مشعل يتكلم بلسان إسرائيل والخيار المصري" أكذوبة.. روجها اليهود وصدقها الفلسطينيون... بقلم: محمد علي إبراهيم ...
رئيس تحرير صحيفة الجمهورية المصرية
• مشعل يعترف: إيران أفضل من العرب
• مشعل: لا موعد محدداً للانسحاب من رفح
• "غزة الكبري" مخطط إسرائيلي يسلب ألف كيلو متر مربع من سيناء
• أمننا القومي متكامل.. لا نعرف جيوشاً أو مرجعيات أو إعلاماً
• تحذير لأهالي رفح: نقود "الحمساوية" مزورة بالكامل!!
• أشعر بيد سوريا في العملية لإرغامنا علي ترك الاستحقاق الرئاسي اللبناني
كشف خالد مشعل رئيس الجناح السياسي لحركة "حماس" في لقائه أمس الأول مع الإعلامي الزميل عمرو أديب في قناة "أوربت" أنه لا يستطيع تحديد موعد معين لانسحاب أهل غزة من سيناء.. وهو ما أثار دهشتي بل واستنكاري خاصة وأن "مشعل" قال إن "الإخوة في مصر يسألونني باستمرار عن الوقت الذي ينتهي فيه كل هذا.. وأنا لا أستطيع الإجابة بموعد محدد سواء للمصريين أو للفلسطينيين".
هذا كلام خطير يؤكد أن الأوامر لم تصل بعد إلي خالد مشعل لينهي هذا التدافع أو التدفق لأكثر من مائة ألف فلسطيني إلي رفح المصرية.
ويبدو أن حضوره لمصر لبدء جولة جديدة من المفاوضات مع "فتح" حول الطريقة المثلي لإدارة "معبر رفح" جعلته يشعر بقيمة أكبر من قيمته الحقيقية.. فمصر لن تطلب منه أو تستعطفه ليوقف تدفق "الحمساوية" إلي رفح المصرية.. فقد فتحنا المعبر لأسباب إنسانية وسنغلقه لأسباب تتعلق بأمننا القومي. ولن نسأل أحداً متي نغلق معبراً علي أراضينا. أو نستأذنه فهذه "حدودنا". ومشعل يعلم ذلك قبل غيره.
سأله عمرو أديب عن مصدر النقود التي ينفقها أهل غزة في رفح المصرية.. وأجاب بثقة من "إيران" فهي الوحيدة التي تنفق علينا بعد أن خذلنا العرب ولم يسددوا التزاماتهم نحونا.. ويظهر أن الأخ "خالد" لا يعترف بالمبالغ المهولة التي حصل عليها في السعودية بعد توقيع اتفاق "مكة" الذي لم يصمد سوي أيام معدودات ثم وقع الانقسام في غزة واحتلوها وقتلوا أهلهم وزملاءهم بأعصاب حديدية.. ثم أن الأموال التي تحدث عنها وصندوق دعم الأقصي والانتفاضة كانت وفلسطين موحدة تحت قيادة واحدة.. وكانت هناك انتفاضة باسلة ضد المحتل.. الآن تحولت هذه الانتفاضة إلي جنود مصر وضربتهم وأهانتهم واقتحمت أرضاً ما كانت لهم ولن تكون.
الأكثر من ذلك أن خالد مشعل أكد أن الدول العربية قادرة علي منع الحصار علي أهل غزة. إذا ما قرروا ذلك وتعاونت الشعوب العربية والإسلامية في وقفة واحدة ومصيرية ضد إسرائيل.. في هذه الحالة فقط يمكن أن نواجه الدولة العبرية.
والحقيقة أنني فهمت من كلامه أنه يدعو الدول العربية والإسلامية إلي مواجهة مع إسرائيل!
وهكذا اسقط مشعل "عامداً ومتعمداً" السبب الرئيسي في تدهور الأحوال في غزة بعد أن طردوا السلطة الوطنية الفلسطينية وقتلوا حرس الرئيس محمود عباس. وعاثوا في الأرض فساداً ونصبوا أنفسهم أوصياء علي القضية ورفضوا الاعتراف بأسرائيل أو التفاوض معها. ناسفين كل أسس السلام التي وضعها "أبوعمار" ورفاقه.
