؟

    لا , ليس هذا هو المقصود ولا هو المطلوب شرعا ولا عقلا , فأنا لم أتحدث عن قضية القتال من جهة متى نبدأ ومع من نبدأ ومع من نبدأ وكيف نبدأ , فهذه مسألة خاضعة للسياسة الشرعية , وقائمة على أساس رجحان المصلحة و منوطة بالقدرة أيضا وهي مسألة ترتيب أولويات بينتها الشريعة الإسلامية كما قال الله عز وجل ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)) (التوبة: 123) والجهاد كغيره من العبادات متوقف على الاستطاعة والوسع فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها و إنما كان حديثي منصباً على طبيعة العلاقة التي يقوم عليها الإسلام بين أهله المنتمين إليه وبين من سواهم من أهل الأديان الأخرى هذا علاقة التي كل ما كانت على الأساس العقدي الصحيح الواضح انضبطت المسيرة الجهادية , وسلمت من منهج التمييع والتطويع الذي صار لهم دعاته ومفكروه ومنظروه .
    نعم , ما نعتقده أن جميع الأرض لابد أن تكون تحت حكم الإسلام لا يخرج عن ذلك ذرة واحدة منها لأن رسولنا صلى الله عليه وسلم قد أرسل للناس كافة لا يستثنى منهم أحد ولكن هذا لا يعني أبدا أننا سنقاتل جميع شعوب الأرض دفعة واحدة , لنخضعها للشريعة الإسلامية , فالإسلام لم يأمرنا بذلك , و إنما أمرنا أن نقاتل الأدنى فالأدنى ممن أبى أن يخضع للحكم الإسلامي , ونشرع مع الأقرب فالأقرب وهكذا حتى تتسع الدائرة حتى يذعن الجميع لحكم الله ونحن الآن في أول الخطوات ومبدأ الطريق حيث نسعى لاسترداد أراضينا التي استولى عليهم الكفرة من اليهود والنصارى والمرتدين من الحكام الخونة وهذا هو المتعين على المسلمين الآن ليجدوا لأنفسهم موطئ قدم يقيمون فيه دولتهم التي تحكمهم بالإسلام و يتفيؤن بظلاله ويتنعمون بعدله .

    مراسل مؤسسة السحاب :

    على ذكركم لقضية الأولويات في القتال هناك من يطرح مسألة البدء في قتال الحكومات المرتدة باعتبارها العدو الأقرب للمسلمين في مقابل الأمريكان و الأحلاف الكافرة الأخرى ؟

    الشيخ أبو يحيى الليبي :

