تتوقف المقاومة الفلسطينية المجاهدة".. هذا ما خلص إليه عدد من الخبراء والمحللين السياسيين بالرغم من التصعيد الصهيوني غير المسبوق بحق ما يزيد على 1.5 مليون فلسطيني في قطاع غزة بهدف وقف إطلاق الصواريخ على المستوطنات المجاورة للقطاع. ودعم هؤلاء الخبراء والمحللون رؤيتهم إلى أن فصائل المقاومة تدرك أن وقف نشاطها أو إسقاط خيارها للأبد يعني موت القضية الفلسطينية، كما أن تاريخ المقاومة يشهد بأنها لم تجبن يومًا أمام قمع الكيان الصهيوني؛ لذا فلن تلقي السلاح مهما طال الحصار الخانق. وصباح اليوم الثلاثاء قصفت ألوية الناصر صلاح الدين، الجناح المسلح للجان المقاومة الشعبية، بصاروخ من طراز "ناصر3" جنوب مدينة عسقلان المحتلة. وكذلك قصفت سرايا القدس اول امس مغتصبات العدو بعشرات الصواريخ وسقطت في قلب المغتصبات والبلدات الصهيونية موقعة اضرارا واصابات مباشرة وبالهلع. "وقف إطلاق الصواريخ على الكيان الصهيوني هدف عزيز يتمناه الاحتلال، لكنه لن يناله من فصائل المقاومة"، كما يرى حلمي موسى، الخبير في الشئون الصهيونية بصحيفة "السفير" اللبنانية. ويوضح موسى أن "المقاوم الفلسطيني يدرك جيدًا أن إطلاق الصواريخ على الكيان لن يحرر الأرض، لكنه يدرك أيضا أنها رسالة يومية للمحتل بأنه لن يهنأ بالحياة على الأرض المغتصبة". وانطلاقًا من هذه الحقيقية يرى أن "تخلي المقاومة عن إطلاق الصواريخ وغيرها من أشكال المقاومة يعني ببساطة ذوبان القضية والخضوع للإرادة الصهيونية، وهو ما لن يحدث مهما قدم الفلسطينيون من تضحيات، وتاريخ القمع الإسرائيلي خير دليل". نوع من الردع جانب آخر يرصده المحلل السياسي الفلسطيني إبراهيم أبو الهيجا، لكنه يصب أيضا في اتجاه استمرار المقاومة. فيعلق قائلا: "المعطيات الجديدة على صعيد التقدم النسبي في تسليح المقاومة يؤكد أنها لن تتوقف، فالصواريخ باتت تصل لمدى أبعد داخل الكيان، وأصبحت ذات قدرة تدميرية أكبر، وهذا ما أخرج الكيان الصهيوني عن شعورها، لكونها عاجزة تقنيا عن مواجهة الصواريخ التي تؤرق أمن المستوطنين؛ لذا فالمقاومة ورقة صعب على الفلسطينيين إلقاؤها بسهولة برغم تشديد الحصار بشكل غير مسبوق" على قطاع غزة. ويتابع أبو الهيجا: إن "الصواريخ بكفاءتها الجديدة خلقت نوعًا، ولو بسيطًا، من الردع الفلسطيني، وهذا ما هيج الكيان، والفلسطينيون يراكمون قدراتهم يوما بعد يوم"، مشيرا إلى أن "يد (رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود) أولمرت المرتعشة عاجزة عن حسم عسكري مع المقاومة في غزة بسبب الخوف من تكرار الإخفاق الإسرائيلي أمام حزب الله اللبناني صيف 2006؛ لذا فما كان منه إلا فرض إغلاق تام على القطاع (منذ الخميس الماضي)". حجج أخرى "حلم بعيد المنال".. هكذا يصف بدوره الخبير العسكري والإستراتيجي، اللواء طلعت مسلم، رغبة الكيان في وقف المقاومة من خلال إحكام الحصار على غزة. ويؤكد اللواء مسلم أن "الفلسطينيين يدركون أنه حتى لو توقفوا عن إطلاق الصواريخ.. فستتذرع العدو لمواصلة ضربهم". ويلفت إلى أن "قوات الاحتلال تضرب نابلس ومناطق مختلفة من الضفة الغربية المحتلة، برغم عدم وجود إطلاق صواريخ منها"، مشددًا على أن "الشعب الفلسطيني يدرك جيدا أنه مستهدف من إسرائيل مهما قدم من تنازلات.. ويعرف أنه لو تنازل عن المقاومة فسيطالبه الاحتلال بالمزيد". أيضا رأت صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية اليوم الثلاثاء أن انخفاض عدد الصواريخ المطلقة على إسرائيل في الأيام القليلة الماضية لا يمكن اعتباره مؤشرًا على نجاح الحصار في وقف المقاومة المسلحة. رسائل إسرائيل رسائل الكيان من الإغلاق التام وتشديد الحصار على القطاع يحددها بشكل أشمل أبو الهيجا بالقول: إن الاحتلال يحاول إحراج حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي تسيطر على غزة منذ منتصف يونيو الماضي. إسرائيل بهذا التصعيد تقول لحماس: ما دمت تعتبرين نفسك سلطة في غزة، فعليك منع إطلاق الصواريخ من القطاع مقابل السماح بمرور وسائل الحياة للمواطنين".. فالمحتل يراهن على أن تعمل حماس على وقف إطلاق الصواريخ حتى لا تنهار شعبيا"، كما يرى المحلل السياسي الفلسطيني. أما اللواء المصري المتقاعد مسلم فيقول: إن "الرسالة القوية التي تريد إسرائيل إيصالها لحماس والشعب الفلسطيني أنه (لا سقف أمامنا لضربكم بعنف وقطع الكهرباء والدواء عنكم وتهديد حياتكم) وذلك على أمل أن يتراجع سكان غزة عن دعمهم لحركة المقاومة الإسلامية". واعتبرت صحيفة "ذي إندبندنت" اليوم أن "العقاب الجماعي غير المشروع سيجعل سكان غزة يلتفون حول حماس وتترسخ كراهيتهم لإسرائيل، وهو ما لن يوفر الأمن لمواطنيها إطلاقا"، أي أنها ستأتي بتأثير معاكس. رسالة أخرى يرصدها اللواء المتقاعد من التصعيد الأخير، وهي "تكريس الانفصال بين غزة والضفة لإضعاف الشعب الفلسطيني في النهاية، فبينما تتمتع الضفة بضروريات الحياة الأساسية يتم حرمان غزة منها". لكنه يؤكد أن "هذا التكتيك من الصعب جدا الرهان عليه؛ لأنه قد يأتي بنتائج عكسية.. وهو ما بدت مظاهره في الظهور فعليا من خلال مظاهرات الضفة التي ارتفعت فيها رايات فتح وحماس في دليل على أن المحنة قد تعيد الوحدة".
http://www.saraya.ps/view.php?id=6102
http://www.saraya.ps/view.php?id=6102
تعليق