الداهية الكبري كانت عندما صرح مشعل أن الفلسطينيين لا يستبدلون أرضاً بأرض لأنهم لن يتخلوا عن حلم العودة أبداً.. إلي هنا والكلام جميل.. لكن المصيبة انه قال إنهم إذا تمكنوا في أرض وأقاموا عليها مخيماً فإنهم لايفكرون ابداً في تركه إلا للعودة لديارهم فقط!.. وضرب مثالا علي ذلك بمخيم "نهر البارد" الذي فشلت كل محاولات اقتلاعهم منه.. وأكد الرجل أن الشتات الفلسطيني لن ينتهي إلا بعودة كل اللاجئين إلي فلسطين.
وللأسف فقد فهمت من كلامه انه إذا أقيم مخيم لايواء فلسطينيي غزة في رفح المصرية لدواعي إنسانية بحتة. فإنهم لن يتركوه إلا للعودة إلي فلسطين.. وربما تكون العودة غداً. والارجح أن تكون بعد سنوات طوال نستضيف فيها رغماً عنا الفلسطينيين في مخيمات إجبارية علي أرض سيناء!! ومن الآن أقولها: لن يحدث.. لن يحدث.
إن الأمن القومي المصري كل متكامل. وهو يشبه نسيج الارابيسك تتداخل وتتقاطع تفاصيله في منظومة واحدة.. واكرر واحدة.. الأمن القومي المصري ياخالد يامشعل هو أمن دولة ذات سيادة وسيطرة علي حدودها ومياهها الاقليمية وسمائها.. وهو ليس أمن طائفة أو قبيلة لكل منها جيش ومرجعية دينية أو سياسية!
مصر تختلف عما يحدث في لبنان أو في العراق أو في فلسطين.
مشعل يتكلم بلسان إسرائيل
إنني أشعر للأسف الشديد أن خالد مشعل كان يتكلم بلسان إسرائيل وليس بلسان المصلحة الوطنية الفلسطينية.. فما أن كسر سكان غزة الحصار وتدفقوا إلي رفح حتي استعادت إسرائيل مفهوم "الخيار المصري".. وهو الخيار الذي مابرحت تل أبيب تطرحه في كل أزمة مع غزة.. فإسرائيل تريد نقل مسئولية القطاع إلي مصر. وتصدير أزماته السياسية والأمنية والمعيشية إلي القاهرة متصورة ان هذا يعفيها من مسئوليتها كدولة إحتلال ويحقق حلمها في الفصل بين المناطق الفلسطينية.
للأسف الشديد خالد مشعل ينفذ رؤية إسرائيل حرفياً. فإلي جانب الخيار المصري هناك الخيار الأردني بالنسبة للضفة الغربية. وهو الخيار القديم الذي تلوح به الدولة العبرية لتقاسم المسئولية عن هذا الجزء من فلسطين مع عمان. بعد ضم القسم الأكبر منه كلما أرادت التهرب من مسئوليتها والتزاماتها بحجة ان الدولة الفلسطينية يجب أن تكون في الضفة الشرقية. أي في الأردن. وتتصور تل أبيب ويساعدها مشعل في ذلك أن اتفاقيات السلام مع القاهرة وعمان ستساعدها في ذلك وتكفل أمنها.. عندئذ تتخلص من البحث في قضايا الحل النهائي وخريطة الطريق واللاجئين والقدس. فضلاً عن إقامة دولة فلسطينية.
أمس الأول كنت أتحدث مع الصديق أحمد أبو الغيط وزير الخارجية عن تداعيات الأحداث فلفت نظري مشكوراً إلي مقال خطير كتبه مارتن كرامر "صحفي يهودي" في نشرة اسمها الميدل ايست استراتيجي بجامعة هارفارد الأمريكية.. المقال بعنوان "إدخال غزة في مصر" أو "غزة الكبري".