    لاشك أن الحكم المتقرر الأصلي الذي نصت عليه الآية الكريمة والتي دلت عليه سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وجرى عليها أصحابه من بعده هو البدء في القتال بالأقرب فالأقرب كما قال الله عز وجل : ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ )) وهذا في حال استواء الحال و انتظامه أي عندما نسير الأمور سيرا طبيعيا بحيث ينتقل المجاهدون في فتوحاتهم من الأدنى إلى من يليه فهذه الآية من أقوى الأدلة على أن الجهاد لا تمنعه الحدود ولا يتوقف على صورة الدفع فقط كما يحاول أن يقرر ذلك كثير من المنهزمين العصريين فعل كل حال فالفقهاء الذين تكلموا في هذه المسألة وبينوا حكمها قد نصوا على أن هناك حالات متعددة يترجح فيها البدء في قتال العدو الأبعد ويقدم على من دونهم , من تلك الحالات إذا كان العدو الأبعد أشد ضرراً وأكثر خطرا على المسلمين ودينهم وتقدير هذا يرجع إلى قادة المجاهدين الذي يقررون بعد تشاورهم ونظرهم من الاعتداء أولى أن يبدءوا به لأي اعتبار من الاعتبارات الشرعية المعتمدة فالقضية ليست مسألة نصية قطعية غير قابلة للاجتهاد والبحث و الترجيح بحسب الواقع والحاجة والقدرة والمصلحة , وإنما أفسح فيها الشرع المجال و اعتبر فيها المصلحة والتقدير , ثم إن القرب والبعد المكاني في عصرنا الحاضر لم يعد لها ذلك الاعتبار الكبير إذا نظرنا إلى الواقع لأن أنواع الأسلحة المستخدمة من طائرات وصواريخ وغيرها قد اخترقت الحدود وتجاوزت السدود وصارت تعبر القارات والمحيطات وتستهدف المسلمين وههم وسط بيوتهم وبين أهليهم والعلاقات التي تربط الدول الكافرة الكبرى بالدويلات الصغيرة وحكوماتها المرتدة علاقات متداخلة وثيقة على جميع الأصعدة السياسية و الاقتصادية والعسكرية بل حتى الثقافية فهم بالجملة شيء واحد وعدو واحد وجيش واحد وهم علينا يد واحدة والمعركة التي يخوضونها ضدنا معركة واحدة إما أن تتبناها الدول الصليبية الكافرة بنفسها و إما أن يتولاها وكلائها العملاء المتسلطون على الشعوب المسلمة , هذا زيادة على الوجود العسكري الثقيل في تلك الدول وعلى رأسها أمريكا في عقر دار المسلمين تقتل وتخرب وتدمر وتستبيح حرماتهم وتنتهك ثرواتهم وتفرض عليهم سياساتها و قوانينها و ما هذه الحكومات المرتدة بالنسبة لها إلا كالجنود مع قائدهم بل كالعبيد مع سيدهم لا تسمع لهم همسا ولا ركزا وكلنا يعلم أن تهشيم هذا الصنم العصري وإلحاق الهزيمة به سيعني تلقائيا ضعف هذه الحكومات العميلة الهزيلة والتي ستدفن مع إلهها الذي ضلت عليه عاكفة لتلقى معه في مزبلة التاريخ غير مأسوف عليها فالمجاهدون اليوم في حالة دفع للعدو وصد لهجمته الشرسة على بلاد المسلمين فالخيارات في ابتداء القتال مع هذا العدو أو ذاك ليس له حقيقة معتبرة في الواقع , فحتى من أراد أن يبدأ بقتال الحكومات المرتدة المتسلطة على بلاد المسلمين سيجد نفسه وبعد فترة وجيزة وربما من أول يوم يستأنف فيه عمله سيجد نفسه في مواجهة بصورة أو بأخرى مع القوات الصليبية وعلى رأسها أمريكا ومن ثم سيقف وجها إلى وجه مع العدو الذي كان يعتبره ويفترضه أبعد وتفادى البدء بقتاله فأعدائنا اليوم كلهم قريب , قريبهم قريب وبعيدهم قريب , وحظ المجاهدين من اختيار وقت المواجهة والمقاربة والتسديد قدر الإمكان لخوض المعركة الحاسمة التي تتناسب مع قدراتهم وتتوافر فيها عوامل النجاح وتختصر عليهم كثيرا من الجهود وتؤدي إلى استئصال العدو الأكبر الذي يصدر الفساد وينشر الخراب وفي كنفه تنشأ و تترعرع أنظمة البطش والتنكيل .

    مراسل مؤسسة السحاب :

    شيخنا أشرتم فيما سبق إلى أن المتعين على المسلمين عموماً و المجاهدين خصوصاً إيجاد موطن أو دولة تكون المنطلق الأول لهم لنشر دين الإسلام في ربوع الأرض , فكما تعلمون فإن المجاهدين في العراق قد أعلنوا عن قيام دولة العراق الإسلامية فما هي نظرتكم لهذه الخطوة التي قام بها إخواننا هناك ؟

    الشيخ أبو يحيى الليبي :

    حقيقةً أنا أعتبر أن إقدام إخواننا المجاهدين في العراق على إعلان قيام الدولة الإسلامية هو توفيق إلهي محض , و هو جزء من الهداية التي تكفل الله بها لعباده المجاهدين بقوله :
    ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ )
    بل لا أشك أنه من دفاع الله عن المؤمنين الذين نصروا دينه و كتابه كما قال سبحانه و تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ )

    فالجهاد في العراق قبل إعلان الدولة كان يسير نحو منزلق خطير و قاتل و لكن بخفية و تستر , و الذي كشف هذا المنزلق و أزاح الغطاء عن تلك الهاوية المهلكة هو إعلان قيام الدولة ,
    و لهذا فإن العدو المحتل وقع في مأزق لا يحسد عليه حيث أربكت عليه هذه الخطوة كل حساباته و خلطت جميع أوراقه , و ذلك أن الخطوة أو بالأصح الخطة التي كان يسير عليها العدو قبيل إعلان الدولة هي إيجاد حكومة عميلة محسوبة على أهل السنة تكون مرضياً عنها نوعاً ما و معترفاً بها من قبل دول السُّوس المجاورة و خاصة دولة آل سعود و الأردن اللتين تتوليان كبر هذه المؤامرة فصارتا تنفخان في بوق الدفاع عن أهل السنة في العراق و تتظاهران بالحرص على دمائهم و صار الإعلام يضخم هذه القضية و ينوع صور إخراجها , و نحن لا نعني هنا أن إخواننا أهل السنة في العراق لم يكونوا و لا زالوا يتعرضون لأبشع صور الإجرام الرافضي و الصليبي على حد سواء بل المقصود من كلامي أن الدندنة المستمرة على هذه القضية و من قبل دول مردت على النفاق و الإجرام كان جزءاً من مؤامرة كبرى تحاك ضد الجهاد و المجاهدين في العراق , فبعد أن يبلغ التنكيل و التقتيل بأهل السنة مداه و يقتنع الجميع داخل العراق و خارجها أنهم وصلوا الذروة من المعاناة تفبرك لهم مسرحية سياسية تترشح عن حكومة ذات أغلبية سنية و تبادر دول المنطقة إلى دعمها و تقويتها و تلميع صورتها فيقال لأهل السنة في العراق ها قد نلتم ما تريدون و ظفرتم بما كنتم تطلبون و نجوتم من مسالخ الرافضة و مذابح أهل الصليب فانعموا بحكم علماني عميل طبل له القريب و البعيد , و من سيعترض على تلك الحكومة السنية - و هذه بين قوسين - فسيجد نفسه شاذاً منبوذاً لأنه سيحاول بأفعاله تدمير هذا الصرح الكبير الذي ناله أهل السنة في العراق و الذي يعيشون تحت مظلته و حمايته , و هكذا يسدل الستار على تضحيات الأبطال و دموع الأرامل و معاناة الأيتام لتذهب هباءً مع عاصفة الفرح و التأييد و التلميع و البطولات المصطنعة التي ستظهر بها تلك الحكومة المفترضة , و لكن الله سلَّم و أنقذ الجهاد العراقي من ضربة قاصمة ستودي به أو ترجعه إلى نقطة الصفر و ذلك بإعلان قيام دولة العراق الإسلامية .


    مراسل مؤسسة السحاب :

    ولكن كما تعلمون فإن كثير من المجاهدين داخل العراق و خارجها يرون أن الخطوة لا تصب في مصلحة الجهاد و المجاهدين .

    الشيخ أبو يحيى الليبي :

    فيما أرى و الله أعلم أن الاعتراض على إعلان دولة العراق الإسلامية من قبل هؤلاء الفضلاء قد أخذ أكبر من حجمه و ما أقدم عليه إخواننا من الإعلان يعد خطوة أقل ما يقال فيها أنها اجتهاد لطائفة كبيرة و شريحة واسعة من المجاهدين و يُتعامل معها على هذا الأساس ,
    و نتجاوز هذه المرحلة إلى مرحلة التسديد و الترشيد و الدعم و التقوية و رصِّ الصفوف و السعي الدائم للأفضل و الأكمل و لا نقف عند نقطة الإعلان و نجعلها كأنها قاصمة ظهر الجهاد في العراق مع أن الواقع على الأرض يظهر غير هذا و يشكف الجوانب الإيجابية الكبرى التي توالت بعد إعلان الدولة , و لا ينبغي أن نتغافل عن أعظم مكسب في هذا الإعلان و هو إنقاذ الجهاد في العراق من مشروع استئصالي يأتي على قواعده و هي الحقيقة التي أدركها العدو قبل الصديق فالقول بأن هذه الخطوة لا تصب في صالح الجهاد و المجاهدين غير صحيح على الإطلاق و هو تجاهل يصطدم اصطداماً مباشراً مع الواقع الذي تسير فيه قافلة الجهاد في العراق .