يقول الصحفي تعليقاً علي أحداث رفح إن المسئولين الإسرائيليين في وزارتي الخارجية والدفاع وكذلك مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي علقوا عليها قائلين إنها ربما تكون نعمة "مخفية" أو مستترة.. وينقل الصحفي عنهم قولهم إنهم كانوا سعداء باقتحام مئات الألوف من أهالي غزة السور الذي يفصل غزة عن مصر وتدفقهم غير المنتظم والمستمر والمتواصل إلي مصر.. قال المسئولون الإسرائيليون للصحفي أن هذا الاندفاع الكبير ربما يكون مقدمة لفك ارتباط إسرائيل نهائياً بالقطاع. لأن بقاء الوضع كما هو تحطيم السور وخروج ودخول الفلسطينيين يشكل خطراً داهماً لأمن إسرائيل.. وقال المسئولون الإسرائيليون إن نقل مسئولية القطاع لمصر ستسعد صناع القرار في تل أبيب.
يؤكد الصحفي انه حصل علي تأكيدات بأن غزة والضفة لن يتحدا بعد ذلك وليس هناك احتمال بهذا.. وانه من الأفضل لإسرائيل أن تظهر من جديد فكرة تحول غزة إلي كيان مستقل.
تخاريف
في نفس السياق استعاد الصحفي ما كتبه زميله اليهودي صموئيل كوهين عن ضرورة توسيع غزة.. وكوهين أحد كبار علماء الجغرافيا وكان رئيسا لاتحاد علماء الجغرافيا الأمريكيين وعميدا لأشهر كلية جغرافيا وهي "كوينز كولدج".
تقوم نظرية كوهين عن غزة الكبري أو "غزة المتطورة" علي ضرورة توسيع مساحتها لأنها تملك مقومات التحول الي دولة صغيرة ناجحة علي غرار سنغافورة تأتي اليها الاستثمارات وتتحول الي معبر بين القارات أو "دولة ترانزيت".. ويمضي كوهين ليقول ان غزة تحتاج ألف كيلومتر مربع من الأرض تستطيع أن تقدمها لها مصر علي أن يحدها 30 كيلومترا بامتداد ساحل المتوسط "حوالي 200 كيلومتر مربع" وستجعل هذه المساحة الاضافية غزة تتمتع بساحل طوله 75 كيلومترا.. كما يمكن أن تمنحها مصر شريطا آخر من سهول شمال سيناء يقدر ب 300 كيلومتر.
يقول كوهين انه حصل علي موافقة شارون "قبل الغيبوبة طبعا" علي الخطة ووعد بأنه سيناقشها مع الأمريكان مثنيا علي عبقرية العالم الجغرافي لأنه سيقلل الكثافة السكانية لغزة ويوفر لها موارد غذائية واحتياطيات من الغاز الطبيعي بالاضافة الي امكانية تحويل المنطقة الي منتجع سياحي عالمي له ميناء بغاطس عميق ومطار دولي.
أما إسرائيل فستعطي مصر حوالي 250 الي 500 كيلومتر مربع علي طول حدودهما المشتركة. كما ستمنح مصر ممراً الي الأردن.. أما السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية فستتنازل لإسرائيل عن 500 الي ألف كيلومتر تعويضا عن الأرض التي أعطتها الدولة العبرية لمصر.
وأجدني مضطرا لأقول أن مصر ليست "سايبه" ليتم هذا التخطيط المريض لأراضيها.. وليست دولة مُحتلة ليفرض عليها المحتلون رأيا..وليست.. وليست.. وليست.. والعملية كلها خيال في خيال مريض.. لكن للأسف وجدت التخاريف اليهودية صدي لدي بعض الفلسطينيين وتصوروا أنه طالما أن سيناء لاتحظي بكثافة سكانية فلماذا لاينتقلون اليها ويقيمون بها؟
لاتصدقوا "حماس".. فهي أولا : تنفذ مخططاً إسرائيلياً يهدف في المقام الأول إلي كفالة أمن إسرائيل وثانيا : تقويض اتفاقية كامب ديفيد عن طريق زرع جنسية أخري داخل مصر وثالثا : القضاء علي السلطة الوطنية في الضفة وقطع أي أمل في اتصالها بغزة.. رابعا : دق اسفين أبدي بين مصر والأردن والفلسطينيين بحيث تختلط أراضي القاهرة وعمان ورام الله. وتضيع الهوية والحدود والأمن القومي.
أعرف أن كل هذا تخاريف لكن إسرائيل تلوح به للفلسطينيين كجزرة مغرية.. والأخوة لديهم استعداد لفعل أي شيء.
وقبل أن اختم المقال اعتذر للقاريء عن الإطالة. ولكني اعتقد أننا نواجه تهديدا قويا لأمننا القومي. وأن هذا التهديد يلبس ثوب الدفاع عن الفلسطينيين المشردين الهاربين من حصار إسرائيل وبطشها.. أرفض أن أسمي الأسماء بغير مسمياتها.. واسمحوا لي بملاحظتين.. الأولي : أن النقود التي يتعامل بها أهل غزة في رفح المصرية مزورة فاحذروا.. و"الفهلوة" لايمكن أن تنطلي علينا لأننا نحن الذين ابتدعناها.. الثانية : لدي احساس قوي أن سوريا تحاول خلق المتاعب الأمنية لمصر بهدف إرغامها علي التخلي عن دور الشريك في حل أزمة الرئاسة اللبنانية. وهناك مؤشرات أن دعوة الحكومة المصرية واصرارها علي تسهيل عملية انتخاب الرئيس دفعا دمشق إلي تسريع حركة الانفجار الشعبي في غزة لعلنا ننشغل عن لبنان بمشكلة أصبحت جزءا من أمننا القومي.
لك الله يامصر.. ويارب اجعل هذا البلد آمنا وامنع عنه الحاقدين والطامعين والمتآمرين والمتاجرين بكلمات حق يراد بها باطل.
2008-01-28 03:30:33
رئيس تحرير صحيفة الجمهورية المصرية
• مشعل يعترف: إيران أفضل من العرب
• مشعل: لا موعد محدداً للانسحاب من رفح
• "غزة الكبري" مخطط إسرائيلي يسلب ألف كيلو متر مربع من سيناء
• أمننا القومي متكامل.. لا نعرف جيوشاً أو مرجعيات أو إعلاماً
• تحذير لأهالي رفح: نقود "الحمساوية" مزورة بالكامل!!
• أشعر بيد سوريا في العملية لإرغامنا علي ترك الاستحقاق الرئاسي اللبناني
كشف خالد مشعل رئيس الجناح السياسي لحركة "حماس" في لقائه أمس الأول مع الإعلامي الزميل عمرو أديب في قناة "أوربت" أنه لا يستطيع تحديد موعد معين لانسحاب أهل غزة من سيناء.. وهو ما أثار دهشتي بل واستنكاري خاصة وأن "مشعل" قال إن "الإخوة في مصر يسألونني باستمرار عن الوقت الذي ينتهي فيه كل هذا.. وأنا لا أستطيع الإجابة بموعد محدد سواء للمصريين أو للفلسطينيين".
هذا كلام خطير يؤكد أن الأوامر لم تصل بعد إلي خالد مشعل لينهي هذا التدافع أو التدفق لأكثر من مائة ألف فلسطيني إلي رفح المصرية.
ويبدو أن حضوره لمصر لبدء جولة جديدة من المفاوضات مع "فتح" حول الطريقة المثلي لإدارة "معبر رفح" جعلته يشعر بقيمة أكبر من قيمته الحقيقية.. فمصر لن تطلب منه أو تستعطفه ليوقف تدفق "الحمساوية" إلي رفح المصرية.. فقد فتحنا المعبر لأسباب إنسانية وسنغلقه لأسباب تتعلق بأمننا القومي. ولن نسأل أحداً متي نغلق معبراً علي أراضينا. أو نستأذنه فهذه "حدودنا". ومشعل يعلم ذلك قبل غيره.