    و حقيقة إننا حينما نريد أن نُقوِّم أي أمر من الأمور و نخرج فيه بنتيجة صائبة منصفة يجب علينا أن نوازن بين الإيجابيات و السلبيات التي يتضمنها هذا الفعل أو ذاك : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَ إِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ )
    فرُبَّ إيجابية واحدة بسبب ثقلها و قوتها و رجحانها ينغمر في بحرها مئات السلبيات و العكس كذلك , و الذين يتحدثون عن المشروع الإسلامي الحضاري الكبير و يتعلقون بالصورة المثلى له و يجعلونه معيارهم في نجاح أو فشل أي عمل , حقيقةً هؤلاء لم ينزلوا إلى ساحة العمل الواقعية و لم يحتكوا بتفاصيل الأحداث و لم يتعمقوا في النظر لدرجة الكيد و المكر و الدسائس التي تتفتق عنها عقول دهاقنة الكفر يوماً بعد يوم , فقل لي بالله عليك هل هذا المشروع الحضاري التي تتمتع العقول بتخيله و تسبح في بحار تصوره هل سيلد بين عشية و ضحاها كاملاً فتياً قوياً قد سد الأفق بازدهاره و حضارته و نضارته ؟! أم أن معاناة الواقع و اتجاهات أحداثه ستكون منعكسة تماماً عليه في قوته و حجمه و امتداده و لكنه يقاوم و يقاوم و يسدد و يقارب و يتقوى و يرتفع حتى يقترب شيئاً فشيئًا من مرحلة التمام التي لن تكون إلا عبر عقود من الزمان و ليست في يوم أو يومين .

    مراسل مؤسسة السحاب :

    وفي نظركم ما هي أهم المخاطر التي يمر بها الإخوة في دولة العراق الإسلامية في هذه المرحلة ؟

    الشيخ أبو يحيى الليبي :

    كما ذكرت لكم من قبل فإن إعلان قيام الدولة كان مفاجأة كبرى للعدو المحتل بجميع المقاييس حيث صارت القناعة التلقائية للشعب العراقي أن الدولة هي البديل الوحيد و المباشر الذي سيخلف المحتل عند انسحابه بإذن الله , و مع الضربات المتتالية التي يتلقاها الصليبيون على أيدي المجاهدين هناك و تزايد الضغوطات الداخلية لإدارة بوش , و مع شدة الخطر الذي يستشعرونه من خلال إقامة المسلمين لدولة لها كامل الاستقلالية على كافة الاتجاهات , مع هذا كله صار هَمُّ المحتل هو إفشال هذا المشروع و وأده في مهده بأي طريقة , و من ذلك اقتلاع هذه القناعة التي ترسخت في قلوب العراقيين في إعلان الدولة ليصنعوا لهم من البدائل ما شاءوا , و كانت أنجح و أنجع الطرق في هذا هو بث الفرقة الداخلية و تغذيتها بين المجاهدين , و استغلال بعض النقاط التي تختلف فيها أنظارهم و تضخيمها و تعميق الخلاف من خلالها , و محاولة اختراق الصفوف للعبث بالمنهج الجهادي من الداخل و ارتكاب بعض التصرفات الشنيعة و نسبتها للمجاهدين تنفيراً منهم , و بذلك سيصبح المجاهدون منشغلين بأنفسهم و منكبين على سلسلة مشاكلهم التي لا نهاية لها , فتستهلك طاقاتهم و تهدر جهودهم و تنعدم الثقة بينهم و لهذا فإنني أشبه حالة إخواننا في دولة العراق الإسلامية بحالة من يمشي في حقل من ألغام وسط ظلام دامس و هذا يتطلب منها تيقناً كاملاً و تحسساً مستمراً لمواطن الأخطار و وعياً محيطاً بأنواع المؤامرات و بصيرة تكشف لهم سبيل المجرمين , و أن تكون قراراتهم منبثقة من النظر الشمولي للأحداث و التعامل المستقل مع القضايا و الشعور بالمسؤولية عند كل خطوة و البعد التام عن سياسة ردات الفعل و الاستجابة للاستفزاز فالمرحلة جد خطيرة و دقيقة و الخروج من عنقها بسلامة يعني كمال النصر و تمام التمكين بإذن الله .