سأله عمرو أديب عن مصدر النقود التي ينفقها أهل غزة في رفح المصرية.. وأجاب بثقة من "إيران" فهي الوحيدة التي تنفق علينا بعد أن خذلنا العرب ولم يسددوا التزاماتهم نحونا.. ويظهر أن الأخ "خالد" لا يعترف بالمبالغ المهولة التي حصل عليها في السعودية بعد توقيع اتفاق "مكة" الذي لم يصمد سوي أيام معدودات ثم وقع الانقسام في غزة واحتلوها وقتلوا أهلهم وزملاءهم بأعصاب حديدية.. ثم أن الأموال التي تحدث عنها وصندوق دعم الأقصي والانتفاضة كانت وفلسطين موحدة تحت قيادة واحدة.. وكانت هناك انتفاضة باسلة ضد المحتل.. الآن تحولت هذه الانتفاضة إلي جنود مصر وضربتهم وأهانتهم واقتحمت أرضاً ما كانت لهم ولن تكون.
الأكثر من ذلك أن خالد مشعل أكد أن الدول العربية قادرة علي منع الحصار علي أهل غزة. إذا ما قرروا ذلك وتعاونت الشعوب العربية والإسلامية في وقفة واحدة ومصيرية ضد إسرائيل.. في هذه الحالة فقط يمكن أن نواجه الدولة العبرية.
والحقيقة أنني فهمت من كلامه أنه يدعو الدول العربية والإسلامية إلي مواجهة مع إسرائيل!
وهكذا اسقط مشعل "عامداً ومتعمداً" السبب الرئيسي في تدهور الأحوال في غزة بعد أن طردوا السلطة الوطنية الفلسطينية وقتلوا حرس الرئيس محمود عباس. وعاثوا في الأرض فساداً ونصبوا أنفسهم أوصياء علي القضية ورفضوا الاعتراف بأسرائيل أو التفاوض معها. ناسفين كل أسس السلام التي وضعها "أبوعمار" ورفاقه.
الداهية الكبري كانت عندما صرح مشعل أن الفلسطينيين لا يستبدلون أرضاً بأرض لأنهم لن يتخلوا عن حلم العودة أبداً.. إلي هنا والكلام جميل.. لكن المصيبة انه قال إنهم إذا تمكنوا في أرض وأقاموا عليها مخيماً فإنهم لايفكرون ابداً في تركه إلا للعودة لديارهم فقط!.. وضرب مثالا علي ذلك بمخيم "نهر البارد" الذي فشلت كل محاولات اقتلاعهم منه.. وأكد الرجل أن الشتات الفلسطيني لن ينتهي إلا بعودة كل اللاجئين إلي فلسطين.
وللأسف فقد فهمت من كلامه انه إذا أقيم مخيم لايواء فلسطينيي غزة في رفح المصرية لدواعي إنسانية بحتة. فإنهم لن يتركوه إلا للعودة إلي فلسطين.. وربما تكون العودة غداً. والارجح أن تكون بعد سنوات طوال نستضيف فيها رغماً عنا الفلسطينيين في مخيمات إجبارية علي أرض سيناء!! ومن الآن أقولها: لن يحدث.. لن يحدث.
إن الأمن القومي المصري كل متكامل. وهو يشبه نسيج الارابيسك تتداخل وتتقاطع تفاصيله في منظومة واحدة.. واكرر واحدة.. الأمن القومي المصري ياخالد يامشعل هو أمن دولة ذات سيادة وسيطرة علي حدودها ومياهها الاقليمية وسمائها.. وهو ليس أمن طائفة أو قبيلة لكل منها جيش ومرجعية دينية أو سياسية!
مصر تختلف عما يحدث في لبنان أو في العراق أو في فلسطين.