    مراسل مؤسسة السحاب :

    حقيقة هناك كثير من القضايا الساخنة التي كنا نتمنى أن نتناولها في هذا اللقاء مثل قضية فلسطين و الجزائر و الصومال و جزيرة العرب و غيرها , و لعل فرصة أخرى تتاح يكون فيها الحديث أشمل و أكمل , و لكن هل من كلمة ختامية توجهونها للمجاهدين خصوصاً و للأمة عموماً ؟

    الشيخ أبو يحيى الليبي :

    أقول إن المرحلة التي يمر بها الجهاد العالمي هي من أخطر المراحل و وسائل المواجهة بين المعسكرين ليس فيهما أدنى تكافؤ , و لكن ما يرجح كفتنا بعد أخذنا بالأسباب المعتبرة هو صدقنا مع الله عز وجل و إيماننا العميق و الجازم بأن الله معنا و هذا يستوجب منا خضوعاً لله و تواضعاً بين يديه و ابتعاداً عن الكبر و البطر و الغرور وهو أهم ما نوصي به إخواني المجاهدين في ساحات الجهاد كافة , أن تكون ثقتهم بالله كبيرة و يقينهم بصحة منهجهم راسخاً و أن يضعوا بين عينيهم قول الله تعالى ممتناً على صحابة الكرام الذين نصرهم يوم بدر مع قلتهم و ذلتهم و ضعفهم : (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )
    و أن يكونوا أشد الناس نفرت من معصية الله فهل يعقل أن نعصي ربنا سبحانه ثم نطلب النصرة منه ؟ كما أوصيهم بتوحيد صفوفهم و جمع كلمتهم و تذليل كل عقبة تحول بينهم و بين ذلك فإن الخلاف كله شر و إن توهمنا فيه المصلحة و ادعينا من خلاله الإصلاح , هذا مع الحفاظ مع سلامة المنهج و وضوح الغاية و تطهيرها من أي دنس يكدر صفوها كالعصبية الجاهلية و القومية و الوطنية و غيرها , و إذا كان الكفار وهم أهل نحل متضاربة و قلوب متنافرة قد اتفقوا و اجتمعوا و تنازلوا لبعضهم و كوَّنوا أحلافاً اعتبروا فيها مصلحتهم العليا المتمثلة في القضاء على الإسلام فكيف بنا نحن المسلمون و ديننا واحد و عقيدتنا واحدة و ربنا واحد و نبينا صلى الله عليه و سلم واحد ألسنا أحق منهم بهذه المنقبة و هذا الشرف ؟

    أما أمة الإسلام فأقول لها أبشري فوالله لقد آذن ظلام الظلم و القهر بالزوال و بدأت شموس الحق ترسل أشعتها شيئاً فشيئاً , و ما كان ذلك ليحصل بالخنوع و الخضوع و الاستسلام و التهرب عن مواطن المخاطرة و المغامرة , و إنما بدأت هذه الغمة بالانكشاف بتضحيات أبنائك البررة التي امتزج فيها دم الشهيد و عرق المجهدين و دموع الثكالى فاصبري أمتنا الحبيبة فإنما النصر صبر ساعة و يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء و هو العزيز الرحيم .



    مراسل مؤسسة السحاب :


    وفي ختام هذا اللقاء نشكر الشيخ أبا يحيى ونسأل الله تعالى أن ينفع بعلمه ويجزيه خير الجزاء عن الإسلام والمسلمين .

    الشيخ أبو يحيى الليبي :

    و أنتم أيضا جزا كم الله خيرا على جهودكم ومساعيكم ونسأل الله أن يبارك فيها والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


    للتحميل بصيغة وورد

    http://ia341033.us.archive.org/1/items/laga2-1/1234.zip
    http://ia341037.us.archive.org/3/items/laga2-2/1234.zip
    http://ia341035.us.archive.org/2/items/laga2-3/1234.zip
    http://ia341031.us.archive.org/3/items/laga2-4/1234.zip
    http://ia341003.us.archive.org/0/items/laga2-5/1234.zip






    ولا تنسونا من صالح دعائكم

    إخوانكم في







    نخبة الإعلام الجهادي


    منقوووووول


    فإننا عزمنا أن نعيش شرفاء أو نموت شهداء , فخذوا حذر كم أيها الجبناء

  • #2
    بارك الله فيك و نصر الله المجاهدين الصادقين

    تعليق


    • #3
      حفظ الله شيخنا المجاهد ابو يحيى الليبى ونصر الله رجال القاعدة
      بارك الله فيكم على النقل الطيب
      ::.إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ.::


      تعليق

      يعمل...
      X