مشعل يتكلم بلسان إسرائيل
إنني أشعر للأسف الشديد أن خالد مشعل كان يتكلم بلسان إسرائيل وليس بلسان المصلحة الوطنية الفلسطينية.. فما أن كسر سكان غزة الحصار وتدفقوا إلي رفح حتي استعادت إسرائيل مفهوم "الخيار المصري".. وهو الخيار الذي مابرحت تل أبيب تطرحه في كل أزمة مع غزة.. فإسرائيل تريد نقل مسئولية القطاع إلي مصر. وتصدير أزماته السياسية والأمنية والمعيشية إلي القاهرة متصورة ان هذا يعفيها من مسئوليتها كدولة إحتلال ويحقق حلمها في الفصل بين المناطق الفلسطينية.
للأسف الشديد خالد مشعل ينفذ رؤية إسرائيل حرفياً. فإلي جانب الخيار المصري هناك الخيار الأردني بالنسبة للضفة الغربية. وهو الخيار القديم الذي تلوح به الدولة العبرية لتقاسم المسئولية عن هذا الجزء من فلسطين مع عمان. بعد ضم القسم الأكبر منه كلما أرادت التهرب من مسئوليتها والتزاماتها بحجة ان الدولة الفلسطينية يجب أن تكون في الضفة الشرقية. أي في الأردن. وتتصور تل أبيب ويساعدها مشعل في ذلك أن اتفاقيات السلام مع القاهرة وعمان ستساعدها في ذلك وتكفل أمنها.. عندئذ تتخلص من البحث في قضايا الحل النهائي وخريطة الطريق واللاجئين والقدس. فضلاً عن إقامة دولة فلسطينية.
أمس الأول كنت أتحدث مع الصديق أحمد أبو الغيط وزير الخارجية عن تداعيات الأحداث فلفت نظري مشكوراً إلي مقال خطير كتبه مارتن كرامر "صحفي يهودي" في نشرة اسمها الميدل ايست استراتيجي بجامعة هارفارد الأمريكية.. المقال بعنوان "إدخال غزة في مصر" أو "غزة الكبري".
يقول الصحفي تعليقاً علي أحداث رفح إن المسئولين الإسرائيليين في وزارتي الخارجية والدفاع وكذلك مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي علقوا عليها قائلين إنها ربما تكون نعمة "مخفية" أو مستترة.. وينقل الصحفي عنهم قولهم إنهم كانوا سعداء باقتحام مئات الألوف من أهالي غزة السور الذي يفصل غزة عن مصر وتدفقهم غير المنتظم والمستمر والمتواصل إلي مصر.. قال المسئولون الإسرائيليون للصحفي أن هذا الاندفاع الكبير ربما يكون مقدمة لفك ارتباط إسرائيل نهائياً بالقطاع. لأن بقاء الوضع كما هو تحطيم السور وخروج ودخول الفلسطينيين يشكل خطراً داهماً لأمن إسرائيل.. وقال المسئولون الإسرائيليون إن نقل مسئولية القطاع لمصر ستسعد صناع القرار في تل أبيب.
يؤكد الصحفي انه حصل علي تأكيدات بأن غزة والضفة لن يتحدا بعد ذلك وليس هناك احتمال بهذا.. وانه من الأفضل لإسرائيل أن تظهر من جديد فكرة تحول غزة إلي كيان مستقل.
تخاريف
في نفس السياق استعاد الصحفي ما كتبه زميله اليهودي صموئيل كوهين عن ضرورة توسيع غزة.. وكوهين أحد كبار علماء الجغرافيا وكان رئيسا لاتحاد علماء الجغرافيا الأمريكيين وعميدا لأشهر كلية جغرافيا وهي "كوينز كولدج".
تقوم نظرية كوهين عن غزة الكبري أو "غزة المتطورة" علي ضرورة توسيع مساحتها لأنها تملك مقومات التحول الي دولة صغيرة ناجحة علي غرار سنغافورة تأتي اليها الاستثمارات وتتحول الي معبر بين القارات أو "دولة ترانزيت".. ويمضي كوهين ليقول ان غزة تحتاج ألف كيلومتر مربع من الأرض تستطيع أن تقدمها لها مصر علي أن يحدها 30 كيلومترا بامتداد ساحل المتوسط "حوالي 200 كيلومتر مربع" وستجعل هذه المساحة الاضافية غزة تتمتع بساحل طوله 75 كيلومترا.. كما يمكن أن تمنحها مصر شريطا آخر من سهول شمال سيناء يقدر ب 300 كيلومتر.
يقول كوهين انه حصل علي موافقة شارون "قبل الغيبوبة طبعا" علي الخطة ووعد بأنه سيناقشها مع الأمريكان مثنيا علي عبقرية العالم الجغرافي لأنه سيقلل الكثافة السكانية لغزة ويوفر لها موارد غذائية واحتياطيات من الغاز الطبيعي بالاضافة الي امكانية تحويل المنطقة الي منتجع سياحي عالمي له ميناء بغاطس عميق ومطار دولي.
أما إسرائيل فستعطي مصر حوالي 250 الي 500 كيلومتر مربع علي طول حدودهما المشتركة. كما ستمنح مصر ممراً الي الأردن.. أما السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية فستتنازل لإسرائيل عن 500 الي ألف كيلومتر تعويضا عن الأرض التي أعطتها الدولة العبرية لمصر.
وأجدني مضطرا لأقول أن مصر ليست "سايبه" ليتم هذا التخطيط المريض لأراضيها.. وليست دولة مُحتلة ليفرض عليها المحتلون رأيا..وليست.. وليست.. وليست.. والعملية كلها خيال في خيال مريض.. لكن للأسف وجدت التخاريف اليهودية صدي لدي بعض الفلسطينيين وتصوروا أنه طالما أن سيناء لاتحظي بكثافة سكانية فلماذا لاينتقلون اليها ويقيمون بها؟
لاتصدقوا "حماس".. فهي أولا : تنفذ مخططاً إسرائيلياً يهدف في المقام الأول إلي كفالة أمن إسرائيل وثانيا : تقويض اتفاقية كامب ديفيد عن طريق زرع جنسية أخري داخل مصر وثالثا : القضاء علي السلطة الوطنية في الضفة وقطع أي أمل في اتصالها بغزة.. رابعا : دق اسفين أبدي بين مصر والأردن والفلسطينيين بحيث تختلط أراضي القاهرة وعمان ورام الله. وتضيع الهوية والحدود والأمن القومي.
أعرف أن كل هذا تخاريف لكن إسرائيل تلوح به للفلسطينيين كجزرة مغرية.. والأخوة لديهم استعداد لفعل أي شيء.
وقبل أن اختم المقال اعتذر للقاريء عن الإطالة. ولكني اعتقد أننا نواجه تهديدا قويا لأمننا القومي. وأن هذا التهديد يلبس ثوب الدفاع عن الفلسطينيين المشردين الهاربين من حصار إسرائيل وبطشها.. أرفض أن أسمي الأسماء بغير مسمياتها.. واسمحوا لي بملاحظتين.. الأولي : أن النقود التي يتعامل بها أهل غزة في رفح المصرية مزورة فاحذروا.. و"الفهلوة" لايمكن أن تنطلي علينا لأننا نحن الذين ابتدعناها.. الثانية : لدي احساس قوي أن سوريا تحاول خلق المتاعب الأمنية لمصر بهدف إرغامها علي التخلي عن دور الشريك في حل أزمة الرئاسة اللبنانية. وهناك مؤشرات أن دعوة الحكومة المصرية واصرارها علي تسهيل عملية انتخاب الرئيس دفعا دمشق إلي تسريع حركة الانفجار الشعبي في غزة لعلنا ننشغل عن لبنان بمشكلة أصبحت جزءا من أمننا القومي.
لك الله يامصر.. ويارب اجعل هذا البلد آمنا وامنع عنه الحاقدين والطامعين والمتآمرين والمتاجرين بكلمات حق يراد بها باطل.
2008-01-28 03:30:33